الاقتصاد العماني يسير في الاتجاه الصحيح
في الوقت الذي أعربت فيه مختلف الدول المنتجة للنفط، سواء في منطقة الخليج، أو على امتداد العالم، عن قلقها المتزايد حيال الانخفاض الكبير، والمتواصل أيضا، في أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتي خسرت فيها الأسعار ما يزيد على الـ40% مما كانت عليه قبل أشهر قليلة فقط، فإنه بات من الضروري، بل والعاجل أيضا، العمل واتخاذ الإجراءات المناسبة والضرورية لمواجهة مثل هذا التطور، وانعكاساته على عائدات السلطنة من العملات الأجنبية، والتي تشكل العائدات النفطية نحو 80% منها، وكذلك ما يتعلق بالإنفاق العام خلال العام القادم، والمرشح ان تشهد أشهر عديدة منه استمرار الانخفاض في اسعار النفط، وذلك وفقا للكثير من التقديرات الموضوعية لمؤسسات مالية عالمية يوثق في توقعاتها. ومع اليقين أن الجهات المسؤولة في البلاد، وما تضمه من شخصيات متخصصة، خاصة في مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة وغيرها من الجهات والمؤسسات المعنية، تبذل قصارى جهدها من أجل اتخاذ كل ما يلزم للتعامل الفعال مع هذا التطور الذي يفرض نفسه، والذي يشكل أيضا تطوراً فرضته ظروف السوق الدولية للنفط، وما تشهده من تقلبات، فانه ليس هناك أدنى شك في أن اقتصاد السلطنة قادر على استيعاب انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، والحد من انعكاساته السلبية، إلى أدنى مستوى ممكن على برامج وخطط الاستثمار، وعلى الجوانب الاجتماعية والخدمية التي تهم المواطن العماني، وذلك في إطار القاعدة التي أرساها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه– منذ انخفاض أسعار النفط بشكل حاد في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، والمتمثلة في العمل على الحفاظ على ما يقدم للمواطن العماني من خدمات صحية وتعليمية وغيرها دون مساس، أو تأثر بانخفاض أسعار النفط. وكما نجحت الحكومة من قبل، أكثر من مرة في التعامل مع هذا الموقف، فإنها ستنجح كذلك هذه المرة أيضا.
جدير بالذكر أن الاقتصاد العماني الآن، أي بعد سنوات من الجهود التي بذلت لتنويع مصادر الدخل القومي، والحد من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل القومي، هو في وضع أفضل بكثير مما كان عليه في التسعينات من القرن الماضي مثلاً. صحيح أن معدلات الإنفاق الحكومي زادت كثيرا، لاعتبارات تنشيط وتطوير الكثير من مجالات التنمية المستدامة، ولكن الصحيح أيضا أن مصادر دخل متزايدة تسهم بشكل متزايد في رفد العائدات العمانية من العملات الأجنبية. ومن المهم والضروري مساندة ودعم السياسات والبرامج التي تحددها الحكومة للحد من الإنفاق تحقيقاً للمصلحة العامة، للاقتصاد وللمواطن العماني كذلك. ومما له أهمية أن الأرقام والبيانات الأولية بشأن الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة في النصف الأول من هذا العام، بالأسعار الجارية، أشارت إلى تحقيق معدل نمو بلغ 7.3% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. ومما له دلالة عميقة أنه بالرغم من أن القيمة المضافة للأنشطة النفطية سجلت تراجعاً طفيفاً بنسبة 4.0% فان الأنشطة غير النفطية سجلت نمواً بنسبة 3.7% في الفترة نفسها، وهو ما يشير إلى إيجابية وتأثير ما تم اتخاذه من سياسات لتنويع مصادر الدخل، وهو ما يتم مواصلة العمل من أجله