https://fbcdn-photos-g-a.akamaihd.ne...5cf522830eb57e
https://fbcdn-photos-a-a.akamaihd.ne...653cb5cb8aaa5b
عرض للطباعة
حياته العملية :
يصعُب على الحديث حول حياته العملية ، وأشعر بالعجز التام عن
إعطاء صورة واضحة لمجريات حياته العملية ، لأنني لم أعايش أو
أشاهد أو أسمع في واقعنا المعاصر إنساناً مثله ، فحياته العملية ،
قريبة الشبه بما نسمعه ونقرأه عن حياة الصحابة والتابعين ومشاهير الفضلاء والعلماء.
اشتغاله بالتدريس :
حياته كلها تدريس ومدارسة وقد بدأ فعلياً بالتدريس عام 1386هـ ـ 1965م، أو قريباً من هذا التاريخ ، حيث درس مساعداً لشيوخه في نفس المدرسة التي درس فيها بسناو.
وفي عامي 1389ـ 1390 هـ الموافق 1969 ـ 1970م أنتدب للتدريس في بلدة سرور فأقام هناك، ثم رجع مرة أخرى إلى سناو وظل يدرس في مسجد التل الأحمر ومسجد خناتل ومسجد الجبة.وفي عام 1394هـ 1974م أفتتح معهد سناو في جامع سناو فأصبح مدرساً رسمياً فيه ، وبجانب التدريس النظامي ظل موظفاً حاله وماله للتدريس وإقامة الحلقات في كل وقت صباحاً ومساء.ومع تزايد المدارس النظامية وإحالته إلى التقاعد ، أصبحت مدرسته مقصورة على الفصول الصيفية ، لكن حلقاته التعليمية لا تتقطع ، ومن أراد التعلم صيفاً أو شتاءاً ، ليلاً أو نهاراً يجد الشيخ مستقبلاً له ملبياً طلبه ، بل موفراً له المأكل والمسكن المناسبين ، فله من العليم الغفار الأجر والثواب.
اشتغاله بالفتوى :
المجتمع العماني مجتمع متدين بطبعه ، وكل متدين كثير التحرز لدينه فتجدهم يسألون العلماء ويستفتونهم حول عباداتهم ومعاملاتهم وسائر سلوكياتهم وفضيلة الشيخ حمود من المراجع العلمية المشهورة ، حتى أصبح قبلة للسائلين وملاذاً للحائرين ، لهذا تتقاطر عليه الأسئلة من كل حدب وصوب ، كأنه ديمة ودقت على أرض صالحة فأينعت ثماراً طيبة.
وتأتيه الأسئلة من طريقين : إما عن طريق الهاتف ، أو عن طريق وصول السائل إلى حيث كان الشيخ .وتلحظ العجب العجاب في سعة باله وقوة تحمله ، لكن من باع الدنيا واشترى الآخرة رخص كل غال سهل كل صعب في حياته ، فهاتفه مفتوح في معظم الأوقات ، حتى في وجبات الطعام ، وإذا ما تأخرت رنة الهاتف على المائدة مثلاً أخذ يلمس الهاتف بنفسه ليتأكد هل يشتغل أم لا؟.لذلك تجد الضيف الذي يجلس معه على مائدة واحدة يشعر بالخجل الشديد ، لأنه يلحظ على الشيخ انشغاله بالإجابة فيتحرج الاستمرار في الأكل ، ولا يدري هذا الزائر أن الشيخ لا يستلذ اللقمة إلا على استقبال الأسئلة المصحوبة بإفشاء السلام وإعطاء الإجابة المصحوبة بالموعظة الحسنة.ولو أحصيت عدد الاتصالات في جلسة غداء واحدة تجدها لا تقل عن خمس أو تزيد وإذا ما تأخر الاتصال ولم يُسأل من أحد الحاضرين معه ، تسمعه يقول : هل نحن جالسون مع أموات أم مع خشب ؟ لأنهم لم يستغلوا وقته فيما يفيد ، ودائماً يتعرف على الجالسين معه فيعذر الضيوف ، أما الطلبة فلا يعذرهم بل يطالب فألا يجلسوا معه مرة أخرى ، وليجلس معه طلبة آخرون يثيرون أسئلة حتى يستفاد من ذلك الوقت.
وإذا ما سئل عن مسألة لم يحضره جوابها أو تعددت فيها الآراء أرشد السائل إلى أن يوجد سؤاله إلى المفتي أو مساعده ، وأعطاه أرقامهما ، أو أتصل هو بنفسه
خطب الجمعة وإلقاء المحاضرات :
يتجمهر بجامع سناو في صلاة الجمعة عدد كبير من المصلين ، يأتي بعضهم من أماكن بعيدة للاستماع إلى خطبة الشيخ / حمود بن حميد الصوافي ، التي تدخل إلى أعماق القلوب ، لأنها صادرة من قلب مخلص وخطيب رباني الفكر ، الأمر الذي حدا بمجموعة كبيرة من المصلين أن يقوموا بتسجيل تلك الخطب للاحتفاظ بها أو تسميعها الذرية وغيرها ، وبين فترة وأخرى يُدعى الشيخ إلى مناطق كثيرة لإلقاء المحاضرات الإسلامية ، ووعظ الناس بما يعين على استقامتهم في الدين وتحسين سلوكهم في الحياة.
الإصلاح الإجتماعي :
عندما تراه في مهمة ما تحسبه متخصصاً فيها لا عمل له غيرها ، لكن العظمة تجعل من الفرد جماعة ، فكم قضى على فتنة ، وكم أصلح بين متخاصمين ، وكم زوج شاباً وشجع عليه ، وكم ألف بين زوجين ، وكم مريض شفاه الله برقيته ، وكم قبض أمانات وأعان فقراء .
وأعماله البارزة في المجالات الاجتماعية أكثر من أن تعد ، وتحتاج إلى بحث مستقل بذاته وأقر بالعجز عن الخوض فيه .
جدوله اليومي وعبادته:
قد يشكك القارئ أو السامع إذا قيل له في عالمنا المعاصر من يستغل كل لحظات وقته فيما يعود نفعه عليه وعلى أمته ، فلا تكاد تند من حياته لحظة إلا وهو في درس أو في حلقة أوفي خدمة للآخرين ، في دقة من التنظيم وثبات على الأعمال الصالحة في أوقاتها المحددة .
فالمتتبع لأعمال الشيخ حمود خلال يوم واحد فقط ، يستهجن أعمال نفسه ، ويشعر بالتقصير والتفريط ، وهذا ما ظهر من أعمال الشيخ اليومية على ما يصفه بعض التلاميذ الملازمين له لفترات طويلة، وما خفي عنهم الله أعلم به.
يبدأ يومه قبل الفجر ـ الثلث الأخير من الليل ـ
بمناجاة خالقه وموجده فينصب قدميه لإحياء سنة قيام الليل مستحضراً قوله تعالى : (إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا )"المزمل:6" وكأنما انطبق عليه قوله تعالى :(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون) "السجدة:16" ، ويصحب قيام الليل مجموعة من الأذكار والأدعية وقراءة شيء من القرآن الكريم.
وبعد أذان الفجر بقليل
يصلي سنة الفجر من منزله تطبيقاً للسنة النبوية ثم يخرج ويصلي فريضة الفجر آمّاً الحاضرين وعادة ما يطيل القراءة حتى ينهي قرابة نصف جزء "حزب كامل" في الركعتين ، يبدأ في قراءة المصحف من أوله حتى يختمه ، ويندر أن تند منه كلمة من شدة حفظه ، ثم يبدأه من جديد وهكذا.
بعد صلاة الفجر
يقرأ مجموعة من الأدعية والأوراد جهاراً في الصيف حتى يتعلم منه الطلاب ، وخفية في الشتاء حيث المصلين قليل وقد سبق لهم التعرف على أراده وأدعيته ، ثم يقرأ جهاراً حديثاً أو حديثين يرددهما ثلاث مرات ، حتى تحفظ أو تسجل من قبل الطلاب ويذكر تخريجهما بعد ذلك ثم يقيم حلقة لقراءة القرآن الكريم أيضاً يقرأ المصحف بالترتيب وبالتالي تُقرأ في مسجده ختمتان ، أما في الصيف فتقرأ أربع ختمات.
الأولـى : في فريضة الفجر .
الثانيـة : في الحلقة التي بها الشيخ ومعه قرابة خمسة وثلاثين طالباً.
الثالثة : في الحلقة التي بها مدرسة التجويد وبها قرابة خمسة وثلاثين طالباً آخرين ، ومما يلاحظ أن الطلبة الذين يقرأون اليوم مع مدرس التجويد يقرأون غداً مع الشيخ وهكذا بالتناوب.
الرابعة : الحلقة التي يقرأ فيها الطلبة المبتدئون أو ضعيفو القراءة ، يقوم بتصويب قراءتهم أحد الطلبة البارزين.
تختتم جميع الحلقات بالدعاء ثم يسأل الحاضرين معه هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ، فيذكرون رؤاهم إن كانت هناك رؤية تطبيقاً للسنة النبوية ، حيث روى أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا انصرف من صلاة الغداة قال : هل رآى أحد منكم الليلة رؤيا .
ثم يأمر الشيخ الطلبة بقراءة التقويم الخاص بذلك اليوم ، ويقرأ الحكمة إن وجدت فيه ، وقد يطلب من الطلبة إعرابها ، بعد ذلك تكون الشمس قد شرقت وارتفعت قليلاً فيصلون سنة الشروق تطبيقاً للسنة الشريفة حيث يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة " قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : - "تامة تامة تامة".
بعد سنة الشروق
يخرج الشيخ إلى أهله فيسلم ويطمئن عليهم ويجلس لإكمال ما بقي من أوراد وأذكار ، ثم يمكث هناك ويتناول وجبة الإفطار ويستعد للخروج.
وفي قرابة الثامنة والنصف أو التاسعة صباحاً
يخرج من المنزل باتجاه جامع سناو والذي يبعد عن منزله كيلو مترين تقريباً ـ سابقاً كان يذهب ماشياً على الأقدام ، أما الآن مع كبر سنه وضعف صحته ، شفاه الله وأمد في عمره يذهب بالسيارة مصطحباً أحد الطلبة يقرأ له ما يريده من كتب.
وعندما يصل الجامع يصلي ركعتين خفيفتين ، ثم يمر على الحلقات المقامة إن كانت هناك حلقات ، ثم يتجه إلى مكتبة الجامع ، حيث يجد الزوار والمستفتين بانتظاره فيرد على استفساراتهم ويقضي حوائجهم سواء الموجود منهم أم الذين يتصلون به عبر الهاتف ، وقد خصص غرفتين مرفقتين بالمكتبة الأولى لقضاء حاجات الرجال الذين يتحرجون من ذكر حاجاتهم أمام الحاضرين ، والثانية لقضاء حاجات النساء والإجابة على استفساراتهن وحل مشكلاتهن.
ومن الملفت للانتباه أنه أحياناً يأتيه بعض الرجال ويقولون لنا بك حاجة خاصة ، فيذهب به إلى الغرفة المخصصة لذلك ، ويتبين للشيخ أن الحاجة عبارة عن مسألة في الدين فيرفض الإجابة عليها ويقول له : هذه ليست حاجة خاصة ، أطرح سؤالك أما الحاضرين حتى يستفيدوا منه ، فيخرج به إلى الحاضرين.
وإذا ما توقفت الأسئلة وقضيت الحاجات ، وتوقفت الاتصالات فهناك بجواره من يقرأ له ما يريد من كتب ولا تمر عليه لحظة بدون استغلال.وفي الساعة الحادية عشرة والنصف أو قريباً من هذا الوقت يخرج من المكتبة باتجاه المنزل ، فيدخل على أهله ويطمئن عليهم ، يتفقد وجبة الغداء ويداعب أطفاله وأحفاده حتى يحضر أول وقت الظهر فيخرج للصلاة .
قراءة هنيئة لكم عن هذا الشيخ المبدع..
إنتظرونا لنكمل لكم عنه..
هنيئاً له..