فرقاء السودان يتقاسمون الضعف
يغرق المشهد السياسي السوداني بجميع مكوناته في حالة الالتباس والارتباك والانهاك العام، وذلك قبل جولة جديدة مرتقبة من التفاوض بين الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منتصف الشهر الجاري.
وتكابد الحكومة ضائقة اقتصادية، استعصت على الحل إلى جانب فشل محاولات مصلحيها لمحاصرة معدلات الفساد المستشرية في أوصالها ما أدى إلى تدن غير مسبوق في شعبيتها، بينما يتجرع الطرف الآخر (الحركة الشعبية) كؤوساً لا تقل مرارة عن تلك الموضوعة على طاولة الحاكمين، بعد أن أسخنتها جراح الانشقاقات والخلافات سواء على مستوى قياداتها الداخلية أو تلك مع حلفائها من الحركات الدارفورية.
ورغم أن تغيرات ملحوظة حدثت في مواقف الطرفين فرضتها تقلبات الأوضاع داخل كل منهما غير أن كابوس فشل جولة نوفمبر 2014 لا يزال يخيم على المشهد، وبإمعان النظر في مخرجات ورشة لتقيم الحل الشامل والوضع النهائي للمنطقتين نظمتها الحركة الشعبية في العاصمة التنزانية دار السلام خلال الفترة ما بين 7-12 اكتوبر..
والتي خلصت بوضوح إلى التمسك بمطلب «الحكم الذاتي» لجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وهو ما ترفضه حكومة المؤتمر الوطني وادى إلى انهيار جولة العام الماضي..
اضافة إلى مضي الخرطوم في عقد جلسات الحوار الوطني من دون مشاركة المعارضة في تحالف «نداء السودان» والحركات المسلحة الرئيسية في دارفور بقيادة: جبريل إبراهيم (حركة العدل والمساواة) وتياري حركة تحرير السودان بزعامة عبدالواحد محمّد نور ومني أركو مناوي كمائدة لحل أزمات البلاد بجانب الحركة الشعبية نفسها.
اتفاق ثنائي
غير أن رئيس حركة تحرير السودان التي تقاتل الحكومة في دارفور عبدالواحد محمد نور يرى أن الحركة الشعبية ورغم الخلافات الواضحة في المواقف تسعى لابرام اتفاق ثنائي مع الخرطوم.
ويقول استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. الطيب زين العابدين في حديث نقلته صحيفة «الخرطوم» القريبة من الدوائر الحاكمة إنّ إمكانية توقيع اتفاق ثنائي خلال الجولة المرتقبة من التفاوض أمر وارد في ظل الضعف الذي تواجه الحركة الشعبية والخلافات التي تضرب منسوبيها في أعقاب انهيار الدولة في جنوب السودان والتي كانت رافداً مهماً لها من ناحية الدعم العسكري، وملهماً كذلك.
ضعف متبادل
ويرى مراقبون آخرون أن الضعف المتبادل سيسهم في تليين المواقف لكنه لن يدفع بالأطراف إلى تنازل يفضي بهما لتجاوز نقاط الخلاف القوية بينهما.
ولفت د.حسين أحمد عبد المطلب إلى ان الحركة الشعبية والحكومة كلتيهما قادم الى هذه الجولة وهو في حالة من الضعف الشديد فالحركة عمليا خرجت من تحالف الجبهة الثورية وتعاني انقساماً في صفوفها بعد إقدام رئيسها على فصل مجموعة من القيادات المؤثرة في الجيش الشعبي الأمر الذي وضعها أمام سهام المنتقدين خاصة أولئك الذين يطلق عليهم مسمى «القوميون» من أبناء جبال النوبة والنيل الأزرق والذين ينادون بانفصال المنطقتين.
أكثر تشدداً
وقال عبدالمطلب إن الحركة ستكون أكثر تشددا في مسألة «المشورة الشعبية» والحكم الذاتي لكن الأمين العام للحركة الشعبية، رئيس وفدها للمفاوضات، ياسر عرمان قال إن حواراً يدور في داخل الوساطة حول اللقاء التحضيري للحوار الوطني أم بوقف العدائيات.
وكان حدد الثاني من نوفمبر الجاري لبدء التفاوض في العاصمة الإثيوبية، إلا أن الموعد جرى تأجيله إلى منتصف الشهر. وقال عرمان: «سنذهب إلى أديس أبابا وخلفنا تسع جولات طالبنا فيها بالحل الشامل حتى أصبحت قضية رئيسية في الأجندة السودانية».
