((حارس السجن المنحوس __قصة قصيرة__))
أمسكت قضبان نافذتي الحديده وأنا أحاول ان أسترق النظر ولو قليلا لخارجها
لم أشعر بذلك التيار البارد الذي سرى في يدي منها لم أعد أشعر ببرودة الطقس
وبرودة زنزانتي الصغيره .
لقد تعودت على بردها وحرها ف هي بيتي منذ 11 سنه الأن وأنا أقبع بداخلها
صرت أكلم جدرانها وبابها ونافذتها الوحيده التي دائما ما أطل منها وكاني أطل
على عالم أخر هجرته منذ زمن بعيد.
عدت لسريري المتهالك وتمددت به وأنا أشبك ذراعي خلف راسي ونظري معلق
بالسقف وأنا أحاول أن أسترجع كعادتي ذكريات مضى عليها سنوات وسنوات.
أعرف ما هو ذنبي جيدا وأعرف ما الذي أرتكبته حتى حكم علي بالسجن كل هذه
المده ولكن الفكره كانت تستحتق مني المحاوله .
تلك الاموال التي كانت تمر أمامي في كل يوم في ذلك المصرف الصغير جعلتني أفكر
في الأستحواذ عليها كثيرا .
وقع يا " سالم "
هذه العباره الوحيده التي ربما أسمع فيها أحد من الموظفين يناديني فيها بأسمي كنت
اتوقع أن لا أحد يعرف أسمي من موظفي ذلك البنك الذي طالما كرهته وكرهت من فيه.
أوقع تلك الأوراق بدون حتى أن أقرأها فلقد تعودت عليها
أنا حارس الخزنه والذي أجلس على كرسي طوال ساعات
عملي أمامها ، وظيفتي هي أن أعرف متى تخرج تلك الاموال
منها ، ومتى تدخل اليها.
أموال لا أستطيع أن أملك منها شيئا فقط أراها تدخل وتخرج أمامي.
أستمر ذلك الوضع ما يقارب 14 سنه .
فكرت كثيرا قبل أن أقدم على خطوتي تلك التي أستحوذت على عقلي
كلما مرت تلك الأكياس المحمله بالأموال أمامي .
مفاتيح الخزنه معي والرقم السري الأحتياطي معي أيضا.
فأنا محل ثقه من الجميع في البنك لا أحد يمكنه الأقتراب من
تلك الخزنه الا بموافقتي ومعي أنا فقط.
أنتهت ساعات العمل وتأكدت من خروج كل الموظفين كالعاده
غلقت كل الابواب ونظرت نظره سريعه لكاميرات المراقبه الموزعه
في زوايا البنك ومكاتبه.
لن تردعني تلك الكاميرات الغبيه عن ما عزمت عليه هذه الليله لقد
اتخذت جميع الاحتياطات اللازمه للهرب والاختفاء سريعا من بلدتي
فالكل يعرفني فيها لن أستطيع أن أخبئ تلك الاموال وأنا بداخلها مهما
فعلت لذا يتوجب علي السفر بعيدا عنها حتى ينساني الجميع ف بعد وفاة
زوجتي لا أعتقد أن أحدا ما سيلاحظ أختفائي منها .
تعلق نظري بعقارب الساعه في ردهة منزلي كنت أنتظرها تصبح الساعه الثانيه
بعد منتصف الليل حتى أكون متأكدا من توقف الحياه تماما وأغلاق المحلات
التجاريه في منطقة وجود بناية البنك.
خرجت من منزلي ونظرت أليه نظره أخيره وكأني أودعه فأنا لن أعود اليه سأكون
في مكان بعيد جدا في الصباح كما رسمت وخطتت .
ركنت مركبتي في موقفها المعتاد أمام مدخل البنك وظللت فتره فيها وكاني أتاكد من خلو
المكان من الماره ..أخرجت سلسلة المفاتيح الني لازمتني طوال سنوات خدمتي في عملي
هذا فانا الحارس الوحيد والبواب أيضا .
خرجت أخيرا من مركبتي وتقدمت بهدوء للباب الزجاجي الكبير وأنا أنظر للكاميرا السريه
المثبته أعلاه والتي لا أحد يراجع ما تسجله غيري أنا فقط ، دسست ذلك المفتاح الالكتروني
فيه وضغطت الازرار بالرقم السري المطلوب لفتح ذلك الباب .
دخلت الى داخله ومع أن الظلام كان شديدا الا أنني أعرف تفاصيل ذلك المكان جيدا بعد هذه
السنوات من العمل فيه لم أحتاج للأضواء حتى أصل لمكان الخزنه به وبيدي تحسست
مكان مفتاحها الكبير وشاشة الارقام السريه.
كان كل شي في متناول يدي فالمفاتيح معي والارقام السريه أنا أحفظها عن ظهر قلب لم أجد
صعوبه في فتحها والدخول اليها ، وقفت وسطها قليلا وأنا انظر لتلك الارفف الممتلئه بأكياس
النقود من كل الفئات ، كنت أعرف أي كيس سأخذ معي وربما لن يلاحظه أحد في الصباح من الموظفين وحتى يلاحظوا غيابي عن العمل والأتصال بهاتف منزلي أن كانوا يعرفونه وأنا لا اتوقع أنهم يعرفونه ف لقد أعتادو وجودي قبلهم في البنك فأنا من يتفح الأبواب لهم سأكون عندها قد هربت بعيدا و لن يعرفوا الطريق الي أبدا.
أخذت كيس فئة النقود الأعلى قيمه ووضعته على كتفي وخرجت من الخزنه بهدوء كما دخلتها وغلقت الباب خلفي وتأكدت من وضعه في نظام الامان ، وعبرت ردهة البنك سريعا كما عبرت الطريق الى سيارتي ،قفزت بداخلها وانا أحدث نفسي يالها من سرقه سهله لم يقم بها غيري اتوقع لبنك ما في العالم هذا أجمع.
قدت مركبتي في الطرقات الخاليه في ذلك الوقت المتأخر من الليل وابتسامة نصر على شفتي وأنا أشعر أن الخلاص أصبح قريبا من حياتي التي عشتها بعد وفاة زوجتي لا طعم لها ولا لون ومع تلك الوظيفه التي زادتني كأبه وضيق وغضب من الناس كلهم ، فلقد توفت زوجتي نتيجة حادث سير من شخص كان يقود مركبته وهو في حالة سكر شديد، لقد تغيرت حياتي تماما بعد ذلك الحادث كنت سعيدا بزواجي من فتاة أحلامي التي طالما أحببتها كثيرا، شعرت بعد وفاتها بتلك الطريقه بغضب شديد على من حولي من الناس وكل المجتمع كنت أشعر أنهم
مسؤولين عما حدث لها ، أشعر بان من حقي أن أنتقم لها بسرقة أموالهم تلك .
زدت من سرعة سيارتي وأنا أرى اضواء المطار تلوح لي من بعيد بدت لي ان الليله شارفت على الانتهاء وفصل من حياتي معها أيضا، كنت اقود وأنا خيالي يسرح بعيدا لتلك الحياه الجديده التي سأعيشها برغد وهناء في منزل كبير ولي خدم وحراس يحرسون لي أملاكي و أموالي كما كنت أنا حارسا للأموال معظم حياتي .
لم أشعر بتلك المركبه التي كانت تقترب مني وأضوائها تملئ عيناي كنت لا أزال في عالم الخيال على ما يبدو كنت أقود بسرعه كبيره ، كنت متأكدا من خلو الطرقات من المركبات ، من أين جائت هذه المركبه والتي لم أستطيع ان أتاكد أنها قادمه في خط سيري الا بعدما أصبحت على بعد أمتار مني فقط ، حاولت جاهدا تفاديها الا أنها كانت
سريعه جدا أنحرفت بمركبتي بشده في محاوله بائسه مني لتفادي الأصطدام المباشر معها ، لا أدري هل القدر أرسل لي تلك المركبه لتمنعني من الوصول لهدفي الأخير بتلك الأموال التي سرقتها أم ماذا؟؟؟
بدا لي قبل الأصطدام بلحظات أن سائق المركبه يحاول الأنتحار ووجدني أمامه مباشره.
أصطدمت به برغم محاولتي المستميته لتفاديه الا أن مركبتي القديمه مناورتها جدا بطيئه
شعرت بقوة الاصطدام وأنا أطير خارج الطريق بمركبتي لتنقلب عدة مرات على نفسها وأنا
بداخلها أفكر في موتي بتلك الطريقه البشعه والتي حالت دون تحقيق أحلامي بعد سرقه
فكرت فيها طوال 14 سنه كامله.
أخرجني من تفكيري هذا صوت حارس زنزانتي والذي طالما كرهته جدا وهو يقول لي
"سالم" هل لازلت تفكر في سرقتك الغبيه تلك أم ماذا؟؟؟
لقد تعبت وأنا انده عليك وأنته تنظر للسقف كعادتك
متى تتوقف عن التفكير في ما حدث لك لقد نلت جزائك
بوقوع ذلك الحادث لك قبل المطار بمسافه قليله على يد
سائق مخمور!!
وأكمل في سخريه بغيظه جدا " يبدو أنك لست أحسن حظا من زوجتك مع المخمورين يا "سالم "
