السياسة العمانية الأنموذح الحكيم والمتزن*
*السياسة العمانية الأنموذج الحكيم والمتزن*
قبل سنوات تم تسريب الالف الوثائق السرية لمختلف دول العالم؛ ومنها دول أوروبية وعربية وخليجية وأيضا وثائق تخص السياسية العمانية؛ وعرفت يومها باسم وثائق *ويكليكس*؛ ولم نجد في هذه الوثائق وثيقة عمانية تسيئ لأي دولة من دول العالم؛ وعكفت وسائل الإعلام الغربية والاقليمية على تحليل الوثائق بين متهم وجاني ومجني عليه؛ وانكشفت أقنعة البعض؛ واتضحت رؤية بعض الدول التي اتسمت بالمؤامرة والخداع؛ بإستثناء السلطنة التي لم يجدوا لها وثيقة إلا وكانت تتضمن رسالة سلام ومحبة ومصالحة وتقريب بين دول العالم أجمع.
ثم جاءت أزمة سحب السفراء من قطر؛ واشتعل الخليج بين معتدي ومعتدى عليه؛ وضجت وسائل الإعلام الخليجية لتأجيج الوضع؛ ليقف الإعلام والشعب العماني موقف المحايد؛ بل كانت السلطنة وكعادتها قائدة المصالحة بين الأشقاء من أجل لم الشمل؛ وجمع الأحبة؛ والمحافظة على البيت الخليجي؛ فكتب الله ذلك بإذنه وأمره؛ وبدعم وجهد واجتهاد من السلطنة وشقيقتها دولة الكويت التي كانت تشاطرها الرأي وتستأنس بموقف السلطنة السياسي.
ثم وبعد فترة بسيطة اشتعل الخليج مجددا بقضية أخرى حملت عنوان "الإتحاد الخليجي" وكانت السلطنة الدولة الخليجية الوحيدة التي وقفت بكل وضوح وصراحة ومصداقية؛ لتؤكد بأن الوضع السياسي والتاريخي والإجتماعي لدول الخليج لا يسمح بقيام اتحاد بين الدول الست؛فعارض من عارض السلطنة والبعض قدح واتهم أهل عمان بما لا يليق؛ فكان الرد العماني: "صبرا جميل؛ والله المستعان". حتى جاء اليوم الذي تأكد فيه مرة أخرى موقف السلطنة؛ وصواب ما اتخذته من مواقف.
ودارت الأيام وظهرت قضية اليمن؛ ومرة أخرى ورفضت السلطنة المشاركة في هذه الحرب التي مازالت مستمرة منذ مايقارب الثلاث سنوات؛ متسببة في قتل الالف اليمنيين؛ وهدم البنية التحتية من مدارس ومستشفيات وجامعات ومنازل؛ كما كانت سببا رئيسا في انتشار أمراض لم تعرفها اليمن منذ عشىرات السنين وعلى رأسها الكوليراء؛والكثير من الأمراض الأخرى كما وضعت اليمن على خط الفقر. ليتأكد من جديد بأن السلطنة على حق؛ وليأتي اليمنيين من مختلف الطوائف والأطراف ليأخذوا رأي السلطنة في حل قضيتهم التي مازالت قائمة.
واليوم تطل علينا قضية جديدة وصلت ذروتها؛ بين الأشقاء في قطر والإمارات والسعودية والبحرين؛ ومرة أخرى وكالعادة تؤكد السلطنة قيادة وحكومة وشعبا بأن الأمور لا يمكن التعامل معها بهذا المستوى من التعاطي الإعلامي المقيت الذي يتسبب بشىرخ اجتماعي وسياسي واقتصادي على دول الخليج؛ وقد يتطور الى صدام عسكري؛ لتقف السلطنة محاولة قدر الإمكان وكعادتها في ردم هذا الصدع؛ ورتق هذا الشرخ في الثوب الخليجي؛ بعيدا عن المهاترات التي تسببت في شحن الوضع الذي يوشك أن يتفجر ويقضي على أبناء الخليج.
إن السياسة العمانية اليوم أصبحت مصدر ثقة؛ وقوة؛ وحكمة؛ وإلهام للأمم والشعوب؛ وأصبح أهل عمان بكل أطيافهم وثقافاتهم وتنوعهم الجغرافي والإجتماعي؛ يمثلون مدرسة سياسية واحدة؛ قيمها ومبادئها ثابتة لا تتغير؛ هدفها النبيل هو نشر السلام والمحبة بين كل شعوب العالم؛ ونبذ العنف والتطرف؛ وهذه حكمة أهل عمان منذ الالف السنين؛ وأشاد بها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ والصحابة الكرام؛ وأكد عليها وتمسك بها السلاطين في عمان؛ ونقلوها من جيلا إلى جيل؛ ومازلنا على هذا النهج بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان *قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه* ؛ الذي أكد منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد عام ١٩٧٠م بأن السلطنة تنتهج سياسة عدم التدخل في شؤون الأخرين؛ ولا تسمح بأن يتدخل أحد في سياستنا الداخلية؛ وهنا تتجلى الحكمة في اسمى معانيها المتزنة.
* استاذ السياسية.
