8 ☆ حرز
من يظن ان الحياة تسير على مسار واحد فلا شك انه مخطيء في ظنه فالتحولات والتغيرات من طبع الحياة .. فلا بد ان يكون خط الحياة متعرج ونحن نسير في ذلك التعرج ، فالخط المستقيم يعني موت الارادة وموت الامل ..
عثرات الحياة تتوالى حالها حال النجاحات ولكن الفرق بينهما ان العثرات تأت بيسر والنجاحات تحتاج الى مجهود .
نصاب بخيبات أمل كثيرة لا نملك ادوات سلوكيه او فكرية او نفسيه للتعامل معها فنركن للاحباط وربما الاكتئاب ..
صدمات عاطفية تدفعنا لان نتصرف كمن يقوده قلب لا عقل فتلك الصدمات تحدث فارقا مهما في طريقة تعاملنا مع الحياة بشكل عام او مع من نتعامل معهم ممن هم حولنا .
فالتغير في التفكير او التقلبات العاطفيه امور حادثة شئنا ذلك ام ابينا .. تبقى المسألة هي مدى استعدادنا للتكيف مع كل المتغيرات وخصوصا المفاجئة .
الوصول الى حافة الانهيار التي اصبت بها ذات مرة كادت ان تفقدني ايماني بقيمة نفسي و تفقدني قيمة الايمان بكل شيء حولي ..
لم يكن صاحبي راض عما انا فيه ويحاول جاهدا ان يخرجني ولو بشكل جزئي من المحنة العاطفيه التي تعصف بكل جنبات حياتي ..
عرض علي فكرة السفر او ان اعرض نفسي على طبيب نفساني او ان اذهب الى " السيح " واصرخ واشكي بصوت عال ما اعانيه فذلك سيخفف من وطأة ما فيه .. لم ارد عليه .. فالخطب اكبر من هذه الحلول .. كان كل تفكيري منصب في كيفية استعادة ذلك الجزء المشرق من قلبي والذي قرر انهاء كل شيء لاسباب لم تقنعني ..
( انتظرتك طويلا .. فإلى متى .. شخص ما طلبني من والدي .. شاب لا يعوض ) وذهبت .. ذهبت بقرار لا رجعة فيه .. لم ابق على طريقة كي اقنعها بالعدول عن قرارها الا و سلكتها ولكن بلا جدوى.
اذن امامك خيار واحد لا ثان له .. وستعود اليك مرغمة .. هكذا قالها صاحبي .
انا لا اريدها مرغمة ولكن اريد قلبها كما كان وسافعل المستحيل كي تكون سعيدة ..
قال لي : اكتب لها .. استغربت حديثه وبادرني : اكتب لها حرز وستعود حتما !! لا .. هذا مستحيل . انا لست متخلفا او ضعيف ايمان . قال لي : هذا رأيي وفكر فيه ان كنت ترغب في عودتها .
تمر الايام وحالتي تزداد سوءا و عافت نفسي كل شيء .. كل شيء يذكرني بها .. حتى الاماكن التي كانت تجمعنا ..
ذات صباح ركبت سيارتي واخذت صاحبي معي وهو مستغرب من مجيئي في هذا الوقت المبكر على غير العادة .
الى اين ؟ لا اعلم ولكن سنرى ان كان احدهم سيستطيع ارجاعها .
قال لي انا لا اعرف احدا ولكن فلنذهب الى قرية بعيدة عنا " لزوم السريه " .
سألنا بعض المارة في تلك القرية عن شخص " يبصر " فدلنا احدهم على شخص له في هذه الامور .. رأيته يتمتم باستغفار وينظر الينا باستغراب .
ذهبنا الى المكان الذي وصفنا اياه ذلك الرجل .
مكان قذر .. كومة من حطب " السمر " وقربها محرقة .. قريبة من بيت هذا الرجل .. في مكان قرب واد صغير .. الى جانب تلك المحرقة يقعد رجل كبير في السن .. اسود وملابسه سوداء قذره .. لم ار في حياتي رجل بهذا القدر العظيم من القذارة .. مهنته حرق الحطب وصنع " صخام " ولذلك لونه ولون ملابسه تحولا الى لون الصخام الاسود ..
سألته وانا ما زلت في سيارتي لم انزل منها متأففا من ذلك المنظر ( المكان والرجل ) : اسأل عن بيت فلان .. اتعرفه ؟
رد علي : من انت ؟ قلت له فلان .. سألني : ماذا تريد من فلان ؟ قلت له اريد ان ابصر !!! قال لي : هل انت من رجال الامن ؟ رددت عليه بالنفي ولا اعلم لم سألني هذا السؤال الغريب .
قال : انا هو !!!
وصاحبي كان صامتا وشعرت بندمه على طرح الفكرة .
نزلت من سيارتي وقال لي اتبعني .. تبعته وروائح الماشيه ومخلفات الاغنام تملآن المكان .
ادخلني الى غرفة لم ار لها مثيلا في القذارة وسألته ان كان بامكاننا الجلوس خارج الغرفة .. فرائحة مخلفات الاغنام والبقر تعتبر عبيرا اذا ما قارناها برائحة تلك الغرفة .
شكوت له عن حالي وما انا فيه وفي قرارة نفسي احتقر نفسي لاني وصلت الى هذه المرحلة .. طلب مني احضار خاتم فضي فقلت له لا املك اي خاتم الان .. قال لي : اذهب الى السوق واشتر واحدا واعطاني مواصفاته واخبرني بإسم المحل .
لا نعرف المكان واخذنا معنا احد ابناءه ودلنا على المكان المقصود وعدنا .. اخذ الرجل الخاتم الفضي وادخله في فمه واخذ يتمتم بكلمات غير مفهومه .. وانا اتصور نفسي كيف سآخذ ذلك الخاتم بعد ان يخرجه من فمه . قلت في نفسي ( يخرب بيت الحب .. شو بيذل ) اخرجه من فمه ولكم ان تتصورا الوضع .
قال لي البسه الان ، وخذ هذا اللبان واذهب الى حيث هي واحرقه وقل هذه الكلمات واتصل بها وستأتيك حالا .
رجعنا الى قريتنا بعد ان اعطيناه بعض المال .. وفعلت كل ما قاله لي ذلك الرجل .. صاحبي استأذن قبلها ان ارجعه الى بيته ..
حرقت اللبان واتصلت بها فردت علي و" فز قلبي " كلمتني وانا اكاد لا اصدق اذناي .. هل انا في حلم ؟
سمعتها تقول بصوت حاد لم اتعوده منها : من فضلك لا تتصل مرة اخرى وانساني للابد ولا تضطرني الى ان اتصرف معك تصرف يزعجك .. كدت ان اصاب بإغماءة من هول ما سمعت .. قلت لها بحزن : مستحيل ان تكوني انتي فلانه التي اعرفها .. فقالت : نعم .. انا لست فلانه التي تعرفها .. انا انسانه جديدة .. فتاة اخرى .. وانسى كل شيء .. وانهت المكالمه .
اتصلت بصاحبي واخبرته بما كان .. فطلب مني ان اهدأ واذهب الى بيتي واستحم واصلي ركعتين واحاول ان انسى ..
المسألة لم تكن بتلك السهولة وهذه التجربة علمتني ان اكون متوقعا مختلف النتائج وان اتصرف برباطة جأش وصلابة عود .
بعد كل هذه السنين التي مرت ايقنت ان لا قمة مسلك ولا درب اهدى من قبول قدر الله عزوجل .
اللجوء الى غير الله ضعف قد يوصلنا لمهالك ونهايات محزنه .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=9567
مع محبتي