قصيدة شؤون صغيره لنزار قبانى
وحين أكون مريضة
|
وتحمل أزهارك الغالية |
صديقي.. إلي
|
وتجعل بين يديك يدي |
يعود لي اللون والعافية |
وتلتصق الشمس في وجنتي |
وأبكي .. وأبكي.. بغير إرادة |
وأنت ترد غطائي علي |
وتجعل رأسي فوق الوسادة.. |
تمنيت كل التمني |
صديقي .. لو أني |
أظل .. أظل عليلة |
لتسأل عني |
لتحمل لي كل يوم |
ورودا جميلة.. |
وإن رن في بيتنا الهاتف |
إليه أطير |
أنا .. يا صديقي الأثير |
بفرحة طفل صغير |
بشوق سنونوة شاردة |
وأحتضن الآلة الجامدة |
وأعصر أسلاكها الباردة |
وأنتظر الصوت .. |
صوتك يهمي علي |
دفيئا .. مليئا .. قوي |
كصوت نبي |
كصوت وارتطام النجوم |
كصوت سقوط الحلي |
وأبكي .. وأبكي .. |
لأنك فكرت في |
لأنك من شرفات الغيوب |
هتفت إلي.. |
*** |
ويوم أجيء إليك |
لكي أستعير كتاب |
لأزعم أني أتيت لكي أستعير كتاب |
تمد أصابعك المتعبة |
إلى المكتبة.. |
وأبقي أنا .. في ضباب الضباب |
كأني سؤال بغير جواب.. |
أحدق فيك وفي المكتبة |
كما تفعل القطة الطيبة |
تراك اكتشفت؟ |
تراك عرفت؟ |
بأني جئت لغير الكتاب |
وأني لست سوى كاذبة |
.. وأمضى سريعا إلى مخدعي |
أضم الكتاب إلى أضلعي |
كأني حملت الوجود معي |
وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستور |
وأنبش بين السطور .. وخلف السطور |
وأعدو وراء الفواصل .. أعدو |
وراء نقاط تدور |
ورأسي يدور .. |
كأني عصفورة جائعة |
تفتش عن فضلات البذور |
لعلك .. يا .. يا صديقي الأثير |
تركت بإحدى الزوايا .. |
عبارة حب قصيرة .. |
جنينة شوق صغيرة |
لعلك بين الصحائف خبأت شيا |
سلاما صغيرا .. يعيد السلام إليا .. |
*** |
وحين نكون معا في الطريق |
وتأخذ - من غير قصد - ذراعي |
أحس أنا يا صديق .. |
بشيء عميق |
بشيء يشابه طعم الحريق |
على مرفقي .. |
وأرفع كفي نحو السماء |
لتجعل دربي بغير انتهاء |
وأبكي .. وأبكي بغير انقطاع |
لكي يستمر ضياعي |
وحين أعود مساء إلى غرفتي |
وأنزع عن كتفي الرداء |
أحس - وما أنت في غرفتي - |
بأن يديك
|
تلفان في رحمة مرفقي |
وأبقي لأعبد يا مرهقي |
مكان أصابعك الدافئات |
على كم فستاني الأزرق .. |
وأبكي .. وأبكي .. بغير انقطاع |
كأن ذراعي ليست ذراعي..
من ما راق لى واتمناه يروق لكم
|