صباح الخير...
عرض للطباعة
صباح الخير...
من شريان الحياةِ — بعدَ الماءِ والإيمانِ —
تأتي القراءةُ؛ لأنَّ منها وبها تستكشفُ
معنى الحياةِ. لتَردَّ إلى بريدِ عقولِكم، فتُضافَ
إلى أرشيفِ تجاربِ وسلوكِ الناسِ، وانطباعاتِهم،
ورَدَّاتِ فعلِهم، ومشاعرِهم، وصِدْقِهم، وكَذِبِهم، وخيانتِهم،
ووفائِهم.
غير أنَّ المصيبةَ تكمنُ حينَ يكونُ لديكَ كمٌّ هائلٌ منَ المعارفِ،
وفي المقابلِ... تَبقى روحُك ونفسُك غريبتَيْنِ عنك، وكأنَّهما منفصلتانِ
عَنك!
في أوجِ الحُزْنِ والأَلَمِ...
وكأنَّكَ تعيشُ في ضِيقِ المُنْفَى،
حتى ظَنَنْتَ حينَها أنَّهُ باتَ لكَ وَطَنًا.
لعلّي هنا أترك لكم هذا الاعتراف...
حين سرنا في ذات الطريق، تشابكتْ حينها الحروف،
لتكون جُمَلًا تصف ما يختلج في صدورنا من شعور.
قد تكون بصيغة الماضي، ونُضفي عليها نكهةَ الضمير المستتر الذي تقديره (أنتم).
---
أُصارحكم القولَ:
ما كانت لديَّ الجرأةُ أن أُصرِّحَ لكم بذلك،
لعلَّ السببَ عائدٌ إلى الفارق بيننا، أكان طبقياً، أو عمرياً، أو تحصيلاً دراسياً.
---
ونندرجُ مع هذا ذاك وذاك،
فانسحبتُ قهراً، بَعدما رفضتُ الاعترافَ تحت سِياطِ
التجاهلِ، والانزواءِ، والكبرياءِ.
مِمَّا يَزِيدُ عَذَابَاتِ الوَاحِدِ مِنَّا
حِينَ يَدُورُ حَوْلَ فَلَكِ "المَفْقُودِ"،
فَيَعِيشُ هُنَالِكَ فِي تَجَاذُبَاتِ أَقْطَابِهِ،
مُتَجَاهِلًا أَنَّ مَجَرَّاتِ المَوْجُودِ تُحِيطُ بِهِ
فِي كُلِّ أَرْجَاءِ هَذَا الكَوْنِ.
مُسْتَجَدَّاتْ..
أَنْ نَبْتَعِدَ.. وَنَفْتَرِقَ وَيَتَغَيَّرَ المَسَارُ...
أَنْ نَعُودَ كَعَادَتِنَا.. وَنَطْوِيَ صَفْحَةَ الحُزْنِ..
وَنَجْمَعَ سَوِيَّاً عِقْداً مِنَ الشَّتَاتِ..
..
مُسْتَجَدَّاتْ..
أَنْ نُكَابِرَ أَيَّاماً..
وَكَأَنَّنَا نَعِيشُ فَرَحاً..
وَنَحْنُ تُرْهِقُنَا فِكْرَةُ الِابْتِعَادِ!!..
..
أَنْ يَمْضِيَ يَوْمُنَا هَبَاءً..
لِكَيْ يَنْتَصِرَ فِينَا الكِبْرِيَاءُ..
..
أَنْ يَضِيقَ بِنَا المَسَارُ..
وَيَبْقَى فِينَا التَّعَالِي..
وَلِلصُّمُودِ انْتِصَارٌ..
..
مِنَ المُسْتَجَدَّاتِ..!!
إِنَّنَا نَكْتُبُ وَنَمْحُو الحَرْفَ تِلْوَ الآخَرِ..
إِنَّنَا نُخَالِفُ المُعْتَادَ..
وَنَهْدِمُ كُلَّ مَسَارٍ يَجْمَعُنَا بِإِصْرَارٍ.. ..
مِنَ المُسْتَجَدَّاتِ..!!..
> أَنَّ بَيْنَنَا تَشَابُهاً وَاخْتِلَافاً..
> وَكُلُّ مَا بَيْنَنَا شَتَّانَ!!..
لَا شَيْءَ يُشْبِهُنَا..
وَلَا شَيْءَ يَجْمَعُنَا.. وَلَا شَيْءَ يُبْعِدُنَا!!..
مَهْمَا كَانَ.
بِالرَّغْمِ مِنْ صَوَاعِقِ الِابْتِلَاءِ،
بَقِيتُ صَلْدًا فِي صَوَاعِعِ الِاحْتِسَابِ.
هَبَّتْ بِنا الرِّيحُ نَحْوَ مِينَاءِ الكَلِمَاتِ،
فَاسْتَوْقَفَ الأَمَلُ أَشْلَاءَ اليَأْسِ،
وَصَيَّرَ الصَّبْرُ عَوَاصِفَ القَلَقِ سَكِينَةً..
فَاقْبِضْ عَلَى شِرَاعِ الرُّوحِ.. وَانْدُبْ!
مَرَرْتُ بِهِ صَنَعَ مِنِّي نَبِيَّ صَبْرٍ،
شَطَبَ فِي سِفْرِ أَحْزَانِي سُطُورَ الِانْكِسَارِ،
حَوَّلْتُ دُمُوعِي إِلَى بَحْرٍ يُنْقِذُ عَطْشَى،
وَخَوْفِي إِلَى جِسْرٍ يَعْبُرُهُ المُضْطَرُّونَ!
جَعَلْتُ مِنْ قَلْبِي مِئْذَنَةً ,
تَدْعُو صُحْبَ العَنَاءِ لِصَلَاةِ القُدْرَةِ..
وَمِنْ جُرُوحِي قَنَادِيلَ،
تُنَيرُ لِغَيْرِي دَرْبَ العُبُورِ..
فَالخِطَابُ لَيْسَ حَرْفًا..
بَلْ فَلَكٌ تَدُورُ فِيهِ أَرَاجِيجُ النَّجَاةِ..
وَالكَلِمَاتُ لَيْسَتْ سِجْلاً..
بَلْ مَجَاذِيفُ تَخْترِقُ لُجَجَ الِانْتِحَارِ!
مَوَاوِيلُ الْفِرَاقِ...
لِلْمُشْتَاقِ،
كَمْ عَجِبْتُ مِنْ زَخَمِ وَاقِعِهَا، وَآثَارِ خَائِضِهَا،
حَتَّى بَتُّ مِنْ ذَلِكَ، أَعُوذُ كُلَّمَا مَرَّتْ عَلَيَّ جُمْلَةٌ، بِهَا
مَا رُكِّبَ فِيهَا مِنْ حُرُوفٍ لِلْحُبِّ، لِلْعِشْقِ، لِذَلِكَ الِانْقِطَاعِ،
> وَلِذَلِكَ الِانْعِتاقِ، وَلِذَاكَ الِانْصِهَارِ فِي مُكَوِّنَاتِ ذَلِكَ الْمَحْبُوبِ،
حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْحُبَّ فِي أَصْلِهِ وَهْمٌ فِي مُخَيَّلَتِي، يَعِيشُ
فِي خَوَاءِ الرُّوحِ وَالْفِكْرِ، وَمَا عَلِمْتُ: مِنْ أَيْنَ هُوَ الْخَطَأُ؟ أَهُوَ مِنَ الْحُبِّ نَفْسِهِ؟ أَمْ يَكُونُ الْخَطَأُ مِمَّنْ يَتَحَدَّثُونَ بِاسْمِهِ؟