الديمقراطية في سريلانكا تحتاج إعادة البناء من الصفر
حدث شيء رائع في سريلانكا أخيراً. فقد جرت انتخابات رئاسية، وتتبع مراقبون محليون ودوليون الأحداث عن كثب، وتم فرز الأصوات بشكل صحيح، وخسر الرئيس الحالي بفارق كبير، وأخلى القصر الرئاسي، وحصل انتقال للسلطة سلمياً. فما المعجزة في ذلك؟
المعجزة تكمن في أن سلطة البلطجية للرئيس السريلانكي السابق ماهيندا راجاباكسا الذي أعاد صياغة الدستور ليسمح لنفسه بولاية ثالثة، قد أوقف مسارها، ليس بفعل انتفاضة شعبية، بل عن طريق صناديق الاقتراع.
ومنذ الاستقلال عملياً عن بريطانيا في عام 1948، وبطريقة أو بأخرى، احتفظت سريلانكا بالأشكال الديمقراطية، على الرغم من التقرحات الموجعة لحرب أهلية استمرت ما يقرب من 30 عاماً.
وكانت الحرب قد تحولت إلى حالة مزمنة، مع امتلاء الأجواء بالشائعات عن أرباح يجنيها السياسيون من مبيعات الأسلحة في العالم الخارجي، ازدادت الأوضاع سوءاً بإصراره على أن الطريق الوحيد للمضي قدماً، يكمن في مباحثات السلام بين حكومة كولومبو المنتخبة.
وزعيم «نمور التاميل»، فيلوبيلاي برابهاكاران، على الرغم من حقيقة أن هذا الأخير كان مسؤولاً مباشرة عن مقتل رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي، ورئيس سريلانكا راناسينج بريماداسا، إضافة إلى محاولة اغتيال رئيس الوزراء السريلانكي تشاندريكا كومارا تونقا.
وهجوم راجاباكسا الذي أنهى الحرب في عام 2010 كان وحشياً يفتقر للرحمة. لكنه كان في مواجهة عدو وحشي لا يرحم، والأعداء دوماً في النهاية يشبهون بعضهم بعضاً.
وتكمن مهمة سيرسينا الآن في الشروع بنهج ديمقراطي جديد لسريلانكا من الصفر، وإقناع المجتمعات المتخاصمة والمهمشة بأنها في المركب نفسه، وأن لعبة التعادل لا ربح ولا خسارة سوف تعيد البلاد مجدداً إلى مسار الحرب. إذا تمكن من مطابقة الذكاء الذي أظهره في الشهرين الماضيين بنوع من الحكمة التي كانت تنقص راجاباكسا بقوة، ربما سيحقق معجزة أخرى.
