مَوت الضَمير ؟
شَخصياً لا أظنُّ أنَّ الضَمير الإنسانِي يَموت ، وإنّما هُو مُصطلح يُطلق كَتضخيم للحَال حينَ يتوقّف
الضَمير عَن أداء وظيفتهِ كمفهوم للضَمير ..
نتيجة الخَطايا التي تُحيط بالإنسان والمعَاصِي التي تُغشّي قلبه كظُلمهِ للآخرين وبطشهِ بهم
القتل .. السرقة .. الزنا .. أكل مال اليتيم .. العجب والغُرور .. شهادة الزور ..أذية الجيران .. الكذب
تَغيب عنه القِيم الإنسانية ..
فيتغيّب الضَمير ويتوقف عَن أداء وظيفتهِ الأساسِية ، لكن لا يمُوت فلرُبما استفاق يوماً
بعكس لو أطلقنا على الضمير ميتاً فإنّهُ لن يستفيق بتاتاً ..
أمّا الضمير الحَي ..
فهوَ لبشرٍ حَمى نفسه وقلبه وجوارحه مِن زفرات الشيطان السامّة ، وطهّر روحه ببعدهِ عن سقطات القول
ودنايا الأفعال ..
لذلك هُو حيٌ يَقظ المشاعر مُتحصن عما قدْ ينكُت في قلبهِ نُكتةً سوداء ..
أما صحوة الضمير فهي برأيي التوبة بمفهومها الصحيح أي بشروط صحتها وقبولها..
مــوت الضمير ..
هو تعبير إيحائي ..يصف حالة غياب الذات من المساءلة والمحاسبة والرقابة التي يجب ان نستشعرها ونقوم بها بين الفينة والاخرى
لتقويم مسارنا تجاه أنفسنا والآخرين ....
حيُّ ..يكون عندما نجد الشخص يخاف الله ..,يحسب له حساباً بسره وعلانيته ..
الضمير.. هو تقييم ذاتي يدرك من خلاله الفرد التصرفات الخاطئة والصائبة قبل الوقوع بها ...
فالضمير ينير للانسان طريقه أكثر من عينيه .. فالعين قد تخدع صاحبها أما الضمير الحي فلا .. لأنه هو ذلك الصوت الخفي الذي يهمس من خلف ستار مجهول يضيء للانسان كاشارة ضوئية و لكن الاشارات هنا روحية و ايمانية توقظ الانسان من غيبوبة تغلف كيانه و تجعله غير قادر عل التمييز بين الحق و الباطل , و النور و الظلام ..
البعض منا يكون ضميره حاضراً في كل وقت وبالتالي يقيم تصرفاته ويمشي على الدرب الصحيح وهذا في الغالب الشخص المؤمن الدائم الصلة بربه جل علاه
البعض الأخر يغفل ضميره لأيام أو حتى سنين ولكنه يعود بعد ذلك ويحاول تصحيح ما إرتكبه من أخطاء وهذا ما ندعوه التوبة .
لكن توجد فئة ثالثة لا يصحى ضميرهم إلا عند شعورهم بالعجز أو دنوالأجل
حين يموت الضمير
يصبح كل شئ مباح : كلام الزور ، الخيانه ، القتل و السكوت عن القتل.
حين يموت الضمير
يصبح طعم الدم لذيذ كعصير البرتقال ..تهون الاوطان و الاعراض و يُزيف التاريخ.
حين يموت الضمير
يصبح الانين الآدمي كمعزوفه رومانسيه من قيثارة فريده .
و أصوات المدافع كقرع الطبول ، و هدم المساجد على المصلين ،
و تدمير المنازل على رؤوس أصحابها كمشاهدة فيلم أمريكي مثير.
حين يموت الضمير
تنزع الذاكره من جذورها ، و يصبح كل شئ أبيض ..
الماضي صاف كجدول ماء عذب. الجلاد برئ و الضحيه متهم.
حين يموت الضمير
تهاجر الحمامات البيضاء ، و لا يبقى في الجو إلا غربان تنعق صباحا مساء.
حين يموت الضمير
يتحول الإنسان لوحش كاسر ينتظر فريسة للإنقضاض عليها ، و تبدو المدن كغابات موحشه
حين يموت الضمير
تظهر الإنسانيه كلمه لا معنى لها و لا رديف.و تصير الاسنان حاده و اللحم الانساني سهل المضغ .
حين يموت الضمير
يكون الخاص عام و العام خاص .الحلال حرام و الحرام حلال
حين يموت الضمير
ينظر للأوطان كمزارع عائليه،و الشعب قطيع من غنم.
حين يموت الضمير
تغفو العقول وتثور الاحقاد تتعطل انسانية الانسان وتفقد حواسه قيمتها
ويغدو صاحب عقل لا يفقه وصاحب عين لا تبصر
وصاحب إذن لا تسمع وصاحب قلب لا يدرك
الضمير هو الفرق بين الانسان والجماد
بين المحسوس والغير محسوس
بين الحيوان والانسان
فعندما تختلط الامطار بالدموع..
ويختلط الورد بالشوك..
والحزن ممزوج بألم الابتسامه..
سيكون الاحساس مليئاً بالتناقض ..
نعم ..
انه الحزن المغمس بالفرح ستجد هناك شئ اقوى من الحياة انه..
هل نعلن حداد موت الضمير أم نزرع الأمل بعودته ؟؟!!
