مقالا مفزعا عرض فيه الإحصائية نصف السنوية التي يصدرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات
أسئلة على صفيح بارد .
::::::
على ذمة جريدة الرؤية / كتب أحمد الجهوري مقالا مفزعا عرض فيه الإحصائية نصف السنوية التي يصدرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
ولن أتطرق إلى كل الإحصائية وإنما سأسلط الضوء على الفئة التعيسة فيها .
ذكر التقرير بأن 133 الف موظف وعامل عماني يعملون في القطاع الخاص يتقاضون راتبا شهريا أقل من 499 ريالا .. من أصل 250 الف مواطن .
وإن 77 الف مواطن منهم يتقاضى راتبا شهريا 325 ريال وأقل من 400 ريال / و56 ألفا منهم يتقاضى 400 ريال واقل من 500 ريالا .
سأقف هنا ولن أتطرق إلى اعداد الذين يتقاضون فوق الألف والألفين والثلاثة آلاف ريالا .. فهذه الفئة بالمقارنة مع الفئة الأولى هم من أهل الجنة .. أو على الأغلب هم بعيدون عن العذاب والجحيم .. ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )!!!!
تعالوا نتساءل حول طبيعة الأرقام المؤلمة والاحصائيات المزعجة فلغة الأرقام لغة خطيرة .. ودقيقة .. وغالبا تكون صادقة وصادمة . . .
حيث يفترض من حكومة كحكومتنا تدعي النزاهة والعدالة والشفافية وتتشدق بكرامة الموطن ورفاهيته أن يكون لديها مركز دراسات نفسية واجتماعية متخصص في تحليل وتشريح تلك الاحصائيات التي يقذفها بنا مركز الإحصاء الوطني .
يفترض أن يكون معنا مركز استشعار اجتماعي واقتصادي ونفسي .. يرسل نتائجه وتحليلاته في ظرف أحمر كتب عليه بالخط الأحمر ( عاجل جدا جدا جدا ) إلى أكبر جهة سلطوية في الدولة لتنقذ ما يمكن إنقاذه ..
133 الف شاب يتقاضون راتبا بين 325 _ 499 ريالا .. أعتقد بأن هذه مصيبة كبيرة وفاجعة حقيقة لكن للأسف لا يحتسي مرارتها إلا أصحابها . . ولا يحترق في اتونها إلا أهلها .
والمضحك أن لدينا جامعة عظيمة تحوي قسما عظيما للدراسات النفسية والاجتماعية والإرشاد النفسي. . يضم كادرا عظيما من الأساتذة وكبار المحاضرين .. ولكن لا تسمع لهم ركزا ..!!!
إنهم يتقاضون رواتبهم الهائلة .. وينامون قريري العيون .. يحلمون بالأجمل .. والاروع .. والأبهى من متع الدنيا الزائلة .
اولئك .. وغيرهم من مسؤولي الوطن ونخبه .. للأسف لا تفزعهم إحصائيات المركز الوطني الحمراء والصفراء .. إنهم لا يكترثون بتلك الأرقام .. لا تصيبهم بالدوار .. ولا تصفعهم بالهزال ... ولا تغض مضجعهم . . ولا تحرك مشاعرهم الساكنة السعيدة المطمئنة. . لأنهم بإختصار خارج مربع الموت .. وبعدين كل البعد عن بحر الظلمات .
وسبق أن كتبت بأننا من فئة المجتمعات الأنانية النرجسية بإمتياز .. والتي ليس لها قضية سوى " ذاتها ومصلحتها " فقط .
133 الف شاب يتقاضون أقل من 499 ريال في وطن يتمتع ب الثراء والغنى الفاحش ... وطن يعيش في كنفه عشرات وعشرات من أصحاب الثروات التي لا تعد ولا تحصى .. وطن نسمع يوميا عن ملايينه التي تحلق .. وتسبح .. وتطير.. وتختفي .. .
لا احد منا يسأل نفسه .. كيف يعيش هولاء التعساء بهذه الرواتب الحقيرة ؟؟
كيف يمارسون حياتهم في عاصمة تعتبر الأغلى في الوطن العربي مقارنة مع مستويات الدخل والمعيشة .. فهي أغلى من أبو ظبي .. واغلى من الرياض .. واغلى من بيروت .
كيف يعيش أصحاب ال 400 ريال ..
ماذا يأكون ..
وأين يسكنون ..
وماذا يركبون ..
وكيف سيتزوجون وينجبون ؟؟
المثير للغرابة والدهشة أن هناك تجاهل كلي لهذه الفئة المهضومة. .
لا أدري لما كل هذا الصمت المطبق عن مناقشة مشاكلهم ومصائبهم التي يعانونها : . .
رواتب هزيلة
إدارة هندية هندوسية متعجرفة .
ساعات عمل طويلة مقرفة
لا تأمين صحي .
لا تأمين على الحياة
لا علاوات .
لا مكافآت .
لا أمن ولا أمان وظيفي ..... الخ من المصائب .
أتمنى لو أن تستيقظ وتنضج مشاعرنا الانسانية بسرعة كما نضج "رطبنا" بسرعة هائلة ...
أتمنى أن ترتقي مشاعرنا الوطنية في الواقع الحقيقي .. إن تختلط وطنيتنا بالأرض والطين والتراب .. وليس في التشدقات وفي بروفايلات هواتفنا الفاخرة ..!
الوطنية الحقيقية هو في إحساسك بمعاناة من حولك ..
استشعار هموهم ..
التفاعل مع مشاكلهم ..
الوقوف على احتياجاتهم ..
والانصات إلى أوجاعهم
وتضميد جراحهم .
أتمنى فقط أن نكون كالجسد الواحد ..
إذا اشتكى منه عضو .. تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
أنها أمنية طالما حلمت بتحققها قبل أن أغادر هذا العالم ..!!!.
كونوا بخير ؛؛؛؛؛
