الملابس والتمدن

شكلت الملابس في مختلف حضارات العالم علامة
واضحه لقرأءة تاريخ النهوض المعرفي والمدني للحضارات
فكما شكل المعمار والبناء صوره لمستويات الحضارات القديمه
مثلث الملابس صورة حية لقرأءة تاريخ الثقافات
فالحضارة القائمه في البلدان الباردة لها تاريخ
في الثياب التى غالبا ما تستند على الفراء والجلد
وحضارات البلدان الصحراوية لها تاريخ مع. الخيط
والنسيج والثياب المخففه
لذلك يمكن تتبع سيرة الثياب في الحضارة الإسلامية العربية خلال الألف وخمسمائة عام الماضية والكشف عن التحولات التى مرت بها الحياة
العربية الإسلامية في كل مرحلة من مراحلها
فالثياب. تعد الصورة الاوضح والأكثر مباشرة
على مشروع المدنية التى. مرت بها الثقافه العربية
وحالة التداخل والتأثر التى. اختلطت فيها الثقافه
العربية مع مختلف الحضارات المجاورة
إذ يجد العائد إلى تاريخ الثياب عبر العصور
الإسلامية أنها بدأت بصورة متقشفه بسيطه وأخذت
دورتها لتصبح منسوجة. على الأيدي وبأفخر أنواع
القطن والصوف ومزخرفه بالحلي والذهب والفضة

ويذكر كتاب تاريخ الأزياء العربية منذ فجر الإسلام
إلى العصر الحديث غلب طابع البساطة وعدم التعقيد على الملابس. في صدر الإسلام سواء
في ألوانها أو خطوطها وزخارفها فمن المعروف
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ارتدى ملابس
من ألوان عدة وأصول مختلفه
كما لو كان يبين أن الإسلام سوف يصل إلى
صقاع عرقية كثيرة ولم يرد له لباسا خاصا بل كان
يلبس ما تيسر من غير أن يتكلف
وقد لبس عليه الصلاة والسلام الضيق والواسع
من الثياب إلا أنه كان يفضل اللون الأبيض
ويرفض الأقمشة الفاخرة
نوعين من. الملابس ذكرهما كثير في الأحاديث النبوية وهما الرداء والمنزر وهو ثوب داخلي
يحيط بالنصف الأسفل من. البدن وهولباس
للمرأة والرجل

وقد. لبس النبي صلى الله عليه وسلم
الأزار من نسيج. (عمان ) طوله أربع أذرع وشبر

التحول في الثياب ينكشف مع التحول الذي أصاب
الدولة باكملها
إذ مع بداية العصر الأموي دخلت الدولة الإسلامية
بمشروع الدولة المدنية
فانتشرت. الملابس الفاخرة البعيدة بصورتها
عن. التقشيف والبساطة
وهذا جاء نتاج حالة التماس مع الحضارات المجاورة
التي عرفت فنون اللباس منذ وقت مبكر فاناشرت
الملابس الباذخه الموشاة بالذهب والفضة وتكشفت
أشكال التطريز والزخرفه وظهرة للمرة الأولى
ما يعرف ب دار الطراز أي مصانع النسيج الخاصه
بإلخلفاء

وتشير الدراسات إلى أن العرب أخذوا نظام الطراز
من الفرس على الرغم من أن هذه الصنعه عرفتها
الدولة البزنطية و. أول من. اتخذ الطراز من الأمويين
هو هشام بن عبد الملك سنة 108 هه
وكتب إلى سائر الأمصار للعمل بذلك
وعمل في أيامه الخز والرقم وغيرة وهو نسيج
ناعم من الحرير
وكان يغلب عليه اللونان الأحمر والأصفر
كما اشتهر أيضا الخليفه سليمان بن عبدالملك
بالملابس الفاخرة المطرزة من الحرير من اردية
وسراويل وعمائم وقلانس

يمكن القول إن العصر العباسي شهد أكثر مستويات
التحول في اللباس العربي الإسلامي
فانتشرت السراويل والجوارب والقلانس. بشكل واضح
وكان عادة الخلفاء لبس القلنسوة سوداء
وكانت ملابس الخليفه تتكون من إلقباء الأسود
الذي يصل إلى الركبة
وكان يلبس فوق القفطان
لبس القضاة القلنسوة وتميزوء بها
وكانت عادة تلبس مع. الطيلسان وهو نوع. من
القماش يلبس على الكتف واستحداث في عصر ابي
جعفر المنصور سنة 153
ولبس القلانس الطوال