معاوية ومرارة الواقع.
معاوية ومرارة الواقع.
بقلم سالم بن حميد الرواحي – والد معاوية
اتصل بي معاوية هاتفيا صباح الاربعاء الموافق 17 فبراير 2016م، في تمام الساعة 11.52، ودام الحديث 8 دقائق و40 ثانية، وسأتناول فيما يلي وبخلاصة موجزة الجانب المهم من حديثه، وما يختلج في نفسي من ألم وحسرة:
سرد لي ما قاله الطبيب الاستشاري للأمراض النفسية في مدينة الشيخ خليفة الطبية ـ رئيس اللجنة الطبية المشكلة بأمر من محكمة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ـ في شهادته أمام المحكمة يوم الاثنين الموافق 15 فبراير 2016م، وهو بريطاني الجنسية، من أصول مصرية ومفاد الشهادة أن معاوية يتحمل المسؤولية إذا كانت حالته مستقرة، ولكن التقارير الطبية التي استنبطتها اللجنة تؤكد عدم مسؤوليته عما نسب إليه من تهم، وان الدكتور قد وقع كتابة على شهادته قبل مغادرته المحكمة.
ومن جانبي حاولت اقناع معاوية بأن يمتثل لأمر الأطباء ويتناول حبوب (Lithium250mg) والتي وصفت له منذ 19 ديسمبر 2004م عندما شخص حالته لأول مرة البروفسور علاء الحسيني بمستشفى جامعة السلطان قابوس، وأكد على أهمية هذا الدواء وضرورته الاستاذ الدكتور ناصر لوزة، الطبيب بمصحة بهمان بحلوان، في مدينة القاهرة بجمهورية مصر العربية، عند ما تعالج فيها معاوية خلال شهر فبرير 2012م (على نفقة حكومة سلطنة عُمان) وأكد عليه مؤخراً رئيس اللجنة الطبية في شهادته، ولكن معاوية لا زال عند إصراره على عدم تناول هذا الدواء، ومنذ 2004م، ويطلب من الأطباء أن يصفوا له أدوية بديلة، والتي للاسف ليست بنفس الفاعلية للسيطرة على حالته، وان بقي على نفس الإصرار الخوف كل الخوف أن تعود حالته للمربع الأول.
ولكن ما هو السر في رفض معاوية للدواء (الليثيم)؟ في الحقيقة وبحكم معايشتي لحالة معاوية هناك سبب مباشر، نابع من معاوية وهو أنه عند ما يتناول هذا الدواء يشعر بان قريحته الشعرية ومخيّلته تتبلد ـ على حد وصفه ـ ونحن العائلة ما نشاهده عكس ذلك، حيث نراه بتناول هذا الدواء شخصا هادئا متزنا، لا يختلف عن أي شخص طبيعي، ولا يزال يتمتع بما نعرفه عنه منذ صغره من ذكاء حاد يفوق الوصف، وعبقرية فذه، وهبها الله له.
وأسباب غير مباشرة ومنها ما يصور له بعض اصدقائه المقربين، حيث صوروا له بأن من أمثاله لا تتكرر ولادته إلا كل خمسمائة عام، وأنه يحمل عبقرية لا تتوافر الا في الاصفياء الذين يجتبيهم الله ، ومعاوية بإدراكه المتأثر بحالته المرضية صدّق ذلك، وآمن بما قاله السفهاء.
ومنها أيضا إدمانه على وسائل التواصل الاجتماعي، وانغماسه المفرط ـ إلى حد الهوس ـ في الانشطة الثقافية والادبية، بغير وسطية واعتدال كما يفعله كبار الكتاب والمثقفين الذين تزخر بهم الساحة الثقافية في السلطنة، وقد زاد الطين بلة خسارته لوظيفته بشؤون البلاط السلطاني، حيث فصل فصلا تعسفيا، ولم يصرف له راتبا تقاعديا رأفة بحالته المرضية، رغم السعي الذي بذلته شخصيا لدى جهات رسمية بالدولة، بل والأدهى والأمر لم نتمكن من العثور على عمل له في القطاع الخاص، وتساورنا مخاوف معينة في هذا الشأن، للطريقة الغريبة التي نلمسها كل ما اقترب من الحصول على فرصة عمل، ولا نملك إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل، فأهلنا أعزاء علينا وبلدنا أعز، والوضع الذي ينتظر معاوية بعد خروجه إن شاء الله (المرض، والفاقة، والفراغ، وإلى الله الشكوى)
