ما بعد "غرق" مستشفى النهضة !
مدرين المكتومية
حادثة غرق مستشفى النهضة الأخير إثر هطول الأمطار قبل أيام قليلة والتي تعتبر الثالثة خلال ثلاث سنوات، تقودنا إلى فتح ملف الصحة والعلاج بالخارج من جديد. ولا نملك إحصاءات عن عدد الذين يسافرون للعلاج بالخارج لكنهم لا يقلون عن 150 ألفاً في كل تقريباً، والعدد يتنامى ويزداد عامًا بعد عام.وقد لامس بيان مجلس الوزراء مكان الداء أشار إلى الحلول الناجعة ومنها مشروع المدينة الطبية والتي أرى أن يصدر برنامج زمني يحدد موعد قيامها، فقد تطاول أمرها وصارت من الأمور التي يتم تأجيلها عامًا بعد عام.فالعلاج في الخارج يكلفنا مئات الملايين وقد آن الأوان لإنفاذ مشروع المدينة الطبية التي ستُسهم بشكل كبير في تغيير مسار وخارطة الصحة في السلطنة، خاصة وأن التركيز فيها سيكون على نقاط الضعف والقصور في المستشفيات والمراكز الصحية في السلطنة، وتوفير الخدمات اللازمة، إلى جانب توفير التقنيات الحديثة المختلفة، فالأمر بات ضرورة ملحة وليس أمرا سهلا وعاديا كما نتوقع، فحين نرى مقطع فيديو أو صور لمستشفى يغرق ويتم نقل مرضاه في حالة من الذعر والتوتر فذلك ليس بالأمر الجيد، خاصة وأن الأمر يتكرر في نفس الظروف والأحوال والأنواء المناخية التي تمر بها السلطنة.
الغريب في الأمر أن أننا ننتظر حدوث الحرب حتى نحرك الجيوش، على الرغم من إدراكنا أن الحرب قائمة لا محالة، وستكون سبباً في الدمار، هكذا هو حالنا مع الطقس، صحيح إننا لا نعلم الغيب، ولكن ندرك أن سقوط الأمطار سيخلف خلفه دمارًا، فكما جاء في كتاب "دع القلق وابدأ حياتك" للكاتب ديل كارنجي: " عد العدة" أي استعد لكل ما قد يصادفك وتهيأ لاستقباله وأنت بكامل الرضا عن نفسك.. حتى وإن لم يحدث فتكون قد قمت بما عليك القيام به وأعددت العدة ووفرت الحماية الكافية لنفسك، وأعطيت الثقة للآخرين حيث أشعرتهم بأن لهم كيان وهناك من يهتم لأمرهم. ولنا في قصة الرجل الذي قيل له إنّه لم يتبق من عمرك سوى ثلاثة أسابيع، وأن مرض السرطان سيقضي عليك، فلم يبك أو يحزن لأنّه سيموت، فقد سلّم أمره لله، وآمن أنّ الموت هو المصير الحتمي للبشرية والحكم الذي لا مفر منه، ونظر للجزء المليء من الكوب واستغل الطاقة الكامنة في داخله، فقام بإعداد عدته وأخذ تابوته معه على متن السفينة وخرج ليستمتع بما تبقى من عمره، وها هو أكمل عامه الثالث دون أن يموت بل شفي تمامًا من مرضه، لأنه فكر في الأمر قبل وقوعه، ولم ينتظر وقوعه بل حاربه باستعداده وإيمانه.
من هنا نحن لا نطالب بأكثر من أن يكون هناك استعداد تام لكل ما قد يحدث، وعلينا الاستعجال في تقديم كل الحلول المطلوبة، فنحن لا نريد تكرار ما حدث.
فعلى الجميع إخراج الطاقات الكامنة في دواخلهم كل في مجال عمله وبعدها لن نغرق في "شبر مية" بل إن الطاقة في معظم الأحيان تكون استباقية قبل وقوع الأحداث ولكن من عجائبنا أننا ننتظر المصائب ونحن في حالة سكون لنواسي أنفسنا بأنها أقدار، جميعنا نؤمن بالقدر ولكن يجب ألا نؤمن بالاستسلام لأنه مميت في كل شيء حتى الثقة في النفس يمكن أن تتزحزح إذا استسلمنا للفشل المفترض، فعلينا أن نعمل وفق خطة زمنية واضحة لترى المدينة الطبية النور بأسرع وقت ممكن، ليتغير مسار المستوى الصحي بالسلطنة بشكل جذري ويشهد طفرة نوعية.
