يحتاج الطفل إلى تعلم العديد من المهارات التي تساعده على التفكير الإبداعي، لذا يجب أن يتعلم مهارات سهلة والتي سوف يخصصها لتجاربه التمهيدية.
وفي التربية الفنية لابد من بناء شخصية الطفل وذلك بزيادة مهاراته في الحرف اليدوية التي يرغبها، ليش هذي بالذات؟ لما يتوافر فيها من كم هائل من الخامات التي تفرض علينا إعمال العقل لطرح أفكار تناسب تجميع تلك الخامات بشكل متناسق وإنتاج ما يمكن الاستفادة منه. وقد ذكرت أثناء حديثي كلمة ما يرغبها أي تلك الأعمال التي لا يكتسبها من تقليد أعمال الكبار فهي لا تعد ابتكارات من نسجه بل خبرات مقيدة يكتسبها الطفل كما يكتسب الصانع مهاراته في النجارة أو الحدادة، ويصنع ما يطلب منه وفق معايير وشروط الآمر أو صاحب الورشة. لقد اكتسب هنا مهاراته بأسلوب آلي لا إحساس فيها ولا تميز ولا تعبر أيضا عن شخصيته.
يحتاج الطفل إلى عرض مجموعة مختلفة من الخامات القابلة للتشكيل والتي ستتيح له فرصة التفكير والتجريب لإنتاج أشياء جديدة. قد لا تكون انتاجاته متقنة إلا أنها خارجة من ذاته ورغبته القوية في تعلم مهارة تحمس هو بنفسه لها. ويأتي دور المعلم هنا بطريقة غير مباشرة فيعطيه الفرصة لمعالجتها بنفسه.
ومن الضروري انتقاء المهارات التي تناسب سن الطفل وإدراكه وقدراته الجسمية والعضلية فنبدأ من السهل إلى المعقد . وعلى سبيل المثال: يعشق الطفل الإمساك بالقلم والخربشة به على أي سطح يراه فلو استغل المعلم هذا الشيء بتوفير أقلام خشبية وبعض شرائح الفلين أو أوراق الألمونيوم الرقيقة ليقوم بعمل تأثيرات مختلفة بالضغط أو الدعك عليها فيحدث تأثيرات متنوعة تشعره بالسعادة وتدفعه للاستمرار بهذا العمل محاولا التعرف على المزيد من هذه الابتكارات التي يصنعها بنفسه. ويستطيع المعلم هنا تقديم مقترحاته للاستفادة من هذه الشرائح بتحويلها إلى منتج يستفاد منه كحاويات مثلا للأقلام وفرش التلوين، أو مجموعة من الحلي بعد إدخال المعالجات الفنية المناسبة لها من قطع ولصق وتفريغ ولي.
يقوم الطفل خلال هذه العملية بالربط ما بين النشاط العضلي والفني بإبراز أشكال جمالية متنوعة فتنمو قدراته الجسمية والعضلية بجانب إدراكه العقلي. ولا نغفل عن تعلق الطفل بالمعجون أو الصلصال الملون الذي يعشق اللعب به، مما يؤكد لنا ضرورة استغلال هذه الميول وتشجيعه على التشكيل به لمساعدة مخيلته على النمو سواء كان ذلك في المدرسة أم البيت.
تركه حراً في صنع أشكاله الخاصة التي يفكر فيها يجعله ينتج أعمالا مبتكرة بأساليب مختلفة تنمي لديه الثقة بقدراته على إبداع الجديد كما يجنبه الملل من استخدام آلية تحرمه المتعة بما يستطيع صنعه. إذن المهارة تتطلب عدة تجارب تكوّن بدورها خبرات متعددة إذا ما ترك الطفل يعبر وبكامل إرادته التي تنمي أفكاره المبدعة وينتقل خطوة تلو الأخرى إلى مرحلة التنظيم والترتيب التي تظهر خلال نموه.
وخلاصة القول:
إن قدرة الطفل في التشكيل لا تتقدم إلا بتقدم تفكيره وتفكيره لا يتقدم إلا على شكل سلاسل من الأفكار التجريبية التي يقوم بها بالتشكيل أثناء قيامه بما يتاح له من خامات معدنية أو نسجية أو ورقية أو نباتية.
منقول
