اعتنى الإسلام بالأسرة أبلغ عناية، وحرص كل الحرص على قيامها على أسس متينة وقواعد محكمة،فسن لها من الأحكام كل ما من شأنه أن يؤدي إلى منع الإضرار بالفرد والمجتمع، وفي هذا الإطار حرم الإسلام الجمع في الزواج بين ذوات المحارم في النكاح خشية قطع الأرحام بين القريبات؛ لأن الجمع بين ذاتي محرم سبب لقطيعة الأرحام وذلك لما يقع بين الضرائر عادة من الغيرة المؤدية إلى التباغض والتنازع.
وبما أن قطع الرحم حرام، فما أفضى إليه وهو النكاح حراما أيضا، فلا يجوز أن يجمع الرجل في عصمته امرأتين تربطهما علاقة محرمية؛ كالأختين الشقيقتين أو لأب أو لأم ،وكالمرأة وعمتها أو خالتها ،أو بنت أخيها أو أختها، ولا فرق أن يكون الجمع بين المرأة ومحارمها في عقد واحد وفي وقت واحد أو في وقتين مختلفين وبين أن يكون الجمع في أثناء العدة من طلاق رجعي، فلو طلق رجل زوجته طلاقا رجعيا لم يجز له الزواج بواحدة من قريباتها المحارم إلا بعد انقضاء العدة الشرعية؛ لأنها في حكم الزواج السابق.
والأصل في هذا التحريم قوله تعالى :{وأن تجمعوا بين الأختين} النساء ٢٣ ،وليس المراد في الآية الجمع بين الأختين فقط بل هو إشارة إلى كل جمع فيه علاقة كعلاقة الأختين، لذا جاءت السنة مبينة لهذا الإجمال فيما رواه أبو هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها )، وفي رواية أحمد زيادة ولا المرأة على ابنة أخيها ولا ابنة اختها) وفي رواية الطبراني ورد إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم ارحامكم).
وهناك خطأ شائع بين الناس وهو ما يظنه كثير منهم أن خالة الزوجة تعد من محرم الزوج وهي في ذلك كأمها أو جدتها ،وهذا الفهم غير صحيح ولا يستند إلى دليل شرعي، والمحضور شرعا هو الجمع بين المرأة وخالتها؛ أي في الزواج فقط، وبهذا فإن هذا التحريم المؤقت في الجمع بينهما لا يجعل الرجل محرما لخالة زوجته فيظل أجنبيا بالنسبة لها وتنطبق عليه جميع الأحكام المتعلقة بالأجانب من حيث النظر والمصافحة والدخول والخلوة، قال تعالى :{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } النور ٣١ وبهذا يظهر أن حكم الخالة مختلف تماما عن حكم أم الزوجة أو جدتها، حيث أن الثابت شرعا ثبوت الحرمة المؤبدة بالمصاهرة بين الرجل وأم زوجته وجدتها سواء من جهة الأب أو الأم، ولم يشترط جمهور الفقهاء الدخول بها، وإنما يكفي مجرد العقد على الزوجة عقدا صحيحا سواء دخل أم لم يدخل، ولا تزول هذه المحرمية بموت الزوجة أو بطلاقها، فيجوز للرجل مصافحة أم زوجته وجدتها والخلوة بهما، كما يجوز أن تظهر زينتها أمامه.
اللهم فقهنا في الدين ، واهدنا إلى سواء السبيل،،
بتصرف من كتاب أخـطاء شـائعة،،