تذبذب أسعار النفط يعيق إقرار الموازنة العراقية
في بلد يعتمد اقتصاده بشكل شبه تام على النفط، كالعراق، يكون اقتصاد هذا البلد خاضعاً إلى درجة كبيرة جداً إلى المؤثرات الخارجية، لاسيما مع سوء التخطيط الاقتصادي طوال السنوات الماضية، الأمر الذي يثير التساؤلات عن مصير الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط في الموازنات السابقة.وأثار الانخفاض المستمر بأسعار النفط العالمية مخاوف شديدة من انهيار اقتصادات البلاد المعتمدة على الإيرادات النفطية كمورد وحيد ورئيس لميزانياتها السنوية، وجاء ليؤشر حقيقة طالما تم التطرق إليها بأن بعض الدول تستخدم النفط سلاحاً لرفع أو إسقاط اقتصادات دول معينة لا تتوافق سياساتها مع ما تريده هذه الدول المسيطرة بصورة وبأخرى على سوق النفط العالمي إنتاجاً وتسويقاً.
التخطيط الغائب
إلا أن التفكير بهذا الاتجاه يدفع أيضاً السياسيين والمراقبين، إلى التساؤل عن مستوى التخطيط، الذي يضع مختلف الاحتمالات، وهو غير موجود في العراق، بدليل أن موازنة العام 2014، تصرف بها شخص واحد، ولم تقر في البرلمان، كما لا توجد حسابات موثقة لأوجه الصرف ونتائجه.
وحتى في حال غض النظر عن موازنة 2014 «التائهة» والحسابات الختامية للسنة ما قبلها، لا توجد مؤشرات حقيقية لوجود سياسة اقتصادية في البلاد.
وفي هذا الصدد، كشف رئيس كتلة الفضيلة النيابية عمار طعمة، أن الفائض المالي للموازنات المالية منذ عام 2004 إلى عام 2012، الذي بلغ 185 تريليون دينار عراقي (أكثر من 150 مليار دولار).
وقال النائب عمار طعمة في مؤتمر صحافي عقده بمبنى مجلس النواب إن «الموازنة بحاجة لتوضيح مصير فائض إيرادات السنوات الماضية، وإمكانية مساهمته في تغطية عجز موازنة 2015»، مبيناً أن «السنوات الماضية شهدت فائضاً في الإيرادات وفق الجدول المبين في تقرير اللجنة المالية يقارب الـ 185 تريليون دينار..
وهذه الأرقام تقودنا للتساؤل عن موارد صرف أو مصير تلك الأموال الفائضة، ومع وجودها لماذا نلجأ لسد عجز موازنة 2015 بالاقتراض الداخلي والخارجي وبأكثر من 20 تريليون دينار؟»، مطالباً بتقديم بيانات مالية تفصيلية توضح إيرادات ونفقات موازنة عام 2014 للتحقق من سلامة وكفاءة موارد الصرف بالتزامن مع مناقشة موازنة 2015.
كبوة إضافية
وبحسب الوكالة الوطنية العراقية، إن البلد المثقل أساساً بسياسات اقتصادية متعبة، وأخرى سياسية، أثقلت كاهل الناس بهموم مضافة لهمومهم الحياتية في ظل عدم وضوح هذه السياسات وهل هي لخدمتهم أم لخدمة آخرين، فيما جاء انخفاض أسعار النفط العالمية ليضيف على الاقتصاد العراقي هماً آخر سيؤخر نهوضه من الكبوات السابقة فترة أخرى.
وكان مجلس الوزراء العراقي على موازنة العام الحالي في 23 من الشهر الماضي، وتمت قراءتها في البرلمان قراءة أولى بجلسة استثنائية يوم 25 منه، ثم جاءت الجلسة الأولى للبرلمان بفصله التشريعي الثاني بعد العطلة الدستورية له لتقرأ اللجنة المالية النيابية تقريرها الذي صدم الكثير من النواب حول الكثير من فقراتها وأبوابها.
وبدأت القراءة الثانية لها في ظل توجيه من رئيس البرلمان سليم الجبوري بأن تدرج الموازنة على جدول أعمال الجلسات النيابية لحين التوصل إلى إقرارها، ولكن في ظل الانخفاض المستمر لأسعار النفط جاءت مخاوف بعض النواب من أن يستمر هذا الانخفاض لفترة يضطر فيها البرلمان لإعادة الموازنة إلى الحكومة لتعديل سعر برميل النفط الذي بنيت على أساسه الموازنة.
ويؤكد النائب عن كتلة الأحرار عواد العوادي أن استمرار هبوط أسعار النفط العالمية بهذا الشكل يؤثر بشكل سلبي على موازنة البلاد للعام الحالي، حيث أرسلت الحكومة الموازنة إلى البرلمان على أساس سعر برميل النفط 60 دولاراً إلا أن سعر البرميل مستمر بالانخفاض اليومي حتى وصل إلى ما دون 50 دولاراً، وهذا الأمر سيؤثر بشكل واضح على الموازنة العامة.
تأخير الإقرار
من جهة أخرى، يعرب النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني بيستون زنكنة عن الأمل بأن «لا يتم إرجاع الموازنة إلى الحكومة، وأن يتم الحل بتقليل بعض السلف ودراستها بشكل آخر». ويضيف: «نأمل خلال الفترة المقبلة زيادة أسعار النفط العالمية وعدم إرجاع الموازنة للحكومة لأن إرجاعها سيؤخر إقرارها».
استثمار التضامن
دعا النائب عن كتلة الفضيلة عبد الحسين الموسوي، إلى استثمار التضامن الدولي لإعادة جدولة ديون العراق واستثناء هذا العام من تسديدها.
ويقول إن «هنالك ملاحظات جوهرية في مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2015 لابد من معالجتها قبل التصويت عليها داخل مجلس النواب»، مشيراً إلى أن الموازنة بنيت على معدل إنتاج نفطي يبلغ 3 ملايين و300 ألف برميل يومياً، فيما لم يتجاوز معدل الإنتاج النفطي للأعوام الأربعة السابقة 2.5 مليون برميل يومياً مع أن الظروف كانت أكثر استقراراً من الآن.
