تغوّل استيطاني في القدس يهدد مفاوضات هشّة...]
إن التغول الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مشهد ليس جديداً على ملف الصراع، ولكن وتيرته تعلو وتنخفض بحسب حسابات إسرائيلية، تعتمد على استغلال انشغال العالم بملفات تعتبر أكثر سخونة في نظر المجتمع الدولي، أو محاولة تل أبيب تسويقه على أنه رد فعل على تحرك فلسطيني ميداني أو سياسي، ضاربة بعرض الحائط كافة الجهود والمحاولات لدفع مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار وبحث التسوية الهشة..
والتي قد يكون إعلان فشلها أو تجميدها القشة التي ستقصم ظهر العملية السياسية برمتها. أحدث تلك المخططات التي دفعت بها حكومة الاحتلال، وأعلنت تسريع بنائها هو في الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة، يشمل بناء أكثر من ألف وحدة استيطانية في مستوطنتي هارحوما في جبل أبوغنيم ورمات شلومو، رغم تحذيرات غربية من مغبة استمرار البناء الاستيطاني في القدس والضفة الغربية..
حيث كان البناء في جبل أبو غنيم أحد النقاط الحمراء التي وردت في وثيقة أوروبية أرسلت مؤخرا إلى إسرائيل.ويأتي القرار الإسرائيلي بعد موجة غضب في المجتمع الدولي والفلسطيني من استيلاء مستوطنين على عقارات في حي سلوان في القدس المحتلة. وبحسب محلل سياسي، فإن «الوقت غير مناسب أبداً للقيام بأعمال مماثلة، خاصة الآن بينما تشتعل القدس».
تقسيم الأقصى
أما الأقصى، وهو محور رئيسي في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فتصدّر جلسة خاصة للكنيست الاثنين الماضي، حضرها ممثلون عن بلدية الاحتلال في القدس ووزارات المالية والإسكان والخارجية ومكتب رئيس الوزراء إلى جانب منظمة عطيرت كوهانيم ومؤسسة تراث جبل الهيكل ومنظمة عيرعميم الاستيطانية..
لبحث وتسريع إقرار مقترح سحب السيادة الأردنية عن المسجد المبارك، والذي قدمه نائب رئيس الكنيست المتطرف موشيه فيغلين في محاولة لفرض سيادة كاملة للاحتلال عليه.
واعتبر مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب أن الحديث عن جلسات في الكنيست وأي نقاش حول وضع المسجد مرفوض بشكل كامل، مؤكدا السيادة الإسلامية على الأقصى برعاية ووصاية أردنية، وهو مسجد إسلامي لجميع مسلمي العالم، وسط تحذيرات من أن تنفيذ مخطط التقسيم بات قوب قوسين أو أدنى.
تدخل عاجل
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفي موقف ليس بجديد، طلب برسالة عاجلة تدخلا أميركيا لوقف التصعيد الإسرائيلي في القدس المحتلة، خاصة اقتحامات المستوطنين والمتطرفين للمسجد الأقصى..
في ظل استمرار المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال الذين يحتشدون في المدينة المقدسة، منذ أكثر من أسابيع على خلفية تصعيد اقتحام اليهود للمسجد. وحذر عباس من خطورة الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى التقسيم الزماني والمكاني للأماكن المقدسة، بما سيؤدي إلى انفجار أوسع لا يمكن السيطرة عليه، مطالبا بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي.
تحذير أردني
أما الأردن، فجدد تحذيره من انهيار اتفاقية السلام مع إسرائيل، الموقعة قبل 20 عاما، بسبب استمرار البناء الاستيطاني في الاراضي المحتلة وأي إجراء لتغيير الوضع الديني في الحرم القدسي.
وبحسب السفير الأردني لدى اسرائيل وليد عبيدات، فإن «تلك الافعال لا تتوافق مع القانون الدولي والقانون الانساني، واذا سمح باستمرارها فستعرض الاتفاقية للخطر في نهاية الأمر».
وفي نيويورك، قال ناطق باسم بعثة الأردن لدى الأمم المتحدة، وهي عضو غير دائم في مجلس الأمن، إن بلاده ستدعو نيابة عن الفلسطينيين إلى عــقد اجتماع طارئ للمجلس لبحث تــــصاعد التوتر في القدس، فيما اعتبر الاتحاد الأوروبي أن قرار التوسع الاستيطاني في القدس «سيثير مرة أخرى شكوكا خطيرة بشأن التزام إسرائيل بالتوصل إلى حلول عن طريق التفاوض مع الفلسطينيين».
تعنّت إسرائيلي
أما نتانياهو، فظلّ على نفس الدرجة من التعنت والتحدي. وقال: «هناك اتفاق واسع في الآراء بين الشعب الإسرائيلي بشأن الحق الكامل في بناء أحياء يهودية في القدس وفي الكتل الاستيطانية».
وفي خـــطاب ألقاه في القـــدس بــمناســبة افتتاح الدورة الشتوية للبرلمان الإسرائيلي، بدا نتانياهو أكثر تبجحا في مواقفه، قائلا: «نقول لليهود لا تعيشوا في القدس؟ لماذا؟ لأن ذلك يؤدي إلى تسخين الأجواء؟».
وفي إشارة إلى المفاوضات المتوقفة مع الفلسطينيين، زعم نتانياهو أنهم يطرحون «مطالب مبالغ فيها من شأنها الإضرار بالأمن الإسرائيلي»، حسب تعبيره.
تأجيل مشروط
بحسب مصادر فلسطينية متطابقة، فإن القيادة الفلسطينية ستقبل بتأجيل التوجه لمجلس الأمن الدولي من أجل طلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة زمنية محددة في حال استجابت الولايات المتحدة وإسرائيل لخمسة شروط أساسية للفلسطينيين. وتلك الشروط هي: قبول واعتراف إسرائيل بحدود 67 والتفاوض عليها في إطار تبادل معقول وطفيف للأراضي خلال فترة زمنية محددة، ووقف جميع أشكال الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الاقصى المبارك.
