اسرائيل تحاصر 120 ألف مقدسي ولا تفي بالتزاماتها تجاههم
عقد من الزمن مر على إقامة جدار الفصل العنصري، المشروع الاسرائيلي الذي يعكس في شكل جليّ سياسة «الابرتهايد» بكل معانيها، سياسة تعزز مكانة المحتل الاسرائيلي وتمنحه امكان فرض واقع على الأرض الفلسطينية يحقق العديد من الأهداف أبرزها تضييق الخناق على الفلسطينيين وزجهم في سجن واسع معاناته اليومية تضاهي معاناة الأسير الرازح خلف قضبان زنازين الاحتلال، سياسة ان لم ينجح الجندي في قتل فلسطيني برصاصة فداخل هذا السجن يقتله كل يوم مرة.
وفق القرار 3783 الذي اتخذته الحكومة الاسرائيلية في تموز (يوليو) عام 2005، تعهدت امام المحكمة الاسرائيلية العليا ضمان سير الحياة لسكان الاحياء المقدسية، الذين بقوا خلف الجدار والحفاظ على نسيج الحياة المشترك للفلسطينيين على جهتي الجدار وعدم المس بحقوق سكّان الأحياء الذين يعيشون في المنطقة التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ويحملون بطاقات هويّة اسرائيلية، مستنداً الى إدراك أنّ من واجب إسرائيل، منذ لحظة فرض سيادتها على أحياء القدس الشرقيّة بعد احتلالها، الحفاظ أيضاً على مجمل الحقوق المكفولة لكلّ فلسطيني، وفقاً للقانونيْن الإسرائيليّ والدوليّ. ولكن على مدار عشر سنوات، ليس فقط لم تنفذ الحكومة الاسرائيلية تعهداتها فحسب، بل نفذت مشاريع على ارض الواقع ومارست سياسة قمع يومية تجاه الفلسطينيين، ضاربة بعرض الحائط القوانين الاسرائيلية والدولية.
حكومة بنيامين نتنياهو التي عكست سياسة اليمين الاحتلالية تجاه سكان القدس، تعاملت مع السكان الفلسطينيين هناك انطلاقاً من تحقيق هدفها تهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة والسعي لجعلها «العاصمة الموحدة» للدولة العبرية على رغم معارضة سكانها العرب. وقد حصلت على تقرير مفصل حول انعكاسات سياستها وخطورتها تجاه الفلسطينيين. وفي هذا التقرير، الذي اعدته جمعية حقوق الانسان، حملت الحكومة الاسرائيلية مسؤولية الوضع، التي آلت اليه الأحياء المقدسية، وطالبتها بتنفيذ الوعود التي قطعت، وذلك عبر خطة طارئة يقوم بالإشراف على عملها طاقم وزاري، وتقوم بتنفيذها خلال فترة زمنية معقولة. الحكومة لم ترد على الرسالة ولم تظهر اي اهتمام بها، وحتى اللحظة تعاملت بصمت تجاهها.
وفصّلت الرسالة، التي كتبتها المحاميتان نسرين علّيان ورونيت سيلاع من قسم الأراضي المحتلة في جمعية حقوق المواطن، تعهدات الحكومة في القرار 3783 في مقابل صورة الوضع القائمة في الأحياء المقدسية، وذلك في مناحي الحياة كافة.
حواجز أمنية تفصل بين الأحياء
عليان وسيلاع اللتان اعدتا التقرير المقدم للحكومة، حذرتا في شكل خاص من سياسة التنكيل التي يتعرض لها الفلسطينيون وسيارات الاسعاف لدى نقلهم مصابين ومرضى، حيث فترة الانتظار الطويلة التي تهدد حياتهم.
جدار الفصل العنصري أدى، وفق جمعية حقوق المواطن، ويؤدي إلى فصل عشرات آلاف السكّان عن مركز حياتهم المدنيّ الذي ينتمون إليه. اذ اقامت اسرائيل حواجز أدت الى قيود على حريّة الحركة لدى السكّان، وذلك تحت ذريعة «الحفاظ على ما يسمى أمن الدولة العبرية»، وأصبحت أيّ مغادرة للأحياء تلزم السكان بفحص أمنيّ وساعات انتظار طويلة. وعلى رغم ان تعهدات اسرائيل بإقامة «آلية وصول معقولة الى القدس» وبـ «انتقال للجهتيّن في وقت معقول»، وذلك عبر تشييد مسارات عبور للمشاة والسيارات والمواصلات العامة في منطقة حاجز قلنديا وحاجز شعفاط، إلا انه في الواقع لم يتم تشييد العديد من المسارات وهناك مسارات عدة مغلقة تماماً، فيما الحكومة تعهدت، امام المحكمة العليا، بأن اطول فترة انتظار على حاجز قلنديا ستكون 15 دقيقة للسيارة و25 دقيقة للمشاة، بينما في الواقع فإنّ أوقات الانتظار طويلة أكثر ويمكن أن تستمرّ لساعة وأكثر في أوقات الذروة. ما يخلق ازدحامات تؤدي الى حال اختناق صوب الحواجز ومنها، من دون إمكان الوصول بسرعة لتلقي خدمات الطوارئ، مثل سيّارات الإسعاف وسيّارات المطافئ، ما يُعرّض السكّان للخطر.
