ضاع الفكرُ بين خافقينْ
جزءٌ مني يُريدُ نهلةً
والآخرُ الخفيُّ يُحاربهْ
نفسٌ تشتهي الوصلَ شوقًا
ونفسٌ كالجدول تركضُ لمحاربهْ
كلٌّ يختال في مملكة الوجدِ
والضياعُ سلطانٌ يُناجيهْ
عرض للطباعة
ضاع الفكرُ بين خافقينْ
جزءٌ مني يُريدُ نهلةً
والآخرُ الخفيُّ يُحاربهْ
نفسٌ تشتهي الوصلَ شوقًا
ونفسٌ كالجدول تركضُ لمحاربهْ
كلٌّ يختال في مملكة الوجدِ
والضياعُ سلطانٌ يُناجيهْ
نصفِي يُناجي: ها أنا ذا!
ونصفِي الخفيُّ يُحاور رغبتي
ضِعتُ بين نارين:
شوقٌ يُرنحني
وعقلٌ يرفض دفني في سجن رغبتي
/
احتاجني لي.. ان أسعى طمعا ما بين (أحلامي) و (خوفي)..
وان أغفو حينا على كتف (طمأنينتي)..
/
أملٌ هو لكلِّ المارّين..
تستنطقه الشفاه..وتتهافت عليه القلوب عند كل مسير..
لكننى وحدي من نأيت به..
أتلو على قلبه السلام.. واحرس وهجه من صخب العابرين..
لاتَعْذِلِ الخَوْفَ إذْ رَفَعَ سُورًا ..
حَوْلَ الحُلُمِ الزَّاهِرِ .. لِكَيْ لا يَنكَسِرْ!
سِرْ بَيْنَهُمَا: فَدَرْبُكَ لَيْسَ وَحْيَدًا ..
حَتَّى الشُّعَاعَ يَمِيلُ حَيْثُ يُقْتَحَمُ الظَّلَمْ.
اِغْفُ عَلَى كَتِفِي .. هُوَ المَرْسَى ..
لَكِنْ لِتَعْلَمَ: المَرَاسِي تُنْشَأُ لِتَعُودَ السُّفُنْ!
اِسْتَرْحِمِ الْهَوَادَئَ .. ثُمَّ ارْحَلْ ..
فَالقَمَرُ المُرْتَجَى لَنْ يَهْرُبَ مِنْ عَيْنِ المُتَرَجِّلِ ..
وَكُلُّ خَطْوَةٍ عَلَى صَخْرِ القَلَقِ ..
تُوَلِّدُ نَجْمَةً تَسْطَعُ فِي دَرْبِ المُتأمِّلِ.
أَنا لِكُلِّ المَارِّينَ.. نَبعٌ يَفيضُ،
يَستَسْقيني الظَّمآنُ.. وَيَرحَلُ كُلُّ عَابِرٍ..
لَكِنَّني وَحدَ مَنِ اخْتَرتَهُ سَكَنًا —
فَعِندَ حَرْفِكَ.. أَصْبَحْتُ الأَمَلَ المُخْتَصَّ.. لا المُشَاعْ!
أَقرَأُ في عَينَيكَ صَلْتِي..
وَأَرْعَى دَفَّةَ قَلْبِكَ كَيْ لا تَغْرَقَ في المَسَاءْ..
فَخُذْني حَارِسًا لِوَهْجِكَ..
وَأَنَا آخُذُكَ سَفِينًا تَخْترِقُ البُحورَ..
حَتى إِذا صَاحَ في الرِّيحِ خَوْفٌ:
أُجيبُ.. وَأَرْسُمُ بِالضَّوْءِ عَلامَةَ اليَقِينْ!
وَعِندَما تَصْحو عَلى صَخْرِ العَناءِ..
تَجِدُ كَفَّيَّ تَحتَ ظِلِّكَ —
مَظَلَّةً مِنْ نُجومٍ.. وُلدْنَ مِنْ قَدَمِيكَ عَلَى القَلَقْ!
صباح الخير...
كُنْ دائمًا عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ
يَجْعَلُكَ تَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ وَأَنَّكَ مَا زِلْتَ عَلَى قَيْدِ
الحَيَاةِ.
فِي مَعْتَرَكِ الحَيَاةِ،
لَا تُقْحِمْ نَفْسَكَ فِي مَوَاطِنِ البَلَاءِ،
حَتَّى إِذَا مَا جَرَفَتْكَ كُرْهًا،
فَاِلْتَمِسْ تِلْكَ المَرَابِعَ الَّتِي مِنْهَا
تتَنَفَّسُ الهَنَاءَ.
ليت من يُبادلونا المحبةَ والإعجابَ يُصارحوننا بذلك،
وينتقلوا من وضع الصمت إلى وضع المبادرة والمصارحة،
كي لا يمضي العمرُ وهم في دكَّةِ المُرَاقَبَةِ، وقُلُوبُهُم تَحْتَرِقُ شَوْقًا،
وكي لا يأتي اليومُ الذي يَتَحَسَّرُونَ فيه،
إذا ما لَمُّوا أَمْتِعَتَهُم وفارقوا المكانَ عَمْدًا.
على بُردَةِ الأماني أودعتُ قلبًا يكتوي شوقًا ويرتجي وصلًا ويعانق طيفًا
يُعاقِرُ سَهرًا حتى بات له رفيقَ دربٍ وإن كان ينزف فيه جرحًا
/
ويحدثُ أن يغزوك هذا الفَراغ الذي لا يُوجعك.. لكنّه يسرِقك..
شعور اللاشئ.. الذي لا يُسمّى.. حيثُ لا أنت تشتاق لأحد.. ولا أنت تنسى أحد..
تتنفس فقط.. لأن التنفس عادة
وتمضي.. كأن التوقف لا يعنيك شيئاً
حينَ التقينا..
عَلَى شَاطِئٍ مِنْ نَجْمَةٍ وَضُحى
كُلُّ انْدِفَاعٍ.. كُلُّ انْحِسَارٍ.. بَيْنَ ضِلوعيَ مَوْجٌ
يَحْمِلُ فِي جَوفِهِ سِرَّ عُشْقٍ.. لَا يُقالْ..
وَحِينَ صِمتُّ..
تَرَنَّحَ الكَلِمُ.. وَاخْتَلَسَ الصَّوْتُ نَدَاهُ
كَسَتْنِي حُرُوفُكِ.. بُرْداً مِنَ الشَّفَقِ المُرْتَجَلْ..
وَبَيْنَ جُفُونِ العَيْنِ.. كُتِبَ سِفْرُ الأبَدْ..
لَمَّا التَقَطَتْ أَنْفَاسُنَا..
رَقَصَتِ الأرْضُ فِي كَفِّيْ.. وَاحْتَضَنَ المَاءُ نَاراً
فَكَأَنَّمَا الدُّنْيَا.. سَطْرَانِ: نَعَمْ تَمْحُو النَّدَى..
وَلِقَاءٌ.. يَقْبِسُ مِنْ جَمْرَةِ الوَقْتِ.. بَقَاءً لَا يُرَحَّلْ!
وَحينَ هَبَطَ الليلُ..
أَضاءَتْ شَمْسُكِ فِي أُفُقِ الصَّمْتِ دَلِيلا
يَمُوجُ الغَرَامُ.. يَرْفُلُ فِي لُجَّةِ الحَنِينْ
وَيَرْفُضُ إِلاَّ أَنْ يُسَمِّيَنا.. رُبَانا وَالقُلُوبُ السُّفُنْ!
عِندَ انْسِكابِ اللَّحْظِ..
تَهَشَّمَ صَمْتِي.. وَانْثَنَتْ أَمْواجُ أَحْلامي
فَما بَيْنَ أضْلُعِي نَبْضَةٌ.. إِلاَّ وَتُنْشِدُ أَسْمَاءَكِ
وَتَنْحَتُ مِنْ جَمْرِ الوِدَادِ.. شُهُباً تَمْحُو الدُّجَى وَالظَّلامْ!
يَمْكُثُ الهَوَى..
لَحْناً يُرَصِّعُ أَعْمَاقَ كَوْنٍ مُتَيَّمْ
يَسِيرُ الزَّمَانُ عَلَى أَنْامِلِنَا.. فَيَذُوبُ مِلْحاً فِي البِحَارْ
وَنَبْقَى نُجُوماً.. لَا تُغادِرُ أُفُقَ العُمْرِ.. حَتَّى تَغِيبَ الأقْمَارْ!
أَهَلْ لَا يَزَالُ لَنَا فِي ذَاكَ المَكَانِ مَكَانٌ؟!
مَا تَغَيَّرَ الحَالُ
فَأَصْبَحْنَا خَارِجَ المَكَانِ وَالزَّمَانِ!
ضُمَّني تحتَ جناحِ الصَّمتِ
فالكلامُ يُفلِتُ كالطَّيْرِ مِنْ وَرَقِ الصَّحائفِ
خُذْني إلى حيثُ تَسْكُنُ في الحُرُوفِ دُموعٌ
لا تَجرَحُ العينَ بلْ تَبْني قُصُورًا للخَريفِ
هَمسةٌ تَنْزِلُ مِنْ عُشِّ الجِناحِ الأَعْلى
تُذيبُ صَقيعَ اللّيالي في مَدارِجِ الحَناجرِ
أَلْقِ على شَفَتيَّ بَرْقًا مِنْ مَرَاجِلِ قَلْبي
أَرْسُمُ بِالرَّمْلِ أحلامي، وأَخيطُها بِسَحابٍ أَزرقِ
عُدْ بي إلى زَمَنٍ لمْ يَكْتمِلْ بَعدُ
زَمَنِ المُعانقةِ الأولى بَينَ حَرفٍ ونَغمةٍ
نَصْهَرُ مَعْنًى ونَسْكُبُهُ شُهُبًا
فتَرتَوي أَرْضُنا مِنْ مَطَرِ الكَلِماتِ الرَّطِبِ
سَأَظَلُّ أَخيطُ دَمعًا لِلسَّماءِ بِخَيْطِ قَمَرٍ
وأُعلِّقُ في رِواقِ اللّيلِ قَنديلَ حَرْفِكِ
لِتَبقى الكَلِماتُ بَيتًا لِلرُّؤى
وَمِيضًا يَرْعَى ظِباءَ الأَحلامِ في مَرَاعِي الصَّدْرِ
يا مَنْ عَلَّمْتَني أَنْ أَخْطُبَ الصَّمْتَ وَأَحْلُبَ الضَّبَابَ!
أَنا حَرْفُ الأَلِفِ الْمُنْحَنِي بِحَنِينٍ،
ضُمَّني تَحْتَ جَنَاحِكَ، فَالْكَلِمَاتُ الَّتي أَحْمِلُها
تَطيرُ كَالسَّمَنْدَلِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ السَّمَاءِ الْبَرْدَى!
خُذْني إلَى حَيْثُ تَسْكُنُ في عُيُونِ الْحُرُوفِ غُيُومٌ،
تُرَطِّبُ أَجْفَانَهَا قَبْلَ أَنْ تَمْطُرَ قَصَائِدَ،
فَتَبْنِي لِلْخَرِيفِ مَقَاهِيَ مِنْ وَرَقٍ،
وَالنَّجْمُ يَرْقُصُ فَوْقَ مَائِهَا الْكَأْسَ الْوَحِيدَةَ!
هَبَّتْ هَمْسَتُكَ مِنْ عُشِّ الْجِنَاحِ الْأَعْلَى،
فَأَذَابَتْ صَقِيعَ لَيلِي في مَزَارِيبِ حُلْقَتِي،
وَسَقَتْنِي بَرْقًا مِنْ مِرْجَلِ قَلْبِكَ الْقَدِيمِ،
فَخَاطَتْ شَفَتايَ سُحُبًا زَرْقَاءَ،
وَرَسَمَتْ رَمْلَ الْأَحْلَامِ شُرُفَاتٍ لِلرِّيحِ!
عُدْ بي إلى زَمَنِ الْمَعْنَاكِ الْأَوَّلِ،
حَيْثُ الْحَرْفُ وَالنَّغْمَةُ يَلْتقيانِ كَأَنَّهُما:
نَدَمٌ يُعَانِقُ فَرَحًا في مِحْنَةِ اللَّوْحِ الْقَديمِ!
نَصْهَرُ مَعْنًى في قِمْعِ الْكَوْنِ،
وَنَسْكُبُهُ شُهُبًا تَرْتَوي مِنْ خَمْرِ الْكَلِمَاتِ الرَّطِبِ،
فَتُرَاقُصُ أَرْضَنا قَطْرَةً قَطْرَةً!
سَأَظَلُّ أَخِيطُ دَمْعًا لِلسَّمَاءِ بِخَيْطِ قَمَرٍ،
وَأُعَلِّقُ في رِوَاقِ اللَّيْلِ قِنْدِيلَكَ الْمَنْسِيَّ،
لِتَبْقَى الْكَلِمَاتُ بَيْتًا لِلرُّؤَى،
وَمِئْذَنَةً تَدْعُو ظِبَاءَ الْأَحْلَامِ
لِلصَّلَاةِ في مَرَاعِي الصَّدْرِ الْوَسِيعِ!
فَاقْبَلْ حَرِيفاً في مَدْرَسَتِكَ الْأَزَلِيَّةِ،
يَا مَنْ جَعَلَ الصَّمْتَ شِعْراً،
وَالشِّعْرَ مَطَراً!
/
أرهقني أن أختلق لك الأعذار في كل مرة..
فآثرت ألا أكون كما اعتدت أن أكون..
ومضيت أذرع الطرقات وحدي..
أسمعُ في حرفك صمتَ الجراحْ
وحكايةَ قلبٍ أرهقهُ الكفاحْ
لا تُخبئْ أشلاءَكَ المُنهَكةْ
في أعذارِ مَنْ باعَ قلبَكَ بُرْهَةْ
مُذْ قررتَ أن تُولدَ من جَمرِكْ
وتمزّقَ حائطَ سرابِ العَهدِ
لم يعدْ سوى الطُّرقِ..
والريحِ في الفلاةِ
تمحو خُطاكَ..
وتلملمُ دربَكَ شمسُ غدِ
/
قيل لي يوماً: إن وجودكم في حياتنا لم يعد سوى أثرٍ من ماضٍ لا أستدعيه ولا أستجديه..
فأدركت حينها أن الحرية.. هي أن تمضي بلا بوابة تغلقك.. ولا خريطة تقيد خطاك.. ولا قلبٍ يشترط المرور عبره..
نُلَمِّلُ أجداثَ الماضي...
وَنَسيرُ عَكْسَ التيّارِ المُوازي...
وَنُنادي مِنْ بَعيدٍ في فَلاةٍ شَحَّ فيها المُجيبُ!
قيلَ لي: صِرتَ أثرًا في متاحفِ الماضي
جَفَّ في كفيَّ، لا يُستدعَى ولا يُستجدى
فحطمتُ حينَ عَلِمتُ
أقفالَ بوّاباتٍ تَحبسُني
ومزّقتُ خرائطَ "يجب"
وقلتُ لقلبٍ اشترطَ العبورَ:
أنا الطريقُ الذي ما سُلِّمَ قطْ
إلا لمنْ يعرفُ
أنَّ الحُرَّ إن عادَ
فعن شوقٍ.. لا عن بابٍ يُقفَلُ!
وَأَمَامَ مَوْجِ البُحُورِ الَّتِي تَحْمِلُنِي
أَنْظُرُ.. أَرَى بَوْصَلَةَ الوَجْدِ تُنْبِئُنِي:
لَنْ تَطُولَ المَسَافَاتُ بَيْنَ الحَنَايَا وَحَنَايَاكْ
سَوْفَ تَلْتَقِي القُلُوبُ.. فَجْأَةً.. عِنْدَمَا تَمْتَلِكُ العِنَايَاكْ .