فماذا تنتظر ؟!
نعم أنت الآن هناك ....ترى كل ذلك !....تسمع هذا من حولك !....وتراه بعيني رأسك !
تسمع هذا يصيح في ألم : " ياحسرتى على مافرطت في جنب الله وإن كنت لمن
السّاخرين !....." في بكاء مرير يمزّق القلب !
وهذا في ندم مَشُوب بالأحزان : " لو أنّ الله هداني لكنت من المتقين ....! "
وآخر قد خنقته العَبرة : " لو أنّ لي كَرّة -يعني عودة للدنيا-فأكون من المحسنين !"
مهما تنوّعت عباراتهم الممزوجة بالزّفرات والآهات !،لا يأتيهم سوى جواب واحد لاغير !
يقول لهم الملك : " بلى قد جاءتك ءاياتي فكذبت بها واستكبرت " !!
أي نجاة لهم بعد ذلك ؟!....إذا كان هذا جواب أرحم الراحمين لهم !
لكنّ ربك أخبر عن قوم آخرين ،فقال :" ويُنجّي اللهُ الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم
السوء ولاهم يحزنون " ....نعم هؤلاء الذين تراهم هنالك:
..تعرفهم بوجوه مضيئة كالقمر ناضرة،وابتسامات مرسومة على الشفاه ساحرة !
باختصار : " وجوه يومئذ مُسْفِرة....ضاحكة مُسْتبشِرة "
يتعانقون بينهم،بعد غياب طويل في ظلام القبور.....تسمعهم الآن يقولون في سرور :
" الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر
العاملين "
أخي الحبيب : هما فريقان لاثالث لهما....فريق في الجنة وفريق في السّعير !
فمع أي الفريقين أنت ؟!....هذا الذي قَصّه علينا ربك في كتابه،كي نتدبّر من الآن فليس
لأحد عذر أو حجة...كيف والمصاحف تملأ بيوتنا سواء المطبوعة أوالصوتية المسموعة !
أمْ يكون عذر أحدنا غدا : يارب لم أعرف هذه الأمور ،ولم أقرأ كتابك ،أو قرأته
وسمعته كثيرا لكني لم أتدبره ولم أفكر فيه كثيرا ؟!.فهذا كما ترى عذر أقبح من ذنب!
أخي الحبيب : من الآن حاول أن تتعامل مع القرآن بطريقة أخرى،تجد له طعما مختلفا
ما حكيته لك هنا،موقف من المواقف التي ستحدث يوم القيامة،منتزع من عدة آيات
من سورة الزّمر،لكني لا أبرح حتى أخبرك ببشرى،أنّ هذه الآيات لو فتحت مصحفك
وتفكّرت قليلا،لوجدتها مبدوءة بآية ذكرها ربنا قبل أن يفصّل لنا مشاهد القيامة،فقال:
" قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ﻻ تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر
الذنوب جميعا إنّه هو الغفور الرحيم "
أخي الحبيب: غفار الذنوب يدعوك ليصلح لك حالك ....فماذا تنتظر ؟!
