رسالة من فاطمة .....20/2/2017
رسالة من فاطمة..
اليك ابي ..استحضر خيالك ..ارسل اليك حبي وشوقي ..حنيني وابتسامتي ..
مشتاقة لاحضانك كثيرا ..لاناملك تمسح دموع الليل ..ليمينك تلف معصمي ..
تمسك عصاتي البيضاء ..لم اعد ضريرة بقربك .. لهمسك .. لدفء حديثك ..
لسماع تلاواتك آخر السحر ..تنبش ذاكرتي ..تقلب اوراق دفاتري ..وحقيبتي ..
تقرا لي آية قرآنية ..تنصت لي ..تبعث في نفسي ..طمأنينة .. تملأ كل زوايا قلبي ..
كل كياني ..لا اجيد فن البوح بمكنونات صدري ..ولكني على يقين ..
انك خير من يشعربخواطري واحاسيسي ..خير من يقرا حروفي الحبلى بالشوق ..
خير من يترجم لغتي ولساني ..خير من يقرا لي ما تحت السطور ..لم ارحل ابي عنكم...
حتى لو سافر جسدي ورحل بعيدا ..فانا لا ازال اعيش في قلوبكم ..في انفاسكم ..
اطير في زوايا غرفتي بكارديف ..امشي بقربك على ضفاف النهر ..بالقرب من اشجار الزيزفون ..
امتزج بروائح زهر الاقحوان كل صباح ..نشرب معا قهوة المساء..
بطعم الريف الانجليزي ..تخبرني عن اصدقاءك .. اكاد تذكرهم .. كانوا يحملونني صغيرة في احضانهم ..
لم يتوقعوا تلك الابتسامة ..افلت قبل اوانها ..قبل غروب الشمس..
تقاطعني احيانا بابتسامتها الحانية..تناديني كثيرا ..تسال عني كثيرا ..رغم اني لم اعد صغيرة ..
انها امي ..قدوتي..صديقتي ..وميناء اسراري .. تخبرني باني اشبه جدتي كثيرا..
تزورني في الجامعة احيانا ..تبحث عني كلما تاخرت ..قلقة ..لسبب لا يدعو للقلق ..
لاني ضريرة..ربما .. انه احساس الام ..خوف الام ..اعذرها كثيرا..اعلم انها حزينة الآن..
وحيدة ..فقدت اقرب صديقاتها .. رحلت مبكرا ..سافرت دون وداع ..دون قبلة اخيرة..
ربما تركت غرفتي.. لم تعد الا مملة ..كئيبة ..شارع حزين.. يسال عني كثيرا ..
انهكه دموع الرحيل ..الم الفقد والغياب .. اعذر اخوتي عبدالله و و و ..
لا يزالون صغارا في عيني الضريرة..لا اتذكر تقاسيم وجوههم ..
قد يكون السبب..ذاكرتي صاخبة باصواتهم .. بكفوفهم ..واجسادهم الصغيرة ..
والعابهم الغريبة .. هدايا عيد الميلاد ..واصدقاء المدرسة ..المشاكسون ..المنصتون ..
كلما تحدثت معهم عن بعض المواقف ..يضحكون كثيرا ..اضحك معهم كثيرا ..
لدرجة الملل احيانا..استمع الى مغامراتهم العجيبة .. انزق لسماع تفاصيلها ..
تبقى في مخيلتي لوقت متاخر من الليل ..لم تحضرني اجابة لسؤالهم ..
حول بلدتي في عمان ..تسمى السيب .. اعشق بلدي وبلدتي كثيرا ..اشتاق لاحضان جدتي ..
وجدي رحمه الله ..رحل قبل عودتي ....يتكررذكرهما في احاديثي كثيرا ..
اسهب في الحديث عنهما ..اشتاق للعودة ..كشوقي لمصحفي .. تركت لكم فيه تذكارا ..
بصمات اناملي ..بقايا انفاسي ..قبلاتي ..انه قدري ان ابقى بعيدة ...
يبدو اني لن اعود الي بلدتي ..لم تعد حلما .. حان موعد الرحيل..
قبل أوانه..مؤمنون بالقضاء والقدر ..راضون..لحظة اخيرة ..لم تكن اخيرة ..
احمل ذلك الجسد بين يدي ..قد تكون لحظة وداع اخيرة ..لقاء اخير ..
انها رحمة الله بخلقه ..مشيئته في عباده ..فانا الان في ملكوته ..في عالم البرزخ والغيب ..
لنا موعد بلقاء في جنان الخلد برحمة الله.. ساطير بين طيور الجنة ..شفيعة لابي وامي ولكم جميعا ...
امسح دموعكم الثكلى .. والم اخير.. سابقى سعيدة...بهذا الحب العارم .
.بتلك القلوب التي حملت ذكرى فاطمة الضريرة ..لا ريب سابقى سعيدة.. بدعواتكم ..في صلوات آخر الليل ..
رحمك الله يافاطمة الزهراء.
بقلمي / ناصر الضامري
رحلت فاطمة الفتاة العمانية الضريرة في عمر الزهور في غمرة فرحتها وفرحة اسرتها بكفاحها واصرارها بحفظ اجزاء من المصحف الكريم وبدخول الجامعة في كارديف ببريطانيا، وهي ابنة الصديق د.خالد بن عبدالله المحرمي . ان لله وانا اليه راجعون. لا املك في ذاكرتي من فاطمة سوى طفلة صغيرة مبصرة حملتها يوما وكانت تداعبني بابتسامتها النظرة ..الجميلة ..رحمها الله واسكنها فسيح جناته..آمين.
مسافـــــــــــــر.. 22/3/2017
مسافر..
حلق بعيد ف دنيتي بين البشر
لك وسط عيني مدرج وقلبي مطار
سافر بعين الريح في حدود النظر
وارجع لان بغيبتك طول انتظار
عدت بسلام جناح عاد من السفر
حالة هبوطك صار في حال اضطرار
شفت برجوعك فرحتي بلون الفجر
والحال سر الحال من نور الديار
حتى الشواطيء عانقت موج البحر
والليل بان ف ظلمته شمس النهار
بس يا حسافه فرحتي دون الشهر
والعين هلت دمعها بليل السهار
يوم (ن) نويت البين ياعمر العمر
معذور لو ماني أريد الاعتذار
ما بين ذكرى..وبين اشجان الصدر
احضن خيال و صورته وسط الاطار
أرحل .. بعيد هناك واتركني صبر
اطلال حل بديرتي وسط الدمار
ارحل لاني في المواني أنتظر
وانت الشراع يطوف أمواج البحار
ارحل لو ان الروح بعدك تحتضر
والنور في عيني تغشى في خمار
لو شفت اسمي في حكايات البشر
لو قالوا اني كنت ذكرى باختصار
لاني متيم صرت في حكم القدر
شوق المسافر بين اسوار و جدار
بقلمي /ناصر الضامري
مغلغل على الطريق.....29/3/2017
مغلغل على الطريق.....
دقت الساعة الحادية عشرة قبيل الظهيرة.. في المذياع الصغير ..قفز من مكانه ..جمع بقايا كتبه واوراقه والوانه ..لبس ثوب ابيض قصير..واعتمر كمة (منخلة) على راسه .. ركض صوب فناء المنزل ..ورائحة الطعام تلاحقه.. حمل حقيبته الجلدية .. رسم قبلة على راس جدته وكفها .. ناولته قطعة نقدية صغيرة ..اطلق العنان يعدو..يجر جسمه الضئيل .. يسابق الريح نحو موقف حافلة .. مرت سريعا .. غادرت اليوم سريعا ..وقف ..يكلم نفسه .. ادرك ان الوقت من ذهب .. الكسل قبيح ..والحلم ليس صعبا .. والهمة تتوالد..انه طريق العلم ..طويل على حد علمه..نهايته ليست ببعيدة ..لمحه شخص قادم من بعيد ..يكن له كل احترام ..يكبر شيئا فشيئا في مآقيه.. انه هو ..يترنح في دراجته الهوائية.. كأن قدميه ترقص بايقاع بطيء..ابتسم كعادته ..هز رأسه .. الوقت ضيق .. ركب الصغير في المقعد الخلفي ..عاتبه كثيرا ..نصحه كثيرا ..قاد دراجته الهوائية .. اسرع مما كان .. يشق حاجز الصوت ..يطوي الطريق ..توقف ..فوضى أمام فناء المدرسة.. ارتجل من مقعد الدراجة.. ذهب الى صفه..قبل ولوجه من الباب.. توقف..سمع اصواتا .. تشبه البكاء ..وقف برهة..تردد في الدخول ..يكره البكاء والدموع ..رفع غطاء الرأس ..نفض ثوبه ..لمحه الاستاذ فريد .. ابتسم .. حمله بين ذراعيه .. رفعه فوق سطح طاولة الصف ..يشبه الصعود الى القمة ..شعر بشيء من الاستعلاء.. علو كعبه.. ينظر اليهم..صغارا في عينيه..شعربانهم كذلك..قرا ابجديات حروف ...هي من علمته تلك الابجديات .. تشبه ابجديات الحياة ..منذ نعومة اظافره ..حفظها عن ظهر قلب ..ساد هرج وتصفيق .. وصفير ..شعر بشيء من الفخر ..ربما اكثر بقليل..عاد الى كرسيه ..طالما حافظ عليه ..مسك الكرسي بكلتا يديه يخشى سقوط الكرسي..او ربما سقوطه من الكرسي..لن يدوم طويلا ..سيغادره يوما ما ..كما يخشى السقوط من الاماكن العالية ..انها (فوبيا) الاماكن العالية ..توالت الدروس ..والوجوه ..والكلمات ..كانت الحصة الاخيرة..سرح في خياله ..اسهب كثيرا في الخيال والتخيل ..لما ؟؟.. والتخيل في نظره اقرب الى معرفة..قد تفوق المعرفة.. سرح لدرجة الملل..يتردد في ذهنه نشيد ..طالما اطرب ذائقته .."جات مريم من لبنان " ..تذكر لبنان .. ما يدور في شوارعها ..ودخان البنادق ..تذكر والده كان هناك قبل بضع سنين ..ضمن الجيوش العربية ..وكتيبة الهاون ..قلقت جدته كثيرا حينذاك..تتمنى عودته في اقرب فرصة .. خشية اندلاع الحرب .. نام الصغير على طاولته ..توسد حقيبته..راودته احلاما صغيرة ..تشبه احلام النهار واليقظة ..مضى وقتا طويلا في سباته.. واحلامه ..نزق..صحى من غفوته ..واحلامه ..نظر حوله ..غادر الجميع .. تركوه وحيدا ..الظلام يكسو جدران المدرسة ..تسلل من الصف ..خرج .. ظلام؟ .. كيف يعود الى المنزل؟..تذكر وحش السلاسل خلف غابات النخيل والغاف ..يسميه البعض بالمغلغل..يسكن بالقرب من احراش الطريق ..يخشى ان يقع في قبضته .. لا خيار..الا العودة ..آجلا او عاجلا .. مشى بحذر ..تسارعت دقات قلبه ..مشي يشبه الهرولة في هذا الظلام الحالك.. اقترب قليلا من الاحراش ..يعتقد ان المغلل يعيش بالقرب منها ..يحيط بها غاف واشجار راك كثيفة..يسمع عواء كلاب الليل..كانها تقترب منه..قرر ان يحبو على الارض ..حتى لا يراه المغلغل..الوقت بطيء .. سحب حقيبته ..يبدو ان الحبو منهك .. الطريق طويل وممل ..خطوات ما تقترب منه ..فجأة ..قفز المغلغل أمامه ..رفع رأسه..أردف قائلا في نفسه: انه المغلغل!! ..لاول مرة يشاهد المغلغل .. كان يعيش في مخيلته فقط ..يتقلد سلاسلا على جسده الضخم ..اشعث الرأس ..تبدو حدبة بارزة في ظهره ..يرتدي قميصا رث ..ممزق ..تأكد انه المغلغل.. يحملق فيه ..عينان حمراوتان ..تبعث الخوف والرعب ..اقترب المغلغل منه ..كان الصغير يرتجف من الخوف ..حمله بين يديه الضخمتان ..نظر اليه ..ساله.. خائف بلا شك ..ضحك المغلغل .. ابتسامته تخفي امرا ما ..رفع الصغير ..وضعه على كتفه .. أكد للصغير توصيله الى منزله ..شريطة ان لا يعيد الكرة.. استدار المغلغل ..مضى في الطريق ..نحو منزل الصغير ..جلس الصغير على كتف المغلغل ..تدور في خلده اسئلة عديدة ..لا يصدق ما يشاهد ..سمع عن المغلغل الكثير ..عكس ما كان يتوقع ..انه لطيف..لايعذب الاطفال كما يتشدق عنه ذلك الاشرم..دارت اسئلة صغيرة في راسه....قبل ان يصل المنزل ..حاول الصغير أن يتحدث مع المغلل. الا ان شفتاه تترجف كثيرا..طبعا من الخوف ..نزل الصغير ..غادر المغلغل ..دلف لباب منزله ..كانت جدته تنتظره بشيء من القلق....عكس ما يتوقع ..حظنته كعادتها ....لا يزال متشبث بذراعيها الدافئتان ..نزق من غفوته ..لسماعه دقات الساعة الحادية عشرة.. نهض من مكانه ..أنه حلم ..لم يصدق ..انها كانت زيف احلام ..مجرد احلام ..خيال المغلغل ..لايزال مرتسما بعينيه الصغيرتان ..لايزال الحلم و التخيل في نظره احلى مما يشاهده في واقعه الممل ..بقلمي/ ناصر الضامري