مدارات الممكن ..
https://up.omaniaa.co/do.php?img=1838
كان ممكنا أن ندخل تجربة البحر وأن نخوض في أعماقه رهان الحياة أو الموت . كان بوسعنا أن نغامر بأرواحنا في الطريق الواقع في قلب مدار العواصف والمسمى الحب . كان سهلا أن نجرب لسعة النار بالتوق وصفعة البرد بالفقد. كان غير صعب أن نعيش جوع الجسد وأن نرى في الحسي منه عذاب الرغبة الناهشة بتوحش في أشد مواضعنا سرية وتكتما وغموضا . كان ممكنا أن نستظل باللهفة وقت اشتداد حر الحنين وأن نتخذ من الحضن معطفا لشتاء الحرمان . كان سهلا علينا أن نحرض شموع المواعيد ومخمل أبجدية الياسمين وأن نغمز لعين الوقت كي يتوقف بنا عند ركن قصي بمقهى يفيض بدفء عشاقه الساهرين .
كان بالإمكان أن نعيش القبلة عارية وكما خلقتها لحظة الإحساس قرب شجرة كينا أو فوق جدار صغير شاغر لاثنين من دنيا الحب أو في رصيف ليلي ، نحن فيه آخر من بقي متسكعا ، يضيء فراغ السكون ، ويعزف على قرميد الصمت نوتة لحن الهدوء المثرثر في الهزيع الأخير من البوح . كان من غير المتعذر لو سلكنا سكة الغرام أن نذوب في اللهب من دون أي ضمانات لما بعد كل انصهار يكون .
https://up.omaniaa.co/do.php?img=1846
كان بمقدورنا لو ملأنا تلك المسافة القصيرة بيننا بضميم الأصابع أن نتعانق بجرأة ونصير الورود التي تمشي بعطر أحاسيسها علنا ودونما ارتباك . كان ممكنا أن نصير مطرا ناعما من قصيدة في الدروب التي ليس لها منتهى تنتهيه . كان يسيرا بـ ( أحبك ) أن تتناسخ أرواحنا على المسرح العبثي في اليوم مليون مرة .
https://up.omaniaa.co/do.php?img=1840
كان باستطاعتنا أن نرسم حلما ما بألوان الحب في صورة بيت صغير من غيم يصلح لإقامة إثنين يعشقان المبيت على متن غيمة شاهقة . كان من البساطة بمكان أن نقنع الريح بأنا فرسين طليقين ، من جنون مجنح ، وجامح ، وصعب الترويض . كانت ممكنة جدا كل مدارات الممكن هذه المتلبس بعضها بالمستحيل .
لكن . لماذا نبحث في كينونة الممكن وفي احتمالات ما قد / وما قد لا يكون ؟! ومانحن عليه الآن في الواقع أجمل بكثير من أي ممكن كان أو سيكون !!
بقلمي / سعيد مصبح الغافري