لايمكننا توجيه الرياح _ ولكن يمكننا تعديل الشراع
الأقدار التي تُناسب أدوارنا هي الأفضل على أيِّ لونٍ كان وجه حضورها . . ؛
و الأشياء تبدو بائسة حين تقف في غير أوطانها ، ساذجة حين تهطل في غير أوانها !
ف حين نُوضِّب أحلامنا في زُجاجاتٍ مُلوّنة ، و نُوشم الأماني على أجساد الشّواطئ ،
و ننقش الطُّموحات / التّطلُّعات على كفِّ غيمة
. .
لا بُدّ أنّنا نتنفّس تحقيقها من رئةٍ عميقة ف نُكرِّس العُمر تكريساً يحمل ألوان الطّيف !
لكن قد نتعثّر بِ أقدام القدر ف يكون السُّقوط مُؤلماً ك خُشونة الحصير ، و تكسرنا الخيبات
ف ينالنا السّخط لأنّ الأيّام لم تُخبِّئ لنا في أدراجها عطر المنال ، و صكّ التّحقيق
و لم تطلّ من شُرفاتها زهورٌ أعددنا لِ قطافها . . !
كما قد تحترق أحلام أحدهم مُذُ ولادته ف يختنق خارج غلاف الأماني ؛ لأنّه خُلِق غير مُكتمِل
الحواس أو مُكتظٌّ بِ الجوارح الغير سويّه أو يُعاني عاهة مُستديمة
ف تُفارقه الأشياء الجميلة . . !
كُلُّ ذلك . . لا يعني أنّنا شارفنا على الانتهاء و أنّ علينا الخُنوع و الاستكانة
حتّى تعبرنا الرِّيح و تجعل منّا أقزام اليأس
لأنّ ترك خُطى النّجاح / الأمل لأسباب تساقطات عدّة لا تبني طريقاً للمجد و التّقدُّم
ف استخدام ورقة جديدة مختومة بِ تحويل مسار فكرنا و منعطف طُموحاتنا
كفيلة للوصول بنا إلى ما وراء الغيم
و تطويق قلوبنا اليقين أنّ أقدارنا المحتومة بِ مقدورنا تغيير منحاها
بِ إلحاح كفّ السُّؤال لِ يُمطِر عطر الإجابة . . ،
لِ قوله صلّى الله عليه و سلّم : ( لا يردّ القضاء إلاّ الدُّعاء ) ف بِهِ نفرّ من قدرٍ إلى آخر !
لِ نعلم جيِّداً أنّ الحياة رسمها الله لنا ، و ترك أيضاً مساحة شاسعة نرسم ما نريد ؛
و نحن من يستخدم الفُرشاة لِ نُخِرج لوحة مُشعّة بِ البياض أو مُنغمسة في الشُّحوب !
الأُعجُوبة هيلين كيلر س تُعلِّمنا كيفيّة سير الضّرير فوق أرضٍ وعرة دون السُّقوط
و النّبش بِ باطن الأحلام لِ تبقى واقعاً زُمرديًّا . . !
قبل أن تبلغ الثانية من عُمرها أُصيبت بِ مرضٍ أفقدها السّمع و البصر ؛ و بالتّالي عجزت
عن الكلام لانعدام السّمع
ف وضعها والدها في معهد للعميان و طلب من رئيس القسم أن يرشدها إلى مُعلِّمة لها
ف أرشدها إلى " آن سوليفان " التي فقدت بصرها في أوّل عمرها ، و عاد إليها جُزئِّياً فيما بعد !
عندما بلغت هيلين السّادسة من عمرها بدأت سوليفان تُعلِّمها الحروف الأبجديّة لِ كتابتها
على كفِّها بِ أصابعها ، و استعملت كذلك قطعاً من الكرتون عليها أحرف نافرة كانت تلمسها
بِ يديها ، و تدريجيّاً بدأت تُؤلِّف الكلمات و الجُمل بِ نفسها
كما علّمتها الكلام بِ وضع يديها على فمها أثناء حديثها لِ تحسّ بِ طريقة تأليف الكلمات
بِ اللِّسان و الشّفتين . . و انقضت فترة طويلة قبل أن يُصبح بِ استطاعة أحد فهم الأصوات
التي تُصدرها هيلين !
و لقد أتقنت الكتابة ف كان خطّها جميلاً مُرتّباً
و التحقت بِ معهد ( كامبردج ) للفتيات ؛ و كانت مُعلِّمتها تُرافقها لِ تنقل لها المُحاضرات
و تخرّجت حاصلة على بكالوريوس علوم !
ذاعت شُهرتها ف انهالت عليها الطّلبات لإلقاء مُحاضرات و كتابة المقالات في الصُّحف
و المجلاّت . . كما شاركت في التّعليم و كتابة الكُتب و مُحاولة مُساعدة المكفوفين قدر الإمكان
كانت في أوقات فراغها تخيط و تُطرّز و تقرأ كثيراً ، كما تعلّمت السِّباحة و الغوص و قيادة المركبة
ذات الحصانين
ثُمّ قفزت قفزة هائلة بِ حُصولها على شهادة الدُّكتوراه في العلوم و الدُّكتوراه في الفلسفة !
قامت بِ جولات مُتكرِّرة في مُختلف أرجاء العالم في رحلة دعائية لِ صالح المُعاقين
للحديث عنهم و جمع الأموال اللازمة لِ مُساعدتهم
ألّفت هيلين كتابين ، و راحت الدّرجات الفخريّة و الأوسمة تتدفّق عليها
و انتُخِبت من أهم عشر سيِّدات في العالم
و هي التي قالت : ( لا تحني رأسك لِ مشاكلك و لكن أبقها عالية ، و حينها س ترى
العالم مُستقيماً أمامك ) . . !
هكذا يكُون استفزاز الرِّيح القادمة ؛ حين نُبادل هجومها بِ رقصة هادئة
و مُرونة عُود القصب أمام هيجانها