تتهادى الشخوص كأطياف تمر على خيالات الشباب ،
تارة يُلبسونها ويجسدونها واقعهم ،
وسرعان ما يخلعونها في حين تذمر بعد أن يمد الملل
يده على معصم يد ما أشغلوا به ذاتهم وأنفسهم !
لكون الشرود والتوهان هما فضاءهم المعايش ، ليجعل من الشباب " سُكارى وما هم بسكارى ،
ولكن عظم ما يتلقونه يُحطم كل ذرة _ إذا وجدت _ من التعقل والتريث ليعلم بذلك وجهته وقبلته !
قد يكون الشاب منذ طفولته يترعرع بين ناظري والديه ، ويرضع من لباب سلوكياتهم ، ويتغذى على موائد وصاياهم ،
وهو يرى في بعض الأحيان تلك الفروقات ، وذلك التباين والتناقض بين التلقين النظري ، والتطبيق الفعلي والعملي في أخذهم وعطائهم !
ليكون الخلل والتشويه في مهية الصورة التي يجب أن يُجسدها وتتجسد بذاته ليأخذ من هذا وذاك ،
ويكون بذلك خلقا مطواعا لينا قابلا للذوبان في كل عنصر يقترب منه ويخالطه ،
ليأخذ من سلوكه وطباعه لتكون له أفعال ومنهج حياة !
أرى في تهافت الشباب في اتخاذ القدوات ممن يباينونهم أخلاقا ، وعادات ، ودينا هو ذلك الفراغ النفسي والذهني
الذي فُرّغ من كل صور القدوات الذين سمت وتسامت وتشرفت بهم الأمم ،
ليجعلوها من أساطير الأولين التي لا يمكن استحضارها واصطحابها في هذا الزمان
الذي تجاوز واقع ما عاشوه من بدائية ، وانقطاع عن المناخ المحيط بهم !
ومن تلكم الأسباب التي تضاف إليه :
هو فقدان القدوات ، أو تحجيمها وركنها ، وحشرها في زاوية التشكيك والرجعية والتخلف !
ومع هذا وذاك لا يمكن أن يُعذر
من تنكب الصراط المستقيم بتوفر تلكم الأسباب ،
والمعوقات ، والعقبات !
لأننا في المقابل نجد من يعيش في ذلك الزخم والواقع المرير ،
ممن جعلوا الهداية والعيش في رغد العناية التي يستمدونها من شرائع الدين
مزاحمة ، ومدافعة ، وسفينة نجاة من ذلك السيل الرهيب من المغريات والملهيات ،
" ليكون القرار في يد من بيده الاختيار إما عيش السعداء ، وأما عيش الموات والأشقياء " ،
وفي المحصلة :
" لا يمكن حصر القدوة في ذات شخص واحد إذا كان من غير رسول الله _ عليه الصلاة والسلام _
فلكل انسان خاصيته وعوامل قد تؤثر على بعض الجوانب التي تُضعف اصطفاءه ليكون محضا خاليا من العيوب ،
فالناس خُلقوا ليكونوا نواة تكامل ، من ذلك كان لزاما علينا انتقاء من نتعبد الله بوصلهم لكونهم جسرا بهم نصل إلى رضاه والجنة ".