نبأ الهدهد
مأذنة المسجد لا زالت ماثلة امام عيني .. آخر موضع .. لحظة الوداع .. مرسومة في مآقي العين تلك اللحظة .. المشهد الاخير في ذاكرتي .. قبل أن أسافر .. مكان موغل في القدم .. موغل في روحي ..اقرب بقعة الى جسدي .. قبل اغلاق باب حافلة بغيضة .. .. استغفرت كثيرا .. قراءة الكهف وتبارك .. وآية الكرسي.. دارت اسئلة ليس لها حدود .. قبض القلق قلبي ..لأني مسافر الى مجهول.. قرأت حجم المأساة في وجه ذلك الجاثم بالقرب مني .. سمعته يردد تمتمة .. امسك بثمة أشياء بغيضة .. تأهب الى فعل شيء ما .. تعقبني بنظراته .. عيونه تحمل اشياء كثيرة .. لم تدر في خاطري .. نظراته لا تخلو من العطف والرحمة..أمسك بأشلائه بين يديه .. تحدث بنبرات مشؤومة .. غمغم بالخطيئة ..لم افكر في حديثه.. ممل لدرجة الالم.. مثقل احساسه بالذنب ..ينذر بمسلسل واحداث غير مأمونة العواقب .. مستقبل ضئيل في عينيه..فقد بريقا .. يعتقد ان المكان فقد رجالا .. ادركت ان المهجر لن يكون احسن حالا .. من ظلمة الليل .. تحجب النور .. و الحب .. و شموخ الرأس .. الألم يطوقني .. وتتطوق غروب الشمس.. حملت الجنازة جسد مسجى .. عرفته من قبل .. مرسوم في ذاكرتي .. لم تبرح الروح ذلك الجسد .... حياة سرمدية .. ذكريات عالقة في الروح .. رموز ازهرت ورودا على ذاكرة الجسد .. تعلمت ابجديات الحب.. غرست علما .. يرفرف فوق الروح .. للابد .. كطعم الحرية .. والاخلاص .. يسمو الى سماء لا متناهية .. وأفق بلا حدود .. صدى خطوات في سديم الليل .. يتردد كتلك الكلمات هناك .. ابواب محفورة.. تزهر انفاسا .. كالياسمين .. تنكر حروف اسمي .. تذكرني كل صباح .. كصفحات كوب الشاي .. وبريق تلك العيون الغجرية .. شاعرية بعذريتها .. حيثما ولجت الروح... سمعت قصائدي .. وابتهالاتي .. مكتوبة على اوراق ملكة الليل .. وطلع النخيل .. ودموع الليل .. لن تغتال تلك الروح .. سلمت جسدي .. والامي .. بعيد عن افق السماء.. عن سهول الارض.. ومجاري.. كالبرك الآسنة .. لم تفارق شفاهي تلك الكلمات.. وحروف مباركة .. لم تكترث بحثالة هذا الزمن .. ومثالبه .. رغبة جامحة في ألق الحرية .. كلمات استفزت روحي .. وايمان قدري .. ما اجمل الدين و الدنيا .. والايمان بالقضاء .. شعور غريب يغمرني .. اتذكره في ذلك الصعيد.. وصباح العيد .. لحظة ميلادها.. انفصلت الروح عن الجسد .. وجود من عدم .. ليل من نهار .. رقصت فراشات .. سقطت اجنحتها .. افلت شمس قبل اوانها .. انحدرت تلك الحافلة من عاليها .. ايقنت الأتجاه .. والمصير .. خلفها هدهد .. لم يفارق اغصانه .. اعتلى قمة .. سياتينا ذات يوم . . بالنبأ اليقين .. وليس ذلك ببعيد..
بقلمي / ناصر الضامري
