ربي يسعدك استاذ رايق
الفصل (٨)
المتهم الأول.. العين
"اتصلت بي احدى الصديقات العزيزات.. "نور.. عندي سؤال مهم.. هل فكرت في العين كسبب لما أصابك؟"..
بالطبع لم تكن الاولى.. فقبلها بفترة لفتت صديقة أخرى نظري أني في حين حصلت على القبول للزمالة الطبية بجامعة مجيل بكندا.. أصبت بأعراض ولادة مبكرة في حملي الأول منذ الشهر السادس واضطررت لترك البرنامج.. والآن حين قبلت وزوجي للزمالة في أمريكا (وهي من أصعب الزمالات حول العالم في الاعداد والقبول)..أصابني المرض بعد أشهر من بدء العمل.. والكل كان يتحدث أن قبولي وزوجي في نفس المدينة "معجزة"..
حسنا.. لنبدأ الموضوع من البداية.. هل هناك ما يسمى بالعين؟.. نعم.. العين حق.. وردت في الحديث ولا أستطيع انكارها..
لكن ما الفائدة التي تعود علي من نسب مرضى لحسد الحاسدين.. كل ما سأجنيه هو أني سأشعر بالظلم.. وأن الظلم وقع علي من "نفوس شريرة" حولي لا أعرفها.. سأنعزل...سأجتهد لأخفي نعم الله علي.. سأعيش الشك والكراهية لمن حولي باعتبارهم سببا "محتملا" لم أنا فيه..
فهل هذا ما أريد الوصول إليه؟.. هل هذه الأحاسيس تعين على الشفاء؟.. القوة؟.. والعطاء؟!!..
وانظر حولي في مجتمعنا فأجد الكثيرين والكثيرين ممن عاشوا ولا يزالون يعيشون ضحية لهذه الاحاسيس ولأكبر حد..
العنوسة.. الطلاق.. فقدان الوظيفة.. ضياع فرص استثمارية.. المرض، كلها مصائب تحدث للجميع.. ولكن في مجتمعنا وحده نرى الناس فورا يشيرون بأصابع الاتهام لأنفس شريرة حولهم جلبت لهم هذا المصاب أو ذاك وأوقعتهم في المهالك.. ويعيشون بعدها أسرى لعقدة الظلم واحساس الضحية.. أسرى للشك في كل أحد حتى أقرب الناس منهم..
ويضيعون على أنفسهم أكبر متعة حقيقية تكمن داخل كل ابتلاء.. متعة البحث عن الحكمة الالهية والرسالة الربانية من وراء البلاء.. فلعلها كانت رسالة حب وقرب.. أو نضج ورقي.. أو تصحيح مسار.. أضاعها المسكين على نفسه وهو يبحث عن "الجاني" الذي حسده.
.و لعل المولى فتح بالابتلاء بابا من الزرق والعطاء لم يكن يخطر له ببال.. لكنه لم بنتبه له ولم يعره اهتماما وسط دموعه وقهره من فلان الذي حسده وفلانة التي سحرته..
ألا ترون معي أننا كمجتمع نعطي "القوى الخفية الشريرة" أكبر من حجمها بكثير.. ونسمح لها "إن وجدت" أن تكون سببا لتعاستنا وقلقنا وعدم استمتاعنا بالحياة.. حتى أن منا من يظن أن عين الحاسد وسحر الساحر أقوى من القرآن والتحصين مما يفتح الباب للمشعوذين و "الشيوخ المفتعلين" ليسترزقوا ويبنوا ثرواتهم على حساب قلة ثقتنا بالله وقدرته..
قال صلى الله عليه وسلم" واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.. رفعت الأقلام وجفت الصحف!"
#إجازة سعيدة
ما شاء الله
ووونيييس
العبرة فيها اهم شي
يسلموووو
أخي الونيس
الروايه جدا جميله تحمل بين طياتها تنبيهات غفل عنها أغلب الخلق
فعلاً العين والحسد والسحر موجود ولكن السؤال هل يلزم علينا تعظيمه ؟
كل شئ بأمر الله ولا يتضرر أو ينتفع أي مخلوق إلا بإذنه ..
طرح جدا راقي واصل إستاذي متابعين لك ،،
الفصل (٩)
نعمة استئصال الثدي
"بعد يومين من عمليتي.. حان وقت لإزالة الشاش واللصقات.. لأنظر للجرح.. لحيث كان هناك قبل يومين عضو مهم لكل أنثى.. لتشعر أنها أنثى..
كانت الممرضة المنزلية معي.. فلم أظهر أي اهتمام بالمنظر الجديد.. ثم رحلت.. وحان وقت النظر في المرآة..
كان منظراً مؤلماً وغير متوازن.. لم يستطيعوا أن يقوموا بجراحة تجميل في نفس الوقت لكوني حامل.. فلم يريدوا إطالة مدة العملية وتعريض الجنين للمزيد من الخطر.. ولكوني سأبدأ بالعلاج الكيماوي بأسرع ما يمكن فلم يريدوا أن يأخروا زمن التئام الجرح..
نظرت للمنظر الذي زاد من بشاعته انبوبان متدليان من الجرح لتفريغ الدم والسوائل
و قلت بصوت أسمعه.. الحمد لله.. كفى سخافة..
حاولت أن أقلل من شأن الأمر بقدر ما أستطيع.. فجلست أعد النعم في كونه مجرد ثدي..
أنا لا أحتاجه للكتابة ولا للقراءة.. ولا للتفكير...ولا للسير...هو مهم فعلاً لكن أهميته محدودة في جزء واحد من الحياة.. فهو لا يؤثر على كل جوانب حياتي..
أنا لم أصب بداء ذلك المريض الذي رأيته قبل أشهر...إذ أصابه سرطان في عينه.. فاضطروا لاستئصالها كاملة...ولم يستطيعوا تعويضه بعين زجاجية ( لأسباب شبيهة بأسبابي).. فبقيت الفتحة في وجهه.. ثم أصابته حكة في موضع الجرح فكان يدخل إصبعه في تجويف الحدقة وبغير أن "يعلم" يحك دماغه مباشرة ( من غير إحساس) حتى اكتشفوا خراجاً كبيراً في الدماغ من أثر "حكه لدماغه" حتى أننا كنا نسميه في المستشفى ((the brain picker.. الحمد لله.. ليست عيني هي التي نزعت..
الحمد لله.. أن ابني ذي الثلاث سنوات بخير وعافية.. ولو شاء الله أن يصيبه السرطان بدلاً مني.. لكان ذلك أشق علي بألف مرة.. فهو لا يدرك بعد معنى الحكمة من وراء الأمور.. ولا يستطيع تصبير نفسه.. وكل ما يستطيعه أن يبكي بحرقة بسبب ألم لا يفهم له سبباً.. أظن أن ابتلاء الأم بابنها أعظم بكثير من ابتلاءها في نفسها.. فلله الحمد.. على نعمه..
الحمد لله الذي حفظ لي عقلي.. فهو رأس مالي وأهم وأغلى ما أملك...أذكر أني رأيت في الطوارئ فتاة في مثل عمري.. تعمل ممرضة.. ليس في عائلتها أحد مصاب بمرض نفسي.. وهي قد أصيبت "بلا مقدمات" بالفصام.. فصارت تسمع أصواتاً وتعيش أوهاماً.. فقدت وظيفتها.. وأصدقاءها.. وفقدت احترامها لدى الناس بهلاوسها وتهيؤاتها التي ليس لها فيها أي ذنب.. فالحمد لله على المرض العضوي الذي يجمع الناس حولك يدعون لك ويسألون لك العافية.. والذي عافانا من المرض النفسي الذي مازال المريض يلام عليه وكأنه قد جلبه لنفسه..
الحمدلله الذي أحاطني بأهل وأصدقاء.. يهونون علي.. ويواسونني ويشعرونني بحبهم ورزقني والدين...دعاهما لي خير من الدنيا وما فيها..
الحمدلله.. الذي أنزل علي من عظيم لطفه.. وأحاطني بعنايته و أشعرني بقربه ورعايته.. منذ جاءني الخبر.. وحتى هذه اللحظة..
الحمدلله الذي مكنني من إبقاء الجنين (إلى الآن).. فمع ألم الاستيقاظ من العملية بعضو ناقص.. فإن ألم الاستيقاظ من العملية بعد فقد طفلي "عمداً".. أشد بكثير.. فاللهم أدم علي هذه النعمة وارزقني أن أستمر في هذا الحمل حتى النهاية واجعله يارب مولوداً رضياً تقياً من أوليائك الصالحين.."
#دمتم في خير وسعادة
روايةة جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً
متاابعين للنهاايه:(
زهوور
غلاتي
شكرآ لكم
الفصل (١٠)
درس ثقيل في التوكل
"منذ بداية حملي وقبل أن أعلم بمرضي كان كل همي أن أكون "الأم المثالية" بقدر ما أستطيع..
حملت هم كل شيء.. كل التفاصيل..
كان همي الاكبر هو الرضاعة الطبيعية.. كيف لي أن أرضع المولود أطول فترة ممكنه وأنا لا يسمح لي بإجازة لأكثر من أسابيع معدودة أعود بعدها لعمل لا يرحم ومناوبات تبقيني بعيدة عنه أكثر من 24 وساعة..
كيف يمكن أن أقي المولود الاحتكاك بعدد كبير من الأطفال في الحضانة مما يسبب العدوى والالتهابات خلال شهور حياته الأولى..
كيف يمكن أن أكون الأم الأكثر "صحية" خلال الحمل.. توقفت عن شرب الشاي والقهوة لأقيه أضرارها.. توقفت عن استخدام الميكرويف لتجنب خطر الإشعاع وتوقفت عن وضع الهاتف الجوال في جيبي وصرت أغلقه تماما معظم الوقت لأجنبه الموجات الكهرومغناطيسية.. كنت انتقي طعامي انتقاء لأضمن له صحة أفضل..
كنت أظن أني "بيدي وبقوتي وتخطيطي" سأجلب للمولود تمام الصحة.. وأرهقت نفسي في التفكير في كل التفاصيل.. حتى ما بعد الولادة.. حملت الهم و كأني أنا من سيصنع الصحة ويهديها له..
ثم جاء الحدث الجديد وغير كل شيء.. أنا التي كنت أرفض شرب الشاي والقهوة حتى لا أؤثر على الجنين صار علي أن أمر بالتخدير والجراحة أثناء الحمل وأن أخقن بصبغة مشعة داخل الورم خلال الحمل والأسوء من ذلك أن آخذ العلاج الكيماوي الذي يبدو لنا كمارد مدمر لكل الخلايا التي تنمو تكبر.. أن آخذه خلال الحمل..
كان الخيار هو.. إما أن أثق في الله وأرفع يدي وأسلم وأقول يارب ليس لي من الأمر شيء.. أو أن أقتل الجنين بنفسي (كما نصح الأطباء) لتجنب احتمال تعرضه لأثر العلاج السيء..
فاخترت أن أثق في الله.. وأدركت لأول مرة.. أني مجرد "أمة".. لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا.. وأن الله وحده هو مانح الصحة.. وهو القادر أن يكمّل خلق جنين غذي بالكيماوي .. وأن بنقص خلق جنين كان من المفروض أن يولد سليما..
علمت أني كنت أحسب أني أمسك بزمام الأمور.. أني من يخطط ويدبر وينفذ.. فجاء الدرس.. أننا نحن البشر أضعف من ذلك بكثير.. وأن الله وحده هو الفاعل .. وهو وحده القادر.."
# طابت ليلتكم بكل خير