الادعاء العام: 390 استمارة فحص طبي مزورة لدى 17 حملة حج وهمية
الادعاء العام: 390 استمارة فحص طبي مزورة لدى 17 حملة حج وهمية
يحق للأشخاص المغرر بهم تقديم بلاغاتهم لاسترداد حقوقهم –
أجرى اللقاء: سالم بن حمدان الحسيني –كشفت التحقيقات مع أصحاب حملات الحج الوهمية والحملات غير المصرح لها في القضايا المحالة إلى الادعاء العام من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لموسم الحج 1436هـ، أن الاستمارات الطبية التي سُلمت للراغبين في الذهاب إلى الحج من قبل هذه الحملات الوهمية غير صحيحة ولم تصدر من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أكد ذلك فهد بن مالك الكندي رئيس ادعاء عام – رئيس لجنة التحقيق.
وقال الكندي: إن عدد الحملات التي أحيلت للادعاء العام حتى الآن (١٧) حملة وبإجمالي (390) استمارة فحص طبي مزورة، مشيرا إلى أن هذا العدد قابل للزيادة حال
ورود بلاغات لاحقة متعلقة بالوقائع محل التحقيقات.
وصرح رئيس لجنة التحقيق مع أصحاب الحملات غير المصرح لها، لـ(عمان)، أنه بإمكان الأشخاص المتضررين من هذه الحملات المطالبة بحقوقهم من خلال تقديم بلاغاتهم لدى إحدى إدارات الادعاء العام ويرفقوا معهم استمارات الفحص الطبي التي حصلوا عليها من صاحب الحملة وإيصالات الدفع المالي والعقد فيما بينهم إن وجد، وفي حال تبين أن القضية أحيلت للمحكمة فيمكن لهم تقديم طلباتهم أمام المحكمة وفق المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية.
وأوضح أن الادعاء العام تلقى بلاغات مماثلة من الوزارة المعنية ضد بعض أصحاب حملات الحج لقيامهم بتزوير بطاقات الحج عن موسم الحج لعام 1435هـ، وقد تم إحالتها للمحاكم المختصة وقضي فيها بالإدانة، وقال: «التحقيقات لموسم الحج الحالي شملت تزوير استمارات الفحص
الطبي ولم ترد حتى الآن وقائع عن تزوير بطاقات الحج».
والتقت «عمان» فهد بن مالك الكندي، رئيس ادعاء عام رئيس لجنة التحقيق،
لاستيضاح خط سير التحقيق مع أصحاب تلك الحملات، وهذه تفاصيل الحوار:– من خلال التحقيق مع أصحاب الحملات.. كيف تبين لكم عمليات تزوير بطاقات الحج؟
: أودّ أن أوضح أن البلاغات المرسلة من بعثة الحج العمانية لموسم الحج لعام 1436هـ للادعاء العام تضمنت قيام بعض أصحاب الحملات الوهمية بتزوير واصطناع استمارة الفحص الطبي للحاج حيث إن هذه الاستمارة صادرة من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ولم يردنا حتى الآن بلاغات عن تزوير بطاقة الحاج، وللوقوف على ثبوت تزوير تلك الاستمارات، طلبنا من الوزارة المذكورة تزويدنا بنموذج أصلي لاستمارة الفحص الطبي لإجراء الفحص الفني بالمختبر، حيث تبين أن الاستمارات المزورة تختلف تماما عن الاستمارة الحقيقية، من خلال نوع ولون الخطوط ومقاساتها والبيانات الواردة بالاستمارة، كما أن الاستمارة الأصلية تحتوي على رقم (كود) لكل حاج يتم تخزين بياناته إلكترونيا في نظام بطاقة الحج الذكي وهو ما لم نجده في جميع الاستمارات المزورة، أما من الناحية الفنية، فقد اثبت المختبر أن جميع الاستمارات المرسلة للفحص الفني لا تتطابق مع النموذج الأصلي الصادر من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وتعتبر غير صحيحة، فضلا عن أن التحقيقات المجراة مع أصحاب الحملات أثبتت قيامهم بتزوير استمارات الفحص الطبي عن طريق المسح الضوئي وإضافة بيانات الحجاج المغرر بهم وعدم اتباعهم الإجراءات الصحيحة لاستخراج استمارات الفحص الطبي الصحيحة بسبب عدم حيازتهم للتصاريح القانونية لتسيير حملات الحج للعام ١٤٣٦هـ .– وهل تم الكشف عن الأطراف المشتركة في عملية التزوير مع أصحاب الحملات؟
أثبتت التحقيقات مع أصحاب الحملات أن أغلبهم قاموا بعملية التزوير بأنفسهم عن طريق استخدام جهاز حاسب آلي وماسحة ضوئية وطابعة، لكن هناك حالات محدودة قاموا
فيها بالاستعانة بأشخاص آخرين يعملون في مكاتب تخليص المعاملات.– وما عدد الحملات التي تم ضبطها في هذه القضية؟
بلغ عدد الحملات التي أبلغ عنها للادعاء العام حتى الآن (17) حملة وبإجمالي (390) استمارة فحص طبي مزورة، وهناك احتمال وارد في أن هذا العدد قابل للزيادة حال ورود بلاغات لاحقة متعلقة بالوقائع محل التحقيقات، وبالفعل بدأت بعض إدارات الادعاء العام بتلقي بلاغات من بعض الأشخاص الذين غادروا السلطنة لأداء مناسك الحج ولكن طلب منهم الرجوع بسبب عدم وجود تصاريح من الجهات المختصة لدى أصحاب الحملات الذين تعاقدوا معهم، وجارٍ اتخاذ إجراءات التحقيق فيها.
وتلقى الادعاء العام بلاغات مماثلة من الوزارة المعنية ضد أصحاب بعض الحملات لقيامهم بتزوير بطاقات الحج عن موسم الحج لعام 1435هـ، وبعد انتهاء التحقيقات تم إحالتها للمحاكم المختصة وقضي فيها بالإدانة، أما التحقيقات لموسم الحج الحالي فشملت تزوير استمارات الفحص
الطبي ولم ترد حتى الآن وقائع عن تزوير بطاقات الحج.– وهل يحق للأشخاص المتضررين من الحملات الوهمية المطالبة بحقوقهم؟
يمكن لأي شخص تضرر من هذه الحملات أن يتقدم ببلاغ لدى إحدى إدارات الادعاء العام الجغرافية ومرفقا معه المستندات المؤيدة مثل استمارات الفحص الطبي التي حصل عليها من صاحب الحملة وإيصالات الدفع المالي والعقد فيما بينهما إن وجد، وسيتم إرفاق هذه الطلب بملف الدعوى، وفي حال تبين أن القضية قد أحيلت للمحكمة، فيمكن له أن يقدم طلبه مباشرة أمام المحكمة وفق المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية وذلك بعد سداد الرسم المدني، حتى يحكم له بالتعويض جراء الضرر الذي وقع عليه وفوات تمكنه من أداء فريضة الحج نتيجة عدم حصول صاحب الحملة على ترخيص وفق الإجراءات القانونية الصحيحة.– وما العقوبة المتوقعة من مثل هذه الأحكام؟
حسبما تنص القوانين الجزائية في السلطنة فمن خلال التحقيقات المجراة يتضح أن التكييف القانوني للوقائع يندرج تحت عدة تهم موضحة في قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم رقم (7/1974م) وفق التالي: جناية التزوير في المحررات الرسمية المؤثمة بنص المادة (٢٠٢) من قانون الجزاء وجناية استعمال مزور مع العلم بأمره المؤثم فعلها بالمادة (٢٠٠) من القانون ذاته وهاتين
الجنايتين تتراوح عقوبة السجن لكل منها بين ٣ إلى ١٥ سنة.
وفي الجانب الآخر فإنها تشكل كذلك جنحة الاحتيال المؤثمة بالمادة (٢٨٨) من قانون الجزاء والتي تتراوح عقوبتها الحبسية بين ٣ أشهر حتى سنتين علاوة على الغرامة المفروضة للحق العام، وأيضاً تشكل قباحة مخالفة الأنظمة الإدارية لكون أصحاب الحملات لا يحملون تصاريح
من الوزارة المختصة لتسيير حملات الحج.-ومن وجهة نظرك، ما الإجراءات القانونية الرادعة أو الاحترازية لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات؟
إن إجراءات التحقيق التي تتخذ ضد أصحاب الحملات تمثل ردعاً جزئياً، وذلك لأنها تتضمن إجراءات إلقاء القبض والتفتيش والاستجواب وحتى الحبس الاحتياطي، ولكون هذه الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية تمس بشكل مباشر حرية الأشخاص، فهي تؤثر بشكل إيجابي على سلوك الأفراد لمنعهم من ارتكاب أفعال مخالفة للقانون مستقبلاً، وأيضاً تشكل رادعاً للآخرين للابتعاد عن ارتكاب مثل هذه الجرائم أو غيرها، كما نعول أيضا على ما تحققه الأحكام المتوقع صدورها من فرض الردع العام والخاص.
وفي الجانب الآخر، نجد أن الأشخاص الذين ينوون التعاقد مع أصحاب الحملات في المستقبل سيكون لديهم وعي ودراية بالإجراءات القانونية المطبقة للحصول على تراخيص تسيير حملات الحج، وأرى أنهم سيبذلون جهداً أكبر للاستفسار عن قانونية الحملات الذين سيتعاقدون معها
والتأكد من تراخيصها تجنبا لتكرار هذه الإشكالية.– لكن هل تعتقد أن البطاقة الممغنطة التي استحدثتها وزارة الأوقاف
هذا العام كفيلة بمنع تكرار مثل هذه العمليات؟
نعم بلا شك، فهذه البطاقة تساهم في الحد من هذه الممارسات الخاطئة، كما أن استمارات الفحص الطبي موضوع التحقيقات ساهمت في الكشف عن هذه الحملات ومن المؤكد أنها
ستساهم في منع عمليات التزوير والتحريف في المستقبل.– هل من كلمة توجهونها أو نصيحة تسدونها عبر جريدة «عمان»؟
أرى انه من الأفضل على كل حاج قبل التعاقد مع صاحب الحملة أن يسأل عن ترخيصها من الوزارة المختصة سواء بالاتصال أو التواصل المباشر أو متابعة الإعلانات من خلال الموقع الإلكتروني للوزارة أو حتى بتكليف أقاربهم للقيام بذلك، فذلك سيقلل من الآثار السلبية كخسارة المال والوقت والجهد في حال ثبوت أن الحملة وهمية، كما على الحاج ألا ينساق وراء وعود أصحاب الحملات في ان وجود الترخيص غير مجد لإتمام مناسك الحج، وأنهم سبق لهم تسيير حملات للحج في
الأعوام السابقة بدون مشاكل مع السلطات المختصة.
وأتمنى من أصحاب الحملات أن يقوموا بتسيير حملاتهم بالطرق القانونية وبعيدا عن استخدام التزوير والتحايل على الأشخاص الراغبين للذهاب لأداء المشاعر المقدسة باستغلال حاجتهم وشغفهم لأداء فريضة الحج، لأن الآثار القانونية المترتبة على مخالفتهم للقوانين قد تضر بمصالحهم بغض النظر عن مقاصدهم التي دفعتهم لارتكاب الأفعال المخالفة للقوانين الجزائية السارية بالسلطنة.
الجدير بالذكر انه سبق لـ(عمان) أن أشارت إلى أن التحقيقات مع أصحاب حملات الحج للعام الماضي قد أسفرت عن توقيف واحدة من حملات الحج لسنة واحدة وإحالة 25 قضية إلى الادعاء العام، حيث إن تلك القضايا المحالة عبارة عن جرائم تزوير ورشاوى وحملات وهمية،
وتم حفظ القضايا الأخرى والتي بلغ عددها 64 قضية لعدم ثبوت الأدلة.
وكانت بعثة الحج العمانية للعام الماضي قد كشفت عن 100 قضية تمثلت في (75) قضيةً إدارية و(25) قضية جنائية الجانب الجنائي مرتبط بالرشوة والتزوير والحملات الوهمية، والجانب الإداري مرتبط بسوء إدارة الحجاج سواء من حيث المعيشة أو التغذية أو السكن.
