المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " أني مغلوب "



الصممت هيبةة
02-06-2016, 02:19 PM
*
الحلقة الأولى 1⃣

💔" أني مغلوب "*💔

المكان مليء بالمعازيم .. فالجميع تسابق ليهنئ الملياردير خليل بمناسبة زواج ابنته بسمة من ابن أخيه عادل ..*
العريسان كانا في قمة الفرح فقد انتهت قصة حبهما بالزواج إلا أن خليل كان أكثرهم فرحا ..فقد اطمئن قلبه بأن ثروته وثروة أخيه الراحل لن تذهب لأحد غيرهم وستبقى ثروتهم الهائلة لأبنائهم وأحفادهم*
لم يخف أبدا من جانب ابنته بسمة فقد كانت خجولة وانطوائية .. تقضي أغلب وقتها في أرجاء فلتهم الضخمة ..ولكنه كان يخاف جانب ابن أخيه عادل الذي كان مغرما بالفتيات .. كثير العلاقات العاطفية مبذرا للمال لأصدقائه .. وكان كبار التجار يحاولون استدراجه واغرائه بالزواج من بناتهم بهدف الحصول على ثروة والده*
لذا كان خليل في قمة سعادته اليوم فقد اطمئن على ابن أخيه وعلى ابنته وعلى ثروتهم*
وحين كان عادل يدردش مع بسمة اقترب منه أحد الخدم وهمس في أذنه بضع كلمات .. جعلت عادل يترك عروسه ويسرع مهرولا للخارج .. وهناك أمام الباب الخارجي للفيلا كان يقف سالم يتمتم بكلمات الإستغفار .. فصوت المعازف والغناء تملئ المكان اقترب منه عادل وهو مبتسما سعيدا*
عادل: كنت متأكد بأنك ستأتي .. ادخل يا سالم
سالم: لا يا عادل لم آتي كي ادخل فأنت تعرفني لا أحب مثل هذه الأعراس*
عادل: إذا كنت تقصد الموسيقى سأخبرهم بأن يوقفوها*
سالم: وهل زوجتك متسترة ؟ وهل النساء بالداخل بحجابهن*
عادل ( مقهقها ): حجاب في العرس .. حالتك ميؤس منها يا سالم*
سالم: أصلحك الله يا صاحبي وهداك .. دائما تأخذ كلامي بسخرية*
عادل: كلامك لا يقبله المنطق .. أيعقل أن أجبر زوجتي أن لا تبدو ملكة في ليلة زفافها ؟! ومن ثم تأمرني أن اطلب من المعازيم أن يلبسوا زوجاتهم الحجاب في العرس .. وكأن العريس شيخ الإسلام*
( يضحك حتى الثمالة وسالم ينظر إليه )*
سالم: لن اطيل المكوث هنا .. فأنا محاسب على ما اسمعه من معازف .. فقط جئت أودعك
( اختفت البسمة من وجه عادل )*
عادل: تودعني ؟!! أين ستذهب ؟*
سالم: لقد تم الموافقة على طلب نقلي إلى فرع شركتنا في الخليج .. وجائت الموافقة بشكل مفاجئ لذا لم أجد وقت لتوديعك سواء الآن .. لأني سأغادر الوطن الساعة الثالثة بعد منتصف الليل*
عادل ( حزينا ): ولمن ستتركني ؟ أنت الصديق الوحيد المتمسك بي بدون مقابل .. أنت الوحيد الذي ينصحني ويحثني*
سالم ( مطاطئ الرأس ): ولكنك لم تنفذ ولا نصيحة .. لذا وجودي كعدمه بالنسبة لك*
( أمسك عادل بيد سالم مترجيا قائلا)*
عادل: لا تسافر يا صاحبي وأنا سأجعلك تعمل معنا في الشركة*
سالم: شكرا يا صاحبي .. أنا اتمناك أن تترك العمل في تلك الشركة القائمة على ظلم الناس*
عادل: إنها شركتنا أنا وعمي ومستحيل أن اتخلى عنها*
سالم: إذن .. انتبه لنفسك ..وأرجوك اهتم بالصلاة .. لن تنفعك صديقاتك ولا أصدقاؤك حين تكون في قبرك*
عادل ( متضايقا ): اووه .. قبر في ليلة عرسي*
سالم ( يربت على كف عادل ): مبارك عليك يا صاحبي وأسأل الله أن يرزقك توبة نصوحا قبل الموت

♻يتبع ..

بقلم: حفيدة النبي 🖊

قائد الغزلان
02-06-2016, 08:36 PM
مساااء الطش ورش والورد المفتح
اوووووه الصمت هيبه هنااا
وين دارك انتي؟؟؟
يااااا ربي كانت ذكريات حلوووه
المهم.. حقيقة منوره كثير اخيتي
روايه رائعه وتواجدك بيننا اروع
وااااصلي والف تشكرااات لك
بااارك الله فيك

الشيخه الفلانيه
02-06-2016, 09:39 PM
،



قصه جميله
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !

عملاق الشعر
03-06-2016, 12:10 AM
الصمت


رواية رااائعة



سلمت يداك المبدعة وذوقك الراقي

الصممت هيبةة
03-06-2016, 10:08 AM
مساااء الطش ورش والورد المفتح
اوووووه الصمت هيبه هنااا
وين دارك انتي؟؟؟
يااااا ربي كانت ذكريات حلوووه
المهم.. حقيقة منوره كثير اخيتي
روايه رائعه وتواجدك بيننا اروع
وااااصلي والف تشكرااات لك
بااارك الله فيك

هلاا فيك ..الدراسةة والجامعةة ووو وهيكك يعني ..
النور نوركك فدوو ..دمتي بخير

الصممت هيبةة
03-06-2016, 10:10 AM
،



قصه جميله
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !



يسسلموو ع مروركك العطر ..

الصممت هيبةة
03-06-2016, 10:11 AM
الصمت


رواية رااائعة



سلمت يداك المبدعة وذوقك الراقي

هلاا فيك ..
للآروع مروركك ..دمت بخير

الصممت هيبةة
03-06-2016, 10:15 AM
الحلقة الثانية 2⃣

��" أني مغلوب "*��

انتهت حفلة الزفاف .. وسافر العروسان إلى أوروبا لقضاء شهر العسل .. كل شي كان جميل بالنسبة لهما كان عادل خلال هذه الرحلة يحن إلى صديقه سالم فقد تعود على مراسلته يوميا يحثه على الصلاة والإقبال على الله وكانت آخر وصاياه أن يشكر الله على نعمة الزوجة .. وأن يكف عن التلاعب بمشاعر الفتيات .. حتى لا يسيء أحدا لزوجته*
أخذ عادل هذه الوصية بمحمل الجد فهو يدرك ما معنى أن يتلاعب أحد بمشاعر زوجته وحاول جاهدا أن يحيط حياتهما بسياج من الحب .. كانت الأمور على ما يرام إلى أن عادا إلى الوطن وبدأ عادل يزداد إصرارا على ترك طريق العلاقات ..كانت المعركة شديدة جدا اذ إنه وفور وصوله للوطن تلقى عشرات الإتصالات من صديقاته فهذه تعاتبه واخرى تلومه وثالثه تبكي لخيانته لها .. وهو يحاول أن يصمد*
ولكنه لم يصمد طويلا ..لأن بسمة لم تسانده في معركة التحدي هذه*
كانت ترفض الخروج معه لتنزه .. ولا ترافقه في حفلات العمل التي تقيمها الشركة .. ولاتقبل دعوته لها لتناول وجبة عشاء في مطعم .. كانت انطوائية جدا ..وهو شخصية منفتحة جدا .. وحين لم يجد عادل المساند ولا الواعظ عاد مجددا لعالم صديقاته*
في الوقت الذي كان فيه عادل يجاهد للثبات كان خليل يجاهد هو الآخر في اقناع إحدى الأرامل أن تبيع له منزلها .. فمنزلها يقع بجوار أرض له يريد أن ينشيء عليها مؤسسة عملاقة ولا يستقيم الأمر إلا بضم منزل الأرملة لأرضه .. كانت الأرملة رافضة ذلك الأمر بشدة ..فمنزلها هو ما تملكه في هذه الدنيا يأويها هى وصغارها .. اجتماعات شبه يومية لهذا الشأن .. وفي هذا اليوم كان أسامة مدير أعمال خليل. يجلس معه يتناقشان في أمر منزل الأرملة*
خليل ( غاضبا ): لأول مرة اشعر بأني اقف مكتوف الأيدي وليس بإمكاني صنع شيء .. المشروع متوقف منذ شهر بسبب تلك المرأة*
أسامة: حقيقة أمر هذه المرأة أشغلني كثيرا .. فقد استنفذنا كل الطرق معها بدون نتيجة .. ولم يتبقى لنا سوى طريقة واحدة*
خليل ( بإهتمام ): ما هى؟؟*
أسامة: أن يتدخل عادل بدهائه في حل هذه المعضلة*
فكر خليل في الأمر سريعا ثم قال*
خليل: نعم عادل .. كيف فاتني ذلك .. سأطلب منه أن يحضر غدا للشركة .. لقد انتهت اجازته*
في هذا اليوم كان عادل في مكتب عمه يستمع منه ومن مدير أعماله أسامة عن المعضلة التي أوقفت المشروع الضخم .. كانا يحدثانه على إنه أمل الخلاص من تلك المشكلة .. مما جعله يتحمس كثيرا لأداء المهمة*
عادل: اطمئن يا عمي .. ستندم هذه المرأة حين لم تستجب لك*
خليل ( بفرحة ): هل أنت بالفعل قادر على إقناعها ؟*
عادل (بإبتسامة خبيثة ): لم يعد يهمني ما إذا كانت ستقتنع أو لا .. المهم عندي الآن أن يتحرك المشروع .. وكما أسلفت ستندم هذه المرأة ..وتقول يا ليتني بعتهم البيت*
مضى يومين على هذا الإجتماع وفي اليوم الثالث اتجه عادل مع ثلاثة رجال ممن يعرفهم إلى منزل المرأة الأرملة .. طرق الباب وبعد عدة دقائق فتح طفلا صغيرا الباب ويقف خلفه طفلان آخران فسألهم عادل*
عادل: أين والدتكم ؟*
الصغير ( ببراءة ): إنها بالداخل تلبس خمارها*
في هذه الأثناء أقبلت الأم .. إمرأة في الأربعينات من عمرها ..ضنك المعيشة تبدو واضحة جليه على تقاسيم وجهها .. نظرت إليهم في ريب*
عادل: السلام عليكم .. كيف حالك يا أختي*
المرأة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. معذرة من أنتم وماذا تريدون ؟*
عادل ( بإبتسامة يحاول أن يخفيها ): نحن أعضاء من مؤسسة خيرية .. جئنا نجمع بعض المعلومات عن حالتكم لتقديم يد المساعدة بإذن الله*
المرأة: وفيما يمكنني أن اخدمكم ؟*
تناول عادل في هذه الأثناء حقيبة من أحد الرجال الذين احضرهم معه قائلا للمرأة*
عادل: لدي بعض الأوراق ونتمنى منك أن تمليهن*
المرأة: أنا لا اعرف القراءة ولا الكتابة*
هنا اطمئنت نفس عادل .. وقال*
عادل: حسنا أنا سأسألك وسأكتب ردك في الأوراق*
ولأنه ماهر في التمثيل على البنات ويحعلهن يقعن في شباك حبه .. لذا استخدم لسانه المعسول في الإيقاع بالمرأة في فخ المساعدات الخيرية .. أوهمها بإنهم سيقدمون للأطفال مساعدات مادية ومعنوية وثقت المرأة بكلامه فكم تتمنى أن ترى أولادها بأحسن حالا .. بل ظلت تشكر وقفتهم معها ومع أطفالها .. اعطاها عادل مبلغا بسيطا .. ومن ثم وعدها حين تستكمل الإجراءات سترسل المساعدات إليها سريعا ..وقال*
عادل: وحتى تتم الإجراءات بشكل سريع لابد أن توقعي في هذه الأوراق*
المرأة: أخبرتك بأني لا اكتب ولا أقرأ*
عادل ( متظاهرا بالنسيان ): اه صحيح .. يمكنك أن تبصمي اذن*
وبالفعل .. بصمت المرأة وهى للأسف لا تعرف على ماذا بصمت .. بعد ذلك وقع عادل على الأوراق ومن ثم قام الرجال بالتوقيع ...نظر عادل إلى المرأة منتصرا وقال*
عادل: سنعود قريبا .. لن نتأخر عليك*
ظلت المرأة تشكرهم وتدعو الله لهم حتى بعدما انصرفوا*

في الشركة .. لم يصدق خليل عينه بأن المرأة قد بصمت في الأوراق بإنها قد باعت المنزل واستلمت النقود وذلك بحضور الشهود الذين اصطحبهم عادل معه*
خليل: أشهد إنك داهية يا ابن أخي .. فعلت ما عجزنا نحن عن فعله*
عادل: أنا تربيتك يا عمي*
خليل: اذن .. لنبدأ بالتجهيز لإتمام المشروع

♻ يتبع ..

رايق البال
04-06-2016, 12:16 AM
هلا فيك الصمت ..
روايه رائعه وبإنتظار التكمله بالتأكيد
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل
طابت صباحاتك ..

جلنااااار
04-06-2016, 02:34 PM
مساء الخيرات
قصه جميله عزيزتي
بانتظار التكمله .. الله يعطيك العافيه

الصممت هيبةة
04-06-2016, 02:37 PM
هلا فيك الصمت ..
روايه رائعه وبإنتظار التكمله بالتأكيد
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل
طابت صباحاتك ..


آهلين فيكك .. نورت و للآورع مروركك .

الصممت هيبةة
04-06-2016, 02:39 PM
مساء الخيرات
قصه جميله عزيزتي
بانتظار التكمله .. الله يعطيك العافيه

مسآلنور ..
للآجممل مروركك ..

الصممت هيبةة
04-06-2016, 02:41 PM
الحلقة الثالثة 3⃣*

��"*أني مغلوب*"*��

وما هى إلا أيام ووصل للمرأة بلاغ بضرورة إخلاء المنزل في غضون أسبوعين .. تفاجئت المرأة من ذلك وانصدمت كثيرا. بل كادت أن تفقد صوابهاوندمت أشد الندم على ثقتها بذلك الشاب ومن معه ..حاولت أن تستعين بمن تعرف لمساعدتها ولكن دون جدوى*
مضت عدة أيام .. وفي هذا اليوم كان عادل متجها ليرى كيف هى التجهيزات في الموقع المراد بناؤه مؤسسة وأخذ ينظر إلى منزل الأرملة كانت هناك شاحنة كبيرة تنقل أغراض المرأة وأطفالها .. شعر فجأة بالشفقة عليها أدخل يده في جيبه ووجد مبلغ لا بأس به فقرر أن يعطيها إياه واتجه بسيارته إلى منزلها*
كانت باب المنزل مفتوحة بحكم إخراج الأغراض وكان أبناء المرأة الصغار ينقلون الحاجيات .. وقف عادل أمام الباب وأخذ ينظر إلى الأطفال .. شدته براءتهم .. فالإبتسامة تعلو محياهم رغم الموقف الصعب الذي يعيشونه .. أخذ يداعبهم ويدغدغهم ثم طلب منهم أن يرى والدتهم .. أسرع أحدهم إلى الداخل لينادي أمه وما هى إلا لحظات وسمعه يقول لأمه وهو يسحبها من يده*
الطفل: لا يا أمي إنه ليس سائق الشاحنة*
وكانت المفاجئة حين رأت المرأة عادل يقف أمامها .. عادل حين رأها لم يقوى على النظر إليها نكس رأسه أرضا .. لم يعرف ماذا يقول وماذا يبرر ؟ .. أخرج النقود من جيبه ثم مد يده إليها بالمبلغ قائلا*
عادل: هذا مبلغ بسيط .. سيساعدك في تدبير أمورك*
دمعة حبيسة في عين المرأة حين كانت تنظر إليه .. مدت المرأة يدها ولكن ليس لتأخذ المال وإنما مدتها إلى السماء .. وانهارت دموعها قبل كلماتها وقالت*
( ربي أني مغلوب فانتصر )*
ارتجف عادل .. وخاف واسرع بخطوات متعثرة للخلف ..ركض إلى سيارته .. يخيل إليه أن السماء ستقع عليه ..ركب السيارة ومضى مسرعا خائفا ..مترقبا لأمر ما سيحدث له .. رن هاتفه فذعر فإذ المتصل عمه خليل رفع السماعة قائلا*
عادل (مذعورا ): نعم يا عمي*
خليل ( سعيدا ): عادل أين أنت ؟ تعال بسرعة للمنزل بسمة حامل*
اشرق وجه عادل وأسعده الخبر .. واسرع متجها للمنزل

الصممت هيبةة
04-06-2016, 02:43 PM
الحلقة الرابعة4⃣

��" أني مغلوب "*��

كان حمل بسمة ..مصدر سعادة لعائلتهم الصغيرة .. كان خليل وعادل مشغولان بإختيار اسما للضيف القادم ..وكانت بسمة تزداد سعادة كلما تحرك الذي بين أحشائها ..
ولكن سرعان ما زالت تلك السعادة حينما أخبرت الطبيبة بسمة بأن الجنين ليس على ما يرام .. وإنهم إذا شعروا بخطورة على صحة بسمة سيضطرون لإسقاطه .. ظل الجميع فزعا يترقب كيف تسير الأمور ..*
هذه الأحداث جعلت بسمة مشغولة جدا بحملها .. وانشغل والدها مجددا بتجارته .. أما عن عادل .. فقد كان فارغا طوال الوقت يجد اللذة في التواصل مع الفتيات وتبذير الأموال مع رفاقه ..*
مرت الأيام سريعا قضتها بسمة في التنقل بين المستشفيات .. فحالة جنينها غير مستقرة .. وها هى اليوم في أوائل الشهر التاسع من حملها ..وقد حان الوقت كي ترى طفلتها النور .. لقد كانت طفلة جميلة جدا .. ولكنها مريضة بالقلب*
الخبر كان كالصاعقة على الجميع .. استقبلته بسمة بالبكاء الشديد وبالأخص حين حرمت من وجود صغيرتها في حضنها طوال الوقت حيث أخذت عنها إلى غرفة الحضانة للمتابعة .. أما عن عادل فقد خرجت منه كلمات التسخط ( لماذا يحدث لنا ذلك ؟) ولكنه ورغم كل شيء اسم ابنته بهجة قائلا لزوجته*
عادل: بسمة حياتي وبهجتها أنت وطفلتي*
وبعد فترة خرجت بسمة من المستشفى لتكرس كل وقتها من أجل طفلتها المريضة .. أصبحت الآن لا تعير عادل أي اهتمام .. حتى اعتاد الأمر فأصبح يقضي الأيام خارج المنزل دون أن يسأل عنه عمه المنشغل بتجارته أو زوجته*
أن أسلوب الغش والتحايل في التجارة هو ديدن خليل الوحيد .. الذي أقدم بخطف صفقة مهمة من أحد التجار ..وكان ذلك التاجر قد عقد الآمال على تلك الصفقة .. لذا شعر بالضغينة والحقد على خليل وقرر أن ينتقم منه ويجعله يتألم كثيرا*
وكان وضع عادل معروفا للجميع .. فقط القليل من المراقبة تفي الغرض أوصى التاجر أحد مساعديه أن يتصل ببسمة ويخبرها بأعمال زوجها وبالفعل تم الإتصال ردت بسمة على الهاتف*
بسمة: مرحبا من معي؟*
الرجل: فاعل خير يريدك أن تنتبهي جيدا لنفسك فزوجك يخونك
بسمة ( متعجبة ): من أنت وما هذا الهراء الذي تتفوه به*
الرجل: اعلم بإنك لن تصدقيني .. يمكنك الآن الذهاب إلى الشقة ... في مدينة ... وستجدين صدق كلامي*
أغلقت بسمة سماعة الهاتف وهى متحيرة أتصدق المتصل أم تكذبه .. فنادت على العاملة وأوصتها بأن تنتبه للصغيرة لحين عودتها

كانت بسمة تقود سيارتها وهى تستبعد ما سمعته من المتصل .. فعادل يحبها ومستحيل أن يخونها يوما .. كانت تقول لنفسها هناك من يود تدمير حياتنا*
وصلت بسمة إلى الشقة التي أخبرها عنها المتصل وبخطى متخبطة اتجهت إلى باب الشقة .. ترددت كثيرا قبل أن تقرعها انتظرت دقائق وقبل أن تعاود القرع مجددا فتحت الباب لتتفاجئ بسمة بعادل هو من فتح لها الباب مرتديا ملابس النوم وانصدم هو حين رآها .. ازاحته بقوة عن طريقها ثم دخلت لداخل الشقة وتسمرت في مكانها حين رأت فتاة بملابس النوم في الشقة مع عادل .. انعقد لسانها لم تعرف ماذا تقول ؟ أحست فقط بكف عادل يربت على كتفها قائلا*
عادل: بسمة أنا ..*
ابعدت بسمة يد عادل عنها بقوة وبغضب ثم صفعته صفعة مؤلمة وانطلقت إلى خارج الشقة وهى تبكي هنا شعر عادل بالذنب وتأنيب الضمير جلس على إحدى الكراسي مستاءا وخجلا مما حدث ..اقتربت تلك الفتاة لمواساته فهى تعرف بسمة من قبل لذا شعرت به وبما يدور في باله الآن ..ولكنها وما إن اقتربت منه لتتحدث معه أخذ يضربها بقوة وكأنه يريد أن ينفس عن ما بداخله من ضيق واستياء فيها كان يضربها ويقول*
عادل: أنت السبب .. دمرتي لي حياتي*
ثم أخذ يسحبها وألقى بها خارج الشقة واغلق الباب .. ولكنه لم يشعر بالراحة رغم كل ما فعله .. فجلس على الأرض وأخذ يتنفس بقوة .. مرت ساعة كاملة على حالته تلك .. وفجأة رن هاتفه .. وحين رأى بأن المتصل عمه خاف وقرر أن لا يرد .. انقطع الإتصال .. فتنهد عادل قليلا .. ولكن سرعان ما عاود العم الإتصال .. هنا علم عادل بإنه لا مناص من الرد على عمه .. رفع عادل السماعة وقبل أن يتكلم سمع صوت عمه يقول بصوت مضطرب*
خليل: أين أنت يا عادل .. بسمة .. بسمة*
عادل ( خائفا ): ما بها بسمة ؟*
خليل: تدهورت بها سيارتها .. وهى الآن في المستشفى بين الحياة والموت*
صعق عادل بما سمع وانطلق سريعا لسيارته وهو يقول مأنبا نفسه*
عادل: أنا السبب .. أنا السبب لن اسامح نفسي اذا حدث لها مكروه أبدا*
انطلق عادل بسرعة جنونية محاولا أن يصل إلى المستشفى بأسرع ما يمكن .. لذا لم ينتبه لتغير إشارة المرور .. فاصطدم هو الآخر بشاحنة كانت تمر في الطريق*
كاد خليل أن يفقد صوابه فبسمة وعادل هما أغلى ما يملكه في هذا العالم وهما الآن كل واحد منهما في غرفة عمليات .. يجتهد الأطباء في إنقاذ حياتهما .. كان أسامة مدير أعمال خليل ومستشاريه بجانبه يحاولون تصبيره ومواساته حين خرج أحد الأطباء من إحدى غرف العمليات وقد ارتسمت على وجه سحابة اخفاق لاحظها خليل الذي قال*
خليل ( ودمعة حبيسة في عينه ): يبدو إنك قادم تنعى لي خبر وفاة أحدهم*
أطرق الطبيب رأسه أرضا ثم رفعه وربت على كتف خليل قائلا*
خليل: أسأل الله أن يوفق الفريق الطبي الآخر في إنقاذ حياة السيد عادل*
هنا فهم خليل بأن بسمة قد فارقت الحياة .. لم يستطيع الوقوف فساعده من معه على الجلوس على أحد الكراسي وأخذ يبكي بحرقة وهو يقول*
خليل: لقد رحلت بسمة حياتي .. رحلت غاليتي
ثم نظر إلى الطبيب بعينه الباكية قائلا*
خليل: لا أريد أن يموت عادل لا أريد .. أرجوك إيها الطبيب لا أريده أن يموت*
ثم سقط مغشيا عليه

♻ يتبع ...

الصممت هيبةة
05-06-2016, 05:31 PM
الحلقة الخامسة*5⃣

��" أني مغلوب "*��

بعد يومين كاملين قضاهما عادل فاقدا للوعي .. بدأ يستعيد وعيه وهو يكرر " سامحيني يا بسمة " ثم فتح عيناه ببطئ شديد .. فنظر إلى حالته المزرية وتذكر الحادث الذي تعرض له ..ثم تذكر بسمة يا ترى كيف هى الآن ؟ .. في هذه الأثناء اقترب منه أحد الأطباء قائلا*
الطبيب: ممتاز يا عادل لقد استعدت عافيتك سريعا بفضل الله*
عادل ( ينظر للطبيب ): أين بسمة ؟ أريد أن أراها*
هنا بدأت على الطبيب ملامح الإضطراب التي لاحظها عادل فسأله*
عادل ( منفعلا ): هل أصاب بسمة أي مكروه ؟*
الطبيب ( مهدئا إياه ): اطمئن يا عادل .. بسمة بخير*
عادل: أريد رؤيتها إذن*
الطبيب: لا تنسى بأن رجلك مصابة ولا يمكنك التحرك بها هذه الأيام
عادل: لابد أن اراها .. لا استطيع أن انتظر ثانية واحدة*
الطبيب: سوف اسمح لمن يتماثل للشفاء أولا بزيارة الأخر*
عادل: أرجوك أيها الطبيب أنا قلق عليها جدا*
الطبيب: وهى كذلك قلقة عليك .. لذا لابد من تنفيذ ما نقوله لك حتى تتمكن من رؤيتها في أقرب وقت*
قال الطبيب ذلك ثم انصرف عنه ..وتركه وهو يمني نفسه برؤية بسمة صحيحة معافاة ..*
مضى اليوم الأول على خير .. وبدأ عادل أكثر استجابة مع الأطباء .. الذين كانوا يمهدون مع عمه كيفية ايصال خبر وفاة بسمة وفي صبيحة اليوم الثاني وعادل مستلقي على سريره في المستشفى يتحدث مع نفسه عن كيفية تقديم الإعتذار لبسمة اذ تطرق باب غرفته .. ثم تدخل صديقته سوسن التي كانت معه في الشقة قبل الحادث وفي يدها باقة من الورد .. تضايق جدا حين رأها وقال*
عادل ( بغضب ): ما الذي أتى بك إلى هنا ؟*
سوسن ( بإبتسامة غاضبة ): جئت اطمئن عليك*
عادل: انتهى الذي بيني وبينك .. كدت أفقد نفسي وزوجتي بسببك*
هنا ضحكت سوسن ضحكة طويلة تعجب منها عادل*
سوسن ( مقهقهة ): اعذرني .. على ضحكي هذا ولكنه ردة فعل طبيعية لما سمعته .. لقد سمعت إنهم يوهموك بأمر بسمة ولكن لم اتوقع بأنك غبي لهذه الدرجة*
عادل ( متعجبا ): اوهموني ؟!!*
سوسن ( تضع الورد على السرير ): نعم .. وهذه الباقة اقدمها لك كي اشفي غليلي عما فعلته بي ذلك اليوم*
عادل: ماذا هناك ؟؟*
سوسن: بسمة الغالية ماتت يا عادل*
نظر إليها مصدوما بما سمع فهزت رأسها قائلة*
سوسن: نعم .. ماتت ..إنهم يحاولون اخفاء الأمر عنك حتى لا تصاب بصدمة نفسية*
ثم تنظر إليه نظرة حاقدة وتقول له بحدة*
سوسن: كنت تلعب بمشاعرنا .. ابقى الآن بحسرتك وقد ماتت بسمة بسببك أنت*
انفعل عادل وظل يصرخ قائلا*
عادل: مستحيل بسمة لم تمت .. بسمة لم تمت*
ضحكت سوسن ثم قالت قبل خروجها من الغرفة*
سوسن: حسنا عندما تلتقي بها بلغها سلامي*
وخرجت وهى تقهقه أما عن عادل فقد انهار وظل يصرخ مناديا على الأطباء وطلب منهم رؤية بسمة اذا كانت بالفعل حية ..هنا لم يكن لدى الأطباء مناص إلا اخباره بأمر وفاتها وحاولوا تذكريه بالله لعله يصبر ويرضى ولكن أنى لقلب لا يعرف الله أن يصبر على قضائه فظل يصرخ ويلعن نفسه ويشتمها فاضطر الأطباء أن يعطوه ابر مسكنة*
وبعد هذه الحادثة تحول عادل إلى بقايا إنسان صامت طوال الوقت مقعد على كرسي متحرك لا يستجيب أبدا للعلاج فقرر خليل أن يفعل المستحيل لإنتشاله من الحالة التي هو فيها لذا قام بتسفيره لعدة دول للعلاج وتواصل مع أمهر الأطباء ولكن دون جدوى .. لذا ظل يبحث عن حلا سحريا لإنقاذه من موت محقق

♻ يتبع ..

بنت االعرب
06-06-2016, 07:46 AM
روايه جميله
سلمت الانامل
تحياتي لك

نوارة الكون
06-06-2016, 08:01 AM
سلمت يمناج غاليتي
انتقاء جميل وتواجد اجمل
دمتي في حفظ الرحمن ورعايته

الصممت هيبةة
06-06-2016, 04:19 PM
الحلقة السادسة 6⃣

��"أني مغلوب*"��


كان خليل مهموما جدا .. منعزلا عن الناس في مكتبه يبحث عن أي شيء يعيد له صحة عادل وحيويته في هذه الأثناء كان مدير أعماله أسامة متجها إلى مكتب خليل حين استوقفه العم صالح .. عامل النظافة في الشركة قائلا*
العم صالح: السلام عليكم يا سيد أسامة*
أسامة: وعليكم السلام*
العم صالح: هل تأذن لي أن اطلب منك طلبا خاص*
أسامة: تفضل يا عم صالح*
العم صالح: أريدك أن تخبر السيد خليل بأني أريد أن استلف منه مبلغا من المال .. وسوف أسدد المبلغ بالأقساط من راتبي*
أسامة: أهذا من أجل علاج زوجتك ؟*
العم صالح: نعم فكما رأيتها ذلك اليوم في المستشفى قد أنهكها المرض وقد طلبوا منا مبلغا كبيرا لعلاجها ..
ربت أسامة على كتف العم صالح مواسيا ثم أردف قائلا*
أسامة: سأحاول أن اقنع السيد خليل بالأمر .. لا تقلق يا عم صالح*

دخل أسامة بعد الإستئذان لمكتب خليل .. وأخذ يسأل عن حالة عادل فأجابه خليل بحزن
خليل: بقايا إنسان لا تقدم في علاجه ولا حالته النفسية .. والأطباء يؤكدون اذا استمر على هذه الحال سيفقد حياته ..
تألم أسامة لحال عادل وقال*
أسامة: لم أكن أبدا اتوقع أن يحدث ذلك لعادل*.. عادل ذلك الداهية العظيم الذي لا يكسره شي ء .. يصبح فجأة هكذا
خليل: دلني الآن على طريقة لمساعدته لا أريده أن يموت يكفي فقداني لبسمة*
فكر أسامة قليلا ثم قال متحمسا*
أسامة: معذرة يا سيد خليل .. يوجد حل ولكنه قد لا يعجبك*
تلهف خليل لمعرفة الحل قائلا
خليل: ما هو يا أسامة ؟*
أسامة: النساء*
خليل: النساء؟؟!*
أسامة: أن أكثر ما كان يشغل عادل قبل الحادث هو صديقاته*
خليل ( مستبعد الفكرة ): لا لا مستحيل .. أنت تعرف أغلب النسوة اللواتي كن
حوله طماعات ويسعين لثروته
أسامة: لا لا لن نسمح لصديقاته استغلال عجزه .. سنختار له فتاة ليتزوجها وتعمل على تنسيته الصدمة التي يعيشها .. بشرط أن لا تكون تلك الفتاة من الفئة التي كانت حوله*
خليل: ومن أين نحضر هذه الفتاة ؟*
أسامة ( بإبتسامة ): بسيطة نزوجه بنت العم صالح .. فتاة جميلة . تبدو متدينة من ملبسها وهيئتها وتختلف تماما عن الفتيات اللواتي يعرفهن عادل
خليل: أين رأيتها ؟*
أسامة: في المستشفى منذ يومين .. والدتها مريضة جدا وهم بحاجة لنقود ..
لزم أسامة الصمت ثم قال*
أسامة: العم صالح طلب مني أن اخبرك بأنه يود أن تسلفه مبلغ من المال وهو حاليا ف أشد الحاجة إليه .. لذا اذا طلبنا منه طلبا فلن يخذلنا
خليل ( مترددا ): هل تعتقد الفكرة سترجع لنا عادل من جديد ؟؟
أسامة: هذا يعتمد على مهارة تلك الفتاة
خليل: وما الذي يجبرها على مساعدتنا ؟
أسامة: حاجتها لعلاج أمها .. ستجبرها على الموافقة لا محالة فلو رأيتها ورأيت خوفها على أمها لأيقنت بأنها ستفعل أي شيء من أجلها
هنا يرفع خليل سماعة الهاتف ويحادث سكرتيرته قائلا: أريد العم صالح حالا

♻يتبع ..

الصممت هيبةة
06-06-2016, 04:21 PM
روايه جميله
سلمت الانامل
تحياتي لك

للآجمل مروركك .. دمتي بخير

الصممت هيبةة
06-06-2016, 04:23 PM
سلمت يمناج غاليتي
انتقاء جميل وتواجد اجمل
دمتي في حفظ الرحمن ورعايته

تواجدكك الرآئع ... دمتي بخير ..

الصممت هيبةة
07-06-2016, 11:04 AM
الحلقة السابعة 7⃣

��" أني مغلوب " ��

قدم العم صالح على وجه السرعة إلى مكتب خليل وكله أمل بأن مشكلته قد حلت وطلبه قد تم الموافقة عليه .. وقف متفائلا ينظر بشغف إلى خليل الذي قال له
خليل: أزعجني كثيرا حال زوجتك يا عم صالح ..
العم صالح: الحمدلله على كل حال .. لا نقول إلا ما يرضي ربنا يا سيدي
خليل: أخبرني أسامة بأنك تريد أن تستلف مبلغ من المال لعلاجها
أطرق العم صالح رأسه أرضا قائلا: الحاجة يا سيدي
ابتسم خليل وقال: أظنك ستحتاج إلى مبلغا كبيرا .. ومرتبك محالا أن يسده لاحقا
العم صالح بلهفة (مترجيا): سأبذل قصارى جهدي سيدي .. مستعد أن أعمل أعمال إضافية لسداد المبلغ
هنا تدخل أسامة في الحديث قائلا
أسامة: أنت لا تقوى على أعمال اضافية يا عم صالح صحتك وسنك لا يساعدان على ذلك
هم العم صالح أن يرد عليه ولكن خليل قاطعه بسؤاله
خليل: أليس لديك ابناء يعملون ؟؟
هز العم صالح رأسه قائلا: بلى .. ابنتي أمل حين أنهت الثانوية بدأت تعمل في الخياطة تساعدني في توفير حاجيات المنزل .. وابني زياد ما يزال في الثانوية العامة
أسامة ( بدهاء ): أمل هذه التي كانت برفقتك في المستشفى ذلك اليوم ؟؟!
العم صالح: نعم يا سيدي هى ..
خليل: كم تبلغ من العمر تقريبا ؟
العم صالح: في الرابعة والعشرين من عمرها ..
نظر خليل إلى أسامة مبتسما وقال له
خليل: جميل.. وسنها مناسب
هنا انقبض صدر العم صالح .. وأحس بأن هناك أمرا ما يجعل خليل يكثر من أسئلته عن ابنته أمل .. فنظر إليهما بريبة .. وما زاد حيرته حين وجه أسامة سؤالا لخليل
أسامة: هو في الثامنة والعشرين على ما أظن ؟
خليل: أجل ..
ثم إلتفت إلى العم صالح وأردف قائلا
خليل: يا عم صالح لقد قررت أن أمنحك كل ما تريده من مال ..
العم صالح الآن في حالة غير التي دخل بها فهو يشعر في قرارة نفسه بأنهما يخططان لأمرا لذا قال بعدما سمع تلك الكلمات من خليل
العم صالح: مقابل ماذا ؟؟
هنا قهقه خليل بصوت عال واكتفى أسامة بالإبتسام
خليل ( محاولا أن يتمالك نفسه من الضحك ): أنت ذكي جدا يا عم صالح .. وهذا ما يعجبني في شخصيتك ..
توقف خليل عن الضحك ونظر بجدية للعم صالح وقال: مقابل أن تساعدنا ابنتك
اجهم وجه العم صالح وانتابته خيفة .. هنا وقف أسامة واقترب من العم صالح قائلا
أسامة: السيد خليل .. يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد .. يساعد زوجتك المريضة وابن أخيه المريض
التفت العم صالح إلى أسامة وقال مستوضحا
العم صالح: وما دخل ابنتي في الموضوع ؟؟
ابتسم أسامة وقال له: السيد خليل قبل قليل نعتك قائلا بأنك ذكي .. أيعقل لم تفهم ما نريده منك ومن ابنتك إلى الآن ؟
لزم أسامة الصمت قليلا ثم قال
أسامة: السيد خليل سيعطيك ما تريده من مال مقابل أن تتزوج ابنتك من عادل
انصدم العم صالح بما سمع وقال بحرقة: تتزوج عادل ؟!!
خليل ( بحزم ): نعم .. عادل بحاجة إلى من يعيده إلى سابق عهده وابنتك بإمكانها ذلك ..
العم صالح وهو يعتصر ألما: ابنتي لا تفكر في الزواج .. كل همها الآن هو أن تكون بجانب أمها
أسامة ( بخبث ): وحتى تبقى أمها بجانبها لابد من تقديم بعض التضحيات
كانت هناك دمعة تتلالئ في عين العم صالح حين نظر إلى أسامة بعدما أحبط وشعر بالندم بأنه فاتحه بموضوع زوجته .. وعجز عن الكلام ..
خليل: عم صالح .. الوقت ليس في صالح زوجتك ولا في صالح ابن أخي عادل .. فكل ثانية تمر تقربهما من الموت ..
إلتفت العم صالح إلى خليل وهو لا يعرف ما يقول .. هنا أردف خليل قائلا
خليل: انتظر ردك غدا .. بالموافقة وسأجري اتصالاتي لأفضل مستشفى كي يباشروا بعلاج زوجتك وبأي مبلغا يطلبون .. أما إذا كان لديك رأيا آخر .. فلا أريد معي في الشركة من لا يقف معي في محنتي .. يمكنك الإنصراف الآن

ببطئ شديد سحب العم صالح قدماه عازما على الخروج ولكنه توقف حينما وضع أسامة يده على كتفه قائلا
أسامة: عم صالح .. هى فترة بسيطة تقضيها ابنتك زوجة لعادل .. فعند عودته لطبيعته سيتم الإنفصال .. وستعود ابنتك لتكون بجانب أمها
نظر العم صالح إلى أسامة نظرة احتقار فكيف يطلب منه هذا الذي التمس منه أن يكون له عونا ..أن يوافق على طلب خليل ويزوج ابنته من ذلك الشاب الذي يبغض أعماله ويمقت تصرفاته .. ووالله لو طلب خليل أن يتزوج هو أمل لأسرع إليها يقنعها ولكن عادل !!!
وخرج من المكتب وقد أسقط في يده هائما على وجهه لا يدري ماذا يفعل ؟ وبماذا سيجيب ابنته أمل التي تنتظره بفارغ الصبر حاملا لها البشرى بموافقة خليل لمساعدته في علاج أمها ..

♻يتبع...

الصممت هيبةة
08-06-2016, 02:16 PM
الحلقة الثامنة 8⃣

��" أني مغلوب " ��

رجع العم صالح إلى منزله مبكرا على غير عادته فتفاجئت به ابنته أمل واتجهت إليه .. فاستوقفتها سحابة الحزن التي تبدو واضحة جلية على وجهه .. اقتربت منه مذعورة وقالت
أمل: أبي ... ما بك ؟
تنهد العم صالح بحزن .. واتجه إلى إحدى الأرائك وألقى بنفسه عليها مهموما .. خافت عليه أمل كثيرا فأسرعت إليه .. وجلست بجواره .. وضعت يدها على خد والدها وأدارت وجهه بلطف نحوها .. فرأت دمعة تتراقص في مقلته .. فسألته مذعورة
أمل: ماذا هناك يا أبي .. أرجوك قلبي يكاد ينفطر عليك وعلى حالتك
العم صالح ( بحزن ): اليوم حدثت السيد خليل في موضوع القرض الذي أخبرتك عنه
هنا قالت أمل: ومؤكد بأنه رفض لذا أرى حالتك هكذا
زفر العم صالح زفرة حارة وتنهد بحزن ثم قال
العم صالح: لقد وافق على طلبي
أمل ( متعجبة ): إذن ..لما أراك مهموما وحزين ؟
العم صالح: لقد وافق بشرط
أمل ( متلهفة ): شرط ؟!! وما هو شرطه ؟
عقد لسان العم صالح وعجز عن الكلام .. وهرب من واقعه المزعج بأن خبئ وجهه بين كفيه .. بدأ الخوف يتسلل لقلب أمل التي قالت
أمل: إلى هذه الدرجة شرطه صعب
تمتم العم صالح بكلمات الإستغفار .. ثم نظر إلى ابنته الخائفة وقال
العم صالح: أنت وأخاك زياد رأس مالي يا ابنتي ولا يوجد عاقل يفرط في رأس ماله
وبعد أن قال تلك الكلمات .. رأى في وجه ابنته الكثير من الأسئلة .. فقرر أن يفصح لها
العم صالح: اشترط علي أن ازوجك بإبن أخيه
انصدمت أمل بما سمعت وقالت
أمل: تزوجني من ابن أخيه ؟
العم صالح: نعم ... أما أن أوافق وازوجك من ذلك الرجل الذي يعلم الله بأني أكره أفعاله وتصرفاته وامقتها بشدة .. وأما أن اخرج من الشركة
انعقد لسان أمل من هول ما سمعت .. وأردف والدها قائلا: يستغلون حاجتنا الماسة إلى المال ... ويحاولون الضغط علينا بذلك ..
هنا انفعل فجأة قائلا: يالله ما أقسى الفقر
انفجرت أمل باكية بحرقة فاحتضنها والدها وهو يقول مهدئا لها: لن ازوجك بعادل يا ابنتي .. فأنت أشرف من أن تكوني زوجة لرجل منحط مثله .. مؤكد أن ما أصابه هو قصاص عادل من الله جزاءا لما يفعله ببنات الناس ..
وعند عودة زياد في الظهيرة من مدرسته .. قصت عليه أمل ما أخبرها به والدها .. فاستاء لذلك وتضايق كثيرا .. كانت أمل تشعر بأنها صاحبة القرار الآن .. فأما أن توافق من أجل أمها التي تتلوى من شدة الألم ولكنها في المقابل ستضحي بزهرة شبابه من أجل شاب لعوب .. وأما أن ترفض فتخسر أمها ويخسر والدها وظيفته ومصدر رزقه .. لذا نظرت إليه بعين باكية قائلة له
أمل: دلني أي قرار اختار
صرخ زياد فيها بغضب قائلا: لا يوجد غير قرار واحد لن تتزوجي ذلك الرجل
أمل ( منهارة ): وأمي يا زياد؟
زياد: يمكننا أن نستلف مبلغ من المال من رجلا آخر ولن نحتاج إلى أموال خليل هذا
أمل ( تبتسم ابتسامة ذابلة ميتة ): ومن أين نسدد الدين بعد ذلك وأبي سيطرد من عمله
زياد: سيتدبر الأمر حتما .. المهم أن لا تتزوجي هذا الرجل
أطرقت أمل برأسها إلى الأرض قائلة: إنه ينتظر رد أبي غدا يا زياد..
ثم تنهدت بحرقة قائلة: يا رب .. ماذا افعل ؟
ولكنها سرعان ما رفعت رأسها وقد اشرق وجهها قائلة
أمل: نعم .. عبير ..كيف فاتني ذلك
تعجب منها زياد وسألها
زياد: من عبير ؟
أمل ( متفائلة ): إنها صديقتي ورفيقة دربي وأختي التي كانت ولازلت تأخذ بيدي نحو الطريق القويم .. ولله الحمد .. ما استعنت بها في أمر ألا وكانت معي بنصحها وتوجيهها .. سأخبرها بالأمر ولعل الله يجعل حلا على يديها

♻يتبع ...

الصممت هيبةة
08-06-2016, 02:18 PM
الحلقة التاسعة9⃣

��" أني مغلوب " ��

أسرعت أمل في التواصل مع رفيقتها عبير .. وأخبرتها ببعض ما أهمها .. وكان من لطف الله على أمل بأن عبير لديها موعد في العيادة التي تقع في الحي المجاور للحي الذي تعيش فيه أمل .. لذا فإنها في عصر ذلك اليوم قدمت إليها كي تستمع إلى مشكلتها
في البداية دخلت تسلم على والدة أمل .. ثم اتجهت مع أمل إلى غرفتها .. وهناك قصت عليها أمل ما أخبرها به والدها بالتفصيل .. كانت عبير تتنهد بحرقة وهى تستمع لمشكلة رفيقتها وما إن انتهت .. حتى قالت عبير: ياالله .. أي نوعا من البشر هؤلاء الذين يتعامل معهم والدك ؟
أمل ( بحزن ): هؤلاء .. يريدون شراء كل شيء بالمال حتى مشاعر الآخرين

عبير وهى تفكر في الموضوع بجدية ..
عبير: لا يمكنني أبدا أن أقول لك وافقي على الزواج من ذلك الرجل .. فأنا اخاف على دينك ودنيتك معه .. وفي نفس الوقت ..
لزمت الصمت قليلا ثم أردفت قائلة ..
عبير: علاج والدتك حاجة ملحة. . وبالفعل أنتم بحاجة إلى المال الكثير لعلاجها ..
لزمت الصمت مجددا وكانت تفكر في الموضوع مليا
عبير: سنقوم بتفعيل حملة لجمع التبرعات لعلاج والدتك
ولكن أمل ردت عليها وهى غير متحمسة للفكرة
أمل: عبير .. مثل هذه الحملات تستغرق وقتا طويل ونحن نسابق الزمن حاليا لعلاج أمي
هزت عبير رأسها بنعم وقالت
عبير: معك حق .. اضيفي إلى ذلك .. وبعد قضاء الوقت الطويل .. دائما يكون المبلغ الذي تم جمعه أقل من المطلوب
هنا نظرت إلى أمل .. ووجدتها حزينة محبطة .. فوضعت يدها على كتف رفيقتها قائلة بثقة
عبير: عقولنا الصغيرة .. تحاول جاهدة أن تهتدي لحل مناسب لهذه المشكلة .. ولكن مؤكد .. بأن الله ما ابتلاك بهذا الأمر إلا لحكمة عظيمة .. لذا استخيري أخيتي .. وثقي بأن الله لن يضيعك ..
أدمعت عينا أمل وظلت تردد بصوت خافت: ( يا رب )
وبالفعل .. قضت أمل تلك الليلة وهى تصلي وتبتهل إلى الله بأن يقدر لها ولعائلتها الخير أينما وجد .. وبعد منتصف الليل .. وهى ساهرة في الدعاء والتبتل .. أحست بأن أحدهم ما زال مستيقظا .. فتحت باب غرفتها فإذ به والدها يجلس على الأرض متجها للقبلة وهو يتحدث مع ربه بكل شفافية .. فقد أوصدت في وجهه كل أبواب الدنيا .. لذا اتجه للباب الذي لا يغلق أبدا .. سمعته وهو ينتحب قائلا
العم صالح: ربي .. قدرت لي أن اعيش فقير .. وعزتك وجلالك بأني راض .. وقدرت لي أن اعمل عاملا .. يهينني هذا .. يحتقرني ذاك ولكني وعزتك وجلالك راض .. قدرت لزوجتي التي قاسمتني هموم الحياة أن تمرض بهذا المرض الذي أنهكها ووالله إني يا رب راض .. يا رب يا رب .. لا استطيع أن اضحي بأحدهما .. أرجوك يا رب
ثم توقف وبكى بكاءا مرا وواصل بثه همه وشكواه لرب العالمين
العم صالح: أنا بين نارين يا رب .. إما أن ارضى أن تتعالج زوجتي .. وألقي بابنتي في التهلكة .. وأما أن ارفض طلبهم ..فأخسر زوجتي ..
وعاد مجددا للبكاء ..
العم صالح: غدا صباحا .. خليل يريد الرد مني ..فبماذا أجيبه ياالله ...
ومجددا عاد للبكاء .. ثم قال
العم صالح: لماذا أحوجتني إليه ياالله ؟؟
هنا شعر بأنه قد بدأ يتسخط فظل يردد الإستغفار وهو يبكي ..
تقطع قلب أمل .. لما سمعت و رأت وبكت وهى تحاول حبس أنفاسها حتى لا يشعر بها والدها .. وهمت أن تغلق باب غرفتها ولكنها لمحت أخاها يبكي .. كان هو الآخر يستمع لوالده ..
أغلقت الباب وانكبت على سجادتها باكية شاكية لله أمرها
وفي الصباح .. جهزت أمل كعادتها الإفطار لوالدها وأخيها .. خرج الأب من غرفته فاتجهت إليه مقبلة يده ورأسه فاحتضنها بحب يشوبه بعض الحزن هنا خرج زياد من غرفته متثاقلا .. ورأى حزن والده وهو يحضن أمل .. التي قبلت رأسه مجددا وابتسمت قائلة
أمل: أبي .. أخبر السيد خليل بأني موافقة لزواج من ابن أخيه عادل

♻يتبع ..

الصممت هيبةة
09-06-2016, 01:34 PM
الحلقة العاشرة ��

��" أني مغلوب " ��

انفعل العم صالح حين سمع موافقة ابنته للزواج من عادل واحمر وجهه .. وقال لإبنته
العم صالح: مستحيل .. لن افعل ذلك أبدا
أمسكت أمل بكف والدها بكلتا يديها وقالت
أمل: أنت تخاف علي من عادل الشاب المستهتر المتلاعب بمشاعر الفتيات .. الذي كنت تمقت أخلاقه وتصرفاته .. ولكن عادل الذي يريد السيد خليل أن يزوجني اياه .. عبارة عن جثة هامدة .. على كرسي متحرك يبحثون لها عن روح .. وأنا متأكدة بأن العادلين مختلفين
العم صالح ( بحدة ): وما الذي يجبرك أن تعيشي مع جثة هامدة .. ؟
أمل ( بنظرة حزينة ): أمي يا أبي
لزم الأب الصمت هنا تدخل زياد في الحديث قائلا بغضب
زياد: أنا كذلك معترض يا أمل .. هذا الشاب هو من جنى على نفسه .. فليتحمل ما حصل له وأنت لست مجبرة أن تتزوجي من جثة هامدة
أمل محاولة أن تقنعهما ..
أمل: أليس من الأفضل لي أن اتزوج عادل كجثة بدلا من أن اتزوجه شابا منحط ؟!
العم صالح: لن يستمر جثة طوال حياته.. فهذا الشاب عديم الإحساس .. سرعان ما سينسى ما حصل له فيعود إلى سابق عهده
ابتسمت أمل قائلة: حينها سأرجع إليكم .. مهمتي معهم أن اعيده إلى سابق عهده
العم صالح: ابنتي .. هناك عالم مختلف عن عالمنا ..
أمل: أبي أنا استخرت الله ومؤكد بأنه لن يضيعني أبدا
تدخل زياد مجددا قائلا
زياد: أنا مستعد أن اترك الدراسة واعمل كي أوفر نقودا لعلاج أمي .. لكن بالله عليك يا أمل لا تتزوجي من عادل هذا
احمرّ وجه العم صالح وقطب جبينه قائلا
العم صالح: مستحيل .. لا اسمح لك أن تترك دراستك .. أنا أعدُّ السنوات كي أراك خريجا بشهادة تعزك وتعزنا معك وأنت تريد أن تقتل هذا الحلم
وضعت أمل كفها على كتف والدها وقالت مبتسمة
أمل: وستشاركنا أمي بإذن الله فرحة نجاح زياد .. لذا لابد من المسارعة لعلاجها ..
وبعد إلحاح شديد منها وسلسلة من الإقناعات رضخ العم صالح لرأيها .. وتقبل مُكرها قرارها .. وأدرك بأن الأمر بالفعل يحتاج إلى تضحية .. وبما إنها استخارت فمؤكد بأن الله لن يضيعها

اتجه إلى الشركة .. ودخل على غير عادته .. لم يبتسم ويسلم على من يراه .. إنما اكتفى بالحديث مع نفسه .. بخطى متثاقلة اتجه إلى مكتب أسامة .. وبعدما سمح له أسامة بالدخول.. أسرع - أسامة - إليه مسرعا قائلا
أسامة: ها يا عم صالح ماذا قررت ؟ السيد خليل ينتظرك منذ الصباح الباكر
لزم العم صالح الصمت برهة ثم نكس رأسه وقال بنبرة حزينة بائسة
العم صالح: أنا موافق
أشرق وجه أسامة وابتسم ابتسامة عريضة
أسامة: قرار صائب يا عم صالح .. أنت بهذا القرار ضمنت الشفاء لزوجتك
رفع العم صالح رأسه وقال بثقة
العم صالح: الشافي رب العالمين وهو وحده المتكفل بذلك .. وأنا بموافقتي إنما أخذ بالأسباب وحسب
ابتسم أسامة قائلا: لا عليك لا عليك .. سأذهب الآن إلى السيد خليل ابشره بالأمر كي يقوم باللازم لعادل ولزوجتك يا عم صالح ..
وخرج من مكتبه .. والعم صالح ينظر إليه متعجبا من سعادته بالأمر
سعد خليل كثيرا حينما بشره أسامة بأمر الموافقة وقال له
خليل: رتب مع العم صالح مسألة نقل زوجته لمستشفى جيد ومحترم .. واخبره غدا سيتم عقد القِرآن .. أخشى أن يغير رأيه في أي لحظة
هز أسامة رأسه بحسنا .. هنا أردف خليل قائلا
خليل: أما أنا فسأذهب إلى عادل .. كي أخبره بما عزمنا على فعله ..
انطلق خليل إلى منزله .. وهو ممسكا بالحل الأخير لمساعدة ابن أخيه .. وما إن وصل حتى أسرع إليه في غرفته .. فتح عليه الباب .. فرآه كما يراه كل يوم في غرفته المظلمة .. على كرسيه المتحرك غارقا في ماضيه .. اقترب منه قائلا بلطف
خليل: عادل .. أنت كل ما تبقى لي في هذه الحياة .. وأنا لا أريد أن أخسرك .. وما سأفعله غدا هو محاولة جادة كي أخرجك مما أنت فيه
لزم الصمت ونظر إلى عيون عادل ورآها مغرورقه بالدموع فأدرك إنه يسمعه لذا قال له
خليل: إن لم يكن من أجلي فمن أجل بهجة .. حبيبة قلبك ..والشي الوحيد الذي تبقى لنا من طيف بسمة .. أريدك أن توافق على الزواج من الفتاة أمل ..

♻يتبع ....

الصممت هيبةة
09-06-2016, 01:36 PM
الحلقة الحادية عشر 1⃣1⃣

��" أني مغلوب " ��

رغم كل ما يعانيه عادل .. والحالة النفسية الصعبة التي يعيشها إلا إنه حين سمع عمه يتكلم عن الزواج أدار إليه رأسه مصدوما مما سمع .. هنا قال خليل على الفور
خليل: أعلم يا بني إنه من الصعب أن تحل فتاة أخرى محل بسمة .. ومحال أبدا أن يتقبل قلبك وقلبي بوجود إمراة أخرى في حياتنا .. ولكن ..
صمت قليلا ثم أردف قائلا
خليل: أنا بحاجة إليك .. ولعل وجود هذه الفتاة في حياتك ولو بصفة مؤقتة سيعيد إليك ما عجز الأطباء عن إعادته
صرف عادل ببصره عن عمه .. مستنكرا ورافضا لما سمعه ولكن خليل أمسك بذقنه وجعل وجه عادل مقابلا لوجهه قائلا
خليل: ألا تريد أن تعود لبهجة ؟! .. إنها بحاجة إليك أيضا .
أدمعت عينا عادل .. فإستغل عمه هذه الرقة التي لمحها فيه وقال
خليل: بهجة بحاجة إلى أم ترعاها وتعتني بها إلى أن يعود والدها لسابق عهده فيمنحها حنان الأب والأم
لامست كلمات خليل شغاف قلب عادل الذي عاد مجددا لتأنيب نفسه .. مستحضرا الجرم الذي ارتكبه في حق زوجته الراحلة .. وآلمه أن يكون هو سبب بقاء ابنته بدون صدر حنون يرعاها .. قطع عليه عمه حبل ذكرياته وأفكاره حين قال
خليل: ها يا عادل .. ماذا قلت ؟؟
كان عادل يحاول أن يسيطر على دموعه التي بدت تتدافع على خده بكثرة .. لذا اكتفى بهز رأسه موافقا
تهلل وجه خليل .. وشعر بأن هذه الموافقة هى بداية التحسن في حالة ابن أخيه
خليل ( سعيدا ): إذن .. لنبدأ بالإسراع في تعجيل الأمر .. غداً سيكون عقد القرآن يا بني ..
وخرج من الغرفة سعيدا بعدما طبع قبلة حارة على رأس عادل .. وترك عادل بحسرته .. نادما على ما اقترفته يداه

كانت هذه الليلة من أصعب الليالي التي مرت على أمل .. فبعد أن اعطت أمها أدويتها واطمئنت عليها اتجهت إلى غرفتها .. وظلت تراقب عقارب الساعة مشاعر متباينة تراودها .. فغدا بإذن الله سييسر الله أمر علاج أمها وهذا ما يسعدها ..وغدا .. وآه من غد .. غدا ستبتعد عن أمها وأسرتها وستدخل عالم مختلف تماما عن عالمها .
باتت لا تعرف .. اتستعجل عقارب الساعة أم تستبطأها .. تعوذت بالله من الشيطان الرجيم واستلقت على سريرها وهى تتمتم بالإستغفار ..
في صبيحة اليوم التالي كان العم صالح وابنائه يصطحبون زوجته المريضة لأحد أكبر المستشفيات الخاصة .. وبالفعل لاقوا تعامل متميز من قبل الكادر الطبي هناك
كانت أمل تجلس مع والدتها في تلك الغرفة الطبية الخاصة والتي تتوفر فيها كل الخدمات .. تقلب نظرها يمنة ويسرة وتقول في نفسها
أمل: أيعقل أن المال يصنع كل هذا ؟؟! .. بالأمس لم يكن أحداً ينظر إلينا أبدا واليوم كل من في المستشفى يتسابقون لتقديم المساعدة لنا ..
هنا دخل زياد الغرفة وقد بدأ عليه بعض الضيق فسألته أمل
أمل: ما بك ؟؟
زياد ( بغيظ ): المدعو أسامة جاء إلى المستشفى
ابتسمت أمل ابتسامة ذابلة ثم قالت
أمل: هذا أمر طبيعي يا أخي أن يشرف على سير الأمور
زياد ( بغضب ): أنا اكره هذا الرجل
أمل وقد ازدادت ابتسامتها
أمل: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ..
نظر إليها زياد بنظرة حادة قائلا
زياد: خير ؟؟! هؤلاء أصحاب مصالح لا خير فيهم
هنا سمعا صوت أنين والدتهما فأسرعا إليها

وفي المساء .. لم تكن هناك ضجة كبيرة عند عقد القرآن .. بل اقتصر الموقف على أشخاص معينين .. كان العم صالح طوال الوقت ينظر إلى عادل نظرة مختلفة عن نظراته السابقة له .. فعادل هذا كالهيكل العظمي على كرسي .. شاحب الوجه هزيل الجسم .. صامتا طيلة الجلسة .. يبدو إنه في عالم آخر غير عالمهم .. لذا حين عاد العم صالح إلى البيت اتجه لإبنته ليخبرها بأنها منذ صباح الغد .. ستنتقل لمنزل السيد خليل .. كان أول شيء قاله لها
العم صالح: أمل .. قدركِ أن تكوني عونا لغيرك .. فكما أحسنتِ لأمك .. اتمنى أن تحسني لعادل
أشخصت أمل ببصرها لوالدها متعجبة مما سمعت

♻يتبع ...

الصممت هيبةة
12-06-2016, 01:58 PM
الحلقة الثانية عشر ١٢

��" أني مغلوب " ��

يا الله ما أسرع إنقضاء هذه الليلة .. فها هو نور الصباح يمزق ما تبقى من ظلمة الليل الكئيب ..كانت أمل تتأمل انبلاج نور النهار من نافدتها مستحضرة كلمات والدها ليلة أمس والذي أوصاها بقوله " بدأت اقتنع بأن خلف ما يحدث حكمة عظيمة نجهلها .. فعادل اليوم كما قلتي سابقا مختلفا تماما عن عادل الأمس .. إنه مثير للشفقة .. فاكسبي فيه أجرا بمساعدته ليتماثل للشفاء من أجل ابنته .. أن لم يكن لنفسه "

تنهدت قليلا ثم قالت مناجية ربها
أمل: يا رب أنا أثق فيك .. وأثق إنك لم تقدر لي إلا الخير ..فأعني على نفسي يا الله .. وكن معي ..

ما هى إلا ساعات قليلة وجائت سيارة خاصة كي توصلها إلى منزل خليل .. فاتجهت إلى هناك برفقة والدها .. وقد لازم كل منهما الصمت طوال الطريق ..فكلاهما يتألم من داخله لهذه اللحظات العصيبة ..
وهناك أمام البوابة الكبيرة للحديقة الغناء التي تحيط بمنزل خليل .. ودع العم صالح ابنته مقبلا إياها من رأسها قائلا بصوت يخالطه البكاء
العم صالح: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
لم تتمالك أمل نفسها وارتمت في حضن والدها قائلة
أمل: أرجوك .. كن بجانبي .. لا تتركني وحيدة في هذا العالم
أخذ العم صالح يمسح على رأس ابنته وظهرها قائلا
العم صالح: أنت في حفظ من لا يضيع الودائع يا ابنتي .. وأما عني أنا .. فتأكدي بأني لن اتخلى عنك وسأبذل ما بوسعي كي أزورك
قبلت أمل يد والدها الذي ربت على كتفها قائلا
العم صالح: هيا يا ابنتي إنهم ينتظرونك في الداخل
قال ذلك ثم ناولها حقيبتها الصغيرة التي تحمل فيها بعض مقتنياتها الخاصة ..
استلمت حقيبتها ثم ألقت بنظرة أخيرة إلى والدها ودخلت ..
ظلت تمشي في تلك الحديقة العظيمة .. وهى تستشعر بأن كل شي يحدثها ويقول لها: ليس هنا عالمك ..
حفيف الأشجار تناديها: أن ارجعي
زقزقة العصافير تصرخ فيها: أنت تتجهين في الطريق الخاطئ
بل خيل لها بأن حتى التراب الذي تمشي عليه يستوقفها ويطلب منها الرجوع

ولكنها واصلت طريقها ووقفت أمام باب الفيلا .. فقرعت جرس الباب .. وما هى إلا ثواني وفتح الخادم لها الباب .. وبعدما عرفت بنفسها قال لها
الخادم: تفضلي يا سيدة أمل .. السيد خليل بإنتظارك منذ الصباح الباكر
انقبض قلبها فجأة .. وشعرت بأن قدماها ثقيلتان .. أرادت فجأة أن تلغي كل شيء .. ولكن فجأة وبدون تحضيرا مسبق .. أو تخطيط للكلام الذي سيقال انطلق لسانها فجأة قائلا
" ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا "

♻يتبع ....

الصممت هيبةة
12-06-2016, 02:01 PM
الحلقة الثالثة عشر ١٣

��" أني مغلوب " ��

دخلت أمل إلى داخل المنزل العظيم ..لم تلتفت لزخرفته الراقية أو أثاثه الثمين ولا إلى القطع الأثرية والنفيسة التي كانت تزين جنباته إنما كان نظرها إلى ذلك الرجل المخيف الذي كان ينتظرها في منتصف المنزل .. أخيرا إلتقت بالسيد خليل الذي لطالما سمعت عنه من أبيها .. سمعت عن تسلطه وجشعه وعن تقديمه للمصالح قبل المبادئ والمشاعر .. وقفت أمامه وانعقد لسانها .. لم تتمكن حتى من إلقاء السلام عليه .. أما هو فقد نظر إليها متفحصا .." نعم هى جميلة .. رغم خلو وجهها من مساحيق التجميل .. واخفاء معالم جسدها تحت عبائتها السوداء الفضفاضة .. وإرتدائها لذلك الخمار الأسود الذي لم يزدها إلا جمالا .. وهذا سيفي بالغرض" هذا ما قاله لنفسه قبل أن يوجه إليها سؤاله
خليل: هل أخبرك والدك عن سبب هذا الزواج
أمل ( بإرتباك ): نعم أخبرني
خليل: جيد .. كلما أسرعتي في مساعدة عادل على الشفاء .. كلما كانت توقيت عودتك لأسرتك أسرع .. لذا لابد من كسب الوقت
هزت أمل رأسها بحسنا ..أردف خليل قائلا وهو يظهر ابتسامة خبيثة
خليل: أثناء أداؤك لهذه المهمة لابد أن تعرفي مقامك ومقام السيد عادل
أوجعتها هذه الكلمات وابتلعتها مكرهه وهزت رأسها مجددا بحسنا .. ولكن خليل على ما يبدو يخشى من شيء ما سيحصل لذا كان يوجه لها عبارات لاذعة لذا واصل حديثه قائلا
خليل: في قلب عادل تسكن إمرأة واحدة فقط هى بسمة .. أنت هنا زوجة مؤقتة .. وعادل يحتاج إليك الآن كحاجته للدواء ..وما أن يتماثل للشفاء سيتركه لا محالة .. وبالمعنى الأصح سيرمي به بعيدا .. فهمت
قاومت أمل دموعها بعد هذا التجريح الذي سمعته ورفعت رأسها وكأنها تريد أن تثبت له بأنها لا تطمع أبدا أن يحبها قلب عادل ولا أن تكون ملكة في هذا العالم .. رفعت رأسها بتحدي قائلة
أمل: نعم افهم ذلك ..
خليل: جيد .. ستصطحبك العاملة الآن ( مشيرا إلى عاملة كانت تقف على مقربة منهم ) إلى غرفة السيد عادل .. وكما أخبرتك سابقا لابد من كسب الوقت
قال تلك الكلمات ثم ترك المنزل منصرفا إلى عمله .. هنا اصطحبت العاملة أمل لغرفة عادل .. طرقت الباب بلطف ثم فتحته قائلة لأمل
العاملة: تفضلي يا سيدة أمل
تنفست أمل بعمق ثم دخلت الغرفة .. غرفة مظلمة كئيبة .. يجلس عادل فيها على كرسيه المتحرك أمام النافذة المغلقة مسدلة الستائر .. تحركت نحوه ببطئ .. وألقت عليه التحية ولم يجب .. فتيقنت بأنه الآن بعيدا عن عالمهم .. إن منظره مثيرا جدا للشفقة .. وعلمت من منظره بأن مهمتها شاقة وصعبة وبالفعل لابد أن تكسب الوقت ..
مضى النهار كله .. وذلك المخلوق لم يتحرك من مكانه .. يتناوب عليه الخدم وبعض الممرضين الذين يشرفون على علاجه ..هنا علمت أمل بأن مهمتها صعبة وشاقة وتكاد تكون مستحيلة ..وبالفعل لابد أن تكسب الوقت
يوما بعد يوم .. وروتين هذا الرجل لا يتغير .. يدخل عليه الخدم بداية الصباح يحملونه للإستحمام .. ثم يجلسونه على كرسيه المتحرك .. ثم تبدأ جولة اقناع لتناول وجبة الإفطار .. وعادة ما يفوز هو فيها رغم صمته .. إلا إذا تدخل عمه في اقناعه .. وبعد جولة الطعام تبدأ يوميا جولة أخرى .. ألا وهى جولة الإقناع لتناول العلاج .. وهكذا كل يوم .. تقف أمل تنظر لذلك الصامت العنيد الذي يحاول جاهدا أن يقتل نفسه من خلال رفضه للطعام والعلاج .. والذي يعتكف ليل نهار في غرفته المظلمة .. إنه حتى لم يشعر بوجودها طوال هذه الفترة ..
لم يكن كل عالم هؤلاء سيئا .. فأمل منذ الوهلة الأولى أحبت بهجة وتعلقت بها كثيرا .. واعترضت على حبس تلك الطفلة في غرفة خاصة مليئة بالأجهزة والأدوات الطبية بحجة المرض .. وأيضا مما كان يرفع لها معنوياتها العلاقة المتينة التي أقامتها مع الخدم في المنزل .. لقد كانت تشعر بينهم بأنها وسط عائلتها .. تستيقظ منذ الصباح الباكر تساعد العاملات في المطبخ .. ثم تحمل أكواب الشاي توزعها على العمال والسائقين والبستانيين .. لقد أحدثت أمل جوا رائعا في هذا المنزل الضخم .. ورغم ذلك فشلت أن تحرك قيد أنملة من حال عادل
هذا الصباح كانت أمل مع العاملات في المطبخ غارقة في التفكير حين سألتها كبيرة العاملات عن سر شرودها .. فأجابت
أمل: حال السيد عادل يحزنني كثيرا .. اشعر بالشفقة لأجله
هنا أسرعت أحد العاملات بالقول: لا عليك منه هذا نتيجة تلاعبه بمشاعر البنات .. هو لم يشكر الله على نعمة الزوجة
تركت كبيرة العاملات ما في يدها والتفت إلى تلك العاملة قائلة: نعم السيد عادل أخطاؤه لا تغتفر .. وعلاقاته النسائية يعرفها القاصي والداني .. ولكن للأسف السيدة بسمة رحمة الله عليها هى المسؤولة عن ذلك
تفاجئت أمل ومن معها بهذه الكلمات ونظرن بإستغراب لكبيرة العاملات التي أردفت قائلة
كبيرة العاملات: كان السيد عادل لعوب .. ولكنه عندما تزوج حاول أن يكون ملكا لزوجته ألم تلاحظن كيف كان تودده لها .. هداياه التي يحضرها لها .. كلمات الغرام التي كان يسمعها إياها .. لقد كان قليل الخروج في فترة زواجه الأولى .. ولكن السيدة بسمة كانت تعامله بجفاء شديد .. ألا تذكرن ؟!
هزت العاملات رأسهن بنعم .. وهن يتذكرن تلك الأيام بحزن
كبيرة العاملات مواصلة لحديثها: كانت تصده بشدة كلما اقترب .. ورجل كالسيد عادل .. فقد الأب والأم في طفولته .. كان بحاجة إلى احتواء .. لذا بحث عنه في الخارج
أطرقت كبيرة العاملات برأسها أرضا ثم قالت
كبيرة العاملات: للأسف لا رادع ديني .. ولا احتواء زوجة .. لذا غرق السيد عادل في الرذيلة ..
تأثرت أمل كثيرا بهذه الكلمات .. وظلت تتذكرها طوال اليوم وهى ترى الخدم والممرضين يحركون عادل كالميت ..
وفي وقت القيام .. بعدما انتهت أمل من الصلاة .. جلست تنظر إلى ذلك الجسد الممدد على السرير والذي أحضرت كي تبعث الروح فيه بعد توفيق الله لها .. نظرت إليه ثم قالت في نفسها
أمل: أنا ولله الحمد لم اعجز أن احيي الأمل في قلب أمي .. رغم شدة مرضها وصعوبته .. لأنني كنت أرى أن ذلك واجبي اتجاه أمي .. وإن الله سيثيبني عليه .. هذا الرجل .. تزوجته بإرادتي بعد استخارتي لربي .. لذا لابد أن اعامله بما يرضي الله .. معاملة الزوجة لزوجها .. لا معاملة .. الدواء الذي اذا لم يحتاج إليه تركه .. سأطلب رضا الله وحسب في تعاملي مع عادل لإنه زوجي على شرع الله .. لابد أن تتغير معاملتي السطحية له منذ هذا اليوم بإذن الله

♻يتبع ...

الصممت هيبةة
12-06-2016, 02:04 PM
الحلقة الرابعة عشر ١٤

��" أني مغلوب " ��

بعدما صلت أمل صلاة الفجر هذا اليوم .. أحست بخفة ونشاط .. إنها اليوم تنظر لمهمتها بمنظور أخر .. إنها لا تبذل المستحيل من أجله كي تعود لمنزل أهلها إنما .. ستبذل المستحيل من أجل أن تعود لعادل عافيته

اتجهت إلى خزانة ملابسه ..وفتحتها فإذ بداخلها أفخم الملابس وأغلاها .. فاختارت له ثوبا رائعا فاتح اللون مشرق .. ثم اتجهت إلى دولاب عطوره وأدواته وانبهرت بذلك الكم الهائل من العطور الباهظة الثمن .. ظلت تشمها واختارت منها عطرا نفاذا ثم جهزت له أدواته الشخصية ..
وفي الوقت المعتاد طرق الخدم والممرضين باب الغرفة ففتحت لهم أمل .. واتجهوا للقيام بدورهم المعتاد إلا أن ثمة أمر جديدا طرأ على عملهم هذا الصباح .. ألا وهو إصرار أمل أن تشاركهم حمله إلى دورة المياه .. عارض البعض لكونها إمرأة لا تقوى على ذلك إلا إنها ردت عليهم
أمل: لا توجد إمرأة أبدا لا تقوى على تقديم يد العون لزوجها
بدأت أمل فعليا بمساعدتهم .. وهنا وللمرة الأولى منذ دخولها المنزل .. نظر إليها متعجبا .. من هذه التي تقوم بمساعدة الخدم والممرضين في حمله ..
وبعد الإستحمام .. وارتداء عادل الثوب الجديد الذي اختارته أمل له .. باشرت بنفسها أمر تعطيره وتسريح شعره وتعديل هندامه .. ثم وضعت على يده وقدميه بعض الكريمات والمرطبات .. وعادل طوال الوقت ينظر إليها قاطب الجبين متعجبا من فعلها ..
تعود عادل بعد أن ينتهي الخدم من مهمة تحميمه .. وينتهي الممرضين من عملية إجراء الفحوصات اللازمة له .. يوضع على زاوية من زوايا الغرفة ثم ينصرفون عنه .. ولكن هذا اليوم تغير روتينه كثيرا .. فأمل هى التي قادت كرسيه المتحرك ووضعته قبالة النافذة المغلقة .. واتجهت على الفور إليها .. ورفعت ستارتها وفتحتها .. فانتشر ضوء الشمس الدافئ في أرجاء الغرفة مبددا الظلام والكآبة اللذان خيما طويلا في هذه الغرفة ..
أغمض عادل عيناه .. كارها لما حدث ولكنه إلتفت إلى أمل حين سمعها تقول للخدم والممرضين
أمل: اشكر لكم صنعيكم الحسن مع السيد عادل .. يمكنكم الإنصراف .
وبعد انصرافهم بدقائق تركت هى الأخرى الغرفة .. انشغل عادل بأمر هذه المرأة .. وقال لنفسه
عادل: إلى ماذا تريد أن تصل هذه المرأة وما هى مطامعها لما فعلته معي اليوم ؟؟!
ثم رفع رأسه ينظر للعالم الخارجي من النافذة المفتوحة وقال متمتما
عادل: اه .. ما تزال السماء جميلة كما كانت في السابق ..
قطعت عليه أمل تمتمته .. حين دخلت وبيدها باقة ورد طبيعية وضعتها على المزهرية الموجودة على النافذة ثم نظرت إليه بإبتسامة صادقة قائلة
أمل: أسعد الله صباحك يا سيد عادل .. بإذن الله دقائق وسأحضر لك إفطارك ..
لم تزده كلماتها إلا حيرة وشك في نيتها .. غيرت أمل الصحون التي اعتادت العاملات أن تجهز له الطعام فيها .. ووضعت بعض الإضافات في فطوره
هنا سألتها كبيرة العاملات: أمتأكدة بأنك لست بحاجة إلى من يقف معك لإقناعه على الطعام
ابتسمت أمل لها قائلة: نعم متأكدة بإذن الله ..
ثواني وكانت أمل مع عادل في الغرفة تقدم له طعامه وهى تقول: لن تحتاج بعد اليوم إلى الحبوب المساعدة .. فهذه الوجبة ستغنيك عن ذلك ..
وبدأت تأكله بيدها .. هنا رأى عادل نفسه محرجا منها فانصاع مباشرة لها وتقبل أن يأكل من يدها.. وبعد عدة لقمات .. امتنع عادل عن الطعام وكأنه استكفى .. هنا قالت له أمل: أرجوك بضع لقمات أخرى لأن هناك هدية في انتظارك ..
تعجب عادل من كلامها وظل يحدث نفسه عن ماهية الهدية التي تنتظره .. لذا ظل يأكل وهو شارد الذهن إلى أن انهى صحنه .. وحين نظر إلى الصحن فارغا تعجب وحده من صنيعه .. ابتسمت له أمل قائلة
أمل: أسأل الله أن يبارك لك في مأكلك ومشربك
عادل ( مضطربا ): الله !!!
ياه منذ متى لم يسمع عادل شيئا عن الله .. لقد رحل سالم عنه وأخذ كل شي ايماني معه وترك له الخواء والفراغ ..
أحست أمل بملامح الحزن بدأت تعود مجددا لوجه عادل .. فأخذت صينية الطعام .. ووقفت وهى تقول
أمل: لن أتأخر عليك يا سيد عادل .. دقائق وسأعود ومعي الهدية
الهدية مرة أخرى .. ترا ما تخفي هذه المرأة ؟؟ هذا التساؤل الذي راود عادل فور خروج أمل

♻يتبع ....

قائد الغزلان
12-06-2016, 04:09 PM
الصمت هيبه
يا هلا والله بيك..
صمت انا حقيقة لم اقراء كل الاجزاء
ولكن احبتت ان ارد ع الموضوع
واحييك ع الاهتمام بروايه
كل التوفيق لك عزيزتي
وباارك الله فيك

الصممت هيبةة
13-06-2016, 01:36 PM
الصمت هيبه
يا هلا والله بيك..
صمت انا حقيقة لم اقراء كل الاجزاء
ولكن احبتت ان ارد ع الموضوع
واحييك ع الاهتمام بروايه
كل التوفيق لك عزيزتي
وباارك الله فيك

أقرئيها روايه جدآاا جميلةة ..
العفوو ..امين جميعآ .. دمتى بخير

الصممت هيبةة
13-06-2016, 01:40 PM
الحلقة الخامسة عشر ١٥

��" أني مغلوب " ��

خرجت أمل وتركت عادل غارقا في التفكير .. ما هى هذه الهدية التي ذكرتها هذه المرأة ؟؟!
ثم أعاد بصره إلى النافذة متأملا في السماء .. وما هى إلا لحظات وفتحت باب الغرفة مجددا .. وتقدمت أمل نحوه وهى تحمل بين ذراعيها الطفلة بهجة .. نظر عادل إلى بهجة وقد اغرورقت عيناها بالدمع .. جلست أمل أمامه على الأرض ونظرت إلى عينيه بإشفاق قائلة
أمل: هذه الهدية الربانية تفتقدك منذ مدة يا سيد عادل
مد عادل يده ليأخذ بهجة وقد بلل الدمع وجهه .. وما أن استلمها حتى أخذ يلثمها ويقبلها بشدة وهو يبكي منتحبا .. يشعر بالجرم العظيم الذي اقترفه بحق أمها وجعلها تحرم من حضنها
تعالى صوت بهجة بالصياح فأشفقت أمل عليهما .. ومدت يدها لتأخذ بهجة إلا أن عادل احتضنها بقوة رافضا أن تأخذها منه
فهمت أمل ذلك وقالت له: لا تقلق لن يحرمك منها أحد بإذن الله .. فبهجة لابد أن تبقى دائما معك .. فقط أريد تهدئتها ..
نظر عادل إلى أمل مترددا .. ولكنه لمح الصدق في عيني أمل .. قبل جبين ابنته ثم سلمها إياها .. أخذت أمل الطفلة وظلت تلاعبها وتضاحكها .. وبهجة تبتسم لها وهى سعيدة .. هنا شعر عادل بالطمأنينة وأيقن في قرارة نفسه بأن هذه المرأة طيبة

تزايد هذا الشعور لديه يوما بعد يوم .. وهو يرى أمل تعمل المستحيل لمساعدته .. كل شيء غيرته له .. طعامه ، ملابسه ، أدواته الشخصية ، حتى فراشه .. كل يوم يستيقظ فيه يراه مختلفا عن اليوم الذي سبقه ..
وهذا اليوم فاجئته أمل بأمر لم يكن يتوقعه .. فقد اعتادت بشكل يومي بعد أن ينتهي من الإستحمام وتعديل هندامه .. أن تضعه قبالة النافذة بعد أن تفتحها له ثم تتجه لإحضار إفطاره له .. ولكن هذا اليوم وبعدما انتهت من تسريح شعره ورش العطر على ثيابه .. قالت له بإبتسامة صادقة
أمل: اليوم أنت مدعو لتناول وجبة الإفطار في مكان اخر
تعجب عادل من كلماتها هذه .. ولكنها لم تدعه يقف طويلا متفكرا فيما تنوي فعله .. بل حركت له كرسيه واتجهت به إلى خارج الغرفة .. وحين خرجت به من الغرفة تعجب الجميع من صنيعها وكيف استطاعت أن تخرجه من عزلته .. قادت أمل عادل إلى حديقة المنزل .. وأحضرت له إفطاره ..ثم أحضرت بهجة كي تقضي مع والدها وقتا ممتعا ..
بالفعل كان وقتا ممتعا ..ابتسامة خفية لم تفارق وجه عادل طوال الجلسة .. وكان كلما نظر إلى أمل وهى تداعب طفلته يسأل نفسه :" يا ترى ما المقابل الذي تريده هذه المرأة من وراء هذا التعامل الرائع معي ومع ابنتي ؟! "
وقدر الله أن تكون الإجابة على سؤاله في هذه الليلة .. عادل اعتاد في فترة انعزاله ومرضه أن ينام باكرا .. وأمل فبعد أن تطمئن عليه وعلى ابنته تأوي إلى فراشها الذي وضعته بجوار السرير الذي ينام عليه عادل .. رددت أذكار النوم بعدما ختمت أعمالها بالوضوء ونوت أن تستيقظ للقيام .. ثم ظلت تستغفر استغفارا كثيرا إلى أن نامت ..
أما عادل فبعد أن انتصف الليل هاجمته الكوابيس فما زال طيف زوجته الراحلة يطارده .. فهى منذ أن ماتت وهى تلاحقه كذكرى في واقعه .. وكابوس في منامه .. اعتاد أن ينام مبكرا لكنه سرعان ما يستيقظ عند منتصف الليل ويبقى مستيقظا إلى الفجر
الليلة كانت الكوابيس تزعجه .. لذا كان يهذي بشدة في منامه .. ثم أخذ يصرخ .. استيقظت أمل على صوته مذعورة .. واتجهت إليه .. فوجدته يصرخ ويهذي ويبكي قائلا: لم اقتلك يا بسمة .. لم اقتلك
أخذت أمل تهز عادل وهى خائفة وتقول
أمل: استيقظ يا سيد عادل ..استيقظ
استيقظ عادل مذعورا وظل يتنفس بقوة والعرق يتصبب على جبينه .. أسرعت أمل وأحضرت له كأس ماء .. فشرب حتى ارتوى .. ثم نظر إليها بنظرة خائفة .. ولكنها طمأنته بإبتسامتها الصادقة وهى تقول له
أمل: هى أضغاث أحلام بإذن الله ..
ثم وضعت يدها على جبينه للمرة الأولى منذ أن أصبحت زوجته .. وظلت تقرأ عليه بعض الآيات والرقى والأذكار ..
هدأت نفسه وأحس بأن شيئا ما يتغلغل إلى أعماقه .. ثقلت عيناه .. وعاد مجددا للنوم .. وأما عن أمل فقد استمرت وقتا طويلا وهى تقرأ وتقرأ إلى أن حاصرها النوم فنامت متعبة بجانبه .. قبيل الفجر .. استيقظ عادل وأحس بيدها على كتفه .. على ما يبدو إنها نامت حين كانت ترقيه .. إلتفت إليها وهى نائمة ومستغرقة في النوم بعد يوم شاق بذلته له ولإبنته .. " هذه النائمة بجانبي .. إنها ليست بشر .. هذه ملاك طاهر .. أرسل إلي كي ينقذني مما أنا فيه .. " نظر إليها بتمعن أكثر .. وأحس بشي يتحرك في أعماقه .. وفجأة أحس بها تستيقظ فأغمض عينه مصطنعا النوم .. أما هى .. فعند استيقاظها وجدت نفسها على السرير .. فوقفت مذعورة وكأنها ارتكبت ذنبا .. فهى ما تزال تتذكر كلمات خليل .. ثم نظرت إلى ساعتها فشهقت قائلة " ياالله .. لم يتبق عن الفجر إلا الشي اليسير " .. ثم أسرعت إلى دورة المياه .. توضأت وصلت ركعتين .. وبعدها رفعت يدها ودعت لأمها بالشفاء .. وعادل يراقبها ويسمعها ثم وفور انتهاؤها من الدعاء لأمها دعت له دعاء طويل .. فاستغرب ذلك .. كانت تتوسل إلى الله أن يشفيه ويهديه .. كانت تبكي حين تلح على الله أن يشفيه وتترجى ربها أن يعجل بشفائه .. و أهم ما قالته وكان كالسهم النافذ إلى قلبه " اللهم إني أحببت عبدك هذا فيك فإن كانت لي عندك دعوة مستجابة فاجعلها في شفائه " انتفض عادل في مكانه .. وعجز عن التفكر فيما قالته .. بكى .. بكاءا شديدا صامتا .. هذه المرأة أحبته لله .. وتعامله تلك المعاملة لله .. ثم تطلب من الله إن كانت لها دعوة مستجابة أن تكون من نصيبه .. فنادى بصوت مخنوقا لا يسمعه غيره " سامحني ياالله "

♻يتبع ....

الصممت هيبةة
15-06-2016, 05:28 PM
الحلقة السادسة عشر١٦

��" أني مغلوب " ��

كانت كلمات أمل في دعائها لها تأثير بالغ في نفسية عادل .. الذي فهم أخيرا ما معنى أن يحب شخص اخر دون مقابل .. بل إنه تذكر صديقه سالم .. فقد كان يحبه هو الآخر في الله .. لا يهمه ما لدى عادل وما الذي يمتلكه .. وحتى بسمة للأسف كان حبها له منقوص .. إذ إنه كان حب تملك .. فهى تحبه لنفسها .. دون أن تمنحه ما يحتاجه من حب ..
أما أمل .. فقد منحته جزءا من اسمها .. واعطته جرعة من نبل أخلاقها .. وشعر بأنه قد نالته بركة من دعائها ..
نام عادل وهو يشعر في قرارة نفسه بأن الله يريد له الخلاص مما هو فيه .. واستيقظ على صوت باب غرفته تقرع .. ثم يدخل الخدم والممرضين ليباشرون عملية تحميمه .. ولكن أين أمل ؟!!
انتهى من الإستحمام .. ثم من الفطور .. وأخرج للحديقة .. ثم أحضرت له بهجة.. كل ذلك يحدث بدون وجود أمل .. ؟!
كان عادل يلتفت يمنة ويسرة .. أين اختفت أمل ؟؟ .. كان الجميع يقدمون له الخدمات المعتادة .. وهو ينوي في كل مرة أن يسأل عنها .. ولكنه يتراجع فجأة .. ساعة بعد ساعة تمضي .. ولا وجود لأمل .. أين هى ؟! يا الله هل تلاشى الحلم الجميل .. أم أن ما مضى كان عبارة عن سراب ؟! هذا ما كان يتحدث به عادل مع نفسه .. ولم يكن يعلم بأن عمه قد استدعى أمل في الصباح الباكر .. وشكر لها انجازها في إخراج عادل من عزلته .. وكافئها عن ذلك بأن أمر السائق أن يأخذها لزيارة أهلها وتقضي معهم يوما كاملا .. لم تشأ أمل أن تزعج عادل عند خروجها فقد رأته مستغرقا في النوم .. فجهزت له ملابسه وحاجياته قبل خروجها ..
بل لم يكن عادل يعلم بأنها تتصل كل ساعة تقريبا لتطمئن عليه وتخبرهم ماذا يصنعون لأجله ..
في العصر حين كانت متصلة عند كبيرة العاملات تطمئن عليه .. قالت لها كبيرة العاملات: إنه يفتقدك كثيرا ..وطيلة الوقت يبحث عنك ..
سعدت أمل بهذه الكلمات وأيقنت بأن الله لم يضيع مجهودها معه وفي نفس الوقت ندمت إذ إنها لم تخبره بأمر ذهابها لمنزل أهلها .. وطلبت من كبيرة العاملات أن تأخذ الهاتف إليه لتحدثه .. نفذت كبيرة العاملات ما طلب منها .. قرعت عليه باب الغرفة .. ثم دخلت إليها ومدت يدها بالهاتف إليه قائلة
كبيرة العاملات: السيدة أمل على الهاتف تود محادثتك ..
أشرق وجه عادل فجأة وكأنه وجد ضالة يبحث عنها منذ زمن فتناول الهاتف .. ووضعه على أذنه فسمع صوتها تلقي عليه تحية الإسلام ثم أردفت قائلة
أمل: اعذرني .. اضطررت للخروج باكرا دون إخبارك .. اتمنى من الله أن تكون أنت وبهجة على ماك يرام .. سأعود بإذن الله بعد صلاة المغرب .
كلمات أمل هذه كانت بمثابة جرعة ماء باردة على ظمأ .. ظل بعدها عادل ينتظر غروب الشمس على أحر من الجمر ..
لقد نجحت أمل .. هذا الحديث السائد هذا اليوم في منزل السيد خليل .. فالجميع يلحظ التغيرات التي حدثت لعادل .. واخرها رفضه العودة لداخل المنزل واصراره على البقاء في الحديقة .. فعلموا بأنه ينتظرها ..
غابت الشمس .. وحل الظلام في حديقة المنزل .. وعين عادل تراقب بوابة الحديقة من بعيدة ..
وأخيرا أشرقت شمسه وبددت ظلام انتظاره .. فقد عادت أمل .. رأته جالسا على كرسيه فاقتربت منه ولم تصدق ولم يصدق من كان معه من الخدم بأنه ابتسم .. هذه الإبتسامة التي غابت منذ وفاة بسمة عادت اليوم مجددا بفضل الله ثم بفضل أمل
جثت أمل على ركبتها أمامه .. ونظرت إليه قائلة
أمل: افتقدك اليوم كثيرا ..
عادل: وأنا كذلك ..
عادل تحدث أخيرا !!! تلعثمت أمل .. كلمات عادل القليلة كانت مفاجئة بالنسبة لها .. لم يتمالك الخدم الذين كانوا بجوارهم أنفسهم .. لدرجة أن بعضهم أخذ يكبر
أدمعت عين أمل .. سعيدة .. أما عن عادل فالتفت إلى الخدم الذين كانوا سعيدون به .. ثم التفت إلى أمل ومد إليها يده .. تفاجئت من ذلك .. فمدت هى الأخرى يدها بإرتباك .. وما إن أمسك عادل بيدها حتى انتصب واقفا .. بمساعدتها .. وأصر أن يدخل المنزل ماشيا على قدميه مستندا على زوجته ..

♻يتبع .....

الصممت هيبةة
15-06-2016, 05:30 PM
الحلقة السابعة عشر ١٧

��" أني مغلوب " ��

كانت هذه الليلة من أصخب الليالي في منزل السيد خليل فالجميع مسرورا وسعيد بالتحسن الكبير الذي شهده عادل .. واتصلوا بخليل الذي ترك كل ما في يديه وجاء سريعا ليرى ابن أخيه .. فكم كانت سعادته لا توصف حين علم بأنه قد تكلم اليوم ومشى .. لحظات مليئة بالصخب والضوضاء .. بعدها اتجه الجميع إلى مضاجعهم ..
في غرفة عادل عم الصمت طويلا بينهما .. أمل شعرت الآن إنها لا تعرف تتعامل مع شخصية عادل الجديدة .. عادل العائد لسابق عهده .. أما هو.. فكان صامتا لأنه لايعرف ماذا يقول .. هذه المرأة شي مختلف تماما عن كل ما عهدهن من نساء .. فهل ستتحمل عبء الوقوف معه وانتشاله من الوحل الذي غرق فيه ..
تشجع عادل وبدد الصمت الذي طال بينهما حين قال
عادل: أنا بحاجة إليك أكثر مما مضى يا أمل ..
نظرت إليه مستوضحه ما يقوله فأردف هو قائلا
عادل: أريد أن اتغير .. أريد أن أكون نقيا مثلك .. أريد أن أصبح إنسان آخر ..
ابتسمت ابتسامة صادقة ثم قالت بثقة
أمل: أنت تقصد إنك تريد أن تتوب ؟!
هز عادل رأسه بنعم قائلا: لقد أجلت ذلك كثيرا .. حان الوقت كي أبدأ أولى خطواته فما ضاع قد ضاع .
أمل: إذا كنت تريد ذلك فأنا بعون الله سأساعدك
ارتسمت ابتسامة يشوبها شي من القلق على وجه عادل حين قال: اتمنى من الله أن لا تتخلي عني .. فقد اعتدت على فقدان من أحب ..
بدأت أمل مع عادل مشوارا جديد .. مشوار القرب من الله والعودة إليه .. كان لدى عادل بعض المعلومات الدينية القليلة التي أخذها من سالم أما غير ذلك فلا يوجد ..
إنه لا يعرف الصلاة فهو لم يصل قط في حياته .. ولا يدرك ما معنى شهر رمضان وقيمته .. ولم يتحرك لسانه يوما بالذكر .. بالمعنى الأصح إنه لا يعرف الله ..
لقد أدرك أخيرا قيمة تلك النصائح القيمة التي كان سالم يرددها عليه .. شعر بقيمة العبادات التي ركنها جانبا ظنا منه بأن فلوسه وممتلكاته ستجعله سعيدا ..
لقد أصبح قلبه خائفا وجلا من الله وعقابه .. فقد اقترف كل الفواحش والذنوب .. لقد زنى وشرب الخمر وعاكس الفتيات وضيع الصلوات و و و ..
كانت مهمة أمل صعبة .. لكن إصرار عادل على التوبة جعلتها ممكنة .. كان عادل يتغير بشكل ملحوظ ويستجيب لأمل مباشرة ..
وكانت أمل تستعين في تغيره بعد الله بصديقتها عبير .. التي لم تألو جهدا في مساعدتها ..
بدأ عادل يتذوق طعم السعادة التي حرم منها سنوات طوال .. السعادة التي فهم أخيرا بأنها لا تمنح إلا لمن ارتضى بالله ربا .. وإن كان فقيرا مثل أمل ..
كل ما كان يجمع أمل بعادل حتى اللحظة هو مساعدته على الثبات على طريق التوبة ..
بعد صلاة الفجر في هذا اليوم .. استلقى عادل على سريره ينظر إلى أمل وهى تقرأ القرآن بكل خشوع .. كان ينظر إليها بإعجاب شديد .. متفكرا كيف سيفصح لها عن ما يكنه لها من حب .. فكلمات الحب التي في جعبته كلها منتهية الصلاحية فقد استخدمت لفتيات عدة قبلها وكلهن لا يستحقن أبدا تلك الكلمات .. أما هذه .. فهى تحتاج إلى مفردات جديدة تقال لها وحدها ... ثقلت عين عادل وهو يتأمل في أمل .. ونام وهو يقول في نفسه إنه الآن أسعد خلق الله .. فقد مضى في طريق ربه طائعا .. ولديه زوجة لا تساويها إمرأة على وجه الأرض .. نام ونسى في نشوة سعادته بتوبته وبوجود أمل بجانبه أمرا هاما ... هذا الأمر عاد مجددا لحياة عادل .. وتحركت النار من تحت الرماد .. النار التي اعتقد عادل بأنه قد أخمدها .. فقد استيقظ فجأة .. فرأى سجادة أمل في موضعها .. ترك سريره .. وفتح باب غرفته بلطف .. فسمع عمه يتحدث مع أمل قائلا بصوت حاد
خليل: لقد طلبت منك مساعدة عادل حتى يعود لما كان عليه .. وأراك تجاوزتي المطلوب منك ..
كانت أمل تستمع إليه وهى منكسة رأسها .. وخليل يتحدث بنبرة جافة حادة
خليل: لم أطلب منك أن تحولي عادل إلى شيخ .. يصلي ويقرأ القرآن وغيره ... طلبي من البداية كان واضحا .. أن تعرفي مقامك ومقامه .. لكني أراك تنصبين نفسك ملكة عليه وتأمرينه أن يقلدك في أمور لا يعرفها ..
كان عادل ينظر إليهما من باب غرفة .. ينظر إلى أمل وهى تقف صاغرة ذليلة أمام جبروت عمه الذي أردف قائلا: أخبرتك حينها بأنك كالدواء .. إذا لم يحتاج إليه المريض .. ألقى به بعيدا .. وعادل اليوم لم يعد بحاجة إليك .. لذا يمكنك العودة لمنزل أهلك وستصلك ورقة طلاقك في أقرب وقت

♻يتبع .....

الصممت هيبةة
17-06-2016, 11:47 AM
الحلقة الثامنة عشر ١٨

��" أني مغلوب " ��

لم يتحمل عادل أن يرى أمل بذلك المنظر .. وتضايق كثيرا من تلك الكلمات القاسية التي كان عمه يوجهها لها .. لذا اندفع نحوهما قائلا
عادل: عمي لو سمحت ..
إلتفت كلا من خليل وأمل لعادل الذي أردف قائلا
عادل: لقد زوجتني هذه المرأة .. مكرها .. وجعلتني تحت الأمر الواقع .. وتقبلتها دون إرادتي .. لأنني كنت شبه ميت
نظر إلى أمل وكانت هناك دمعة حبيسة في عينه ثم إلتفت إلى عمه مجددا قائلا
عادل: هذه المرأة أعادت لي روحي .. وأعطتني أمل جديد للحياة .. لذا من الصعب علي أن اتخلى عنها .. فقرار الإنفصال عنها الآن هو قراري أنا
تغيرت ملامح خليل حين سمع هذه الكلمات من عادل وانفعل قائلا
خليل: هذه .. ( مشيرا إليها مستصغرا إياها ) لم تفعل ما فعلته معك عن محبة .. لقد كان ذلك بمقابل المال
عادل ( واثقا ): لقد اضطرت لهذا الزواج كما اضطررت أنا له .. ولكني واثق بأن ما فعلته معي لم يكن محركه المال ..
خليل ( ساخرا ): ماذا إذن الشفقة ؟!
عادل ( وقد جرت دمعته الحبيسة على خده ): جزاها الله خيرا حين أشفقت علي .. واشركتني في دعاؤها من باب الشفقة ودعت لي بالشفاء حين كانت تدعو لأمها
تفاجئت أمل بما سمعت .. فدعائها له كان في عتمة الليل البهيم .. وكانت ترسل تلك البرقيات العاجلة لرب البريات وهى متأكدة بأنه لا يسمعها غيره .. ولكنها اليوم تتفاجئ بأن عادل كان يستمع لتلك الدعوات .. خليل قطع عليها حبل أفكارها حين قال
خليل: عادل يا بني .. إذا كنت بحاجة إلى زوجة .. فأنا مستعد أن أزوجك بمائة فتاة من مستواك .. يغنينك عن هذه الحثالة
كانت هذه العبارة مؤلمة كثيرا لأمل وعادل .. هنا لم يتمالك عادل نفسه وقال بنبرة حادة
عادل: لماذا لم تزوجني إذن بالمائة فتاة من البداية .. لماذا اخترت .. هذه .. ( صمت قليلا ) الحثالة على حد تعبيرك ؟
لزم خليل الصمت ولم يجب على سؤال عادل الذي قال بنبرته الحادة
عادل: كنت تخشى على مالك أليس كذلك ؟
انفعل خليل وقال صارخا فيه
خليل: احترم نفسك يا عادل وتحدث معي بأدب
تراجع عادل عن حدته قائلا
عادل: معذرة يا عمي .. ولكنك استفززتني .. لقد كان لدي قبل تلك الحادثة ما يقارب المائة صديقة وصديق .. كلهم تخلوا عني .. لأني لم أعد قادرا على أن اغدق عليهم مالا .. أما هذه .. ( مشيرا إلى أمل ) فقد دخلت عالمي بهذه الهيئة وعلى هذه الحال .. لم تأخذ مني فلسا واحدا .. لم تترك ملابسها التي جائت بها من منزل والدها .. لم تستخدم تلك العطور الفاخرة ولا حتى الفراش الوثير .. كل ما أخذته منا تلك النقود التي عولجت بها أمها .. أما دون ذلك فلا
غضب خليل من كلمات عادل وقال وهو يهم بالخروج
خليل: هذه المرأة لعبت بمخك .. سوف اتحدث معك في وقت لاحق ..
وخرج من المنزل بعدما صفع بالباب .. كانت أمل مطأطأة رأسها حزينة .. تشعر بالذنب لما حدث بين عادل وعمه .. أحس بها عادل وقال لها
عادل: أمل مؤكد بأن كلام عمي كان مزعجا كثيرا .. ولكنه الواقع الذي لابد أن نعترف به أنا وهو .. الواقع الذي يقول بأني مديون لك بحياتي
لم تعلق أمل على كلامه ، بل ظلت مطأطأة رأسها .. أمسك عادل بذقنها ورفع رأسها بأصابعه ونظر إليها بنظرة طمئنتها ثم قال لها
عادل: أمل .. تزوجنا رغما عنا .. وما يزال في الوقت سعة لتصحيح المسار .. لذا أود أن أسألك سؤالا يفترض أن أسألك عليه مسبقا
اكتفت هى بنظرات الإستفسار .. فواصل عادل كلامه عادل: هل تقبليني زوجا لك ؟!
أدمعت عين أمل وقالت: نعم أقبل ..
ابتسم عادل ابتسامة عريضة وشعر بأنه قد ملك الدنيا بحذافيرها .. وقال لها
عادل: إذن أعينيني بقوة ..

وكانت الإعانة التي أراد .. واستمرت أمل في عملية صناعة إنسان جديد .. إنسان متعلقا بربه محبا له .. وكان عادل سريع الإستجابة لها كيف لا وقد بدأ بالفعل يتذوق طعم السعادة التي حرم منها سنين .. ألا إن سعادته لم تدم طويلا فقد عمل عمه خليل على التنغيص عليه .. فقد أصبح شديد الكره لأمل ينظر إليها بأنها سرقت قلب عادل من ابنته الميتة .. بل كان السبب الحقيقي خلف ذلك الكره هو التدين الذي تعيشه أمل .. الذي يذكره دائما بإجرامه بحق ربه.. فيعمل جاهدا لإسكات شعور التأنيب والتذكير بالتنغيص عليهما ..
كان عادل يحاول جاهدا أن يشتري ود عمه .. يتعلم من أمل فن التعامل معه .. فقد أوصته أن يقبل يده ورأسه يوميا .. وأن لا يرفع صوته فوق صوته حتى وإن أساء إليها وشجعته هذا اليوم أن يعود للعمل في الشركة ..
كانت سعادة خليل لا توصف حين عاد عادل للعمل .. لذا رافقه هو ومدير أعماله أسامة حين قام بجولة على أقسام الشركة .. ألا أن تصرفات عادل الغريبة كانت تزعجه .. فهو لا يمازح النساء كما كان معتادا .. بل يكتفي بالوقوف أمام الباب لثواني إذا كان المكتب به فتيات .. إضافة إلى استمراره في تكرار تحية الإسلام في كل مكتب وفي كل قسم .. وكانت الضربة القاضية عليه .. حين لمح عادل العم صالح وهو يفرغ سلال القمامة في كيس القمامة الكبير .. ابتسم عادل له وناداه بصوت عالي لفت انتباه كل من كان متواجد عنه حين قال
عادل: عمي صالح
ثم اسرع بالخطى إليه وخليل ومن معه يشاهدون الموقف .. وما إن وصل إليه حتى قبله على رأسه قائلا له
عادل: لا أعرف كيف اشكرك .. فقد اعطيتني كنزا عظيم
جن جنون خليل بعد هذا الموقف .. وأقسم أن يؤدب أمل التي سحرت ابن أخيه ..

♻يتبع ...

الصممت هيبةة
17-06-2016, 11:49 AM
الحلقة التاسعة عشر ١٩

��" أني مغلوب " ��

عاد خليل إلى المنزل وقد تطاير الشر من عينيه .. وفور وصوله نادى على أمل بأعلى صوته .. والتي هرعت إليه مسرعة خائفة .. فتلقاها بالشتم والسباب ..والكلام جارح .. دخل عادل المنزل في هذه الأثناء وسمع كلمات عمه لأمل فاقترب منه محاولا تهدئته .. إلا أن خليل كان في قمة الغضب ويرفض أن يستمع منه لأي كلمة .. وحين أكثر عليه عادل محاولاته صرخ فيه خليل قائلا
خليل: كل ما يحدث بسبب هذه الوقحة ابنة السافل
هنا لم تتمالك أمل نفسها وشعرت بأنها جرحت في أغلى شيء في حياتها فقالت لخليل بحدة
أمل: من فضلك .. أن تتجاوز الحد معي وتتهم أخلاقي سأغض الطرف عن ذلك .. ولكن أن تتحدث عن والدي بسوء فأنا لن اسكت عن ذلك
ابتسم خليل ابتسامة غيظ وغضب وقال
خليل: جميل جميل .. لم يبق غير هذه الحثالة تهددني
أمل ( بقوة وثقة ): لا تظن أبدا بأنك اشتريتنا بمالك .. لذا نسمح لك أن تهيننا وقتما تشاء .. فالحثالة كما تقول يستطيعون الدفاع عن أنفسهم
استشاظ خليل غضبا وقال وهو يرفع يده ليصفع أمل
خليل: أنت قليلة الأدب
إلا أن عادل أمسك يده وقال منفعلا
عادل: لقد تجاوزت كل الحدود يا عمي
انصدم خليل بردة فعل عادل ونظر إليه بإستغراب قائلا
خليل: هل علمتك أن ترفع صوتك علي ؟
تنهد عادل واستغفر ربه ثم قال
عادل: العفو يا عمي .. ولكنك تتصرف مع أمل تصرفات لا تليق
نظر خليل لعادل نظرة حادة قائلا
خليل: تصرفات لا تليق .. هذه الحثالة سلبت عقلك ..
لزم الصمت قليلا ثم أردف قائلا لعادل
خليل: عادل .. اختر الآن أما أنا أو هذه الحثالة
تفاجأ كلا من عادل وأمل بهذا التخيير ..
عادل: ما هذا الكلام يا عمي ؟
خليل: كلامي واضح .. فأما أن نعيش كما كنا سابقا أبا وابنه ..حياة هادئة مطمئنة .. وأما أن تكون أنت في طريق وأنا في طريق
عادل ( ممسكا بيد عمه ): عمي أنت تعرف بأني لا استطيع الإستغناء عنك
نظر إليه خليل بدهاء قائلا: استغني عنها إذن
ولكن عادل فاجئه حين رد سريعا عليه
عادل: وهل يستغني أحدا عنه روحه يا عم ؟!
فتغيرت نظرة خليل وتحولت لنظرة غاضبة ولكن عادل واصل كلامه قائلا
عادل: لقد زوجتني اياها يا عمي كي تعيدني لسابق عهدي .. ولكنها اعادتني لرشدي .. وابصرتني بعيبي وذنبي
خليل ( بغضب ): أنا لا افهم هذا الهراء الذي تتفوه به .. أريد إجابة مختصرة .. أنا أم هى ؟!

سكت عادل ولم يعرف ماذا يقول .. ثم أطرق برأسه أرضا قائلا
عادل: لا يمكنني الإستغناء عن أمل ..
عم الصمت المكان طويلا .. ثم قال خليل بحنقة
خليل: فهمت .. أنت تختارها إذن ..
هم عادل أن يتحدث إلا أن العم استوقفه قائلا
خليل: لا أريد أن اسمع منك شيئا .. ولا أريد أن أرى صورتك في هذا المنزل .. اخرج أنت وحثالتك من هنا
حاول عادل أن يبرر موقفه إلا أن خليل .. انصرف عنه وهو غاضب ..
حزن عادل لذلك أشد الحزن .. وأحست أمل بالذنب لذلك .. ولكنه واساها وأخبرها بأن ما حدث بينه وبين عمه هو عبارة عن سحابة صيف عن قليل تنقشع ..
خرج عادل وأمل إلى إحدى الشقق الخاصة بهم .. واعتبر تنقلهم إلى هنا هو فترة نقاهة كي تهدأ النفسيات قليلا .. وكما اعتبر وجودهم في هذه الشقة فرصة للتقرب من الله دون تنغيص من عمه
كانت بالفعل كل سبل القرب من الله متاحة يسانده في ذلك زوجة صالحة تتقي الله فيه .. ولكنه ما أن استقرت نفسيته للطاعة حتى نغص عليه عمه بالتضييق عليه في التصرف في أمواله وممتلكاته وبدأ يعامله كعدو .. وليس كشريك معه في المال والأعمال ..
كان عادل يتسائل دائما لماذا هذا الضيق النفسي يلازمه رغم تقربه الشديد من الله .. فاهتدى مع زوجته وإنه لربما سبب ذلك بأن ماله مالا حرام تم تنميته واستثماره بطرق غير مشروعة .. فقرر أخيرا وبعد سلسلة من المضايقات من قِبل عمه أن ينفصل بثروته عنه .. ليطهر ماله ويستخدمه في طاعة الله .. وهنا ظهر الوجه القبيح لخليل .. الذي أثبت بأن المال أهم من ابن أخيه الذي رباه .. فقد حاول أن يحرمه من ماله .. واستنكر لمطالبه .. مما اضطر بعادل أن يلجأ للقضاء للحصول على حقوقه مكرها
كان حزينا جدا لما آل إليه الحال بينه وبين عمه .. وكان دائما ما يردد: أيعقل أن ذنوبنا تفعل ذلك بنا
فترد عليه أمل: إنها ضريبة التوبة يا عادل ..
عدة جلسات قضائية خاضها عادل .. انتهت بتوفيق من الله فكسب قضيته وأمر القاضي أن تقسم الأموال والعقارات بينهم كلا حسب أحقيته .. صحيح أن عادل لم يكن أبدا يتمنى أن تصل الأمور بينهم إلى هذا الحد .. إلا إنه كان سعيدا حين بدأ يتصرف في ممتلكاته كما يريد الله .. وبدأ عملية تطهير الأموال عن طريق الصدقات والتبرعات .. كان يوصل أمل لبعض بيوت المحتاجين الذين تعرفت عليهم عن طريق صديقتها عبير .. وقام أيضا بالتبرع لبناء المساجد ويضع في أي صندوق مخصص للتبرعات كل ما يتيسر في جيبه ولو كان مبلغا ضخما .. بدأت نفسيته تستقر مجددا .. وبدأت السعادة ترفرف عليه وعلى عائلته الصغيرة .. ولكن سرعان ما تبدد ذلك وانقشعت غيمة السعادة عن أسرته .. وحدث ما لم يكن في حسبانه .. إذ يتفاجئ ببلاغات وديون متراكمة وشيكات بدون رصيد تتطارده في كل العقارات والشركات التي أصبحت من نصيبه .. فانقلبت حياته رأسا على عقب .. يبيع هذا العقار من أجل أن ينقذ ذلك العقار .. ويدفع هذا المال من أجل ذلك الدين ..
كانت أمل تدعو الله كثيرا أن يخلص زوجها من هذا الإبتلاء العظيم مخافة أن لا يشعر بالراحة بعد الإلتزام فينتكس .. أما هو .. فقد أحب هذا الدعاء وظل يردده في كل وقت وكل حين " اللهم إن لم يكن بك غضبك عليّ فلا أبالي " .. كانت الظروف الصعبة التي يمر بها تزيده صلابة وإقبال على الله ..
سنة كاملة قضاها عادل في حالة لا يعلم بها إلا الله ليس له فيها بعد الله إلا زوجته التي تحملت معه كل ظروفه الصعبة .. مرت السنة الصعبة معلنة عن إفلاس عادل ..
لقد ذهبت كل الممتلكات والعقارات والأموال .. تبقى له الشقة التي يسكنها والسيارة التي يمتلكها .. وبقايا ديون وافق أصحابها انتظاره حتى يتيسر أمره ..
دخل عادل على أمل وعلى وجهه ابتسامة رضى قائلا
عادل: أموال جلبت من حرام .. يأبى الله أن ترافقنا ..
بهذه النفسية استقبل عادل الإفلاس .. ولكن هل يمكن أن تبقى نفسيته كذلك .. وإبتلاء عظيم يطل برأسه عليه ..

♻يتبع ..

الصممت هيبةة
18-06-2016, 01:46 PM
الحلقة العشرون ٢٠

��" أني مغلوب " ��

أصبح هم عادل الآن هو البحث عن وظيفة يستطيع من خلالها الخروج من الأزمة المالية التي يمر بها .. إضافة من أجل توفير الحياة الكريمة له ولزوجته وابنته المريضة بهجة .. وكان الإخفاق يلازمه حيثما ولى .. وكانت أمل له نعم السندوالمعين تذكره بالله وترفع من معنوياته كلما رأت سحابة يأس تخيم على رأسه. .
علاقة عادل بربه بدأت تتحسن وتتقوى يوما بعد يوم .. ألا أن هناك أمرا كاد أن يفسد عليه الروحانية التي يعيشها .. فالإبتلاء الماضي على شدته لم يهز في إيمانه شعره .. ولكن هذه المرة .. يُبتلى عادل بعودة صديقاته إلى حياته من جديد ..
رسائل واتصالات منهن .. البعض يطمئن عليه والبعض الآخر يعاتبه .. وبعضهن يرسلن عبارات الشوق والحنين له ..وكان عادل يتعامل مع رسائلهن بالقراءة وحسب فلا يرد على أي واحدة منهن .. وأما الإتصالات فيكتفي بأن يحيل هاتفه للوضع الصامت
في هذا اليوم كان عادل متحمسا جدا فهو متجه لإجراء مقابلة .. وقد دعى الله وتوسل إليه بأن يوفقه .. دخل عادل ليستحم وكانت أمل تعد له الإفطار .. حين رن هاتفه رنيناً متواصلاً .. ما أن ينقطع حتى يعاود الإتصال .. اقتربت أمل من الهاتف فلعل المتصل يريد عادل على عجل أو لعله أحد أصحاب الشركات التي تقدم إليها عادل من أجل الوظيفة ..
قرأت أمل اسم المتصل فكان " هام جدا " فظنت بالفعل بأنه صاحب إحدى الشركات .. فقررت أن ترد عليه لتخبره بأن ينتظر قليلا.. وكان ذلك من تقدير الله لها فحين رفعت السماعة وقبل حتى أن تتحدث سمعت صوتا أنثويا جذابا تقول صاحبته بتغنج " أين أنت يا عادل .. ؟! لما لا ترد علي ؟! ألهذه الدرجة أصبحت تكرهني ولا تريد سماع صوتي ؟ .. أعلم بأنك غاضب مني لأني ابتعدت عنك في تلك الفترة العصيبة التي مررت بها .. ولكني أقسم لك كنت مسافرة تلك الفترة وحين عدت حاولت اتواصل معك ولكن هاتفك مغلق .... عادل لما لا ترد علي .. " كانت أمل تستمع فقط .. وحين سمعت إلحاح المتصلة بأن يرد عليها عادل أغلقت السماعة في وجهها .. تضايقت كثيرا من هذا الإتصال .. وظلت تنظر للهاتف بإشمئزاز ..ثم ما لبثت أن بدأت تتجول في رسائل عادل .. وترا الكم الهائل من الرسائل التي كانت تصل إليه هذه الفترة .. ما بين حب وشوق وعتب ولوم .. وفضفضة ..
شعرت بأنها بحاجة أن تنفس غيظها وغضبها بالصراخ في وجهه فكيف يسمح لنفسه وقد تاب أن يستقبل رسائل هؤلاء النسوة .. كانت مصممة أن تلقي عليه وبالا من الشتائم عند خروجه من الحمام .. فمهما يكن هى زوجته ومن حقها أن تغار عليه
ظلت تستغفر الله كثيرا وتعوذت بالله من الشيطان الرجيم .. وتذكرت بأن كل هذه الرسائل هى بالنسبة لعادل ماضي ولابد أن يختفي .. فهى بفضل الله وبعونه حاضره ومستقبله ..
ومن ثم هى قرأت رسائل بدون ردود .. لم تمسك عليه ردا واحدا على أي واحدة منهن .. فالرجل صادق في التوبة .. وتذكرت كلام كبيرة العاملات منذ فترة حين قالت بأن عادل حين تزوج بسمة كان بالفعل ينوي التخلص من العلاقات .. ولكن حينما صدته بسمة ولم تحتويه ولم يجد الوازع الديني انخرط في طريق الغواية .. إذن عليها أن تواصل مشوارها في صناعة عادل جديد .. تحتويه بحبها وتكون له سندا للوصول لربه .. تركت الهاتف حين أحست بخروجه من الحمام .. وأسرعت إليه تعطره وتبخره وهى تدعو الله له بالتوفيق. . قبلها عادل من رأسها قائلا
عادل: أسأل الله أن لا يحرمني منك يا أعظم زوجة
بعدها اتجه عادل إلى هاتفه فقد سمع رنينه قبل قليل .. أما هى فحين رأته متجها لهاتفه علمت بأنه سيكتشف بأنها قد ردت على الإتصال ولربما يتيقن بأنها قد قرأت الرسائل فتظاهرت بالإنشغال بالإفطار
عادل .. حينما لم يرى مكالمة لم يتم الرد عليها اتجه لسجل المكالمات وبالفعل اتضح لديه بأن أمل ردت على صديقته القديمة .. ومباشرة استحضر موقف بسمة أمامه حينما رأته مع سوسن في ذلك اليوم العصيب
يا ترى ماذا قالت لها ؟! وهل حكت لها عن ما تم بيني وبينها ..؟! وأمل هل صدقتها ؟!
هذه الأسئلة دارت في ذهن عادل وهو يلتفت إلى أمل التي كانت توهمه بلا مبالاة ..
عادل ( متشجعا ): لن ادعهن يفسدن علي حياتي مرتين ..
ثم اتجه لأمل .. قائلا بتردد
عادل: أ.. أمل ..
التفت إليه بإبتسامة قائلة: نعم يا أعظم زوج في الدنيا
أطرق برأسه قائلا: أنا لست كذلك .. ماذا قالت لكِ ؟
لم تختفِ إبتسامتها حين قالت: من هى ؟!
تلعثم عادل قليلا ثم قال: التي رددت عليها
وضعت أمل يدها على كتف عادل قائلة له بثبات
أمل: كانت تسأل عن عادل .. عادل القديم .. الذي مات منذ مدة ...لذا لم أطل الحديث معها .. لأن عادل الواقف أمامي الآن شخصا آخر مختلفا تماما عن عادل القديم ..
اغرورقت عين عادل بالدموع .. وازداد يقينه بأن هذه المرأة كنز لا يعوض .. يالله كيف اشكرك على هذه النعمة .. لو أن بسمة سمحت لي ذلك اليوم أن اتكلم معها ..لما حدث ما حدث .. كان يتحدث مع نفسه فتمتم بالإستغفار .. قائلا: يا سبحان الله .. لقد حدث ما حدث ذلك اليوم كي أتوب .. والتقي بأمل.

ثم نظر إلى هاتفه .. ثم رفع رأسه قائلا لها
عادل: أين هاتفك يا أمل ؟!
استغربت من سؤاله ولكنها احضرت له هاتفها واعطته إياه .. قام عادل بنقل رقما واحدا من بين مئات الأرقام التي ملئت هاتفه قائلا
عادل: رقم سالم فقط الذي لا يمكن لعادل الجديد أن يستغني عنه ..
ثم اتجه إلى الحمام مجددا وألقى بهاتفه وبداخله شريحته في المرحاض وقال مبتسما
عادل: هذا المكان المناسب لك .. فلم تصحبني إلا إلى الحضيض

♻يتبع ....

الصممت هيبةة
18-06-2016, 01:48 PM
الحلقة الحادية والعشرون ٢١

��" أني مغلوب " ��

بعد ذلك الموقف الثابت الذي وقفه عادل أمام ماضيه .. تقدم خطوات كبيرة في علاقته بربه .. فقد عوضه الله عن هاتفه الذي قاده للمعاصي بالقرآن
فقد أصبح رفيقه يتلوه ويحفظه .. كما حُبب إليه إرتياد المساجد .. لا يمل أبدا من المكوث فيها .. لقد بدأ يشعر حقا بالمقولة العظيمة القائلة " من وجد الله فماذا فقد ؟! " لقد أصبح أكثر يقينا بأنه لم يفقد شيء أبدا .. بل هو في نعمة عظيمة حينما وجد الله عز وجل
إنه الآن في نعمة لو علم بها الملوك وابنائهم لجالدوه عليها بالسيوف .. ومستحيل أن يأتي ما يعكر عليه صفو علاقته بربه .. هكذا خُيل إليه .. فوسط إنشغاله بالتقرب من الله .. وبحثه عن الوظيفة المناسبة حدث ما لم يكن في الحسبان .. مرضت بهجة مرضا شديدا .. وظلت حالتها تسوء يوما بعد يوم .. وأصبحت طريحة الفراش في المستشفى .. كانت أمل معها في كل وقت وكل حين منفطرا قلبها عليها وهى تراها تذبل أمامهم ولا يستطيعون فعل شيء
أما عن عادل فقد أصبح المسجد بيته يتضرع إلى الله في كل وقت وكل حين بأن يرفع البلاء عن ابنته
أشرقت شمس ذلك معلنة .. رحيل بهجة .. كانت صدمة كبيرة جدا على عادل بكى في المستشفى على صغيرته بكاءا لم يبكيه من قبل .. حتى أشفق عليه كل من راه حينها .. وبعدما تم دفن الطفلة .. عاد عادل للشقة منهارا نفسيا .. وظل يبكي وينتحب أمام أمل قائلا
عادل: أشعر بأن الله لا يحبني .. فكلما اقتربت منه أكثر .. ابتلاني بمصيبة أكبر .. إنه لا يقبلني ولا يقبل توبتي
قال ذلك وانهار باكيا .. أثرت كلماته كثيرا على أمل التي قالت له بإيمان ويقين
أمل: استغفر ربك يا عادل .. إن ما تقوله الآن هو التسخط بعينه
نظر إليها بعينه الباكية قائلا: تسخط ؟! !
هزت رأسها بنعم قائلة: نعم .. فحين نتذمر من قضاء الله ولسان حالنا يقول لماذا يحدث لنا ذلك .. فهذا تسخط على قضاء الله الحكيم المدبر
أخذ عادل يتمتم بكلمات الإستغفار وهو يبكي بشدة .. ولم يكن عادل يمتص هذه الصدمة حتى صُدم مجددا بعمه .. يتوعده بالإنتقام منه لأنه تسبب بوفاة بهجة .. وقد نفذ كلامه بالفعل فألب أصحاب الشركات المديون لهن عادل بالمال ضده .. فثاروا عليه يريدون أموالهم في أقرب فرصة بل إن بعضهم أوصل الأمر للقضاء .. دارت الدنيا على عادل .. فاضطر أن يتخلص من سيارته كي يدفع ولو الشيء القليل من ديونه ..
أصبح لا ينام هذه الفترة .. فهو متعب نفسيا .. كان يمسك بمصحفه طوال الوقت .. فسمعته أمل وهو يقرأ باكيا " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " فبكى وبكى طويلا جدا ثم قال: لم أقدم شي في حياتي .. به ارفع عن نفسي وعن عائلتي هذا الكم العظيم من الإبتلاءات المتتالية
تنهد بحرقة ثم قال منتحبا: يا الله ارحمني .. ما هذا الذنب العظيم الذي ارتكبته فتعاقبني بسببه هذا العقاب الأليم .
كانت أمل تسمعه وتبكي .. لم تشأ أن تقطع عليه فضفضته مع ربه ..

.. اثقل الدائنون على عادل .. حتى اضطر أن ينسى اليحث عن وظيفة .. بل أصبح يبحث عن عمل أي عمل ..

♻يتبع ...

الصممت هيبةة
18-06-2016, 01:50 PM
الحلقة الثانية والعشرون 2⃣2⃣

��" أني مغلوب " ��

جائت عبير لتقدم واجب العزاء لصديقتها أمل وتواسيها لفقدان صغيرتهم بهجة .. وكان مجيئها كالسلوان بالنسبة لأمل التي راحت تفضفض لها عن ما يمر به عادل من إبتلاءات عديدة تدك من شدتها الجبال الرواسي ..
تعجبت عبير من عظم الإبتلاءات والمصائب التي يمر بها عادل وأكبرت ثباته وصموده رغم إنه حديث عهد بتوبة ..فعلقت على ذلك بقولها
عبير: أمل .. ماذا لو أن سبب هذه الإبتلاءات ذنب خفي لم يتمكن عادل حتى الآن من التوبة منه
أمل ( مستبعدة ذلك ): لا أظن ذلك .. فعادل ولا أزكيه على الله .. صادق في العودة والإنابة إلى الله .. وكل ما يشتبه به بأنه يبعده عن ربه يتخلص منه سريعا ..
سكتت قليلا وظلت تمسح على جبهتها مسحا خفيفا وهى تتألم لحال عادل ثم أردفت قائلة
أمل: أشعر بأن خلف هذه الإبتلاءات أمرا جلل ولكن ما هو يا رب ؟
عبير: ادعي الله له يا أمل أن يرفع عنه البلاء .. واطلبي منه أن يكثر من الإستغفار .. فما وقع بلاء إلا بذنب ولا يُرفع إلا بتوبة
هزت أمل رأسها مستحسنة ما سمعت.. وتشجعت أن تبدأ مع زوجها حملة استغفار بنية رفع البلاء
في الوقت الذي كانت فيه أمل تجلس مع عبير تتحدث عن حال عادل كان هو يجلس مع إمام أحد المساجد يطلب منه أن يعمل عاملا للتنظيف في المسجد .. نظر الإمام إلى هيئة عادل .. فمنظره يدل على إنه من طبقة راقية .. ابتسم له قائلا
الإمام: يا بني .. إذا كانت الحياة قد ضاقت عليك فبإمكاني مساعدتك وسأجمع لك تبرعات من أهل الحي وممن يرتادون المسجد
أطرق عادل برأسه أرضا .. وقال: لا يا شيخ .. هناك من هو أحوج مني للتبرعات أنا قادر على العمل .. وأريد أن اتذوق طعم المال الحلال الذي يأتي من كسب يدي ..
فهم الإمام بأن خلف هذا الرجل قصة طويلة .. فقبل طلبه حتى يعفه عن سؤال الناس وعن المال الحرام قائلا له: يا بني ثق بأن العمل الذي تقوم به عملا عظيم وإن استحقرته الناس .. ويكفي بأن النبي افتقد المرأة التي كانت تنظف المسجد عندما ماتت وأصر على معرفة قبرها والصلاة عليها .
باشر عادل العمل في المسجد وكان رغم معرفته بعظمة العمل الذي يقوم به.. إلا إنه كان شديد جدا على نفسه .. ليس لصعوبته ومشقته .. وإنما .. لإنكسار نفسه وخجلها حينما يدخل أحدهم دورات المياه ويراه ينظف هناك .. كان يشعر بالإحراج الشديد والخجل .. ولكنه قال لنفسه
عادل ( محدثا نفسه ): لقد تجرأتي على مولاك بالمعاصي سنوات وسنوات .. فلابد أن تُكسري الآن وتُذلي
كان يعمل في المسجد مقابل مبلغ زهيد يستلمه نهاية كل يوم .. ويعود لشقته وهو في قمة السعادة لذلك .. وبعد عدة أيام من العمل المتواصل .. اعطى عادل أمل مبلغ بسيط مما يحصل عليه وطلب منها أن تعطيه أي محتاج .. يريد بذلك أن يبارك الله له في رزقه ..
وبعد بضعة أيام من العمل الدؤوب .. كان عادل قبيل الإقامة لصلاة العصر يتوضأ على عجل مخافة أن تفوته تكبيرة الإحرام .. فأسرع إلى المصلى .. وماء الوضوء يقطر منه ووقف بجوار أحد الرجال الذين وقفوا كي يُتموا الصف .. وما إن وقف عادل بجانبه حتى زجره الرجل ودفعه للخلف قائلا له
الرجل: هذا ما ينقصني يقف بجواري منظف الحمامات ..
تسمر عادل لهذه الكلمات .. وشعر أن الدنيا تدور به لقد أثرت كلمات الرجل فيه كثيرا .. وتركت بداخله شرخا من الصعب أن يبرئ ..
انتظر عادل حتى تكتمل الصفوف ثم وقف في آخر الصف مخافة أن يتلقى إهانة أخرى..وما إن انطلق الإمام بتكبيرة الإحرام قائلا
" الله أكبر " حتى أدمعت عينا عادل .. وظل يتجرع الغصات طوال وقت الصلاة ظل يستشعر اسم الله الكبير .. وكيف إنه كبير بجبروته وقدرته .. اتذكر يا عادل كيف كنت تبارزه بالمعاصي .. اتذكر كيف كنت مستغني عنه بمالك وجاهك ..اتذكر استهزاؤك لمواعظ سالم .. كم أنت اليوم صغير وحقير يا عادل.. وما أن فرغ من الصلاة حتى خلى بنفسه جانبا يدافع عبراته .. رجلا كان بالمقربة منه كانت يستمع إلى أزيزه وبكائه في صلاته.. وحين فرغ هو الآخر من صلاته إلتفت إلى عادل فأشفق لحاله .. فأخرج من جيبه بعض المال واتجه نحوه ووضع المال في حجر عادل وخرج من المسجد ..
أمسك عادل بالمال وظل ينظر إليه متحسرا على الحالة التي وصل لها .. لقد أصبح الآن مثيرا للشفقة بكى عادل .. بكى على حاله طويلا
عادل ( مناجيا ربه ): اللهم إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ..

♻يتبع ....

الصممت هيبةة
18-06-2016, 01:52 PM
الحلقة الثالثة والعشرون٢٣

��" أني مغلوب " ��

وضع عادل المال الذي تصدق به الرجل عليه في صندوق التبرعات الخاص بالمسجد .. ومن ثم خرج عازما على أن لا يعود إلى هنا مجددا وسيبحث له عن عملا جديد ..

كان في مشوار بحثه عن العمل الجديد يتسائل مع نفسه .. يا ترى كيف صبر الفقير على ضنك العيش .. وكيف تحمل أعباء الحياة .. بل كيف استطاع أن يصمد أمام أذى المتكبرين الذين يحسبون بأنهم بأموالهم قد ملكوا الدنيا بما فيها ..
إنه يتمنى الآن أن يصرخ في وجه كل غني يذكره ويعظه بأن كل شيء زائل فلا يغترن أحدا بماله ..
إن ضغط الدائنين عليه ومطالبتهم المستمرة له بإعادة أموالهم جعله يخطو خطوة حساسة جدا .. لقد جلس هذه الليلة مع أمل وقال لها مترددا
عادل: أمل .. الإسبوع القادم ستكون محاكمتي لعدم قدرتي على سداد المبلغ الذي يطالبني به بعض الدائنين .. ولم يعد لدي ما أبيعه .. سوى هذه الشقة ..
تفاجئت أمل بهذه الكلمات وظلت تفكر مع نفسها إذا بِيعت الشقة فأين سيسكنون ؟!
إلا أن عادل لم يتركها تفكر طويلا .. بل قال لها وهو ينظر إلى السقف محاولا الهرب من النظر إليها
عادل: لقد تحملتي معي الكثير وتعبت كثيرا وأنت تتلقين معي الإبتلاء تلو الإبتلاء .. مهمتك كانت أن تعيدي لي الروح .. وقد أديتِ مهمتك على أكمل وجه .. حان الوقت كي ترتاحي يا أمل
كانت أمل تستمع لكلماته تلك بإستغراب وما أن أتم حديثه حتى قالت له
أمل: ماذا تقصد بحديثك هذا يا عادل ؟!
عادل وقد اغرورقت عينه بالدمع: لم أعد قادر يا أمل أن أوفر لك حياة كريمة .. آخر شيء أملكه سأبيعه غدا .. لذا قررت أن اعيدك لمنزل أهلك وننفصل ..
قال ذلك وخبأ وجهه بين كفيه ثم بكى .. تأثرت أمل كثيرا لحاله وكلماته واقتربت منه .. وابعدت كفيه عن وجهه .. ثم رفعت له رأسه بلطف .. وقالت له بإبتسامة صادقة
أمل: أمل مستحيل أن تتخلى عن عادل .. مهما يكن فالإبتلاء الذي يمر به عادل تقاسمته معه أمل منذ البداية ..
ثم أمسكت له يده بحنان قائلة
أمل: لن أفلت يدي عن يدك حتى ندخل الجنة سويا
عادل ( حزينا ): ولكن عادل لم يعد يملك شيء
أمل: عادل حين كان يملك كل شيء خيره عمه بين كل شيء وبين أمل .. فاختار أمل التي لم تكن تملك حينها هى الأخرى أي شيء ... أتكون أمل الآن ناكرة المعروف والجميل .. إنها تختار عادل سوى إن كان معه شيء أو لم يكن
قَبَل عادل رأس أمل سعيدا بما سمع منها .. واتفق معها أن تكون في منزل أهلها في الوقت الراهن .. وسيبذل هو قصارى جهده كي يوفر لها وله بيت يأويهما ..
وبالفعل هذا ما حدث .. انتقلت أمل إلى منزل أهلها .. وكان عادل يزورها بين فترات متقاربة يطمئن عليها ويعطيها مما يحصل عليه من نقود
هذه الفترة كان عادل يعمل حمالا لدى أحد المحلات الكبيرة .. وكان ينقل الأغراض للزبائن من المحل إلى سيارتهم .. هذا العمل كان راتبه جيد مقارنة بما كان يزاوله من أعمال .. وكالعادة في هذا اليوم كان ينقل الأغراض لرجل اشترى بعض الحاجيات من العمل .. ركب الرجل سيارته بعدما فتح لعادل الصندوق الخلفي للسيارة .. وعندما هم أن يعود للمحل سمع صوت يناديه بإسمه من داخل السيارة .. وهذا الصوت مألوف لديه .. والتفت وهو يحاول أن يوهم نفسه بأنه مجرد تشابه أصوات .. ولكنه حين التفت اكتشف إنها حقيقة وواقع .. كانت التي تنادي عليه من السيارة هى صديقته القديمة سوسن .. وما أن رآها حتى عادت ذكريات الماضي الأليم مجددا وأحس بقبح ذنبه في حق ربه .. وبجرمه في حق بسمة ..
حين تيقنت سوسن بأنه عادل ابتسمت شامتة لحاله وأخرجت بعض المال من حقيبتها قائلة بسخرية واستهزاء
سوسن: يبدو إنك تمر بلحظات حرجة .. خذ هذا المال ..لعله يكفيك لشراء فطيرة تسد بها جوعك
نظر إليها عادل بنظرة بائسة .. وقال في نفسه
عادل ( محدثا نفسه ): يالله .. حتى سوسن اليوم تشمت لحالي ..
تجاهل عادل كلامها وانصرف عائدا للمحل .. هنا سألها الرجل الذي كان معها وهو زوجها الآن
الرجل: من هذا الرجل ؟!
سوسن ( مبتسمة ): عامل كان يشتغل مع أبي وطرده لقلة أدبه واحترامه

لم يعد عادل قادرا للبقاء في هذا المكان .. طالما سوسن عرفت مكانه وعلمت بحاله
ولكن إلى أين يذهب ؟!


♻يتبع ....

الصممت هيبةة
18-06-2016, 01:55 PM
الحلقة الرابعة والعشرون ٢٤

( قبل الأخيرة )

��" أني مغلوب " ��

وبعدما ترك عادل المحل والعمل فيه .. بدأ رحلة بحث جديدة عن عمل .. يرتاد المحلات والأسواق لعله يجد عملا ولو بأبخس الأثمان ..
وحين كان في السوق هذا اليوم يبحث عن العمل كعادته أمسك رجل بكتفه فجأة .. فإلتفت إليه بسرعة ليتعرف عليه .. مخافة أن يكون أحدا يذكره بماضيه التعيس .. ولكن سُري عنه حين رآه إمام المسجد الذي كان يعمل فيه يبتسم له قائلا
الإمام: لماذا تركت المسجد يا عادل .. أنت حتى لم تأخذ أجرة ذلك اليوم الذي خرجت فيه
تلعثم عادل ولم يعرف بماذا يجيب .. فوضع الإمام يده على كتفه قائلا
الإمام: هل أذاك أحدا يا بني ؟!
تنهد عادل بحرقة .. وهز رأسه بنعم .. ابتسم له الإمام قائلا
الإمام: إذن لا ينفع أن نتحدث هكذا في وسط السوق .. تعال معي استضيفك في إحدى المقاهي ولنتحدث معا ..
جلس عادل مع الإمام في المقهى وقص له ما حدث معه ذلك اليوم في المسجد والإحراج الشديد الذي تلقاه من الموقفين هناك
كان الإمام يصغي لعادل بإهتمام شديد .. وفور إنتهاء عادل من الحديث قال له
الإمام: بالنسبة للرجل الأول .. فمثل هذا .. نراه في كل مكان وفي جميع الأوساط .. الشخص الذي يرى نفسه بأنه فوق الكل ويحتقر كل من هم دونه .. ومؤكد يا بني بأنك واجهت مثله من قبل فحدسي يقول لي بأنك كنت مختلفا عما أراك عليه الآن ..
تذكر عادل ماضيه وكيف كان هو ذلك الشخص المغرور الذي يرى نفسه فوق الكل .. وقطع عليه الإمام حبل تفكيره حين قال له
الإمام: أما الرجل الثاني .. فهو لم يقصد الإساءة .. بل أراد مساعدتك دون تجريح أو احراج .. لذا ترك المال وانصرف
هنا قاطعه عادل بقوله
عادل: لم اتخيل يوما أن أكون مثيرا للشفقة ..
ابتسم له الإمام مجددا قائلا
الإمام: أنت مرتبط جدا بماضيك .. وكونك عزيز النفس فلا ضير في ذلك .. ولكن لا يجب أن تفر في كل مرة من قدرك
ركز عادل مع عبارة ( لا يجب أن تفر في كل مرة من قدرك ) .. ولاحظ الإمام إن العبارة أثرت فيه لذا قال
الإمام: إذا كنت تتوقع أن تجد مكان يعاملك فيه المحيطين بك كما تريد أنت فأنت واهم .. لابد أن تتعايش مع واقعك وترضى به حتى يرضيك الله
هز عادل رأسه مؤيدا ما سمعه .. فهو فر من قدره من المسجد مخافة الإحراج لينصدم بشماتة سوسن في المحل فلو صبر على الإبتلاء الخفيف لما ابتلي بما هو أصعب منه ..
ومجددا قطع عليه حبل أفكاره قائلا
الإمام: هل ما زلت تبحث عن عمل ؟
أجاب عادل على الفور: نعم أيها الشيخ
الإمام: سبحان الله قبل المجيء إلى السوق كنت قد ودعت العامل الأسيوي الذي يعمل في البقالة التي امتلكها .. فلقد توفى والده .. فاضطر للسفر ولا يعلم متى سيعود .. لذا البقالة تحتاج إلى عامل.. فإذا كنت تريد العمل فيها ..
قاطعه عادل سعيدا بما سمع قائلا
عادل: نعم أريد .. أنا في أمس الحاجة إلى العمل
بدأ عادل يزاول مهنة جديدة .. لكنه هذه المرة أكثر إصرار على المواصلة مهما كانت الظروف والتحديات .. لن يفر من قدره بعد اليوم ..
كان عادل يدعو الله كثيرا أن يصرف عنه أي بلاء في عمله الجديد .. وكان طيلة وقته في العمل خائفا يترقب فقد اعتاد .. ما أن يستقر في عمل حتى يأتي ما ينغص عليه استقراره .. لم يشعر بمضي الأيام .. فقد كان يستفيد فترة الصباح من مواعظ الإمام .. ويستأنس العصر بأحاديث كبار السن الذين يتحلقون حول البقالة .. وفي المساء يلعب الأطفال بجوار البقالة فيلاعبهم ويداعبهم وهكذا مرت الأيام يوم بعد يوم حتى أكمل شهرا في العمل في البقالة .. لم يشعر به أبدا بل فاجئه الإمام حينما أعطاه راتبه .. وأعطاه يوميته الأخيرة جراء عمله في المسجد .. لم يصدق عادل عيناه .. فهذه أول مرة يمسك مبلغا كثيرا منذ يوم إفلاسه .. أخذه عادل وابتعد قليلا عن البقالة وتأكد من أن الإمام لا يراه فأخرج النقود مرة أخرى ظل يعدها مجددا وهو سعيد ..أخذ يتمتم بكلمات الشكر لله على توفيقه له ولأنه صرف عنه كل المنغصات لمدة شهرا كامل ..ثم قام بتوزيع المال فهذا سيسلمه لأمل تصرفه على نفسها وتساعد به أهلها .. وهذا سيدفعه على قلته لبعض الدائنين .. وهذا سيدخره من أجل توفير حياة كريمة له ولزوجته .. وأما هذا .. فسيتصدق به .. نعم سيتصدق هذه المرة صدقة شكر لله .. لن يعلم بها إلا الله .. فهو يعرف بيت أولئك المحتاجين الذين اعتاد أن يوصل أمل لتوصل لهم الصدقات .. وهم يعرفون أمل ولا يعرفونه .. لذا ستكون صدقة سرية لا يعلم بها حتى أقرب الناس لديه زوجته ..
اتجه عادل لبيت تلك الأسرة المحتاجة وهو يشكر الله مئات المرات .. كانت المسافة بعيدة بعض الشيء إلا إنه نوى أن يكون مشيه هذا لله .. وصل لبيت تلك الأسرة وقبل أن يقرع الباب أخرج المبلغ الذي ينوي التصدق به ونظر إليه وهو يقول في نفسه
عادل: يا رب تقبل مني .. واجعل هذه الصدقة فاتحة خير عليّ
طرق الباب ووقف ينتظر أن يفتح له أصحاب المنزل .. وما أن فتحت الباب حتى تسمر في مكانه وشعر بأن الدم تجمد في عروقه واجحظ عينه وتصبب جبينه عرقا .. لقد عُرض عليه في هذه اللحظات شريط حياته .. لقد تذكر كل شيء .. وأخيرا عرف سر تلك الإبتلاءات في حياته .. إنها عبارة هذه المرأة الماثلة أمامه التي هزت بدعوتها السموات والأرض حين قالت " رب أني مغلوب فانتصر " .. ظل عادل يرجع للخلف .. لقد بدأ قلبه يخفق بشدة .. وشعر بأن كل شيء يلعنه ويطارده .. لذا فر هاربا وهو يركض .. أما عن المرأة فلم تعرفه .. فعادل الذي خدعها ذات يوم .. كان شابا مفتول العضلات أنيقا رشيقا يرتدي أفخم الملابس ويضع أجود العطور .. أما هذا فصورة مغايرة لما سبق ذكره .. استغربت المرأة من تصرفات هذا الرجل الذي طرق عليها باب منزلها وظنت بأنه مجنون لا يعرف ماذا يفعل .. لذا أغلقت بابها وعادت لأعمال بيتها ..
أما عادل فظل يركض في الطريق يشعر بسياط " أني مغلوب فانتصر " مسلطة على ظهره تجلده بشدة .. لقد عرف أخيرا .. سر مرض بهجة .. ولماذا ماتت بسمة .. عرف سبب ذلك المرض الذي جعله شبه ميت .. ولماذا ورغم تحسن علاقته بربه ظل منزوع البركة والتوفيق .. عرف لماذا طرده عمه من منزله وكرهه .. عرف لماذا أفلس .. ولماذا باع سيارته وبيته .. ولماذا فقد ابنته ولماذا انكسر كبريائه فعمل منظفا وحمالا وباعا في بقالة .. لقد عرف كل شيء الآن ..عرف بأنه قد غفل عن دعوة مظلومة .. ورب السموات والأرض لم يغفل عنها .. فأين يفر الآن وأين يهرب .. ورب المغلوبة ينتصر لها

♻يتبع ..

الصممت هيبةة
18-06-2016, 01:58 PM
الحلقة الأخيرة ��

��" أني مغلوب " ��

كانت أمل في هذه الأثناء تناول أمها الدواء وتتسامر معها .. وتشعر ببعض الوخز في صدرها .. تتعوذ بالله بين الحين والآخر .. وتنظر إلى ساعتها فقد أقلقها تأخر عادل هذا اليوم .. وفجأة تسمع قرعا شديدا على الباب .. يكاد القارع أن يخلع الباب من شدة قرعه .. فأسرعت لخارج غرفة والدتها .. فرأت أخاها زياد قد سبقها مذعورا لفتحه .. كما رأت والدها يقف قلقا من شدة القرع ..
فتح زياد الباب ليتفاجئ بعادل وهو يبدو شخصا آخر .. وكأنه قد خرج للتو من قبره .. رآه شاخص البصر .. خائف .. يلهث من التعب .. محطم النفسية قال له وهو يلتقط أنفاسه
عادل: أين أمل ؟!
حين سمعت أمل صوته أسرعت إليه متعجبة هى الآخرى من حالته فقالت له
أمل: أنا هنا ولكن .. ما الذي حل بك ؟ لما أراك على هذه الحال ؟
أمسك عادل بيد أمل وضغط عليها بشدة وهو يقول
عادل: أرجوك أريد أن اتحدث معك
هزت أمل رأسها بحسنا .. فحالة عادل وطريقة حديثه تبدو مريبة هذا اليوم .. اصطحبته أمل إلى غرفتها وسط ذهول من أبيها وأخيها
وما كادت أن تغلق باب الغرفة حتى سألها عادل على الفور
عادل: أمل .. كيف تعرفتي على تلك المرأة التي كنا نوصل لها الصدقات ؟
تفاجئت أمل من سؤاله وقالت
أمل: ما الذي ذكرك بها الآن ؟
هنا قال عادل: أرجوك اجيبي على سؤالي بدون توجيه أسئلة لي
أمل: أريد في البداية أن اطمئن عليك فحالتك ..
عادل ( مقاطعا ): أمل اخبريني كيف تعرفين هذه المرأة ؟
هنا وجدت أمل بأنه لا مناص من الإجابة على سؤاله فقالت
أمل: أنا اعرفها منذ مدة بعيدة .. تعرفت عليها عن طريق صديقتي عبير .. فهى تقوم عادة بجمع المساعدات والتبرعات ثم تقوم بإيصالها للمحتاجين .. وقد كانت تصطحبني بعض الأحيان معها .. وعند زيارتي لهذه المرأة أول مرة تعرفت على قصتها المؤلمة ..
كان عادل يستمع بتركيز شديد لأمل فقد سلمها كل جوارحه .. أما هى فقد أردفت قائلة
أمل: توفى عنها زوجها وترك لها أيتام وبيت صغير يأويها .. ولكن أحد التجار الجشعون حاول أن يشتري منها بيتها .. وحين رفضت أن تبيعه بيتها أرسل لها أحد رجاله ..الذي لا أعرف بما أوصفه
قالت ذلك وقد ظهرت عليها علامات الغضب والغيظ .. أما هو فقد جرت دمعة حارة على خده وهو يسمع هذه الكلمات .. التي كانت تسكب على قلبه كالزيت الحار الذي يسقط على الجلد ..
واصلت أمل حديثها قائلة: قام ذلك الرجل بخداعها وأوهمها بأنه سيقدم لها مساعدات مادية .. مستغلا جهلها وحاجتها .. فوثقت به .. ويا ليتها لم تثق .. فأمثال هؤلاء الذين باعوا دينهم ودنياهم لا أمان لهم ولا ثقة
كانت عينا عادل تهطلان بالدمع حين قال
عادل: ثم ماذا يا أمل ؟
كانت أمل متفاعلة كثيرا مع القصة التي تحكيها لذا لم يكن تركيزها مع دموع عادل .. لذا واصلت قائلة
أمل: اكتشفت المرأة بعد فوات الآوان بأنه قد ضحك عليها .. وسرق منها بيتها .. حاولت أن تستعيده ولكن دون جدوى .. فأخرجت من بيتها قسرا .. وهنا بدأ بعض الخيرين من أبناء حارتها بالتواصل مع من يعرفون لتوفير لها منزل يأويها ويأوي أولادها .. وصل الخبر لأخو عبير وهو شاب قد اجتباه الله لخدمة المساكين ..فقام مع مجموعة من رفاقه بإستجار منزل لها يتحملون هم دفع ايجاره .. ثم أوصى أخته عبير بتفقد حالها وأحوالها... هذه هى قصتها
لم تتوقف عين عادل ثانية عن البكاء .. فقال وهو شبه منهار
عادل: لقد نسيتي شيئا مهما يا أمل
نظرت أمل إليه متفاجئة من دموعه .. واصل عادل حديثه قائلا
عادل: نسيتي أن تقولي .. بأنها دعت عليه
ثم انفجر باكيا .. ازداد تعجب أمل .. فلما كل هذه الدموع وهذا الإنهيار فسألته
أمل: ما بك يا عادل ؟!
كان عادل يبكي بحرقة حين أجابها قائلا
عادل: سأخبرك بأمر يجعلك تكرهيني وتكرهين تلك الساعة التي ارتبطتِ بي فيها .. هل تعرفين ذلك الرجل الظالم الذي استغل جهل المرأة وحاجتها .. وقام بخداعها .. إنه .. إنه ..أنا
قال ذلك ثم انفجر باكيا من جديد .. أما هى فحين سمعت ذلك انصدمت وابتعدت عنه لا شعوريا .. لاحظ هو ذلك فقال
عادل: نعم يا أمل من حقكِ أن تبتعدي عني .. فأنا واقع تحت غضب الجبار .. وكل شيء أحبه بصدق يأخذه عني بعيدا .. لقد أخذ بسمة وبهجة وسالم .. وحتما سيبعدك عني .. أنا ظالم .. مسلطة علي دعوة إمرأة بريئة ..إمرأة وجدت أمامها رجل استقوى بماله وذكائه وخداعه ومكره .. فاستقوت هى بالله .. فما خذلها وما رد دعوتها .. لذا ابتعدي يا أمل .. ابتعدي عني فأنا لا استحق الطيبون أمثالكم .. سأذهب بعيدا عن منزلكم .. حتى لا ينالكم مكروه بسببي .. فما زالت رعشة أصابع المرأة حين رفعتها للدعاء .. ودمعاتها الدامية تترأى أمامي .. لقد كانت دعوتها أصدق من توبتي ..
ثم عاد للبكاء الشديد .. كانت أمل منصدمة بما تسمع واصل عادل حديثه بصوت غير مفهوم لشدة بكائه
عادل: يالله .. كم أنت عادل وتحكم بالعدل .. حرمتها من الشي الوحيد الذي تملكه .. فجاء الجزاء من جنس العمل .. وقد حرمت من أمور كثيرة وخاتمتها بأني سأحرم منك ..
نظر عادل نظرة طويلة لأمل ثم أسرع منصرفا للخارج .. كانت أمل تركض خلفه وتصرخ فيه بأن يتوقف .. تعجب والدها وأخاها منهما .. خرج عادل من المنزل مسرعا .. فصرخت أمل في زياد بأن يلحقه .. أسرع زياد خلفه وهو غير مستوعب لما يحدث أما هى فقد ارتمت في حضن والدها باكية
لم يتمكن زياد من اللحاق بعادل .. لذا عاد للمنزل ليفهم من أخته ما الذي حدث
قصت أمل قصة عادل مع المرأة لأبيها وأخيها .. الذان تأثرا كثيرا بالقصة .. وكانت أمل طيلة الجلسة وهى تبكي مصدومة بما سمعت وخوفا من أن يصيب عادل أي مكروه ..
ربت والدها على ظهرها مهدئا ثم قال بجدية وحزم
العم صالح: لقد وقفتي مع عادل يا أمل وهو أبعد ما يكون عن الله .. وقفتي معه وهو لا يقر بأنه ظالم لنفسه ولغيره .. فهل ستتخلين عنه الآن وهو يجتهد ليل نهار أن يصل لرضوان الله
كانت أمل تكفكف دمعها مستمعة لكلام والدها الذي أردف قائلا
العم صالح: عادل الذي ظلم المرأة هو عادل القديم .. أما هذا المنهار قبل قليل فهو عادل زوجك يا أمل الذي انتشلتيه بفضل الله من وحل المعاصي والإحباط واليأس .. فهل ستتخلين عن زوجك يا أمل وهو اليوم في أمس الحاجة ؟
كانت أمل تمسح دموعها بعدما رفعت كلمات والدها من معنوياتها فتمتمت بكلمات الإستغفار وقالت بثقة أمل: لن اتخلى عنه ما حييت بإذن الله .. ما الذي بإمكاني فعله يا أبي ؟!
العم صالح: ارتدي عباءتك سنذهب لمنزل المرأة .. لابد أن تسامح تلك المرأة عادل وتعفو عنه .. هنا في هذه الحياة الدنيا فالوقوف أمام الله يوم القيامة صعبا جدا جدا
وقفت أمل متحمسة لفعل ذلك قائلة
أمل: حسنا يا أبي .. انتظرني لحظات فقط
وأسرعت لغرفتها لإرتداء عبائتها .. أما العم صالح فقد أوصى زياد بأمه ..وفور انتهاء أمل .. انطلق معها لمنزل المرأة ..
انتظر العم صالح ابنته في سيارة الأجرة التي استقلها أما هى فقد وقفت أمام باب بيت المرأة ومشاعر متباينة بداخلها .. فهى تتسائل ماذا فعلت هذه المرأة مع الله فيستجيب لها بشكل سريع حين رفعت شكواها إليه ؟! ..ما الذي فعلته هذه المرأة فيرسل لها الأخيار من خلقه يكونون لها عونا وسندا ؟! ما الذي فعلته كي يتكفل هو سبحانه برزقها ورزق أطفالها ؟! .. أما الشعور الآخر فقد كان الخوف .. ماذا لو إنها رفضت أن تسامح عادل؟! .. ماذا لو إنها كرهتها من كراهية عادل ..؟! ماذا لو إنها حكت لعبير ولجميع الأخوات بأن زوج أمل هو ذلك الشخص الظالم الذي خدعها وسرق منزلها .. ؟!
تعوذت بالله من الشيطان الرجيم وراحت تطرق الباب .. فتحت لها المرأة وسعدت جدا حين رأتها .. إلا أن أمل لم تتمالك نفسها فارتمت في حضنها باكية .. أدخلتها المرأة إلى داخل المنزل وظلت تسألها عن سر بكائها .. كانت أمل مترددة كثيرا لكنها في النهاية تشجعت وقالت
أمل: جئت أطلب منك معروفا تسدينه لي
ابتسمت المرأة قائلة: أنت لو طلبتي عيني سأعطيها لك يا أمل .. فكما أخبرتك سابقا أنت وعبير أخواتي الصغار
تلألأت دمعة في عين أمل حين قالت
أمل: وأختك أمل .. جائت اليوم تريدك أن تسامحي زوجها وتعفي عنه
تفاجئت المرأة بهذه الكلمات وابتسمت مجددا وهى تقول
المرأة: زوجك لم يسئ لي بشيء حتى اسامحه
هزت أمل رأسها بالنفي ثم قالت
أمل: زوجي .. هو الذي خدعك وجعلك توقعين في ورقة على أنك بعتيه البيت
وقفت المرأة متفاجئة بما سمعته .. وعادت الأحداث تتقافز إلى ذاكرتها .. تذكرت ما حدث معها ذلك اليوم تذكرت دعائها .. تذكرت بهدلت الأيام التي مرت بها .. فأدمعت عينها .. ثم تذكرت الطارق لبابها هذا اليوم .. يالله إنه هو .. نعم هو
إلتفت إلى أمل قائلة
أمل: الذي طرق باب منزلي اليوم هو ذلك ..
وقفت أمل بجانبها وقالت لها مقاطعة
أمل: نعم هو .. هو ذلك الظالم الماكر .. الذي أصابته دعوتكِ فأصبح حاله كما رأيتِ
قصت أمل للمرأة ما حدث لعادل من أمور جسام بعدما رفعت المرأة يدها داعية عليه .. وكانت المرأة تستمع إليها ودموعها تهطل على خدها لا إراديا .. وحين انتهت أمل من حديثها نظرت إليها فرأتها مطأطئة برأسها أرضا .. تمسح دموعها .. جثت أمل أمامها قالت
أمل: اعرف .. اعرف أن جرمه لا يغتفر فقد تسبب بالأذى النفسي لك ولأولادك .. ولكنه في النهاية زوجي الذي أحببته ودعوت الله أن يصلحه لي .. لا استطيع أن اتحمل مأسأة أن تطارده دعوة مظلوم .. فتجعله متنغصا في حياته
ثم انهارت باكية .. أخذت المرأة تمسح على ظهر أمل وهى تبكي وتقول
المرأة: لقد دعوت الله عليه في ذلك اليوم بحرقة .. دعوت الله عليه .. حين استفزني بعد فعلته تلك ببعض المال كي أنسى ما فعله بي وبأبنائي .. دعوت الله .. ثم حاولت تناسي الأمر ..وبالأخص حين وجدت أناس طيبون أمثالكم .. منذ عشت في هذا المنزل وأنا أغلب وقتي اكرر آية واحدة " لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " .. وقد أحدث الله لي من الأمور التي لا استطيع أن احصيها .. التي ما كانت لتحدث لو لم أخرج من بيتي القديم ..
أخذت تمسح دموعها ثم قالت ..
المرأة: حقيقة لم أكن اتصور بأن مثلي يقتص لها الجبار .. فلله الحمد من قبل ومن بعد .. رغم ذنوبي ورغم تقصيري وظلمي لنفسي كان الله معي .. وأنا ارغب أن يعفو ربي عني
تنهدت ثم رفعت رأس أمل المنكس أرضا قائلة لها
المرأة: أشهدك يا أمل .. بأني قد عفوت عنه لله ..
سعدت أمل بهذه الكلمات واحتضنت المرأة بشدة

هدأت نفس أمل وسرت الحيوية بداخلها .. وعادت تزف هذه البشرى لعائلتها التي شاطرتها السعادة والفرحة .. ولكن أين عادل ؟!
اختفى عادل بعد ذلك اليوم .. وظل العم صالح يبحث عنه في كل مكان .. ولكن دون جدوى .. ها هو اليوم الثالث على إختفاء عادل يوشك أن يرحل .. حين كانت أمل تجلس مع أخيها زياد .. قلقة وجلة على عادل تتحدث معه عن ما يدور في خاطرها من حديث وكان هو يقدم لها مقترحات ببعض الأماكن التي من المتوقع أن يكون فيها إلا إنها كانت تخبره عند كل مقترح بإستحالة تواجده هناك
تنفست بعمق وقد ظهرت علامات الحزن على وجهها قائلة
أمل: لقد خرج وفي نيته ألا يعود .. إنه يريد أن يبتعد عني حتى لا يصيبني مكروه ..
سكتت قليلا ثم قالت
أمل: إنه يربط كثيرا بين ما أصاب بسمة وبهجة وبما يشعر في قرارة نفسه بأنه سيصيبني
عادت من جديد للصمت إلا إنها كانت تتذكر شي هذه المرة .. فقالت
أمل: سالم .. نعم سالم
نظر زياد إليها متعجبا قائلا
زياد: من سالم هذا ؟!
أسرعت أمل إلى هاتفها وبحثت عن رقم سالم الذي حفظه عادل في هاتفها حين ألقى بهاتفه في المرحاض .. وقالت لأخيها
أمل: هذا صديقه وهو يحبه كثيرا .. اشعر بأن الله سيسخر سالم لإخراج عادل مما هو فيه
ثم طلبت من أخيها بأن يتصل فيه وينسق معه للقاء به
اتصل زياد وانتظر قليلا .. ثم قال لأخته سعيدا
زياد: هاتفه يرن
سعدت أمل كذلك بما سمعت .. وما هى إلا لحظات وأجاب سالم على المكالمة وبعدما ألقى سالم التحية قال
سالم: معذرة من المتصل ؟!
زياد: أنا أخو زوجة عادل
استنكر سالم ما سمع وقال
سالم: من تقصد بعادل.. فأنا اعرف عادل واحد إلا إن زوجته لا أخوة لديها
زياد: عادل الذي تقصده هو نفسه الذي أقصده .. وأنا أخو زوجته الثانية ..
سعد سالم حينما سمع أخبار عن عادل فقال متلهفا
سالم: وأين هو أريد أن أراه واتحدث معه .. لقد عدت من السفر منذ يومين .. وحاولت التواصل معه ولكن هاتفه خارج نطاق التغطية .. مؤكد بأنه حاول التواصل معي أثناء سفري .. لقد نسيت هاتفي هنا .. لذا انقطعت عن الجميع طيلة أيام سفري وعند عودتي أحاول دائما الإتصال به .. وذهبت إلى منزل عمه فعلمت بأنه قد استقل في منزل آخر لا يعرفونه. والحمدلله اتصالك اليوم أسعدني .. فأين هو عادل لأحادثه
زياد: هذا ما أريد الحديث معك بشأنه .. وأريد أن أراك في أقرب فرصة
نسق زياد مع سالم موعدا .. وإلتقيا حيث اتفقا فقص زياد لسالم كل ما حدث لعادل من أحداث وتأثر سالم لما سمع تأثرا شديدا .. وقال
سالم: حبيبي يا عادل .. كم كنت اتشوق لتوبتك وعودتك إلى الله ولكني لم أكن متخيلا أبدا بأن تكون ضريبة توبتك بهذا الثمن
زياد: أختي تعتقد بأنك تعرف أين من المحتمل أن يكون ..
فكر سالم قليلا .. ثم طلب من زياد أن يركب معه في سيارته وانطلقا نحو البحر .. ظل يبحث عنه هناك وهو يقول
سالم: اعتاد أن يأتي هنا كلما ضاقت عليه الأمور ثم يتصل بي كي آتي إليه .. ولكنه ..
سكتت قليلا ثم التفت إلى زياد قائلا
سالم: ولكنه كان عادل القديم .. بإذن الله أنا اعرف أين يتواجد عادل الجديد الآن
انطلقا مجددا في السيارة .. ولكنهما هذه المرة نحو أحد المقابر وبالفعل رأى سالم عادل يجلس تحت تلك الشجرة الكبيرة في المقبرة فإبتسم بعدما اغرورقت عيناه بالدمع وقال لزياد
سالم: أما أنا فكنت اصطحبه معي دائما لهذه المقبرة واحكي له عن قصة أخا عزيزا علي رحل عن هذه الدنيا بعدما كان سببا بعد الله في إلتزامي .. وكان دائما يتأفف من القدوم إلى هنا .. وكان يقول لي يريد أن يراني في كل مكان إلا هنا .. فكنت أرد عليه قائلا إذا لم تجدني في أي مكان ستجد روحي هنا
ثم انطلق بخطى ثابتة نحو صاحبه .. أما زياد فقد آثر أن يبقى بعيدا عنهما ويترك لهما المجال للحديث واللقاء
على بضع خطوات منه .. قال سالم
سالم: أخيرا وجدتك حيثما أحب

" هذا الصوت ليس غريب علي " هذا ما تحدثت به نفس عادل .. فالتفت بقوة ليتأكد بعينه من صاحب الصوت وما أن رآه .. حتى انطلق إليه مهرولا .. فاجتذبه بقوة .. وبكى بكاء سنوات طويلة غاب فيها عنه ..
فقال بصوت يخالطه البكاء
عادل: لماذا تركتني ؟!
ربت سالم على ظهره قائلا
سالم: كان معك من هو أفضل مني .. كان معك الله ولولاه ما عدت للطريق المستقيم
عادل: الله يعاقبني على ظلمي للناس
سالم: بل يُطهرك من جرمك ..
عادل: كيف وأنا اتعرض للإبتلاءات العظام
سالم: لن يُمكن المسلم حتى يبتلى .. وحينما نجحت في ابتلاءاتك قادك الله لمن ظلمتها .. لتتعرف على عظم ذنبك .. ثم سخرها لتعفو عنك
عادل ( غير مصدق ): عفت عني ؟!
سالم ( مبتسما ): إذا رضى عنك سيرضيك وسيرضي عنك عباده
ابتسم عادل بعد سيل عارم من الدموع وقال
عادل: لا استطيع أن أتأله على ربي أو أن ازكي نفسي ولكن.. طالما إنه قد أعادك إلي فقد سامحني
وارتمى مجددا في حضن صاحبه باكيا

وقف سالم مع عادل وقفة عظيمة فنعم الأخ الصالح هو .. فبعد أن فتح الله له في الرزق ساعد عادل في الخروج من أزمته المالية .. فأقرضه مالا يعود به للتجارة .. ويعيده وقتما يشاء .. وكانت أول أرباح عادل من تجارته أن اشترى للمرأة بيتا جديدا وسلمها المفاتيح بنفسه وطلب منها مجددا أن تسامحه .. ثم بدأ بعد ذلك يعيد ما تبقى من ديون عليه .. حتى تمكن بفضل الله من التخلص من كل ديونه عدا ما أخذه من سالم .. اشترى بيت وسيارة واستقر أخيرا نفسيا وجسديا .. وعندما فتح الله عليه واغدق عليه في الرزق .. سارع ليعيد دينه الأخير لسالم الذي رفض أن يأخذه .. وقال استثمره لعمل الخير ..

أما عن خليل فبعد حياة قضاها في الغش والخداع والظلم .. ألقت الشرطة القبض عليه في قضايا فساد .. حاول عادل أن يكفله ويخرجه من السجن .. ولكنه كان متورطا حتى النخاع .. فاستمر يزوره ويبره في سجنه .. واشترى كل ممتلكات عمه المعروضة للبيع
أما عن سوسن الصديقة القديمة لعادل القديم .. فقد إلتقى بها في إحدى المستشفيات حين كان متجها بسرعة إلى صالة الولادة فأمل ستضع مولودها الأول .. وحين رأته رأت فيه عادل الأول الثري الغني .. فاستوقفته فلم يعرفها في البداية .. فقد أنهكتها الأمراض وغيرتها .. فقالت له
سوسن ( بصوت شاحب ): ألم تعرفني يا عادل ؟!
إنه ذات الصوت .. صوت الماضي
عادل: سوسن .. سبحان الله
قال ذلك متعجبا من الحال التي وصلت إليها .. ثم قال لنفسه: لا تطل الوقوف أمام الماضي يا عادل ..
فهم بالذهاب عنها ولكنه تراجع خطوات ووضع شيئا بجانبها ثم انصرف عنها مسرعا ..
أخذت سوسن ما وضعه عادل فإذ به مبلغ من المال فبكت .. بكاءا مرا ففي يوم من الأيام كانت تنوي اذلاله بالمال .. ولكنه اليوم كان أكرم منها بفضل الله.. فقد أذلها الله على قبيح عملها وقلة حيائها ومضيها في طريق الرذيلة ..

رُزق عادل بطفلة جميلة اسماها توبة .. فما من شيء أجمل في حياته من التوبة لله

تمت بحمد الله ��

بقلم: ��حفيدة النبي ��

روانـــــووو
30-06-2016, 11:53 AM
قصة جميلة .. كل الشكر ع الإنتقاء

الحارثي1997
10-07-2016, 12:06 AM
قصة جميلة .. كل الشكر ع الإنتقاء
قصة رائعه جدا ... أنتقاء أروع ...شكر جزيلا

مرتاح ويتصنع قلبي الراحة
10-07-2016, 01:01 AM
قصة مشوقة ومعبرة
تجعلك تعيش أحداثها
ومغلفة بحبكة متوهجة
شكرا جزيلا بحجم السماء