المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما بين سعر الدنحو وفيمة الطفولة



صدى صوت
05-09-2016, 01:17 PM
أعتب أول ما أعتب على الذين تحركوا على الفور ليوقفوا قانونا بعدم تسعير بعض السلع انتصارا لمصلحة المواطن وفق ما قيل وما اتفق عليه، وجاء تحركهم باهتا وعموميا حين تعلق الأمر بسن قوانين تحمي أطفالنا وسن تشريعات وتطبيقات تتعامل مع أمنهم السلوكي والنفسي فور انتشار تعليقات الناس غضبا من حالات التنمر والتحرش الجنسي في المدارس. وليس العتب تصغيرا من شأن تحركهم السابق لكن تعظيما لشأن صمتهم الحالي.

أعتب عليهم أولا ثم علينا جميعا، وحتى لا يمر هذا الأمر كسابقاته حين يتداول في وسائل التواصل حادثة لافتة تثير انتباه الناس وتوجه تفاعلهم لأمد محدود بعدها تعود الأمور لسابق غفلتها لحين الانشغال بقصة أخرى أكثر درامية وإثارة، لا بد هذه المرة من رد فعل مختلف، يتجاوز غضبتنا وخوفنا وانفعالنا لنصل إلى المستوى الذي نعترف فيه أولا بوجود المشكلة. ونسعى جميعا بشكل عملي لوضع مطالبات بالالتفات الجدي لها واشتغال كل من يعنيه الأمر بتحمل مسؤوليته في التعاطي مع القضية ووضع الحلول اللازمة.

جميعنا أطراف في هذه المسألة. وعلينا أولا أن نعتذر لفلذات الأكباد الذين لم نقف إلى جانبهم كما يجب وسمحنا بانشغالنا عنهم وتسطيحنا لما يتعرضون له بأن يتعرضوا له مرارا وتكرارا.

لن أتعرض لمقطع الفيديو الذي عرض حالة التحرش في المدرسة بالبحث والتحليل كدليل فتلك قضية أخرى إذ يجب التعامل مع من ظهر في الفيديو (كلاهما الفاعل والضحية) بالحماية أولا قبل تطبيق العلاج والعقاب. الأمر لا يحتاج إلى دليل فمخاوف الأهل واضحة والقصص التي سردت لاحقا أشد هولا مما ورد في المقطع.

ورغم أن هناك فهما واضحا أنه ما من مدينة فاضلة وأن الأمر لا يقتصر علينا ولا يقتصر على الآن فإن ذلك لا يشرعن فكرة التقبل وغض الطرف. أزلية المشكلات وانتشارها سبب في التعامل بحرص وجدية لعلاجها أو على الأقل التقليل من انتشارها وضررها وليس مبررا لقبولها.

لذا لا بد من إجراءات على أرض الواقع. لا بد من وقفة يتعاضد فيها الجميع. أولهم أولياء الأمور وأعضاء مجالس الآباء والأمهات مرورا بالتربويين والاجتماعيين والقانونيين والنفسيين وكل من له صلة.

لا بد من بحث إجراءات وقاية في المدارس سواء تمثلت في الإلزام بوضع كاميرات مراقبة لتكون الكاميرا مهمة مثلما هو لوح الحاسوب وقلم الكتابة وغيرها من الأساسيات. أو إجراءات تتمثل في التفكير بفصل الطلاب الأكبر سنا عن الصغار، بتثقيف الطلبة والمعلمين في المدارس لكيفية اكتشاف هذه الحالات وكيفية التصرف بشأنها.

لا بد من ضمان وجود اخصائيين اجتماعيين مؤهلين، فاعلين ومدربين للتعاطي مع التحرش الجنسي وغيره من المشكلات وعندما أقول فاعلين ومدربين يعني أن يكون لدينا إجراءات واضحة لمتابعة التطبيق حتى لا تكون المسائل متقنة بشكلها النظري وهزيلة في طريقة تطبيقها.

لا بد من وجود رؤيا وخطط مفهومة ومعلنة لكيفية التعاطي مع المشكلات التي حدثت. مع الوضع التربوي والنفسي والسلوكي للأطفال الذين تعرضوا للمشكلة أو كانوا هم الفاعلين وأنا أتحدث عن كل المشكلات الحساسة ولا أحصرها بموضوع الحادثة التي تم تداولها.
من المسؤول عن تأهيل هؤلاء وكيف؟
ما هي أفضل الطرق لتثقيف الأهل والأطفال والتربويين جميعا للانفتاح حول الحديث عن هذه الموضوعات الحساسة وكيفية التعامل معها. ماهي القوانين التي تحمي الأطفال وتجرم الفاعل وما هي درجات التجريم.

القضية واسعة، والتحرك فيها أمر ملح وضروري وحان الوقت لعمل منسق ومتسق في الجوانب التشريعية والتنفيذية بين كل الأطراف المعنية.
جميعنا مسؤولون كأولياء أمور للبحث عن طرق لحماية أطفالنا ولكنهم حين يكونون في عهدة المدرسة فالمدرسة معنية قبل أي جهة أخرى وقصص غض الطرف في المدارس بل وربما التورط تثير الحنق.

للأطفال حقوق لا يسعهم الدفاع عنها والمطالبة بها. وحين يتعرض هؤلاء للضرر على الجهات الرسمية التحرك فورا وبجدية بدءا من وزارة التربية المعني الأول مرورا بوزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الإعلام وغيرها من المؤسسات القانونية والتربوية.

نريد ضمانات أن أولادنا في بيئة آمنة قدر الإمكان ونريدها الآن من جميع المعنيين بهذا الشأن. نريد أن نرى أن خوفنا عليهم يحمل على محمل الجد. هم أغلى ما نملك وأغلى ما يملكه الوطن.

* ميا الحبسيه