" ما بين التناسي والنسيان "
لتلك اللحظات التي طواها الماضي ،
والتي لم تمسح من صفحة الذكريات ،
بعدما حفرت بدمعٍ مراق !
أعني الذكريات التي أدمت القلوب ،
وضج منها الفؤاد ،
وكيف :
يكون النسيان ؟!
إذا ما كان لكل وارد من المواقف تقع عليه العين
أو يلوح طيفه على نوافذ وابواب البال تُتعيد لنا
مشاهد الذي صار من أيام عصيبة، قد أنهكت جسد
المصاب !!
كم :
تمنينا أن تكون في " مَلكِنا " يد النسيان ،
لنمحو بها تلك الهموم والأحزان .
فما نملكه :
هو ذاك " التناسي " الذي به نخرج من ضجيج
المآسي ، لنتجاوز به مواطن الآهات .
التناسي :
نحن من نتحكم به ونخضعه لرغباتنا ،
وأما الأصل :
هو أن ما خُط في الذاكرة
لابد له أن يظهر للعيان ، ومن ذلك
نستجلب التناسي ، لنعيش بقية الأيام ،
ونحن تعلونا بسمة الأمل ، لنفارق بذاك التصنّع مرابع ودواعي
الحرمان .
وأما النسيان :
فليس لنا يد فيه ، فهو قهر يأتي
ليس لنا عليه من سلطان .
وما علينا حياله :
أن نأخذ بالأسباب لنعالجه .
أعني هنا :
ذلك الأمر التي فيه مصلحة ذلك الإنسان ،
الذي بذاك النسيان قد يقود نفسه للهلاك .
والنسيان :
صفة أودعها الله في النفس البشرية وقد سمي الإنسان إنساناً لكثرة نسيانه ،
والبعض يسميها " نعمة " ، وهي بالفعل نعمة من عند الله يستطيع الإنسان
أن يتعدى بها همومه وأحزانه وينسى تلك الجراح التي أحدثتها نوائب الدنيا
ومنغصاتها ولا خلاف على أن النسيان نعمة كبيرة من الله
سبحانه وتعالى على الإنسان.
يقول الحكماء :
لله على الناس نعمتان لا تطيب من دونهما الحياة
ولا يهنأ بغيرهما عيش ، النسيان والأمل فبالنسيان تندمل الجفون القريحة ،
والحكمة منه كبيرة فهو يخفف الهموم والذكريات المحزنة ،
وراحة للأفكار ، ويخفف الضغوط الفكرية العميقة .
من هنا :
كان النسيان في هذه الحالة
" نعمة " .