أزمة غرداية واحتجاجات الشرطة يقرعان ناقوس الخطر...]
تعيش الجزائر منذ أيام وضعاً* خطيراً* أقلق كل الجزائريين وجعلهم* يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً* من الانزلاق نحو الفتن والفوضى، فحينما* يقوم رجال الشرطة باحتجاجات فهذا* يعني* أن الأوضاع على* غير ما* يُرام، فإضراب أعوان الامن يؤكد أن الوضع الداخلي للبلاد في غاية الخطورة بعيدا عن كل تحليل مغالط،* يتحدث عن مؤامرة خارجية أو أياد أجنبية أو* غيرها*، باعتبار أن الأمر* يتعلق بتفاعلات لمتغيرات داخلية لم* يتم التحكم فيها.
من حق الجزائريين أن يشعروا بالخوف على مصير بلدهم وهم يشاهدون هذه الاحتجاجات التي تأخذ طابعا عنيفا، وهم ينظرون إلى الدولة وهي تتراجع إلى الوراء أمام زحف الفوضى، فجرح الجزائر في غرداية ينزف، المواجهات هناك لا تتوقف بين أبناء المنطقة، ولا أحد يملك الحل لهذه الوضعية المخيفة، بل إننا لا نعرف على وجه التحديد أسباب هذه الأزمة.
عجز عن إيجاد الحلول
الوضع في غرداية أثبت الآن أنه مرشح للتفاقم والانتشار والتأثير على سير مؤسسات الدولة، فالأزمة التي تشهدها هذه الولاية منذ شهور، والتي عجزت السلطة عن إيــجاد حلول جذرية لها وعملت على إدارتها من خلال خطط أمنية وبوضع الشرطة في مواجهتها بشكل دائم هي التي أدت إلى انهــيار المنظومة الأمنية.
احتجاجات عناصر الشرطة، الأولى من نوعها، مردها أسباب عديدة، ومن أهمها إلقاء اللوم على عناصرها في الفشل في وقف التصادم بين المتنازعين، وفي إطلاق سراح الموقوفين وفي الضغوطات الرهيبة الممارسة عليهم من قبل كبار مسؤوليهم، فأفراد الأمن لم يستطيعوا مواجهة الفوضى اليومية المستمرة دون أفق حل دائم..
كما أن وضعيتهم الاجتماعية السيئة جعلتهم غير قادرين على تحمل المزيد، فأرادوا ضرب عصفورين بحجر واحد وهو إجبار السلطة على حل الوضع في غرداية وعدم وضعهم دائما في فم المدفع، وتحسين رواتبهم من جهة أخرى في ظل تهميشهم لعدة سنوات دون الالتفات إلى وضعهم رغم تضحياتهم الجسيمة في سبيل استقرار البلاد.
مطالب مشروعة
مطالب سكان* غرداية باستتباب الأمن في المنطقة موضوعية،* ومطالب رجال الأمن موضوعية هي* الأخرى،* واتفاقهم حول أن الزمن قد طال أمر مؤكد..
وذلك ما* يفسر الرضا المتبادل بين رجال الأمن والمواطنين بشأن احتجاج هؤلاء وهؤلاء،* بل وما* يفسر التعاطف الشعبي* في* كامل ربوع الجزائر من قبل مع سكان* غرداية واليوم مع رجال الأمن الذين حملوا مطالب مشروعة واتخذوا قرار الخروج للشارع رغم علمهم بصعوبته وما* يمكن أن* يجر من تَبعات.
المشكلة أن كل هذا* يحدث في* ظل تواصل* غياب الرئيس بوتفليقة بسبب المرض الذي* أقعده عن المتابعة الحثيثة اليومية لمختلف شؤون البلد كما كان الأمر في* سنوات الصحة والعافية، وأثبتت الأحداث الأخيرة مدى حاجة البلاد إلى جهاز قوي يغـــــطي على مرض الرئيس في أن يتمكن من حلّ* معـــضلاتها المتفاقمة وتمكينها من اجتياز كل الأخطار بسلام*.
مرونة مع المطالب
لقد أبدت السلطات مرونة في التعاطي مع المطالب ذات الطابع المهني والاجتماعي، لكن من الصعوبة بمكان الجزم بأن السلطة ستقبل الرد إيجابيا على المطالب الخاصة بإنشاء نقابة مستقلة للشرطة لاعتبارات كثيرة لها علاقة أساسا بحساسية السلك الأمني وتخوف السلطات من أن تتحول هذه النقابة إلى مشكل بحد ذاته..
خاصة وان المطلوب من الأمن بالدرجة الأولى هو الانضباط في بلد لا يزال يواجه مشاكل أمنية كثيرة في ظل غياب ثقافة مطلبية سلمية، فالسلطة لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تقبل بأن ينزل رجال الشرطة مجددا إلى الشارع للاحتجاج.
المادة 30
يواجه المئات من عناصر الشرطة خطر الإحالة إلى محاكم جزائية في حالة اتخاذ قرار بتفعيل المادة رقم 30 من القانون الأساسي للشرطة، والمادة رقم 112 من قانون العقوبات الجزائري، ولكن قرار إحالة هؤلاء على لجان التأديب الوظيفي ثم المحاكم الجنائية لن يتم إلا في حالة إقرار ذلك من قبل سلطة عليا..
وقد يؤدي في حالة متابعة عناصر الشرطة المشاركين في الاحتجاج إلى ثورة في صفوف رجال الأمن ، لكن عدم اتخاذ أي إجراء قد يفقد الدولة حسب عدد من المحللين عنصر الردع في تعاملها مع الأسلاك النظامية على اعتبار أن الاحتجاجات ممنوعة في الجهاز الأمني.
