4 ☆ كذبة
http://up.omaniaa.co/do.php?img=9933
كلنا يمقت الكذب ، ويتحاشى الكذابين ، فهو من الصفات الاكثر سوءا والتي لا يقبلها ذوي الالباب وذوي القلوب النقية ، وذلك عبر التاريخ الممتد من بداية التكوين البشري الى ما شاء الله .
ولكن الكذب كصفة لصيقة ببني البشر وكفعل يقترف كل يوم بشكل متكرر فهو موجود ، ولا يستطيع احدنا ان ينكر وجوده ..
في الحقيقة بعضنا يكذب .. كذبة صغيرة او كبيرة او متوسطة المقاس فنحن نكذب ، بعضنا يوصف كذبته بالكذبة البيضاء والبعض يوصفها بأنها مجرد مزاح او لترويح الانفس ..
الاسوأ من ذلك كله هو استمراء الكذب ، وكأنه جزء من النشاطات اليوميه المعتاده او كجزء من التعامل اليومي المفترض مع الآخرين .
ولكن - ولست متأكدا ان كان هذا الرأي صحيحا - فإن البعض يتخلص من مأزق ما عن طريق كذبة ويخرج بها كخروج الشعرة من العجين وذلك بعد اخفاء الحقيقة و ربما يكون الواحد - احيانا - على حق في اتخاذه ذلك المسلك ، فقول الحقيقة ليس دائما هو المخرج (في رأي البعض ) .
كل ما جاء في حديثنا السابق انما هو رأي صاحب لي لم اره منذ سنوات ، حيث جمعتنا الصدفة اثناء حضورنا لورشة عمل في احدى الفنادق .
كان يحدثني عن كرهه للكذب ورأيه في من يمتهنون الكذب .. ولكنه في نهاية الحديث صمت لبرهة من الزمن واطرق رأسه ثم نظر إلي بشيء من الاسى وقال يا صاحبي دعني اقول لك شيئا : (ادخر الكذبة البيضاء للظرف اﻷسود ) .
نظرت اليه بتعجب متسائلا عما كان يقصد بهذه الجملة الغريبة والتي اسمعها لاول مرة !!
قال لي استمع الى قصتي ولك حرية الرأي بعد الاستماع .
ذات يوم كنت أمزح مع احدى السيدات وكانت امرأة كبيرة في السن نوعا ما وقد تعودت ان امزح معها وهي تعرف ذلك وتقابل مزاحي بمزاح وتعلم اني كنت اعدها كوالدتي .. وبحسن نية نقلت مزاحي ذلك لاحد ابناءها وكان غضوبا سيء الطباع وفي الحقيقة انا لا اعرفه جيدا الا من كلامها عنه احيانا .. ثار هذا الابن وجن جنونه .. وصال وجال وزمجر .. واشتكى علي عند ادارة المؤسسة التي اعمل فيها ولما لم تعر الادارة شكواه اي اهتمام لمعرفتها الجيدة بحسن سلوكي غضب واشتكى عند المدير العام وفتحوا تحقيقا حول الشكوى ، واستمرت الشكوى تتردد من مكتب لاخر والتحقيقات والاستجواب لمدة ثلاثة اشهر والكل من حولي ينصحني بنفي كلام السيدة العجوز ويقولون لي : انكر كل ما قالته العجوز لتخرج من هذا المأزق والموقف المحرج ولكني في كل مرة كنت اقول لهم : لا .. انا لم اقل خطئا او ما يسيء لاحد فلماذا اكذب ؟
نصحوني مرارا ولكني كنت اقول الصدق واتجافى الكذب فأنا لست جبانا .
جاءت نتيجة التحقيق وكانت صادمة ، صادمة جدا تم تسليمي انذارا كتابيا مكتوب فيه اني استغللت وظيفتي لاغراض شخصية . كانت صدمة قصمت كل المفاهيم التي اعتنقتها في حياتي .. وانا الموظف المجتهد والذي ابذل قصارى جهدي في عملي لم ينظر احد لكل ذلك .
يقول صاحبي : بالرغم من مضي سنوات عدة على غلق ذلك الملف البائس والذي جحفني حقي واظهر انني مذنب الا ان ذكراه لا تزال تؤلمني .. الغريب ان هذه المرأة توفيت بعد خمسة واربعين يوما من تسلمي للانذار ولم يظهر ابنها عقب ذلك ابدا ..
يواصل حديثه قائلا : ومع مرور السنوات اخطأت خطئا فادحا كان سيؤثر على حياتي العملية وعلى آخرين فقررت ان اخرج نفسي من هذه المشكلة بأي شكل فقد علمتني الايام ما يكفي .. اهتديت الى كذبة لا تخطر على بال فنجوت من نتائج ذلك الخطأ الفادح ..
في الواقع لا ادري ان كانت الظروف هي من تدفع البعض للكذب ام هي عادة وتعود ام البيئة المحيطة هي من يخلق اشخاصا يمارسون الكذب حتى على انفسهم .
لا اعلم .
مع محبتي
http://up.omaniaa.co/do.php?img=9935