المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((اّعّجّوّبّةّ اّعّتّيّاّدّيّةّ ))



حلم يرتجي التحقق
19-06-2016, 05:21 AM
سافرت إلى بلاد من البلدان الغربية ذات الطبيعة الجميلة ،والهواء النقي ،وفي جو مفعم بالنور ، والبياض المنتشر في الأرجاء ، وعلى صفحات المياه الصافية تنعكس خضرة الطبيعة النقية ، في هذه الأجواء الطاهرة كانت الفراشات المنتشرة فوق هامات الزهور، وقطرات الندى تملئ ريعان الطبيعة ؛ كنت امشي بهدوء ارقب كل هذا الجمال الرباني ، سماء وماء ، طيور وزهور ، كلها أشياء عادية نراها كل يوم ،ولكنها فالأصل هي عظيمة جدا لو عدها الإنسان لما أحصاها زدت فالخطى ، وتقدمت واستوقفني منظر طائر على العش في أعلى الشجرة ، وهو سعيد برؤية البيض يفقس معلناً بداية حياة طيور جميلة أخرى ، أكملت السير حتى أختطف أنظاري طائر يبكي على طائر قد فارقت روحه الأنفاس ، كانت دورة حياة سريعة كلمح البصر ، كمثل حالنا نحن بني البشر يولد اليوم مولود جديد ،وفي نفس ذلك اليوم تتوفى المنية شخص آخر حزت في نفسي هذه الدورة السريعة ، وأخذت نفساً عميقا ، وأكملت السير ولازال تفكيري مرتبط بتلك العصافير التي تشبه حياتنا نحن ، رأيت الأطفال يلعبون في سعادة فجلست أرقب تحركاتهم تحت ظلال الشجرة الوارفة ، سعادتهم لم تكن توصف ، وهم في هذا العمر الصغير من حياتهم ،وفي لحظة أنساق لهم رجل قد أعطاه الزمن من التجاعيد ما يكفيه ، كان يمشي في هدوء وأحسست بالألم الذي في ظهره وهو متمسك بالعكاز جيداً كي يبقى ثابتا فتسابق إلى ذهني ذاك الشريط مع الطيور ، ولكن بصورة مختلفة فأني أرى الزمن يختصر الأعمار بصورة محترفة فالأطفال الصغار مع الجد المسّن اختصار مذهل لدورة الزمن فهناك العقول الصغيرة التي لم تفقه شيئا في الحياة ، وهناك العقل الذي تشبع بضربات الحياة الموجعة وقفت ولزال الذهول يخيم علي ، وطفقت الطريق ، وأنا أنتظر أعجوبة أخرى من عجائب هذه الحياة ذهبت في طريقي على الشارع رأيت سيارة فخمة ذات سعر عالي تصف بجانب سيارة لولا تحملها لكانت اقرب إلى الحطام توقفت لأتأمل المنظر إلا برجل بان علية الفقر مبتسم ، وسعيد يصعد في السيارة ، وهو يجاهد لفتحها عده مرات حتى اشتغلت وراح يرنو لمراده ثم خرج صاحب السيارة الفخمة ، وهو عابس صعد سيارته بكل خشونة وراح مسرعا سرعه هائلة اقتربت قليلاً وتبين أن كلا الرجلين خرجا من ذات المكان ، وكان شركة استثمارية يملكها الرجل الغني على حد علمي ، ولكن حامت الأفكار في ذهني كيف لرجل غني لدية تلك البناية الشاهقة أن يكون عبوسا وكأن هموم الدنيا وضعت على رأسه ولذلك الرجل الفقير الذي جاء ليتدين ـ على حسب ما سمعت ـ سعيد ،وكأن له جناحان ليحلق بهما من سعادته !
فأيقنت حينها أن الغنى لا يشتري السعادة مطلقا ، والفقر ليس موطنا للحزن أبداً ، فكما تضادت حالتهما المادية فإن الحالة النفسية أيضا لها تضاد مذهل ، أكملت مسيرتي في هذه العجائب الاعتيادية ، ودخلت إلى بقاله صغيرة ولكنها مزحومة بالزبائن اشتريت حاجتي ، وخرجت بسرعة من الزحام ذهبت ،وأنا أسرح تارة وأستفيق تارة لرؤية أصناف العجائب في ـ أمور اعتيادية ـ توقفت عند متجر كبير جدا ، ولكن كتب عليه تخفيض بنسبة خمسين بالمائة فتعجبت من أمر هذا المتجر الكبير كيف ليرخص أسعاره لهذه الدرجة فتبين لي أنه سوف يغلق المتجر لخسارته القصوى لعدم تهافت الزبائن إليه فهنا صافحتني الأعجوبة ، أن الأرزاق كلها بيد الله سبحانه وتعالى فهي ليست مقصورة على صاحب المتاجر الكبيرة دون الصغيرة فسبحانه العليم الخبير ، أخذت نفساً عميقاً وأكملت السير حتى وصلت إلى بائع الجرائد ألقيت السلام ، وقابلني بوجه رحب ، وسألته عن أهم المواضيع التي تحملها الجريدة فقال لي أنه لا يجيد القراءة فتعجبت ،وسألته كيف ذلك أنت من تبيع الجرائد وتوزع الأخبار ، كيف لا تجيد القراءة ؟ قال بأنه يتمنى لو يجيدها ولكن هذا نصيبه في الحياة ، ورغم ذلك هو مضطر لجمع رزقه من بيع الجرائد التي يتمنى لو يقرأ موضوعاً واحداً من مواضيعها ، اشتريت الجريدة ، وشكرته ثم أكملت السير ، جلست على الاستراحة ، وقرأت في الجريدة عن آلاف البشر الذين تتساقط أجسادهم المتيبسة من الجوع على تراب المنية ، وشعرت بالحزن الشديد على حالهم ،فتذكرت كم أن هناك مكبات لنفايات مليئة بالطعام فزاد ألمي ،وسقطت دمعة على خدي وتمنيت لو اقدر على مساعدتهم ولو بالشيء اليسير ، طويت الجريدة ،ووقفت لأرى أين وجهتي القادمة ، رأيت الجبل الشاهق المقابل للبحر وبه مكان للسياح لكي يشاهدوا الطبيعة من الأعلى ذهبت ،وصعدت الجبل حتى وصلت إلى القمة ، شدّني مشهد الطائرة في السماء ،والعبارة في البحر ،والسيارة في الشارع كلها وسائل حديثة من صنع الإنسان الذي خلق لأعمار الأرض ،ولكنه بلا دراية بات يفسدها بحثاً عن التطور ،والتقدم لكن على حساب الطبيعة الجميلة التي يمكن أن نفقدها مع تقدم الأيام ،نزلت من أعلى الجبل ، ثم ذهبت إلى المصلى لأقضي صلواتي سفراً ،وأحسست بالراحة والطمأنينة بعد كل ما مر علي من عجائب ،خرجت وكأن الروح عادت ألي من جديد ، وقررت أن أعود إلى البستان الذي كنت فيه في أول النهار ذهبت إلى هناك ،وجلست أرقب غروب الشمس من أعلى التله فتبادر إلى ذهني يوم كنت في نفس المكان في الفجر ،وكنت أرقب شروق الشمس وكأنه مولد لها ،ولأن أنا أرى الشمس تغرب وكأنها تدخل في جوف السماء ، اختصار رائع في نهاية يوم أروع ، فسبحان الله ،والحمد لله عدد خلقه ،وزنة عرشه ،ومداد كلماته ،وبعدها عدت للنزل ،ولازالت العجائب تدور في رأسي ،وستظل كذلك ، فسبحان من جعل أجراً في التفكر .


( النهاية )

ﺢـلْـﻤ ﭜړﭥچـﭜ آلْـﭥﺢـقـقـ

نوارة الكون
19-06-2016, 10:05 AM
سلمت يمناج غاليتي
قلم جميل وتواجد اجمل
دمتي في حفظ الرحمن ورعايته

جلنااااار
19-06-2016, 11:48 PM
قصه جميله عزيزتي ..
الله يعطيك العافيه .. دمتي بخير

الشيخه الفلانيه
20-06-2016, 04:04 AM
،



قصه جميله
و سرد جدآ مميز
كُل آلششكرْ عَ آلطرح
يعطيكِ آلله آلععآفيهً
بنتظآر جديدككء :) !

رايق البال
21-06-2016, 10:18 PM
هلا فيك حلم ..
قصه جدا رائعه لقلم كم انتظرنا تواجده الجميل
الف شكر لجهدك وابداعك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..

روانـــــووو
30-06-2016, 11:58 AM
قصة جميلة .. كل الشكر ع الإنتقاء