عمان الأمن والإيمان والسلام
أثير – المكّرم د. اسماعيل الأغبري
مفردات ثلاث أمل الإنسان في الحياة وغاية يريد تحقيقها وهدف يرغب عدم مفارقته إياه
قلق في بلدان كثيرة وأرق في دول عديدة من عالمنا الإسلامي وهزات وفزع أمني في كثير من الأقطار
شعوب تعاني من عد،أنفاسها وإحصاء تحركاتها وتكميم أفواهها لمجرد نقد بسيط محتشم
شعوب تعاني من قهر وظلم،وقبضة حديدية وأخذ المحسن بالمسئ والبرئ بالمذنب لمجرد صلة بقرابة أو نسب بمخطئ أو جاني
بلدان تهتز بالفتن وتستعر بنيران الافتراق وتحترق بلهيب الفوضى
بات عالم العرب تراه أكثر العوالم على شاشات الأخبار ويتصدر الصحف والتقارير على وسائل الإعلام
لا تسمع في تلك،التقارير عن بلاد العرب إلا الفعل المبني للمجهول قتل وجرح وأصيب وشرد وهجر وذبح إلى غير ذلك،من تلك الأفعال
منذ اندلاع لسان ما يسمى بالربيع العربي تضاعف الوجع في عالم العرب واشتدت وطأة،النيران في بلدانهم
يتم استغلال الشعوب بخطاب عاطفي إما قومي أو ديني من الساسة النافذين أو قادة الأحزاب والمنظمات أو من قبل رجال دين،في متاجرة بالدين فتنساق شعوب وأمم وراء من يحسن تسخيرها وتسييرها بذلك الخطاب المدغدغ للعواطف
منذ،خمس،سنوات أو تزيد،صارت أخبار بلاد،العرب على كل صحيفة وكل لسان في الشرق والغرب وما عادت الهيئات الدولية،والمنظمات العالمية إلا وتناقش،فتن العالم العربي السياسية والأمنية والعسكرية،والاجتماعية،والاقتصادية
تارة يقول العرب ترفض تدخلا أجنبيا امميا في بلادنا وتارة يسخرون كل مفردات الاستنفار ويستجدون ويناشدون الأطلسي،والناتو ويطلبون من الأمم المتحدة،اجتماعا عاجلا من أجل تدخل أممي ووضع بلاد عربية تحت البند،السابع الذي يعقبه جوع وعطش وحصار لبلد عربي بطلب من بلد عربي
تراشق وحرب كلامية حادة عبر وسائل الإعلام المسخرة بين دول عربية وتشغيل مواقع التواصل الاجتماعي بدعم رسمي خفي من تحت الطاولة للنيل من دول عربية بواسطة دول عربية
ضجيج وصريخ وملاسنات في اجتماعات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومحافل الأمم المتحدة كل دول تحاول عرقلة مقترح مشروع دولة أخرى عربية
قتل تفجير تفخيخ كيد بين الدول تراشق وتبادل للاتهامات وكل ينفي وكل في الحقيقة صادق وغير صادق
تلك أوضاع جل الدول العربية وعدد من الدول الإسلامية إذ لا يظهر في الأخبار عن الدول العربية فعل بنى أو أنشأ أو اكتشف أو اخترع أو نجح
وسط هذا الركام الذي يحيط بالعالم العربي ووسط هذه العتمة والليل البهيم هناك دولة عربية اختارت قيادتها سبل السلام مع الأمة والعالم ورجحت طريق الأمن مع نفسها ومع الآخرين
هناك دولة عربية رفضت إلا أفعال البناء والتشييد والإعمار المادي والمعنوي منذ بزوغ فجر الثالث والعشرين من يوليو
قيادة عمانية خالصة متمثلة في جلالة السلطان قابوس بن سعيد أخذت على عاتقها القيام بكل ما من شأنه نشر الأمن في ربوع عمان والإقليم وعملت على إرساء،دعائم أمة عمانية على أسس،وطنية خالصة بعيدة كل البعد عن التمحور القبلي والانتماء الجهوي
ولعل السلطان قابوس هو الوحيد خلال عقود تمكن من توحيد البلاد وجمع شمل الأمة العمانية منهيا بذلك فرقة وانقساما وتمكن من بسط النفوذ على كل الربوع بقوة السياسة وحنكة القيادة وحكمة الخطوات لا بسياسة القوة
التفت جلالة السلطان بعد تنظيم،وإصلاح البيت الداخلي إلى الخارج من الإقليم والعالم فنجح أيضا في إرساء دعائم السلام مع الكافة وذلك بإقامة أحسن،العلاقات وأوثق الروابط،بغض النظر عن نوع الايدلوجيات الحاكمة لتلك الدول دينية أو اشتراكية أو ليبرالية أو شيوعية فالقيادة العمانية تقيم العلاقات مع الدول ولا تنظر إلى نوع الحكم الذي قد يتغير،وهو ما عجزت عنه دول كثيرة
القيادة العمانية واقعية جدا لا تستغل المشاعر والعواطف ولا تروج خطابات دعائية لأن ذات جلالة السلطان ليس مولعا بالظهور،الإعلامي ولا يرغب في كثرة التصريحات ولا يتعمد كثرة المقابلات على الشاشات ولا يعتمد الخطابات المطولة
لم تعتمد القيادة العمانية في حلحلة الأمور خطابا قوميا مخادعا ولا تعتمد خطابا دينيا تحريضيا وهذا لا يحتاج إلى كثير من الأدلة والسرد
إن هذا المسلك،الحميد يضمن سلامة البلدان من عدم إذكاء روح العداوة بين الأمم والشعوب على أسس عرقية أو قبلية ولو سلكت الدول مسلك السلطنة لما تفجرت عداوات القوميات في البلد الواحد كالمشادات بين قوميات العرب والاكراد،والأمازيغ وغيرهم في البلد الواحد،رغم الدين الواحد
القيادة العمانية بل جلالة السلطان مدرسة ومنهج سياسي ينبغي تدريسه في تخصصات العلوم السياسية
تجنبت السلطنة الخطاب الديني المؤجج للصراعات المذهبية أو الطائفية ولعل ذلك من أسرار وأسباب نجاح السلطان قابوس في نسج أفضل العلاقات مع الإقليم والعالم
لم تقلد السلطنة غيرها في بث روح الكراهية في الدولة الواحدة المتعددة المذاهب داخل الإسلام ولم تحرض أيضا على خطاب متطرف ضد أتباع الأديان والشرائع الأخرى
لو سلكت كافة الدول الإسلامية مسلك عمان لما رأينا هذا التناحر بين أمة الإسلام نفسها ولا بينها وبين غيرها
لذلك يحق القول بأن عمان بأسرها مدرسة والسلطان ذاته مدرسة ينبغي ان يستقى منها وينبغي أولا على طلاب السلطنة نشر هذه الفرائد العمانية وعلى طلاب الماجستير والدكتوراة كتابة البحوث حول هذا المنهج العماني الذي عز مثله
السلطان قابوس أكد أيما تأكيد على رفضه بث روح الكراهية بين،بني البشر كافة وليس بين بني الإسلام فقط إذ قال مبينا أصالة عمان والأمة العمانية موضحا منهجه وطريقته ( إن التطرف والتزمت نباتات كريهة تأباها التربة العمانية )
لا غرابة أن النظام الأساسي للدولة يعاقب كل من يثير الفتن المذهبية،والقبلية بالسجن،عشر سنوات وهي عقوبة قد تبدو قاسية لكنها في الحقيقة عقوبة مناسبة ومن يتأمل أحوال ما صارت إليه بلاد المسلمين من ذبح وتناحر وعنف وحرب على أسس مذهبية سيجد أن التشريعات العمانية كانت واعية كل الوعي لخطورة تلك الفتن وسيعلم أن منهج السلطان،هو الذي ينبغي أن تسير عليه الزعامات
نستطيع القول ان السلطان قابوس ودون كثرة تصريحات ودون تسويق لذاته تمكن من كسب صداقة العالم وصارت عمان صفر صفر مشكلات مع العالم من جهتها أما من لا يسره نجاح السلطنة في خطابها المعتدل وحسن علاقاتها مع الكافة فتلك معضلته تبين من خلال تخبطه وعدم قدرته على سياسة ناجحة مع الإقليم،والعالم
السلطان قابوس قال نحن دولة سلام ونريد أن نعيش بسلام ويتركنا الآخرون بسلام ثم عاد فقال لكن إذا تم الاعتداء علينا فسوف نفتدي عمان بدمائنا وأرواحنا وهذا واجب شرعي ولازم وطني
دامت السلطنة آمنة،مطمئنة مستقرة متميزة فريدة
دام جلالة السلطان سموا في الفكر عمقا في سياسة السياسة نبراسا في نسج السياسة رمزا للسلام ومدرسة في نجاح السياسة
إنه يوم الثالث والعشرين،من يوليو نتائج إيجابية على عمان والإقليم والعالم
إنها عمان لم تعتد على أحد يوما تبسط السلام وتدعو للسلام لكنها صعبة المراس شديدة البأس على من اراد بها شرا
عمان والسلطان جدير بأن نكتب ونؤلف عنهما وجدير بطلاب الدراسات العليا تخصيص قسم من رسائلهم للكتابة عن ذلك وفاء بحق وشكرا لباني وتخليدا لمآثر وبثا لمحاسن ونشرا لمنهج مدرسة سياسة عز مثيلها ومساهمة في بث روح الحياة للجميع