اللهجة التي أطلقها يوسف بن علوي
كم كنت شديد الاستغراب من اللهجة القوية التي أطلقها معالي يوسف بن علوي عند إعتراضه على وزير الدولة للشئون الخارجية السعودي "نزار مدني" عند طرحه موضوع الاتحاد الخليجي في منتدي حوار المنامة عام 2013 ، حيث خرج "بن علوي" عن صمته بمداخله قويه جدا وقال (نحن لسنا مع الاتحاد إطلاقاً) ، نعم قالها وبدون أي مجاملات بروتكوليه، حيث جرت العادة أن يجامل العرب بعضهم البعض في القمم وخاصة الخليجين منهم كعادة بروتكوليه أتبعها العرب منذ بداية قممهم الى يومنا هذا.
كلامه بحزم في ذلك اليوم التاريخي كما أسميته شخصياً، أشعل في رأسي الكثير من الاسئلة، فكما يقال بأن للسياسة رجالها "وأبن علوي" ليس من رجالها وحسب بل هو عمود من أعمدة السياسة الدولية، فكيف يقول ذلك الكلام الذي وصفه البعض بأنه كلام اندفاعي وغير مدروس العواقب، ويومها كبرت وهللت وسائل الاعلام الخليجية على تصريح معاليه وقالوا عنه وعن بلادي عمان أنهم عثرة في وجه الاتحاد الخليجي وأن عمان متواطئة مع أطراف خارج المنظومة العربية لا تحب الخير لدول الخليج حتى أنهم أتهموا بلادي الحبيبة بالعمالة والخيانة، والخروج عن الصف الخليجي وكلام كثير لم نتوقع نحن كعمانيين أن نسمعه يوماً من أبناء دول المجلس ، ومن المؤكد بأن تصريح "أبن علوي" لا يعكس توجهه الشخصي، وإنما يعكس توجه الدولة، وتوجه مولانا السلطان حفظه الله، وعندما نذكر مولانا السلطان فأننا ندرك بأن هذا الرجل قد خبر المنطقة العربية والخليجية أكثر من غيره فهو نفس الرجل الذي كان ينبه العالم أجمع في بداية التسعينات من خطورة الجماعات المتطرفة التي تستغل الدين غطاء لها ، وها هي اليوم هذه الجماعات تعيث في الارض فساد وتهلك الحرث والنسل وتدمر منجزات الاوطان، وهو نفس الرجل الذي كان يحذر من التصعيد في العراق وفي سوريا وفي الجارة اليمن والان أنظروا نتيجة ذلك التصعيد.
لا أخفيكم بأنني شخصيا كنت غير مرتاح لتصريح "ابن علوي" نوعاً ما ففي الوحدة قوة والتحام، وفي التفرق ضعف وشتات، إلا أنني في الجانب الاخر كنت على يقين بأن موقف القيادة لا يأتي من فراغ فمن المؤكد أن القيادة السياسية في البلد تعرف وتتنبأ بما لا أعرفه أنا وغيري، والا ما كانت تصرح بأنها سوف تخرج من منظومة مجلس التعاون الخليجي أن أُقر الاتحاد، ويعني ذلك بأن الدولة سوف تتأثر اقتصاديا لو خرجت فعلاً من منظومة المجلس، ومن المؤكد بأنه لا توجد دولة ترغب بأن يتأثر اقتصادها أو يتعثر،، إذاً والسؤال ما زال يشتعل في رأسي لمااااذا هذا الاصرار العماني ضد فكرة الاتحاد!!!؟؟؟؛..
وخلال هذه الايام عرفت سبب ذلك الموقف الحازم من سلطنتنا الحبيبة ضد فكرة ذلك الاتحاد ، نعم وللأسف أنني عرفت متأخرا نوع ما، عرفت بأن بعض تلك الدول التي تنادي بالاتحاد هي نفس الدول التي تتراشق اليوم في وسائل الاعلام وتتبادل التهم بدعم الارهاب، وهي نفس الدول التي اصبحت تتنافس اليوم بإنتاج الافلام الوثائقية التي تبين دور كل من تلك الدول في الويلات التي حلت بإخواننا في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، عرفت بأن بعض تلك الدول ما هم الا سماسرة حرب ودعاة فتن، عرفت بأن بعض تلك الدول اليوم تتهافت للولي "ترامب" لكي يأدب دول أخرى من ضمن ذلك الاتحاد الذين كانوا ينادون به، عرفت وياليتني لم أعرف بأن بعض تلك الدول هم سبب نكبات الوطن العربي جميعها، ومن أجمل ما عرفت بان القرءان لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حين ورد فيه
( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) ، نعم قلوبهم شتى فجميعهم يحارب في اليمن إلا أن لكل منهم هدف، جميعهم يدعم الحركات المسلحة في سوريا وليبيا والعراق وكذلك لكل منهم هدف، جميعهم يتقرب من أمريكا ويتنافسون فيما بينهم لإرضائها نكاية ببعضهم البعض، لم يتبلى أحد عليهم وأنما هم نشروا غسيلهم بنفسم، كل منهم الان فضح الاخر.
انها المراهقة السياسية التي فضلت بلادي الابتعاد عنها، وعدم المغامرة بالدخول مع هكذا دول متخبطة في اتحاد قد يدمر نفسه بنفسه. نعم أصاب "ابن علوي" وأصابت بلادي عندما أعلنوها صراحتا بقولهم "لا"، وحسناً كان الرأي، والسؤال أين المحللين والكتاب اليوم الذين هاجموا السلطنة حينها عندما قالت لاتحادهم المزعوم "لا"، أم أنهم دفنوا رؤوسهم كالنعام وفضلوا السكوت، أم أنهم مشغولون الان بمهاجمة بعضهم البعض!!!
حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان وجميع المخلصين من أبناء هذا الوطن.
احمد البوسعيدي
طالب علوم سياسية
