هدوء وسط الضجيج ..
عبر لقاء حواري أجراه منتدى الوصال مع الأستاذ عبد الباري عطوان خلال زيارته للسلطنة كشف الأستاذ عن قصة شخصية جمعته مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح حيث قال : في يوم من الأيام زرت الرئيس في أيام الاحتفالات بالوحدة اليمنية ، وكانت هناك مشكلة حدودية مع السعودية ، وقال لي حينئذ: " نحن لدينا تجربة حلوة مع سلطنة عمان ، حينما جئنا لنرسم الحدود جاءنا العمانيون ، وأعطونا ورقة وقلم ، وقالوا ارسموا الحدود ونحن سنقبل لا يوجد فرق ، وضعنا الخط ، واتفقنا بهدوء ، ولم نتجادل على سنتيمتر واحد ، وبعد سنة اكتشفنا أننا نحن اليمنين الذين رسمنا الحدود بأنفسنا ارتكبنا خطأ ، وهو أننا قد قسمنا قبيلة إلى قسمين نصفها في اليمن والنصف الآخر في عمان ، ولقد رسمت الحدود دوليا ، وصارت لدينا مشكلة اجتماعية ومشكلة سياسية ، رجعنا إلى إخواننا العمانين ، وأخبرناهم بالمشكلة ، ورأينا الحل في أمرين ؛ إما أن تنضم القبيلة بأكملها لهم أو لنا ، فقالوا لنا ماذا تقترحون ؟ فقلنا لهم : ناخذها ، فردوا علينا : إذا خذوها
ونتج عن ذلك التسامح والتفاهم أن أضيفت 750 كم من الحدود العمانية إلى اليمن وصارت القبيلة موحدة "
لقد استغربت فعلا من هذه الحادثة ، فهذه المساحة التي تسامح فيها العمانيون مع أخوتهم اليمنين تعادل الضفة الغربية لدولة لبنان حسب مقايسنا .
ومرت الأيام ، التقيت بمعالي المستشار عبدالعزيز الرواس وقلت له : سمعت من الرئيس علي صالح قصة ترسيم الحدود العمانية اليمنية وسألته ما إذا كانت هذه القصة صحيحة أم لا ؟ فأكد لي صحتها ،،،
فسألته باستغراب ؟! عن السبب وراء كل هذه الأريحية العمانية فقال: أولا - عندما أعطينا تلك الأرض لليمنين نتيقن تماما أننا أعطيناها لأشقاء
وثانيا - بتفاهمنا وتسامحنا جلبنا لأنفسنا راحة البال وراحة النفس فلو مثلا غدا صارت أية مشاكل حدودية لا قدر الله فسوف يكلفنا الصراع عليها أضعاف قيمة الأرض ،،
فقلت له : افترض معالي المستشار أنه في المستقبل تم اكتشاف نفط أو ذهب في هذه المنطقة ؟ فأجابني : هذا النفط أو الذهب سوف يكتشف في بلد شقيق وسوف نكون سعيدين جدا ،،،
فسألت نفسي هل هذا الهدوء والعروبة والنخوة والأخوة والتسامح في عمان يعود إلى العمق الحضاري أم السبب طبيعة الحكام هنا على مدى العصور والذين تميزوا بالحكمة وبعد النظر والتسامح أم هي طبيعة جينات الشعب العماني ؟...
المصدر : كتاب منتدى الوصال
