جلالة السلطان قابوس رحمه الله ماذا يعلمنا وهو على النعش
السلطان قابوس حتى وهو على النعش يعلم شعبه والعالم حكما عظيمة :
أولا : اختياره لعقبه السيد هيثم سلطانا للبلاد تعليم على حسم أمر عظيم لدرء أسباب الاختلاف في الاختيار وغلق الباب على الحاسدين الحاقدين على البلد بأن يجدوا منفذا ليبثوا فيه أسباب الاختلاف والفرقة... وهو سنة الخلفاء الراشدين المهديين فقد استخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
ثانيا : وصيته بأن يصلى عليه أفراد عائلته والمعنيين من العسكريين والقيادة.. فيه حكمة نتعلمها بأن التواضع ليس فقط في الحياة وإنما أيضا في الوفاة فهو لم يطلب حضور الملوك ورؤساء الدول ولم يفتح المجال للعامة وإلا لكان في الأمر حالة من التجمهر العظيم الذي يحتاج إلى وقفة كبيرة وجهد أكبر وتنظيم من الجهات العسكرية وستضج الشوارع ازدحاما وهلعا وحزنا وعندها ستتعطل المواصلات والطرق لساعات طوال إن لم نقل النهار بأكمله .. ولكن كان الأمر مسيسا فغسل السلطان وكفن في قصره وخرج به المعنيين من أفراد عائلته والعسكرين إلى الجامع الأكبر دون صخب أو ضجيج وإنما في رزانة ووقار وتعظيم لحق للجنازة لأن الموقف موقف اتعاظ وغيرة.
ثالثا : إعلان السلطان الجديد وأدائه قسم العهد بالقيادة وتولي الحكم بعد دفن السلطان فيه حكمة بأن لا تعيش عمان يوما واحدا بدون قائد أو حاكم وكذلك فيه درء الاختلاف.
رابعا :السيارة التي أتى عليها يوم توليه الحكم 1970 هي نفسها من حملته إلى قبره .. وهنا حكمة بأن الوسيلة التي جاءت بك قد تحتاجها لنقلك فلا تهملها وتتلخص منها فالحاجة إليها أمر وارد... وكذلك حكمة أخرى بأن هذه السيارة هي قديمة بل عتيقة الطراز في وقتنا هذا فاستخدامها لنقل جنازة السلطان فيه تواضع كبير لأنه فيه إشارة الى استخدام الأقل قيمة من أمور الدنيا عند الرحيل للآخرة .. وإلا فهناك السيارات الفارهة الفاخرة والنادرة و الأحدث طرازا وتقنية ولكن حكمة التعليم في موقف العبرة .
خامسا : لم يعمل لقبر السلطان بيت او سياج او حائط مع انه ملك بل إمبراطور دولة .. وإنما قبره مساو للارض كقبور العامة على خلاف ما يعمل للملوك من تجصيص وبناء حول القبر .
حتى وهو على النعش يعلمنا حكما .
رحمك الله يا قابوس الشعب و يا قابوس عمان و يا قابوس الأمة .
اللهم الله دارا خيرا من داره وأجزه الخير عندك.
وأقولها بصدق : إن من لا يبكي السلطان قابوس فعمانيته مزيفة .
كتبه : أبو بركات
11 يناير 2020 م
