بقلمـــــــــــــــــــــي : أنثى الشتاء البارد
أتسمعين هذا الأنين الخامل في روحي ..
أتحسين بهذا النبض المتسارع المنساب من طهري ..
أنظري لهذا الرجل كيف يرجف ..
لقد أيقظتي مشاعري الميته منذ سنين عريقة ..
بدايت الأمر انتشالك من بركة تلك الأحزان ..
وعلى غفله مني غرقت من جديد في بحر العشاق ..
قد كنت حريصاً على عدم إيقاظ هذا الوحش المحبوس بداخلي ..
لكن تلك الوخزات الرقيقة النابعة منك قد خدرتني وأسكرتني ..
أتعلمين قصتي القديمة مع تلك العاشقة التي ماتت في كل أوراقي ..
لو تعلمين ماذا فعلت بصفحاتي القديمة ..
قد عشت من بعدها لوعة الحرمان ومذلة الأيام ..
وقتها قد توقف هذا القلب عن دفع مشاعري الرائدة ..
وحبست نفسي في معقل الأشغال الشاقة ..
فقط وقتها وددت أن أعود إلى رشدي وأكره العشق ..
وأعيش حياتي الباقية بدون توامأ أخر لروحي ..
عشت حياة المسافر والمشرد لا أنتمي إلى وطن ..
وفي ألف مشفى بدأت أتعالج من تلك الجروح العميقة في كل عرقاً ينبض بجسدي ..
كتب بهذا القلم الفقير قصصاً تفوق حدت فكري ..
لا لشيء غير التخلص من ذلك الهذيان الذي يحتل أول ليلي ..
استطعت من خير حسابات ولا معادلات أن أسترجع نصفي المسجون في بركة العشق المحرم ..
وجددت العهد من جديد على تحرير نصفي الأخر ..
جمعت جيشاً لا يوصف بأقوى عبارات المدح ..
ومضيت به إلى الأرض المتشققة والمشوكة حيث نصفي الأخر محبوساً بها ..
وعلى مدى عمراً لا يسعني ذكره ..
استطعت تحريره والعودة به إلى وطني ..
وقتها وبقوة الدم والروح ..
اقتلعت منه ذلك العشق الأبدي ودفنته في تلك الأرض ..
وبنيت عليه قلعة حصينه قوية ..
فقط حتى لا يخرج ويبحث عني ويعود لي ..
فلا يتحمل عمري الباقي شن غزوات جديدة ..
وبدأت أعيش زيارات الوحدة من جديد ..
وعدت من جديد إلى غرفتي مع شلة الفئران وخفافيش الليل ..
وبريشتي ومحبرتي بدأت بالكتابة في تلك الأرواق لأجيالي القادمة ..
ولكن .. وفجأة .. وعلى غفلة ..
وقتها كنت أجمع الحطب تحت ثلوج وبرد الشتاء القارص ..
ودخاناً أبيض يخرج من أنفاسي ..
رأيت نوراً يخرج من السماء ويسقط في تلك البركة المتجمدة ..
وبكل سرعتي التي سابقت الرياح توجهت إلى ذلك السقوط ..
وإذا هي أنتي يا أنثى الشتاء البارد ..
مددت يدي المتجمدة من شدة برد الشتاء ..
واستطعت أن أنتشلك من تلك البركة ..
أخذتك حينها إلى حيث أنتمي ..
أشعلت لك الحطب وصنعت لك الحساء ..
حتى عادت روحك وراح ذلك اللون الشاحب من وجهك وجسدك ..
اقتربت بعدها مني وعلى مدى أيام وأيام حكيت لي قصتك ..
انحدرت مني تلك الدمعة ورجف هذا الجبل من ما سمع ..
قد كانت قصتك حزينة ومؤلمه منذ بدايتها وحتى وجدك ..
وقتها قد وضعت يدي على قلبك ..
وأقسمت على تحريرك من هذا الموت الحي ..
والعودة بك إلى الوطن المنتظر والمكتوب لك ..
وبدأت أعد الخطط وجلسات العلاج لك ..
أسمعك مرة وأحكي لك قصة تارة أخرى ..
وعندما تضيق بك الدنيا ..
تأتين لي مهرولة ودموعك من خلفك أودية ..
أمسك يدك واقربك من حضني ..
أمسح دموعك وأضمد جروحك ..
وأسمعك همسات جميلة حتى يتوقف النحيب بك ..
وتكملي ذلك اليوم وأنتي نائمه على صدري ..
وبعدها أسمعي ماذا حصل في متصف رحلة العلاج ..
لم يكن ذلك الأمر في الحسبان ولم أتوقعه أبداً ..
في تلك الأرض البعيدة القاحلة المشيدة المنيعة ..
أستطاع وحش مشاعري الجياشة تحطيم كل شيء من حوله ..
وعاد إلى جسدي من جديد ..
بدأت مخاوفي تفيض مني ..
وقتها شددت زمام الأمور كلها على محاربته من جديد ..
وبالرغم من تلك الغارات المتواصلة ..
بين ضربات مدافعي أستطاع سهمه أن يصل إلى جسدي ويخترق قلبي ..
وأصبحت أسيراً له من جديد ..
ولكن بمن هذه المرة أتعلمين ؟؟ ..
بك أنتي يا أنثى الشتاء البارد ..
كيف حصل هذا الأمر أيمكنك الشرح الممل ..
أو أنتي عاجزة مثلي عن رد هذا العشق ..
لكن لا تنفع الحجج والأعذار الأن ..
فقد فات الحديث على ذلك وأصبح العلاج منتظر منك الأن ..
ما بداخلي الأن هو عشقاً جديد ونادر وغريب ..
عشقاً لا أنوي الرحيل عنه من جديد فهو ما أحتاج إليه بشدة ..
وعلى تلك الموانع التي تقف بيني وبينك ..
لدي حدس بأنها ستتلاشى في يوماً ماء ..
وسيبدأ وقتها كتابي الجديد بأول قصة لهذا العشق ..
ربما يعجز هذا القلم على متاهات الكتاب في هذا المحفل ..
لكن هي أحرف معجونه ومتماسكه تخرج من هذا الجوف المحترق ..
كتبتها لك كبداية عهداً جديد ..
عهدك أنت يا (أنثى الشتاء البارد) ..
07/10/2016
al safina