المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل يوم قصة من قصص الأنبياء



ام الهنوف
02-11-2016, 12:58 PM
كل يوم قصة من قصص الأنبياء
بالترتيب الزمني

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15886&stc=1


بإذن سوف أروي لكم كل يوم قصة من قصص الأنبياء بعد بحث دقيق وجمع معلومات صحيحة ودقيقة بمجهودي الخاص وهي من أروع القصص التي وردت في القرآن الكريم وفيها من العضة والعبرة الشيء الكثير ,

فلو سئلت يوماً هل تعرف جميع قصص الأنبياء ؟ أو رتب لي الأنبياء ترتيباً زمنياً ؟ فهل تستطيع الإجابه ؟

لمن لا يعرف الإجابة فسوف أبين له ترتيب الأنبياء زمنياً وأروي له قصة كل نبي رحمة الله وسلامه عليهم أجمعين ,,


وترتيبهم هو :



1-آدم عليه السلام
2-شيث عليه السلام
3-إدريس عليه السلام
4-نوح عليه السلام
5-هود عليه السلام
6-صالح عليه السلام
7-إبراهيم عليه السلام
8-لوط عليه السلام
9-إسماعيل عليه السلام
10-إسحاق عليه السلام
11-يعقوب عليه السلام
12-يوسف عليه السلام . الجزء (1-2-3 )
13-أيوب عليه السلام
14-ذو الكفل عليه السلام
15-يونس عليه السلام
16-شعيب عليه السلام
17-أنبياء أهل القرية
18-موسى عليه السلام
19-هارون عليه السلام
20-يوشع بن نون عليه السلام
21-داود عليه السلام
22-سليمان عليه السلام
23-إلياس عليه السلام
24-اليسع عليه السلام
25-عزيز عليه السلام
26-زكريا عليه السلام
27-يحيى عليه السلام
28-عيسى عليه السلام
29-محمد عليه الصلاة والسلام




http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15887&stc=1

ام الهنوف
02-11-2016, 01:23 PM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15888&stc=1


آدم عليه السلام



خلق آدم عليه السلام:

أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكته بأنه سيخلق بشرا يكون خليفة في الأرض - وخليفة هنا تعني على رأس ذرية يخلف بعضها بعضا. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).

ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أو إلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له, ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته !

عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).


أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده.

جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفن الطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذا الطين؟

سجود الملائكة لآدم:

من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ؟ الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .

أما كيف كان السجود ؟ وأين ؟ ومتى ؟ كل ذلك في علم الغيب عند الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً..

فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . وبدلا من التوبة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى، ردّ إبليس بمنطق يملأه الكبر والحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) . هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد : (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ؟ أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز لكن الأرجح رحمة الله تعالى، فلم يكن إبليس في الجنة، وحتى آدم عليه السلام لم يكن في الجنة على الأرجح . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .

قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص)

هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئة الله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .

وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) .

فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين . فأرسل إليهم المنذرين .

تعليم آدم الأسماء:

ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .

أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ما علمهم . . ( وعلم ءادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين * قالو سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء . ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .

أراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ما كتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلم والمعرفة.. كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخل في هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرض.

إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين (الخالق وعلوم الأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.

سكن آدم وحواء في الجنة:

اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء. ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء في نفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا في الجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقد سكت القرآن عن مكانها واختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء. ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس ولما جاز فيها وقوع عصيان. وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقال أكثرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف.. إن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئا بالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.

كان الله قد سمح لآدم وحواء بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عن تلك الشجرة. غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه ويوسوس إليه: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) . وأقسم إبليس لآدم أنه صادق في نصحه لهم، ولم يكن آدم عليه السلام بفطرته السليمة يظن أن هنالك من يقسم بالله كذا، فضعف عزمه ونسي وأكل من الشجرة هو وحواء.

ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل من الشجرة. إن نص القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.

لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار، وأن زوجته عارية. وبدأ هو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري ليس من شك في أن الجنة التي أسكنها الله آدم : هي جنة الخلد ، وعلى ذلك دلت نصوص الكتاب والسنة واتفق سلف الأمة وأئمتها
لا تعارض بين ما سبق ، وبين ما أخبرنا الله به من أنّ إبليس أغوى آدم ، ووسوس له بالخلود إن أكل من الشجرة ؛ كما قال الله تعالى : ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) الأعراف /20

.
وإنما كان يرد الإشكال في أحوال :
الأولى :
أن يكون آدم عليه السلام ، قد علم ـ قبل أن يوسوس له إبليس ـ أن هذه الجنة التي يسكنها ، هي جنة الخلد ، وليس عندنا خبر بأن آدم عليه السلام كان يعلم ذلك .


الثانية :
أن يكون آدم عليه السلام قد علم أنها جنة الخلد ، وأن الله وعده ألا يخرج منها ؛ فقد يكون علم أن هذه حقا هي جنة الخلد ، لكن لا يمنع ذلك أن يخرج منها ، ثم يعود إليها بعد أمد ، يعلمه الله ، كما قد حصل ذلك فعلا ، وكان هذا هو ما قدره الله عليه ؛ فحينئذ لا إشكال في إغواء إبليس له ، أنه لن يخرج من هذه الجنة ، بل سيبقى فيها ، إن أكل من هذه الشجرة .
وقد قال الله تعالى : ( فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) طه/117-119 .
ففي هذه الآية ضمان أن أمنه ـ في الجنة ـ من الجوع والعري ، والعطش والضَّحَى ؛ لكن ليس فيها أن الله ضمن له الخلود ، من غير موت ، أو ضمن له أن يبقى فيها ، ولا يخرج ، بل في هذه الآيات إشارة إلى أنه سوف يمر بتجربة ابتلاء واختبار ، وحذره من أسباب الخروج من الجنة ، وبين له ما يلقاه ، إن هو خرج منها .


الثالثة :
أن يكون آدم عليه السلام ، قد علم أن الخلود مضمون له ، من غير أن يأكل من هذه الشجرة ؛ فقد يكون آدم عليه السلام علم أن هذه الجنة هي جنة الخلد ، لكن الخلود فيها يتطلب سببا آخر ، سوى مجرد دخوله إليه ، فأغواه الشيطان ، ووسوس له أن سبب خلوده فيها ، هو أكله من هذه الشجرة . قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) طه /120 .
الرابعة :
أن يكون على علم بذلك كله ، ثم لا ينساه ؛ فأما إذا نسيه ، أو أنساه الشيطان ذكر ذلك ، فلا مانع أن يغويه ، ويوسوس له في لحظة ذهوله عنه ، ونسيانه له . وقد وصف الله آدم عليه السلام بأنه نسي عهده له ألا يقرب هذه الشجرة ، قال تعالى : ( وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، وقال تعالى أيضا : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) طه /115 .
فالحاصل :
أن الله عز وجل إنما وعد عباده بالخلود في الجنة بلا موت : إذا هم قاموا إليه ، بعد ما مروا بتجربة الاختبار في هذه الدنيا .
وليس في شيء من نصوص الشرع أن الله وعد آدم بذلك ، من أول الأمر ، ولا أنه ضمنه له ، بل فيها ما يشير إلى أنه قد يخرج منها فعلا ، إذا خالف عهد الله له بعدم الأكل من الشجرة، ولذلك خلقه الله : أن تتم عليه ، وعلى ذريته تجربة الابتلاء والاختبار في هذه الدنيا ، كما قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة /30 .
حتى إذا انقضت هذه الدار ، وقام الناس لرب العالمين : ثبت الخلود في جنة النعيم ، لآدم عليه السلام ، ومن آمن من ذريته ، خلود بلا موت ، ولا خروج ، هذه المرة .
ولم تكن لآدم تجارب سابقة في العصيان، فلم يعرف كيف يتوب، فألهمه الله سبحانه وتعالى عبارات التوبة (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) (الأعرف) وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.


هبوط آدم وحواء إلى الأرض:

وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.

يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذا التصور غير منطقي لأن الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. أما تجربة السكن في الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداء الشيطان.

هابيل وقابيل:

لا يذكر لنا المولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه السلام في الأرض. لكن القرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.

كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريد زوجة هابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة (المائدة):

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) (المائدة)

لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:

إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)

انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.

قال آدم حين عرف القصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.



موت آدم عليه السلام:

وكبر آدم. ومرت سنوات وسنوات.. وعن فراش موته،


قصة وفاة سيدنا ادم ووصيته لابنه شيث عليهم السلام :


ومعنى شيث : هبة الله وسمياه بذلك لآنهما رزقاه بعد قتل هابيل.
قال ابو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل مائة صحيفة واربع صحف ، على شيث خمسين صحيفة
قال محمد بن اسحاق : ولما حضر ت آدم الوفاة عهد الى ابنه شيث . وعلمه ساعات الليل والنهار ، وعلمه عبادات تلك الساعات ، واعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك . قال ويقال إن أنساب بني آدم تنتهي كلها اليوم الى شيث عليه السلام، وغير اولاده انقرضوا وبادوا والله اعلم
ويوم توفي ادم عليه السلام كان يوم الجمعة - جاءته الملائكه بحنوط وكفن من عند الله عز وجل من الجنة . وعزوا فيه شيثا" عليه السلام، وقال ابن اسحاق : وكسفت الشمس والقمر سبعة ايام بلياليهن.
ولما حضر الموت سيدنا ادم قال لبنيه: اي بني إني اشتهي من ثمار الجنة -فذهبوا يطلبون له فاستقبلتهم الملائكة
ومعهم اكفانه وحنوطه ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل فقالوا لهم يابني ادم ماتريدون واين تطلبون
قالوا : ابونا ابونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم ارجعوا فقد قضى ابوكم
فجاؤوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم
فقال اليكي عني فإني انما اتيت من قبلك فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه
وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه . ثم ادخلوه قبره فوضعوه فيقبره، ثم حثوا عليه . ثم قالوا يابني ادم هذه سنتكم
ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كبرت الملائكة على ادم اربعا"................................
واختلفوا في موضع دفن فالمشهور انه دفن عند الجبل الذي اهبط منه في الهند وقيل بجبل ابي قبيس بمكه ويقال ان نوحا" عليه السلام في زمن الطوفان حمله هو وحواء في تابوت فدفنهما في بيت المقدس ويقال ايضا" ان رأسه عند مسجد ابراهيم عليه السلام ورجلاه عند بيت المقدس، وماتت حواء بعده بعام، واختلف بعمره عليه السلام
فقدمنا في الحديث عن ابن عباس وابي هريرة رضي الله عنه عليهما مرفوعا" :
ان عمره اكتتب في اللوح المحفوظ الف سنه وفي التوراة من انه عاش تسعمائة وثلاثون سنه وهذا يخالف المحفوظ ومطعون فيه اذا كان التوراة محفوظا"محمول على مدة مقامه بالارض بعد الاهباط وذلك تسعمائة وثلاثون سنة شمسيه وهي بالقمرية (957) سنه ويضاف عليها (43) سنه مدة مقامه في الجنه قبل الاهباط فالمجموع (1000) سنه فلما مات ابونا ادم بكت عليه الخلائق سبة ايام برواية ابن عساكر
فتولى الامر من بعده ابنه شعث وكان نبيا"بنص الحديث عن ابي ذر : أنه أنزل عليه خمسون صحيفة
وبعده ابنه انوش ثم ابنه قنين ثم ابنه مهلابيل وهو زعيم الاعاجم من الفرس ( ملك الاقاليم السبعة) وهو اول من قطع الاشجار وبنى المدن والحصون الكبار وهو من بنى مدينة بابل ومدينة السوس الاقصى وانه قهر ابليس وجنوده وشردهم بالارض الى اطرافها وشعاب جبالها وانه قتل خلقا" من مردة الجن والغيلان وكان له تاج عظيم وكان يخطب بالناس ودامت دولته (40) سنه فلما مات استلم الامر ولده يرد فلما حضرته الوفاة اوصى الى ابنه خنوخ وهو ادريس عليه السلام

وفي موته يروي الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحد فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطىء آدم فخطئت ذريته".

رووح الورد
02-11-2016, 11:06 PM
السلام عليكم
••الراقيه أم الهنووف••
ماأرووع ما تضعين في بساتين
القسم الإسلامي من غراس
جعلك الرب للصلاح نبراااس
سنرتششف فيه سير خير الأنام
وخير من وطأ على الأرض وصلى وقام
صلوات ربي وسلامه عليهم
وجمعنا بهم يوم الزحام
طرح يسمو لأعلى مرااتب الفوائد
يستحق التثبيت
بارك الرحمن فيك وعليك
شكرا لك

ام الهنوف
03-11-2016, 09:13 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15898&stc=1






شيث عليه السلام



لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً.


هو نبي الله شيث ابن سيدنا ءادم عليهما الصلاة والسلام من صلبه، وقد ولدته حواء عليها السلام بعد أن قتل قابيل أخاه هابيل.

ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَ هابيل.

جعل الله تعالى شيثًا نبيًّا بعد موت سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام، وأنزل عليه خمسين صحيفة،

روى أبو ذر الغفاريّ رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أُنزل على شيث خمسون صحيفة" رواه ابن حبان.

ولقد ذُكر أن ءادم عليه السلام قبل موته ، كتب وصيته ثم دفع كتاب وصيته إلى شيث

وأمره أن يخفيه عن ولده قابيل وولده،

لأن قابيل كان حسودًا ولذلك قيل: إن شيثًا كان وصيّ أبيه ءادم عليه السلام في مخلّفيه.


قام سيدنا شيث بالأمر بعد سيدنا ءادم عليه السلام

وصار يدعو إلى طاعة الله وتطبيق شريعة الله، وقد كان الناس في زمانه على دين الإسلام

يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئًا، وأنزل الله عليه شرعًا جديدًا وهو

تحريم زواج الأخ من أخته غير التوأم بعد أن كان حلالاً في شرع ءادم.


وصار الناس يمتثلون إلى شريعته وشريعة أبيه عليهما السلام، ومما شرع لهم تحريم الاختلاط بقوم قابيل،

لما كان من فساد أمرهم، وسوء أخلاقهم، والتزموا بأمره بعدم التوجه إلى السهول والاختلاط بقوم قابيل،

امتثالاً لهذا التشريع الرباني من نبي الله شيث، الذي بقي الناس ممتثلين له،

أقام سيدنا شيث بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات،

فإن مكان البيت كان معلوماً لآدم عليه السلام، وقيل إنه هو الذي وضع قواعده،

أما حج الأنبياء كلهم للبيت منذ آدم عليه السلام فقد ورد في عدد من الأحاديث والآثار،

فمن ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان

عن أنس بن مالك رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبراً أو أكثر

علماً فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم، ثم حج آدم فاستقبلته الملائكة فقالوا: يا آدم من أين جئت؟

قال: حججت البيت، فقالوا: لقد حجته الملائكة من قبلك.

وقد جاء منصوصاً عليه في أثر عروة بن الزبير رضي الله عنهما، أنه قال: ما من نبي إلا وقد حج البيت،

إلا ما كان من هود وصالح، ولقد حجه نوح فلما كان من الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض،

وكان البيت ربوة حمراء، فبعث الله هوداً عليه السلام فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات،

فلما بوأه الله لإبراهيم عليه السلام حجه، ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه. أخرجه البيهقي في السنن.


حين وفاة سيدنا شيث، قيل إن شيثًا لما مرض أوصى إلى ابنه أنوش، وقيل دفن مع أبويه ءادم وحواء عليهما السلام

في غار بأبي قبيس في مكة، ويقال إنه دفن بقرب مسجد الخيف بمنى.

فعُهد أمر الناس بعده إلى ابنه أنوش، ولم يبعث الله تعالى نبيا بعده مباشرة، بل بقي الناس دون نبي،

متبعين ما شرع لهم هذا النبي الكريم، وأبوه آدم عليهما سلام من الله.

قال المؤرخون: قام أنوش بعد وفاة أبيه شيث على منهجه من غير تبديل ولا تغيير ثم بعده ولد قَيْنَان،

ثم من بعده ابنه مهلاييل وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملَك الأقاليمَ السبعة،

ثم بعده ابنه يَرْد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده أخنوخ وهو إدريس عليه السلام على المشهور.

ويروى إلى انه شيث يرجع أنساب بني ءادم كلهم اليوم، وذلك أن نسل سائر ولد ءادم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا

ولم يبق منهم أحدٌ، والله أعلم.


بداية العصيان

مع غياب الأنبياء بعد وفاة أنوش، أراد الشيطان أن يوقع المعاصي في بني آدم، ويستميلهم ليعصوا الله تعالى، ويطيعوا هوى أنفسهم، ليكون ذلك بداية العصيان في الأرض، والخروج عن أمر الله تعالى، فذهب إلى قوم قابيل في السهول لِما يُعرف عنهم من ميل للباطل، وبعدٍ عن القوم الصالحين، فتشكل لهم بهيئة غلام، وعمل أجيراً لدى رجل منهم، وبعدها بزمن أخذ يبتكر لهم الأمور الغريبة..
وأشكال اللباس المتنوعة، فكان كما يقال في عصرنا الحالي «من يبتكر لهم الموضة»، ثم جعل لهم عيداً يجتمعون فيه، فتتبرج النساء للرجال، وصنع لهم مزماراً كمزامير الرعاة، وأخذ يزمر فيه بصوت جميل لم يُسمع مثله من قبل.
في تلك الأثناء أخذ الصوت ينتقل في الهواء، حتى اقترب من الجبال، فسمعه بعض قوم آدم من ضعيفي النفس، ولفتت غرابته انتباههم، فأخذوا يقتربون من ديار قوم قابيل، ويراقبونهم من بعيد، ويستمعون إلى مزاميرهم، لكنهم انتهوا عن عصيان ما في شريعة شيث عليه السلام، واكتفوا بالاستماع والمشاهدة من بعيد.


أول معصية زنا

وفي إحدى المرات تجرأ رجل من قوم شيث عليه السلام، ودخل بين قوم قابيل في عيدهم، فتعجب من حسن نسائهم، وطريقة تبرجهن، حيث كانت نساء السهول من قوم قابيل صَباح الوجوه، وفي رجالهم دمامة، فيما كان رجال الجبال من قوم آدم صباح الوجوه وفي نسائهم دمامة، ثم رجع ذلك الرجل إلى رفاقه، وأخبرهم بما رأى من حسن وجمال وتبرج، حتى أغراهم بما قال ووصف، فعصوا شيثاً عليه السلام، ودخلوا في عيدهم، واختلطوا بنسائهم، وافتتنوا بحسنهن، وافتتنت النساء بحسنهم، فتحلقوا حولهم، وحدث اللقاء بينهم، ليكون ذلك أول زنا يقع في تاريخ البشرية.
بعد تلك الحادثة تسامع ضعفاء الإيمان من قوم شيث ما حدث، فهفت نفوسهم إلى المعاصي والافتتان بالنساء، وأخذوا يهاجرون من الجبال إلى السهول، حتى بدأ يقل عدد أصحاب شيث عليه السلام مقابل زيادة عدد قوم قابيل، ودب الفساد والفسق والفواحش في قوم قابيل ومن هاجر إليهم، وامتد فحشهم إلى خارج قراهم، فأخذوا يهجمون على المؤمنين فيؤذونهم ويقتلون منهم.

ام الهنوف
06-11-2016, 09:48 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15923&stc=1






أدريــــس عــــليه الــــــــسـلام




ادريس هو نبي الله بعد ادم عليه السلام فبعد موت ادم ورث الوصية ابنه شيث .وشيث هو جد جد ادريس وبينهم اربع او خمس اجيال ففي كتب السيرة يذكر ادريس ابن يرد ابن مهلائيل ابن قينان ابن يانش ابن شيث ابن ادم عليه السلام .وشيث لم ياتيه الرسالة ولكن ورث اباه في العلم والحكمة وظل الناس على التوحيد لمدة 15 قرنا

إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.

نـــــــــســــــــــبـــــــــــه:

هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.
وعن القرطبي انه سمى ادريس لكثرة درسه لكتاب الله تعالى وانزل الله عليه 30صحيفة كما في حديث ابا ذر


حـــــــــيــــــاتـــــــــــــــــه:

وادريس اول رسول بعد ادم وقد قيل إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر, وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم
فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره،
فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله،
وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق.

وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم.
وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن،
فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة
وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم)
وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة)
وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر).


فعمل طفقة حضارية فهو اول من خطا بالقلم وخاط الثياب ولبس المخيط وكان خياط ومع كل غرزة يسبح الله ويذكره واول من بشر بالقران وعلمه الله علم النجوم والافلاك وتعلم مفاتيح العلوم علم الناس الكتابة بالقلم وكان رجل متاني في كلامه كثير الصمت وكثير الحكمة والفكر وهذه الصفات كتبها في اسفاره .




قـــــــــــــــــــــصــــــة وفـــــــاتـــــــــــــــه:


قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا

وعن وفاته.. سأل ابن عباس كعباً فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً
عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه الله خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا , فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك.

فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}.
ســــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــحــــــــــــــــــان الــــلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــه






****
نبذة عن ما قيل في حياة سيدنا إدريس عليه السلام


****
كان النبي أدريس يسكن في قرية يحكمها طاغية متجبر ، رآى هذا الجبار أرضا خضراء فأعجبته ، فسأل وزراءه : لمن هذه الارض ؟ قالوا : لعبد من عبدالملك فلان الرافضي ، فدعا أن يأتونه به فقال له : أعطيني أرضك هذه ، فقال له : أبنائي أحوج إليها منك ، قال : فسمني بها أثمنها لك ، قال : لا أعطيك ولا أسومك دع عنك ذكرها ، فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم مفكر في أمره ، وكانت له امرأة من الازارقة وكان بها معجبا يشاورها في الأمور كلها إذا نزل به أي شيء ، فلما استقر في مجلسه بعث إليها ليشاورها في أمر صاحب الارض فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب ، فقالت له : أيها الملك ما الذي دهاك حتى بدأ الغضب في وجهك فأخبرها بخبر الارض ومن قول صاحبها له فقالت : أيها الملك إن ما يغتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام وإن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره واصير الأرض لك , فبعثت بقوم من رجالها إليه وهم الأزارقة وقتلوه وأخذ ذلك الطاغي الجبار تلك الأرض ، فغضب الله عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس عليه السلام أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك فأحوجت عياله من بعده و أجعتهم ؟ أما وعزتي لانتقمن له منك في الآجل ، ولاسلبنك ملكك في العاجل ، ولاخربن مدينتك ، ولأ ذلن عزك ، ولا طعمن الكلاب لحم امرأتك ، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك .
فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه .
فقال : أيها الجبار إني رسول الله إليكم وهو يقول لك : وقال له ما أوحي أليه من ربه , فقال الجبار : اخرج عني يا إدريس فلن تسبقني بنفسك ، ثم أرسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت : لا يهولنك رسالة إله إدريس ، أنا ارسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكل ما جاءك به ، قال : فافعلي ، وكان لادريس أصحاب من الرافضة مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عزوجل إليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغ رسالة الله إلى الجبار ، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل ، وبعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه ، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له : خذ حذرك يا إدريس فإن الجبار قاتلك ، قد بعث اليوم أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية ، فتنحى إدريس عن القرية من يوم ذلك ومعه نفر من أصحابه ، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال : يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك ، وقد توعدني هذا الجبار بالقتل ، بل هو قاتلي إن ظفر بي ، فأحى الله إليه أن تنح عنه واخرج من قريته وخلني وإياه ، فوعزتي لا نفذن فيه أمري ، ولا صدقن قولك فيه وما أرسلتك به إليه .
فقال إدريس : يا رب إن لي حاجة ، قال الله : سلها تعطها ، قال : أسألك أن لا تمطر السماء على أهل هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى أسألك ذلك ، قال الله عزوجل : يا إدريس إذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون ، فقال إدريس : وإن خربت و جهدوا وجاعوا ، قال الله : فإني قد أعطيتك ما سألت ولن امطر السماء عليهم حتى تسألني ذلك وأنا أحق من وفى بعهده ، فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله عزوجل من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله إليه ووعده أن لا يمطر السماء عليهم حتى أسأله ذلك ، فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى ، فخرجوا منها وعدتهم يومئذ عشرون رجلا فتفرقوا في القرى ، وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل الله تعالى ، وتنحى إدريس إلى كهف في الجبل شاهق فلجأ إليه ووكل الله عزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء ، وقد نفذ الله وعده للملك عند ذلك فقتله وأخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن ، وظهر في المدينة جبار آخر عاص فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء قطرة من مائها عليهم ، فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة من القرى من بعد ، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا : إن الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو ، وقد خفي إدريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه ، فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا إليه و يسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم ، فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح ، وحثوا على رؤوسهم التراب ورجعوا إلى الله عزوجل بالتوبة والاستغفار والبكاء و التضرع إليه ، وأوحى الله عزوجل إليه : يا إدريس أهل قريتك قد عجوا إلي بالتوبة والاستغار والبكاء والتضرع ، وأنا الله الرحمن الرحيم أقبل التوبة وأعفو من السيئة وقد رحمتهم ، ولم يمنعني إجابتهم إلى ما سألوني من المطر إلا مناظرتك فيما سألتني أن لا امطر السماء عليهم حتى تسألني ، فاسألني يا إدريس حتى اغيثهم وامطر السماء عليهم .
قال إدريس : اللهم إني لا أسألك ذلك ، قال الله عزوجل : ألم تسألني يا إدريس فسلني ، قال إدريس : اللهم إني لا أسألك ، فأوحى الله عزوجل إلى الملك الذي أمره أن يأتي إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه ولا تأته به ، فلما امسى إدريس في ليلة ذلك اليوم فلم يؤت بطعامه حزن وجاع فصبر ، فلما كان في اليوم الثاني فلم يؤت بطمامه اشتد حزنه وجوعه ، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه وقل صبره فنادى ربه : يارب حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي ؟ ! فأوحى الله عزوجل إليه : يا إدريس جزعت أن حبست عنك طعامك ثلاثة أيام ولياليها ، ولم تجزع ولم تنكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة ؟ ! ثم سألتك عن جهدهم ورحمتي إياهم أن تسألني أن امطر السماء عليهم فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقتك الجوع فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك ، فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك ، فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب اكلة من جوع ، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها : أيتها المرأه أطعميني فإني مجهود من الجوع ، فقالت له : يا عبدالله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا - وحلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية ، قال لها : أطعميني منا امسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب ، قالت : إنهما قرصتان : واحدة لي والاخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت ، وإن أطعمتك قوت ابني مات ، وما هنا فضل اطعمك إياه ، فقال لها : إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى بها ويجزيني النصف الآخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله ، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصه اضطرب حتى مات ، قالت امه : يا عبدالله قتلت علي ابني جزعا على قوته ؟ ! قال إدريس : فأنا احييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال : أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله فلما سمعت المرأة كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت : أشهد أنك إدريس النبي ، وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : ابشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم ، ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول و هي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له : يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها مسنا الجوع والجهد فيها ؟ فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا ، قال : لا حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك ، فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس ، فأتوه فقالوا له : إن الجبار بعث إليك لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له : يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه ، فقال لهم إدريس : انظروا إلى مصارع أصحابكم ، فقالوا له : يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت ! أمالك رحمة ؟ فقال : ما أنا بذاهب إليه ، ولا أنا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ما شيا حافيا وأهل قريتكم ، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه وبقول إدريس واسألوه أن يمضي معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس حفاة مشاة ، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله لهم أن يمطر السماء عليهم ، فقال لهم إدريس : أما الآن فنعم ، فسأل الله تعالى إدريس عند ذلك أن يمطر السماء عليهم و على قريتهم ونواحيها فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا أنها الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء .

البوسعيدي2012
06-11-2016, 12:03 PM
ما شاء الله

طرح في قمة الروعة

تسلمي

في ميزان حسناتك بإذنه تعالى

ام الهنوف
07-11-2016, 10:36 AM
نـــوح عـــلـيـه الـــــســـلام


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15940&stc=1


حـــــــــــــــــال الـــــــــــنــاس قـــــبــــل بـــعـــثـــة نـــــــوح:

قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا،

كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا).

بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم..

ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة..

واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.


ســـــــــــيـــــــــــرتــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــه:

نوح عليه الصلاة والسلام لقّب بأبي البشر الثاني، وهو أوّل رسول أرسله الله إلى الناس؛ لدعوتهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، وهو نوح بن لامك بن

متوشلخ بن أخنوخ أي أدريس وينتهي نسبه إلى شيث عليه السلام بن آدم أبي البشر، وعرف قبل النبوّة بالصلاح، والسيرة الحسنة، والاستقامة،

والخلق الرفيع، ومحبّته بين الناس، وذكر نوح عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم في 43 موضعاً، وذكرت في القرآن الكريم سورة باسمه

"سورة نوح"؛ لأنّه تحمل الأذى الكبير من قومه؛ صنّفه الله سبحانه وتعالى مع الرسل أولي العزم .



بعثة نوح عليه السلام:

بعث النبي نوح عليه الصلاة والسلام إلى قوم "بني راسب"، وكانوا من عبدة الأصنام؛ فأمر الله سبحانه وتعالى النبيّ نوح عليه الصلاة والسلام بتبليغ رسالة الوحدانيّة

كان سيدنا نوح عليه السلام على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث

ثم يوم للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم.شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد

خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل،

وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل.

تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء

والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح.

في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا

قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.

قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.

رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.

في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والأراذل.

هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة. قالوا لنوح: اسمع يا نوح.

إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم..

ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء.

واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده.
أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنما هم ضيوف الله..

وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.

كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه.

وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.

قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون.

إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم،
إن أجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه.

أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدوده كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من طردهم،

فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.

وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله،

وهي إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته

ليست كمنزلة الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع

لاحتقاركم لهم، الله أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا.

وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)

أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال. غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما اختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.

وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:

قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)

ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.

وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.

وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

برر نوح دعوته بقوله:

إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)



الـــــطــــــــــوفـــــــــــــــــــان:

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15939&stc=1


ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه، وعلى مرأى

منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة. أصدر الله تعالى أمره إلى نوح: (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما

كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.

وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة. انتظر سنوات، ثم قطع ما زرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة،

بدأ نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة، والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه

السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم

من نوح. وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!

إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر من الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن

نصيبه، وأن العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.

انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. حتى أوحى الله إلى نوح أنه إذا فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه

بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة.

وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح عليه السلام يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به، قال للذين آمنوا إركبوا في السفينة إركبوا فيها ،

بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ,وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين

اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات. كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة. وساق

جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين، لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا

ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة. صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15938&stc=1


لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان معه ثلاثة أبناء "سام، وحام، ويافث"، أمّا الابن الرابع كنعان فلم يتبعه.وكان هذا الابن الرابع يخفي

كفره ويبدي الإيمان أمام والده سيدنا نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون.

قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.

ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع

ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.

ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. بدأت الامواج تتساقط والناس يهربون و يغرقون

ويستغثون ويصرخون وأهل الايمان تطفوا سفينتهم ، سفينة النجاة سفينة نوح عليه السلام والذين آمنوا به ، بدأ الماء يرتفع شيئا فشيئا ، بلغت

الامواج رؤوس الجبال ، والناس يصرخون ويبكون ، ويسرع كل منهم إلى رؤوس الجبال .


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15937&stc=1
نوح عليه السلام في هذه اللحظات تذكر أحد أبنائه " كنعان "بدأ يبحث عنه بين المؤمنين ، أين إبني أين فلدة كبدي ،

يسأل أبنائه أين أخوكم " كنعان " قالوا يا أبانا لم يركب معنا ، أخذ وهو على السفينة ينظر في الناس ،

من غرق ومن هرب ومن يصعد الجبال ، فرأى إبنه من بعيد رأى إبنه وفلدة كبده

رأى إبنه بعيدا عن الكفار ، الكفار في جانب وهو بعيد عنهم ،

فظن نوح أنه ربما قد أخفى إيمانه { وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ } كان بعيدا عن الكفار

{ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا } يابناي إدركنا يابناي تعال في السفينة ،

لازال في الامر مُتَّسع يابني إدرك نفسك { يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ } نوح عليه السلام في هذه اللحظات لم يتاملك نفسه ،

إنه أب وهذا إبنه إنها العاطفة إنها الرحمة في القلب لم يستطع أن يتمالك نفسه ينادي إبنه ، لكنه العِناد في إبنه لكنه الكبر ، قبح الله الكبر والعناد ،

فإذا بإبنه يقول قال { سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء } لا زالت هناك جبال لم يغطيها الماء ، قال سأوي إلى جبل يحمني من الغرق

يحميني من الماء ، فرد نوح عليه السلام لأنه يعلم هذا ليس بمطر هذه ليست مياه عادية ، بل إنه عذاب الله نزل ، قال له نوح عليه السلام قال

يابني { لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } فإذا بنوح عليه السلام يرقب إبنه ، إبنه يفر إلى الجبل ويرقى الجبل والماء تحته ويصعد الجبل

والماء تحته ونوح يرقبه ويرقبه ويناديه ، لكنه لايبالي ، قال الجبل سيحمني الجبل سيحمني ،

حتى إذا بالماء يلفظ إبنه إذا بالماء يُغرِق إبنه { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } كم حزن كم حزن نوح عليه السلام على إبنه ،

ولكن هذا أمر الله عز وجل ، لا شفاعة إنه إبن نبي ، أمر الله إذا نزل لا يشفع فيه أحد ويرد أمر الله عز وجل أحد ، أما أهل الايمان

فقد حمدوا الله عز وجل
وقالوا { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }


ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.

نادى نوح ابنه قائلا : يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ

ورد الابن عليه : قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء

عاد نوح يخاطبه : قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ


وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ


انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.

واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض. وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق.

كانت السفينة تجري بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار، ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض، وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.

استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر الطوفان الأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض. (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه، وقيل كان ذلك يوم عاشوراء. فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق.

لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد، آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة.قال تعالى في سورة (هود):

وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)


أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين.



وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة


الأولى:

يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

قال العلماء ، أنه لم يكن نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وأنه يظنه كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب.

أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.

وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في العقيدة.

هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض.

واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15936&stc=1


بقي نوح عليه السلام بعد الطوفان لسنوات يدعو أهل الايمان يعلمهم دين الله عز وجل ، ويبلغ رسالة الله سنوات ، إنها لحياة طويلة وهو يعلم الناس ويصدع بالحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }

لم يبقى في الارض إلا أهل الايمان ولكن لكل شيء نهاية ، إقتربت نهاية نوح عليه السلام في اللحظات الاخيرة ،

مرض نوح عليه السلام وهو على فراش المرض بالقرب منه إبنه ، قال يابني إني موصيك وصية ،

قال أوصني يآأبي قال إسمع يابُني ، لو أن السموات السبع والارضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت بهن لا إله إلى الله ، يابني لو أن السموات السبع والارضين حلقة لقسمتهن لا إله إلا الله { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ }

دعوة الانبياء بها بدأوا دعوتهم وبها تختم دعوتهم ، ظل أهل الايمان أهل التوحيد بعد وفاة نوح عليه عليه السلام لِسنوات الله أعلم بها ،

لكن ما الذي حصل هل ظل التوحيد على حاله ، هل ظل أهل الايمان على إيمانهم هل ظل الموحدون وتركهم إبليس وتركتهم الشياطين أبدا { يَا بَنِي آدَمَ } الله عز وجل ينادي بني آدم يُذكرهم بالتوحيد فيقول لهم { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } دَبَّ الشرك في الارض مرة أخرى ،

وبدأت الشياطين تحرف الناس عن دين الله عز وجل ، نعم توفي نوح نعم أدى الامانة نعم بلغ الرسالة وأهل الايمان بقوا ولم تبقى إلا ذرية نوح عليه السلام ،

ولكن أهل التوحيد جاءت الشياطين إليهم وبدأ الشرك يبدأ صغيرا وصغيرا وشيئا فشيئا بدأ الشرك الخفي يَدُبُّ في قلوب الناس حتى إنتشر شيئا فشيئا ، حتى كبر الشرك وانتشر في الناس وعَظُمَ وبدأ الشرك الاكبر في الارض مرة أخرى

ولقد { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْك لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلك , وَلَتَكُونَن مِنْ الْخَاسِرِينَ }




لكن السؤال ما الذي حصل بعد نوح عليه السلام أولُوا العزم من الرسل ؟،

ومن الذي أتى ومن دعا الناس إلى التوحيد مرة أخرى ؟

ومن أرجعهم إلى دين الله جل وعلا ؟

وهل يترك الله البشر هكذا بغير كتاب يُنزل أو رسول يُرسل إليهم ،؟


*********

هذا ما سوف نعرفه بالقصة القادمة إنشاء الله من قصص الانبياء ,,

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ,,


*********

ام الهنوف
08-11-2016, 12:57 PM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15957&stc=1

سيدنا هـــــــــــــــــــود عليه السلام




عبادة الناس للأصنام:

بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض.

فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء.

نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.

قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها،

وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله.

وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية.



كان هناك قبيلة اسمها "عاد"وسميت بهذا الاسم نسبة الى عاد بن إرم وهي أول من عبد الأصنام بعد نوح

عليه السلام وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف..

والأحقاف جمع حقف وهي ما استطال واعوج من الرمل العظيم

ولا يبلغ أن يكون جبلا،وهي صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر.

أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قومهم من أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام،

والطول والشدة..

كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم

عقول مظلمة. فلم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.


« إرَم » المدينةُ العجيبة



كانَ قوم عادٍ قد بَنَوا في تلكَ الفترةِ أعظمَ مدينةِ في العالَمِ
،
هي مدينةُ إرمَ

قال الله تعالى:

" ألم ترَ كيف فعلَ ربُّكَ بعاد ( 6 ) إِرَمَ ذاتِ العِماد ( 7 ) التي لم يُخلَق مِثلُها في البلاد ( 8 )"، سورة الفجر،

إرم التي لَم يُخْلَقْ مِثلُها في البِلاد

المدينة التي بنيت من الصخور وتكثر فيها الأعمدة وقد وصف الله مدينة إرم بأنه لم يوجِد مدينة أخرى مثلها وأنها ذات أعمدة،

وأنها كانت ذات مزراع كجنان وجدت على الأرض، وعيون ماء لتزدهر هذه الأراضي،

كانت مليئةً بالقُصورِ والحَدائقِ والبساتينِ.. وقد رزقهم الله بالأولاد، فتكاثروا وأصبحوا ذوي عدد مما أمدهم بالقوة العددية،

ورزقهم بقوة جسدية وعقلية شديدة، قال تعالى: "وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً" سورة الأعراف،

أي فضلهم الله وزادهم على باقي الخلق بالقوة الجسدية والعقلية وقد ظهر ذلك من بناء مدينتهم


وكان رد فعلهم على هذه النعم هي الجحود والنكران لها، فقد كانوا لايعبدون الله عز وجل، فقد قاموا بعبادة الأصنام كما فعل قوم نوح من قبل.

ولم يكتفوا بهذا بل قامو بإفساد الأرض وأنتشرت بينهم العداوة والبغضاء.

ولكن حكمة الله كبيرة فالبرغم من كل ذلك أرسل الله عليهم النبي هود عليه السلام حتى يقوم بهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور. .


إرسال هود عليه السلام:

أرسل الله عز وجل سيدنا هود عليه السلام نبياً عربياً وهو أول نبي عربي أرسل الى قوم عاد ،

ويرجع نسبه على أنه

هود بن شالخ أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك متوشالح بن أخنوخ ( إدريس ) عليه السلام بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام ,,,والله أعلم

وهود هو أحد أفراد قوم عاد، وهم في الترتيب القرآني قوم أتوا بعد قوم نوح كما تقول الآيات الكريمة وقد ذكر ذلك صراحة

في الآية الكريمة:

" أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)" سورة الأعراف،

فهم قوم استخلفهم الله في الأرض بعد قوم نوح ليعبدوه ويصلحوا الأرض.


أرسله الله عز وجل لقوم عاد الذين طغوا في الأرض وتجبروا فيها ،

كان هود عليه السلام رجلاً فاضلاً في قومه، كان أرجح قومه عقلاً. أمر الله هود عليه السلام أن يذهب برسالته إلى قوم عاد، فأطاع هود ربه،

وذهب إليهم وقال لهم انه نبي من الله وقد جاء لهدايتهم. وقال لهم أن هناك إلهاً واحداً للكون وليس هناك غيره وهو الذي يجب أن تعبدوه وتتجهوا

إليه بالدعاء طالبين منه الهداية، فالأصنام التي تعبدوها لايمكن أن تنفع أو تضر. فمن آمن وعمل صالحاً كافأه الله بالجنة ومن كفر به فعقابة جهنم

وبأس المصير، وقد حذرهم من إغلاق آذانهم عن الحق والأستماع إلى مايقوله حتى لايصيبهم مثل ما أصاب قوم نوح عليه السلام.

قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).

وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم

نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به

الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟

{ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً }

قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟

قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من قومه.

إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب.

كيف يعود هذا كله إلى أصله؟!

ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..

أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس.

قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة.

إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض.

إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها.

فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي..

وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة.

فأين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير.

فهل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء.

ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى.

ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.

وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه.

إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب،

ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض،

فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود،

وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع

لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا،

والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

دعاهم هود بعبادة الله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات..

وتعجبوا أن يبعث الله من في القبور، ونكروا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد

تحوله إلى التراب،

رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان

من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول.

لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟!

إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس،

أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.




موقف الملأ من دعوة هود:


قال تعالى: إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ

يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.

سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم اللذين يقفون ضد الأنبياء.

يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة.
ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون:

أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟

بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر ..

كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟

قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!

تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء.

قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟

قال هود: الله .

قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وقال لهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله.

و أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.

واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم.

وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون.

قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنها لا تسمع ولا ترى

ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم،

وهود لم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم:

(وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي.

لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده.

لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم..

قال تعالى:

إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ

وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)


إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء.

إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال،

فهو على استعداد لتلقي كيدهم، ما يعني انه على استعداد لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ

بناصية كل دابة في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.

بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع

الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله رسالته و يأدى الأمانة.

فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين.

فاستكبروا وتفاخروا بقوتهم وقالوا لهود :( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )
وأخذوا يسخرون منه ويستعجلون العذاب والعقوبة في سخرية واستهزاء فقالوا ( فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )
قال هود عليه السلام

: ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )

و من هنا تبين أن عليهم أن ينتظروا العذاب.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15956&stc=1
هلاك عاد:

وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه.

هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.

انتظر هود وانتظر قومه وعد الله.

﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾



وبدأ الجفاف في الأرض.

لم تعد السماء تمطر.

وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟

قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم.

قال سيّدُنا هودٌ و وَعظَ قومَهُ. َ

قال تعالى : (( يا قومِ استَغفِروا ربَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إلَيه يُرسِلِ السَّماءَ علَيكُم مِدْراراً ويَزِدْكُم قُوَّةً إلى قُوَّتِكُم .

فسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر.

زاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء
ومات الزرع.

وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء.

وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون:

(هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

تغير الجو فجأة من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس.

بدأت الرياح تهب.

ارتعش كل شيء،

ارتعشت الأشجار والنباتات

والرجال والنساء والخيام.

واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم.

كل ساعة كانت برودتها تزداد.

وبدأ قوم هود يفرون،

أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،

اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام،

واختبئوا تحت الأغطية،

فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية.

كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره.

لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15955&stc=1

لم يفكّروا بكلماتِ سيّدِنا هودٍ، لم يُفكّروا بمَواعِظهِ ونَصائحهِ،

كانوا يَنظُرونَ إلى تلكَ التماثيلِ الحَجَريةِ فقط..

كانوا يَعتقدَونَ أنّ تلكَ الحجارةَ الصَّمّاءَ هي التي تَرزُقُهم وتَمنَحُهم الخيرَ والبركةَ و النَّماء.

قالَ سيّدُنا هودٌ وهو يَرى نُذُرَ العذاب:

كلاّ، بل هو ما استَعجَلتُم به، ريحٌ فيها عَذابٌ ألِيمٌ تُدمِّرُ كلَّ شيء.

أوى سيّدُنا هودٌ إلى الجبلِ ولجأ اليه المؤمنونَ...

استمرت الرياح مسلطة عليهم

سبع ليال وثمانية أيام

لم تر الدنيا مثلها قط.

قال الله تعالى في سورة الحاقة :

وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)

سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا

فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ

أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (8)



وظَلَّت تَعصِفُ الرياح بِعُنفٍ شديد

لم تَهدأ ولم تَتوقّفْ ليال متتالية ..

لم تَهدأ الاّ بعدَ أن طَمَرت الوادي الخَصيبَ بالرّمالِ،

... تَحطَّمَت المَنازلُ وتَهاوَت الأعِمدةُ المَرمَريةُ الهائلةُ

أمّا أُولئكَ الرجالُ الذين كفَروا برسالةِ هُود عليهِ السّلام، فقد سَقَطوا فوقَ الرِّمالِ...

كانوا طُوالَ القامةِ، لهذا بَدَوا مثِلَ جُذوعِ النَّخلِ اليابسة..

أيام الحسوم لأنها حسمت أمر قوم بكاملهم وجعلتهم غثاء)،

فدمرت الريح كل شيء في المدينة وجعلته رميما،

ولم يبق إلا بيوتهم ومساكنهم ذات الأعمدة لتكون شاهدة على وجودهم بعد موتهم.


كانت الريح ترفع أفراد القوم العمالقة الأشداء في السماء

ثم ترميهم على الأرض كأصول النخل (فقط الساق دون الأوراق أو فروع، كناية عن قطع رؤوسهم)

الخاوية والمنقعرة (أي ساق النخيل التي تم نزعها من الأرض فتترك في الساق حفرة لها قعر، كناية عن قطع رؤوسهم وإخراج أحشائهم)،

ثم تقع على الأرض جوفاء بالية، فحسرتهم فلم تبق منهم أحدا.

وكم هو وصف دقيق لهذا العذاب الشديد، تخيلوا معي؛ ريح قوية وشديدة ترفع أجسادا بشرية عملاقة وقوية في السماء،

تتباعد أيديهم وأرجلهم عن بعضها لطيرانهم في الهواء وفي محاولة بائسة منهم للنجاة مما هم فيه، فترفعهم،

ثم ترطمهم بالأرض مراراً، وتدخل من أفواههم إلى أجوافهم فتنزع أحشاءهم وأعضاء بقوتها وبردها لمدة سبع ليال

وثمانية أيام، حتى أصبحوا جثثا محطمة وخاوية وفارغة؛ بغير أدمغة ولا أمعاء ولا دماء ولا رؤوس ولا أيدٍ لكثرة

ارتطامهم بالأرض وقوة الريح وبرودتها.




أمّا التَّماثيلُ فسَقَطَت على وُجوهِها وتَحَطّمَت، وتَحَوّلَت تلكَ المَعابدُ الوَثنيّةُ إلى أنقاض..
لقد حَلَّت اللعنةُ عليهم..

ثم توقفت الريح بإذن ربها.

لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت.
مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.

نجا هود ومن آمن معه..
وهلك الجبابرة..

قال تعالى ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ )

لحق النبي هود عليه السلام ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

وكانت اعمار قوم هود عليه السلام بحدود اربعمائة سنة. وتوفي النبي هود عليه السلام وله من العمر مائة وخمسين سنة



وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.

ام الهنوف
09-11-2016, 01:21 PM
صـــــالــــح عـــليه الـــسـلام


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15968&stc=1



بـــــداية ,,,

جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، و قوم ثمود هم عرب سكنوا في منطقة الحجر، وهي شمال غرب المدينة،

وتسمى اليوم مدائن صالح، وتعود أصول هؤلاء القوم إلى نفس اصول قبيلة عاد، ولكنهم سكنوا منطقة مختلفة،

كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى،وقد كانوا ذوي قدرة جسمانية هائلة

فحفروا البيوت في الجبال وبنوا القصور فيها،

فلك أخي القارئ أن تتخيل هذه الحضارة في قوم ثمود، فكانت أراضيهم تمتلئ بالعيون والأنهار والمزارع الخضراء.

كما ذكرنا أن قوم ثمود جاء بعد قوم نوح وعاد أصحاب العذاب السابقيين ، لكنّهم لم يعتبروا من قصصهم

بل عادو للكفر والعصيان .

فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم..

وهو صالح بن عبيد بن هشام ينتسب الى ثمود بن عاد بن آرم بن سام،

فقد كان نبينا صالح قبل أن يبعث للرسالة من أشراف قوم ثمود إنساناً طيّباً وحكيماً

فقد كان يتصف بالعقل والحكمة،

وكانوا يرجعون اليه في خصوماتهم، ويسترشدون برأيه في مشاكلهم،

وفي تلك الفترة التي عاشَ سيّدنا صالح عليه السّلام بين أناسُ يُحبّونه كثيراً

لِما عُرِف عنه من الخِصال الحَميدة والصفات الحَسَنة...

وكانَ بعضُ أفرادِ القبيلة يفكّرونَ بأنّ صالحاً سيكون له شأنٌ ومنزلة،

وربّما سَيَرأس قبيلةَ ثَمود القويّة.

اللهُ سبحانه اختارَ سيّدَنا صالح ليكونَ رسولاً إلى قبيلتِه ثمود، لينهى الناسَ عن عبادةِ الأوثان ويعبدوا الله وحدَه.

سيّدنا صالح كان يَعرِفُ أنّ عبادةَ الأوثان مُتأصِّلة في قلوبهم؛ لأنها عبادةُ الآباءِ والأجداد..

وكان يَعرِفُ أنّ زُعَماءَ القبيلةِ أُناسٌ مُفسِدون لا يُحبّون الخير...

وهم يَبطِشون بكلِّ مَن يدعو الناسَ إلى الانصرافِ عن عبادةِ الأصنام.

ولكن سيّدنا صالح عليه السّلام هو نبيُّ الله ورسولُه وهو لا يخاف أحداً غير الله عزّوجلّ.

لهذا أعلَنَ سيّدُنا صالح دعوتَهُ وبَشّر برسالته، ومِن هُنا بدأ الصراع.

وعندما أعطي الرسالة النبي صالح عليه السلام إلى توحيد الله والايمان به، وترك الأصنام وعبادتها،

دعاهم وذكرهم بأنعم الله عليهم وأن الله حكمهم في الأرض، وأسبغ عليهم برحمته الواسعة،

وحذرهم من خسران تلك النعم كما حدث لقوم عاد.



وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير،

كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.

فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. فقد كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم..

وكان له مكانة مرموقة بين أقرانه، وكان يحظى باحترام الكبير والصغير


وقال قوم صالح له:

قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود)


هذا ردهم على دعوة نبيهم الذي أرد لهم الخير فهم كانوا جاحدين كما عرف عنهم؛

فلم يصغوا لدعوة نبيهم صالح -عليه السلام-، وأخذوا يتهمونه بالكذب وأنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة،

وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده،

فكانت لدعوته صدى كبير وهزت كبيرهم وصغيرهم،


تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك.

كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك..

أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها..

وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويندهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده.

وطالبوه بمعجزة تثبت أنه نبي من عند الله، فاستجاب الله لرغبتهم،

وأرسل إليهم معجزة خرجت من الصخر، الذي كانوا يصنعون بيوتهم منه.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15967&stc=1

النـــاقة معــجــرة صالح عليه السلام


(26) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=54#26) إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=54#27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=54#28)

المعجزة التي أرسلها الله لهم ناقة خرجت من صخرة من جبل بعد أن انشقت، لتكون معجزة قوية يصدقونها،

هذه الناقة التي ولدت بغير الطريقة المعروفة، مما جعلهم يندهشون من ذلك،

الذي زاد دهشتهم أن حليبها كان يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال.

قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:

وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود)

والآية تدل ان الناقة كانت هي المعجزة فقد طلب منهم نبي الله صالح أن يتركوها تأكل من الأرض،

وأن لا يمسها أحد بسوء، ومن يفعل ذلك سوف يلاقي عذاباً أليماً، هذا ما كان واضحاً في الآية الكريمة.


ولأن الناقة ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة

ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه

وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس.

كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.

وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها،

أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء،

وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة.

كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله.

وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر.

وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به،

وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.

كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده،

ويخبرهم أن الله قد أخرج لهم معجزة هذه الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته.

وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة بسلام تأكل في أرض الله، وكل الأرض لله.

وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم.

155) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=26#155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156 (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=26#156)

وذكرهم بنعم الله عليهم وأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد..

وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة.

لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

يسألونهم سؤال استخفاف وزراية:

أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!

قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح:
إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ

فقَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ :

إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ .

هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.


قال تعالى:

"وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#61) قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#62) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#63) وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#64) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#65) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (68) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#68)


صدق الله العظيم


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=15969&stc=1


تآمر الملأ على الناقة:

وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية على ناقة الله،

وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم،

وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته

تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس
للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده.

أخذ رؤساء
القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح.

فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة

ومن ثم قتل صالح

لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة،

وهددنا بالعذاب القريب.

فقال أحدهم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة.

ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم.

وهم المذكورون في قوله تعالى :

(47) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=27#47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=27#48)

وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض،و الويل لمن يعترضهم.

اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة.

وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام.

انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم،

فهجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة.

امتدت الأيدي الآثمة بقتلها (28) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=54#28) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=54#29)

وعقروها وسالت دمائها.

قال الله تعالى

(76) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=7#76)فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77 (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=7#77)


علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه

قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟

قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله..

ألم تقل أنك من المرسلين؟

(64) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#64) فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) (http://quranbysubject.com/sura.php?Sura=11#65)

قال صالح لقومه:

تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ

بعدها غادر صالح قومه تركهم ومضى.

انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.

ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون،

اليوم الموعود بهلاك ثمود

و من رحمة الله تعالى أمهلهم ثلاثة أيام ليتوبوا قبل أن يحل عذابه ،و لكن من دون فائدة

وبعد ثلاثة أيام في فجر اليوم الرابع

انشقت السماء

وأرسل الله تعالى جبريل عليه السّلام و صاح صيحةً واحدة ,

صيحة جبارة واحدة ، أهلكت قوم ثمود بأكملها

نعم هي صرخة واحدة كالصاعقة ،

قطعت أوتار قلوبهم

و توقفت قلوبهم عن الحياة

و هم في بيوتهم جاثمين ,

صيحة جبارة واحدة انقضت على الجبال فهلك فيها كل شيء حي.

هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء

حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

فسبحان الله عما كانو يشركون

هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث.

أما صالح والجماعة الذين اتبعوه فقد فانجاهم الله جميعاً من الصيحة التي قضت على المستكبرين الكافرين من ثمود،

وماكان من نبي الله صالح(ع) إلاّ أن رحل من الأرض التي حلَّ عليها غضب الله

مصطحباً معه جماعته، وتوجهوا شمالاً باتجاه فلسطين، وحطوا رحالهم في مدينة الرملة...

ويذكر أن نبي الله صالحاً(ع) ذهب وحجَّ بيت الله ملبيّاً وقد مرَّ بوادي عسفان، الذي مرَّ فيه قبله النبي هود(ع).

ويروى أنه (ع) ترك بلاد فلسطين ماراً بأرض الشام قاصداً إلى مكة المكرمة، فوصلها،

وظلَّ فيها يعبد الله حتى وافاه الأجل.

ويقال: إنه ذهب إلى حضرموت من أرض اليمن إذ إنَّ أصله من هناك، وتوفي فيها وفيها دفن.


فسلام الله على صالح إنه كان من المرسلين.

ام الهنوف
13-11-2016, 03:37 PM
إبراهيم عليه السلام

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16004&stc=1



تعتبر قصة سيدنا إبراهيم من أجمل وأطول القصص بين قصص الأنبياء والرسل (http://www.mota9afon.com/search/label/%D9%82%D8%B5%D8%B5%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A 8%D9%8A%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8% B3%D9%84)، فهي غنية بالعديد من الأحداث الكثيرة والمؤثر، لذلك سوف نجزئها ليسهل لنا ان شاء الله قراءتها والاستفادة منها،
فقط علينا أن نركزعلى أجزاء الأحداث، فهل أنت مستعد لتقرأ قصة من أجمل قصص الأنبياء والرسل (http://www.mota9afon.com/search/label/%D9%82%D8%B5%D8%B5%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A 8%D9%8A%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8% B3%D9%84)؟


نبذه عن خليل الله ابراهيم عليه السلام



هو خليل الله، اصطفاه برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم عليه السلاميعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن

يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ

الله منهم ميثاقا غليظا، وهم: سيدنا (http://www.mota9afon.com/2016/07/Story-Prophet-Noah.html)نوح (http://www.mota9afon.com/2016/07/Story-Prophet-Noah.html) وسيدما إبراهيم وسيدنا موسى وسيدناعيسى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (http://www.mota9afon.com/2014/12/Mohammed-prophet.html)..

بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين، بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب، ورغم حدة الشدة، وعنت

البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى، وزاد على الوفاء بالإحسان.

وقد كرم الله تبارك وتعالى سيدنا إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب، وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.




وكان من فضل الله على إبراهيم عليه السلام أن جعله الله إماما للناس، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، فكل الأنبياء من بعد

إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده، حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم (http://www.mota9afon.com/2016/05/IsraetMirajstory.html)، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة

إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.


قال تعالى (( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)).

ويذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق.

فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي،

اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا.

فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل.

أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة..

فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا

ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة.




نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين، نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده، ونبي هادئ متسامح حليم أواه منيب





لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته ولا يتوقف عند عصره صراحة , ولكنه يرسم صورة لجو الحياه في أيامه , فتدب في عصره, وترى الناس قد إنقسموا إلى ثلاث فئات:

- فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية
- فئة تعد الكواكب والنجوم والشمس والقمر
- فئة تعبد الملوك والحكام



في هذا الجو ولد سيدنا إبراهيم في أسرة لم يكن رب الاسرة كافراً عادياً من عبدة الأصنام بل كان كافراً مميزاً بصناعة تماثيل

الآلهة التي كانو يعبدونها . وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه وكان له بمثابة الأب وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو

والده حقاً . وآزر هو إسم صنم إشتهر أبوه بصناعته عرف آزر أنه أعظم نحات في ذاك الزمان يصنع تماثيل الآلهه ومهنته

كانت تضفي عليه قداسهفي قومه وتجعل لأسرته كلها مكاناً مميزاً في المجتمع من الصفوف الحاكمة.


ومن هذه الاسرة ولد سيدنا أبراهيم وقدر له ان يقف ضد أسرته وضد النظام وضد الاوهام وظنون الكهنة وضد العروش

القائمة وعبدة النجوم والكواكب وضد أنواع الشرك كله الذي إنتشر في زمانه.

مرت الايام وكبر أبراهيم عليه السلام وكان قلبه يمتلئ منذ طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده آزر ,,

فلم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالاً فيعبده ثم يسجد لما صنع بيديه ,

لاحظ أبراهيم أن التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو إنقلبت على جنبيها ,

فكيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع ؟

ولما كبر إبراهيم وشبَّ أخذ يفكر في هذا الأمر، ويبحث عن الإله الحق

الذي يستحق العبادة،



مواجهة عبدة الكواكب والنجوم والاصنام



خرج ذات يوم إبراهيمُ ققرر مواجهة هذا الجهل ليتبين له حقيق الإلاه الحق

ويبحث عن آثار قدرة الله تعالى في السماوات والأرض،

وشاء الله أن يلفت نظر إبراهيم إلى آيات الكون

(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماواتِ والأرض وليكونَ من الموقنين)

إبراهيم الخليل عليه السلام، لم يعتمد في احتجاجه على المشركين الأدلة العقلية البحتة، وإنما اعتمد الأدلة المحسوسة المعقولة

في إقامة الحجة عليهم، فقرر أن يحتج على قومه ويناظرهم من واقع معرفتهم وإدراكهم


بدايتاً، بدأ ينظرُ إلى آياتِ الله تعالى في الكون وعندما رأه القوم الذين كانو يعبدون الكواكب اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب.

وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك.



أظلم على إبراهيم عليه السلام الليل وغطَّاه ,

بدأ ينظر الى السماء مع قومه الذين كانو يعبدون النجوم والكواكب

فرأى إبراهيم عليه السلام كوكبًا, قال: ﴿ هَذَا رَبِّي ﴾،

لكن الكوكب (http://www.alukah.net/culture/0/49590/) أفل وغاب فلما رأه غاب قال: أفل ,

و ناظر قومه ليثبت لهم أن دينهم باطل مستدرجا قومه

لإلزامهم بالتوحيد فقال لهم : ﴿ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾، لا أحب الآلهة التي تغيب.

قال ذلك جرياً على معتقد قومه الذين يعبدون الكواكب،

ليصل بهم إلى نقض اعتقادهم فما دام هذا الكوكب الذي

التحقت بديانته بالأمس قد ظهر ثم أفل وغاب،

فلا يمكن أن يكون هو ربي وخالقي ومدبري.

لما رأى إبراهيم أن قومه لم يكونوا على درجة كافية من

الذكاء حتى يفهموا قصده هذا في المرة الأولى،

كرر ذلك مرة أخرى لما بزغ القمر، فأخذ ينظر الى القمر

﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ : هَذَا رَبِّي ﴾

لكن القمر كأي كوكب من الكواكب يظهر ثم يختفي،

فلما أفل قال إبراهيم موجها الكلام لقومه بحلم وحكمة

﴿ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴾


﴿ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي ﴾، يُفهم قومه أن له ربا غير ما يعبدون،

وفي ذلك تنبيه لهم للنظر في معرفة الرب الحق الواحد

الأحد، المنعم على عباده بفضله وإمداده وخيره والذي يجب أن يعبد حق العبادة،

غير أن قومه مرة أخرى لم يستوعبوا قصده،

فيعاود إبراهيم محاولته الأخيرة في إقامة الحجة عليهم،

﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ : هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ ﴾

فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من الكوكب والقمر..

ولكن الشمس أفلت وغابت عند الغروب،

وما إن غابت، حتى أعلن إبراهيم براءته من عبادة ما يعبدون...

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16003&stc=1


فالكواكب والنجوم، مخلوقات تظهر ثم تختفي،

ولا يمكن لها على عظمتها أن تكون رباً، إذ ان الرب لا

يغيب، ولا ينقطع نظره عن مخلوقاته، ولو أنه انقطع طرفة

عين لزالت المخلوقات كلها وانمحت جميعها ولم يبق لها

أثر.

إذا كان الرب يظهر ويغيب...يتغير بتغير الأحوال،

فمن ذا الذي يرعى أو يدبر أمر الكون؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم.

إبراهيم عليه السلام يوجه قومه أن عبادة الكواكب والنجوم باطلة لأنها لا حياة لها..

• فكل من سُبِقت حياته بعدم واعتراه الخلل والضعف ولحقه الزوال والفناء والموت، عبادته باطلة...

العبادة الحق لا يستحقها إلا من كان حيا بالحياة الدائمة الأبدية...

وحيث لا حي بهذه الحياةِ إلا الله الواحد الأحد، فلا يستحق العبادة إلا هو سبحانه.

فلما رأى إبراهيم أن قومه أصحابُ عقول سقيمة وقلوب مظلمة مستكبرة، أظهر براءتَه من عبادة ما يعبدون، وأشعر قومه بالعجز والاستعانة والافتقار إلى الله

فقال: ﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾

بريء مما تشركون مع الله الذي خلقني وخلقكم، بريء مما تشركون مع الله في عبادتكم من كواكب ونجوم، ووجهت وجهي في عبادتي إلى الذي خلق السموات والأرض، خالقُ كل شيء ومدبر أمرَ هذا الكون، الدائمُ الباقي الذي لا يتغير ولا يزول ولا يفنى ولا يموت، لا إله إلا هو ولا رب سواه.






استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده.

ورد إبراهيم عليهم قال:

قال تعالى :

﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾


لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى

رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل.

كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟

أي الفريقين أحق بالأمن؟

بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة

الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة.

الله سبحانه وتعالى كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إعتقاده حين بدأ صراعه مع عبدة

الكواكب, هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. عبدة الاصنام و أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته

وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية.



كان إبراهيم يحترم عمّه (آزر)، حتى أنه كان يناديه: (يا أبي)! وقد أحبّ آزرُ ولد أخيه حباً شديداً.

وكان يدفع إليه (آزر) بعض الأصنام التي كان قد نحتها، ويأمره أن يبيعها، كما يبيع أُخوته.


لكن إبراهيم، كان نبياً عظيماً، يعلم إنّ هذه الأصنام ليست بآلهة، وإنما هي أشياء منحوتة.


فكان يعلّق في أعناقها الخيوط.. ويجرّها على الأرض ويقول:

من يشتري ما لا يضرُّه ولا ينفعُه؟

وكان يستهزئ بالأصنام.. فيُغرّقها في الماء والوحل..

ويقول لها: اشربي.. تكلمي









* * *








وفي ذات يوم، واشى أُخوتُه خبر ما يفعلُ إبراهيمُ بالأصنام إلى (آزر) فنهاهُ آزرُ عن هذا العمل..

فلم ينته إبراهيم، عند ذلك، اغتاظ آزر فحبس إبراهيمَ في منزله ولم يدَعْهُ يخرج.

ولما انكشف أمرُ إبراهيمَ عند (آزر) وأنه يعبد الله تعالى ولا يعبد الأصنام، التي كان (آزر) يعبدها،

ذهب إبراهيم إليه، ليدعُوه إلى الله، وأخذ يدعوه بكلّ أدبٍ ولطفٍ،

قال: (يا أبتِ لم تعبدُ ما لا يسمعُ ولا يبصرُ ولا يغني عنك شيئاً)؟

(يا أبتِ إني قد جاءني من العلم ما لم يأتِك)

وقد علمت أن هذه الأصنام ليست بآلهة،

وإنما الإلهُ هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما (فاتبعني أهدِكَ صراطاً سوياً).

(يا أبتِ لا تعبدْ الشيطان) فانك إذا عبدتَ الأصنامَ، كنت عبدتَ الشيطان لأنك قبلت قوله،

وخالفت أوامر الله (إن الشيطان كان للرحمن عصيّاً).

(يا أبتِ إني أخاف أن يمسّك عذاب من الرحمن).

وهكذا أخذ إبراهيم، ينصح عمّه (آزر) بكلّ أدب ولطف،

لكن عمّه اغتاظ من مقالة إبراهيم،

و(قال أراغِب أنت عن آلهتي يا إبراهيم)؟! وتعبدُ إلهاً آخر؟!

(لئنْ لم تنتَهِ) عن مقالك هذا، (لأرجمنَّكَ) بالحجارة، حتى تموتَ.

ثم طرده، (و) قال له: (اهجرني ملياً): أي تغيّب عني مدة مديدة، حتى لا أراك.

ولما رأى إبراهيم هذه الخشونة والتهديد من آزر، ودّعه وداع متأدب،

(قال سلام عليك) سلامُ وداع.

(سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً) وأطلب منه أن يغفر لك

(وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربّي شقياً)

وانصرف إبراهيم من عنده كئيباً.


قال تعالى : واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=28&idto=42&bk_no=59&ID=36#docu)إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=28&idto=42&bk_no=59&ID=36#docu)يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=28&idto=42&bk_no=59&ID=36#docu)يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=28&idto=42&bk_no=59&ID=36#docu)يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=28&idto=42&bk_no=59&ID=36#docu)قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=28&idto=42&bk_no=59&ID=36#docu)[ سورة مريم







* * *







وشرع إبراهيم يدعو إلى الله تعالى، ويأمر قومه بنبذ الأصنام،

ولكن.. القوم لم يستجيبوا لإبراهيم دعوته وأصرّوا على الشرك

(وحاجّة قومه) في ألوهيّة الأصنام..

قالوا: إن الأصنام هي الآلهة، واللازم عليك أن تعبدها انت .

(قال أتحاجّوني في الله) وتدعوني إلى أن اترك الله

(وقد هدانِ ولا أخاف ما تشركون به)

فإني لا أخاف من آلهتكم،

وأي ضرر يمكن أن يضرّني به الصنم أو الكوكب والقمر والشمس؟

كلاّ! إنها لا تضر ولا تنفع (إلا أن يشاء ربي شيئاً) فانّ ربي هو الذي يضر

وينفع، وأن أصنامكم لا تعلم شيئاً (وسع ربي كلّ شيءٍ علماً) يعلم كل شيء (أفلا تتذكرون)؟

ثم خوفهم إبراهيم من عذاب الله،

قال: (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله) وجعلتم له شريكاً كذباً،

لكنّ القوم أصرّوا في العناد.. ولم ينفعهم كلام إبراهيم. ثم أخذ ينصحهم مرّة ثانيةً.

(إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون)؟

(قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين).

(قال هل يسمعونكم إذ تدعون)؟

قالوا: لا.. إنها أصنام من جماد لا تسمع دعوتنا.

قال: هل (ينفعونكم أو يضرّون)؟

قالوا: لا.. إنها لا تتمكّن من جلب نفع أو دفع ضرر.

قال: فكيف تعبدون ما لا يسمع.. ولا ينفع.. ولا يدفع؟

(قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وإنا نتبع آباءنا تقليداً لهم.

(قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدوّ لي إلا رب العالمين)

إن الأصنام أعداء الإنسان، إنها توجب للإنسان شرّ الدنيا وشرّ الآخرة.

أمّا الله تعالى فهو الذي يدبّر أمور الإنسان كلها

(الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين).

ولكنّ القوم لم يقبلوا كلام إبراهيم، وركبوا رؤوسهم، ولم يؤثر فيهم نصحه ومنطقه.







* * *







أقبل العيد وخرج القوم كلهم.. وخرج الملك الجبّار (نمرود) وأهل المدينة إلى الصحراء، للاحتفال بعيدهم الكبير ولأداء مراسيم العيد هناك , أما سيدنا أبراهيم فلم يخرج معهم .


وعندما ذهب الجميع وانصرف، انتهز هذه الفرصة

وأحضر فأسًا ثم ذهب إلى المعبد الذي فيه الأصنام دون أن يراه أحد

فوجد أصنامًا كثيرة ورأى أمامها طعامًا كثيرًا وضعه قومه قربانًا لها

وتقربًا إليها .

فأقبل إليها إبراهيم وتقدم منها ثم قال لها مستهزئًا : ألا تأكلون ؟!

وانتظر قليلا لعلهم يردون عليه لكن دون جدوى

فعاد يسأل ويقول : ما لكم لا تنطقون ؟!

ثم أخذ يكسر الأصنام واحدًا تلو الآخر حتى صارت كلها حطامًا

إلا صنمًا كبيرًا تركه إبراهيم ولم يحطمه وعلق في رقبته الفأس ثم خرج من المعبد.







* * *







ولما عاد القوم من الاحتفال مرُّوا على المعبد ودخلوا فيه ليشكروا الآلهة على عيدهم وفوجئوا بأصنامهم محطمة ما عدا صنمًا واحدًا في رأسه فأس معلق ,
فكثر فيهم اللغو والصياح ,

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16002&stc=1


فتساءل القوم : من تجرّأ على مسّ كرامة مقدساتهم ؟

من فعل هذا بآلهتنا ؟

(قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الضالمين)؟

(قالوا سمعنا فتى يذكرهم) يذكر الأصنام بسوء (يقال له إبراهيم).

أي سمعنا فتى بالأمس اسمه إبراهيم كان يسخر منها ويتوعدها بالكيد والتحطيم وأجمعوا أمرهم على أن يحضروا إبراهيم ويسألوه

(قالوا فأتوا به على أعين الناس) لنحقق معه فيما حدث وفي لحظات ذهب

بعض القوم وأتوا بإبراهيم إلى المعبد .

ولما وقف أمامهم بمجمع الناس. نظر القوم إليه في غضب واستنكار،

وسألوه : أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟!

فرد إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا ثم أشار بإصبعه إلى الصنم الكبير المعلق في رقبته الفأس

ورأى إبراهيم الموقع مهيئاً، لنشر الدعوة فأشار إلى كبير الأصنام، الذي كان الفأس في عنقه،

وقال: فسألوهم إن كانوا ينطقون ..

وأراد بهذا الكلام أن يرشدهم إلى أنّ الصنم لا يتكلم فكيف تتخذونه رباً؟

فرد عليه بعض الناس وقالوا له : يا إبراهيم أنت تعلم أن هذه الأصنام لا تنطق ولا تسمع فكيف تأمرنا بسؤالها ؟

وقال لهم : ( قَالَ أَفتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ )

ووقع كلام إبراهيم في قلوبهم: كيف يُعبد صنم لا يكلم؟

(فرجعوا إلى أنفسهم أن إبراهيم ليس ظالماً..

إنه أراد هدايتهم، وأنهم هم اللذين يزيدون عناداً وإصراراً.

(ثم نكسوا على رؤوسهم) فلم يرفعوها خجلاً.

وأخذوا يتمتمون في أنفسهم:

(لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) فكيف نتخذهم رباً؟

ومع ذلك أرادوا الانتقام منه لأنه حطم أصنامهم وأهان آلهتهم









* * *







استشار (نمرود) قومه في أمر إبراهيم

فقال: ما جزاء من ذلك بآلهتكم وما عقابه الذي يستحقه ؟

قالوا : إحرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين.

فحبس إبراهيم، وأمر بجمع الحطب ـ ولقد كان في قليل من الحطب كفاية

لحرق إنسان ـ ولكن القوم من كثرة غضبهم على محطّم آلهتهم.

أخذوا يجمعون الحطب من كل مكان، حتى صار الحطب كجبل عظيم..

ثم أشعلوا ناراً عظيمة.. انتشرت حرارتها في الفضاء

بحيث لم يكن يحلّق طائر في تلك الأجواء، إلا سقط محترقاً..

ولم يتمكن ذو روح من الدنو وحينذاك صعب عليهم الأمر،

فكيف يلقون إبراهيم في تلك النار التي لا يتمكن من اقترابها بشر؟

وإذ هم في حيرة من أمرهم.

أشار شخص أن يصنعوا المنجنيق، وهي آلةٌ حربية، تقذف بما يوضع فيها من إنسان أو حجر أو غيرهما.

فاستصوبوا رأيه، وأمر الملك الطاغي، بصنع الآلة..

فصنعت ثم وضعوا فيها إبراهيم.

وهناك جاء (آزر) عمّه، فلطم إبراهيم،

وقال له: ارجع عما أنت عليه.. إشفاقاً على إبراهيم من الحرق.

لكن (إبراهيم) كان أربط جأشاً، من أن يضعضع إيمانه خوف أو تهديد..

فلزم جانب الحق، ولم يرجع، بل أصرّ على مبدئه، وإن حرق بالنار.







* * *







وحينذاك أمر (نمرود) الرّماة، أن يقذفوا إبراهيم في النار!

فحركوا عجلة (المنجنيق) فرمت بإبراهيم في الفضاء نحو النار..

وعند إطلاق إبراهيم قال إبراهيم : حسبي اللَّه ونعم الوكيل ,

فأمر الله تعالى النار: (قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)،

فانقلبت النيران بإذن ربها روضةً غناءً، يغلب عليها البرد،

أصبحت النار بردًا وسلامًا عليه

ولم تحرق منه شيئًا سوي القيود التي قيدوه بها .


(وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين).


فنظر نمرود وأصحابه، من بعيد إلى هذه المعجزة متحيرين!!

وفلتت من لسان نمرود كلمةٌ، ما أراد أن يقولها..

ولكنها في غمرة التعجب، أخذت مكانها في الفضاء،

قال: من اتخّذ إلهاً، فليتخذ مثل إله إبراهيم!

لكن أحد المتملقين أراد تدارك الأمر، ليقربه إلى نمرود زلفى..

فقال: إني عزمت على النار أن لا تحرقه.

فتطاير شررٌ من النار إلى ذلك المتزلّف.. حتى أبان كذبه

فإن من لا يقدر على أن يرد الشرر عن نفسه، كيف يتمكن أن يعزم على النار أن لا تحرق أحداً؟

ونظر نمرود إلى آزر، عم إبراهيم..

وقال: يا آزر، ما أكرم ابنك على ربه؟

ثم خرج إبراهيم من النار،

وجاء إلى نمرود، ليدعوه إلى الله من جديد.









* * *









قال نمرود: يا إبراهيم، من ربك؟

(قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت).

(قال أنا أحيي وأميت).

قال إبراهيم: كيف تُحيي وتُميت؟

قال نمرود: اطلب رجلين ممن وجب عليهم القتل، فأطلق واحداً، وأقتل واحداً، فأكون قد أمتّ وأحييت.

وكان هذا الكلام من (نمرود) خطأً، إذ معنى كلام إبراهيم (عليه السلام)

أن الله يعطي الحياة، ويقبض الأرواح. أما كلام نمرود أنه يطلق سراح

الجاني، فليس هذا إحياءً..

فقال له إبراهيم: إن كنت صادقاً، فأحْي الذي قتلته.. لكن نمرود لم يحر جواباً.

ثم أن إبراهيم أعرض عن مقالة نمرود وأراد أن يلزمه بحجةٍ أخرى..

فقال: (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من الغرب)..

فإن كلّ يوم صباحاً، تطلع الشمس من المشرق، وذلك من صنع الله تعالى..

فإن كنت أنت إلهاً، فاعكس الأمر، وائتِ بالشمس من طرف المغرب.

(فبهت الذي كفر) .

وانقطع نمرود عن الحجة، فلم يتمكن أن يجيب إبراهيم.

وظهر على الكل أن نمرود كاذبٌ في دعواه الألوهية.

قرر إبراهيم الهجرة من هذه المدينة لأنه لم يؤمن به سوى زوجته سارة

وابن أخيه لوط عليه السلام فهاجر معهم وأخذ ينتقل من مكان إلى مكان آخر

حتى استقر به الحال في فلسطين فظل بها فترة يعبد الله ويدعو الناس

إلى عبادة الله وإلى طريقه المستقيم ومرت السنوات ونزل قحط بالبلاد فاضطر

إبراهيم إلى الهجرة بمن معه إلى مصر وبعد فترة رجع إبراهيم إلى فلسطين

مرة أخرى وأثناء الطريق استأذنه ابن أخيه لوط في الذهاب إلى قرية سدوم

ليدعو أهلها إلى عبادة الله فأعطاه إبراهيم بعض الأنعام والأموال وواصل هو

وأهله السير إلى فلسطين حتى وصلوا إليها واستقروا بها وظل إبراهيم عليه

السلام في فلسطين فترة طويلة.

وأحب الله إبراهيم عليه السلام واتخذه خليلاً من بين خلقه

قال تعالى :

(وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل )

وذات يوم أراد إبراهيم أن يرى كيف يحيي الله الموتى فخرج إلى الصحراء يناجي ربه ويطلب منه أن يريه ذلك







* * *







وذات يوم مر إبراهيم على ساحل البحر، فرأى جيفةً على الساحل
بعضها في الماء، وقد اجتمع عليه بعض الأسماك تأكله..

وبعضها في البر، وقد اجتمع عليه بعض السباع تأكله.

عند ذاك تفكّر إبراهيم في كيفية إعادة الأموات، يوم القيامة.

فطلب من الله، أن يريه إحياء الأموات، حتى يصير علمه عياناً.

فقال: (رب أرني كيف تحيي الموتى)؟

(قال) الله تعالى: (أو لم تؤمن)؟

(قال) إبراهيم: (بلى) إني مؤمن (ولكن ليطمئن قلبي).

(قال) الله تعالى: (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل

جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم).

فأخذ إبراهيم الديك.. والحمامة.. والطاووس.. والغراب..

فذبحهن، وقطّعهن، وخلطهنّ، ثم جعل على كلّ جبل من الجبال التي حوله

جزءاً وكانت عشرة أجزاءا من تلك الأجزاء المخلوطة،

وجعل مناقير هذه الطيور الأربعة بين أصابعه.

ثم دعا الطيور بأسمائهن ـ ووضع عنده ماءاً وحبّاً ,,

فتطايرت تلك الأجزاء، وانضمّت بعضها إلى بعض،

حتى كملت الأبدان وجاء كل بدنٍ حتى لحق برأسه ومنقاره،

فخلّى إبراهيم (عليه السلام) سبيلهنّ، فطرن، ثم وقعن، فشربن من ذلك

الماء والتقطن من ذلك الحب.

قال تعالى :

(( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))

صدق الله العظيم .


















سوف نتوقف هنا بهذا الجزء

لنكمل القصة بالجزء الثاني

الى ذلك الحين أحبتي في الله

دمتم على الخير

ام الهنوف
14-11-2016, 01:42 PM
الجزء الثاني

سيدنا إبراهيم

مع إبنه إسماعيل وبناء الكعبة


وكانت سارة زوجة إبراهيم عقيمًا لا تلد وكانت تعلم رغبة إبراهيم وتشوقه لذرية طيبة فوهبت له خادمتها هاجر ليتزوجها لعل الله أن يرزقه منها ذرية صالحة .

فتزوج إبراهيم عليه السلام هاجر فأنجبت له إسماعيل فسعد به إبراهيم سعادة كبيرة لأنه جاء له بعد شوق شديد وانتظار طويل

وأمر الله عز وجل إبراهيم أن يأخذ زوجته هاجر وولدها إسماعيل ويهاجر بهما إلى مكة فأخذهما إبراهيم إلى هناك وتوجه إلى الله داعيًا

( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )


ترك ابنه وزوجته في مكه ، وطلب من الله أن يؤمن لهم المأكل والمشرب وتركهما ومشى ، وبعد مضي عدة ساعات بدأ ابنها اسماعيل عليه السلام يبكي الجوع والعطش ،و لم يكن بيدها حيلة إلا أن تقوم وتبحث عن الطعام والشراب ، ولكن الله كان بعباده رحيما ، وشق الأرض من تحت قدمي اسماعيل لتنبع بماء زمزم الذي ما زال ينبع حتى اليوم ، وما زالت القبائل تتوافد لتشرب منه .


وعاد سيدنا إبراهيم إلى زوجته سارة .

كان إبراهيم جالس لوحده. في هذه اللحظة، هبطت على الأرض أقدام ثلاثة من الملائكة: جبريل وإسرافيل وميكائيل.

يتشكلون في صور بشرية من الجمال الخارق. ساروا صامتين. مهمتهم مزودجة.

1- المرور على إبراهيم وتبشيره.

2- زيارة قوم لوط ووضع حد لجرائمهم.

سار الملائكة الثلاثة قليلا. ألقى أحدهم حصاة أمام إبراهيم.

رفع إبراهيم رأسه.. تأمل وجوههم..... لا يعرف أحدا فيهم.

بادروه بالتحية. قالوا: سلاما. قال: سلام.

نهض إبراهيم ورحب بهم. أدخلهم بيته وهو يظن أنهم ضيوف وغرباء. أجلسهم واطمأن أنهم قد اطمأنوا،

ثم استأذن وخرج. راغ إلى أهله.

نهضت زوجته سارة حين دخل عليها. كانت عجوزا قد ابيض شعرها ولم يعد يتوهج بالشباب فيها غير وميض الإيمان الذي يطل من عينيها.

قال إبراهيم لزوجته: زارنا ثلاثة غرباء.

سألته: من يكونون؟

قال: لا أعرف أحدا فيهم. وجوه غريبة على المكان.

لا ريب أنهم من مكان بعيد، غير أن ملابسهم لا تشي بالسفر الطويل. أي طعام جاهز لدينا؟

قالت: نصف شاة.

قال وهو يهم بالانصراف: نصف شاة.. اذبحي لهم عجلا سمينا. هم ضيوف وغرباء.

ليست معهم دواب أو أحمال أو طعام. ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء.

اختار إبراهيم عجلا سمينا وأمر بذبحه، فذكروا عليه اسم الله وذبحوه.

وبدأ شواء العجل على الحجارة الساخنة.

وأعدت المائدة. ودعا إبراهيم ضيوفه إلى الطعام. أشار إبراهيم بيده أن يتفضلوا باسم الله،

وبدأ هو يأكل ليشجعهم.

كان إبراهيم كريما يعرف أن الله لا يتخلى عن الكرماء وربما لم يكن في بيته غير هذا العجل،

وضيوفه ثلاثة ونصف شاة يكفيهم ويزيد، غير أنه كان سيدا عظيم الكرم.

راح إبراهيم يأكل ثم استرق النظر إلى ضيوفه ليطمئن أنهم يأكلون.

لاحظ أن أحدا لا يمد يده إلى الطعام. قرب إليهم الطعام وقال: ألا تأكلون؟ عاد إلى طعامه ثم اختلس إليهم نظرة

فوجدهم لا يأكلون.. رأى أيديهم لا تصل إلى الطعام. عندئذ (أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً).

في تقاليد البادية التي عاش فيها إبراهيم، كان معنى امتناع الضيوف عن الأكل أنهم يقصدون شرا بصاحب البيت.

ولاحظ إبراهيم بينه وبين نفسه أكثر من ملاحظة تؤيد غرابة ضيوفه. لاحظ أنهم دخلوا عليه فجأة.

لم يرهم إلا وهم عند رأسه. لم يكن معهم دواب تحملهم، لم تكن معهم أحمال. وجوههم غريبة تماما عليه.

كانوا مسافرين وليس عليهم أثر لتراب السفر. ثم ها هو ذا يدعوهم إلى طعامه فيجلسون إلى المائدة ولا يأكلون.

ازداد خوف إبراهيم.

كان الملائكة يقرءون أفكاره التي تدور في نفسه، دون أن يشي بها وجهه.

قال له أحد الملائكة: (لاَ تَخَفْ). رفع إبراهيم رأسه وقال بصدق عظيم وبراءة: اعترف إنني خائف.

لقد دعوتكم إلى الطعام ورحبت بكم، ولكنكم لا تمدون أيديكم إليه.. هل تنوون بي شرا؟

ابتسم أحد الملائكة وقال: نحن لا نأكل يا إبراهيم.. نحن ملائكة الله.. وقد (أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)

ضحكت زوجة إبراهيم.. كانت قائمة تتابع الحوار بين زوجها وبينهم، فضحكت.

التفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق.

صكت العجوز وجهها تعجبا:

قَالَت يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ(72) (هود)

عاد أحد الملائكة يقول لها:

وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ

جاشت المشاعر في قلب إبراهيم وزوجته.

شف جو الحجرة وانسحب خوف إبراهيم واحتل قلبه نوع من أنواع الفرح الغريب المختلط.

كانت زوجته العاقر تقف هي الأخرى وهي ترتجف. إن بشارة الملائكة تهز روحها هزا عميقا.

إنها عجوز عقيم وزوجها شيخ كبير. كيف؟! كيف يمكن؟!

وسط هذا الجو الندي المضطرب تساءل إبراهيم:

أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) (الحجر)

أكان يريد أن يسمع البشارة مرة أخرى؟

أكان يريد أن يطمئن قلبه ويسمع للمرة الثانية منة الله عليه؟

أكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد أن يستوثق؟

ويهتز بالفرح مرتين بدلا من مرة واحدة؟ أكد له الملائكة أنهم بشروه بالحق.
قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (55) (الحجر)

قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ (الحجر)

لم يفهم الملائكة إحساسه البشري، فنوه عن أن يكون من القانطين، وأفهمهم أنه ليس قانطا.. إنما هو الفرح.

لم تكن البشرى شيئا بسيطا في حياة إبراهيم وزوجته.

لم يكن لإبراهيم غير ولد واحد هو إسماعيل، تركه هناك بعيدا في الجزيرة العربية.

ولم تكن زوجته سارة قد أنجبت خلال عشرتها الطويلة لإبراهيم، وهي التي زوجته من جاريتها هاجر.

ومن هاجر جاء إسماعيل. أما سارة، فلم يكن لها ولد. وكان حنينها إلى الولد عظيما،

لم يطفئ مرور الأيام من توهجه.

ثم دخلت شيخوختها واحتضر حلمها ومات.

كانت تقول: إنها مشيئة الله عز وجل.

هكذا أراد الله لها. وهكذا أراد لزوجها. ثم ها هي ذي في مغيب العمر تتلقى البشارة.

ستلد غلاما. ليس هذا فحسب،

بشرتها الملائكة بأن ابنها سيكون له ولد تشهد مولده وتشهد حياته.

لقد صبرت طويلا ثم يئست ثم نسيت. ثم يجيء جزاء الله مفاجأة تمحو هذا كله في لحظة.

فاضت دموعها وهي تقف.

وأحس إبراهيم عليه الصلاة والسلام بإحساس محير. جاشت نفسه بمشاعر الرحمة والقرب،

وعاد يحس بأنه إزاء نعمة لا يعرف كيف يوفيها حقها من الشكر. وخرّ إبراهيم ساجدا على وجهه.

انتهى الأمر واستقرت البشرى في ذهنيهما معا.

نهض إبراهيم من سجوده وقد ذهب عنه خوفه، واطمأنت حيرته، وغادره الروع،

وسكنت قلبه البشرى التي حملوها إليه. وتذكر أنهم أرسلوا إلى قوم لوط.

ولوط ابن أخيه النازح معه من مسقط رأسه، والساكن على مقربة منه.

وإبراهيم يعرف معنى إرسال الملائكة إلى لوط وقومه. هذا معناه وقوع عذاب مروع.

وطبيعة إبراهيم الرحيمة الودودة لا تجعله يطيق هلاك قوم في تسليم.

ربما رجع قوم لوط وأقلعوا وأسلموا أجابوا رسولهم.

وبدأ إبراهيم يجادل الملائكة في قوم لوط. حدثهم عن احتمال إيمانهم ورجوعهم عن طريق الفجور،

وأفهمه الملائكة أن هؤلاء قوم مجرمون. وأن مهمتهم هي إرسال حجارة من طين مسومة من عند ربك للمسرفين.

وعاد إبراهيم، بعد أن سد الملائكة باب هذا الحوار، عاد يحدثهم عن المؤمنين من قوم لوط.

فقالت الملائكة: نحن أعلم بمن فيها. ثم أفهموه أن الأمر قد قضي.

وإن مشيئة الله تبارك وتعالى قد اقتضت نفاذ الأمر وهلاك قوم لوط.

أفهموا إبراهيم أن عليه أن يعرض عن هذا الحوار. ليوفر حلمه ورحمته. لقد جاء أمر ربه.

وتقرر عليهم (عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) عذاب لن يرده جدال إبراهيم. كانت كلمة الملائكة إيذانا بنهاية الجدال..

سكت إبراهيم. وتوجهت الملائكة لقوم لوط عليه السلام.


أمَرَ الله سيّدَنا إبراهيمَ عليه السّلام أن يَبنيَ بيتاً ومَسجِداً يكونُ رَمزاً للتوحيدِ ومَكاناً لعبادِة الله

قال سيّدُنا إبراهيمُ لولِده :

إنّ اللهَ يأمرُني أن أبنيَ بيتَه فَوقَ هذا التلِّ الصغير

لبّى إبراهيمُ أمْرَ الله ولبّى إسماعيلُ دعوةَ أبيه إبراهيمَ لبناءِ بيتِ الله.

كانَ على إبراهيمَ الشيخِ الكبيرِ وإسماعيلَ الفَتى أن يَنهَضا بهذِه المُهمّةِ الشاقّة.

علَيهما أوّلاً أن يَنقُلا الصُّخورَ المُناسِبةَ للبناءِ من الجبالِ المُحيَطةِ بالوادي

وكانَ عليهما أن يَجمَعا التُّرابَ ويُوفِّرا الماءَ الكافي لِصنُعِ « المَلاط » اللازم في بناءِ البيت

وهكذا بدأ البناءُ، نَقَلوا أوّلاً الصُّخورَ من الجِبالِ المُحيطَةِ بالوادي وصَنَعا حَوضاً للماءِ وجَمَعا التراب

كانَ الفتى إسماعيلُ يتَولّى حَمْلَ الصُّخور.. كانَ يَنتَخِبُ الصُّخورَ الصُّلبةَ لتكونَ أساساً قَوياً في البناء

جَمَع كثيراَ من الصُّخورِ الخضراءِ اللّون.. ثمّ صَبَّ الماءَ في حوضِ الترابِ ليصنعَ طيناً لَزِجاً

يَشُدُّ الصُّخورَ إلى بعضِها

كانَ سيّدُنا إبراهيمُ يَرصِفُ الصُّخورَ الخضراءَ الواحدةَ بعدَ الأخرى ليبني أساسَ البيت

أمّا إسماعيلُ فكانَ يُناوِلُ أباهُ الصُّخور

في كلّ يومٍ كانا يَبْنِيانِ سافاً واحداً، ثمّ يعودان في اليوم التالي لبناءِ سافٍ آخرَ..

وهكذا

وأخذا ينقلان الحجارة اللازمة لذلك و أخذا يدعوان ربهما أن يتقبل منهما .

قال تعالى :

( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )

فاستجاب الله لإبراهيم وإسماعيل وبارك في الكعبة وجعلها قبلة للمسلمين جميعًا في كل زمان ومكان.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16021&stc=1

في كلِّ يومٍ كانَ البناءُ يَرتفعُ قليلاً... و كلِّ يومٍ كان إبراهيمُ وإسماعيلُ يَطُوفانِ حولَ البناءِ

ويَقولان: ربَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إنّكَ أنتَ السَّميعُ العَليمُ

ارتَفَعَ البناءُ في الفضاءِ تِسعَةَ أذرُعٍ، أي ما يَقرُبُ من الثَّمانيةِ أمتارٍ.

رأى سيّدُنا إبراهيمُ فَراغاً في زاويةِ البيتِ العُليا

في تلك الليلةِ كانَتِ الشُّهُبُ تتَوهّجُ في السماء،

وسَقَطَ نَيزَكٌ فوقَ سُفوحِ الجبالِ القريبة

في الصباحِ انطَلَق سيّدُنا إبراهيمُ إلى الجبلِ المطلّ على الوادي،

وَقَعت عيناه على حَجَرٍ أبيضَ مِثلِ الثَّلج، كانَ حَجَراً بحجمِ الفَراغ..

لهذا حَمَلهُ سيّدُنا إبراهيم ووَضَعَهُ في مكانِه.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16020&stc=1


انتهى بناءُ البيت.. بيتِ اللهِ الحرامِ، ليكونَ أوّلَ بيتٍ يُعبَدُ فيه اللهُ وحدَه لا شريكَ له

كانَ للكعبةِ بابان:

بابٌ باتّجاهِ الشرق، وبابٌ باتّجاه الغربِ،

جَمَعَ سيّدُنا إبراهيم نَباتاً طيّبَ الرائحةِ يُدْعى « الإذخُر » فوَضعَه على الباب،

وجاءت هاجَرُ أمُّ إسماعيل وأهدَت إلى الكعبةِ كِساءً


الحجُّ الإبراهيمي


انطَلَق سيّدُنا إبراهيمُ إلى الجبلِ وارتَقَى القِمّةَ ثم هَتَف بأعلى صوتِه يَدعو الأجيالَ البشريّةَ إلى حَجِّ البيتِ العتيق

سَمِعَت قبيلةُ جُرهُم والقبائلُ العربيّةُ المُجاوِرةُ نِداءَ إبراهيمَ خليلِ الرحمن

لم يَحِجَّ ذلكَ العامَ سوى سيّدنا إبراهيمَ وإسماعيلَ وهاجَر.

هَبَط جِبْريلُ عليه السلام يُعلّمُ سيّدَنا إبراهيمَ مَناسِكَ الحَجّ

غسَلَوا بمياهِ زَمزَم، وارتَدَوا ثِياباً بيضاءَ ناصِعةً،

وبدأوا طَوافَهُم حولَ الكعبةِ سَبْعَ مرّات، وأدَّوا الصلاةَ ودَعَوا الله أن يَتقّبلَ منهم أعمالَهُم

وبعدَها انطَلَقوا لقطعِ الوادي بين جَبَلَي الصَّفا والمَرْوَةِ.


وتَذَكّرت هاجَرُ تَفاصيل ذلك اليومِ قبلَ أكثرَ من اثنَي عَشَرَ عاماً، عندما كانَ إسماعيلُ صَبيّاً في المَهْد

تَذكَّرت بُكاءه وبَحثَها عن الماء..

تَذَكّرت كيفَ قَطَعَت هذا الوادي المُوحِشَ سَبْعةَ أشواطٍ تَبحثُ عن الماءِ،

وكيف تَوجَّهَت بقلبِها إلى السماء ؟

وكيفَ تَدفَّقَ الماءُ عند قَدَمَي إسماعيل ؟

اللهُ ربُّنا أرادَ لهذه الحوادثِ أن تَبقى في ذاكرةِ البَشَر، يَتذكّرون دائماً أنّ الله سبحانه هو وحدَهُ القادرُ على كلِّ شيء

صَعِدَ سيُّدنا إبراهيمُ وابنُه إسماعيلُ جَبَل الصَّفا، ونَظَرا إلى بيتِ اللهِ بخشوعٍ وهَتَفا

ـ لا إله إلاّ الله وحدَهُ لا شَريكَ له.. لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي ويُميتُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير.


القُرْبان


هَبَط المَلاكُ جبريلُ وأمَرَ سيّدَنا إبراهيمَ أن يَتزَوّدَ بالماءِ ثَمّ يذهبَ إلى جَبَل عَرَفات ومِنى،

ومن ذلك الوقتِ سُمّي يوم الثامنِ من ذي الحجّةِ الحرام بيومِ التَّرْوِيَة

أمضى سيّدُنا إبراهيمُ ليلتَه هناك.. نظَرَ إلى السماء المُرصَّعَة بالنجوم.

نظَرَ إلى ما خَلَق الله من الكواكبِ التي تُشبِهُ المَصابيحَ،

فسجَدَ لله الخالقِ البارئ المصوِّرِ له الأسماءُ الحُسنى يُحيي ويُميتُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير.


أغمَضَ سيّدُنا إبراهيمُ عَينَيه ونامَ.. في عالَمِ المَنامِ رأى سيّدُنا إبراهيمُ شيئاً عجيباً !!

رأى نفسَهُ يَذبَحُ ولدَهُ إسماعيل... إنتَبَه من نومِه..

كانت السماءُ ما تزال زاخِرةً بالنجومِ، ورأى ابنَه نائماً. عادَ سيّدُنا إبراهيمُ إلى نَومِه..

مرّةً أخرى تَكرَّرت ذاتُ الرُّؤيا.. رأى نفسَهُ يَذبَحُ ابنَهُ ويُقِّدمُه قُرباناً إلى ربِّ العالمين!!

استَيقَظ سيّدُنا إبراهيمُ وقد انفَلَق عَمودُ الفَجرِ.. تَوضّأ وصلّى...

واستيَقَظ إسماعيلُ فتَوضّأ وصلّى. طَلَعَتِ الشمسُ وغَمَرت التِّلالَ بالنور.


كانَ سيّدُنا إبراهيمُ حَزيناً..

إنّ الله عزّوجلّ يَمتَحِنهُ مَرّةً أخرى... يَمتحِنُهُ هذه المرّةَ بذبحِ ابنِه..

ماذا يفعل ؟

لو أمَرَه اللهُ سبحانه بأن يَقذِفَ نفسَه في النارِ لَفَعل، ولكن ماذا يَفعلُ ؟

في هذه المرّة عليه أن يَذبحَ ابنَه ؟! ترى ماذا يَفعل ؟ هل يُخبِرُ ابنَه بذلك ؟ هل يَذبَحُه عُنوَةً ؟

وإذا أخبَرَ ابنَهُ هل يَقبَلُ ابنُهُ بالذبحِ ؟ هل يَتحَمّلُ إسماعيلُ آلامَ الذَّبح ؟!

إسماعيلُ رأى أباه حَزيناً، فقال له:

ـ لماذا أنتَ حَزينٌ يا أبي ؟

قالَ سيّدُنا إبراهيم:

ـ هناك أمرٌ أقلَقَني... يا بُنيّ إنّي أرى في المَنامِ أنّي أذبَحُكَ، فماذا تَرى ؟


أدرَكَ إسماعيلُ أنّ الله سبحانه يأمرُ رسولَه إبراهيمَ أنّ يُضحّي بولدِه...

إسماعيلُ كانَ يُحبُّ أباه كثيراً، يَعرِفُ أنّ أباه لا يَفعلُ شيئاً إلاّ بأمرِ ربِّه...

إنّه خليلُ الرحمن الذي امتَحَنَه اللهُ عندما كانَ فتىً في بابلَ وحتّى بعد أن أصبَحَ شيخاً كبيراً.

عَرَف إسماعيلُ أنّ اللهَ يَمَتَحِنُ خليلَه إبراهيم...

لهذا قال له:

ـ يا أبتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ مِن الصَّابِرين.

سيّدُنا إبراهيمُ فِرِحَ بذلك.

كانَ إسماعيلُ وَلداً بارّاً مُطيعاً ومُؤمناً باللهِ ورسولهِ.

الذَّبيح

أخَذَ سيّدُنا إبراهيمُ مُدْيَةً وحَبلاً، وذَهَب إلى أحدِ الوِديان القريبة..

كانَ إسماعيلُ يُرافِقُ أباه ساكِتاً. كانَ يُهيّئُ نَفسَهُ لِلَحظةِ الذَّبح، ويُدعو الله أن يَمنَحَهُ الصبرَ لتحمّلِ الآلامِ في سبيله..

هاجَرُ عندما رأتْ سيّدَنا إبراهيمَ وإسماعيلَ قد انطَلَقا نحو الوادي، ظنّت أنّهما ذَهَبا لجمعِ الحَطَب..

وصَلَ سيّدُنا إبراهيمُ وإسماعيل إلى الوادي..

نَظَر إسماعيلُ إلى أبيه، كانت عَيناهُ مَليئتين بالدُّموع..

هو أيضاً بكى من أجلِ أبيهِ الشيخ فأراد أن يُنهِيَ الأمرَ بسرعة، قالَ لأبيه:

ـ يا أبي، أحْكِمْ وَثاقي، واكْفُفْ ثِيابَكَ حتّى لا تَتَلطَّخَ بالدمِ فتَراهُ أُمّي..

يا أبي، واشْحَذِ السِّكِّينَ جَيّداً، وأسْرِعْ في ذَبْحي فإنّ آلامَ الذَّبح شديدة.

بكى سيّدُنا إبراهيمُ وقال:

ـ نِعْمَ العَوْنُ أنتَ يا بُنَيّ على أمرِ الله.

أحكَمَ سيّدُنا إبراهيم الوَثاقَ على كَتِفَي إسماعيلَ.. كاَن إسماعيلُ مُستَسلِماً تَماماً لأمرِ الله.

أغمَضَ عَيْنَهِ.. سيّدُنا إبراهيمُ أمسَكَ بِجَبينِ ولدِه وحَناهُ إلى الأرض.

جَثا إسماعيلُ الفَتى بهدوءٍ. كانَ يُودِّعُ الحَياة، يُودّعُ أُمَّه وأباه...

وضَعَ سيّدُنا إبراهيمُ السكِّين على عُنُقِ إسماعيل..

لحظةٌ واحدةٌ وينتهي كلُّ شيء.

ماذا حَصَل في تلك اللحظاتِ المُثيرة ؟! هل ذُبِح إسماعيل ؟ كلاّ.

سَمِع سَيّدُنا إبراهيمُ نِداءً سماويّاً... يأمرُه بذبحِ كَبْشٍ فِداءً لإسماعيل...

نَظَر سيّدُنا إبراهيمُ إلى جهةِ الصَّوت.. فرأى كَبْشاً سَميناً يَنزِلُ من فوقِ قمّةِ الجبل.. كانَ كبشاً أملَحَ لَه قُرون!

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16019&stc=1


حَل سيّدُنا إبراهيمُ الوَثاقَ عن ابنهِ إسماعيل...

ثَمّ قَدّمَ الكبشَ وذَبَحَهُ باسمِ الله،

وقدّمه قرباناً إلى ربّنا الرحيم.

ومن ذلك اليومِ أصبَحَ تقديمُ الأضاحي من مِناسِكَ الحجّ.

المسلمونَ في كلِّ مكانٍ يَذهبونَ لزيارةِ بيتِ الله... البيتِ الذي بناهُ إبراهيمُ وإسماعيلُ لعبادةِ الله..

يَطوفونَ حَولَهُ ويُمَجّدونَ اسمَهُ... ويَسْعَون بينَ الصَّفا والمَروَةِ كما سَعَت هاجَرُ مِن قَبلُ،

ويُقدِّمونَ القَرابينَ كما قَدّم إبراهيمُ قُرباناً مِن قَبلُ...

يَفعلونَ ذلكَ لأنّهم على دينِ إبراهيم، ودينُ سيّدِنا إبراهيمَ هو دينُ الإسلامِ الحنيف.


أنا ابنُ الذَّبيحَين

هل تعلمونَ مَن قالَ هذه العبارة ؟

إنّه سيّدُنا محمّدٌ صلّى الله عليه وآله. لماذا ؟ لأنّ سيّدَنا محمّداً من ذُريةِ إسماعيلَ عليه السّلام،

فقد عاشَ سيّدُنا إسماعيلُ عليه السّلام وتَزَوّجَ وأصبَحَت له ذُرّيّة..

ومِن ذرّيتهِ عبدُالمُطَّلِب جَدُّ سيّدِنا محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وهو الذي حَفَر زَمزمَ من جديد،

وفي عهدِه هاجَمَ الجيشُ الحَبَشيُّ مكّة لَتدميرِ الكعبةِ،

فدَعا عبدُالمطّلب اللهَ سبحانه أن يَحْميَ البيتَ الحرامَ من شَرِّ الأعداء

واستَجابَ الله دُعاءَ حفيدِ إبراهيمَ وإسماعيلَ،

وأرسَلَ طَيراً أبابِيلَ قَصَفَت جيشَ أبرهَةَ الحَبَشيّ ومَزَّقَته..

دعا عبدُالمطّلب الله سبحانه أن يَرزُقَهُ عَشرَةَ بَنينِ،

ونَذَر إن رزَقَهُ اللهُ ذلك أن يَذبَحَ أحدَهُم قُرباناً لله..

الله سبحانه رَزَق عبدَالمطّلب عشرةَ أبناء...

فقال عبدالمطّلب:
ـ لقد رَزَقَني اللهُ عَشرةَ أبناء وعَلَيّ أن أفِيَ بالنَّذر.

اقتَرَعَ عبدُالمطّلب بين بَنيهِ العَشرةِ، فخَرَجَت القُرعَةُ على عبدِالله والدِ سيّدِنا محمّدٍ صلّى الله عليه وآله،

فأرادَ عبدُالمطّلب أن يَذبَحَ ابنَهُ وَفاءً بِنَذرِه.


أهلُ مكّةَ كانوا يُحبّونَ عبدَالله كثيراً، لهذا قالوا لعبدِالمطّلب: لاتَذْبَح ابنَكَ، واقرَعْ بينه وبين الإبل..

وأعطِ ربَّك حتّى يَرضى..
وهكذا كانَ عبدُالمطّلب يَقرَع بينه وبين عشرةٍ من الإبل،

فتخرجُ القُرعةُ على عبدالله، حتّى أصبحَ عددُ الإبل مئةً.

وعندها خرَجَت القُرعةُ على الإبل... لقد رضيَ اللهُ بالفِداء.


فأمرَ عبدُالمطّلب بالإبلِ أنْ تُنحَر وأن تُوزَّع لُحومُها على الفقراءِ والجِياع.


لقد كانَ عبدُالله على وَشْكِ أن يُذبَحَ، ولكنّ الله رَضِيَ بفدائهِ، فهو كإسماعيلَ الذي افتَداه اللهُ بذِبحٍ عظيم.


لهذا كان سيّدُنا محمّدٌ صلّى الله عليه وآله يقول: أنا ابنُ الذَّبيحَين، لأنّه ابنُ عبدِالله بنِ عبدالمطّلب

الذي هو من ذريّةِ ذبيحِ الله إسماعيل.

واليومَ عندما يَذهَبُ المسلمونَ كلَّ عامٍ إلى مكّةَ لأداءِ مراسمِ الحجّ فإنّهم يتَذكّرون جميعاً قصّةَ سيّدِنا إسماعيلَ..

ذلك الفتى البارّ المُطيع لله ولرسوله.



قد كان لإبراهيم عليه السلام رسالة ودين قويم وشريعة سمحة أمرنا الله باتباعها

قال تعالى
( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

أي اتبعوا الدين الحنيف القويم الثابت الذي لا يتغير.

ومرض إبراهيم عليه السلام ثم مات بعد أن أدى رسالة الله وبلغ ما عليه.


قيل في رحلة النبي محمد صل الله عليه وسلم , رحلة الإسراء والمعراج

قابل النبي صلى الله عليه وسلم خليل الله إبراهيم عليه السلام في السماء

السابعة بجوار البيت المعمور الذي يدخله

كل يوم سبعون ألف من الملائكة يتعبدون فيه ويطوفون ثم يخرجون ولا

يعودون إليه إلى يوم القيامة

وذلك كما ذكر في حديث المعراج الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم )

عندما صعد بي جبريل إلى السماء السابعة فاستفتح جبرائيل قيل: من هذا؟

قال : جبرائيل , قيل : ومن معك ؟ قال محمد , قيل : وقد بعث إليه؟

قال : نعم, قيل : مرحبًا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا إبراهيم ,

قال : هذا أبوك فسلم عليه فسلمتُ عليه فرد السلام ثم قال مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح …).

وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير البرية فقال :

( ذاك إبراهيم ) وهو أول من يكْسى يوم القيامة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( … وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم )

فالناس يحشرون يوم القيامة عراة فيكسى إبراهيم عليه السلام تكريمًا له

ثم الأنبياء ثم الخلائق وقد مدح الله سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم وأثنى عليه

قال تعالى

( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ).

وقد فضل الله إبراهيم عليه السلام في الدنيا والآخرة فجعل النبوة فيه وفي ذريته إلى يوم القيامة

قال تعالى

( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ).

وإبراهيم عليه السلام من أولي العزم من الرسل ووصى الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يسير على ملته

قال تعالى : ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

وقال : ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ


ومدح الله إبراهيم بالوفاء والقيام بما عهد إليه فقال تعالى : ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ).

ولأنه أفضل الأنبياء والرسل بعد محمد صلى الله عليه وسلم أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نصلي عليه في صلاتنا أثناء التشهد.


اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم

اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم

في العالمين ,, أنك حميد مجيــــد ,,

ام الهنوف
27-11-2016, 12:40 PM
لوط عليه السلام



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16198&stc=1

لوط عليه الصلاة والسلام هو من الأنبياء والرسل الكرام ،

وقد ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم سبعاً وعشرين مرة ،

في الأعراف وهود والحِجر والشعراء والنمل وغيرها من سور القرءان ،

هذا وقد ذكرت قصته مع قومه مفصلة في بعض السور ومجملة في البعض الآخر.

هو نبي من أنبياء الله تعالى هو ابن هارون وابن أخي إبراهيم عليه السلام وقد أمن بسيدنا إبراهيم ،

أرسله الله سبحانه وتعالى في مكان بالإردن يدعى بسدوم ويدعى بحيرة لوط حالياً ليهدي قومه ويدعوهم

إلى عبادة الله سبحانه وتعالى

واسم لوط عجمي ليس عربيًا وليس مشتقًا من اللواط

لأن اللواط لفظ عربي تصريفه لاط يلوط لواطًا أي فعل تلك الفاحشة

ولا يليق بمنصب الأنبياء أن يكون اسم أحدهم مشتقًا من لفظ معناه خبيث.

وقد صدَّق لوط بدعوة عمه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام واهتدى بهديه،

قال الله تعالى في القرءان

:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}سورة العنكبوت.

وقد هاجر لوط عليه السلام مع عمه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام من العراق وتبعه في جميع أسفاره ورحلاته،

ثم بعثه الله تبارك وتعالى إلى أهل سدوم في الأردن قرب البحر الميت.


كان نبي الله لوط عليه السلام قد نزح عن محلة عمه إبراهيم الخليل بإذنه فنزل بمدينة سدوم [1]

كما أمره الله تعالى وهي في أطراف شرق الأردن قرب البحر الميت، وكانت هذه المدينة لها قرى مضافة إليها.

وكان قوم سدوم من أكفر الناس وأفجرهم وأخبثهم طوية وأقبحهم سيرة،

فقد كانوا ذوي أخلاق رديئة ونفوس خبيثة لا يستحون من منكر ولا يتعففون عن معصية،

وكانوا يقطعون السبيل على المسافرين ويأتون في ناديهم المنكر ولا يتناهون عن المنكرات فيما بينهم،

وكانوا ابتدعوا جريمة نكراء وذنبًا شنيعًا اشتهروا به،

ولم يسبقهم إليه أحد من أهل الأرض وهي إتيان الذكور – أي اللواط –

قال تعالى حكاية عن لوط عليه السلام

: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ *وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}سورة الشعراء.


ولقد كان قوم لوط من قساوة قلوبهم وفساد أخلاقهم يتجاهرون بفعل فاحشة اللواط ولا يستترون ولا يستحون،

فلما بعث الله تعالى نبيه لوطًا إليهم دعاهم إلى دين الإسلام وعبادة الله وحده لا شريك له

ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والمنكرات وتلك الأفاعيل المستقبحة،

ولكنهم استمروا على كفرهم وإشراكهم وتمادوا في ضلالهم وطغيانهم وفي المجاهرة بفعل اللواط.


وقيل: إن الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم بساتين وثمار في منازلهم

وبساتين وثمار خارجة على ظهر الطريق وأنهم أصابهم قحط شديد وجوع

فقال بعضهم لبعض: إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة عن أبناء السبيل والمسافرين كان لكم فيها معاش،

فقالوا: كيف نمنعها؟ فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: اجعلوا سنتكم -أي عادتكم وطريقكم-

فيها أن من وجدتموه في بلادكم غريبًا فاسلبوه وانكحوه

فإن الناس لا يطئون أرضكم،

وزين لهم الشيطان هذا الفعل الخبيث،

فكانوا كذلك حتى بعث الله لهم لوطًا عليه الصلاة والسلام فدعاهم إلى عبادة الله وترك هذه المحرمات والفواحش،


قال الله تبارك وتعالى

:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}سورة الأعراف، وقال تعالى:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}سورة الشعراء.


ولكنهم تمادوا في غيّهم وضلالهم ولم يزدهم وعظ نبيهم وأمره لهم بالمعروف ونهيه لهم عن المنكر

إلا تمادياً وتكبرًا وطغيانًا واستعجالًا لعقاب الله إنكارًا منهم لوعيده وتكذيبًا منهم لنبي الله لوط عليه الصلاة والسلام،

فقد كانوا يقولون له: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين،

ولم يكتفوا بهذا التكذيب والاستكبار بل أخذوا يهددونه بالطرد من قريتهم

وهمّوا بإخراج نبي الله من بين ظهرانيهم وهذا منتهى السفه والعناد والتكبر،

قال الله تبارك وتعالى

:{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}سورة الأعراف،

وقال تعالى

:{قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ}سورة الشعراء.

لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء،

وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه..

ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط..

وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا الرجال..

واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما،

وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد..

لم يؤمن به غير أهل بيته..

حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت زوجته كافرة.

وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام،

فكانوا يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين.



ذهاب الملائكة لقوم لوط:

خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط..

بلغوا أسوار سدوم..

وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر..

رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟

قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم..

أسرعت نحو أبيها فأخبرته.

فهرع لوط يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ)

سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟..

فصمتوا عن إجابته.

وسألوه أن يضيفهم..

استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم

يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد.

قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه،

وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء..
أنهم يخزون ضيوفهم..

حدثهم أنهم يفسدون في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين..

صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة..

عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.

سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته..

لم يرهم من أهل المدينة أحد..

إلا زوجته لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره.

أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر..

وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط له مسرعين..

تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟..


وجاء القوم على باب البيت..

خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير،

وبدأ بوعظهم:

(هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية..


(فَاتَّقُواْ اللّهَ)..

اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى..

(وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم.

و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

(أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟..

إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.

إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب الجامد الميت،

ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها.


فقومه الخبثاء رفضوا نصيحته، وصارحوه بغرضهم السيء من غير استحياء ولا خجل

وقالوا له: ما لنا في بناتك من حق -

أي أنهم ليسوا في حاجة الى بنات القرية- و أنهم لا يرغبون الا في أولئك الشبان الحسان

الذين هم في بيتته ضيوفاً.

عند ذلك ازداد همه وغمه عليه الصلاة والسلام

وتمنى أن لو كان له بهم قوة أو كان له منعة أو عشيرة في قومه فينصروه عليهم.


يقول الله تبارك وتعالى: } ولمَّا جاء رسلنا لوطًا سِىء بهم وضاق بهم ذرعًا وقال هذا يومٌ عصيب* وجاءه قومه يهرعون اليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنَّ أطهر لكم فاتقوا الله ولا تُخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رشيد* قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وانَّك لتعلم ما نريد* قال لو أنَّ لي بكم قوةً أو ءاوي الى ركن شديد{




أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه،

ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته..

كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين..

فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات القوم على الباب..


وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه..

غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد..

ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه..


بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته..

تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة..

فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة الله ..

ولن يصل إليك هؤلاء القوم..

ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة سريعة،

ففقد القوم أبصارهم.

التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج..

سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. فلا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم..

أي عذاب هذا؟..

هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه..

أخبره أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وسوف يصيبها ما أصابهم.

سأل لوط الملائكة: عن موعد العذاب..

أخبروه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟

خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير..

واقترب الصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله..


ثم جاء أمر الله تعالى..

يقول الله عز وجل

: {فلمَّا جاءَ أمرُنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجيل منضود* مُسَوَّمةٌ عند ربكَ وما هي من الظالمين ببعيد} [سورة هود].


لقد أدخل جبريل عليه السلام الذي وصفه الله تبارك وتعالى في القرءان بقوله

: {ذي قوةٍ عند ذي العرش مكين} [سورة التكوير]

ريشة واحدة من أجنحته في قراهم ومدنهم وكانت أربعة أو خمسة واقتلعهن من أصلهن وقرارهن

بمن فيهن من قوم لوط الكافرين

وكانوا كما قيل: أربعمائة ألف شخص، وما معهم من البهائم

فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء

حتى سمع الملائكة الذين في السماء الأولى أصوات ديكتهم ونباح كلابهم،

ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها

أي لم يردها كما كانت وانما ردها مقلوبة بمشيئة الله وقدرته،

من دون تعب ولا مشقة،

وأرسل عليهم صيحة من السماء وأمطر عليهم حجارة من سجيل،

يقول الله تعالى:

{فأخذتهم الصيحة مشرقين* فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} [سورة الحجر]


ويقول تعالى في ءاية أخرى:

{وأمطرنا عليها حجارةً من سجيل منضود* مسوَّمةً عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} [سورة هود]

أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء

قيل: أي مُعَلَّمةً مكتوباً على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدفعه ويقتله،

ويقول الله تبارك وتعالى:

{والمؤتفكة أهوى* فغشَّاها ما غشَّى* فبأيِّ ءالاء ربك تتمارى} [سورة النجم]

والمؤتفكة هي قرى قوم لوط عليه السلام،

قيل: أي قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها وغشاها بمطر من حجارة من سجيل متتابعة،

وكانت مسومة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه،

وما ان أشرقت الشمس حتى كانت القرى بمن فيها خراباً ودماراً

يقول تعالى: {وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهي ظالمة انَّ أخذهُ أليمٌ شديدٌ} [سورة هود].
زوجة لوط عليه السلام مع الهالكين


أهلك الله تبارك وتعالى زوجة نبيه لوط عليه الصلاة والسلام مع الهالكين

لأنها كذبت نبيه لوطاً عليه السلام ولم تؤمن به ولم تدخل في دين الاسلام،

بل بقيت كافرة مع قومها راضية بأفعالهم الخسيسة وصفاتهم المذمومة،

فحلَّ بها من السخط والعذاب ما حلَّ بقومها جزاء لها على كفرها وتعاطفها مع قومها،

ولم ينفعها عند الله أنها كانت زوجة نبي الله لوط عليه السلام

وهي باقية على الكفر والضلال يقول الله جل وعلا في محكم تنزيله

: {فأنجيناه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين} [سورة الأعراف]

ويقول عز من قائل:

{ضرب الله مثلًا للذين كفروا امرأتَ نوح وامرأتَ لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يُغنيا من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين}[سورة التحريم].


والمراد بالخيانة هنا الخيانة في الدين، فانهما لم تتبعاهما في دين الاسلام،

بل بقيتا على الكفر والضلال ولم ينفعهما أنهما زوجتا نبيين من أنبياء الله عظيمين

وهما نوح ولوط عليهما الصلاة والسلام، وليس المراد بالخيانة هنا الزنى وأنهما كانتا على الفاحشة،

ويروى عن ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف: “ما “بغتْ” -أي زنت- امرأة نبي قط”.

وقيل: ان اسم امرأة لوط “والهة” واسم امرأة نوح “والغة”

روى الحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:

{فخانتاهما} [سورة التحريم] قال: “ما زنتا، أما امرأة نوح فكانت تقول للناس انه مجنون،

وأما امرأة لوط فكانت تدل على الضيف، فذلك خيانتهما”.



نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت..

تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.

قال العلماء إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة..

ماؤها أجاج..

وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة..

وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة..

توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة.

يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين..

هي مدن قوم لوط السابقة.

انطوت صفحة قوم لوط..

انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض..

سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء..

وطويت صفحة من صفحات الفساد..

وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم..

ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله..

مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.

ام الهنوف
29-11-2016, 11:48 AM
بـــعـــد أحداث قصة سيدنا إبراهيم

عليه الصلاة والسلام

وإبنه إسماعيل عليه السلام


ننتقل إلى قصة


سيدنا



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16243&stc=1







إسحاق عليه السلام




أسحاق هو ولد سيدنا إبراهيم من زوجته سارة،

ذكره الله في القرآن بأنه

"غلام عليم"

جعله الله نبيا يهدي الناس إلى فعل الخيرات، جاء من نسله سيدنا يعقوب عليه السلام.


وهب الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم إسحاق،

بعد أن طَعَن في السن، وأيس هو وامرأته " سارة "من الولد،

عندما جاءته الملائكة وهم ذاهبون إلى قوم لوط

وقد كانت البشارة بمولده

القادم وهو اسحاق فبشروهما بإسحاق،

فتعجبت زوجته سارة من ذلك،

وقالت: قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ

قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "

وبشروه مع وجوده بنبوته، وبأن له نسلا وعَقِبا،

كما قال: وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ

وهذا أكمل في البشارة، وأعظم في النعمة،

وقال: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ

أي: ويولد لهذا المولود ولد في حياتكما، فتقر أعينكما به كما قرت بوالده،

فإن الفرح بولد الولد شديد لبقاء النسل والعقب، وقعت البشارة به وبولده

باسم " يعقوب "، الذي فيه اشتقاق العقب والذرية،

وكان هذا مجازاة لسيدنا ابراهيم عليه السلام، حين اعتزل قومه وتركهم،

ونزح عنهم وهاجر من بلادهم ذاهبا إلى عبادة الله في الأرض،

فعوضه الله عَزَّ وجل،

عن قومه وعشيرته بأولاد صالحين من صلبه وعلى دينه، لتقر بهم عينه،


كما قال تعالى: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا

وقال هاهنا: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "


دعا إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام إلى دين الإسلام وإلى عبادة الله وحده،

وأوحى إليه بشريعة مبنية على الإسلام ليبلغها ويعلمها الناس،

وقد أرسله الله تبارك وتعالى إلى الكنعانيين في بلاد الشام وفلسطين الذين

عاش بينهم،

وقد قيل: إن إبراهيم عليه السلام أوصى ابنه إسحاق ألا يتزوج إلا امرأة من

أهل أبيه فتزوج إسحاق رفقة بنت ابن عمه، وكانت عاقرًا لا تنجب فدعا الله

لها فحملت فولدت غلامين توأمين أحدهما اسمه العيص، والثاني يعقوب

وهو نبي الله إسرائيل.

والقرآن لم يفصل قصة هذا النبي الصالح كما فصل غيرها من قصص الأنبياء‏،‏

رغم ورود اسمه سبع عشرة مرة في كتاب الله‏،‏ وكأن المقصود من ذلك

هو الدرس المستفاد من معجزة ميلاده من أبوين كانا قد جاوزا القدرة على الإنجاب‏،‏

إثباتا لقدرة الله المطلقة التي لا تحدها حدود ولا يقف أمامها عائق‏.‏


ولا يذكر القرآن غير ومضات سريعة من قصة إسحاق، حيث كان ميلاده حدثاً خارقاً، بشرت به الملائكة،

وورد في البشرى اسم ابنه يعقوب

قال تعالى: “فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب” ولقد قر قلب سارة بمولد إسحاق

ومولد ابنه يعقوب،

قال تعالى: “الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء”،

ولم يذكر القرآن كيف كانت حياة إسحاق،

ولا نعرف بماذا أجابه قومه، كل ما نعرفه أن الله ذكره بالثناء والمدح في أكثر من آية،

“ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين”.


قيل إن إسحاق عليه السلام عاش مائة وثمانين سنة ومات في حبرون وهي

قرية في فلسطين وهي مدينة الخليل اليوم حيث كان يسكن إبراهيم عليه

السلام، ودفنه ابناه العيص ويعقوب عليه السلام في المغارة التي دفن فيها

أبوه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.




******
****
**
*
*
*

ام الهنوف
30-11-2016, 11:28 AM
سيدنا يعقوب عليه السلام



هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.. اسمه إسرائيل.. كان نبيا إلى قومه.. ذكر الله تعالى ثلاث أجزاء من قصته..

بشارة ميلاده.. وقد بشر الملائكة به إبراهيم جده.. وسارة جدته..

أيضا ذكر الله تعالى وصيته عند وفاته..

وسيذكره الله فيما بعد -بغير إشارة لاسمه- في قصة يوسف.

روى البخاري في (صحيحه) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم،

قال:

"الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام"،

فقد وصف صلى الله عليه وسلم النبي يعقوب بأنه (الكريم)، وأدرجه في سلسلة آبائه الأنبياء

الكرام إبراهيم وإسحاق عليهما السلام.

وحديث القرآن الكريم عن النبي يعقوب عليه السلام جاء مقتضباً،

وغاية ما ذكره بخصوص هذا النبي الكريم الآيات التالية:

قوله سبحانه

"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون "


وقوله تعالى

" أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون"


وقوله عز وجل

"واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار"

وذكر القرآن الكريم يعقوب عليه السلام في معرض الحديث عن قصة ابنه يوسف، وسوف نقف عليها بالتفصيل في مقال آخر.


وقد أطلق القرآن الكريم على يعقوب عليه السلام اسم إسرائيل، وجاء ذلك في موضعين:

أحدهما: قوله تبارك وتعالى:

"كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة "


الثاني : قوله عز وجل

" أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا "

ولفظ إسرائيل معناه: صفوة الله، أو عبد الله.

وقد حفل القرآن الكريم بالعديد من الآيات التي تخاطب ذرية إسرائيل عليه السلام،

حيث ورد هذا الخطاب في نحو أربعين موضعاً في القرآن الكريم،

نحو قوله تعالى" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون"

والآيات التي ذكرها القرآن الكريم عن النبي يعقوب عليه السلام كلها تدل

على أنه كان على ملة أبيه إبراهيم عليه السلام،

وقد أوصى بنيه من بعده باتباع ملة أبية إبراهيم حنيفاً، وعدم الحيد عنها؛ لأنها هي ملة الإسلام لله وحده.

كما أخبرنا القرآن الكريم أن يعقوب عليه السلام كان من أهل العمل الصالح،

والعلم النافع، والقوة في العبادة، والبصيرة النافذة.


وقد ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) قصة يعقوبمفصلة، وحاصل ما جاء فيها:

إن إسحاق عليه السلام لما تزوج رُزق بولدين، أحدهما: سماه عيصو. والثاني: خرج وهو آخذ بعقب أخيه،

فسموه يعقوب، وهو إسرائيل، الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل. ثم إن يعقوب لما كبر قَدِمَ على خاله لابان في أرض حران،

وكانت له ابنتان: اسم الكبرى ليا ، واسم الصغرى راحيل، وكانت أحسنهما، وأجملهما،

فطلب يعقوب الزواج بالصغرى من خاله، فأجابه إلى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين،

فلما مضت المدة على خاله لابان صنع طعاماً، وجمع الناس عليه، وزف إليه ليلاً ابنته الكبرى ليا.

فلما أصبح يعقوب إذا هي ليا، فقال لخاله: لم غدرت بي؟! وأنت إنما خطبت إليك راحيل،

فقال: إنه ليس من سنتنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى، فان أحببت أختها فاعمل سبع سنين أخرى وازوجكها،

فعمل سبع سنين، وادخلها عليه مع أختها، وكان ذلك سائغاً في ملتهم، ثم نُسخ في شريعة التوراة.

ثم إن راحيل دعت الله تعالى وسألته أن يهب لها غلاماً من يعقوب، فسمع الله ندائها، وأجاب دعائها،

فحملت من نبي الله يعقوب، فولدت له غلاماً عظيماً شريفاً حسناً جميلاً، سمته يوسف،

كل هذا وهم مقيمون بأرض حران، وهو يرعى على خاله غنمه بعد دخوله على البنتين ست سنين أخرى،

فصار مدة مقامه عشرين سنة، فطلب يعقوب من خاله لابان أن يسرحه ليمر إلى أهله،

فقال له خاله: إني قد بورك لي بسببك، فسلني من مالي ما شئت.

وأوحى الله تعالى إلى يعقوب عليه السلام أن يرجع إلى بلاد أبيه وقومه، ووعده بأن يكون معه،

فعرض ذلك على أهله، فأجابوه مبادرين إلى طاعته، فحمل أهله وماله، وقفل قاصداً بلاده.

ثم مر يعقوب على أورشليم قرية شخيم، فنزل قبل القرية، واشترى مزرعة شخيم بن جموربمائة نعجة،

فضرب هنالك فسطاطه، وابتنى ثَمَّ مذبحاً، فسماه إيل إله إسرائيل،

وأمر الله ببنائه ليستعلن له فيه، وهو بيت المقدس اليوم الذي جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام.


وذكر أصحاب السير أن أولاد يعقوب عليه السلام الذكور كانوا اثني عشر رجلاً؛

فمن ليا: روبيل، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وايساخر، وزايلون.
ومن راحيل: يوسف وبنيامين.

وجاء يعقوب إلى أبيه إسحاق فأقام عنده بقرية (حبرون)

التي في أرض كنعان حيث كان يسكن إبراهيم عليه السلام، ثم مرض إسحاق ومات عن مائة وثمانين سنة،

ودفنه ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل.

وقد قص علينا القرآن الكريم أن يعقوب وأولاده استدعاهم يوسف عليه السلام للحضور إلى مصر،

فتركوا فلسطين، ولبوا دعوته، وحضروا إلى مصر،

قال تعالى

" فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين * ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم "



وذكر أهل السير أن يعقوب عندما دخل مصر كان عمره مائة وثلاثين سنة، وأقام بمصر سبع عشرة سنة.

ثم لحق بربه، وسنُّه مائة وسبعة وأربعون عاماً، فاستأذن يوسف عليه السلام ملك مصر في الخروج مع أبيه يعقوب

ليدفنه عند أهله بفلسطين، فأذن له، وتم دفن يعقوبعليه السلام ببلدة (حبرون) المسماة بالخليل اليوم،

بجوار جده إبراهيم وأبيه إسحاق عليهما السلام.




نعرف مقدار تقواه من هذه الإشارة السريعة إلى وفاته.. نعلم أن الموت كارثة تدهم الإنسان،

فلا يذكر غير همه ومصيبته.. غير أن يعقوب لا ينسى وهو يموت أن يدعو إلى ربه..

قال تعالى في سورة (البقرة):

" أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ "

إن هذا المشهد بين يعقوب وبنيه في ساعة الموت ولحظات الاحتضار، مشهد عظيم الدلالة..

نحن أمام ميت يحتضر.. ما القضية التي تشغل باله في ساعة الاحتضار..؟

ما الأفكار التي تعبر ذهنه الذي يتهيأ للانزلاق مع سكرات الموت..؟

ما الأمر الخطير الذي يريد أن يطمئن عليه قبل موته..؟

ما التركة التي يريد أن يخلفها لأبنائه وأحفاده..؟

ما الشيء الذي يريد أن يطمئن -قبل موته- على سلامة وصوله للناس.. كل الناس..؟

ستجد الجواب عن هذه الأسئلة كلها في سؤاله " مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي"

. هذا ما يشغله ويؤرقه ويحرص عليه في سكرات الموت..

قضية الإيمان بالله... هي القضية الأولى والوحيدة،...

وهي الميراث الحقيقي الذي لا ينخره السوس ولا يفسده..

وهي الذخر والملاذ.

قال أبناء إسرائيل: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا، ونحن له مسلمون..

والنص قاطع في أنهم بعثوا على الإسلام..

إن خرجوا عنه، خرجوا من رحمة الله.. وإن ظلوا فيه، أدركتهم الرحمة.

مات يعقوب وهو يسأل أبناءه عن الإسلام، ويطمئن على عقيدتهم..

وقبل موته، ابتلي بلاء شديدا في ابنه يوسف.

سترد معنا مشاهد من قصة يعقوب عليه السلام عند ذكرنا لقصة ابنه النبي الكريم يوسف عليه السلام





******
*****
****
***
**
*

ام الهنوف
04-12-2016, 11:25 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16354&stc=1




يـــوســــف عـــلـيـه الــسـلام




حقيقية قصة سيدنا يوسف من أجمل القصص التي ستقرأها في القرآن

فهي قصة مشوقة وفيها كثيرالحداث والعبر



لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام-

وسوف أقسمها لعدد من الفصول

والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.




الفصل الاول



المشهد الاول طفوله يوسف عليه السلام


كان لسيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام إثنا عشر ولداً من الذكور ،و من هؤلاء الأولاد سيدنا يوسف و أخوه بنيامين، كان يوسف عليه السلام حسن الخلقة جميل الوجه و الصورة، و قد كان له عند والده مكانة و محبة خاصة ، مما جعل ذلك سبباً في حقد إخوته عليه و غيرتهم


ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه،



وحكى له عن رؤيا رآها.



أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس



والقمر ساجدين له.



استمع الأب إلى رؤيا ابنه


فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة، بحيث يخضع له أبواه وأخوته فيها.

فأمره بكتمانها وألا يقصها على أخوته؛ كي لا يحسدوه ويبغوا له الغوائل ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر.

وهذا يدل على ما ذكرناه.

ولهذا جاء في بعض الآثار: "استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها فإن كل ذي نعمة محسود".


{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} أي وكما أراك هذه الرؤية العظيمة، فإذا كتمتها {يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة، {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} أي يفهمك من معاني الكلام وتعبير المنام ما لا يفهمه غيرك.

{وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} أي بالوحي إليك {وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} أي بسببك، ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة.

{كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة، كما أعطاها أباك يعقوب،

وجدك اسحاق، ووالد جدك إبراهيم الخليل، {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}

كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}.

فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه



وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام.



لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه



على إخوته خشية أن يستشعورا



ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج



يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد



الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم،



فتمتلئ نفوسهم بالحقد،



فيدبروا له أمرا يسوؤه.



استجاب يوسف لتحذير



أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى،



وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى



الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي



لهم دخائله الخاصة وأحلامه.



المشهد الثاني:



اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره.



(إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ



وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ



إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)



أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع،



فأبونا مخطئ في تفضيل



هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين!



فاقترح أحدهم حلا للموضوع:



(اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا).



إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم



ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل.



أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله.



وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل،



لأنه سيموت هناك لا محاله. ولماذا هذا



كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم.



ومن ثم يتوبون عن جريمتهم



(وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).

قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية،



أو أثار الله في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟



إن كنتم تريدون



الخلاص منه،



فلنلقه في بئر تمرعليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل



به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق



غرضنا من إبعاده.

انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد.



نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم،



كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم،


بعض خير لم يمت بعد.




المشهد الثالث:



توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف

بمرافقتهم. دار الحوار

بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي،



وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟



أيمكن أن يكون يوسف أخانا،



وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه،



ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟ لماذا



لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟

وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه



السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه،



ويعلل احتجازه معه بقلة صبره



على فراقه وخوفه عليه من



الذئاب: قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ

أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ .

ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف



أبوه أن يأكله.. نحن عشرة



من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟

نكون خاسرين غير أهل

للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله الذئب



ولا داعي للخوف عليه.

وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله



وتتم القصة كما تقتضي مشيئته!




المشهد الرابع:



خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء.


وصلوا الى بئر وحملوه وهموا بإلقائه في



البئر..ورمو أخوهم يوسف البئر


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16352&stc=1


اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=16353&stc=1

وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف..

وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.



المشهد الخامس:


عند العشاء جاء الأبناء



باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة.



أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون،



فجاء ذئب على غفلة، وأكل يوسف.



لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة،



فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى



التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم!



ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون،



يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى.



كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع،



وقد كان أبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها.



فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح



ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه



أمس! وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه



بدم كذب لطخوه به في غير إتقان

ونسوا في انفعالهم أن يمزقوا

قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما،



ولكن ملطخا بالدم.. وانتهى



كلامهم بدليل قويعلى كذبهم



حين قالوا: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)



أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق،



لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله.



أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه



ومن الأكذوبة الواضحة،



أن يوسف لم يأكله الذئب،



وأنهم دبروا له مكيدة ما،



وأنهم يلفقون له قصة لم تقع،



فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم



أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه؛ وأنه



سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو،



مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل وأكاذيب:



قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ



جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ




المشهد الأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا

يوسف عليه السلام:




أثناء وجود يوسف بالبئر،



مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقها



إلى مصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت



سيارة.. توقفوا للتزود بالماء.. وأرسلوا أحدهم



للبئر فأدلى الدلو فيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه



أنه امتلأ بالماء فسحبه.. ففرح بما رأى.. رأى



غلاما متعلقا بالدلو.. فسرى على



يوسف حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير



عبدا لمن التقطه.. هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد.

فرح به من وجده في البداية،



ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته،



وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا.. وعزم على



التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل



إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد،



دراهم معدودة.



ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية.

انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم،



لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته.

ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها



(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).



لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف.

ألقي في البئر، أهين،

حرم من أبيه، التقط من البئر،



صار عبدا يباع في الأسواق، اشتراه رجل من مصر،



صار مملوكا لهذا الرجل.. انطبقت



المأساة، وصار يوسف بلا حول



ولا قوة..هكذا يظن أي إنسان.. غير



أن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما.

ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة..



كان هو أول سلم يصعده يوسف في طريقه



إلى مجده..(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذ



تدبيره رغم تدبير الآخرين.



ينفذ من خلاله تدبير الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله،



وقد وعد الله يوسف بالنبوة.

وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه..



وها هو ذا السيد يقول لزوجته



أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا.



وليس هذا السيد رجلا هين الشأن..



إنما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة

في مصر..



سنعلم بعد قليل أنه وزير من وزراء الملك.



وزير خطير سماه القرآن 'العزيز'،



وكان قدماء المصريين يطلقون الصفات كأسماء



على الوزراء. فهذا العزيز.. وهذا العادل..



وهذا القوي.. إلى آخره.. وأرجح الآراء أن العزيز



هو رئيس وزراء مصر.

وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. سيتربى كصبي



في بيت رجل يحكم.



وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث



والرؤى.. وسيحتاج إليه الملك في مصر يوما.



(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).




هذه نهاية مشاهد الفصل الاول

من قصة سيدنا يوسف


فلنابع معاً

الفصل الثاني

من القصة

ام الهنوف
01-02-2017, 04:10 PM
أعزائي وإخوتي الكرام


أعتذر على هذا الانقطاع


وغداً إن شاء الله لنا عودة بإذن الله حميدة

مع الفصل الثاني من قصة سيدنا يوسف عليه السلام


مع خالص حبي


أم الهنــــــــــــــوف

تباشيرالأمل
05-02-2017, 05:57 AM
مرحبا بعودتك عزيزتي
بنتظار تكملة القصص

جزيت خيرا

ام الهنوف
05-02-2017, 12:36 PM
كان يوسف أجمل رجل في عصره..

وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرته

يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال.



وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياة



وأحوالها. وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب



من يستمع إليه.. وأوتي نبلا وعفة،



جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم. وأدرك سيده أن



الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه.. اكتشف



أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة

وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيته



وأكرمه وعامله كابنه.



وهنا نبدأ بالمشهد الأول من الفصل الثاني في حياته:


في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية،



وهي أشد وأعمق من المحنة الأولى.



جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي



العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاء

إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه.



يذكر الله تعالى هذه المحنة في كتابه الكريم:

وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ



وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ



إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا



لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ



وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ



(24) (يوسف)


والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات.

(وَرَاوَدَتْهُ) صراحة



(عَن نَّفْسِهِ )،



وأغلقت



(الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ).







فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت



تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه..




فخرجت من التلميح إلى التصريح..



وأغلقت الأبواب



ومزقت أقنعة الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه






موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغواء.

يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا



(قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ



مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)



أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة



من أكرمني بأن نجاني من الجب



وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن.



ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله،



فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه.

(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)



اتفق المفسرون حول همها بالمعصية،



واختلفوا حول همه.






لكن التلفيق والاختلاق ظاهر في هذه الزوايات



من قال: إنها همت به تقصد المعصية



وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل،



ومن قال: إنها همت به لتقبله وهم بها ليضربها،



ومن قال: إن هذا الهم كان بينهما قبل



الحادث.

كان حركة نفسية داخل نفس يوسف في السن



التي اجتاز فيها فترة المراهقة

ثم صرف الله عنه





قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة،



فلما أتيت على قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا).



قال أبو عبيدة:



هذا على التقديم والتأخير. بمعنى ولقد همت به..



ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها.



يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء..



كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة



(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء



إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)



وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله



المخلصين،



تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان



الشيطان. قال تعالى لإبليس يوم الخلق



(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)



وما دام يوسف من عباده المخلصين،



فقد وضح الأمر بالنسبة إليه.



لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو



من مشاعر الرجولة،



ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة



وعدم احتفالهم بالحس.



إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل



قاومه فلم تمل نفسه يوما،



ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه،



عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي،



ابن إسحق النبي،



ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.

يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف



متجها إلى الباب حتى لا يتطور الأمر أكثر.



لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه،



تدفهعا الشهوة لذلك.

فأمسكت قميصه من الخلف،



فتمزق في يدها. وهنا تقع المفاجأة.



فتح الباب زوجها -العزيز.

وهنا تتبدى

المرأة المكتملة،

فتجد الجواب حاضرا على السؤال



البديهي الذي يطرح الموقف.



فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ



بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب

-المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف،



خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه.



بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن.



بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف



بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي

تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة



يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ

فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ

قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ

(27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ



إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)

لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية،



أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه..



كما أشارت بعض



الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير،



بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع.



كل هذا جائز.



وهو لا يغير من الأمر شيئا.



ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر



للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر



مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة



وهو كاذب.وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو



إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب،



فهي كاذبة وهو صادق.

فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ



مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ



(28) (يوسف)

فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى



قميص يوسف ممزق من الخلف.



لكن الدم لم يثر في عروقهولم يصرخ ولم يغضب.



فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي



وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف..



نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما.



وصرح بأن كيد النساء عموم عظيم.



وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق.



ولا نحسب أنه



يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).



فهو دلالة على



أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد.



بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له:



(يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا)



أهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به.



هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. ثم يوجه

عظة -مختصرة-

للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها



عن نفسها وتمزيق قميصه:



(وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).

انتهى الحادث الأول.. لكن الفتنة لم تنته..



فلم يفصل سيد البيت بين المرأة وفتاها..



كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع.



غير أن هذا الموضوع بالذات.



وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ



بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات.

المشهد الثاني:

بدأ الموضوع ينتشر.. خرج من القصر إلى قصور



الطبقة الراقية يومها.. ووجدت فيه نساء هذه الطبقة



مادة شهية للحديث.



إن خلو حياة هذه الطبقات من المعنى،



وانصرافها إلى اللهو،



يخلعان أهمية قصوى على الفضائح



التي ترتبط بشخصيات شهيرة.. وزاد حديث المدينة



(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا



عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)



وانتقل الخبر من فم إلى فم.. ومن



بيت إلى بيت.. حتى وصل لامرأة العزيز.

المشهد الثالث:

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ



وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا



وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ



أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا



إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي



فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ



يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ



(32) (يوسف)

عندما سمعت امرأة العزيز بما تتناقله نساء الطبقة

العليا عنها،

قررت أن تعد مأدبة كبيرة في القصر.



وأعدت الوسائد حتى يتكئ عليها المدعوات.



واختارت ألوان الطعام



والشراب وأمرت أن توضع السكاكين الحادة

إلى جوار الطعام المقدم.

ووجهت الدعوة لكل من تحدثت عنها.



وبينما هن منشغلات بتقطيع اللحم أو تقشير الفاكهة،



فاجأتهن بيوسف: وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا

(فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) بهتن لطلعته،



ودهشن. (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)



وجرحن أيديهن بالسكاكين للدهشة المفاجئة.



(وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ)



وهي كلمة تنزيه تقال في هذا الموضع تعبيرا



عن الدهشة بصنع الله..



(مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ)



يتضح من هذه التعبيرات أن شيئا من ديانات التوحيد



تسربت لأهل ذلك الزمان.

ورأت المرأة أنها انتصرت على نساء طبقتها،



وأنهن لقين من طلعة يوسف الدهش والإعجاب

والذهول. فقالت قولة المرأة المنتصرة،



التي لا تستحي أمام النساء من بنات جنسها وطبقتها،



والتي تفتخر عليهن بأن هذا متناول يدها؛



وإن كان قد استعصم في المرة الأولى فهي ستحاول



المرة تلو الأخرى إلى أن يلين: انظرن ماذا لقيتن



منه من البهر والدهش والإعجاب!



لقد بهرني مثلكن فراودته عن نفسه لكنه استعصم،



وإن لم يطعني سآمر بسجنه لأذلّه.

إنها لم ترى بأسا من الجهر



بنزواتها الأنثوية أما نساء طبقتها.



فقالتها بكل إصرار وتبجح،



قالتها مبيّنة أن الإغراء الجديد تحت التهديد.

واندفع النسوة كلهم إليه يراودنه عن نفسه..



كل منهن أرادته لنفسها.. ويدلنا على ذلك أمران.



الدليل الأول هو قول يوسف عليه السلام



(رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)



فلم يقل (ما تدعوني إليه).. والأمر الآخر هو سؤال



الملك لهم فيما بعد (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ)



أمام هذه الدعوات - سواء كانت بالقول أم بالحركات واللفتات -

استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لإيقاعه في حبائلهن،

خيفة أن يضعف في لحظة أمام الإغراء الدائم، فيقع فيما يخشاه على نفسه.

دعى يوسف ربه دعاء الإنسان العارف ببشريته، الذي لا يغتر بعصمته؛

فيريد مزيدا من عناية الله وحياطته، ويعاونه على ما يعترضه من فتة وكيد وإغراء.


(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ

وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)

واستجاب له الله.. وصرف عنه كيد النسوة.

وهذا الصرف قد يكون بإدخال اليأس في نفوسهن من استجابته لهن، بعد هذه التجربة؛

أو بزيادة انصرافه عن الإغراء حتى ما يحس في نفسه أثرا منه. أو بهما جميعا.


وهكذا اجتاز يوسف المحنة الثانية بلطف الله ورعايته، فهو الذي سمع الكيد ويسمع الدعاء،

ويعلم ما وراء الكيد وما وراء الدعاء.

ربما كان دخوله للسجن بسبب انتشار قصته مع امرأة العزيز ونساء طبقتها،

فلم يجد أصحاب هذه البيوت طريقة لإسكات هذه الألسنة سوى سجن هذا الفتى

الذي دلت كل الآيات على برائته، لتنسى القصة.

قال تعالى في سورة (يوسف):

ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ



وهكذا ترسم الآية الموجزة

جو هذا العصر بأكمله..

جو الفساد الداخلي في القصور،

جو الأوساط الأرستقراطية..

وجو الحكم المطلق.

إن حلول المشكلات في الحكم المطلق هي السجن..

وليس هذا بغريب على من يعبد آلهة متعددة. كانوا على عبادة غير الله..

ولقد رأينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عن عبادة الله إلى عبادة غيره.

وها نحن أولاء نرى في قصة يوسف شاهدا حيا يصيب حتى الأنبياء.

صدر قرارا باعتقاله وأدخل السجن. بلا قضية ولا محاكمة، ببساطة ويسر..

لا يصعب في مجتمع تحكمه آلهة متعددة أن يسجن بريء.

بل لعل الصعوبة تكمن في محاولة شيء غير ذلك.

دخل يوسف السجن ثابت القلب هادئ الأعصاب أقرب إلى الفرح لأنه نجا من إلحاح زوجة العزيز ورفيقاتها،

وثرثرة وتطفلات الخدم. كان السجن بالنسبة إليه مكانا هادئا يخلو فيه ويفكر في ربه.



يختصر السياق القرآني ما كان من أمر يوسف في السجن..

لكن الواضح أن يوسف -عليه السلام- انتهز فرصة وجوده في السجن، ليقوم بالدعوة إلى الله.

مما جعل السجناء يتوسمون فيه الطيبة والصلاح وإحسان العبادة والذكر والسلوك.

انتهز يوسف -عليه السلام- هذه الفرصة ليحدث الناس

عن رحمة الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته،

كان يسأل الناس: أيهما أفضل..

أن ينهزم العقل ويعبد أربابا متفرقين..

أم ينتصر العقل ويعبد رب الكون العظيم؟

وكان يقيم عليهم الحجة بتساؤلاته الهادئة وحواره الذكي وصفاء ذهنه، ونقاء دعوته.

وفي أحد الأيام، قَدِمَ له سجينان يسألانه تفسير أحلامهما، بعد أن توسما في وجهه الخير.

إن أول ما قام به يوسف -عليه السلام- هو طمأنتهما أنه سيؤول لهم الرؤى،

لأن ربه علمه علما خاصا، جزاء على تجرده هو وآباؤه من قبله لعبادته وحده،

وتخلصه من عبادة الشركاء..

وبذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظة الأولى بقدرته على تأويل رؤياهما، كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه.

ثم بدأ بدعوتهما إلى التوحيد، وتبيان ما هم عليه من الظلال.

قام بكل هذا برفق ولطف ليدخل إلى النفوس بلا مقاومة.

بعد ذلك فسر لهما الرؤى. بيّن لهما أن أحدها سيصلب، والآخر سينجو،

وسيعمل في قصر الملك. لكنه لم يحدد من هو صاحب البشرى ومن هو

صاحب المصير السيئ تلطفا وتحرجا من المواجهة بالشر والسوء.

وتروي بعض التفاسير أن هؤلاء الرجلين كانا يعملان في القصر، أحدهما طباخا،

والآخر يسقي الناس، وقد اتهما بمحاولة تسميم الملك.

أوصى يوسف من سينجو منهما أن يذكر حاله عن الملك.

لكن الرجل لم ينفذ الوصية. فربما ألهته حياة القصر المزدحمة يوسف وأمره.

فلبث في السجن بضع سنين. أراد الله بهذا أن يعلم يوسف -عليه السلام- درسا.

فقد ورد في إحدى الرويات أنه جاءه جبريل

قال: يا يوسف من نجّاك من إخوتك؟

قال: الله.

قال: من أنقذك من الجب؟ قال: الله.

قال: من حررك بعد أن صرت عبدا؟ قال: الله.

قال: من عصمك من النساء؟ قال: الله.

قال: فعلام تطلب النجاة من غيره؟

وقد يكون هذا الأمر زيادة في كرم الله عليه واصطفاءه له،

فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولا سبب يرتبط بعبد.


في هذا المشهد تبدأ نقطة التحول..

التحول من محن الشدة إلى محن الرخاء..

من محنة العبودية والرق لمحنة السلطة والملك.

في قصر الحكم.. وفي مجلس الملك: يحكي الملك لحاشيته رؤياه طالبا منهم تفسيرا لها.

(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ

يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)

لكن المستشارين والكهنة لم يقوموا بالتفسير.

ربما لأنهم لم يعرفوا تفسيرها، أو أنهم أحسوا أنها رؤيا سوء فخشوا أن يفسروها للملك،

وأرادوا أن يأتي التفسير من خارج الحاشية -التي تعودت على قول كل ما يسر الملك فقط.

وعللوا عدم التفسير بأن قالوا للملك أنها أجزاء من أحلام مختلطة ببعضها البعض،

ليست رؤيا كاملة يمكن تأويلها.


وصل الخبر إلى الساقي -الذي نجا من السجن..

تداعت أفكاره وذكره حلم الملك بحلمه الذي رآه في السجن، وذكره السجن بتأويل يوسف لحلمه.

وأسرع إلى الملك وحدثه عن يوسف.

قال له: إن يوسف هو الوحيد الذي يستطيع تفسير رؤياك.

وأرسل الملك ساقيه إلى السجن ليسأل يوسف.

ويبين لنا الحق سبحانه كيف نقل الساقي رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك نفسها،

لأنه هنا بصدد تفسير حلم، وهو يريد أن يكون التفسير مطابقا تماما لما رءاه الملك.

وكان الساقي يسمي يوسف بالصديق، أي الصادق الكثير الصدق..

وهذا ما جربه من شأنه من قبل.

جاء الوقت واحتاج الملك إلى رأي يوسف..

(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).

سُئِلَ يوسف عن تفسير حلم الملك..

فلم يشترط خروجه من السجن مقابل تفسيره.

لم يساوم ولم يتردد ولم يقل شيئا غير تفسير الرؤيا..

هكذا ببراءة النبي حين يلجأ إليه الناس فيغيثهم..

وإن كان هؤلاء أنفسهم سجانيه وجلاديه.

لم يقم يسوف -عليه السلام- بالتفسير المباشر المجرد للرؤيا.

وإنما قدم مع التفسير النصح وطريقة مواجهة المصاعب التي ستمر بها مصر.

أفهم يوسف رسول الملك أن مصر ستمر عليها سبع سنوات مخصبة تجود فيها الأرض بالغلات.

وعلى المصريين ألا يسرفوا في هذه السنوات السبع.

لأن وراءها سبع سنوات مجدبة ستأكل ما يخزنه المصريون،

وأفضل خزن للغلال أن تترك في سنابلها كي لا تفسد أو يصيبها السوس أو يؤثر عليها الجو.

بهذا انتهى حلم الملك..

وزاد يوسف تأويله لحلم الملك بالحديث عن عام لم يحلم به الملك، عام من الرخاء.

عام يغاث فيه الناس بالزرع والماء، وتنمو كرومهم فيعصرون خمرا،

وينمو سمسمهم وزيتونهم فيعصرون زيتا.

كان هذا العام الذي لا يقابله رمز في حلم الملك.

علما خاصا أوتيه يوسف.

عاد الساقي إلى الملك. أخبره بما قال يوسف،

دهش الملك دهشة شديدة. ما هذا السجين..؟

إنه يتنبأ لهم بما سيقع، ويوجههم لعلاجه..

دون أن ينتظر أجرا أو جزاء. أو يشترط خروجا أو مكافأة.

فأصدر الملك أمره بإخراج يوسف من السجن وإحضاره فورا إليه.

ذهب رسول الملك إلى السجن. ولا نعرف إن كان هو الساقي الذي جاءه أول مرة.

أم أنه شخصية رفيعة مكلفة بهذه الشؤون. ذهب إليه في سجنه.

رجا منه أن يخرج للقاء الملك.. فهو يطلبه على عجل.

رفض يوسف أن يخرج من السجن إلا إذا ثبتت براءته.

لقد رباه ربه وأدبه.

ولقد سكبت هذه التربية وهذا الأدب في قلبه السكينة والثقة والطمأنينة.

ويظهر أثر التربية واضحا في الفارق بين الموقفين:

الموقف الذي يقول يوسف فيه للفتى: اذكرني عند ربك،

والموقف الذي يقول فيه: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتي قطعن أيدهن،

الفارق بين الموقفين كبير.



تجاوز السياق القرآني عما حدث بين الملك ورسوله، وردة فعل الملك.

ليقف بنا أمام المحاكة.

وسؤال الملك لنساء الطبقة العليا عما فعلنه مع يوسف.

يبدوا أن الملك سأل عن القصة ليكون على بينة من الظروف قبل أن يبدأ التحقيق،

لذلك جاء سؤاله دقيقا للنساء.

فاعترف النساء بالحقيقة التي يصعب إنكارها (قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ).

وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف، التي يئست منه،

ولكنها لا تستطيع أن تخلص من تعلقها به..

تتقدم لتقول كل شيء بصراحة.

يصور السياق القرآني لنا اعتراف امرأة العزيز، بألفاظ موحية،

تشي بما وراءها من انفعالات ومشاعر عميقة

(أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)

شهادة كاملة بإثمها هي، وبراءته ونظافته وصدقه هو.


شهادة لا يدفع إليها خوف أو خشية أو أي اعتبار آخر..

يشي السياق القرآني بحافز أعمق من هذا كله.

حرصها على أن يحترمها الرجل الذي أهان كبرياءها الأنثوية، ولم يعبأ بفتنتها الجسدية.

ومحاولة يائسة لتصحيح صورتها في ذهنه.

لا تريده أن يستمر على تعاليه واحتقاره لها كخاطئة.

تريد أن تصحح فكرته عنها: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ).

لست بهذا السوء الذي يتصوره فيني.

ثم تمضي في هذه المحاولة والعودة إلى الفضيلة التي يحبها يوسف ويقدرها

(وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ).

وتمضي خطوة أخرى في هذه المشاعر الطيبة

(وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

إن تأمل الآيات يوحي بأن امرأة العزيز قد تحولت إلى دين يوسف.

تحولت إلى التوحيد. إن سجن يوسف كان نقلة هائلة في حياتها.

آمنت بربه واعتنقت ديانته.

ويصدر الأمر الملكي بالإفراج عنه وإحضاره.

يهمل السياق القرآني بعد ذلك قصة امرأة العزيز تماما،

يسقطها من المشاهد، فلا نعرف ماذا كان من أمرها بعد شهادتها الجريئة التي أعلنت فيها ضمنا إيمانها بدين يوسف.

وقد لعبت الأساطير دورها في قصة المرأة..

قيل: إن زوجها مات وتزوجت من يوسف، فاكتشف أنها عذراء،

واعترفت له أن زوجها كان شيخا لا يقرب النساء..

وقيل: إن بصرها ضاع بسبب استمرارها في البكاء على يوسف،

خرجت من قصرها وتاهت في طرقات المدينة، فلما صار يوسف كبيرا للوزراء،


ومضى موكبه يوما هتفت به امرأة ضريرة تتكفف الناس:

سبحان من جعل الملوك عبيدا بالمعصية،

وجعل العبيد ملوكا بالطاعة.

سأل يوسف: صوت من هذا؟ قيل له: امرأة العزيز.

انحدر حالها بعد عز.

واستدعاها يوسف وسألها: هل تجدين في نفسك من حبك لي شيئا؟

قالت: نظرة إلى وجهك أحب إلي من الدنيا يا يوسف..

ناولني نهاية سوطك. فناولها.

فوضعته على صدرها، فوجد السوط يهتز في يده اضطرابا وارتعاشا من خفقان قلبها.

وقيلت أساطير أخرى، يبدو فيها أثر المخيلة الشعبية وهي تنسج قمة الدراما بانهيار العاشقة إلى الحضيض..

غير أن السياق القرآني تجاوز تماما نهاية المرأة.

أغفلها من سياق القصة، بعد أن شهدت ليوسف..

وهذا يخدم الغرض الديني في القصة، فالقصة أساسا قصة يوسف وليست قصة المرأة..

وهذا أيضا يخدم الغرض الفني.. لقد ظهرت المرأة ثم اختفت في الوقت المناسب..

اختفت في قمة مأساتها.. وشاب اختفاءها غموض فني معجز..

ولربما بقيت في الذاكرة باختفائها هذا زمنا أطول مما كانت تقضيه لو عرفنا بقية قصتها.

ويبدأ فصل جديد من فصول حياة يوسف عليه السلام:

بعد ما رأى الملك من أمر يوسف. براءته، وعلمه، وعدم تهافته على الملك.

عرف أنه أمام رجل كريم، فلم يطلبه ليشكره أو يثني عليه، وإنما طلبه ليكون مستشاره.

وعندما جلس معه وكلمه، تحقق له صدق ما توسمه فيه.

فطمئنه على أنه ذو مكانه وفي أمان عنده. فماذا قال يوسف؟

لم يغرق الملك شكرا، ولم يقل له: عشت يا مولاي وأنا عبدك الخاضع أو خادمك الأمين،

كما يفعل المتملقون للطواغيت؛ كلا إنما طالب بما يعتقد أنه قادر على أن ينهض به من الأعباء في الازمة القادمة.

كما وأورد القرطبي في تفسيره.

أن الملك قال فيما قاله: لو جمعت أهل مصر ما أطاقوا هذا الأمر.. ولم يكونوا فيه أمناء.

كان الملك يقصد الطبقة الحاكمة وما حولها من طبقات..

إن العثور على الأمانة في الطبقة المترفة شديد الصعوبة.

اعتراف الملك ليوسف بهذه الحقيقة زاد من عزمه على تولي هذا الامر،

لأنقاذ مصر وما حولها من البلاد من هذه المجاعة..

قال يوسف: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ). لم يكن يوسف في كلمته يقصد النفع أو الاستفادة.

على العكس من ذلك.

كان يحتمل أمانة إطعام شعوب جائعة لمدة سبع سنوات..

شعوب يمكن أن تمزق حكامها لو جاعت..

كان الموضوع في حقيقته تضحية من يوسف.

لا يثبت السياق القرآني أن الملك وافق..

فكأنما يقول القرآن الكريم إن الطلب تضمن الموافقة.. زيادة في تكريم يوسف، وإظهار مكانته عند الملك..

يكفي أن يقول ليجاب.. بل ليكون قوله هو الجواب، ومن ثم يحذف رد الملك..

ويفهمنا شريط الصور المعروضة أن يوسف قد صار في المكان الذي اقترحه.

وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. صار مسؤولا عن خزائن مصر واقتصادها..

صار كبيرا للوزراء.. وجاء في رواية أن الملك قال ليوسف:

يا يوسف ليس لي من الحكم إلا الكرسي..

ولا ينبئنا السياق القرآني كيف تصرف يوسف في مصر..

نعرف أنه حكيم عليم..

نعرف أنه أمين وصادق..

لا خوف إذا على اقتصاد مصر.





*****
***
***

ترقبوا الفصل الاخير من القصة

أستودعكم الله أحبتي

حلوة الشيم
05-02-2017, 12:38 PM
يعطيك العافيه. على. جهدك الملموس

ام الهنوف
06-02-2017, 10:52 AM
الفصل الاخير من قصة سيدنا يوسف عليه السلام



أحداث هذا المشهد الاخير تدمع العين وترقي القلب بأخلاق هذا النبي الكريم :

دارت عجلة الزمن.. طوى السياق دورتها،

ومر مرورا سريعا على سنوات الرخاء، وجاءت سنوات المجاعة..

وهنا يغفل السياق القرآني بعد ذلك ذكر الملك والوزراء في السورة كلها..

كأن الأمر كله قد صار ليوسف. الذي اضطلع بالعبء في الأزمة الخانقة الرهيبة.

وأبرز يوسف وحده على مسرح الحوادث, وسلط عليه كل الأضواء.

أما فعل الجدب والمجاعة فقد أبرزه السياق في مشهد إخوة يوسف,

يجيئون من البدو من أرض كنعان البعيدة يبحثون عن الطعام في مصر.

ومن ذلك ندرك اتساع دائرة المجاعة, كما كيف صارت مصر - بتدبير يوسف -

محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام في المنطقة كلها.

لقد اجتاح الجدب والمجاعة أرض كنعان وما حولها. فاتجه إخوة يوسف - فيمن يتجهون - إلى مصر.

وقد تسامع الناس بما فيها من فائض الغلة منذ السنوات السمان.

فدخلوا على عزيز مصر, وهم لا يعلمون أن أخاهم هو العزيز. إنه يعرفهم فهم لم يتغيروا كثيرا.

أما يوسف فإن خيالهم لا يتصور قط أنه العزيز!

وأين الغلام العبراني الصغير الذي ألقوه في الجب منذ عشرين عاما

أو تزيد من عزيز مصر شبه المتوج في سنه وزيه وحرسه ومهابته

وخدمه وحشمه وهيله وهيلمانه?

ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه.

فلا بد من دروس يتلقونها: (فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ).

ولكنا ندرك من السياق أنه أنزلهم منزلا طيبا,

ثم أخذ في إعداد الدرس الأول: ( وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ).

فنفهم من هذا أنه تركهم يأنسون إليه,

واستدرجهم حتى ذكروا له من هم على وجه التفصيل,

وأن لهم أخا صغيرا من أبيهم لم يحضر معهم لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه.

فلما جهزهم بحاجات الرحلة قال لهم: إنه يريد أن يرى أخاهم هذا.

(قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ). وقد رأيتم أنني أوفي الكيل للمشترين.

فسأوفيكم نصيبكم حين يجيء معكم;

ورأيتم أنني أكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقى مني الإكرام المعهود:

(أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ).

ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهاب يوسف -

فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا, وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم,

وأنهم سيحاولون إقناعه, مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات -

على إحضاره معهم حين يعودون:

(قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ).

ولفظ (نراود) يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه.

أما يوسف فقد أمر غلمانه أن يدسوا البضاعة التي حضر بها إخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف.

وقد تكون خليطا من نقد ومن غلات صحراوية أخرى من غلات الشجر الصحراوي,

ومن الجلود وسواها مما كان يستخدم في التبادل في الأسواق. أمر غلمانه بدسها في رحالهم -

والرحل متاع المسافر - لعلهم يعرفون حين يرجعون أنها بضاعتهم التي جاءوا بها.



ندع يوسف في مصر . لنشهد يعقوب وبنيه في أرض كنعان.

رجع الأخوة إلى أبيهم..

وقبل أن ينزلوا أحمال الجمال ويفكوا متاعهم، دخلوا على أبيهم.

قائلين له بعتاب: إن لم ترسل معنا أخانا الصغير في المرة القادمة فلن يعطينا عزيز مصر الطعام.

وختموا كلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام

(وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

ويبدوا أن هذا الوعد قد أثار كوامن يعقوب. فهو ذاته وعدهم له في يوسف!

فإذا هو يجهز بما أثاره الوعد من شجونه:

قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) (يوسف)

وفتح الأبناء أوعيتهم ليخرجوا ما فيها من غلال..

فإذا هم يجدون فيها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها..

مردودة إليهم مع الغلال والطعام.. ورد الثمن يشير إلى عدم الرغبة في البيع، أو هو إنذار بذلك..

وربما كان إحراجا لهم ليعودوا لسداد الثمن مرة أخرى.

وأسرع الأبناء إلى أبيهم (قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي) ..

لم نكذب عليك..

لقد رد إلينا الثمن الذي ذهبنا نشتري به.

هذا معناه أنهم لن يبيعوا لنا إلا إذا ذهب أخونا معنا.

واستمر حوارهم مع الأب..

أفهموه أن حبه لابنه والتصاقه به يفسدان مصالحهم،

ويؤثران على اقتصادهم، وهم يريدون أن يتزودوا أكثر،

وسوف يحفظون أخاهم أشد الحفظ وأعظمه..

وانتهى الحوار باستسلام الأب لهم..

بشرط أن يعاهدوه على العودة بابنه،

إلا إذا خرج الأمر من أيديهم وأحيط بهم..

نصحهم الأب ألا يدخلوا -وهم أحد عشر رجلا- من باب واحد من أبواب بمصر..

كي لا يستلفتوا انتباه أحد..

وربما خشي عليهم أبوهم شيئا كالسرقة أو الحسد..

لا يقول لنا السياق القرآني ماذا كان الأب يخشى، ولو كان الكشف عن السبب مهما لقيل.


عاد إخوة يوسف الأحد عشر هذه المرة.

وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (69) (يوسف)

يقفز السياق قفزا إلى مشهد يوسف وهو يحتضن أخاه ويكشف له وحده سر قرابته،

ولا ريب أن هذا لم يحدث فور دخول الإخوة على يوسف،

وإلا لانكشفت لهم قرابة يوسف، إنما وقع هذا في خفاء وتلطف، فلم يشعر إخوته،

غير أن السياق المعجز يقفز إلى أول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه ورؤيته لأخيه..

وهكذا يجعله القرآن أول عمل، لأنه أول خاطر، وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العظيم.


يطوي السياق كذلك فترة الضيافة،

وما دار فيها بين يوسف وإخوته، ويعرض مشهد الرحيل الأخير..

ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لإخوته.. يريد أن يحتفظ بأخيه الصغير معه.

يعلم أن احتفاظه بأخيه سيثير أحزان أبيه، وربما حركت الأحزان الجديدة أحزانه القديمة،

وربما ذكره هذا الحادث بفقد يوسف..

يعلم يوسف هذا كله.. وها هو ذا يرى أخاه..

وليس هناك دافع قاهر لاحتفاظه به، لماذا يفعل ما فعل ويحتفظ بأخيه هكذا!؟

يكشف السياق عن السر في ذلك..

إن يوسف يتصرف بوحي من الله.. يريد الله تعالى أن يصل بابتلائه ليعقوب إلى الذروة..

حتى إذا جاوز به منطقة الألم البشري المحتمل وغير المحتمل،

ورآه صابرا رد عليه ابنيه معا، ورد إليه بصره.

أمر يوسف -عليه السلام- رجاله أن يخفوا كأس الملك الذهبية في متاع أخيه خلسة..

وكانت الكأس تستخدم كمكيال للغلال..

وكانت لها قيمتها كمعيار في الوزن إلى جوار قيمتها كذهب خالص.

أخفى الكأس في متاع أخيه.. وتهيأ إخوة يوسف للرحيل، ومعهم أخوهم..

ثم أغلقت أبواب العاصمة..

(ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)..!!

كانت صرخة الجند تعني وقوف القوافل جميعا..

وانطلق الاتهام فوق رؤوس الجميع كقضاء خفي غامض..

أقبل الناس، وأقبل معهم إخوة يوسف..( مَّاذَا تَفْقِدُونَ)؟

هكذا تسائل إخوة يوسف.. قال الجنود:

(نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ).. ضاعت كأسه الذهبية..

ولمن يجيء بها مكافأة.. سنعطيه حمل بعير من الغلال.

قال إخوة يوسف ببراءة: لم نأت لنفسد في الأرض ونسرق!

قال الحراس (وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه):

أي جزاء تحبون توقيعه على السارق؟

قال إخوة يوسف: في شريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه.

قال الحارس: سنطبق عليكم قانونكم الخاص..

لن نطبق عليكم القانون المصري الذي يقضي بسجن السارق.

كانت هذه الإجابة كيدا وتدبيرا من الله تعالى،

ألهم يوسف أن يحدث بها ضباطه..

ولولا هذا التدبير الإلهي لامتنع على يوسف أن يأخذ أخاه..

فقد كان دين الملك أو قانونه لا يقضي باسترقاق من سرق.

وبدأ التفتيش.

كان هذا الحوار على منظر ومسمع من يوسف،

فأمر جنوده بالبدء بتفتيش رحال أخوته أولا قبل تفتيش رحل أخيه الصغير.

كي لا يثير شبهة في نتيجة التفتيش.

اطمأن إخوة يوسف إلى براءتهم من السرقة وتنفسوا الصعداء،

فلم يبقى إلا أخوهم الصغير. وتم استخراج الكأس من رحله. فأمر يوسف بأخذ أخيه عبدا،

قانونهم الذي طبقه القضاء على الحادث.

أعقب ذلك مشهد عنيف المشاعر..

إن إحساس الإخوة براحة الإنقاذ والنجاة من التهمة،

جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف

(قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ)

إنهم يتنصلون من تهمة السرقة..

ويلقونها على هذا الفرع من أبناء يعقوب.

سمع يوسف بأذنيه اتهامهم له، وأحس بحزن عميق..

كتم يوسف أحزانه في نفسه ولم يظهر مشاعره..

قال بينه وبين نفسه(أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ).

لم يكن هذا سبابا لهم، بقدر ما كان تقريرا حكيما لقاعدة من قواعد الأمانة.

أراد أن يقول بينه وبين نفسه

: إنكم بهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف،

لأنكم تقذفون بريئين بتهمة السرقة..

والله أعلم بحقيقة ما تقولون.

سقط الصمت بعد تعليق الإخوة الأخير..

ثم انمحى إحساسهم بالنجاة، وتذكروا يعقوب..

لقد أخذ عليهم عهدا غليظا، ألا يفرطوا في ابنه.

وبدءوا استرحام يوسف: يوسف أيها العزيز..

يوسف أيها الملك.. إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ

قال يوسف بهدوء:

كيف تريدون أن نترك من وجدنا كأس الملك عنده..

ونأخذ بدلا منه أنسانا آخر..؟ هذا ظلم.. ونحن لا نظلم.

كانت هي الكلمة الأخيرة في الموقف.

وعرفوا أن لا جدوى بعدها من الرجاء،

فانسحبوا يفكرون في موقفهم المحرج أمام أبيهم حين يرجعون.



عقدوا مجلسا يتشاورون فيه.

لكن السياق القرآني لا يذكر أقوالهم جميعا. إنما يثبت آخرها الذي يكشف عما انتهوا إليه.

ذكر القرآن قول كبيرهم إذ ذكّرهم بالموثق المأخوذ عليهم،

كما ذكرهم بتفريطهم في يوسف من قبل.

ثم يبين قراره الجازم:

ألا يبرح مصر، وألا يواجه أباه، إلا أن يأذن أبوه، أو يقضي الله له بحكم، فيخض له وينصاع.


وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم فيخبروه صراحة

بأن ابنه سرق، فَاُخِذَ بما سرق. ذلك ما علموه شهدوا به.

أما إن كان بريئا، وكا هناك أمر وراء هذا الظاهر لا يعلمونه،

فهم غير موكلين بالغيب.

وإن كان في شك من قولهم فليسأل أهل القرية التي كانوا فيها -أي أهل مصر-

وليسأل القافلة التي كانوا فيها، فهم لم يكونوا وحدهم،

فالقوافل الكثيرة كانت ترد مصر لتأخذ الطعام.



فعل الأبناء ما أمرهم به أخوهم الكبير،

وحكوا ليعقوب -عليه السلام- ما حدث.

استمع يعقوب إليهم وقال بحزن صابر،

وعين دامعة

: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).

(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)

كلمته ذاتها يوم فقد يوسف..

لكنه في هذه المرة يضيف إليها الأمل أن يرد الله عليه يوسف وأخاه فيرد ابنه الآخر المتخلف هناك.

هذا الشعاع من أين جاء إلى قلب هذا الرجل الشيخ؟

إنه الرجاء في الله، والاتصال الوثيق به، والشعور بوجوده ورحمته.

وهو مؤمن بأن الله يعلم حاله، ويعلم ما وراء هذه الأحداث والامتحانات.

ويأتي بكل أمر في وقته المناسب، عندما تتحق حكمته في ترتيب الأسباب والنتائج.

(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)

وهي صورة مؤثرة للوالد المفجوع.

يحس أنه منفرد بهمه، وحيد بمصابه، لا تشاركه هذه القلوب التي حوله ولا تجاوبه،

فينفرد في معزل، يندب فجيعته في ولده الحبيب يوسف.

الذي لم ينسه، ولم تهوّن من مصيبته السنون،

والذي تذكره به نكبته الجديدة في أخيه الأصغر فتغلبه على صبره الجميل.

أسلمه البكاء الطويل إلى فقد بصره..

أو ما يشبه فقد بصره.

فصارت أمام عينيه غشاوة بسبب البكاء لا يمكن أن يرى بسببها.

والكظيم هو الحزين الذي لا يظهر حزنه.

ولم يكن يعقوب -عليه السلام- يبكي أمام أحد..

كان بكاؤه شكوى إلى الله لا يعلمها إلا الله.

ثم لاحظ أبناؤه أنه لم يعد يبصر ورجحوا أنه يبكي على يوسف،

وهاجموه في مشاعره الإنسانية كأب..

حذروه بأنه سيهلك نفسه:

قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)

قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (86) (يوسف)

ردهم جواب يعقوب إلى حقيقة بكائه..

إنه يشكو همه إلى الله..

ويعلم من الله ما لا يعلمون..

فليتركوه في بكائه وليصرفوا همهم لشيء أجدى عليهم

(يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)

إنه يكشف لهم في عمق أحزانه عن أمله في روح الله..

إنه يشعر بأن يوسف لم يمت كما أنبئوه..

لم يزل حيا، فليذهب الإخوة بحثا عنه..

وليكن دليلهم في البحث، هذا الأمل العميق في الله.



تحركت القافلة في طريقها إلى مصر..

إخوة يوسف في طريقهم إلى العزيز..

تدهور حالهم الاقتصادي وحالهم النفسي..

إن فقرهم وحزن أبيهم ومحاصرة المتاعب لهم، قد هدت قواهم تماما..

ها هم أولاء يدخلون على يوسف..

معهم بضاعة رديئة..

جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شيء ذي بال..

وعندما دخلوا على يوسف - عليه السلام-

رجوه أن يتصدق عليهم

(فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ

وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)

انتهى الأمر بهم إلى التسول..

إنهم يسألونه أن يتصدق عليهم..

ويستميلون قلبه، بتذكيره أن الله يجزي المتصدقين.

عندئذ..

وسط هوانهم وانحدار حالهم..

حدثهم يوسف بلغتهم، بغير واسطة ولا مترجم:

قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89)

قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ

فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)

قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) (يوسف)



يكاد الحوار يتحرك بأدق تعبير عن مشاعرهم الداخلية..

فاجأهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوه بيوسف..

كان يتحدث بلغتهم فأدركوا أنه يوسف..

وراح الحوار يمضي فيكشف لهم خطيئتهم معه..

لقد كادوا له وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ

مرت السنوات، وذهب كيدهم له..

ونفذ تدبير الله المحكم الذي يقع بأعجب الأسباب..

كان إلقاؤه في البئر هو بداية صعوده إلى السلطة والحكم..

وكان إبعادهم له عن أبيه سببا في زيادة حب يعقوب له.

وها هو ذا يملك رقابهم وحياتهم، وهم يقفون في موقف استجداء عطفه..

إنهم يختمون حوارهم معه بقولهم

(قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ)

إن روح الكلمات واعترافهم بالخطأ يشيان بخوف مبهم غامض يجتاح نفوسهم..

ولعلهم فكروا في انتقامه منهم وارتعدت فرائصهم..

ولعل يوسف أحس ذلك منهم فطمأنهم بقوله

(قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)

لا مؤاخذة، ولا لوم، انتهى الأمر من نفسي وذابت جذوره..

لم يقل لهم إنني أسامحكم أو أغفر لكم، إنما دعا الله أن يغفر لهم،

وهذا يتضمن أنه عفا عنهم وتجاوز عفوه، ومضى بعد ذلك خطوات..

دعا الله أن يغفر لهم.. وهو نبي ودعوته مستجابة..

وذلك تسامح نراه آية الآيات في التسامح.

ها هو ذا يوسف ينهي حواره معهم بنقلة مفاجئة لأبيه..

يعلم أن أباه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه.. يعلم أنه لم يعد يبصر..

لم يدر الحوار حول أبيه لكنه يعلم.. يحس قلبه..

خلع يوسف قميصه وأعطاه لهم

(اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ).

وعادت القافلة إلى فلسطين.



ما أنت خرجت القافلة من مصر،

حتى قال يعقوب -عليه السلام- لمن حوله في فلسطين:

إني أشم رائحة يوسف، لولا أنكم تقولون في أنفسكم أنني شيخ خرِف لصدقتم ما أقول. فرد عليه من حوله ().

لكن المفاجأة البعيدة تقع.

وصلت القافلة، وألقى البشير قميض يوسف على وجه يعقوب -عليهما السلام-


(( فارتدّ بصره )).


هنا يذكر يعقوب حقيقة ما يعلمه من ربه

(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).

فاععترف الأخوة بخطئهم، وطلبوا من أباهم الاستغفار لهم، فهو نبي ودعاءه مستجاب.

إلا أن يعقوب عليه السلام

(قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

ونلمح هنا أن في قلب يعقوب شيئا من بنيه، وأنه لم يصف لهم بعد،

وإن كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد أن يصفو ويسكن ويستريح.



ها هو المشهد الأخير في قصة يوسف:

بدأت قصته برؤيا.. وها هو ذا الختام، تأويل رؤياه:

فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ (99)

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا

وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي

إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) (يوسف)

تأمل الآن مشاعره ورؤياه تتحقق..

إنه يدعو ربه (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ

فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)..



*******
*******
*****
***
**
*

ام الهنوف
07-12-2017, 11:45 AM
مساءكم نرجس والعود والياسمين

اعتذر على هذا الانقطاع الطويل

أستأذنكم أن أكمل معكم قصص الانبياء **

لكم مني أسعد التحية ,

ام الهنوف
07-12-2017, 04:04 PM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19829&stc=1




من أعظم القصص التي ذكرها الله سبحانه وتعالى والتي بها عبرة رائعة نقتدي بها ونطبقها في حياتنا ، هي قصة النبي ”


" أيوب عليه السلام ”

فمدى صبره على ما ابتلاه الله رب العالمين من بلاء حكمة منه سبحانه وتعالى لتكون لنا عبرة و موعظة حسنة

نقتدي بها في حياتنا، حيث امتحنه في بدنه وأهله وماله إلا أنّه صبر في ذلك كله صبراً جميلاً،

فأكرمه الله بذلك العافية والأهل والمال وأثنى عليه ثناءً كبيراً.

ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم.

فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام..

وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)

والأوبة هي العودة إلى الله تعالى..

وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر.

وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه.



حيث قال سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء ” وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ” صدق الله العظيم …

فلنتعرف على قصة سيدنا أيوب عليه السلام كما فسرها كبار علماء الدين مثلما وردت في القرآن الكريم .


نبذة عن نسبه :


هو من سلالة سيدنا إبراهيم وكان من النبيين الموحى إليهم، يعود نسب سيدنا أيوب عليه السلام إلى سيدنا إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، وذلك كما ورد في قوله تعالى ” وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿84﴾ ” سورة الأنعام




القصة :

كان سيدنا أيوب عليه السلام رجلا كثير المال أي يمتلك أموالا هائلة

حيث كان يمتلك العديد من المواشي والأنعام والعبيد والأراضي الواسعة ،

وكما ورد في كتاب قصص الأنبياء لابن كثير فقد كانت أرض الثنية من أرض حوران في بلاد الشام ملكا له،

كما كان لديه الكثير من الأبناء والأقارب .

وكان له زوجة جميلة ذات خلقة حسنة وشعر طويل كانت تجعله ضفيرتين جميلتين يضرب بهما الأمثال .

وقد اختلف العلماء في اسم زوجة سيدنا أيوب فمنهم من يقول ان اسمها «ليا بنت يعقوب»
وقيل إنها " رحمة بنت أفراييم " وهذا الاسم هو الأكثر شيوعاً.

وكانت زوجته رفيعة القدر عالية المكانة يخدمها العبيد والخدم،

وكان لهم ثلاثة عشر ولداً.

ورغم شدة ثرائهم ووفرة نعمة الله عليهم لم يساورهم الكبر أبدا ولا الغرور بل كان شكرهم يزيد كلما تزايد نعم الله عليهم .

ولكن الحياة لم تدم هكذا وبدأت الاختبارات تتوالى

وبدأ أبناء سيدنا أيوب عليه السلام يموتون واحداً تلو الآخر

فماتوا جميعاً وهم بذلك أكثر من مات لهم من الأولاد

وبدأت ثروتهم تتناقص حتى تلاشت

وبدأت المواشي والدواب تنفق هي الأخرى وتموت

وأصبحت الأرض الواسعة بورا

فلم يعد هناك لا مال ولا طعام يكفيهم

وابتعد الأهل والأصدقاء عنهم

ولم يتوقف الأمر عند ذلك

بل بدأت علامات المرض الشديد تظهر على سيدنا أيوب تسوء حالته حتى أقعده المرض ونال من كل أعضائه فلم يعد لديه سوى عضوين سليمين هما قلبه ولسانه أما سائر الأعضاء فأصيبت وتهتكت.

ويرجح المفسرون أنه أصيب بمرض جلدي نادر أقرب ما يكون إلى مرض الجدري الآن.
ومع قلة الدواء واشتداد الفقر ازداد المرض سوءا وشدة،

(( تخيل اخي المسلم هنا

تخيل ذهاب العز الذي كنت عليه

تخيل موت واحد من أبناءك فما بالك لو ان جميعهم ماتو

تخيل ان تصاب بمرض يجعلك عاجزا تماما ولا تقوى على شئ

لسنوات وانت على فراش المرض

تخيل إبتعاد الناس و الاهل عنك وان تدوم وحيدا

يا لها من مصائب عظام

وما أعظمه من صبر الذي صبره هذا النبي الكريم وزوجته ))
********


فما هو موقف الزوجة هل حنقت وغضبت وتركته وفرت هاربة بشبابها وجمالها وتركت زوجها لمرضه! ؟


وإن كان الأمر كذلك لما خلد ذكراها وضرب بها المثل في الصبر على الزوج ومرضه

وعلى الفقر وشدته وعلى الذل بعد العزة،

بل إنها فكرت ماذا تفعل هل تجوع هي وزوجها فلم يعد أحد يعطي لهما مالا ولا طعاما

فوجدت أنه من غير المعقول أن يستمر الحال على ما هو عليه

فقررت أن تعمل خادمة كي تجد المال الذي تطعم به زوجها ونفسها

وهي السيدة المصانة التي كانت تخدم من أكثر من مئة خادمة

ولكنها اختبارات الحياة فكانت السيدة رحمة تعمل يوما طويلا شاقا

وفي نهايته تأخذ مالا قليلا لا يكاد يكفي لشراء وجبة طعام واحدة تقسمها مع زوجها

فيأكلان معا ويحمدان الله على ما رزقهما رغم قلته.

ثم كانت بعد ذلك تعتني بزوجها وتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته

ثم تفرش له فرشته التي لم تكن إلا رمادا أو رملا حتى ينام عليه

وتنام هي أيضا حتى تستقبل يوماً شاقاً جديداً.

الشيطان يتخفى في صورة طبيب

وفي أحد الأيام الشاقة وبعد أن أنهت السيدة رحمة عملها في أحد البيوت واشترت الطعام وعادت في طريقها إلى زوجها المريض تعرض لها شخص ما، بدا وكأنه طبيب فقال لها إنني طبيب مستعد أن أشفي زوجك على أن يقول انني شفيته ولا أحد سواي فجاءت السيدة رحمة إلى زوجها أيوب وأخبرته بما حدث لها، فعرف سيدنا أيوب أنه الشيطان جاء متخفيا في صورة طبيب يريد أن ينسب فضل الشفاء لنفسه ولا شفاء إلا من عند الله فعلم سيدنا أيوب ذلك فغضب ورفض ذلك رفضاً شديدا .

اشتد المرض على سيدنا أيوب وسرت شائعة أن مرضه مرضا معديا لذلك اتفق أهل البلدة أن يخرجوه خارجها ويضعوه في مكان مهين.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من اخوته كانا من أخص إخوانه له كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين، فقال صاحبه وما ذاك قال منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه ربه فيكشف ما به». وكان الشيطان يوسوس لخلصائه القلائل الذين بقوا على وفائهم له ووصل بهم الأمر إلا أنهم حدثوه بذلك فجزع سيدنا أيوب كثيرا فاشتد همه ومرضه.



زوجة سيدنا أيوب تبيع ضفائرها:

تفاقمت الحالة بالسيدة رحمة وانتشرت شائعة عدوى مرض زوجها وخشيت البيوت على نفسها من المرض فرفضت أن توظفها وأغلقت الأبواب أمامها وكانت ضفائر السيدة رحمة ذات صيت كبير في بيت الأغنياء ومعروفة لديهم بأنها الجميلة ذات الشعر الطويل فلما ضاقت الأحوال في وجهها لم تجد سبيلا إلى أن تبيع إحدى ضفائرها لسيدة من السيدات الأغنياء التي طالما ألحت عليها في ذلك.
وقبضت زوجة أيوب ثمن بيع إحدى ضفائرها وجاءت بطعام طيب كثير إلى زوجها فتعجب أيوب من ذلك وسألها من أين لك بهذا الطعام الغالي الثمن فلم تخبره .
ولكنها طلبت منه أن يدعو ربه ,
فأجابها أيوب : بأنه يستحي من الله سبحانه وتعالى الذي أحياه سبعين عاما بلا داء ولا مرض .
فقال لها : الحمد لله الذي جعل لي لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا .
وجاء اليوم التالي ففعلت مثلما فعلت اليوم الذي قبله فباعت ضفيرتها الثانية، باعت شعرها وتاج جمالها من أجل أن تطعم الزوج والحبيب..
يا لها من لحظات عصيبة مرت بتلك السيدة العظيمة التي لم يستطع اليأس أن يتسرب إلى نفسها ولا القنوط أن يدق بابها بل ظلت مؤمنة صابرة محتسبة وقدمت كل ما تملك حتى ضفائرها،
ولم تعرف السيدة رحمة ما سوف تفعله غدا أو كيف سيؤول الحال بها فلا عمل يطلبها ولا شعر لديها تبيعه ويا عجب ما شعرت به أنها شعرت براحة غريبة ورضا عن نفسها وما صنعته من أجل زوجها ولعل غدا يأتيها الله بالفرج القريب.
وعندما أتت السيدة رحمة إلى زوجها بطعام طيب كاليوم السابق أعاد نبي الله سؤاله عليها مرة أخرى مستفسرا عن مصدر المال واستنكر الطعام وحلف ألا يأكله حتى تخبره من أين لها بهذا الطعام فأبت السيدة رحمة أن تتكلم ولكنها كشفت عن غطاء رأسها
فنظر سيدنا أيوب إلى رأسها ويا هول ما رأى!
رأى شعر زوجته وزينة رأسها وقد حلق واختفى!
فتأثر سيدنا أيوب أيما تأثر وهنا،
هــــــــــــــنـــــــا فـــــــــــقـــــــــــــــط ,,,,دعا سيدنا أيوب ربه ,,,
وكم يدل لنا هذا الموقف على حب نبي الله أيوب لزوجته
فهو لم يدع لنفسه ولكن دعا عندما رأى أن مرضه قد أثر عليها إلى هذا الحد.
فعندما كشفت عن خمارها، و رأى رأسها محلوقاً، قال في دعائه:
((رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)).

وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.

و تضرع إلى ربه سبحانه وتعالى ودعا ربه كما ورد في سورة الأنبياء

” وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ”
وفي سورة ص

” وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ” صدق الله العظيم .

أما ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله.

عندما لجأ النبي أيوب عليه السلام إلى الله سبحانه وتعالى وتضرع له طالبا منه الرحمة ، استجاب سبحانه وتعالى إلى عبده .

وأمره بأن يقف من مكانه ويضرب الأرض برجله ،
فظهر له منبع عين , فأمره سبحانه وتعالى بالاغتسال من المياه النابعة من العين ،

وعندما نفذ أمر الله تعالى خرج من بدنه جميع الأذى والأذى الذي كان يلم به طيلة تلك السنوات ،

ثم أمره سبحانه وتعالى مرة أخرى أن يضرب الأرض ثانية في مكان آخر ، ففعل نبينا أيوب وأخرج من مكان الضربة نبعا بعين أخرى ،

فأمره سبحانه وتعالى أن يشرب من مياهها ،

فخرج من باطنه كل الألم الذي كان يشعر به ،

فعادت له عافيته من الباطن والظاهر ،

وذلك كما ورد في سورة ص ” ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴿42﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ﴿43﴾ ” صدق الله العظيم .


فاستبطأته زوجته بعد ذلك، ذهبت تبحث عنه فتلقته تنظر إليه ، فأقبل عليها، قد أذهب الله ما به من البلاء، وهو على أحسن ما كان.

فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك! هل رأيت نبي الله هذا المبتلى. فوالله على ذلك ما رأيت رجلاً أشبه به منك، إذ كان صحيحاً.

قال: فإني أنا هو.

وكان له أندران: أندر للقمح، وأندر للشعير - الأندر: البيدر-
فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح،
أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير حتى فاض.

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما أيوب يغتسل عرياناً، خرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثو في ثوبه، فناداه ربه، يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى بي عن بركتك.

وقال تعالى: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب.
، قال الحسن وقتادة : أحياهم الله تعالى له بأعيانهم، وزادهم مثلهم معهم.


وروى ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم}، قال: (ردَّ الله تعالى امرأته إليه، وزاد في شبابها، حتى ولدت له ستاً وعشرين ذكراً.

وقوله سبحانه: {رحمة منا} أي: رحمة به على صبره، وثباته، وإنابته، وتواضعه، واستكانته، {
وذكرى لأولي الألباب} أي: عبرة لذوي العقول؛ ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج والمخرج والراحة.

وفي سورة الأنبياء: {رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}
، أي: أجبنا دعاءه، وفعلنا معه ما فعلنا من ألوان الخيرات، من أجل رحمتنا به، ومن أجل أن يكون ما فعلناه معه عبرة وعظة وذكرى لغيره من العابدين، حتى يقتدوا به في صبره على البلاء، وفي المداومة على شكرنا في السراء والضراء.

وقوله تعالى: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث}

ذكروا أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته،
ونقم عليها في أمر فعلته.

لأنها باعت ضفيرتها بخبز فأطعمته إياه، فلامها على ذلك، وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة.

فلما شفاه الله وعافاه، ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تُقَابَل بالضرب،

فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثاً - أي: حزمة أغصان كثيرة - فيه مائة قضيب، فيضربها بها ضربة واحدة، وقد برت يمينه، وخرج من حنثه، ووفى بنذره،

وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه؛ ولهذا قال تعالى

: {إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب}،

أثنى الله تعالى عليه ومدحه بقوله

: {إنه أواب} أي: رجَّاع منيب للحق.




عظات وعبر مستخلصة من قصة سيدنا أيوب عليه السلام
في قصة سيدنا أيوب عليه السلام الكثير من العبر والعظات التي تعين المؤمن في دنياه وترشده لما فيه خيره وصلاحه في دنيته وآخرته.
ومن أبرز العبر المستخلصة من هذه القصة وجوب الصبر على الشدائد والمحن والابتلاءات التي يتعرض لها المسلم في حياته، فالابتلاء هو سنة الله تعالى في عباده، حتى يمحص الصالحين من الفاسقين والمنافقين، بدليل قول الله تعالى: “ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم”
والدرس الثاني في هذه القصة لزوم التضرع إلى الله تعالى والالتجاء إليه وعبادته في جميع الأحوال، في السراء والضراء، وفي الشدة وفي الفرج، حتى وإن طال العسر واشتد الخطب والكرب.
أما الدرس الثالث المستخلص من هذه القصة فهو ضرورة اليقين الكامل والثقة التامة بقدرة الله تعالى واستجابته لتضرعات عباده ومناجاتهم له، فوحده الله تعالى هو القادر على فك الكرب وتفريج الهم والغم عن المسلم، وكشف الضر، فهو لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، فهذا اليقين والثقة بالله تعالى كافية لتجعل المسلم في حالة طمأنينة واستقرار نفسي وسكينة دائمة مهما ضرب به من كربات وشدائد.

ام الهنوف
10-12-2017, 12:00 PM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19853&stc=1

ذو الـكــفــل عــلــيـه الـــــســــلام


ورد ذكر نبي الله ذو الكفل عليه السلام في قوله تعالي :

” وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ “،

وذو الكفل هو من أنبياء بني إسرائيل، وسمي بذلك لأنه تكفل للنبي الذي كان في زمانه أن يخلفه في قومه إذا مت ، وتكفل له في قيام الليل وصوم النهار وألا يغضب في القضاء، وكان يصلي كل يوم مائة صلاة ويقضي بالعدل بين قومه
وسوف نستعرض معكم قصة ذو الكفل علية السلام ونتعرف على تفاصيل حياته الشيقة .

نـــبــــذة:

هو من الأنبياء الصالحين، وكان يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذي الكفل.
سيرته:

قال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابن أيوب عليه السلام وأسمه في الأصل(بشر) وقد بعثه الله بعد أيوب وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان مقامه في الشام وأهل دمشق يتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون. إلا أن بعض العلماء يرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من الصالحين من بني إسرائيل. وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله تعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل:

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) (الأنبياء)

قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو المشهور.

والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوته ورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيل لذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلا الشيء اليسير. ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتني عليه الحاجة ..قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : قد غفر الله للكفل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفا على ابن عمر وفي إسناده نظر. فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديث الكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن.


الــــــــرجــــــــــــــــل الـــصــــالــــــــح:

أما من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بني إسرائيل

فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلام.

وقد روي أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟

فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب.

فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا،

فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم.

لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا.

وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول،

فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.

كان ذو الكفل رجلاً صالحًا وحكمًا مقسطًا عادلاً من بني إسرائيل وكان يصلي كل يوم مائة صلاة،

قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذي الكفل.


أراد إبليس أن يوقع سيدنا ذو الكفل في الخطأ، فأمر الشياطين

قائلاً ” عليكم بذي الكفل، أوقعوه في الزلل”

“، فعندما عجزوا عن ذلك،
قال لهم ابليس : دعوني وإياه ..

فجاءه إبليس في صورة شيخ عجوز فقير،

بينما كان ذو الكفل عليه السلام يأخذ مضجعة للقيلولة لينام،

فهو لم يكن ينام الليل تعبداً لله عز وجل، وكان يقضي في الناس حتي الظهر، ثم يأتي بعد ذلك ليأخذ قيلولة في منزلة،

ثم يعود ليقضي بين الناس إلي الليل، وهكذا كانت حياته .


وأراد إبليس ان يثير غضب ذي الكفل وبذلك يكون قد أوقعه في الخطأ، طرق بابه ساعة قيلولته


ففتح ذو الكفل الباب وسأل : من أنت،

فقال إبليس : أنا عجوز كبير في السن، وأتيتك في حاجة،

ففتح ذو الكفل الباب وبدأ يستمع إلي الشيخ وهو يحدثه عنه خصومة بينه وبين قومه الذين ظلموه،

وأخذ يماطل كثيرا في الحديث،

حتي حان موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وفات وقت قيلولته وراحته ولم ينم،

فقال ذو الكفل : “عندما أذهب لمجلس القضاء، فأتني وأنا آخذ لك حقك”.

خرج ذو الكفل لمجلسه ولكن الشيخ لم يحضر المجلس، وعقد المجلس من جديد في اليوم التالي ولم يحضر الشيخ ايضاً،

وعندما عاد ذو الكفل إلي منزله ليأخذ القيلوله جاء الشيخ مرة أخري،

فقال له ذو الكفل : ألم أقل لك أن تأتني في مجلس القضاء ؟

فقال إبليس : إنهم قوم خبثاء وإن عرفوا أنك جالس في مجلسك يقولون لي نحن نعطيك حقك،
وبمجرد أن تقوم من مجلسك جحدوا حقي من جديد،

فقال ذو الكفل ” فانطلق هذه الساعة فإذا ذهبت مجلس القضاء فأتني ” .

ومرة أخري فاتت قيلولة ذو الكفل عليه السلام وذهب إلي المجلس ولم يأتي الشيخ، وشق عليه النعاس،

فقال أهله ” لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النعاس ” ،

وأخذ ذو الكفل مضجعة لينام، فأتي الشيخ فمنعه الرجل من الدخول،

فقال إبليس ” لقد أتيت أمس وذكرت له أمري وإني أريده الآن “،

فقالوا له : لقد أمرنا ألا ندع أحد يقربه،

فلما زاد عناد الرجل وتصميمة علي ألا يدعه يدخل،

نظر فوجد ثقب في المنزل فدخل منه، ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل،

وقال للرجل : ألم آمرك ألا تدع أحد يدخل علي او يقترب من الباب حتي انام،

فقال الرجل : والله لم ندع أحداً يقترب، فانظر من أين دخل” .
قام ذو الكفل فوجد الباب مغلق كما أغلقه،

ولم يكن هناك أى منفذ لدخول الرجل إلي المنزل فعرف حينها أنه ابليس،

فقال : “ما أنت إلا عدو الله إبليس”،

فقال ابليس : نعم، فسأله ذو الكفل عن سبب فعله لكل هذا،

فقال ابليس : “لقد سلطت عليك الشياطين لتوقعك في الزلل فلم تقدر،

فأردت أن أثير غضبك وأجعل صبرك ينفذ فتقع في الخطأ”.

وهكذا لم يستطع إبليس تغيير شيء من صفات ذو الكفل الذي ظل صابراً حليماً لا يغضب،

فسماه الله ذو الكفل لأنه تكفل بأمر فأوفى به.

يقال أن ذو الكفل مات وهو في سن الخامسة والسبعين من عمره،
كما ويقال أن قبره يتواجد في قرية كفل حارس في مدينة نابلس في فلسطين.



وقد وصف القرآن ذا الكفل بوصفين:

الأول: أنه من الصابرين، والصبر من شيم الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم من الصالحين.

الثاني: أنه من الأخيار، أي: من المختارين المجتبين الأخيار.

وهو وصف شارك فيه غيره من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام.

ام الهنوف
11-12-2017, 01:49 PM
يونس عليه السلام


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19856&stc=1

يُقال بأنّ نبي الله يونس عليه السلام، قد ولد في بلاد الشام في بلدة كفرا الجنوبية الواقعة في منطقة بنت جبيل في لبنان في القرن الثامن قبل الميلاد،
ثم انتقل للعيش والإقامة في نينوى الواقعة على نهر دجلة باتجاه مدينة الموصل، ووُلد في كنف أسرة فقيرة فقد امتهن والده الاحتطاب وكان مصدر رزقه فيبيعه للناس، وكان رجلاً زاهداً فقير الحال مؤمناً بالله تعالى.


كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى أهل نينوى في الموصل العراقيّة يعظهم، وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهم من النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده. وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.
وحاول إقناع قومه بالرجوع إلى الله تعالى وترك عادات الجاهلية في عبادة الأوثان، لكنهم لم يستجيبوا له و أظهروا له الرفض التام ولم يبدى لهم أية استجابة له كما هو الحال في الأمم الغابرة التي مضت، فتوّعدهم بالعذاب الأليم من الله تعالى في يوم معلوم إن لم يعودوا إلى الله تعالى ويتوبوا.

وجاء يوم فأحس سيدنا يونس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون،
وخرج غاضبا وقرر هجرهم
ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام.

فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة.


ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم.

فلما خرج من قريته،

عند حلول موعد العذاب و بدأت إنذاراته وإشارات صدقه بالظهور، تأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم .



كانت المفاجأة أن ذهبوا إلى ظاهر المدينة والتجؤوا إلى الله تعالى تائبين .

فقذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل،

وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات.
وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين.

فلما صدقوا بالتوبة منع عنهم الله تعالى العذاب فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم وآمنوا بالله تعالى وحده لا شريك له دون عبادة الأصنام.

وذهبوا يبحثون عن يونس في مناكب الأرض ليشهروا له إيمانهم وتوبتهم إلى الله تعالى، ويطلبون منه أن يكف الله عنهم العذاب ولكن لم يكن لهم أن يجدوه،



أما سيدنا يونس عليه السلام وصل إلى شاطئ البحر فشاهد سفينة راسية تستعّد للمضي قدماً في عرض البحر
فسأل أهلها أن يرافقهم فوافقوا على ذلك،

وعندما وصلت السفينة إلى عُرض البحر بدأت بالاضطراب والهيجان،

فقالوا: "إن فينا صاحب ذنب، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولها الموج.

وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة.
وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق.

فاقترعوا على من يلقونه من السفينة .

فخرج سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة،

فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة،

ولكن سهمه خرج بشكل أكيد

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19857&stc=1http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19857&stc=1

فألقوه في البحر -أو ألقى هو نفسه في البحر ليكف غضب الله تعالى عنهم،

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19859&stc=1

فالتقمه الحوت وحدث ما أمرالله به فابتلعه حوت ضخم وسار به إلى ظلمات البحر،

و أوحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما

وكانت المعجزة بأمر الله تعالى بأن يكون يونس آمناً في بطن الحوت،

واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت،

فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء.
ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة


بقي سيدنا يونس في بطن الحوت يستغفر الله
وعندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في ظلمات ثلاث
-ظلمة الحوت، ظلمة البحر، وظلمة الليل-

سبح الله واستغفره وقام ينادي بدعائه العظيم :

(لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19858&stc=1

وسمع الله دعاءه واستجاب له. فحظي باستجابة الله تعالى لدعائه
واستجاب له ونجاه مما ألم به من غم وهم في ظلمات بطن الحوت.

أمر الله تعالى الحوت أن يُخرج سيدنا يونس عليه السلام من بطنه ويلقي به إلى اليابسة،

(فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون).

وقد خرج من بطن الحوت عندما ألقي به وهو سقيم وهزيل، أنبت الله عليه شجرة القرع.

قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حِكَم جمة.
منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً،
وبقشره وببزره أيضاً.
وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك.

فشكر يونس عليه السلام ربه وحمده على النجاة فعافاه الله تعالى وغفر له،
فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً
فعاد يونس عليه السلام إلى قومه فوجدهم مؤمنين بالله تعالى وحده ينتظرون عودته ليمتثلوا لأوامره،
وبدأ يعلمّهم ويهديهم ويرشدهم إلى طريق الحق والصواب.
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19860&stc=1‏فضل يونس عليه السلام:

لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم:
"‏لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من ‏‏ يونس بن متى"
وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال أنا خير من ‏‏ يونس بن متى ‏ ‏فقد كذب".

ذنب يونس عليه السلام:

نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس.

هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء.؟

الجواب أن الأنبياء معصومون..

غير أن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن.

يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.. وهذا صحيح.

فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة.

لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها.

فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.

ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.

خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه.

إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى الله فقط.
هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لا يؤمنون.

ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا به بعد خروجه..
ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا..
وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس،
وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم..
فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء.

توفي نبي الله يونس عليه السلام في بلدة كفرا البلدة التي ولد فيها، وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد،
ومقامه في تلك البلدة مازال قائماً حتى عصرنا الحالي، وهو محاط بالأعمدة والحجارة المنقوش عليها الرموز التاريخية.

ام الهنوف
12-12-2017, 04:08 PM
شــــعــيــــب عـــلــيه الـــســـلام

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19861&stc=1



في قرية مدين حيث الأودية الخضراء كانت قيبلة عربية تعيش في رخاء من العيش ،

و على مقربة من مدين كانت قرية صغيرة ، اشتهرت بخمائلها وبساتينها . .

حتى عرفت بقرية ” الأيكة ” .
في فترة قصيرة ازدهرت الحياة في تلك المنطقة . و قد ساعد اعتدال الهواء و تساقط الامطار على ازدهار الحياة الزراعية و الرعي فعاشت القريتان في بحبوحة من العيش .
كانت قرية ” مدين ” قليلة السكان و لكن رخاء الحياة ساعد في تكاثر السكان و أصبحت قرية عامرة بالأسواق و النشاط .
و في تلك القرية و في ذلك الزمان عاش رجل صالح يدعى ” شعيب ” .

كان شعيب يحبّ قريته و يحبّ قبيلته بل أنه كان يحبّ الناس جميعاً .
لهذا كان يهتم بشؤون الحياة في ” مدين ” في قرية ” الأيكة ” .
أرسل الله شعيب عليه السلام إلى مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانو قوم أهل مدين وثنيين فهم يعبدون الأصنام . يعبدون حجارة لا قيمة لها و لا دور .
و يتصوّرون أن هذه الحجارة و هذه التماثيل المنحوتة هي التي ترزقهم و تبارك قريتهم .و لكن لماذا يبدو على شعيب الحزن ؟ . . لماذا كان الرجل الصالح يتألم من أجل قومه ؟ الله سبحانه رزق الناس كل شيء . . و أهل مدين كانوا يعيشون حياة رغيدة ، فقد كان كل شيء متوافراً في أسواقهم . .
ولكنهم كانوا يَغِشُّون في معاملات البيع و الشراء ، كانوا يُنقصون في الوزن ويَغِشّون البائع و المشتري ،
فاذا باعوا شيئاً خففوا في الوزن و إذا اشتروا شيئاً فانهم يشترونه بعد أن يُنقصوا في وزنه .
وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم ,

لهذا كان سيدنا شعيب حزيناً.كان سيدنا شعيب خطيباً بليغ القول . . حجّته قوّية لأنه يتحدّث باسم الحق و العدالة الانسانية . . و يتحدث بلغة الفطرة الصافية .
بدأ سيدنا شعيب دعوته الى عبادة الله الواحد و نبذ الاصنام ، ثم راح يتحدث بهدوء عن فساد السوق ، و الظلم الذي يرتكبه أهل ” مدين ”
بعد أن شاع فيهم التطفيف في الميزان .

قال سيدنا شعيب لهم انكم باعمالكم هذه سوف تنشرون الفساد . .
الحياة الاجتماعية تنهض على التبادل . .
فكل انسان يعطي ما يفضل عن حاجته و يأخذ ما يحتاج من ضروريات الحياة .
و هذا التبادل في السوق يحتاج الى أمن عام يحفظ وزن الأشياء و نوعها و مقاديرها . .

فاذا أشعتم الغش والتطفيف في الميزان و أعطيتم الردئ مكان الجيد ،
و اذا احتلتم على المشتري او البائع ، فان هذا فيه الدمار لكم جميعاً .

كانت كلمات النبي شعيب جميلة جدّاً لأنها تريد لهم حياة أفضل ،
يريد أن يعيش اهل مدين في قرية عامرة بالخير و الرزق الوفير و الأمن و الايمان .


كان سيدنا شعيب يعرف ما حلَّ بقوم نوح و قوم صالح و قوم هود . .
يعرف ماذا حلّ بقوم نوح و كيف غرقوا في أمواج الطوفان و كيف هبَّت العواصف لتجتث قبيلة ثمود . .
و كيف أمطرت السماء شهباً و ناراً لتُحيل ” سدوم ” و ” عامورا ” على البحر الميت الى خرائب . .


قال شعيب لقومه : ألا تنظرون ما حلَّ بقوم لوط هذه خرائب قريتهم تشهد على ما حلّ بهم من العذاب لأنهم عصوا رسول الله اليهم .لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس..

أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين.

فقال شعيب (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه)

نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي إلى آخر..

لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.

بعد تبيين هذا الأساس..

بدأ شعيب في توضيح الأمور الاخرى التي جاءت بها دعوته

(وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ)
بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة.قال: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
انظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء.


لم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية..

إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق.. وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشيائهم.

لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ)
كلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية..
أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية.

ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم..

ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة،

وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل،

وتلحقها القيم.. ويشيع الاضطراب في الحياة..

ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض:

وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ

) العثو هو تعمد الإفساد والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين

(بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ).. ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).

بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا..
ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم..

إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه: (وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)

بهذا الأسلوب يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد، وخطير، وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم.

كان هو يتكلم.. و قومه يستمعون..

توقف هو عن الكلام وتحدث قومه:

(قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)

كان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل، ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة..
وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها..

وكانوا من أسوأ الناس معاملة، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص..

انظر بعد هذا كله إلى حوارهم مع شعيب:

(قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)... ؟

بهذا التهكم والسخرية المندهشة.. واستهوال الأمر..

لقد تجرأت صلاة شعيب وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم..

بهذا المنطق الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم..

ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة:

(أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء)

هل صلاتك يا شعيب تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا..
ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟

بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء..
طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم.
هذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام، وإن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين..
هذه حرية الإنسان الشخصية.. وهذا ماله الخاص، ما الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟..

هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب، وهو لا يختلف كثيرا أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه.

أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية..

ولذلك تجاوز السخرية إلى الجد.. أفهمهم أنه على بينة من ربه..

إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه،

إنه لا ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب.. إنه لا يفعل شيئا من ذلك..

إنما هو نبي.. وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الأنبياء هذا التلخيص المعجز:

(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ)

إن ما يريده هو الإصلاح..

هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد.. إنهم مصلحون أساسا، مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة، والحياة الخاصة.

بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاض مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط.
وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالمولى غفور رحيم.

لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين:

(قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا)

إنه ضعيف بمقياسهم لأن الفقراء والمساكيهم فقط هم من اتبعوه،
أما عالية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم.
إنه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله، والله مع أنبياءه.

ويستمر الكفرة في تهديهم قائلين:

(وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)

لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضربا بالحجارة.

نرى أنه عندما أقام شعيب -عليه السلام- الحجة على قومه، غيروا أسلوبهم،
فتحولوا من السخرية إلى التهديد. وأظهروا حقيقة كرههم له.

لكن شعيب تلطف معهم..
تجاوز عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم:

(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ)

يا لسذاجة هؤلاء إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود..

إن الله هو وحده العزيز.. والمفروض أن يدركوا ذلك..
المفروض ألا يقيم الإنسان وزنا في الوجود لغير الله..
ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود لقوة غير الله ..
إن الله هو القاهر فوق عباده.

ويبدو أن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه. ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد..

هددوه أولا بالقتل، وها هم أولاء يهددونه بالطرد من قريتهم..

ثم خيروه بين التشريد، والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات..

ورد شعيب عليهم أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها.

لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف يعود إليها؟

أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد.. فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟

أنه يدعوهم برفق ولين وحب.. وهم يهددونه بالقوة.

واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده الرؤساء والكبراء والحكام..
وبدا واضحا أن لا أمل فيهم.. لقد أعرضوا عن الله.. أداروا ظهورهم لله.

فنفض شعيب يديه منهم. لقد هجروا الله، وكذبوا نبيه، واتهموه بأنه مسحور وكاذب..

وانتقل الصراع إلى تحد من لون جديد.

بدأو يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين..

وراحوا يسألونه عن عذاب الله..

أين هو..؟

وكيف هو..؟

ولماذا تأخر..؟

سخروا منه..

وانتظر شعيب أمر الله.

أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية..

وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى:

وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (94) (هود)



هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر..

ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم..

انتهى الأمر.

أدركتهم صيحة جبارة

جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه في داره..

صعقت الصيحة كل مخلوق حي..

لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه..

جثم في مكانه مصروعا بصيحة.



بعدها كان المرء عندما يمر بتلك القرية الجميلة فانه يصاب بالدهشة كيف تحولت و في لحظات الى اطلال و خرائب ؟!

و كان العجيب في تلك الحادثة أن المؤمنين وحدهم قد نجوا و خرجوا من القرية بسلام .


أما قرية الايكة ، فقد حلّ فيها عذاب آخر و كان عذاب يوم الظلّة .


و رأى سيدنا شعيب خرائب القرية فقال بحزن :

{ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ }[1].

و عاش سيدنا شعيب بقية عمره في ” مدين ” و كان عنده قطيع من الماشية .

و عندما أصبح شيخاً طاعناً في السن تولّت ابنتاه الرعي و كانتا تعانيان في هذه المهمة خاصّة عندما تريديان أن تسقيا قطيع الأغنام ، لأن الفتاة يمنعها الحياء فلا تستطيع أن تزاحم الرعاة .
و ذات يوم جاء شاب من مصر كان عمره ثلاثين سنة ، انه موسى بن عمران الذي فرّ من ظلم الفراعنه و لجأ الى قرية مدين ،







فماذاحصل ؟




هذا ما سنعرفه في القصة القادمة من سلسلة

(( كل يوم قصة من قصص الأنبياء ))


فإلى اللقاء .


بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {7/85} وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ {7/86} وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ {7/87} (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ {7/88} قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ {7/89} وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ {7/90} فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ {7/91} الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ {7/92} فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ {7/93} [2


صدق الله العظيم ,,

ام الهنوف
13-12-2017, 09:41 AM
قبل أن أتحدث عن قصة سيدنا موسى عليه السلام


دعونا نستكشف معا قصة أهل القرية

مع

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19862&stc=1


أنبياء أهل القرية

ورد ذكر القصة في سورة "ياسين" بالقرآن الكريم،

قال الله سبحانه وتعالى عنها:
"وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ. قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ. قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ. قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ. قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ. وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ. وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ. إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ. إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ. قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ".


القصة :

أرسل الله رسولين لإحدى القرى لكن أهلها كذبوهما، فأرسل الله تعالى رسولا ثالثا يصدقهما.

ويذكر لنا القرآن الكريم قصة رجل آمن بهم ودعى قومه للإيمان بما جاؤوا به لكنهم قتلوه، فأدخله الله الجنة.

حكي الحق تبارك وتعالى قصة أنبياء ثلاثة بغير أن يذكر أسمائهم. كل ما يذكره السياق أن القوم كذبوا رسولين فأرسل الله ثالثا يعزرهما.
ولم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا ما هي القرية. وقد اختلفت فيها الروايات.
وعدم إفصاح القرآن عنها دليل على أن تحديد اسمها
أو موضعها لا يزيد شيئاً في دلالة القصة وإيحائها. لكن الناس ظلوا على إنكارهم للرسل وتكذيبهم، وقالوا

(قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ)

وهذا الاعتراض المتكرر على بشرية الرسل تبدو فيه سذاجة التصور والإدراك, قد كانوا يتوقعون دائماً أن يكون هناك سر غامض في شخصية الرسول وحياته تكمن وراءه الأوهام والأساطير..

أليس رسول السماء إلى الأرض فكيف يكون شخصية مكشوفة بسيطة لا أسرار فيها ولا ألغاز حولها ?!
شخصية بشرية عادية من الشخصيات التي تمتلىء بها الأسواق والبيوت ?!

وهذه هي سذاجة التصور والتفكير فالأسرار والألغاز ليست صفة ملازمة للنبوة والرسالة.
فالرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية.

وحياة الرسل هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج الإلهي. النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به.
وهم بشر. فلا بد أن يكون رسولهم من البشر ليكون نموذجاً من الحياة يمكنهم أن يقلدوه ويقتدو به .

وفي ثقة المطمئن إلى صدقه, العارف بحدود وظيفته أجابهم الرسل:

إن الله يعلم، وهذا يكفي. وإن وظيفة الرسل البلاغ.

وقد أدوه. والناس بعد ذلك أحرار فيما يتخذون لأنفسهم من تصرف. وفيما يحملون في تصرفهم من أوزار.
والأمر بين الرسل وبين الناس هو أمر ذلك التبليغ عن الله; فمتى تحقق ذلك فالأمر كله بعد ذلك إلى الله.

ولكن المكذبين الضالين لا يأخذون الأمور هذا المأخذ الواضح السهل اليسير;

ولا يطيقون وجود الدعاة إلى الهدى ويعمدون إلى الأسلوب الغليظ العنيف في مقاومة الحجة لأن الباطل ضيق الصدر.
قالوا: إننا نتشاءم منكم; ونتوقع الشر في دعوتكم; فإن لم تنتهوا عنها فإننا لن نسكت عليكم, ولن ندعكم في دعوتكم

( لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ).

هكذا أسفر الباطل عن غشمه; وأطلق على الهداة تهديده; وبغى في وجه كلمة الحق الهادئة!

ولكن الواجب الملقى على عاتق الرسل يقضي عليهم بالمضي في الطريق:

(قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ).

فالقول بالتشاؤم من دعوة أو من وجه هو خرافة من خرافات الجاهلية. والرسل يبينون لقومهم أنها خرافة;
وأن حظهم ونصيبهم من خير ومن شر لا يأتيهم من خارج نفوسهم. إنما هو معهم.
مرتبط بنواياهم وأعمالهم, متوقف على كسبهم وعملهم.
وفي وسعهم أن يجعلوا حظهم ونصيبهم خيراً أو أن يجعلوه شراً.
فإن إرادة الله بالعبد تنفذ من خلال نفسه, ومن خلال اتجاهه, ومن خلال عمله.
وهو يحمل طائره معه. هذه هي الحقيقة الثابتة القائمة على أساس صحيح.
أما التشاؤم بالأمكنة أو التشاؤم بالوجوه أو التشاؤم بالكلمات،
فهو خرافة لا تستقيم على أصل!

وقالوا لهم: (أَئِن ذُكِّرْتُم)

أترجموننا وتعذبوننا لأننا نذكركم! أفهذا جزاء التذكير?

(بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)

تتجاوزون الحدود في التفكير والتقدير; وتجازون على الموعظة بالتهديد والوعيد; وتردون على الدعوة بالرجم والتعذيب!

ما كان من الرجل المؤمن:

لا يقول لنا السياق ماذا كان من أمر هؤلاء الأنبياء، إنما يذكر ما كان من أمر إنسان آمن بهم. آمن بهم وحده..
ووقف بإيمانه أقلية ضعيفة ضد أغلبية كافرة.
إنسان جاء من أقصى المدينة يسعى. جاء وقد تفتح قلبه لدعوة الحق..
فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق.
وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عليها سكوتاً;
ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور;
ولكنه سعى بالحق الذي آمن به.
سعى به إلى قومه وهم يكذبون ويجحدون ويتوعدون ويهددون.

وجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق, وفي كفهم عن البغي,
وفي مقاومة اعتدائهم الأثيم الذي يوشكون أن يصبوه على المرسلين.

ويبدو أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان. ولم تكن له عشيرة تدافع عنه إن وقع له أذى.
ولكنها العقيدة الحية في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها.

فقال لهم: اتبعوا هؤلاء الرسل، فإن الذي يدعو مثل هذه الدعوة, وهو لا يطلب أجراً,
ولا يبتغي مغنماً. إنه لصادق.
وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم يكن يلبي تكليفاً من الله?
ما الذي يدفعه إلى حمل هم الدعوة?
ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة?
والتعرض لأذاهم وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم, وهو لا يجني من ذلك كسباً,
ولا يطلب منهم أجراً?

وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم. فهم يدعون إلى إله واحد. ويدعون إلى نهج واضح. ويدعون إلى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض. فهم مهتدون إلى نهج سليم, وإلى طريق مستقيم.

ثم عاد يتحدث إليهم عن نفسه هو وعن أسباب إيمانه, ويناشد فيهم الفطرة التي استيقظت فيه فاقتنعت بالبرهان الفطري السليم.

فلقد تسائل مع نفسه قبل إئمانه، لماذا لا أعبد الذي فطرني؟

والذي إليه المرجع والمصير?
وما الذي يحيد بي عن هذا النهج الطبيعي الذي يخطر على النفس أول ما يخطر?

إن الفطرة مجذوبة إلى الذي فطرها, تتجه إليه أول ما تتجه, فلا تنحرف عنه إلا
بدافع آخر خارج على فطرتها. والتوجه إلى الخالق هو الأولى.

ثم يبين ضلال المنهج المعاكس. منهج من يعبد آلهة غير الرحمن لا تضر ولا تنفع.
وهل أضل ممن يدع منطق الفطرة الذي يدعو المخلوق إلى عبادة خالقه,
وينحرف إلى عبادة غير الخالق بدون ضرورة ولا دافع?
وهل أضل ممن ينحرف عن الخالق إلى آلهة ضعاف لا يحمونه
ولا يدفعون عنه الضر حين يريد به خالقه الضر بسبب انحرافه وضلاله?

والآن وقد تحدث الرجل بلسان الفطرة الصادقة العارفة الواضحة يقرر قراره الأخير في وجه قومه المكذبين المهددين المتوعدين.
لأن صوت الفطرة في قلبه أقوى من كل تهديد ومن كل تكذيب:

(إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)

هكذا ألقى بكلمة الإيمان الواثقة المطمئنة. وأشهدهم عليها.
وهو يوحي إليهم أن يقولوها كما قالها.
أو أنه لا يبالي بهم ماذا يقولون!

استشهاد الرجل ودخوله الجنة:

ويوحي سياق القصة بعد ذلك القوم الكافرين قتلوا الرجل المؤمن. وإن كان لا يذكر شيئاً من هذا صراحة.
إنما يسدل الستار على الدنيا وما فيها, وعلى القوم وما هم فيه;
ويرفعه لنرى هذا الشهيد الذي جهر بكلمة الحق,
متبعاً صوت الفطرة, وقذف بها في وجوه من يملكون التهديد والتنكيل.
نراه في العالم الآخر.

ونطلع على ما ادخر الله له من كرامة. تليق بمقام المؤمن الشجاع المخلص الشهيد:

(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ .. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).

وتتصل الحياة الدنيا بالحياة الآخرة. ونرى الموت نقلة من عالم الفناء إلى عالم البقاء.
وخطوة يخلص بها المؤمن من ضيق الأرض إلى سعة الجنة.

ومن تطاول الباطل إلى طمأنينة الحق.
ومن تهديد البغي إلى سلام النعيم.
ومن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين.

ونرى الرجل المؤمن. وقد اطلع على ما آتاه الله في الجنة من المغفرة والكرامة,
يذكر قومه طيب القلب رضي النفس,
يتمنى لو يراه قومه ويرون ما آتاه ربه من الرضى والكرامة, ليعرفوا الحق, معرفة اليقين.

إهلاك أصحاب القرية بالصيحة:

هذا كان جزاء الإيمان. فأما الطغيان فكان أهون على الله من أن يرسل عليه الملائكة لتدمره. فهو ضعيف ضعيف:

(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ .. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ).

لا يطيل هنا في وصف مصرع القوم, تهويناً لشأنهم, وتصغيراً لقدرهم.

فما كانت إلا صيحة واحدة أخمدت أنفاسهم.

ويسدل الستار على مشهدهم البائس المهين الذليل!

تجاوز السياق أسماء الأنبياء وقصصهم ليبرز قصة رجل آمن.. لم يذكر لنا السياق اسمه. اسمه لا يهم.. المهم ما وقع له..

لقد آمن بأنبياء الله..

قيل له ادخل الجنة.

ليكن ما كان من أمر تعذيبه وقتله.

ليس هذا في الحساب النهائي شيئا له قيمته انما تكمن القيمة في دخوله الجنة فور إعلانه أنه آمن. وفور قتله.


*****
***
**


نهاية القصة

ام الهنوف
18-12-2017, 10:40 AM
سيدنا موسى عليه السلام




نحكي لكم اليوم قصة النبى موسى عليه السلام كما وردت في كتاب الله عز وجل،

قصة جميلة ورائعة جداً تبين نصر الله تعالي وتأييده لعبادة الصالحين ولنبيه الكريم،

إنها فعلا قصة شيقة ورائعة


فلنبدأ معاً في قراءت القصة ,,


أثناء حياة يوسف عليه السلام بمصر، تحولت مصر إلى التوحيد. توحيد الله سبحانه، وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل إلى أقوامهم.
لكن بعد وفاته، عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم. أما أبناء يعقوب، أو أبناء إسرائيل، فقد اختلطوا بالمجتمع المصري،
فضلّ منهم من ضل، وبقي على التوحيد من بقي. وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم، واشتغلوا في العديد من الحرف.


كان هناك ملك طاغية يدعي "فرعون" وقد رأي في ليلة من الليالي أن ناراً تأكل ملكه وتقتل شعبه وهي آتية من ناحية بيوت بني إسرائيل،
قام فرعون مفزوعاً خائفاً من نومه، فأسرع بإستدعاء السحرة والكهنه وحكي لهم ما رأي، فأخبروه أن تفسير هذة الرؤيا أنه سيولد في بني إسرائيل غلام يكون سبباً في ذهاب ملكه وهلاكه علي يديه، فإشتد فزع فرعون


فأصدر أمره ألا يلد أحد من بني إسرائيل ولداً إلا أن يقتلوه,
وأمر جنوده وحاشيته أن يقتلوا كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل .
وبدأ تطبيق النظام،

ثم قال مستشارون فرعون له، إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون،
وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل، فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها.
والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي يليه.

ووجد فرعون أن هذا الحل أسلم.

وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة.

فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان
أصبحت أم هارون حاملاً بنبي الله موسي عليه السلام،
فعندما علمت بحملها خافت من أمر فرعون وأخفت حملها مخافتاً عليه،
فكانت لا تظهر لأحد أبداً انها حاملاً حتي أتمت حملها

وجاء وقت الوضع، فأنجبت نبي الله موسي عليه السلام سراً،
وحفظه الله عز وجل فلم يعلم جنود فرعون بأمر موسى،

وقذف الله في قلب أم موسى أنها إن خافت عليه تضعه في صندوق وتربطه ببيتها وتلقيه في النهر
لكي لا يراه أحد من جنود فرعون الظالم، وترضعه كل فترة .

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19877&stc=1


خرجت أم موسي لترضع إبنها، فإذا بها تجد أن الحبل قد قطع وأن الصندوق قد جري في النهر
كذلك أصدرالله سبحانه وتعالى أمره للنهر أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون بأمر من الله سبحانه وتعالى.



وهنا يتجلى دور الأخت مع أخيها، حباً، وخوفاً عليه وشفقة، وتعرضاً للمخاطر وتضحية من أجله،

إنها أخت موسى عليه السلام وهي: مريم بنت عمران، ليست أم عيسى عليه السلام،

لكنه توافق أسماء، وذكر أن اسمها كلثمة وقيل كلثوم
وهي أخت ذكية لماحة، أخت ناصحة مشفقة، أخت مطيعة لأمها بارة بأخيها، إنها أخت موسى عليه السلام،
كان لها أثر كبير في حياة موسى
لقد كان لأخت موسى يدٌ بيضاء عليه،
فقد وقفت بجوار أمها لحظة أن وضعت وليدها- موسى- الذي كان محكوماً عليه بالذبح،
لولا أن تعهدته أخته منذ لحظة ميلاده بالرعاية والاهتمام حتى لا يصدر منه صوت، فتكون نهايته،
فقد كان جواسيس فرعون الطاغية في كل مكان على الأبواب ليقتلوا كل طفل يولد،

وعندما وضعته أمه في التابوت، ثم في النهر،

وألقته به وهي لا تدري أين يستقر؟

فطلبت من إبنتها كلثمة لتعقب أثره، وكانت الفتاة صاحبة عين بصيرة،

وقالت قصيه واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا؟

أحيٌّ ابني؟ أو قد أكلته دواب البحر؟

واتبعي يا ابنتي أثره، وانظري كيف يُصنع به؟

قصيه يا ابنتي ولا تتركيه يغيب عن ناظريك؟!

كان قلب الأم، وهو أرحم القلوب في الدنيا، يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في النهر،

لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها، والله هو ربه ورب النهر.

لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون هادئة حانية
وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد،

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19878&stc=1



فما كان من هذه البنت البارة المطيعة إلا أن تسمع كلام أمها، وأن تستجيب لطلبها مهما كانت المخاطر،
فقامت دون تردد أو تلكأ أو تأخير، تتبع الصندوق أخذت ترقبه بطرف عينها من بُعد
ولم تغفل عن أخيها لحظة واحدة ،لم تدن منه ولم تقترب، لئلا يُعلم أو يُشك بصلته بها،
فمن ذكائها كانت تمشي جانبا وتنظر اختلاسًا كأنها لا تنظره تمشي على حافة النهر تتبعك،
عينها على التابوت خوفاً عليك، يا ترى كيف حالها وشعورها
وهي ترى الصندوق يجري على سطح الماء؟!،
ربما ارتفع قلبها ونزل مع ارتفاع كل موجة ونزولها،
إنه قلب الأخت الرحيمة يكاد يطير أو ينخلع،
فهي خائفة على غرق الصندوق تارة،
وخائفة من أعين الناس يرقبونها تارة،
وخائفة من أعين حرس فرعون الذين يفتشون عن الصبيان في كل مكان لقتلهم تارة،

فآهٍ لقلبك أيتها الأخت البارة؟
فمن حسن صنيعها وذكائها لا يشعرون أنها ترقبه، ولا بأنها أخته، وهذا من فطنتها،
وأخذها الحيطة والحذر،

وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر

آسيا بنت مزاحم"، امرأة فرعون كما ذكرها القرآن الكريم وذكرتها كتب التاريخ

كانت زوجة فرعون تختلف كثيرا عنه. فقد كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة.
كان هو قاسيا وكانت هي رحيمة. كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة.
وأيضا كانت حزينة، فلم تكن تلد. وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد.

كانت تعيش في أعظم القصور وأفخمها إذ كان قصرها مليئاً بالجواري والعبيد والخدم أي أنها كانت تعيش حياة مترفة منعمة،
و زوجها الفرعون الذي طغى واستكبر في زمانه وادعى الألوهية وأمر عبيده بأن يعبدوه ويقدسوه هو لا أحد سواه،
وأن ينادوه بفرعون الإله -معاذ الله- .

بدأت قصة أسية إمرأة فرعون

عندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر، وجدن الصندوق، فحملنه كما هو إلى زوجة فرعون. فأمرتهن أن يفتحنه ففتحنه.

فما هوموقفها عندما رأت موسى عليه السلام في التابوت، ؟

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19879&stc=1

فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في قلبها فقد كان لوجهه المنير الذي تشع منه البراءة أثر كبير في نفسها.

فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق.
فاستيقظ موسى وبدأ يبكي. كان جائعا يحتاج إلى رضعة الصباح فبكى.

فجاءت آسية الى فرعون، وهي تحمل بين بيدها طفلا رضيعا.

فسأل من أين جاء هذا الرضيع؟ فحدثوه بأمر الصندوق.
فقال بقلب لا يعرف الرحمة: لابد أنه أحد أطفال بني إسرائيل.
أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟

فذكّرت آسيا فرعون بعدم قدرتهم على الانجاب وطلبت منه أن يسمح لها بتربيته.

فأقنعت فرعون بالاحتفاظ به وأن يكون لهما طفلاً،
ويربونه كابن لهما ، في البداية لم يقتنع بكلامها ولكن إصرار آسيه جعله يوافقها على رأيها وأحبته حب الأم لولدها.




********




عاد موسى للبكاء من الجوع. فأمرت بإحضار المراضع.
فحضرت مرضعة من القصر وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها.
فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع.
فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل.

لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفض موسى لجميع المراضع.



فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية.

لم تكد ترمي موسى في النيل حتى أحست أنها ترمي قلبها في النيل.
غاب الصندوق في مياه النيل واختفت أخباره.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19881&stc=1

وجاء الصباح على أم موسى فإذا قلبها فارغ يذوب حزنا على ابنها،

وكادت تذهب إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون.

لولا أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله.

كل ما في الأمر أنها قالت لأخته: اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى.


وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون، فإذا بها تسمع القصة الكاملة.
رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه، ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه،
سمعت أنه يرفض كل المراضع.

وقالت أخت موسى لحرس فرعون: هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟

ففرحت زوجة فرعون كثيرا لهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة.

وعادت أخت موسى وأحضرت أمها. وأرضعته أمه فرضع موسى عليه السلام من أمه.

وتهللت زوجة فرعون وقالت:

"خذيه حتى تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها، وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك له".




وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن

ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء. ورغم كل شيء.


*********
*****
**
*

هذه نهاية الجزء الاول

من قصة سيدنا موسى عليه السلام

ام الهنوف
20-12-2017, 10:36 AM
الجزء الثاني

من قصة سيدنا موسى عليه السلام

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19889&stc=1



نشأة موسى في بيت فرعون:

أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون.

كان موضع حب الجميع. كان لا يراه أحد إلا أحبه.
وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا يتربى بحفظ الله وعنايته.

بدأت تربية موسى في بيت فرعون. وكان هذا البيت يضم أعظم المربين والمدرسين في ذلك الوقت.
كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض. وكان فرعون أقوى ملك في الأرض،
ومن الطبيعي أن يضم قصره أعظم المدربين والمثقفين والمربين في الأرض.

وهكذا شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين،
وأن يتم هذا كله في بيت عدوه الذي سيصطدم به فيما بعد تنفيذا لمشيئة الخالق.


وكبر موسى في بيت فرعون. كان موسى يعلم أنه ليس ابنا لفرعون، إنما هو واحد من بني إسرائيل.

وكان يرى كيف يضطهد رجال فرعون وأتباعه بني إسرائيل..

وكبر موسى وبلغ أشده.. (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا)

وراح يتمشى فيها.

فوجد رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل، واستغاث به الرجل الضعيف

فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله.

كان موسى قويا جدا، ولم يكن يقصد قتل الظالم، إنما أراد إزاحته فقط،
لكن ضربته هذه قتلته.

ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه:

(هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ).

ودعا موسى ربه:

(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).

وغفر الله تعالى له، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ).

كان هذا حال موسى، حال إنسان مطارد، فهو خائف، يتوقع الشر في كل خطوة، وهو مترقب، يلتفت لأوهى الحركات وأخفاها.

ووعد موسى بأن لا يكون ظهيرا للمجرمين.
لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدافع عن أحد من قومه.

وفوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم.
كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين.
وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب.
أدرك أنه من هواة المشاجرات.
وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ).
قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري.
واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو. دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا،
وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس.
فتوقف موسى، سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله بالأمس،
وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون نصيرا للمجرمين.
استدار موسى عائدا ومضى وهو يستغفر ربه.

وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته أمس.
ولم يكن أحد من المصررين يعلم من القاتل.
فنشر هذا المصري الخبر في أرجاء المدينة.

وانكشف سر موسى وظهر أمره.
وجاء رجل مصري مؤمن من أقصى المدينة مسرعا.
ونصح موسى بالخروج من مصر، لأن المصريين ينوون قلته.

لم يذكر القرآن الكريم اسم الرجل الذي جاء يحذر موسى.
ونرجح أنه كان رجلا مصريا من ذوي الأهمية،
فقد اطلع على مؤامرة تحاك لموسى من مستويات عليا، ولو كان شخصية عادية لما عرف.
يعرف الرجل أن موسى لم يكن يستحق القتل على ذنبه بالأمس..
لقد قتل الرجل خطأ.
فيجب أن تكون عقوبته السجن على أقصى تقدير.

لكن رؤساء القوم وعليتهم، الذين يبدوا أنهم كانوا يكرهون موسى لأنه من بني إسرائيل،
ولأنه نجى من العام الذي يقتل فيه كل مولود ذكر،
وجدوا هذه الفرصة مناسبة للتخلص من موسى، فهو قاتل المصري،
لذا فهو يستحق القتل.

خرج موسى من مصر على الفور. خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب.

في قلبه دعاء لله (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

وكان القوم ظالمين حقا. ألا يريدون تطبيق عقوبة القتل العمد عليه،
وهو لم يفعل شيئا أكثر من أنه مد يده وأزاح رجلا فقتله خطأ؟

خرج موسى من مصر على عجل. لم يذهب إلى قصر فرعون ولم يغير ملابسه ولم يأخذ طعاما للطريق ولم يعد للسفر عدته. لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله. ولم يكن في قافلة. إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج. اختار طريقا غير مطروق وسلكه. دخل في الصحراء مباشرة واتجه إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه. لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا معينا. هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده.



ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مكان. كان هذا المكان هو مدين.
جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم.
وكان خائفا طوال الوقت أن يرسل فرعون من وراءه من يقبض عليه.

لم يكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح. نال منه الجوع والتعب، وسقطت نعله بعد أن
ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب. لم تكن معه نقود لشراء نعل جديدة.
ولم تكن معه نقود لشراء طعام أو شراب.


لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم،

ووجد امرأتين تكفان غنمهما أن يختلطا بغنم القوم،

وأخذته الغيرة على فتاتين تنتظران الرجال حتى انتهوا من ملء المياه

فقال لهما: ما خطبكما؟

(( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ

قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ((



فقال لهما: ما خطبكما؟

قالت الأخرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال.

اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم. المفروض أن يرعى الرجال الأغنام.
هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة.

سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم؟

فقالت واحدة منهما: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج كل يوم للرعي.

فقال موسى: سأسقي لكما.

)) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ))


عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ.

أعجب أبوهما الشيخ الكبير من عودة ابنتيه مبكرتين.

سأل الأب: عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟!
قالت إحداهما: تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم.
فقصتا عليه قصة الرجل الغريب الذي سقى لهما،


فقال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ)
ليعطيك (أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)

(( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا

فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ))

لبى موسى الدعوة، وسار مع ابنة الشيخ، قالوا: وقد طلب منها أن تسير خلفه وتدله على الطريق،

لئلا يقع بصره على جسمها وهي تمشي، وذلك عفة منه.

دخل موسى على الشيخ الكبير، فرحب به، وقدم له القِرى، وسأله عن خطبه،
فقص عليه القصص، ووصف له حاله وحال بني إسرائيل في مصر (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A% D9%85%D8%A9)،

قال: {لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}

وقيل أن الشيخ هو شعيب (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%B9%D9%8A%D8%A8) النبي عليه السلام الذي أرسل إلى أهل مدين (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86)، وهذا هو المشهور عند كثير من العلماء (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1).وقيل أنه رجل مؤمن من قوم شعيب (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%B9%D9%8A%D8%A8) لبعد المسافة الزمنية بين شعيب (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%B9%D9%8A%D8%A8)عليه السلام وبين موسى عليه السلام وهذا هو الراجح.

(( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ))


فأُعجب الشيخ برأي ابنته،

وعاد الشيخ لموسى وقال له:

أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل في رعي الغنم عندي ثماني سنوات،
فإن أتممت عشر سنوات، فمن كرمك، لا أريد أن أتعبك، (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)

)) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ

وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ))

وبذلك شرط عليه أن يكون مهر ابنته أن يخدمه ثماني سنين،
فإن زادها إلى عشر سنين فهي زيادة غير مفروضة.

فوافق موسى، ونجز العقد مع الشيخ،

فقال: " ذلك بيني وبينك أيَّما الأجلين قضيتُ فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل ".

وتمت المصاهرة بينهما،

قالوا: واسم ابنة الشيخ التي صارت زوجاً لموسى "صفورة".
لبث موسى عند صهره الشيخ في مدين يخدمه حسب الشرط، وقضى في خدمته أوفى الأجلين وهو عشر سنين.
وقد ولدت له امرأته "صفورة" في مدين ولداً سماه "جرشوم" ومعناه غريب المولد.

وهكذا عاش موسى يخدم الشيخ عشر سنوات كاملة.
وكان عمل موسى ينحصر في الخروج مع الفجر كل يوم لرعي الأغنام والسقاية لها.


خرج موسى مع أهله وسار. اختفى القمر وراء أسراب من السحاب الكثيف وساد الظلام.
اشتد البرق والرعد وأمطرت السماء وزادت حدة البرد والظلام. وتاه موسى أثناء سيره.
ووقف موسى حائرا يرتعش من البرد وسط أهله.. ثم رفع رأسه فشاهد نارا عظيمة تشتعل عن بعد.
امتلأ قلبه بالفرح فجأة.
قال لأهله: أني رأيت نارا هناك.

أمرهم أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب إلى النار لعله يأتيهم منها بخبر،
أو يجد أحدا يسأله عن الطريق فيهتدي إليه، أو يحضر إليهم بعض أخشابها المشتعلة لتدفئتهم.

وتحرك موسى نحو النار. سار موسى مسرعا ليدفئ نفسه. يده اليمنى تمسك عصاه. جسده مبلل من المطر.

ظل يسير حتى وصل إلى واد يسمونه طوى.

لاحظ شيئا غريبا في هذا الوادي. لم يكن هناك برد ولا رياح.

ثمة صمت عظيم ساكن.
واقترب موسى من النار.

لم يكد يقترب منها حتى نودي:

(( أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).

نظر موسى في النار فوجد شجرة خضراء. كلما زاد تأجج النار زادت خضرة الشجرة.
والمفروض أن تتحول الشجرة إلى اللون الأسود وهي تحترق.
لكن النار تزيد واللون الأخضر يزيد.
كانت الشجرة في جبل غربي عن يمينه،

وكان الوادي الذي يقف فيه هو وادي طوى.

ثم ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة

والله عز وجل ينادي: يَا مُوسَى

فأجاب موسى: نعم.

قال الله عز وجل: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ

ازداد ارتعاش موسى وقال: نعم يا رب.

قال الله عز وجل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى

انحنى موسى راكعا وجسده كله ينتفض وخلع نعليه.

عاد الحق سبحانه وتعالى يقول:

(( وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)

إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) ))(طه)

زاد انتفاض جسد موسى وهو يتلقى الوحي الإلهي ويستمع إلى ربه وهو يخاطبه.

قال الرحمن الرحيم:(( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ))

ازدادت دهشة موسى.

إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخاطبه، والله يعرف أكثر منه أنه يمسك عصاه.

لماذا يسأله الله إذن إذا كان يعرف أكثر منه؟! لا شك أن هناك حكمة عليا لذلك.

أجاب موسى: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى

قال الله عز وجل: أَلْقِهَا يَا مُوسَى

رمى موسى العصا من يده وقد زادت دهشته.

وفوجئ بأن العصا تتحول فجأة إلى ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم.

وراح الثعبان يتحرك بسرعة.

ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه.

أحس أن بدنه يتزلزل من الخوف.

فاستدار موسى فزعا وبدأ يجري.

لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله:

(( يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)).

عاد موسى يستدير ويقف.

لم تزل العصا تتحرك.

لم تزل الحية تتحرك.

قال الله سبحانه وتعالى لموسى:


(( خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى))

مد موسى يده للحية وهو يرتعش. لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا.


عاد الأمر الإلهي يصدر له:

(( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ))

وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر.

زاد انفعال موسى بما يحدث، وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما..

اطمأن موسى وسكت.

وأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين

-معجزة العصا و معجزة اليد-

أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين، ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر.


وأبدى موسى خوفه من فرعون. قال إنه قتل منهم نفسا ويخاف أن يقتلوه.


(( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ *

وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ))

ثم توسل إلى الله أن يرسل معه أخاه هارون.

ليكون له ردءاً، وأثنى موسى على أخيه بين يدي ربه بأنه أفصح منه لساناً

فقال له الله عز وجل: (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_(%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7 %D9%85))

)) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ))

طمأن الله موسى أنه سيكون معهما يسمع ويرى، وأن فرعون رغم قسوته وتجبره لن يمسهما بسوء. أفهم الله موسى أنه هو الغالب. ودعا موسى وابتهل إلى الله أن يشرح له صدره وييسر أمره ويمنحه القدرة على الدعوة إليه. ثم قفل موسى راجعا لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون. انحدر موسى بأهله قاصدا مصر.

يعلم الله وحده أي أفكار عبرت ذهن موسى وهو يحث خطاه قاصدا مصر.
وها هو ذا موسى يحمل أمانة الحق ويمضي ليواجه بها بطش أعظم جبابرة عصره وأعتاهم.
يعلم موسى أن فرعون مصر طاغية.
يعلم أنه لن يسلمه بني إسرائيل بغير صراع.
يعلم أنه سيقف من دعوته موقف الإنكار والكبرياء والتجاهل.
لقد أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون. وأن يدعوه بلين ورفق إلى الله.
أوحى الله لموسى أن فرعون لن يؤمن. ليدعه موسى وشأنه.
وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم.
قال تعالى لموسى وهارون:
(( فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ))
. هذه هي المهمة المحددة. وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات.
إن فرعون يعذب بني إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من الأعمال ما لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم، ويذبح أبنائهم، ويتصرف فيهم كما لو كانوا ملكا خاصا ورثه مع ملك مصر.
يعلم موسى أن النظام المصري يقوم في بنيانه الأساسي على استعباد بني إسرائيل واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة،

ذهبت به الأفكار وجاءت،
فاختصرت مشقة الطريق.
ورفع الستار عن مشهد المواجهة.

ام الهنوف
21-12-2017, 10:41 AM
الجزء الثالث

رسالة موسى عليه السلام لفرعون

قال تعالى:

"طسم {28/1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ {28/2} نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {28/3}

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي

الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ

وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {28/4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ

اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ

وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ"سورة القصص.

حمل موسى الرسالة، ودخل مصر (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A% D9%85%D8%A9) ومعه المعجزات (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%AA)،

ذهب موسى إلى منزل أخيه هارون في مصر، وأخبره بما أمره الله به،

فوافقه هارون على ذلك،

ويأتي الأمر الإلهي إلى موسى وأخيه عليهما السلام لإنفاذ هذه المهمة وأداء هذا المطلب العظيم

قال تعالى :

(( اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى))


إنه مشهد اللقاء الأول بين الحق والباطل،

وبين الإيمان والكفر،

مشهد اللقاء الأول بين الدعوة إلى رب العالمين،

وبين الطاغوت الذي يدعي ويزاول الربوبية من دون رب العالمين!

وذهب إلى قصر فرعون، وقابل فرعون (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D8%B9%D9%88%D9%86) ومعه أخيه هارون ليكون دعما له وسندا وكان من أمرهما المواجهة والحروب

ولما دخل موسى على فرعون أطلق الله لسانه، فأخبره أنه رسول من الله إليه يدعوه إلى الإيمان بالله.

وأن يرسل معهم بني اسرائيل .

﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ *حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ *))

عرفه فرعون وقال له بأنه رباه عندما كان صغيرًا،
ورغم ذلك تمردت علينا، وقتلت رجلًا مصريًا؛
فرد عليه موسى، أنه ندم على فعلته وتاب الله عليه،
وأنه الآن جاء بمعجزات من الله، يدعوهم للإيمان به.

قال فرعون منكراً وجاحداً:

( وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ )
فأنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره الأرض والسماوات وكان له آية في كل شيء من المخلوقات ،

فأجابه موسى :

(قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ)

فقال فرعون لمن حوله ساخراً ومستهزئاً بموسى

(أَلَا تَسْتَمِعُونَ )،

فذكَّره موسى بأصله وأنه مخلوق من العدم وصائر إلى العدم كما عُدم آباؤه الأولون

فقال موسى {:

(( قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ))

وحينئذ بهت فرعون فادَّعى دعوى المكابر المغبون فقال :

((إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ))

فطعن بالرسل والمرسِلون ،

فردَّ عليه موسى ذلك وبيَّن له أن الجنون إنما هو إنكار الخالق العظيم


فقال :

(( قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * )) *

إن كنت يا موسى نبيّاً من الله هاتِ لنا برهاناً حتى نصدِّقك،

فرمى موسى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مُبين،

(( فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ))

إنها المفاجأة، إن العصا تنقلب ثعبانًا لا شك في ثعبانيته: ﴿ مُبين ﴾.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19893&stc=1



وضم يده إلى جناحه وأخرجها فإذا هي بيضاء من غير سوء،

وقد كان موسى عليه السلام «آدم»؛ أي: مائلًا إلى السمرة - يخرجها من جيبه،

فإذا هي بيضاء من غير سوء، بيضاء ليست عن مرض، ولكنها المعجزة،

فإذا أعادها إلى جيبه عادت سمراء!

هذه هي البينة والآية على الدعوى التي جاء بها موسى،

إني رسول من رب العالمين.

عندها قال فرعون لمن حوله: ما هذا إلا ساحر يريد أن يُخرجكم من أرضكم ويفسد عليكم دين آبائكم،


ومع تحويل الأنظار عن دلالتها الخطيرة, قامو باتهام موسى بأنه ساحر عليم:


﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * ﴾

وأمر بجمع السَّحرة الموجودين في أرض مصر،

وقال لموسى: دعنا نتَّفق على يومٍ يكون به النِّزال،

فاختار موسى عليه السلام يوم الزِّينة، وكان هذا يوم عيد في مصر القديمة.


لقد جاء موسى - عليه السلام - بهذه الحقيقة التي جاء بها كل رسول قبله،

حقيقة ربوبية الله الواحد للعالمين جميعًا، ألوهية واحدة وعبودية شاملة.

ولقد واجه موسى - عليه السلام - فرعون وملأه بهذه الحقيقة الواحدة التي واجه بها كل نبي

- قبله أو بعده - عقائد الجاهلية الفاسدة،

واجهه بها وهو يعلم أنها تعني الثورة على فرعون وملئه، ودولته ونظام حكمه.

وباسم تلك الحقيقة الكبيرة، حقيقة الربوبية الشاملة للعالمين، طلب موسى من فرعون أن يطلق معه بني إسرائيل،

وإذ كان فرعون إنما يعبِّد بني إسرائيل لهواه، فقد أعلن له موسى أن رب العالمين هو الله،

وإعلان هذه الحقيقة ينهي شرعية ما يزاوله فرعون من تعبيد بني إسرائيل!

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19894&stc=1

إن إعلان ربوبية الله للعالمين هي بذاتها إعلان تحرير الإنسان، تحريره من الخضوع والطاعة والتبعية والعبودية لغير الله .

وكانت أرض مصر تموج بالكهنة في شتى المعابد،

وكان الكهنة هم الذين يزاولون أعمال السحر، ففي الوثنيات كلها تقريبًا يقترن الدين بالسحر،

ويزاول السحر كهنة الديانات وسدنة الآلهة!

وقد استقر رأي الملأ من قوم فرعون على أن يرجئ فرعون موسى إلى الموعد،

وأرسل فرعون في أنحاء البلاد من يجمع له كبار السحرة؛

ذلك ليواجهوا «سحر موسى» - بزعمهم - بسحر مثله، فجمع السحرة من المدائن، يحترفون السحر كما يحترفون الكهانة!

وتبادل وإياهم الصفقة، أن يعطيهم المال ويجعلهم من المقربين!

ولقد أكد لهم فرعون أنهم مأجورون على حرفتهم، ووعدهم مع الأجر القربى منه؛ زيادة في الإغراء، وتشجيعًا على بذل غاية الجهد.


(( قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ *

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا

إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ *

قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * ))


وهم لا يعلمون أن الموقف ليس موقف الاحتراف والبراعة والتضليل،

إنما هو موقف المعجزة والرسالة والاتصال بالقوة القاهرة التي لا يقف لها الساحرون ولا المتجبرون!

ولقد اطمأن السحرة على الأجر،

واشرأبت أعناقهم إلى القربى من فرعون،

واستعدوا للحلبة،

وجاء اليوم الموعود ,

وفي ساحة المواجهة.

والناس مجتمعون، وفرعون ينظر.

حضر موسى وأخاه هارون عليهما السلام،

وحضر السحرة

ها هم سحرة فرعون يتوجهون إلى موسى - عليه السلام - بالتحدي،

وفي أيديهم كل ما أتقنوه من ألعاب وحيل، وكلهم ثقة بفوزهم في هذا التحدي.

لذا بدءوا بتخيير موسى


﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا ﴾.


ويبدو التحدي واضحًا في تخييرهم لموسى، وتبدو كذلك ثقتهم بسحرهم وقدرتهم على الغلبة،

وفي الجانب الآخر تتجلى ثقة موسى - عليه السلام -

واستهانته بالتحدي:

{قالَ أَلْقُوا}،

فهذه الكلمة الواحدة تبدو فيها قلة المبالاة،

وتلقي ظل الثقة الكامنة وراءها في نفس موسى

﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾.



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19895&stc=1

بينما نحن في ظلال الاستهانة وعدم المبالاة،

إذا بنا أمام مظهر السحر البارع الذي يرهب ويخيف:

فوجئ به موسى - عليه السلام وحسبنا أن يقرر القرآن أنه سحر عظيم؛

لندرك أي سحر كان،

وحسبنا أن نعلم أنهم سحروا «أعين الناس»،

وأثاروا الرهبة في قلوبهم، «واسترهبوهم»

لنتصور أي سحر كان، ولفظ «استرهب» ذاته لفظ مصور.

فهم استجاشوا إحساس الرهبة في الناس، وقسروهم عليه قسرًا، ثم حسبنا أن

نعلم من النص القرآني الآخر في سورة طه أن موسى عليه السلام

قد أوجس في نفسه خيفة، لنتصور حقيقة ما كان!

قال تعالى :

(( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ))

ألقى موسى عصاه وهنا مفاجأة أخرى تطالع فرعون وملأه، وتطالع السحرة الكهنة،

وتطالع جماهير الناس في الساحة الكبرى التي شهِدت ذلك السحر العظيم

((فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * ))

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19896&stc=1

إنه الباطل ينتفش، ويسحر العيون، ويسترهب القلوب،

ويخيل إلى الكثيرين أنه غالب، وأنه جارف، وأنه مُحق!

وما هو إلا أن يواجه الحق الهادئ الواثق

«فوقع الحق»، وثبت، واستقر،

«وبطل ما كانوا يعملون»،

فغلبوا أصحاب الباطل والمبطلون، وذلوا، وصغروا،

وانكمشوا بعد الزهو الذي كان يبهر العيون،

«فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ»،

﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾.

هنا المفاجأة لم تختم بعد، والمشهد ما يزال يحمل مفاجأة أخرى، مفاجأة كبرى

وهو تحول السحرة من التحدي السافر إلى التسليم المطلق

فألقي السحرة ساجدين وأعلنوا بإيمانهم برب العالمين رب موسى وهارون

فالسحرة هم أعلم الناس بحقيقة فنِّهم، ومدى ما يمكن أن يبلغ إليه،

وهم أعرف الناس بالذي جاء به موسى إن كان من السحر والبشر،

أم من القدرة التي وراء مقدور البشر والسحر، والعالم في فنِّه هو أكثر الناس استعدادًا للتسليم بالحقيقة فيه حين تتكشف له؛

لأنه أقرب إدراكًا لهذه الحقيقة،

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19897&stc=1

فوجئ فرعون بهذا الإيمان المفاجئ الذي لم يدرك دبيبه في القلوب، فهذا الطاغي المتجر لا يدرك كيف يتسرب النور إلى قلوب البشر،

ولا كيف تمازجها بشاشة الإيمان، ولا كيف تلمسها حرارة اليقين،

فهو لطول ما استعبد الناس يحسب بأنهم ملك له هو هزته المفاجأة الخطيرة التي تزلزل العرش من تحته مفاجأة استسلام السحرة -

وهم من كهنة المعابد بعد أن كانوا مجموعين لإبطال دعوة موسى وهارون وكل جريمة يمكن أن

يرتكبوها بلا تحرُّج في سبيل المحافظة على الطاغوت،

قال لهم فرعون هكذا أمنتم به قبل أن أذن لكم

﴿ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ﴾،

كأنما كان عليهم أن يستأذنوه في أن تنتفض قلوبهم للحق -

وهم أنفسهم لا سلطان لهم عليها

فزع المتعجرف المتكبر المغرور!

على العرش المهدد والسلطان المهزوز

: ﴿ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها ﴾.

وفي نص آخر:

﴿ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْر ﴾،

وهكذا أطلق فرعون ذلك التوعد الوحشي الفظيع: إنه التعذيب والتشويه والتنكيل،

وسيلة الطواغيت

في مواجهة الحق الذي لا يملكون دفعه بالحجة والبرهان، وعدة الباطل في وجه الحق الصريح.

ويظل الطاغية يتهدد

(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)

ويتوعد

(لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ)

﴿ قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾،

إنه الإيمان الذي لا يفزع ولا يتزعزع، كما أنه لا يخضع أو يخنع،

الإيمان الذي يطمئن إلى النهاية فيرضاها، ويستيقن من الرجعة إلى ربه،

فيطمئن إلى جواره:

﴿ قالُوا: إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ ﴾.

والذي يدرك طبيعة المعركة بينه وبين الطاغوت، وأنها معركة العقيدة في الصميم،

لا يداهن ولا يناور، ولا يرجو الصفح والعفو من عدوٍّ لن يقبل منه إلا ترك العقيدة؛

ويعلن السحرة حقيقة المعركة

(وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا)

فلا يطلبون الصفح والعفو من عدوّهم، إنما يطلبون الثبات والصبر من ربهم

(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِين).

فيقف الطغيان عاجزا أما هذا الوعي وهذا الاطمئنان.

عاجزا عن رد هؤلاء المؤمنين لطريق الباطل من جديد.

فينفذ فرعون الطاغي تهديده،

ويصلبهم على جذوع النخل.


******
****
**
*

ام الهنوف
25-12-2017, 12:53 PM
الجزء الرابع من قصة سيدنا موسى كليم الله



تبدأ جولة جديدة بين الحق والباطل. فهاهم أتباع فرعون من المصريين،

يتآمرون ويحرضون فرعون ويهيجونه على موسى ومن آمن معه،

ويخوّفونه من عاقبة التهاون معهم.

وهم يرون الدعوة إلى ربوبية الله وحدة إفسادا في الأرض.

حيث يترتب عليها بطلان شرعية حكم فرعون ونظامه كله.

وقد كان فرعون يستمد قوته من ديانتهم الباطلة،

حيث كان فرعون ابن الآلهة.

وإن عبد موسى ومن معه الله رب العالمين، لن تكون لفرعون أي سطوة عليهم.

فاستثارت هذه الكلمات فرعون،

وأشعرته بالخطر الحقيقي على نظامه كله ففكر بوحشيته المعتادة وقرر

(قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ).


لم يكن هذا التنكيل الوحشي جديدا على بني إسرائيل. فقد نُفِّذ عليهم هذا الحكم في إبان مولد موسى عليه السلام.
فبدأ موسى -عليه السلام- يوصي قومه باحتمال الفتنة،
والصبر على البلية، والاستعانة بالله عليها.
وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده.
والعاقبة لمن يتقي الله ولا يخشى أحدا سواه

(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

إلا أن قومه بدءوا يشتكون من العذاب الذي حل بهم

(قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا)

إنها كلمات ذات ظل!
وإنها لتشي بما وراءها من تبرم!
أوذينا قبل مجيئك وما تغير شيء بمجيئك.
وطال هذا الأذى حتى ما تبدو له نهاية!

فيمضي النبي الكريم على نهجه. يذكرهم بالله، ويعلق رجاءهم به،
ويلوح لهم بالأمل في هلاك عدوهم.
واستخلافهم في الأرض.

مع التحذير من فتنة الاستخلاف، فاستخلاف الله لهم إنما هو ابتلاء لهم،

فهو استخلاف للامتحان:

(قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).

وضل موسى يأمرهم بالتوكل على الله، والاستعانة به، والالتجاء إليه،
فأتمروا بذلك ليجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجًا ومخرجًا.

(( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )).

أوحى الله تعالى إلى موسى وأخيه هارون عليهما السلام، أن يتخذوا لقومهما بيوتًا متميزة،
فيما بينهم عن بيوت القبط، ليكونوا على أهبة في الرحيل إذا أمروا به،
ليعرف بعضهم بيوت بعض.

وقوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً }:

قيل: مساجد.

أما حال مصر في تلك الفترة. فلقد مضى فرعون في تهديده، فقتل الرجال واستحيا النساء.
وظل موسى وقومه يحتملون العذاب، ويرجون فرج الله، ويصبرون على الابتلاء.
وظل فرعون في ظلاله وتحدّيه.

فتدخلت قوة الله سبحانه وتعالى، وشاء الله تعالى أن يشدد على آل فرعون.
ابتلاءً لهم وتخويفا، ولكي يصرفهم عن الكيد لموسى ومن آمن معه،
وإثباتا لنبوة موسى وصدقه في الوقت نفسه.

وهكذا سلط على المصريين أعوام الجدب.
أجدبت الأرض وشح النيل ونقصت الثمار وجاع الناس، واشتد القحط.
لكن آل فرعون لم يدركوا العلاقة بين كفرهم وفسقهم وبين بغيهم وظلمهم لعباد الله.
فأخذوا يعللون الأسباب. فعندما تصيبهم حسنة، يقولون إنها من حسن حظهم وأنهم يستحقونها.
وإن أصابتهم سيئة قالوا هي من شؤم موسى ومن معه عليهم، وأنها من تحت رأسهم!

وأخذتهم العزة بالإثم فاعتقدوا أن سحر موسى هو المسئول عما أصابهم من قحط.
وصور لهم حمقهم أن هذا الجدب الذي أصاب أرضهم،
آية جاء بها موسى ليسحرهم بها، وهي آية لن يؤمنوا بها مهما حدث.


قال تعالى: ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَآيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (.

فشدد الله عليهم لعلهم يرجعون إلى الله، ويطلقون بني إسرائيل ويرسلونهم معه.
فأرسل عليهم الطوفان، والجراد، والقمل -وهو السوس- والضفادع، والدم.
وتذكر بعض الروايات أنها جاءت متتالية وحدة تلو الأخرى.
إلا أن المهم هو طلب آل فرعون من موسى أن يدعو لهم ربه لينقذهم من هذا البلاء.
وبعدونه في كل مرة أن يرسلوا بني إسرائيل إذا أنجاهم ورفع عنهم هذا البلاء

(قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ).

فكان موسى -عليه السلام- يدعو الله بأن يكشف عنهم العذاب.
وما أن ينكشف البلاء حتى ينقضون عهدهم، ويعودون إلى ما كانوا فيه

(فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ).

لم يهتد المصريون، ولم يوفوا بعهودهم، بل على العكس من ذلك.

خرج فرعون لقومه، وأعلن أنه إله.
أليس له ملك مصر، وهذه الأنهار تجري من تحته،
أعلن أن موسى ساحر كذاب.
ورجل فقير لا يرتدي أسورة واحدة من الذهب.

ويعبّر القرآن الكريم عن أمر فرعون وقومه:

(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ).

استخف بعقولهم. واستخف بحريتهم.
واستخف بمستقبلهم. واستخف بآدميتهم.
فأطاعوه.

أليست هذه طاعة غريبة.
تنمحي الغرابة حين نعلم أنهم كانوا قوما فاسقين.
إن الفسق يصرف الإنسان عن الالتفات لمستقبله ومصالحه وأموره، ويورده الهلاك.
وذلك ما وقع لقوم فرعون.


وينقلنا القرآن الكريم إلى فصل آخر من قصة موسى عليه السلام.
ومشهد آخر من مشاهد المواجهة بين الحق والباطل.

حيث يحكي لنا قصة تشاور فرعون مع الملأ في قتل موسى.

(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ)

أما موسى عليه السلام فالتجأ إلى الركن الركين، والحصن الحصين،
ولاذ بحامي اللائذين، ومجير المستجيرين

(وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ).

عذت بالله، ولجأت إليه بجنابه،
من أن يسطو فرعون وغيره على بسوء‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ‏}‏

أي‏:‏ جبار عنيد، لا يرعوي ولا ينتهي ولا يخاف عذاب الله وعقابه،
لأنه لا يعتقد معاداً ولا جزاء،

ولهذا قال‏:‏ ‏{‏مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ‏}‏ ‏

كادت فكرة فرعون أن تحصل على التصديق لولا رجل من آل فرعون. رجل من رجال الدولة الكبار،

تحدث هذا الرجل المؤمن، وكان (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ)، تحدث في الاجتماع الذي طرحت فيه فكرة قتل موسى وأثبت عقم الفكرة وسطحيتها.
قال إن موسى لم يقل أكثر من أن الله ربه، وجاء بعد ذلك بالأدلة الواضحة على كونه رسولا،
وهناك احتمالان لا ثالث لهما:
أن يكون موسى كاذبا، أو يكون صادقا،
فإذا كان كاذبا (فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ)، وهو لم يقل ولم يفعل ما يستوجب قتله.
وإذا كان صادقا وقتلناه، فما هو الضمان من نجاتنا من العذاب الذي يعدنا به؟

‏{‏وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ

وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ *

يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا

قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ‏}‏


وهذا الرجل هو ابن عم فرعون، وكان يكتم إيمانه من قومه، خوفاً منهم على نفسه‏.‏

وزعم بعض الناس أنه كان إسرائيلياً، وهو بعيد ومخالف لسياق الكلام لفظاً ومعنى، والله أعلم‏.‏

قال ابن جريج‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ لم يؤمن من القبط بموسى إلا هذا، والذي جاء من أقصى المدينة، وامرأة فرعون‏.‏

تحدث المؤمن الذي يكتم إيمانه فقال لقومه:

إننا اليوم في مراكز الحكم والقوة. من ينصرنا من بأس الله إذا جاء؟
ومن ينقذنا من عقوبته إذا حلت؟ إن إسرافنا وكذبنا قد يضيعاننا.

وبدت كلماته مقنعة.
إنه رجل ليس متهما في ولائه لفرعون. وهو ليس من أتباع موسى.
والمفروض أنه يتكلم بدافع الحرص على عرش الفرعون.
ولا شيء يسقط العروش كالكذب والإسراف وقتل الأبرياء.

ومن هذا الموضع استمدت كلمات الرجل المؤمن قوتها.
بالنسبة إلى فرعون ووزرائه ورجاله.

ورغم أن فرعون وجد فكرته في قتل موسى، صريعة على المائدة. رغم تخويف الرجل المؤمن لفرعون.
رغم ذلك قال الفرعون كلمته التاريخية التي ذهبت مثلا بعده لكل الطغاة:

(قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ).

هذه كلمة الطغاة دائما حين يواجهون شعوبهم (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى).
هذا رأينا الخاص، وهو رأي يهديكم سبيل الرشاد. وكل رأي غيره خاطئ. وينبغي الوقوف ضده واستئصاله.

لم تتوقف المناقشة عند هذا الحد. قال فرعون كلمته ولكنه لم يقنع بها الرجل المؤمن.
وعاد الرجل المؤمن يتحدث وأحضر لهم أدلة من التاريخ، أدلة كافية على صدق موسى.
وحذّرهم من المساس به. وذكرهم بمن سبقتهم أمم كفرت برسلها، فأهلكها الله:
قوم نوح، قوم عاد، قوم ثمود.

ثم ذكّرهم بتاريخ مصر نفسه. ذكّرهم بيوسف عليه السلام حين جاء بالبينات، فشك فيه الناس ثم آمنوا به بعد أن كادت النجاة تفلت منهم



فرعون الذي نسي أنه كان نطفة مذرة. هذا المتكبر...

بكل ما يملكه من مال وجنود وعبيد...


تحداه إثنين من اهل بيته ماشطة إبنته و أقرب الناس إليه وهي زوجته ..

الماشطة التي قالت له متحدية: ربي وربك الله نتيجة لذلك التحدي قذفها في النار هي وأولادها.

فقد كانت ما شطة إبنته امرأة صالحة تعيش هي وزوجها.. في ظل ملك فرعون..

زوجها مقرب من فرعون.. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون..

فمن الله عليهما بالإيمان.. فلم يلبث زوجها بإيمانه إلا أن علم فرعون بإيمانه فقتله..

فلم تزل الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون.. وتنفق على أولادها الخمسة..

تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها..

فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً.. إذ وقع المشط من يدها..

فقالت: بسم الله..
فقالت ابنة فرعون: الله.. أبي؟

فصاحت الماشطة بابنة فرعون:

كلا.. بل الله.. ربي.. وربُّك.. وربُّ أبيك..

فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها.. ثم أخبرت أباها بذلك..

فعجب أن يوجد في قصره من يعبد غيره.. فدعا بها..

وقال لها: من ربك ؟

قالت : ربي وربك الله..

فأمرها بالرجوع عن دينها.. وحبسها.. وضربها.. فلم ترجع عن دينها..

فأمر فرعون بقدر من نحاس فملئت بالزيت.. ثم أحمي.. حتى غلا.. وأوقفها أمام القدر..

فلما رأت العذاب.. أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى..

فعلم فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة.. الأيتام الذين تكدح لهم.. وتطعمهم..

فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة..

تدور أعينهم.. ولا يدرون إلى أين يساقون..

فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون.. فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي..

وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها..

فلما رأى فرعون هذا المنظر..

أمر بأكبرهم.. فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي..

والغلام يصيح بأمه ويستغيث.. ويسترحم الجنود.. ويتوسل إلى فرعون..

ويحاول الفكاك والهرب.. وينادي إخوته الصغار..

ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين.. وهم يصفعونه ويدفعونه..

وأمه تنظر إليه.. وتودّعه..

فما هي إلا لحظات.. حتى ألقي الصغير في الزيت..

والأم تبكي وتنظر.. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة..

حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل.. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت..

نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله.. فأبت عليه ذلك..

فغضب فرعون.. وأمر بولدها الثاني.. فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث..

فما هي إلا لحظات حتى ألقي في الزيت.. وهي تنظر إليه..

حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه.. والأم ثابتة على دينها..موقنة بلقاء ربها..

ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت..

وفعل به ما فعل بأخويه.. والأم ثابتة على دينها..

فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت..

فأقبل الجنود إليه.. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه..

فلما جذبه الجنود.. بكى وانطرح على قدمي أمه.. ودموعه تجري على رجليها..

وهي تحاول أن تحمله مع أخيه.. تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها..

فحالوا بينه وبينها.. وحملوه من يديه الصغيرتين.. وهو يبكي ويستغيث..

ويتوسل بكلمات غير مفهومة.. وهم لا يرحمونه..

وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي..

وغاب الجسد.. وانقطع الصوت.. وشمت الأم رائحة اللحم..

وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها..

تنظر الأم إلى عظامه.. وقد رحل عنها إلى دار أخرى.. وهي تبكي.. وتتقطع لفراقه..

طالما ضمته إلى صدرها... طالما سهرت لسهره.. وبكت لبكائه.. كم ليلة بات في حجرها..

ولعب بشعرها.. كم قربت منه ألعابه.. وألبسته ثيابه..

فجاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك.. فالتفتوا إليها.. وتدافعوا عليها.. الطفل الرضيع..

وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها...

. فلما انتزع منها.. صرخ الصغير.. وبكت المسكينة..

فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها..

أنطق الصبي في مهده وقال لها:

يا أماه اصبري فإنك على الحق.. ثم انقطع صوته عنها..

وغيِّب في القدر مع إخوته.. ألقي في الزيت... وفي يده شعرة من شعرها..

وعلى أثوابه بقية من دمعها.. وذهب الأولاد الخمسة..

وهاهي عظامهم يلوح بها القدر.. ولحمهم يفور به الزيت.. تنظر المسكينة..

إلى هذه العظام الصغيرة..

عظام من؟ إنهم أولادها..

الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسرورا.. إنهم فلذات كبدها.. وعصارة قلبها..

الذين لما فارقوها.. كأن قلبها أخرج من صدرها.. طالما ركضوا إليها.. وارتموا بين يديها..

وضمتهم إلى صدرها.. وألبستهم ثيابهم بيدها.. ومسحت دموعهم بأصابعها..

ثم هاهم إنتزعون من بين يديها.. وقتلون أمام ناظريها..

وتركوها وحيدة..



آآه من قوة إيمانها وآآه من قوة صبرها ,,
كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاب..


بكلمة كفر تسمعها لفرعون..

لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى..

ثم.. لما لم يبق إلا هي.. أقبلوا إليها كالكلاب الضارية..

ودفعوها إلى القدر..

فلما حملوها ليقذفوها في الزيت.. نظرت إلى عظام أولادها..

فتذكرت اجتماعها معهم في الحياة..

فالتفتت إلى فرعون
وقالت: لي إليك حاجة..

فصاح بها وقال: ما حاجتك ؟

فقالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد..

ثم أغمضت عينيها.. وألقيت في القدر.. واحترق جسدها.. وطفت عظامها..


فلله درها.. ما أعظم ثباتها.. وأكثر ثوابها..
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها..


فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي:

«لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، قلت: ما هذه الرائحة ؟ فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها»..

الله أكبر تعبت قليلاً.. لكنها استراحت كثيراً..
مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها.. وجاورت ربها


فلم ترض زوجة فرعون " آسية "... لما فعل بالماشطة وأبناءها ..

لأنها أختها في الله والأخوة في الله... تنعدم فيها الطبقية بين الحرة والعبدة وبين الرئيس والمرؤوس.

تحدته زوجته " آسية بنت مزاحم " وهي إحدى أربع نساء هن سيدات نساء العالمين
آسية التي آمنت برب العالمين...

جاءت إلى زوجها المتكبر عندما قتل الماشطة التي كانت تمشط ابنتها…

فأرادت أن تنتصر لأختها في الله فقالت لزوجها فرعون عندما أخبرها عن أمر الماشطة.

قالت له: " الويل لك ما أجرأك على الله "

فقال لها: " لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة؟

" فقالت: ما بي من جنون ولكني آمنت بالله تعالى ورب العالمين.

وبعد ذلك... دعا فرعون أمها...

قال لها: " إن ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة.

فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى، فخلت بها أمها...

وأرادتها أن توافق فرعون،

ولكنها أبت وقالت: أما أن أكفر بالله فلا والله.

وهذا هو التحدي... تحدي الواقع بكل ما يملك من قوة وجبروت

وعندما رأى فرعون تمسكها بدينها وإيمانها خرج على الملأ من قومه

فقال لهم: "ما تعلمون من آسية بنت مزاحم "؟....

.. فأثنى عليها القوم.....

فقال: إنها تعبد رباً غيري

فقالوا: " أقتلها "

(( أخوتي بالله... أسمعتم قول بطانة السوء... !!

لقد قالوا: اقتلها،

وقبل ثوان كانوا قد أثنوا عليها بخير...

سبحان الله من هذه البطانة الممتدة عبر التاريخ!! ))

ومن ثم نادى فرعون زبانيته...

وأوتدوا لها أوتاداً وشدوا يديها ورجليها ووضعوها في الحر اللاهب...

تحت أشعة الشمس المحرقة ووضعوا على ظهرها صخرة كبيرة

لقد كانت متنعمة بالفرش الوثير وشتى أنواع الطعام...

والمقام الكريم.

والآن تضرب بالأوتاد تحت أشعة الشمس وعلى ظهرها صخرة كبيرة.

وليت فرعون وقف عند ذلك...

إنما قال لزبانيته:

" انظروا أعظم صخرة فألقوها.

فإن رجعت عن قولها فهي امرأتي، وأخذ يتلذذ بتعذيبها...

وهذا شأن الطغاة في كل زمان.

وفي أثناء ذلك... نظرت إلى ما عند الله

فقالت تدعو الله تعالى :

{ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }

فكشف الله عن بصيرتها فأطلعها على مكانها في الجنة

ففرحت وضحكت وكان فرعون حاضراًً هذا المشهد.

فقال: ألا تعجبون من جنونها؟

إنا نعذبها وهي تضحك فقبض الله روحها إلى الجنة رضي الله عنها...

وألقيت الصخرة عليها.. فلم تجد ألماً لأنها ألقيت على جسد لا روح فيه..

(( إنها وقفه إيمانية... نجد مدى إشراقة نور الإيمان في قلب هذه المؤمنة.

امرأة وحيدة... ضعيفة جسدياً... آمنة مطمئنة في قصرها تتحدى واقعاً جاهلياً يرأسه زوجها))

لقد كانت نظرتها نظرة متعدية... تعدت القصر... تعدت الفرش الوثيرة... تعدت الحياة
الرغيدة... تعدت الجواري... العبيد... الخدم لذلك كانت تستحق أن يذكرها رب العالمين في
كتابه المكنون.

ويضعها مثالاً للذين آمنوا وذلك عندما قال تعالى:

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }




لما تمادى قبط مصر على كفرهم ، وعتوهم ، وعنادهم ، متابعة لملكهم فرعون ،
ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه ، موسى بن عمران ، عليه السلام ،
وأقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة
وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحير العقول ،

وهم مع ذلك لا يرعوون ، ولا ينتهون ، ولا ينزعون ، ولا يرجعون ، ولم يؤمن منهم إلا القليل ,

وقيل : آمن به طائفة من القبط من قوم فرعون ، والسحرة كلهم ، وجميع شعب بني إسرائيل .

ويدل على هذا قوله تعالى:

(( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين ))

في قوله : (( إلا ذرية من قومه (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

عائد على فرعون لأن السياق يدل عليه .

وقيل : على موسى; لقربه . والأول أظهر ، كما هو مقرر في " التفسير " .

وإيمانهم كان خفية; لمخافتهم من فرعون وسطوته ، وجبروته وسلطته ،


ومن ملئهم أن ينموا عليهم إليه ، فيفتنهم عن دينهم ،

قال الله تعالى مخبرا عن فرعون ، وكفى بالله شهيدا :

((وإن فرعون لعال في الأرض (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

أي; جبار ، عنيد ، مستعل بغير الحق ، وإنه لمن المسرفين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)أي; في جميع أموره وشئونه وأحواله ،
ولكنه جرثومة قد حان انجعافها ، وثمرة خبيثة قد آن قطافها ،
ومهجة ملعونة قد حتم إتلافها .


وعند ذلك قال موسى :


(( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

هذه دعوة عظيمة ، دعا بها كليم اللهموسى ، على عدو الله فرعون ,غضبا لله عليه ،
لتكبره عن اتباع الحق وصده عن سبيل الله ، ومعاندته ، وعتوه ، وتمرده ،
واستمراره على الباطل ، ومكابرته الحق الواضح الجلي الحسي والمعنوي ،
والبرهان القطعي ،

فقال : ربنا إنك آتيت فرعون وملأه (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

يعني : قومه من القبط ، ومن كان على ملته ، ودان بدينه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)
أي; وهذا يغتر به من يعظم أمر الدنيا ،
فيحسب الجاهل أنهم على شيءلكون هذه الأموال ، وهذه الزينة من اللباس ، والمراكب الحسنة الهنية ،
والدور الأنيقة ، والقصور المبنية ، والمآكل الشهية ، والمناظر البهية ، والملك العزيز ، والتمكين ، والجاه العريض ،
في الدنيا لا الدين ،
ربنا اطمس على أموالهم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu). أي; أهلكها .


:أي اجعلها حجارة منقوشة كهيئة ما كانت .

وقوله : واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

أي; اطبع عليها .

وهذه دعوة غضب لله تعالى ولدينه ، ولبراهينه ،



فاستجاب الله تعالى لها ، وحققها وتقبلها; كما استجاب لنوح في قومه ،

حيث قال:

(( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

ولهذا قال تعالى ، مخاطبا لموسى حين دعا على فرعون وملئه ،

وأمّن أخوه هارون على دعائه ،

فذكر ذلك منزلة الداعي أيضا:

قال تعالى :

(( قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))



بعد ذلك أمرهم الله تعالى أن يستأذنو بنو إسرائيل فرعون ، في الخروج إلى عيد لهم ،

فأذن لهم وهو كاره ، ولكنهم تجهزوا للخروج وتأهبوا له ،

وإنما كان في نفس الأمر مكيدة بفرعون وجنوده;

ليتخلصوا منهم ، ويخرجوا عنهم ،

فخرجوا بليل فساروا مستمرين ذاهبين من فورهم طالبين بلاد الشام ،

فلما علم بذهابهم فرعون ،
حنق عليهم كل الحنق ،
واشتد غضبه عليهم ،
وشرع في استحثاث جيشه ،
وجمع جنوده ليلحقهم ، ويمحقهم ،


قال الله تعالى :

(( وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فأرسل فرعون في المدائن حاشرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)إن هؤلاء لشرذمة قليلون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وإنهم لنا لغائظون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وإنا لجميع حاذرون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فأخرجناهم من جنات وعيون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وكنوز ومقام كريم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)كذلك وأورثناها بني إسرائيل (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فأتبعوهم مشرقين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)قال كلا إن معي ربي سيهدين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وأزلفنا ثم الآخرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وأنجينا موسى ومن معه أجمعين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)ثم أغرقنا الآخرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وإن ربك لهو العزيز الرحيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))



لما ركب فرعون في جنوده ، طالبا بني إسرائيل ، يقفو أثرهم ،

كان في جيش كثيف عرمرم ، حتى قيل : كان في خيوله مائة ألف فحل أدهم .

وكانت عدة جنوده تزيد على ألف ألف ، أوستمائة ألف . والله أعلم .

وقيل : إن بني إسرائيل كانوا نحو ستمائة ألف مقاتل غير الذرية ،

وكان بين خروجهم من مصر صحبة موسى ، عليه السلام ،

ودخولهم إليها صحبة أبيهم إسرائيل ، أربعمائة سنة وست وعشرين سنة شمسية .


ولقاهم فرعون و لحقهم بالجنود ، فأدركهم عند شروق الشمس ،

وتراءى الجمعان ،
ولم يبق ثمت ريب ، ولا لبس ،
وعاين كل من الفريقين صاحبه ،

وتحققه ورآه ،

فلم يبق إلا المقاتلة ، والمجاولة ، والمحاماة ،

فعندها قال أصحاب موسى ،

وهم خائفون : إنا لمدركون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر ،

فليس لهم طريق ولا محيد إلا سلوكه وخوضه ، وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه ،

والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم ، وهي شاهقة منيفة ،

وفرعون قد غالقهم وواجههم ،

وعاينوه في جنوده وجيوشه وعدده وعدده ،

وهم منه في غاية الخوف والذعر ، لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والنكر ،

فشكوا إلى نبي الله ما هم فيه ، مما قد شاهدوه وعاينوه ،


فقال لهم الرسول الصادق المصدوق موسى عليه السلام

(( كلا إن معي ربي سيهدين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

وكان في الساقة ، فتقدم إلى المقدمة ، ونظر إلى البحر ، وهو يتلاطم بأمواجه ،

ويتزايد زبد أجاجه ،

وهو يقول : هاهنا أمرت

ومعه أخوه هارون; ويوشع بن نون ، وهو يومئذ من سادات بني إسرائيل ، وعلمائهم ، وعبادهم الكبار ،

وقد أوحى الله إليه ، وجعله نبيا بعد موسى وهارون عليهما السلام ،

كما سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى ،

ومعهم أيضا مؤمن آل فرعون ، وهم وقوف ،

وبنو إسرائيل بكمالهم عليهم عكوف .

ويقال : إن مؤمن آل فرعون جعل يقتحم بفرسه مرارا في البحر ،

هل يمكن سلوكه؟ فلا يمكن ،

ويقول لموسى ، عليه السلام : يا نبي الله أهاهنا أمرت؟

فيقول : نعم . فلما تفاقم الأمر ، وضاق الحال واشتد الأمر ،

واقترب فرعون وجنوده في جدهم ، وحدهم وحديدهم ،

وغضبهم ، وحنقهم ، وزاغت الأبصار ،

وبلغت القلوب الحناجر ،

فعند ذلك أوحى الله الحليم العظيم القدير ،

رب العرش الكريم إلى موسى الكليم:


(( أن اضرب بعصاك البحر (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))


فلما ضربه انفلق بإذن الله .

قال الله تعالى:

(( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19922&stc=1



ويقال : إنه انفلق اثني عشرة طريقا ، لكل سبط طريق يسيرون فيه ،

وهكذا كان ماء البحر قائما مثل الجبال مكفوفا بالقدرة العظيمة الصادرة

عن الذي يقول للشيء : كن . فيكون .

وأمر الله ريح الدبور فلفحت حال البحر ، فأذهبته حتى صار يابسا لا يعلق في سنابك الخيول والدواب .

قال الله تعالى:

(( ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu) ))



والمقصود أنه لما آل أمر البحر إلى هذه الحال ، بإذن الرب العظيم الشديد المحال ،

أمر موسى ، عليه السلام ، أن يجوزه ببني إسرائيل ،

فانحدروا فيه مسرعين ، مستبشرين ، مبادرين ،

وقد شاهدوا من الأمر العظيم ما يحير الناظرين ، ويهدي قلوب المؤمنين ،

فلما جاوزوه ، وجاوزه ، وخرج آخرهم منه ، وانفصلوا عنه ،

كان ذلك عند قدوم أول جيش فرعون إليه ، ووفودهم عليه ،

فأراد موسى عليه السلام ، أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه;

لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه ، ولا سبيل عليه ،

فأمره القدير ذو الجلال ، أن يترك البحر على هذه الحال ،

كما قال ، وهو الصادق في المقال .:

(( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وإني

عذت بربي وربكم أن ترجمون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)واترك البحر رهوا إنهم

جند مغرقون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)كم تركوا من جنات وعيون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وزروع ومقام كريم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)ونعمة كانوا فيها فاكهين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)كذلك وأورثناها قوما آخرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فما بكت عليهم السماء والأرض

وما كانوا منظرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)ولقد اخترناهم على علم على العالمين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وآتيناهم

من الآيات ما فيه بلاء مبين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))


فقوله تعالى:

(( واترك البحر رهوا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))

أي; ساكنا على هيئته ، لا تغيره عن هذه الصفة .

فلما تركه على هيئته وحالته ، وانتهى فرعون ، فرأى ما رأى ، وعاين ما عاين ،

هاله هذا المنظر العظيم وتحقق ما كان يتحققه قبل ذلك ،

من أن هذا من فعل رب العرش الكريم ، فأحجم ولم يتقدم ،

وندم في نفسه على خروجه في طلبهم ،

والحالة هذه ، حيث لا ينفعه الندم ، لكنه أظهر لجنوده تجلدا ،
وعاملهم معاملة العدا ،
وحملته النفس الكافرة والسجية الفاجرة ، على أن قال لمن استخفهم فأطاعوه ،

وعلى باطله تابعوه : انظروا كيف انحسر البحر لي;

لأدرك عبيدي الآبقين من يدي ، الخارجين عن طاعتي وبلدي؟

وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ، ويرجو أن ينجو

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19923&stc=1
وهيهات ،

فأصبح يقدم تارة ، ويحجم تارات .

فذكروا أن جبريل عليه السلام ، تبدى في صورة فارس ،

راكب على رمكة حائل ، فمر بين يدي فحل فرعون ،

لعنه الله ، فحمحم إليها ، وأقبل عليها ،

وأسرع جبريل بين يديه ،

فاقتحم البحر ، واستبق الجواد ، وقد أجاد فبادر مسرعا ،

هكذا وفرعون لا يملك من نفسه ولا لنفسه ضرا ولا نفعا ،

فلما رأته الجنود قد سلك البحر ،

اقتحموا وراءه مسرعين ،

فحصلوا في البحر أجمعين أكتعين أبصعين ،

حتى هم أولهم بالخروج منه ، فعند ذلك ،

أمر الله تعالى كليمه موسى عليه السلام فيما أوحاه إليه ،

أن يضرب البحر بعصاه ،

فضربه ،

فارتطم عليهم البحر كما كان ،

فلم ينج منهم إنسان .

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19924&stc=1

قال الله تعالى:

(( وأنجينا موسى ومن معه أجمعين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)ثم أغرقنا الآخرين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)وإن ربك لهو العزيز الرحيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))



فأنجا الله أولياءه فلم يغرق منهم أحد ، وأغراق أعداءه ، فلم يخلص منهم أحد ،

إنها آية عظيمة ، وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة ،

وصدق رسوله فيما جاء به عن ربه من الشريعة الكريمة ، والمناهج المستقيمة .

وقال تعالى:

(( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا

من المسلمين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )) (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)


ويخبرنا الله تعالى ، عن كيفية غرق فرعون ،

زعيم كفرة القبط ،

أنه لما جعلت الأمواج تخفضه تارة ، وترفعه أخرى ، وبنو إسرائيل ينظرون إليه ،

وإلى جنوده ،

ماذا أحل الله به وبهم من البأس العظيم والخطب الجسيم ،

ليكون أقر لأعين بني إسرائيل ،


وأشفى لنفوسهم ،

فلما عاين فرعون الهلاك وأحيطت به ، وباشر سكرات موته ،

أناب حينئذ لله وتاب ، وآمن حين لا ينفع نفسا إيمانها;



كما قال تعالى:

(( إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))


وقال تعالى: (( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في

عباده وخسر هنالك الكافرون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)))


وهكذا دعا موسى على فرعون وملئه ، أن يطمس على أموالهم ، ويشدد على قلوبهم ،

فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)أي; حين لا ينفعهم ذلك ، ويكون حسرة عليهم ،

وقد قال تعالى لهما; أي لموسى وهارون ، حين دعوا بهذا : قد أجيبت دعوتكما (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)فهذا من إجابة الله تعالى دعوة كليمه وأخيههارون ،

عليهما السلام .

وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: لما قال فرعون : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل قال :

قال لي جبريل : لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة ورواه الترمذي ،

وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

قال لي جبريل : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فم فرعون; (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)مخافة أن تدركه الرحمة (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

ورواه الترمذي و ابن جرير ،.

وقيل عن عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما أغرق الله فرعون أشار بإصبعه ورفع صوته :

آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

قال : فخاف جبريل أن تسبق رحمة الله فيه غضبه ، فجعل يأخذ الحال بجناحيه ،

فيضرب به وجهه فيرمسه . ورواه ابن جرير ،


عن أبي هريرة (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=3)، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

قال لي جبريل : يا محمد ، لو رأيتني ، وأنا أغطه ، وأدس من الحال في فيه ، مخافة أن تدركه رحمة; الله
فيغفر له
يعني: فرعون .

وفي بعض الروايات : إن جبريل قال : ما بغضت أحدا بغضي لفرعون ،

حين قال : أنا ربكم الأعلى .

ولقد جعلت أدس في فيه الطين حين قال ما قال

وقوله تعالى : آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)استفهام إنكار ،

ونص على عدم قبوله تعالى منه; ذلك لأنه ، والله أعلم ، لو رد إلى الدنيا كما كان ،

لعاد إلى ما كان عليه ، كما أخبر تعالى عن الكفار ، إذا عاينوا النار وشاهدوها ،

أنهم يقولون : يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu).

قال الله : بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

وقوله : فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

قال ابن عباس وغير واحد : شك بعض بني إسرائيل في موت فرعون ،

حتى قال بعضهم : إنه لا يموت . فأمر الله البحر ، فرفعه على مرتفع –

قيل : على وجه الماء .

وقيل : على نجوة من الأرض –

وعليه درعه التي يعرفونها من ملابسه; ليتحققوا بذلك هلاكه ،

ويعلموا قدرة الله عليه;

ولهذا قال : فاليوم ننجيك ببدنك (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

أي; مصاحبا درعك المعروفة بك لتكون أنت آية لمن خلفك (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=54&idto=54&bk_no=59&ID=67#docu)

أي; من بني إسرائيل ، دليلا على قدرة الله الذي أهلكه .

ولهذا قرأ بعض السلف : ( لتكون لمن خلقك آية ) .

ويحتمل أن يكون المراد : ننجيك مصاحبا درعك;

ليكون درعك علامة لمن وراءك من بني إسرائيل ،

على معرفتك ، وأنك هلكت ، والله أعلم .

وقد كان هلاكه وجنوده في يوم عاشوراء .



كما قال عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :

قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء ،

فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنتم أحق بموسى منهم فصوموا

وأصل هذا الحديث في " الصحيحين " وغيرهما . والله أعلم .


********
***
**
*
*
*

هذه ليست نهاية قصة سيدنا موسى عليه السلام
بل نهاية فرعون وقومه

فلنتابع معاً ما تبقى من حياة سيدنا موسى عليه السلام في السلسلة القادمة

دمتم بود

ام الهنوف
27-12-2017, 04:47 PM
حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون،


لقد مات فرعون مصر,, غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل.
ورغم موته،
فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل.
من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف
أن تمر على نفوس الناس مر الكرام.
لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله.
هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل.

كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم،

أثناء سير موسى بقومه جاءه التكليف الرباني بأن يتجه هو وقومه إلى جبل الطور
ليتلقي التوراة والتعاليم التي سيتبعونها ,,

وهنا يستعجل موسى لقاء ربه فيسبق بني إسرائيل ويأمرهم أن يلحقوا به

وما أن سبق حتى تكاسل بنو إسرائيل
وتوقفوا عن السير وقرروا أن ينتظروا مكانهم حتى يعود إليهم موسى ..

انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام،

وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده.

والمهمة الثانية هي السير بهم إلى الديار المقدسة.
لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى،
مهمة الخلافة في الأرض بدين الله.

وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك.

فأثناء سيرهم مروا على قوماً يعبدون صنماً،
فاهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم،
وطلبوا من موسى أن يجعل لهم وثنا يعبدوه.

يقول المولى عز وجل :

( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا

يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)

إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)

وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)

فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه.
من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه.
وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى لتهيأتها للموقف الهائل العظيم.
فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام.

قال الله تعالى :

«وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً

وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ

وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ

قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ

قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي

فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ

قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)



كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة.

يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود؛
وينعزل فيها عن شواغل الأرض؛
فتصفو روحه وتتقوى عزيمته.

"فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛

قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة،
فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين".

كان موسى بصومه -أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر.

وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر.

فطلب موسى أن يرى الله.

ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى عليه الصلاة والسلام حين سأل ربه الرؤية.
أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل.

فما بالك بالحب الإلهي،
وهو أصل الحب؟ إن عمق إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه،
واندفاعه الذي لم يزل يميز شخصيته. دفعه هذا كله إلى أن يسأل الله الرؤية.

وجاءه رد الحق عز وجل:

(( قَالَ لَن تَرَانِي ))

غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى.
موقف اندفاع يبرره الحب
ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى.
أفهمه أنه لن يراه، لأن لا أحدا من الخلق يصمد لنور الله.
أمره أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.

قال تعالى:
((وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا))

لا يصمد لنور الله أحد. فدكّ الجبل،
وصار مسوّى في الأرض.

وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه.

فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك.
وتبت إليك عن تجاوزي للمدى في سؤالك!

وأنا أول المؤمنين بك وبعظمتك.

ثم تتداركه رحمة ربه من جديد. فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى.
بشرى الاصطفاء.

مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص.

قال تعالى:

(قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)

إذا إن الله سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض النبيين على بعض،

ورفع درجات بعضهم على البعض.

غير أن هذا التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف نحن في موقع الإيمان بجميع الأنبياء لا نتعداه.

ولنؤد نحوهم فروض الاحترام على حد سواء.

لا ينبغي أن يخوض الخاطئون في درجات المعصومين المختارين من الله.

ليس من الأدب أن نفاضل نحن بين الأنبياء. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.

ثم يبين الله تعالى مضمون اللوح الذي كتبه الله له

(وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)

ففيها كل شيء يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة

لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد


******************************************


عندما خرج بني إسرائيل من مصر كان معهم ذهب

هذا الذهب كانوا قد استعاروه من المصريين
وخرجوا به قبل أن يردوه

فأمرهم هارون أن يلقوا هذا الذهب
لأنه ليس من حقهم

وكان فيهم رجل يدعى السامري،

كان فيه خبث ونفاق وتظاهر بالإيمان ولكن قلبه لم يكن مؤمنا بالله جل وعلا،

يقال انه لما رأى الملائكة (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9) عندما أغرق فرعون،

رأى فرس الملائكة (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9) فأخذ من أثره على الأرض واحتفظ به،

فجائهم السامري

فقال:أين الذهب (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B0%D9%87%D8%A8)، كي أخلصكم منه،

وأخذ الذهب وصنع منه عجل له خوار

أي يصدر صوتا كلما دخل الهواء من فتحات صنعها له

وما أن رأى بني إسرائيل العجل حتى انبهروا به

وقالوا هذا إلهنا

وبدأوا يعبدون العجل

فقال لهم هارون (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%86):

اتقو الله (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87)، ماذا تفعلون،

وأخذوا يطوفون حول هذا العجل،

عابدين إياه من دون الله (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87) جل وعلا،

قال هارون : إن ربكم الرحمن!

فاتبعوني وأطيعوا أمري،

فهددوه، وكادوا أن يقتلوه،

قالوا: اذهب، فإنا لن نبرح وسنظل عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89)،


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19926&stc=1


وحاول هارون منعهم ولكنهم هددوه بالقتل إن لم يتوقف عن نهيهم ,
فانتظر هارون (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%86) رجوع موسى (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89)


ثم يقول الله عز وجل :


(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ

أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ

وَكَانُوا ظَالِمِينَ

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا

قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا

قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي

أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ و

َأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ

قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ))


وقد أخبر الله سبحانه وتعالى موسى من قبل ما حل ببني إسرائيل بقوله :

(( وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى ))

(( قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ))

فقال تعالى لموسى :

))قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ))

فغضب موسى (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89) غضباً شديداً وجعل يسرع إلى قومه ،

وكان بيده الألواح، كان فيها هدى ورحمة، لقوم يؤمنون،

و لما رجع موسى ورأى المشهد وما هو عليه

اشتد غضبه وفقد السيطرة على نفسه،

فألقى الألواح وأخذ برأس أخيه ولحيته يجره إليه ،

"قال موسى وهو غضبان لأخيه هارون (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%86) :

يا هارون (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%86)! ألم أُأَمرك عليهم، ألم أقل لك أن تهديهم،

فرد عليه هارون كما ورد في الآية بأن اليهود استضعفوه وكادوا يقتلونه؛

وقال: يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي (https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A8%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%AA%D9% 8A&action=edit&redlink=1) ولا برأسي،

إنهم هددوني، وكادوا أن يقتلوني،

وإني خشيت أن تقول قد فرقت بين بني إسرائيل (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%86%D9%8A_%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6% D9%8A%D9%84) ولم ترقب قولي،
فلا تشمت بي الأعداء (https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D8%AF%D8% A7%D8%A1&action=edit&redlink=1)، ثم تركه موسى (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89)،

فذهب موسى واسقط العجل فصهره ، ثم نفره في البحر،


قال تعالى :

(( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا
قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))

فلما رأو القوم ما حل بالعجل الذي إتخذوه الهاً إستغفرا الله وقالوا لئن لم يرحمنا الله ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين .

وواجه موسى بعدها السامري،

فقال: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ

قال :

(( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ))


فاعترف، فحكم عليه موسى إن لك في الحياة أن لا تمس أحدا ولا يمسك أحد،
وإن جزاءك عند ربك،

وانظر إلى الهك الذي عبدت الناس إياه، ماذا حل به

وكانت عقوبته هي عزلته عن مجتمعه والأمر بقطيعته وهجرانه

وتلك أشدُّ وقعاً على قلبه من قتله،

ذلك لأنَّه كما يظهر من سلوكه انَّه كان يطمح في التميُّز والوجاهة بين بني أسرائيل فإذا به يجد نفسه منبوذاً مستحقَراً بينهم.

من قوله تعالى: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ (8 (http://www.hodaalquran.com/qus_view.php?id=273#_ftn8))

انَّ عزلة السامري كانت شاملة بحيث لا يقربه من أحد، فهو محرومٌ من تمام صور الإقتراب منه والمخالطة له،

فلا يُؤاكل ولا يُباع ولا يُزوَّج ولا يُكلَّم ولا يأويه من أحد في دارٍ أو ظلال.


وأما ما فعله موسى مع أخيه هارون فلم يكن عقوبة إذ لم يكن هارون مستحقاً للعقوبة ،

نعم ما فعله كان إنسياقاً مع الغضب الذي انتابه مما إجترحه بنو أسرائيل لذلك ألقى ألواح التوراة ،

فكان كلُّ ذلك مخالفاً لما هو الأولى ولم يكن معصية،

وعذره فيما فعل انَّ الأمر الذي شاهده كان عظيماً شديداً على قلبه ،

فنفَّس عن ذلك بتلويم أحبِّ الناس إليه وأقربهم إلى قلبه كما يفعل المحبّون

إذا انتابهم خطب جليل لذلك حين هدأ الغضبُ عن موسى ناجى ربه بقوله


(( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))

أما بني إسرائيل فكانت عقوبتهم الموت

حكم الله (https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87) عليهم أن يتوبوا إليه ويقتل بعضهم بعضا،

فأصدر موسى القرار على بني إسرائيل بأن يقتلوا أنفسهم أي أن من لم يعبدوا العجل يقتلوا من عبدوه


قال تعالى :

(( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu) ))

(( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ))


هذه صفة توبته تعالى على بني إسرائيل من عبادة العجل ،

قال الحسن البصري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14102)، رحمه الله ، في قوله تعالى : (

وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu))

فقال ذلك حين وقع في قلوبهم من شأن عبادتهم العجل ما وقع

حين قال الله تعالى :
((ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu)))



قال : فذلك حين يقول موسى : ( يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu))

وقال : فتوبوا إلى بارئكم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu) أي إلى خالقكم .

تنبيه على عظم جرمهم ، أي : فتوبوا إلى الذي خلقكم وقد عبدتم معه غيره .


وقيل : إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من ولد ووالد فيقتله بالسيف ،

ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن .

فتاب أولئك الذين كانوا خفي على موسى وهارون ما اطلع الله من ذنوبهم ،

فاعترفوا بها ، وفعلوا ما أمروا به فغفر الله تعالى للقاتل والمقتول .


: فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu)


قال : أمر موسى قومه - من أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم

قال : واحتبى الذين عبدوا العجل فجلسوا ، وقام الذين لم يعكفوا على العجل ،

فأخذوا الخناجر بأيديهم ، وأصابتهم ظلة شديدة ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ،

فانجلت الظلة عنهم ، وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل ،

كل من قتل منهم كانت له توبة ، وكل من بقي كانت له توبة .





فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم ، فكان من قتل منهم من الفريقين شهيدا ، ومن بقي مكفرا عنه ؛
فذلك قوله : ( فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=90&idto=90&bk_no=49&ID=94#docu))

وقيل لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها ، برزوا ومعهم موسى ،
فاضطربوا بالسيوف ، وتطاعنوا بالخناجر ، وموسى رافع يديه ،
حتى إذا أفنوا بعضهم ،
قالوا : يا نبي الله ، ادع الله لنا .
وأخذوا بعضديه يسندون يديه ، فلم يزل أمرهم على ذلك ،
حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم ،
بعضهم عن بعض ، فألقوا السلاح ،
وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم ،
فأوحى الله ، جل ثناؤه ، إلى موسى :
ما يحزنك ؟ أما من قتل منكم فحي عندي يرزقون ، وأما من بقي فقد قبلت توبته .
فسر بذلك موسى ، وبنو إسرائيل .


فأخذ يبحث عن الألواح التي رماها، فردها اليه، ففيها هدى للناس.

يقول الله تعالى :

(وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)

وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ

قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ

أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ

فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ

وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ

فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)


لما ذهب الغضب عن موسى أخذ الألواح وقوله تعالى:" في نسختها "

اختلف المفسرون فيه وكثير منهم يقول المراد أن الألواح تكسرت فأعطاه الله تعالى نسخة أخرى بدلا عن التي تكسرت ،

وهذا المعنى هو الذي مجده في الكتاب الكقدس عند النصارى، ومنهم من يقول لم تتكسر والمراد الألواح ذاتها.





ثم يبدأ موسى عليه السلام رحلة جديدة


اختار موسى من بين بني إسرائيل سبعين رجلاً هؤلاء هم صفوة بني إسرائيل

فأخذهم موسى وذهب بهم للقاء ربه ليستغفروه وعندما وصلوا وصعدوا على الجبل

ارتج الجبل من غضب الله فبدأوا يستغفرون الله وبدأوا يستغفروا لقومهم وهم يقولون

إنا هدنا أي تبنا وعدنا ولذلك سمو بيهودا

كما ذكر بن مسعود رحمه الله أنهم سموا باليهود لأنهم استغفروا ربهم بقولهم '' إنا هودنا ''

فاستقر الجبل وبدأ موسى يكلم ربه وإذا بهؤلاء السبعين " الصفوة ''

تخيلوا هذا حال أفضل من فيهم يقولون لموسى بعد أن رأوا كل هذه المعجزات
لن نؤمن لك إيمان كامل حتى نرى الله جهرة .

فغضب الله عليهم وأنزل عليهم الصاعقة فماتوا جميعاً

ولكن موسى بدأ يتذلل لربه ليحييهم مرة أخرى

فهؤلاء هم أفضل من في بني إسرائيل فأحياهم الله من جديد

وعاد موسى ومن معه إلى بني إسرائيل واستكمل بهم المسير وأثناء سيرهم

نفذ طعامهم وشرابهم

فأرسل الله عليهم غمامة من السماء تظلهم وأنزل عليهم المن

وهو سائل كالعسل جميل الطعم والرائحة وأنزل عليهم أيضاً السلوى

وهي نوع من أنواع الطيور كالسمان لذيذة الطعم

ثم ضرب لهم موسى الأرض ففجر لهم إثنتي عشرة عينا علي عدد قبائل بني إسرائيل

لتشرب كل قبيلة من عين وعلى الرغم من أن الله أنزل عليهم أشهى الطعام

إلا أنه لم يعجبهم وذهبوا لموسى

ليدعو لهم الله أن ينبت لهم الفول والبصل والثوم والعدس فكان رد موسى عليهم :

'' اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير '' .

قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

فلم يشكروا نعم الله بل لم يعترفوا بها؛ إذ كلما جاءتهم نعمة لم يقنعوا بها واحتقروها أو طمعوا في غيرها،

قال تعالى :

( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا

قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ

وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)

ثم جاء التكليف الجديد لموسى...

( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ )

يعني: أرض بيت المقدس التي كانت مقدسة بمساكنة من مضى من الأنبياء. ثم تلوثت بمساكنة الأعداء من جبابرة الكنعانيين.

فأراد تطهيرها بإخراجهم وإسكان قومه التي كتب الله لكم

أي: التي وعدكموها على لسان أبيكم إبراهيم، بأن تكون ميراثا لولده بعد أن جعلها مهاجره

ولا ترتدوا على أدباركم أي: لا تنكصوا على أعقابكم مدبرين من خوف الجبابرة

جبنا وهلعا فتنقلبوا خاسرين أي: فترجعوا مغبونين بالعقوبة.

أرسل الله إلى موسى أن يأخذ بني إسرائيل ويدخل بهم الأرض المقدسة ليحاربوا هؤلاء الجبارين
الذين يعيشون فيها ويبدأ موسى في تنفيذ تكليف ربه
وأمر بني إسرائيل أن يتجهوا نحو بيت المقدس ليدخلوه ويحاربوا من فيه
وهنا يأتي الرد الجاحد

'' قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ''

لما طلب موسى عليه الصلاة والسلام من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم،
وحذرهم من عاقبة الفرار من الزحف بالخسران،
فما كان منهم إلى أن رجعوا على أعقابهم،
وامتنعوا عن نصرة الحق،

فعاقبهم الله بالتيه في الصحراء أربعين سنة، مقابل فسقهم، وسخريتهم،


قال الله تعالى:

"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ
وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ،

قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ،

قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ،

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ،

قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ،

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " .

قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ الله تعالى، مشجعين لقومهم، منهضين لهم على قتال عدوهم واحتلال بلادهم.

أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بالتوفيق، وكلمة الحق

في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم، وأنعم عليهم بالصبر واليقين.

ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ}

أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم،

وتدخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون،

ثم أمَرَاهم بعدة هي أقوى العدد، وهي التوكل على الله

فقالا: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ}

فإن في التوكل على الله -وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر، ونصرا على الأعداء.

ودل هذا على وجوب التوكل، وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، فلم ينجع فيهم هذا الكلام، ولا نفع فيهم الملام،



( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )[13]،

أي: إن من عقوبتهم أن يتيهون في واد سيناء
وأن حرم الله عليهم دخول هذه الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، مدة أربعين سنة، وبتلك المدة يتيهون في الأرض،
لا يهتدون إلى طريق ولا يبقون مطمئنين، فكانوا كلما سلكوا طريق عادوا إلى المكان
الذي كانوا فيه ظلوا على ذلك أربعين سنة وهذه عقوبة دنيوية.

بقي موسى عليه السلام في فترة التيه يدعو ويأمر قومه بالمعروف وينهاهم عن المنكر،
وحصلت عدة معجزات منها قصة البقرة،


ما الذي حدث أثناء التيه وما قصة الرجل الصالح ؟!



هذا ما سنعرفه في القصة التالية

تابعو معنا

****
***
**
*
*

تباشيرالأمل
28-12-2017, 08:59 AM
السلام عليكم
جهد مبارك وطرح قيم
نسأل الله ان يكتب اجرك وينفعنا واياكم بما طرح
جزاك الله خيرا

ام الهنوف
28-12-2017, 10:01 AM
السلام عليكم
جهد مبارك وطرح قيم
نسأل الله ان يكتب اجرك وينفعنا واياكم بما طرح
جزاك الله خيرا

تعليقك تشريف لي إستاذة تباشير
والشكر لك أستاذة على دعمك تشجيعك لي

تسلمين على دعواتك الطيبة
كما ارجوا لجميع زوار هذه الصفحة ان يذكروني بدعوة صادقة

دمتم بود ,,

أختكم في الواحد الاحد

أم الـــهـنــــــــــــــــوف

ام الهنوف
31-12-2017, 11:59 AM
قصة الخضر مع سيدنا موسى عليه السلام



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19930&stc=1




بدأت حكاية موسى عليه السلام مع الخضر،


حينما كان عليه الصلاة والسلام يخطب يوماً في بني إسرائيل،


فقام أحدهم سائلاً:

هل على وجه الأرض أعلم منك؟

فقال موسى:
لا،

إتكاءً على ظنه أنه لا أحد أعلم منه،

فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله،

وقال له: إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين،

وذكر له أن علامة مكانه هي فقد الحوت،

فأخذ حوتاً معه في مِكْتَل وسار هو وفتاه يوشع بن نون،

وحكت لنا سورة الكهف كيف التقى مع العبد الصالح الخضر،
إذ بدأت الحكاية في القرآن الكريم

بعزم موسى عليه السلام على الرحلة إلى مَجْمع البحرين في طلب العلم ،

وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر..

غـفى موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا..

وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ

فــدبـت فــيه الحياة وقــفــز إلى البحر..

(فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا)..

وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل

الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.

نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر..

ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت..

وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما..

ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب..

(قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)..

ولمع في ذهن الفتى ما وقع.

فتذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك..

وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع،

رغم غرابة ما وقع،

فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)..

كان أمرا عجيبا ما رآه يوشع بن نون ،

لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.

سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر

و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده..

إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم..

ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين..

انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.

أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت..

وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر..


وهناك وجد هذا الرجل .

وهو الخضر , الصمت المبهم ذاته،

إنه لا يتحدث،

وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة..

فهناك تصرفات كان يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى

حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث..

وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى..

وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته..

وبرغم علم موسى ومرتبته،

فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.


يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه..

وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.

فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه

وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟

قال موسى: أنا موسى.

قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.

قال موسى: وما أدراك بي..؟

قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟


قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير:


(هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).


قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟


فقال يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).


نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب..

ورد الخضر الحاسم،

الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه،

كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر..

يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله..


ولن تطيق عليه صبرا،

لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا،

وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة..

وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.

احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه

أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه..

وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.

تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.

قال الخضر لموسى -عليهما السلام-

إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه

وهو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه..

فوافق موسى على الشرط وانطلقا..

انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر..

مرت سفينة،

فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما،

وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر،

إكراما للخضر،

وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها..

فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها،

لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة..

اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.

فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر..

أكرمونا..

وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها..

كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا..


وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه،

كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه

وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه:


(قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).

وهنا يلفت الخضر نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه،

لأنه لن يستطيع الصبر عليه

(قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)،

ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه

(قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).

سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان..

حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس..

فوجئ موسى بأن الخضر يقتل غلاما..

ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا..

يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه

(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)..

ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة

وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه

(قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).

ومضى موسى مع الخضر..

فدخلا قرية بخيلة..

لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية،

ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام،

فاستطعما أهل القرية ف

أبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء،

وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض..

جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط..

وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض

ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد..

ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه،

إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني

(قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)..

انتهى الأمر بهذه العبارة..

قال عبد الله لموسى:

(هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).

لقد حذر الخضر موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..

إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته

لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره..

إنما كان ينفذ أمر ربه ..

وكانت لهذه الاوامرالعليا حكمتها الخافية،

وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة،

بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية..


وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة،

وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر،

وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه،

ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم هذا العبد ،

ولا يعلم الخضر من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر،

من ماء البحر..

كشف الخضر لموسى شيئين في الوقت نفسه..

كشف له أن علمه - أي علم موسى - محدود..

كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض

تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.


أما أصحاب السفينة فيعتبر موسى خرق سفينتهم مصيبة جاءت بهم ،

بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة..

فكشف الخضر النقاب عن وجهها وقال

أما السفينة كان وراءهم ملك يصادر كل السفن الموجودة غصبا،

فأراد أن يتلفها ويعيبها..

وبذلك فلا يؤخذ منهم سفينتهم ولا يموتون جوعا. ويبقى مصدر رزقهم عندهم كما هو.


أما الطفل الذي قتل قد يكون كارثة قد داهمت والديه لموت الصغير البريء..

غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى،

فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما

ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.

وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة،

وترتدي الرحمة قناع الكارثة،

ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها

حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه،

ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف

ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.

أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته،

من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية،

كان يخبئ تحت هذا الجدار كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة.

ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه..

ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما،

فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

ثم ينفض الرجل يده من الأمر.

فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف.

وهو أمر الله لا أمره.

فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها،

ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.

واختفى هذا العبد الصالح..

لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول..

إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:

تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.

وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر،

فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ،

والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.

هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل من هذا العبد المدثر بالخفاء.

ام الهنوف
31-12-2017, 12:10 PM
سيدنا موسى عليه السلام

مع قصة البقرة التي ذكرت في القرآن



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19931&stc=1


******
****
*



والقصة هي أنه كان هناك رجل من بني إسرائيل غنياً كثيراً،

ولم يكن له ولد يرثه ،

وكان له رجل قريب وارثه غير أن بعضهم ذكر أنه كان أخوه،

وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه،

وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورثة،

استبطؤوا حياته.،

فقتلوه ليرثوه، ثم ألقوه على مفترق الطريق،

وأتو موسى عليه السلام فقالو له:

إن قريبنا قُتل، وإنا لا نجد أحداً يبين لنا من قتله غيرك يا نبي الله.

فنادى موسى في الناس: أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا بينه لنا.

فلم يكن عندهم علمه.

فأقبل القاتل على موسى، فقال: أنت نبي الله،

فاسأل لنا ربك أن يبين لنا.

فأوحى الله إليه:

{إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}

. فعجبوا، وقالوا: {

أتتخذنا هزوا

قال :
أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين *

قالوا:
ادع لنا ربك يبين لنا ما هي

قال:

إنه يقول إنها بقرة لا فارض
، يعني: لا هرمة، ولا بكر، يعني: ولا صغيرة،

عوان بين ذلك
أي: نصف، بين البكر والهرمة.


قالوا :
ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها

قال :
إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها
أي: صاف لونها،

تسر الناظرين
أي: تعجب الناظرين.

قالوا:
ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون *

قال:
إنه يقول إنها بقرة لا ذلول
أي: لم يذللها العمل،

تثير الأرض
يعني ليست بذلول فتثير الأرض

ولا تسقي الحرث

أي: ولا تعمل في الحرث

مسلمة , يعني مسلَّمة من العيوب،

لا شية فيها ,

أي: لا بياض فيها.

قالوا الآن جئت بالحق
فذبحوها وما كادوا يفعلون

قال: ولو أن القوم حين أمروا أن يذبحوا بقرة، استعرضوا بقرة من أي البقر فذبحوها،
لكانت إياها،
ولكنهم شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم.

ولولا أن القوم استثنوا، فقالوا: وإنا إن شاء الله لمهتدون

لما هدوا إليها أبداً.

ثم إنهم لم يجدوا البقرة التي نُعتت لهم،
إلا عند عجوز عندها يتامى،

وهي البقرة القيِّمة عليهم .

فلما علمت أنهم لا يصلح لهم غيرها، ضاعفت عليهم الثمن.

فأتوا موسى عليه السلام فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة،

وأنها سألتهم أضعاف ثمنها.

فقال لهم موسى عليه السلام: إن الله قد كان خفف عليكم، فشددتم على أنفسكم،
فأعطوها رضاها وحكمها.

ففعلوا، واشتروها فذبحوها.

فأمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظماً منها،

فيضربوا به القتيل.

ففعلوا،

فرجعت إليه روحه، فسمى لهم قاتله، ثم عاد ميتاً كما كان.

فأخذوا قاتله -وهو الذي كان أتى موسى فشكى إليه- فقتله الله على سوء عمله.



قال الله تعالى:

(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا

قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا

قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ

فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))




ثم حدثت بعد ذلك قصة رجل من بني إسرائل عصى الله أربعين سنة ولم يتب لله مرة..

جاءت سنة من السنين قحط شديد وبني إسرائيل لا ينزل عليهم مطر،

وبدأت الدواب تصاب والزرع يجف وبدأت الأنهار يتبخر ماؤها..

فبدأوا يقولون: يا موسى ادع الله أن يُنزل المطر..

سيدنا موسى جمع بني إسرائيل لصلاة الاستسقاء..

ضلوا يدعون الله..

والمطر لا ينزل

فقال موسى: يا رب عودتني الإجابة فلم لم ينزل المطر؟

فأوحى الله إليه : يا موسى لن ينزل المطر فبينكم من يعاصني منذ أربعين سنة

وبمعصيته منعتم المطر من السماء..

فوقف موسى يقول:

يا بني إسرائيل أقسمت عليكم، بيننا عبد يعصي الله منذ أربعين سنة وبشؤم معصيته مُنعنا المطر،

ولن ينزل المطر حتى يخرج من بيننا،

فاليخرج من بينكم العاصي

كان يعرف نفسه فنظر حوله لعل أحداً غيره يخرج فلم يخرج أحد،


فبدأ هذا العبد يناجي ربه قال:

يا رب عصيتك أربعين سنة وسترتني وأنا اليوم إن خرجت فُضحت

وإني أعاهدك أن لا أعود إلى هذه المعصية فتُب عليّ واسترني..

فجلس مكانه وندم من اعماق قلبه على قبائحه ومعاصيه،

وتاب إلى ربّه .

فظهرت الغيوم على الفور وتراكمت ونزل عليهم الغيث ،

وسقوا بأجمعهم ..

ففوجئ سيدنا موسى بالمطر ينزل من السماء

فقال موسى:

: يا رب !.. لم يخرج من بيننا احد ، فكيف سقيتنا؟..

فقال الله عز وجل :

" سقيتكم بالذي منعتكم به " ..

فقال موسى : يا رب !..

هل تريني هذا العاصي ؟..

فقال له ربّه :

لم أفضحه عندما كان عاصياً ، هل افضحه الآن بعد ما تاب ؟..



وفاة موسى وهارن عليهم السلام

ثم مات هارون في التيه وبعده بثلاث سنوات جاء ملك الموت ليقبض روح موسى عليه السلام ولم يدخل بيت المقدس،

ولشدة تعلقه بتلك الأرض عندما أيقن أن الموت نازل به دعا الله أن يدفن بأطرافها.

أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

( أُرسِلَ ملكُ الموتِ إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءهُ صَكَّهُ، فرجعَ إلى ربهِ،

فقال: أرسَلْتني إلى عبدٍ لا يُريدُ الموتَ، فردَّ اللهُ عليه عيْنَهُ، وقال:

ارجع، فقُلْ له يضعُ يدَهُ علَى متْنِ ثورٍ،فلهُ بكلِّ ما غطَّت بهِ يدُهُ بكلِّ شعرةٍ سنةٌ.

قال: أيْ ربِّ، ثم ماذا؟ قال: ثم الموتُ. قال: فالآن،

فسأل الله أن يُدْنِيَهُ مِن الأرضِ المُقَدَّسةِ رميةً بحجرٍ. قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :

فلو كنتُ ثَمَّ لأريتُكُم قبرَهُ، إلى جانبِ الطَّريقِ، عندَ الكَثيبِ الأحمَرِ).





بذلك تنتهي قصة كليم الله موسى عليه السلام،


بدفنه في بيت المقدس الأرض التي طالما تمنى دخولها وإقامة مجامع موحد يحقق العبودية،

إلا أن حكمة ربانية بالغة حالت دون ذلك.


**********
*****
**
*

ام الهنوف
01-01-2018, 10:31 AM
هارون عليه السلام




قال الله تبارك وتعالى:

(( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا))

وقال تعالى:

(( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا))




هارون عليه السلام أخو موسى عليه السلام

وقد بعثه الله تبارك وتعالى معينًا لنبيه موسى عليه السلام

حين أراد أن يبعثه إلى فرعون لدعوته إلى الإيمان،


وقد دعا موسى عليه السلام ربه بأن يكون أخوه هارون رفيقا له في مهمته

حين أمره تعالى أن يذهب إلى فرعون لدعوته إلى الإيمان

وقد استجاب الله دعوته،


قال تعالى:


((قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي *

وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي *

هَارُونَ أَخِي *

اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي *

وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي *

كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *

وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا *

إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا *

قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى))


‏هارون هو رفيق موسى في دعوة لفرعون إلى الإيمان بالله

لأنه كان فصيحا ومتحدثا،

وخليفة موسى على قومه عندما ذهب موسى للقاء الله فوق جبل الطور،

ولكن فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل

إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ،

فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله

بدلا من العجل ولكنهم استكبروا

فلما رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا

رسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه..

لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف.

قال تعالى :

(( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا

فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ *

فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ))


لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام.

إلا أن المعلوم هو أن الله أيد موسى بأخيه هارون

وكان وزيراً له في دعوته

فلقد كان هارون عليه السلام أفصح لسانا.

ولقد ذكره الله في القرآن كما ورد في القصة مذكورة بتفاصيلها

من قصة أخيه موسى عليه السلام



**********
*********
*****
*

ام الهنوف
02-01-2018, 11:25 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19944&stc=1




يوشع بن نون



فهو يوشع بن نون بن أفراهيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وأهل الكتاب يقولون أن يوشع هو ابن عم النبي هود

وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائي من صحراء سيناء،

وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم.

كما ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر

فبعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام تولى خلافة بني اسرائيل


صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل،

وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها.

خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه،

بعد أربعين سنة، وقصد بهم الأرض المقدسة.

,كانت هذه الأربعين سنة -كما يقول العلماء- كفيلة

بأن يموت فيها جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر،

ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسى وهارون ويوشع بن نون،

جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19946&stc=1


قاد بني إسرائيل ، وقصد بهم بيت المقدس،

قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا،

وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا.

فحاصرها ستة أشهر.


وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأنه في المعركة الأخيرة التي بدأت في يوم الجمعة،

أوشك اليهود على تحقيق الانتصار،

لكن الشمس قاربت على المغيب -

وكان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت- فخشى يوشع بن نون أن يذهب النصر.

فنظر يوشع إلى الشمس

وقال: "إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علي".


فتوقفت الشمس مكانها، وظلت واقفة إلى أن فتح بيت المقدس ودخله.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19945&stc=1


يرى البعض أن هذه الرواية لا يمكن تصديقها.

فالشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يتوقفان لموت أحد ولا لحياته، ورغم عظمة الخوارق

والمعجزات التي وقعت لبني إسرائيل،

فقد كانت كلها معجزات لا تتعارض مع ناموس الكون ونظامه..

لم تكن هناك معجزة تتعلق بالشمس والقمر..

لم تجاوز المعجزات أديم الأرض أو البحر أو الجبل.



لما دخل يوشع بهم باب المدينة أمرهم أن يدخلوها سجداً

أي ركعاً متواضعين شاكرين لله عز وجل على ما مَّن به عليهم من الفتح العظيم،

الذي كان الله وعدهم إياه،

وأن يقولوا حال دخولهم {حِطَّةٌ}

أي حط عنا خطايانا التي سلفت؛

من نكولنا الذي تقدم منا،

إلا أن بني إسرائيل خالف ما أمرت به قولا وفعلا..

خالفوا ما أمروا به قولاً وفعلاً فدخلوا الباب متعالين متكبرين يزحفون على أستاههم

وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم..


وهم يقولون: حبة في شعرة،

وفي رواية: حنطة في شعرة، وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزأوا به،

كما قال تعالى حاكياً عنهم في سورة الأعراف وهي مكية:

(وَإِذْ قِيلَ لَهُمْ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ

وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ،

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ)».



فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا.

كانت جريمة الآباء هي الذل، وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء.

ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم،

فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى،

وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا.

حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة،

وكان هذا الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات.

عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم.. اعتقدوا أنهم شعب الله المختار،

وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء..

وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا

وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى أنبيائهم،

فقتلوا من قتلوا من الأنبياء.

وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين،

يظلمونهم ويسفكون دمائهم،

وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم.

وكان معهم تابوت الميثاق. وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون،

ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى

ونجت من يد الزمان.

وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم،

فكان وجود التابوت بينهم في الحرب، يمدهم بالسكينة والثبات،

ويدفعهم إلى النصر، فلما ظلموا أنفسهم

رفعت التوراة من قلوبهم

لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها معهم،

وهكذا ضاع منهم تابوت العهد، وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها.

وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم.

ومرت سنوات وسنوات.

واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها

فواجع الآثام وكبائر الخطايا.


*******
***
*


ترا من هو النبي الذي أرسله الله تعالى بعد ذلك ؟

ام الهنوف
03-01-2018, 03:49 PM
داود عليه السلام

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19948&stc=1


قال الله تبارك وتعالى:

(( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ))



وقال الله تعالى:

(( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا))



داود عليه الصلاة والسلام هو من الأنبياء والرسل الكرام،
وقد ءاتاه الله تعالى النبوة والمُلك وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل،
وقد ورد اسمُ داود عليه الصلاة والسلام في القرءان الكريم في ستة عشر موضعًا.


آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد،
كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه
وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل.






قبل البدء بقصة داود عليه السلام،


ترى ما هي الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.؟!

لقد انفصل الحكم عن الدين..

فآخر نبي حكم بني إسرائيل كان يوشع بن نون..

ولما توفي يوشع بن نون تولى,

حكمهم قضاة منهم وبقوا على ذلك مدة طويلة من الزمن،

وفي هذه الفترة دَبَّ إلى بني إسرائيل الوَهَن والضعف وفشت فيهم المعاصي والمنكرات،


زاد طغيان بني إسرائيل،
فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي،
ودخلت الوثنية وعبادة الأوثان والاصنام في صفوفهم
فسلّط الله تعالى عليهم الأمم القريبة منهم
فغزاهم العمالقة والآراميون وغيرهم، وكانوا إلى الخذلان أقرب منهم إلى النصر في كثير من حروبهم مع أعدائهم،

وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت.

وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون،

فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى.


كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.



في هذه الحروب ماتَ حاكمهم الذي كان يقودهم وبقي بنو إسرائيل بلا راع،



وفي هذه الظروف الصعبة هيأ الله تبارك وتعالى لهم غلامًا يقال له “أشموئيل”



فقد كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا.

فولدت غلاما فسمته أشموئيل..

ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي..

فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة.

فكان عنده الى أن بلغ أشده،

نشأ فيهم وتولاه الله بعنايته وأنبته نباتًا حسنًا،

ثم جعله الله نبيًا وأوحى إليه وبعثه إلى بني إسرائيل،

وأمره بالدعوة إلى دينه الإسلام وتوحيده تعالى وترك عبادة الأصنام، فلما دعا قومه بني إسرائيل إلى دين الله

طلبوا منه أن يُقيم عليهم ملكًا يُقاتلون معه أعداءهم لأنّ ملكهم كان قد هلك وباد فيهم،

فكان من أمرهم ما قصّ الله تعالى علينا في القرءان الكريم ,


يقول الله تبارك وتعالى :

(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنبَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا ))




بينما هونائم ذات ليلة: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد

فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه.

فهرع أشموئيل إليه يسأله: أدعوتني..؟

فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..

ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة.

وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

ذهب بنو إسرائيل إليه يوما.. فسألوه: ألسنا مظلومين؟

قال: بلى..

قالوا: ألسنا مشردين؟

قال: بلى..

قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.

قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟

قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟

وأوحى الله تعالى إلى نبيه يأن يجعل عليهم “طالوت” مَلِكًا

قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.

وكان طالوت رجلًا من أجنادهم ولم يكن من بيت المُلك فيهم،

فملَّكه الله تعالى عليهم لقوته الجسمية والعلمية،

ولكن بني إسرائيل تمردوا على توليه المُلك .

قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا-

كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه


قال تعالى :

(( قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَال))

قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.



قال تعالى:

(( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))


قالوا: ما هي آية ملكه؟

قال لهم نبيهم: يسترجع لكم التابوت تحمله الملائكة.



قال تعالى:{

(( وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ ))


ووقعت هذه المعجزة..

وعادت إليهم التوراة يوما..



ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش..

قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق،

فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه فليبق معي في الجيش..


قال الله تعالى:

(( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَمِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ

فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلًا ))

وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش،

وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه،

وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش،

وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة.

لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

ولما جاوز طالوت عليه السلام والمؤمنون الذين بقوا معه النهر

استقل أصحابه هؤلاء أنفسهم عن لقاء عدوهم لكثرتهم ولجبروت ملكهم

إلا قليلاً منهم ممن ثبّت الله تعالى قلوبهم وقوّى عزيمتهم،

وكان فيهم العلماء والعاملون،

لذلك أخذوا يثبتون إخوانهم المؤمنين ويقوون عزائمهم

ويذكرونهم بنصر الله وأن النصر من عند الله ينصر من يشاء من عباده،

يقول الله تعالى إخبارًا عن هذين الفريقين الذينَ جاوز بهم طالوت النهر لقتال الكافرين

قال تعالى :

(( فَلَمَّاجَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ

قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ))


كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا..

فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه

وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد،

إنما النصر من عند الله..

(كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

بدءت المعركة وتاجهوا الفريقان

وبرز جالوت وهو رئيس جيش الكفار في دروعه الحديدية وسلاحه،

وهو يطلب أحدا يبارزه..

وخاف منه جنود طالوت جميعا..

وهنا برز من جيش طالوت داود عليه السلام ..

وهو فتى شجاع يُسمى داود وهو من سبط يهوذا بن يعقوب

وكان هو وأبوه “إيش” في جيش طالوت.

وكان راعي غنم , كان داود مؤمنا بالله،

وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون،

وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

وكان الملك طالوت ،

قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش

ويتزوج ابنتي..

ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء..

كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله..

وسمح الملك طالوت لداود أن يبارز جالوت..


وتقدم داود بكل شجاعة بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه

(وهو نبلة يستخدمها الرعاة)..

تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع..

فلما أقبل داود على جالوت احتقره جالوت وازدراه

وقال له:”ارجع فإني أكره قتلك”

فما كان من داود إلا أن قال له بكل شجاعة وجُرأة:

ولكني أحبُّ قتلك،

وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه،

فوضع داود حجرا قويا في مقلاعه

وطوح به في الهواء وأطلق الحجر.

فأصاب جالوت فقتله.

وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.



قال تعالى :

(( وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَىالْقَوْمِ الْكَافِرِينَ*

فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء))




فلمع إسم داود وأصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل،

فقد وعد طالوت عليه السلام داود إن قتل جالوت

أن يزوجه ابنته
ويشاطره نعمته

ويشركه في أمره، فوفى له وعده.

ثم ءال الملك إلى داود عليه السلام مع ما منحه الله تعالى من النبوة العظيمة والعلم الوافر

فجمع الله على يديه النبوة والملك.

لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات.

لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت،

ومما أنعم الله تبارك وتعالى على داود عليه الصلاة والسلام أن علَّمه منطق الطير

فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون.

فقد أعطى الله تبارك وتعالى عبده داود عليه الصلاة والسلام فضلًا كبيرًا

وحَباه من لدنه خيرًا عظيمًا،

فقد كان داود عليه الصلاة والسلام حسن الصوت

وكان عندما يصدح بصوته الجميل فيسبّح الله تعالى ويحمُده تسبح معه الجبال والطير

يقول الله تعالى:

(( ولقد ءاتيْنا داودَ مِنَّا فضلًا يا جبالُ أَوِّبي معهُ والطَّيرُ وأَلَنَّا لهُ الحديدَ))

ويقول سبحانه وتعالى:

(( وسَخَّرنا معَ داودَ الجِبالَ يُسَبِّحنَ والطيرَ وكُنَّا فاعلين)) ،

وكان داود عليه الصلاة والسلام إذا قرأ الزبور وما فيه من رقائق وأّذكار

تكف الطيرُ عن الطيران وتقف على الأغصان والاشجار لتسمع صوته النديّ العذب

وتسبح بتسبيحه وترجع بترجيعه،

وكذلك الجبال تُردد معه في العشي والإبكار تجيبُه

وتسبح الله معه كلما سبح بكرة وعشيا

وتعكف الطيور والدواب على صوته،


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19949&stc=1


يقول الله عز وجل:

(( إنَّا سخَّرنا الجبالَ معهُ يُسَبِّحنَ بالعِشيِّ والإشراق* والطيرَ مَحْشورةً كلٌّ لَّهُ أوَّابٌ))



وكان مع ذلك الصوت الرخيم سريع القراءة مع التدبر والتخشع

فكان صلوات الله وسلامه عليه يأمر أن تسرج دابته

فيقرأ الزبور كلَّه قبل أن تسرج.

و ألان له الحديد فكان بين يديه بإذن الله كالعجين،

حتى كان يفتله بيده ولا يحتاج إلى نار ولا مطرقة

فكان يصنع منها الدروع ليحصّن بها جنوده من الأعداء ولدرء خطر الحرب والمعارك.


(( لقد ورد أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم وقف يومًا يستمع إلى صوت الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري وكان يقرأ القرءان بصوته العذب الحنون، فقال عليه الصلاة والسلام:”لقد أعطيت مزمارًا من مزامير ءال داود“، فقال يا رسول الله أكنت تستمع لقراءتي، قال: “نعم“، فقال: لو علمتُ أنك تستمع لحبرته لك تحبيرًا، أي لجملته تجميلًا.))





ومن فضل الله على داود كذلك ألان الله في يديه الحديد،

حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع،

قال الله تبارك وتعالى:

((وألَنَّا لهُ الحديدَ* أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وقَدِّرْ في السِّردِ))

وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة.

فكان يصنع منه الدروع.

كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد.

فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع.

درع يتكون من حلقات حديدية تسمح

للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر..

أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما..

وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب،

وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب،

أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل

ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.


يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام.



1): ***

جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل،

وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه..

وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..

قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟

قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..

قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.


وقد كان له ولد إسمه سليمان وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده


إستأذن سليمان من أبيه .. وقال :

عندي حكم آخر يا أبي..

قال داود: قله يا سليمان..

قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم..

ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب
،
وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم

ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه،

فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليمان

كما كان أخذ صاحب الحقل حقله

وأعطى صاحب الغنم غنمه..

قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..



2): ***

قد ورد في الصحيح قصة أخرى:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ

« بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا .

فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ .

فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى

فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ

فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا .

فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا .

فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ».

قال العلماء : يحتمل أن داود عليه السلام قضى به للكبرى لشبه رآه فيها ،

أو أنه كان في شريعته ترجيح الكبرى ، أو لكونه كان في يدها ، فكان ذلك مرجحا في شرعه ،

وأما سليمان عليه السلام فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطنة القضية ،

فأوهمها أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه ،

فتكون هي أمه ،

فلما أرادت الكبرى قطعه عرف أنها ليست أمه ،

فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ،

ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة ، وإنما أراد اختبار شفقتها ليتميز له الأم ،

فلما تميزت بما ذكر عرفها ، ولعله استقر الكبرى ،

فأقرت بعد ذلك به للصغرى ،

فحكم بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة .


قال العلماء : ومثل هذا يفعله الحاكم ليتوصل به إلى حقيقة الصواب ،

بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم .


وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له،

يتعلم دائما من الله،

وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين..

فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.



3):***


جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه،

وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه

أو إزعاجه وهو يصلي..

وقد تسور رجلان خصمان محراب داود عليه السلام وهو أشرف مكان في داره،

وكان داود عليه السلام مستغرقًا في عبادة ربه في ذلك المحراب

فلم يشعر داود عليه الصلاة والسلام بالشخصين إلا وهما أمامه


ففوجئ بهم في محرابه أنه أمام اثنين من الرجال..

وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد.

سألهما داود: من أنتما؟

قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة

وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.

سأل داود: ما هي القضية؟

قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ).

وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني..

وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته:

(لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)..

وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا..

قال الله تبارك وتعالى:

(( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ

قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ *

إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *

قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ))

خرج الرجلان فراجع داود نفسه فعتب على نفسه

فقد كان لا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا،

فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق..

وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه

فقد امتحن الله تعالى نبيه داود عليه السلام في هذه الحادثة التي جرت معه مع هذين الخصمين،

فأستغفر ربه عليه الصلاة والسلام لشعوره بالذنب الذي وقع فيه

وهو أنه تعجل بالحكم على الخصم الآخر قبل التثبيت في الدعوى،

وكان يجب عليه لما سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيها

ولا يقضي عليه بالحكم قبل سؤاله،

وقد تاب داود عليه السلام من ذلك الذنب الذي ليس فيه خسة ولا دناءة

وغفر الله تعالى له هذا الذنب بنص القرءان الكريم

قال الله تعالى:

(( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ))

بقي داود عليه السلام يعبد الله تعالى ويسبحه ويحكم ببني إسرائيل حتى مات…


في تفسير قول الله تبارك وتعالى:

(( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ

إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ))

هذا خطابٌ من الله تبارك وتعالى إلى داود عليه الصلاة والسلام، وفيه وصية من الله عز وجل لولاة الأمور وحكام الناس

أن يحكموا بين الناس بالحق والعدل واتباع الحق المنزل من عنده تبارك وتعالى لا ما سواه من الآراء والاهواء،

وتوعّد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية من سلك غير ذلك وحكم بغير ذلك وضل عن سبيل الله

بأنَّ لهم العذاب الشديد يوم القيامة،

وقد كان نبي الله داود عليه الصلاة والسلام هو المقتدى به في ذلك الزمان

في العدل وكثرة العبادة وأنواع القربات،

قال الله تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}

كان داود يصوم يوما ويفطر يوما..


قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود:

"أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما.

وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا،

وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء

ويشفي بصوته المهموم والمحموم"..

جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه،

فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه.

وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر،

فقالوا: من هذا والله لن رآه داود ليبطشنّ به.

فبلغ الخبر داود -عليه السلام-

فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟

قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز.

قال: أنت ملك الموت.

فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.

مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة قد أوصى إبنه سليمان بأن يعبد الله ولا يضل عن عبادته،.

وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس،

حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو إسرائيل

أشد جزعا عليه.. مثل داود..

وآذت الشمس الناس

فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود.

فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح.

وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح.

وأطاعت الطير.

فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان.


*************
******
**
*

فما هي قصة سليمان ؟! وهل آتاه الله النبوة من بعد أبيه داود ؟!

هذا ما سنعرفه في السلسلة القادمة بإذن الله




تـــــابـــــعــــــوني ,,


أخــــتكم في الواحـــد الأحــــد

أم الهـــــنـــــوف



دمتم بود ,,

ام الهنوف
09-01-2018, 04:25 PM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19979&stc=1

سليمان عليه الصلاة والسلام


قد أعطى الله سبحانه وتعالى سيدنا سليمان عليه السلام مزايا فريدة،

وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء والرُّسل,

حيث كان يتولّى الحكم، وقد فهَّمه الله لغة الطير،


قال تعالى:

(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،



وكان قادراً على التحكّم بالكثير من المخلوقات والكائنات كالإنس والجن
والرياح والنحاس الذي يَلين بين يديه،

قال تعالى:

(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ

وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ*

يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ

اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)،

لقد ورد ذكر قصّة سيّدنا سليمان عليه السّلام في القرآن الكريم في عدّة سور،

منها سورة الأنبياء، وص، والنّمل، وسليمان عليه السّلام هو واحد من أعظم الأنبياء

الذين تحدّث عنهم القرآن الكريم، وقد كان ملكاً ونبيّاً عظيماً،

وابن ملك ونبيّ عظيم، وهو داوود عليه السّلام،

وقال تعالى:

((وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ))

ورثه في النبوة والملك.. ليس المقصود وراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون.

إنما تكون أموالهم صدقة من بعدهم للفقراء والمحتاجين، لا يخصون بها أقربائهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن معشر الأنبياء لا نورث".


وقد آتى الله سليمان –عليه السلام- ملكا عظيما،

لم يؤته أحدا من قبله،

ولن يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة.

فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان عندما دعا قال:

(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي).





الآن فلنــبــــدأ بأحداث قصة سيدنا سليمان عليه السلام


بعد أن شهد بنو اسرائيل جنازة عظيمة لأبيه داؤود عليه السلام

وكلنا يذكر أن سليمان عليه السلام كانت تعرفه بني اسرائيل

لحسن خلقه وإيمانه مثل ابيه فأحبوه واحبوا اباه ،

فلما تولى سليمان عليه السلام الحكم على بني اسرائيل ،

وكان قد اعطاه الله منطق الطير والوحش حتى النمل كان يعلم كلامها

كل الحيوانات كان يفهم منطقها سليمان عليه السلام .

فجمع الناس والوحش والطير يريد ان يخبرهم انه قد حصل على الحكم والملك


قال تعالى:

" وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ "



وحشر لسليمان الوحش والطير والإنس والجن بدأت تتجمع لسليمان عليه السلام

ما اعظمها من مملكة وكان اعظم ملك على وجه التاريخ واعظم مملكة اعطيت

لسليمان عليه السلام

قال تعالى:

" وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ " .



وقد سخر الله له أموراً لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده..

*سخر الله له "الجن".

الجن والشياطين الذين سخرهم الله عز وجل لسليمان عليه السلام

كانت تصنع أمورا لا يتخيلها أي أنسان فالمحاريب التي في المساجد وفي البيوت فيبنون له القصور،

والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا،

فلا يمكن تحريكها من ضخامتها كان يصنع فيها الطعام ويوزع على الفقراء والمساكين

والجفان مثل الأحواض الكبيرة

فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون أمره،

وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم.

ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى.

لذلك كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور،

والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا،

فلا يمكن تحريكها من ضخامتها.

وكانت تغوص له في أعماق البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت..

وكانت الشياطين تهاب سليمان عليه السلام كم حارب الكفار والمشركين

وكم حارب السحرة وكان يستولي على ما يعملون من سحر وشعوذة ويدفنه تحت كرسيه .



*وسخر الله له الريــــــــــــح

فكانت تجري بأمره.

لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب.

فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا،

وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب،

ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب.

فكان يصل في سرعة خارقة, كان يكون في الفجر في دمشق وفي الظهر يكون في بلد

بينه وبين دمشق مسيرة شهر والعصر يكون في منطقة بينها وبين تلك المنطقة مسيرة شهر


قال تعالى: " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ"


*ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له.


مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه كيف يصهره..
وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم.

قال تعالى: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ )


*وأيضا من النعم هو جيش سليمان عليه السلام.

كان له جيش عظيم حيث أن جيشه مكون من:

البشر، والجن، والطيور.

فكان يعرف لغتها.

ومن نعم الله الأخرى على سيدنا سليمان عليه السلام ،

علمه منطق الطير وجميع المخلوقات

إذ كان سليمان عليه السلام يمشي ويسمع صوت النمل ، في زمن من الازمان اصابهم قحط

واجدبت الارض واصابهم سنين فخرج سليمان عليه السلام يريد ان يطلب المطر

وهو في الطريف رأى نملا قد خرج من جحره

فإذا بنملة رفعت قوائمها الى السماء تدعو الله عز وجل ان يسقيهم المطر ،

فقال سليمان عليه السلام لأصحابه ارجعوا الى بيوتكم ،

فقالوا لم ؟ قال قد كفيتم اي سيستجيب الله لهذه النملة ويسقيكم المطر .

وفي يوم من الايام كان سليمان عليه السلام يمشي في الغابات ومعه جيشه

وإذا به يقترب من وادي للنمل والجيش لم يكن يعلم ان هناك وادي للنمل

فسمع سليمان صوت نملة تحذر قومها

قال الله تعالى :

" حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ "



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19982&stc=1


حذرت النملة قومها وقالت ادخلوا بيوتكم قبل ان يحطمنكم سليمان وجنوده

فلما سمع سليمان حديثها ضحك

قال تعالى:

" فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ

وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ "

يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها".

(يَا) نادت، (أَيُّهَا) نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت،

(سُلَيْمَانُ) خصّت، (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت.

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19983&stc=1


سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة!

رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه

وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن يدوسه..

وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة..

نعمة الرحمة ونعمة الحنو والشفقة والرفق قال ربي أوزعني

أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي

ونسب الفضل كله لله عز وجل ودعا الله ان يعينه على شكر هذه النعم .



*أحـــداث حـــــيـــــــاتـــه*

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19981&stc=1


كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا،

خصوصا ما يسمى

(بالصافنات)،

وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها.

في يوم من الأيام، بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا،

وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد،

فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض،

فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى،

حتى غابت الشمس،

غابت الشمس ونسي ان يصلي لله عز وجل


قال تعالى:

" إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ "

فانتبه، ولام نفسه و ندم سليمان عليه السلام وأستغفر ربه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس،
فأمر بإرجاع الخيول له

قال تعالى:

( رُدُّوهَا عَلَيَّ فطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ).

وجاءت هنا روايتان في تفسير الاية كلاهما قوي.

رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها،

حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله.

ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله عز وجل،

فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح

لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله.




جاء يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد..

بعدها، خرج سليمان يتفقد الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه..

كان سليمان عليه السلام في كل يوم يتفقد الطير والوحش والأنس والجن

كل جيشه كان يتفقده فهو صاحب اكبر مملكة في ذلك الزمان ،

كان يتفقد الأفراد الأساسين من الجيش

وهو يتفقد الطير افتقد طيرا ليس في مكانه

انه الهدهد سأل عنه لم يعلم به احد اين ذهب

ولم تخلف عن موقعه

فقد كان سليمان رجلا حاذما


قال تعالى:

" وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ *

لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ "

غضب لما رأى الهدهد غائبا قال لإن رأيت هذا الهدهد ولم يكن معه عذر

لأعذبه عذابا شديدا

وإن كان خائنا وذهب الى جيش آخر فسأذبحه ،

فلبث الهدهد فترة وبعدها رجع ،

http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19980&stc=1



فسأله سليمان ما الذي اخرك ؟

قال يا نبي الله قد جئتك بخبر عظيم وبنبأ يقين

قال تعالى:

" فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "


كان موقع سليمان في فلسطين وهذا الطير اتى من سبأ من اليمن ،

قال الهدهد جئتك من سبأ بخبر عظيم قال ما هذا الخبر فرد الهدهد


قال تعالى :

" إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ "


صدق الله العظيم ,,


الله اكبر الطير يستنكر كيف امة من الناس الذين اعطاهم الله العقل والملك العظيم يعبدون غير الله !!

حتى الهدهد لا يرضى بعبادة غير الله ،

فصدم سليمان عليه السلام بهذا الخبر .


********************


ترى من تكون هذه المرأة ؟

وما هي قصتها ؟

وماذا كان ردت فعل نبينا سليمان من هذا الخبر ؟


هذا ما سنعرفه غداً بإذن الله


تــابــعونـــي أحبتــــي

ام الهنوف
10-01-2018, 01:41 PM
قصة سليمان مع بلقيس ملكة سبأ


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19986&stc=1




قصة بلقيس ملكة سبأ مع سيدنا سليمان عليه السلام ,,


ولعل أشهر قصة عن سليمان –عليه السلام- هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ.




فـــلنكـــــمـــل معـــــاً لـــــنرى مـــــــا هـــــــو الخـــــــبــــر

الـــــذي حـــمـــلـــه الــهـــدهـــد لــنــبــينــا ســلــيـــمان





جاءه الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام-


(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)


فقال الهدهد إني جئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن.

(إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً)

وهي بلقيس ملكة ســبــأ

(تَمْلِكُهُمْ)

تحكمهم

(وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ)

أعطاها الله قوة وملكا عظيمين

وسخّر لها أشياء كثيرة

(وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)

وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر


(وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ)

وهم يعبدون الشمس يسجدون لها


(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ)

أضلهم الشيطان


(فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)

أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)

يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى


(اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)


وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل،

فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.




موقف سيدنا سليمان عليه السلام بــهذا الخبر !!



ولعل أشهر قصة عن سليمان –عليه السلام-

هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ.



****

تعجب سيدنـــا سليمان عليه السلام من كلام الهدهد،

فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد،

وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس،

وتعجب من عرشها العظيم،

فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما

(قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)

وهذا منتهى العدل والحكمة.

ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له:


(اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)


ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد بيحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.



http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19987&stc=1


يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة،

وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين،

وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..


قال تعالى:

((قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)

إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) (النمل)


هذا هو نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..

إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة..

إنه يتجاوز أمر عبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم..

ولا يحاول إقناعهم بشيء.. إنما يأمر فحسب..

أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذن أن يأمرهم بالتسليم..

كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت..

طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة..

وكانت عاقلة تشاورهم في جميع الأمور

قال تعالى:

(قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).



فكان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي..

أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة.

أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم

بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة


قال تعالى:

(قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).

أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب..

ويبدو أن الملكة كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها..

فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما استنفرتها للحرب..

فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان..

كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل،

وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته،

فربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها.

ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه،

وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو..

ورجحت الحكمة في نفسها على التهور،

فقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية..

قال تعالى:

*((قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ *

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ))


وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة،

فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية..

قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته،

وإذا سيلقوا رسلها عيونا في مملكته..

ويرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات،

سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..


وحدثت الملكة رؤساء قومها ما يدور في نفسها

بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان،


عن طريق إرسال هدية إليه،

انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب..

وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا،

لأن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وانقلبت أوضاعها وصار رؤساءها

هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل..

واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..


وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..


جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية..

وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه..

ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش..

ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح..

فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان..

وصغرت هديتهم في أعينهم.

وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا..

وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم..


فلما وصل رسول بلقيس الى سليمان عليه السلام سأله ما هذه القافلة

قال إنها هدية من بلقيس ملكة سبأ

ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد.

وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال،

وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها.

نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره

قال تعالى:

(فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم

بلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)

كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم،

وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال.

يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر

أن يأتوه مسلمين ,,

(أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)

ثم قال سليمان لرسول الملكة قائلاً:

(ارجع إليهم) بالهدية،

وأخبرهم أنهم إن لم يؤمنوا وتمادوا في الغي

(فلنأتينّهم بجنود) كثيرة

(لا قبل لهم بها) ولا طاقة لهم بتلك الجنود،

ولا قدرة لهم على دفعها

وإذا حاربناهم (لنخرجنّهم منها) أي من تلك القرية (سبأ)

(أذلّة وهم صاغرون) حقراء لا قدر لهم ولا قيمة.

قال تعالى:

(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ).



هرعوا رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك وصلوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر..

حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه..

أفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضاه..

وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..

جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه..

كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة..

ويدفعها الخوف لا الاقتناع..


وأراد سليمان عليه السلام أن يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام.

فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش الملكة بلقيس

قبل أن تصل إليه.

فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها..

كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة،

وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك..

وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..

فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن تقوم من مجلسك –

وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر.

وقال عفريت من الجن انا اتيكم بعرشها قبل ان يأتيك نصف النهار

لأن سليمان كان يبدأ من اول النهار ولا يقوم الا منتصف النهار

قال تعالى:

" قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ

وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ "

أعظم صفتين يتحلى بهم الأجير القوة والأمانة ،

فستبطأ سليمان الامر ولم يرض من الفجر الى الظهر وقت طويل
وزمن طويل اريد ان اقصر من هذا ,,,



فقال احد له علم من الكتاب الله اعلم به من الجن

يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب"

قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تغمض العين في الرمشة الواحدة.

قال أنا آتيك عرش بلقيس فإنك ما تطرف عينك وما تغمض عينك

او يذهب بصرك الى ابعد مكان ثم يرجع إلا وترى عرشها امام عينك ،

فقال سليمان لك ما اردت.

واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب"

فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل

وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب.

ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام.

لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود..

نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان..

والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب،

أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله..

فقال سليمان لك ما اردت إفعل هذا ءأتني بعرشها قبل ان يرتد علي طرفي

قال تعالى:

" قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ "



فأغمض سليمان عينيه وفتحهما

فإذا بعرش بلقيس امام عينيه ،

لما رأه مستقر عنده قال سليمان

قال تعالى:

" فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي

لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ "

وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة،

وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.


هذا هو العرش ماثل أمام سليمان..

تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة..

لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته،

وإنما أرجع الفضل لمالك الملك..

وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة،

ليرى أيشكر أم يكفر.

تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره،

ثم قال لجنوده نكروا لها عرشها

أي بدلوه نختبرها هل تعرف عرشها

أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي،

ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون.

كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19988&stc=1

واختار مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر،

وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة،

وعظيم الشفافية في نفس الوقت،

لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح،

ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك.

تم بناء القصربأسرع وقت ، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته،

لم يكن يبدو أن هناك زجاجا.

تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه.



يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره:


الأول : موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس.

والثاني : موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح تحتها الأسماك.



وصلت الملكة بلقيس الى سليمان عليه السلام



ووقع نظــرها الى العرش متعجبه !!


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=19989&stc=1


رأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما..!!

إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ !!

وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟

قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش:

( أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)

قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة:

(كَأَنَّهُ هُوَ!)

قال سليمان:

( وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).

توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها،

وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته.

إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه.

لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها صار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى،

هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..

أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء،

وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان..

أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!

انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله،

مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم..

وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.

انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء..

رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان،

وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده،

وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها،

أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.

قال تعالى:

" قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ

ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "



ثم قال سليمان عليه السلام للملكة بلقيس

ادخلي القصر..

فلما نظرت لم تر الزجاج ، ورأت المياه ، وحسبت أنها ستخوض البحر،

(وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا)..

حتى لا يبتل رداؤها.

نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل.

أنه ليست هناك مياه (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ)..

إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته..


فتعجبت بلقيس التي كانت تظن عرشها اعظم عرش وقصرها اعظم قصر ،

أدركت هنا الملكة بلقيس أنها تواجه أعظم ملوك الأرض،

وأحد أنبياء الله الكرام.

فأعلنت إسلامــــهـــا في هـــذه اللحــضـــة ..

اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت

وتبعها قومها على الإسلام.

فجلست مع سليمان عليه السلام وأخذ يعلمها دين الله ،

علمها معنى التوحيد وان عبادة غير الله لا يجوز ،

فعرفت بلقيس انها قد ظلمت نفسها

قال تعالى:

" قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "

آمنت بلقيس بالله وآمن قومها بالله عز وجل .


لم يذكر السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها..

ونحن لا ندري حقيقة هذا كله..

قيل أن النبي سليمان عليه السلام تزوج السيدة بلقيس

ولكن القرآن الكريم لم يذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان..

ولا نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد..



وفاته عليه السلام:

عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في

المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق..

كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق..

لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام

بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب..

تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن..


وجاءت اللحظات الأخيرة لحظة وفاة هذا الملك الذي يملك مملكة عظيمة

أحس سليمان عليه السلام أنه سيموت ولكنه علم أنه إذا مات ,

الشياطين ستفسد في الأرض مرة أخرى وستطلق من حبسها

وكانت الشياطين إذا دخل سليمان عليه السلام بيت المقدس

تخاف أن تدخل فإذا دخل شيطان ونبي الله يصلي في بيت المقدس أحترق مباشرة

فلما أحس سليمان عليه السلام بموته أخذ عصاته فأتكأ عليها

وقام يصلي في بيت المقدس

فلما حانت منيته قبض الله روحه فأتكأ على العصى فلم يسقط على الأرض

وظن الجن والشياطين أن سليمان مازال يصلي

فقد كان أحيانا يظل في بيت المقدس يظل شهورا يعتكف لله عز وجل

فظل واقف ولم تمسس جسده الارض ولا الدواب ،

لأنه نبي والأنبياء لا تمس أجسادهم بل يحفظها الله عز وجل حتى بعد وفاتهم ،

فأتكأ على العصى وظنت الشياطين انه يصلي كما هم إعتادوا عليه

وهم خائفون يعملون ,,

وقيل ظل سنة كاملة على هذا الحال لكن ما الذي حصل ؟

جاءت دابة الأرض بدأت تأكل وتنخر من عصا سليمان..

كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما..

كانت تأكل الجزء الملامس للأرض،

فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا ,,

وسقطت من يد سليمان..

فاختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض..

ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..

أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب..

وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا..

لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين،

ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..


فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته

فلما خر تبين الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين"

علمت الجن والأنس ان لا أحد يعلم الغيب غير الله عز وجل

ولو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان ،

فأنطلقت الشياطين وبدأوا يفسودون في الناس

وحفروا تحت كرسي سليمان عليه السلام

وقالوا هذا ورث سليمان هذا علم سليمان فنسبوا لسليمان عليه السلام السحر

قال تعالى:

(( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ))

وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.







هنا قصة نبينا سليمان عليه السلام ختمت وطويت بهذه النهاية العجيبة


ما أحلاها من قصة


وما اعظمها من عبر مع نبي الله سليمان عليه السلام



*******
**
*

ام الهنوف
14-01-2018, 09:54 AM
إلياس عليه السلام





يذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك سليمان بن داود عليه السلام

انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين،

الأول ، يخضع لملك سلالة سليمان وأول ملوكهم رحبعام بن سليمان

والثاني يخضع لاحد أسباط افرايم بن يوسف الصديق واسم ملكهم جر بعام.

وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد سليمان عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة،

وبسبب الكفر والضلال الذي انتشر بين صفوفهم فشاعت العبادة الوثنية،

وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل)

فأرسل إليهم إلياس عليه السلام




إلياس عليه السلام


إلياس نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهو إلياس بن ياسين،

من ولد هارون أخي موسى عليهم السلام.

وقد ذُكر النبي إلياس عليه السلام في القرآن الكريم في موضعين:

الأول: ذُكر ضمن حديث القرآن الكريم عن جملة من الأنبياء، وذلك قوله سبحانه: {

(وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين)

الثاني: ذُكرت فيه قصته، وذلك قوله تعالى: {

(وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين)


قصة هذا النبي عليه السلام أن الله سبحانه بعثه في بني إسرائيل

وكانوا قد عبدوا صنماً يقال له: (بعل)، فدعاهم إلى عبادة الله،

ونهاهم عن عبادة ما سواه.

وكان قد آمن به ملكهم، ثم ارتد، واستمروا على ضلالتهم،

ولم يؤمن به منهم أحد.

فدعا الله عليهم. فحبس عنهم المطر ثلاث سنين،

ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم،

ووعدوه الإيمان به، إن هم أصابهم المطر.

فدعا الله لهم، فجاءهم الغيث،

فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر،


فمـــاذا فعــل نبـــيــــنـــــــا إلـــــيــــــــاس عليه السلام ؟!

سأل الله أن يقبضه إليه.

وكان قد نشأ على يديه (اليسع بن أخطوب) عليه السلام،

فأوحي الى إلياس أن يذهب إلى مكان كذا وكذا،

فأي شيء جاءه فليركبه، ولا يهبه،

فجاءته فرس من نار،

فركب، وألبسه الله النور،

وكساه الريش،

وكان يطير مع الملائكة ملكاً إنسيًّا، سماويًّا أرضيًّا.

هذه قصة النبي إلياس عليه السلام،

رواها ابن كثير عن وهب بن منبه مختصرة، ورواهاالطبري بسياق أطول.

والله أعلم بصحته.


**********
**********


قصة النبي إلياس عليه السلام كباقي قصص القرآن الكريم،

لم يذكره الله سبحانه بقصد الإخبار والقصِّ التاريخي،

وإنما ذكره بقصد الاعتبار والاتعاظ، والتحذير مما وقع على الأمم والأقوام السابقين،

الذين خالفوا شرع الله، وأعرضوا عن الهدى الذي جاءتهم به الرسل والأنبياء.


يستفاد من قصة إلياس عليه السلام العبر التالية:


أولاً: سيقت قصة النبي إلياس في سورة الصافات ضمن عدد من قصص الأنبياء،

بغرض تسلية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مما كان يلاقيه من قومه،

وحملت إنذاراً وتهديداً لكفار قريش، أن عاقبتهم إذا استمروا على كفرهم وإعراضهم العذابُ،

وذلك وفق ما جرت عليه سنة الله في مواعدة المعرضين عن ذكره.

فالقصة سيقت مساق التحذير والوعيد.

ثانياً: تُذَكِّرُ هذه القصة الناس بأن من أصول الدين أنه لا رب لهم إلا الله، وهذا أول أصول الدين،

فالله سبحانه رب آبائهم، فإن آباءهم لم يعبدوا غير الله من عهد آدم عليه السلام،

حيث كانوا على دين الفطرة، ولم يطرأ الكفر والشرك عليهم إلا فيما بعد.

ثالثاً: في قصة إلياس عليه السلام إخبار بأن الرسول عليه أداء الرسالة فحسب،
ولا يلزم من ذلك أن يشاهد عقاب المكذبين لدعوته، ولا هلاكهم.

وفي هذا رد على المشركين الذين قالوا: {

(متى هذا الوعد إن كنتم صادقين)

فإن هذا السؤال ظلم منهم، حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس له من الأمر شيء،

وإنما عليه البلاغ والبيان للناس، وأما حسابهم وإنزال العذاب عليهم فمن الله تعالى،

ينزله عليهم إذا جاء الأجل الذي أجله ، والوقت الذي قدره، والموافق لحكمته الإلهية.

فإذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.

وقد قال تعالى في هذا المعنى مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم: {

(فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون(

والمتحصل من هذه القصة القرآنية،

الدعوة إلى التمسك بعبادة الله الواحد الأحد، ونبذ ما سواه من المعبودين، سواء أكانوا حجراً أم بشراً.

وإنذار المشركين بالله أن العذاب آتيهم لا محال، إن لم يأتهم عاجلاً، فهو بالتأكيد آتيهم أجلاً. {


******
***
*

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

ام الهنوف
24-01-2018, 07:04 PM
اعتذر عن هذا الانقطاع
تعرضت لازمة صحية خلال هذه الفترة
اوعدكم لي عودة قريبة خلال الاسبوع القادم .

ام الهنوف
28-01-2018, 10:45 AM
اليسع عليه السلام


من العبدة الأخيار ورد ذكره في القرآن مرتين ،
ويذكر أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.

هو من أنبياء الله تعالى، الذين يذكر الحق أسمائهم ويثني عليهم، ولا يحكي قصصهم..
نبي الله تعالى اليسع.

قال تعالى في سورة (ص):
وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ

وقال جل جلاله في سورة (الأنعام) :
وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ

ذكر حول نسبه أنه اليسع بن أخطوب ويقال أنه ابن عم إلياس النبي عليهما السلام ،
وذكر حول اسمه أسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرائيم بن يوسف الصديق عليه السلام
وهو من أنبياء بني إسرائيل.
وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً وإنما اكتفى بعده في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم تفصيلاً.

قام بتبليغ الدعوة بعد انتقال إلياس إلى جوار الله فقام يدعو إلى الله
مستمسكاً بمنهاج نبي الله إلياس وشريعته ,,
وقد كثرت في زمانه الأحداث والخطايا
وكثر الملوك الجبابرة وشردوا المؤمنين
فوعظهم اليسع وخوفهم من عذاب الله
ولكنهم لم يأبهوا بدعوته
حتى توفاه الله وسلط على بني إسرائيل من يسومهم سوء العذاب

كما قص علينا القرآن الكريم.

ام الهنوف
29-01-2018, 10:14 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=20080&stc=1



" عزير " رجل صالح من بني إسرائيل ، لم يثبت أنه نبي ، وإن كان المشهور أنه من أنبياء بني إسرائيل ،

كما قال ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية .

وقد روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ لَعِينٌ هُوَ أَمْ لَا ؟ وَمَا أَدْرِي أَعُزَيْرٌ نَبِيٌّ هُوَ أَمْ لَا ؟ ) .

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :

" وهذا قاله صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلم عن حاله- يعني : تبّع -
وقد جاء ما يدل على أنه قد أسلم فلا يكون لعيناً،

وأما عزير: فلم يأت شيء يدل على أنه نبي " .

ولا حرج أن يقال عنه : " عليه السلام " ، حيث كان رجلا صالحا ، ذكرت قصته في كتاب الله ،

وقد عده كثير من أهل العلم من أنبياء الله عليهم السلام .

مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين، وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل. فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرا.


قال الله تعالى :

( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا

فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ

لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ

كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية. كان ماشياً وهو على ظهر حماره وبعد أن سار فترةً من الزمن

مر عزير على هذه القرية - وهي بيت المقدس على المشهور ، بعد أن خربها بختنصر وقتل أهلها -

فوجدها خرابا، ليس فيها بشر.

وهي خاوية ليس فيها أحد ، فوقف متفكرا فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة فوقف متعجبا،

كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر.

وقف مستغربا، ينتظر أن يحييها الله وهو واقف!

وقال: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها)

وذلك لما رأى من دثورها ، وشدة خرابها ، وبعدها عن العود إلى ما كانت عليه ،

أماته الله مائة عام ثم بعثه فاستيقظ عزير من نومه.


وقد عمرت البلدة وتكامل ساكنوها وتراجعت بنو إسرائيل إليها، فلما بعثه الله عز وجل بعد موته ،

كان أول شيء أحيا الله فيه : عينيه ، لينظر بهما إلى صنع الله فيه ، كيف يحيي بدنه ؟
فأرسل الله له ملكا في صورة بشر: ( قَالَ كَمْ لَبِثْتَ).

فأجاب عزير: ( قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)

. ذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه الله في آخر نهار، فلما رأى الشمس باقية ، ظن أنها شمس ذلك اليوم ،

فقال: أو بعض يوم

فرد الملك: (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ).

ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل

(فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ)

أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة، فرآه سليما كما تركه،

وذلك أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير ، فوجده كما فقده ، لم يتغير منه شيء،لاالعصيراستحال ، ولا التين حمض ولا أنتن ، ولا العنب تعفنولم يتغير طعمه او ريحه.


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=20081&stc=1



ثم أشار له إلى حماره، كيف يحييه الله عز وجل وهو ينظر
فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم. ثم بين له الله السر في ذلك

(وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ)

أي دليلا على المعاد ويختتم كلامه بأمر عجيب

(وانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا)

نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل فترفع وتركب بعضها على بعض ،

وركب كل عظم في موضعه حتى صار حمارا قائما من عظام لا لحم عليها،

ثم كساها الله لحما وعصبا وعروقا وجلدا،

وذلك كله بمرأى من العزير،


http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=20082&stc=1


فعند ذلك لما تبين له هذا كله (قال أعلم أن الله على كل شيء قدير)



يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف

) فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

سبحان الله أي إعجاز هذا..

ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس.

فسألهم: هل تعرفون عزيرا؟

قالوا: نعم نعرفه، وقد مات منذ مئة سنة.

فقال لهم: أنا عزير.

فأنكروا عليه ذلك. ثم جاءوا بعجوز معمّرة،

وسألوها عن أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنه عزير.

فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم،

فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد،

وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه،

حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ )

واستمر انحراف اليهود بتقديس عزير واعتباره ابنا لله تعالى *

ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم- وهذا من شركهم لعنهم الله.



****
****
**
*

ام الهنوف
31-01-2018, 09:37 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=20102&stc=1

زكريا عليه السلام




في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس..

كان اسم النبي زكريا عليه السلام..

أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.

وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه..

ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد..

وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد..

ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..

ونالت من رحمة الله فأستجاب لها الله عز وجل الدعاء فأصبحت حامل..

وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله..

كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته..

يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.

***

وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم!

كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة،

فلما جاء المولود أنثى

قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.

سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران،

والله يسمع ما نقوله،
وما نهمس به لأنفسنا،
وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله..
يسمع الله هذا كله ويعرفه..

(( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ))

سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا،
والله أعلم بما وضعت،

الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى..

ودعت زوجة عمران ربها عز وجل أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم،

وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم.


قال تعالى :

(( وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ))


ويروي الإمام مسلم في صحيحه:

حَدَّثَنَا عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :

« مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ».

ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).



كفالة زكريا لمريم:

أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات قبل ولادة مريم..

وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم..

كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.

قال زكريا:

أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.

وقال العلماء والشيوخ:

ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟

لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.

ثم اتفقوا على إجراء قرعة.

أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها،

ويكون له شرف خدمتها،

حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله،


وأجريت القرعة..

وضعت مريم وهي مولودة على الأرض،

ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها،

وأحضروا طفلا صغيرا،

فأخرج قلم زكريا..

قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.

قال العلماء والشيوخ:

لا.. القرعة ثلاث مرات.

وراحوا يفكرون في القرعة الثانية..

حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي،

وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.

وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار

ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار..

وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات.

قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم.

وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا.

وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها..

وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..

كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه..

وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله..

وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب..

وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش..

يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء..

ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.

ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟

فتجيب مريم: إنه من عند الله..

وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.

دعاء زكريا ربه:

كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا..

وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر..

وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا

ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته..

وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته..

ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال..

ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب..

فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.

سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!

(قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ

قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء..

وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية
..

( هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ) فدعا ربه.


( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا )

سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم..

وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي..

ولهذا فقد دعا زكريا ربه أن يعطيه ولياً صالحاً طيباً يرث الحكم والنبوة عنه،

ويحافظ على أمر الدين، ويحمي الشريعة والكتاب،

قال الله عز وجل:

" قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (4)

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً (5)

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (6)". )

أن خوف زكريا نابع من أن يتصرف من هم من بعده تصرفاً يسيء للدين،

ويقومون بتحريفه،

لذلك فقد سأل الله تعالى أن يرزقه الولد، وأن يكون من بعده نبياً،

يحافظ على الدين، ويسوس العالمين بالعقيدة السمحة، عقيدة التوحيد.


فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له.

فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب


قال تعالى:

(( فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى

مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ))


فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل..

أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة:

قال تعالى:

(قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)

أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..

(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)

أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ..

وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى..

كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد..

وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود..

وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة

(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)


امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة.

قال تعالى :

(قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا )

فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق..

سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل..

إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت..

وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة..

وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..


وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر..

وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق..

وعرف أن معجزة الله قد تحققت..

فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء..

قال تعالى :

(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)

وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيي..

ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.

ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام.




**********
****
**
*

ام الهنوف
01-02-2018, 10:32 AM
http://omaniaa.co/attachment.php?attachmentid=20121&stc=1



هو إبن نبي الله زكريا، ولد استجابةً لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة

فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا،

وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين ،

كما كان بارا
تقيا ورعا منذ صباه.


كما ذكرنا سابقاً أحبتي عن قصة ولادة نبي الله يحيى عليه السلام

في قصة نبي الله زكريا عليه أفضل الصلاة والسلام .


يا لها من قصص رائعة ونسل قوي ومشرف ,

نبي الله يحيى عليه السلام

فقد شهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا،

وهو النبي الذي قال الحق عن (( وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا ((
فقد كانت صفة الحنان والرحمة من صفات نبي الله يحيى عليه السلام

لتحننه عليه السلام على الناس ولا سيما على أبويه والشفقة عليهما وبره بهما،

يقول تعالى أيضًا في وصف نبيه يحيى:

(وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيًّا،)

فقد كان عليه الصلاة والسلام متواضعًا تقيًا بعيدًا عن المحرمات والشهوات ولم يكن جبارًا عصيًا.

ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من لدن الله،

والعلم مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها،

كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع من العلم.

ولقد كان يحيي نموذجا لا مثيل له في النسك والزهد والحب الإلهي..

هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل الكائنات،

وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال،

تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.

ولد يحيي عليه السلام.. وكان ميلاده معجزة..

فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية..

وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.

كان يحيى عليه السلام حسن الصوت حسن الوجه مثل جميع الأنبياء والمرسلين،

وكان عليه السلام قويًا في طاعة الله منذ صباه وقد نشأ نشأة صلاح وتقى وطهر ونقاء كسائر الأنبياء،

فقد كان بعيدًا عن مظاهر الترف والنعيم، وكان في شبابه يأوي إلى القِفار والبراري ويكتفي بما يسهله الله له من الرزق،

جاءت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال..

كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت..

كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات،

وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها، وحنانا عليها،

ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.

وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة

وحب الله والمعرفة والسلام.

وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته..

فلما صار صبيا نادته رحمة ربه

قال تعالى :

﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا
وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾


صدر الأمر الإلاهي ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة،

بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة..

ورزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي..

كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة،

ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي..

كان يحكم بين الناس، ويبين لهم أسرار الدين،

ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.

ولد نبي الله يحيى عليه السلام قبل مولد عيسى بثلاثة أشهر،

وقيل: بثلاث سنين، وكان ابن خالته وقد عاصروه

وعاش معه فترة طويلة ورافق مراحل دعوته عليهما الصلاة والسلام،

وكان عيسى ابن مريم يلبس الصوف ويحيى يلبس الوبر

ولم يكن لواحد منهما دينار ولا درهم ولا عبد ولا أمة ولا مأوى يأويان إليه،

فأين ما جَنّ عليهما الليل أويا، فإذا أرادا الافتراق

أوصى بعضهما بعضًا بطاعة الله تبارك وتعالى.

وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه،

والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار..

حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة..

كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم..

ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر.

كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله..

ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.

وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله

أبكاهم من الحب والخشوع..

وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات

وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..

أن معنى قوله تعالى في حق يحيى بن زكريا عليهما السلام:

{مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ}

أي مصدقًا بعيسى ابن مريم عليه السلام لأن يحيى عليه الصلاة والسلام

هو أول من صدق بعيسى ابن مريم عليه السلام في زمانه لأنه كان معاصرًا له وكان ابن خالته،

وأما قوله تعالى:{وَسَيِّدًا} فمعناه إنه الحليم التقي،

وقيل: هو الشريف،

وأما قوله تعالى في وصف يحيى عليه السلام:{وحَصُورًا}

معناه أنه لا يأتي الذنوب كأنه محصور عنها،

وقيل: مانعًا نفسه من الشهوات.

والقول الصحيح أن معنى:”وحصورًا”

أنه كان لا يأتي النساء ليس عجزًا بل ترك ذلك عن اختيار منه ولو أراد لاستطاع.

و في قوله تعالى في حق يحيى عليه السلام:

{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}

إن أوحش ما يكون الإنسان في ثلاثة مواطن يوم يولد فيرى نفسه خارجًا مما كان فيه،

ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم،

ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر لم يره،

فهذه الأوقات الثلاثة هي أستر ما تكون على الإنسان

كان سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام يدعو بني إسرائيل إلى عبادة الله تعالى وحده بالحكمة والموعظة الحسنة


وكان نبي الله يحيى عليه السلام قد أُمر بخمس كلمات أن يعمل بهن

ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن،

وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس..

فجمع يحيى عليه السلام بني إسرائيل في بيت المقدس

حتى امتلأ بهم المسجد فقام مشرفًا عليهم، وبدأ يتحدث..

فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال:

إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن

وأن ءامركم أن تعملوا بهن،

* أولاهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا،

*وءامركم بالصلاة،

*وءامركم بالصدقة،

*وءامركم بذكر الله عز وجل كثيرًا،


******
****


كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب مستبد برأيه،

وكان الفساد منتشرا في بلاطه..

وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيندهش

لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.


وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك.

وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم.

فأرد الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام.

فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك.


لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام،

فلقد كانت بغيّ فاجرة.

لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها.

حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف.

فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع عن الزواج.

لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك.

وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسه

فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني.

قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى.

قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي.

وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى له.

فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب.

وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك،

فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ ليتزوجها بالحرام.

قُدّم رأسه إلى الملك في الطبق والدم ينزف منه، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ ليتزوجها بالحرام.

فلما رأت المرأة الرأس قالت: اليومَ قرت عيني،

وانتقم الله تعالى لنبيه يحيى عليه السلام فلما صعدت هذه المرأة إلى سطح قصرها

سقطت منه إلى الأرض ,

وكان هناك كلابٌ ضارية فوثبت الكلاب عليها

فأكلتها وهي تنظر إليهم وكان ءاخر ما أكل منها عيناها.

وكان نبي الله يحيى عليه السلام لما ذُبح في الصلاة وقطع رأسه

قد تقطر دمه وسال على الأرض،

ولم يزل دمه يغلي ويفور حتى سلط الله تعالى عليهم بختنصر

أحد ملوك بابل من دمشق فجاءته امرأة فدلته على دم “يحيى بن زكريا”

وهو يغلي فسأل عنه فأخبروه بقصته،

فألقى الله تعالى في قلبه أن يقتل منهم عددًا على ذلك الدم حتى يسكن

فقتل سبعين ألفًا حتى سكن دم يحيى عليه الصلاة والسلام،

والله عزيز ذو انتقام.

يقول الله تعالى في ذم بني إسرائيل:

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}سورة المائدة.

ويذكر أنه بعد مقتل يحيى عليه السلام جاء تلاميذه وأخذوه ودفنوه،

ثم جاءوا إلى عيسى عليه السلام وأخبروه بمقتل نبي الله يحيى عليه السلام،

فحزن حزنًا شديدًا لقتله.


رحمة الله عليه وسلام الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ,,,

يحيائي10
01-02-2018, 10:46 AM
اعتذر عن هذا الانقطاع
تعرضت لازمة صحية خلال هذه الفترة
اوعدكم لي عودة قريبة خلال الاسبوع القادم .
الله يسلمك من كل مكروه ام الهنوف


بارك الله فيك زفي اسهاماتك

ثابت الخطى
04-03-2018, 12:07 PM
بوركت جهودك اختى ام الهنوف والف لا بأس عليك اتمنى منك تجميع هذه السلسه الشيقه فى سى دى وطرحهها او توزيعها لتكون لك صدقه جاريه وتنالى الثواب الجزيل

ثابت الخطى
04-03-2018, 12:10 PM
خصوصا ان تجميعها اخذ منك وقت وجهد منقطع النظير ( كان مجرد اقتراح اختى الكريمه لا اكثر ) واتمنى يؤخذ بعين الأعتبار لتعم الفائده اكبر شريحه