طرح جميل كجمال انتقائك
بارك الله فيك
عرض للطباعة
طرح جميل كجمال انتقائك
بارك الله فيك
سهل الباطن
قاتل ضفدع
مفاهيم الخجل
قناص وبعيوني رصاص
تباشير الأمل
أميرة الروح
شكرا لمروركم العطر
❤ *القرآن يرتقي بك (6)*❤
محمد بن سعيد المسقري
*لا تحزن(الحلقة الأولى)*
لا تتصور كيف يعتني القرآن بنفسيتك، ويهتم بطمأنينة فؤادك .. ولا عجب؛ فقد جاء لسعدك وراحتك ..
الحزن شيء ثقيل على النفس البشرية، وهو في ذات الوقت فطرة فيها حين تعرضها للمصائب والمواقف الصعبة، *وكل إنسان قد يتعرض له الحزن في بعض المواقف والمراحل*، ولقد مر الحزن حتى على أنبياء الله، فقد حزن سيدنا يعقوب على فراق سيدنا يوسف، بيد أنه لم يكن حزن تذمر وسلبية، بل شكوى إلى الله وأمر لإخوته أن يتحسسوا منه، كما حزن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – على موت ابنه إبراهيم وموت زوجه خديجة وعمه أبي طالب، وهكذا، *ولكن حزنهم إيجابي في الدافع الدعوي والخيري، وإيجابي في ثمرته وإنتاجه ..*
ومن هنا اعتنى القرآن عناية بالغة بهذا الشعور النفسي المؤلم وقاية وعلاجا، ووجه الفطرة فيه إلى ما يحسن منه، وما يحقق السعادة بعده، بحيث يكون شعورا إيجابيا دافعا للإنتاج الحقيقي، وليس ألما وحسرة لا جدوى من ورائها، كما اعتنى بمضاده في الجهة المقابلة(الفرح)، وحسن توجيهه وتنظيمه، فلك الحمد يا ربي ..
❣ *كيف وقى القرآن النفس المؤمنة من لأواء الحزن السلبي وطوله ؟*
*أولا :* أمر بالإكثار مما يزرع في النفس البشرية الطمأنينة ويعلقها بخالقها، وهو ذكر الله ، وجاء بالحقيقة الخالدة : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "، فالقلوب المطمئنة لا تعيش متقلبة في ضيق وحزن وكدر، بل تحظى بالسعادة والراحة..
*ثانيا* : نهى عن الحزن عن ما يفوت من أعراض الدنيا ونعيمها ومغانمها ، ووجه إلى التسابق إلى الآخرة ..
تعالوا لنتأمل معا– رعاكم ربي – في الآيات من (20 – 23 ) من سورة الحديد، تجدونها *تضع منهجا رائعا يوجه قلب المؤمن توجيها إيجابيا عجيبا* ، وتقتلع الحزن والتأسف على الدنيا من جذوره ..
*إنها تنطلق من اختصار قصة الدنيا* ومقدارها وحقيقتها : " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر .. "، *ثم تدعو للتسابق إلى المغنم الحقيقي* : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ... " ، *ثم تبيّن أن المصائب التي تقع على الإنسان إنما هي مكتوبة من قبل الله* ومقضي فيها ولا تراجع : "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها .. "؛ *لتاتي الثمرة الطيبة والعلاج الناجع* لشعور الأسى والحزن الدنيوي : " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم "..
فالدنيا بما فيها من متاع لا يعدو تلك الأوصاف الخمسة ( لعب ولهو وزينة وتكاثر وتفاخر) ، وما يحدث فيها من مصائب لا يعدو زمانه ومكانه فالأقدار واقعة لا محالة، ومقدرها رحمن السموات والرض ورحيمهما، والهدف الحقيقي للمؤمن هو الفوز الأخروي..
أنظر كيف يبعد عنك القرآن شبح الحزن .. *إنه لا يريد لك ان تحزن على شيء لا قيمة حقيقة له*( متاع الدنيا )، *ولا أن تنكب في أسى على شيء لا يد لك فيه*( المصائب)، *ويوجه قلبك إلى نعيم جميل ينتظرك* حين تمضي في درب الإيمان ( سابقوا إلى مغفرة ) ..
هذه الحقائق الثلاث الخالدة التي اجتمعت وتوالت هنا في هذه الآيات، مبثوثة في كتاب الله تمر على قلبك مرارا وانت تقلب صفحات مصحفك وتتلوه وتتدبر فيه، حقائق تزرع في قلبك الرضا والقناعة *وتذيب جليد الحزن، وتذهب ظلمته* ، حقائق غابت عن كثير من البشر الذين لا يعرفون إلا متع الدنيا، ويرون في الأقدار ظلما وبخسا ، فيعيشون في حسرة على ما فات، وحسرة على ما أصاب، وليتها حسرة شكوى إلى الله تريح الضمير، بل حسرة مقطوعة الصلة بالله ..
❤ *القرآن يرتقي بك (7)*❤
محمد بن سعيد المسقري
➖ *لا تحزن (الحلقة 2)*➖
نتعلم منكم ومعكم ونواصل آلية تعامل القرآن مع مشاعر الحزن
*ثالثا :* كما وضع القرآن الكريم خطا منهجيا لبرمجة قناعات المؤمن تبعد عنه شبح الحزن الذي يجثم في القلوب لأجل المتاع الدنيوي، نجده يؤكد مرارا في مواضع مختلفة النهي عن الحزن وذمه بشكل عام *حتى لا يكاد تمر عليه في القرآن إلا منهيا عنه أو مذموما*، فنجد تردد عبارات ( لا تحزن ) و( لا تحزنوا ) (لا تحزني) (لكيلا تحزنوا )، إضافة إلى النهي عن مرادفاته وما في معناه ( الأسى .. الحسرات .. الضيق ..
وهذا التكرار يزجر النفس عن التلبس به، واتخاذه رفيقا ..
*رابعا :* لو تلاحظون معي ؛ نجد القرآن يركز في قضية الحزن والنهي عنه على أمور قد يخيّل للمؤمن أنها مطلوبة ومحببة لارتباطها بالدعوة والخير ، كالحزن على المعرضين عن الله، وهم يصرون على فسقهم وكفرهم ، فنجد النهي عن ذلك في عدة مواضع من كتاب الله : " ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " , " فلا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون " ، " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات "، وكذا الحزن على ما قد يحصل من انكسارات في المواجهات مع الباطل : " فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون " ، *ونجد في هذه الآيات ذاتها جرعة للنفس المؤمنة، بتعليل النهي عن الحزن* ، بأن الله عليم بكيدهم وأن الهداية من الله؛ لذلك فالأمر كالنعم والمصائب لا يد للمؤمن فيه؛ فبهذا يقر المؤمن عينا ولا يحزن ..
*خامسا* : في قصة النبي – صلى الله عليه وسلم – مع صاحبه الصديق – رضي الله عنه - ، نجد بلسما شافيا لما قد يعتري المؤمن من أحزان , فها هو – صلوات ربي وسلامه عليه – يطمئن صاحبه بقوله " لا تحزن إن الله معنا "، *فاستحضار المؤمن أن الله معه في كل أموره، وأنه هو الذي يصرف حياته يريح قلبه*، وفيها تطمين لأهل الحق أن يكونوا أقوياء القلوب ويوقنوا بالله وأن جولات الباطل ضعيفة، وحبل الحق متين لارتباطه بالقوي المتين ..
*بل فيها أهمية اتخاذ الصاحب الذي يقوي نفسيتك وعزيمتك*، ويعينك على تخطي المصاعب والأحزان بنفس واثقة بالله، موقنة به، *والبعد عن الأصحاب الذين يخذّلون الإنسان ويملأون قلبه بالوساوس* والهواجس والقلق والحزن بإيحاءاتهم السلبية، وتضخيم المصاعب وتهويل المواقف ..
*سادسا* : وجه القرآن عناية المؤمن إلى ما يصرف فيه طاقة الحزن، بحيث تكون إيجابية ، وكما مر معنا عند سيدنا يعقوب – عليه السلام – أن حزنه إنما كان بثا ودعاء إلى الله مع حث أبناءه على التحسس من يوسف وعدم اليأس؛ *نجد القرآن العظيم يمنح لنفوسنا مساحة من الحزن الإيجابي ..*
تأملوا – حفظكم ربي - في هذا الموقف المهيب : " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون "، لله درهم .. أعينهم تفيض دموعا من الحزن ، *لماذا ؟*
*لأنهم فقراء .. لغياب الكراسي والمناصب.. لفقد العاشقين لحبيباتهم؟!*
*كلا .. إنما لفوات العمل الصالح*، ولعدم قدرتهم على المشاركة في الجهاد مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ..
هكذا هو المؤمن .. حزنه إنما يكون لما قد يفوته من أعمال صالحة , حزن يحفز همته للتعويض والمثابرة والاجتهاد في فعل الخير, حزن يعقب راحة في الدنيا وسعادة في العقبى ..