الـحـكـومـة .. بـيـن مشـاكـل الحـاضـر وقـلـق الـمســتـقـبـل !!
الـحكومة .. بـيـن مشـاكل الحاضر وقـلـق الـمسـتـقـبـل !!
إسمحوا لي أخوتي وأخواتي القراء الكرام بالتطرق إلى موضوع مهم جدا أدرك بوعي أنه تم عرضه ومناقشته في أكثر من مرة لكن إعادة إحيائه إلى الأذهان مجددا لن يضير الأمر شيئا طالما أنه يتكلم في الهم الوطني العام ويضع بعض الحلول الممكنة لحاضر مقلق وإن كان ظاهريا لا يبدو على السطح كذلك ..
مباشرة سأدخل في صلب الموضوع وأقول :
إن نظام التعليم العالي الحالي نظام فاشل لأنه بكل بساطة بدون أرضية يمشي عليها فيما يتعلق بالمخرجات التعليمية سواء من الجامعات أو الكليات التطبيقية بشكل خاص .. لا يوجد أي برنامج وطني طموح معد مسبقا وفق خطة وطنية لإستيعاب هذه الأفواج من المخرجات ودفعها نحو السوق ومجالات التنمية المختلفة .. دراسة أربع إلى خمس سنوات بالكلية أو الجامعة .. دفع مبالغ بالملايين سنويا .. حفل تخرج .. ثم .. إستلم شهادتك واقبض الدرب .. هذا هو الحاصل بكل أسف وحزن في بلدنا مع كل مخرجة من مخرجات تعليمنا الجامعي الذي لم يحقق أي تقدم أو رخاء إقتصادي بالبلد .. في أمريكا واليابان بل وحتى في الهند يعدوا بشكل مبكر ومسبق وبطرق علمية ناجحة جدا وقبل حتى موعد تخرج أبناءهم بفترة طويلة يعدوا برامج توظيف وتشغيل للخريجين وتجد الخريج عندهم إن جلس في بيته فبالكثير ثلاثة إلى ستة أشهر كأقصى حد وبعدها يشتغل على طول .. هنا عندنا كدولة نامية لا تزال بعيدة بأشواط كبيرة عن ركب التقدم الحضاري من يتخرج الطالب يظل قابعا بالبيت بالسنوات وقد يظل طاقة سلبية خاملة يعتمد على الله ثم على معاش الضمان الاجتماعي وقد ييأس ويشتغل في نهاية المطاف حمالا في ميناء أو بائعا في دكان والشهادة العلمية الكبيرة التي أحرق دم قلبه وعقله في سبيلها بـلها واشرب ميتها على قولتهم .. راحت سنين تعبه وشقاؤه وسهره لليالي والمصروفات التي صرفت عليه ومخاطر الشوارع كل أسبوع .. كلها راحت على الفاضي وياليتها تصل عند هذا الحد بل رأينا شباب البلد بعدما ضاق بهم الحال وبرموا بالوضع الخانق الميئوس منه يتحولون إلى منحرفين وشاذين ومستهترين وعابثين ومجرمين يتاجروا في المخدرات ويشربوا مخدرات أيضا بهدف نسيان الجحيم الاجتماعي الذي يكتوون بناره وبعضهم إنغمس في الحرام وراح ينزلق في البـارات والمراقـص وأماكن الدعـارة السـرية التي بعضها أنشـأها هـؤلاء الشــباب أنفـسـهم من الجـنسـيـن ( وبجهودهم الخاصة ) بهــدف ( تمشــية الحـال ) وقـتـل الـفـراغ ونســيان همومهم وأوضاعهم وحـاضــرهـم المظـلـم .. والصـنـف الآخــر ( الأعقل منهم ) لجأ إلى المظاهرات والعنف والتخريب والاعتداء على المرافق العامة والخاصة إلى درجة التآمر على الوطن وخيانته في سابقة خطيرة لم تكن تخطر ببال الحكومة ولكننا كناس بسطاء وكمتابعين لأوضاع الشارع الشبابي كنا نتوقع حدوثها وانفجار بالونتها في أي لحظة ( أحداث مارس 2011 أو ما يعرف بأحداث صحار أو الربيع العربي العماني أو أي مسمى يخطر ببالكم أقرب نموذج تاريخي معاصر لهذا الشيء ) .. أين كانت الحكومة من كل هذا قبل أن يحصل ؟؟ وأين هي حتى هذه اللحظة من هذا التدهور الحالي الحاصل في قطاع الشباب وقضاياهم ومشاكلهم العالقة التي تنذر بمستقبل مخيف لا يبشر بأي خير مالم نسارع لحل مشاكل واقع حاضرنا اليوم وليس غدا ؟؟
صدقوني الحكومة إذا لم تتدارك هذا الخطر النائم الذي أسمه شبابنا الضائع والمهمش صدقوني ستجد نفسها من جديد في موقف محرج لا تحسد عليه وأمام ( صحار جديدة ) أعنف وأشد من السابقة وقد تضع مصير الحكومة هذه المرة بكامله على كـف عـفـريـت .. لا تقولوا لي حين يحصل هذا فورقة المساومة جاهزة بالدرج الحكومي وسوف نخرجها ونسكتهم بواسطتها إما بالتوظيف المباشر أو بأي شيء ملح وضاغط يصر عليه هؤلاء المشاغبين ونستطيع أن نفعله ونلبيه لهم بشكل فوري يضمن لنا إمتصاص الغضب الشعبي الذي تفجر بدون سابق إنذار كما فعلنا مع ثورة صحار السابقة عام 2011 .. وكأن لسان حال الحكومة يقول : نحن جاهزون لأي طارىء .. بالله عليكم هل هذا هو الحل المضمون والناجح والآمن جدا لمعالجة أي أزمة خطيرة تحصل بأي بلد ؟؟ هل هذا هو الدواء الشافي لما يقرب من عشرين مشكلة وقضية قابعة كقنابل موقوتة تحت السطح ويعاني منها شباب البلد ؟؟ الورقة السحرية هذه التي تدخرها الآن الحكومة في درجها ( لظروف المستقبل ) صدقوني لن تنفع ولن تكون هي الحل النهائي الذي يرسمه لها تصورها وقد لا يقبل بها المواطنون في تفاوضهم مع الحكومة مالم تشمل كل مطالبهم المشروعة والتي قامت الحكومة وعلى مضض بالرضوخ لجزئية بسيطة منها وهي التوظيف العشوائي المباشر لحوالي ( 50 ) ألف مواطن وجدوا أنفسهم فجأة بين ليلة وضحاها موظفين في الحكومة وخلاص أمورهم طيبة وكأن ليلة القدر نزلت عليهم .. وكانت نتيجة هذا القرار السريع والعشوائي واقع مزر يعيشه الآن القطاع الخدمي الحكومي نفسه ويتكبد خسائره المالية سنويا كنتيجة طبيعية للقرار المتخبط والمتسرع الذي اتخذته الحكومة في محاولة عاجلة منها لـلـمـلـمة ما يمكن لـمـلـمـتـه من وضع خطير وجدت نفسها فيه محرجة جدا أمام الرأي العام المحلي والعالمي الذي وقتها كان مشتعلا بثورات الغضب العربي من المحيط إلى الخليج .. أقول كانت من بين أبرز سلبيات هذا القرار المفاجىء وجود تكدس وظيفي عشوائي وبلا أي داع في بعض الوحدات الحكومية على حساب وحدات حكومية أخرى في أمس الحاجة إلى زيادة موظفين فيها كوزارة الصحة والاسكان .. فهناك على سبيل المثال دائرة حكومية صغيرة جدا ليست بحاجة فعلية مثلا إلى 100 موظفة بعبايا سود وتقدم خدمات بسيطة للمواطنين وتدخل هذه الدائرة وتسمع ضحك هؤلاء ( الموظفات ) الفاضيات من بعيد سوالف وضحك وطلعة شوية برة لتمضية الوقت أو لإنهاء بعض الأمور الخاصة وفي النهاية راتب شهري مضمون تستلمه من المال الحكومي .. بينما دائرة خدمية حكومية ثانية يصرخ موظفيها المضغوطين بالعمل وقد إختنقوا من زحمة وكثرة المراجعين ومشاكل تأخر إنجاز المعاملات وفوضى غياب الأوراق وضعف جودة الأداء والانتاجية يصرخوا حيل : يا حكومة يا وزارة يا مجلس وزراء يا خدمة مدنية نريد موظفين .. العدد الحالي غير كافٍ ... ونماذج كثيرة على مرأى ومسمع ومشهد الجميع ترسم وبشكل فاضح فشل العملية التوظيفية العشوائية التي تمت وآثارها المدمرة على الاقتصاد الوطني والأداء والمجتمع .. فهل أدركت الحكومة وانتبهت جيدا إلى هذا الخطأ الذي وقعت فيه ورقتها السحرية الأولى والتي حاولت بها وعبرها إمتصاص الغضب الشعبي عام 2011 بتسكيتة بسيطة وفورية عبر تشغيل وتوظيف ( 50 ) ألف مواطن ومواطنة تخرجوا من سنين طويلة وظلوا دون عمل أو أنهم يعملون وانتهى الأمر منذ زمن بعيد وبعضهم صاروا اليوم شيابا وجدودا وعلى طريق السن القانوني للتقاعد بل وبعضهم مات في حادث وشبع موتا وغيابا وفجأة وجد أهله إسمه ضمن قوائم الأسماء المعلن توظيفها في الجرائد ؟؟ أتمنى أمنية صادقة من مواطن شريف محب لبلده وغيور جدا على بلده أتمنى هذا الدرس بكل أخطائه ومهازله أن لا تكرره الحكومة مرة أخرى مع أبناء الوطن وأن لا تعتمد على نفس ورقة المساومة تلك لحل أي مشكلة خطيرة قد يحدثها مستقبلا الشارع الشبابي المحتقن الآن بشكل يفوق التصور .. وخير ما تفعله حكومتنا حاليا هو إعادة ترتيب بيت خططها الوطنية بصورة أكثر إيجابية وفعالية ومرونة وفائدة من خلال إيجاد حلول عملية جذرية لمشاكل شباب البلد وأولها إيجاد هيئة حكومية مستقلة مساندة للهيئة الحالية الخاصة بتشغيل الشباب مهمتها توفير وظائف وعمل لكل دفعة من الخريجين والخريجات بحيث تدرج أسماء هؤلاء الخريجين مباشرة في قائمة من سيتم تشغيلهم هذا العام أو العام المقبل على أقصى تقدير .. يتخرج الطالب وعلى طول مكان عمله حسب تخصصه العلمي موجود بكل مخصصاته المالية ومسماه الوظيفي وبدون أي تعقيدات أو تطويل في إجراءات التعيين .. الأمر الثاني الديون التي يرزح تحت ثقلها غالبية شباب البلد هذي الديون لابد للحكومة أن تضع لها حلا نهائيا وتنهيها بأسرع وقت وبصورة عملية جادة وحقيقية من خلال أموال الايرادات الضخمة التي تجنيها بالمليارات سنويا وتودعها في خزينة الدولة تاركة المواطن يتساأل بريبة وذهول : أين تذهب هذه الأموال التي لم نر أي أثر إيجابي حقيقي منها منعكس وعلى نحو سعيد على حياتنا وظروفنا ؟؟ جزء من هذه المبالغ الهائلة يستقطع ويتم به إنهاء ديون المواطنين البنكية دفعة واحدة بحيث لو كرر المواطن قصة إستقراضه من البنك الحكومة لن تكون مسؤولة عن تبعات قراره والمشاكل التي ستترتب عليه ما دامت خلصته وأراحته بشكل نهائي من دينه الأول .. المطلب الثالث وهو مهم جدا جدا إنشاء صندوق حكومي مستقل للزواج ويكون مباشرة تحت إدارة وإشراف لجنة أو شخص نزيه وأمين جدا وليكن سماحة الشيخ العلامة الجليل أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة أمد ربي في عمره تفاديا لأي تلاعب يحصل بمال الصندوق المخصص لزواج الشباب عن طريق منح مالية مناسبة يمنحها الصندوق للشاب المتقدم بالطلب والراغب في الزواج ووفق ضوابط إجرائية محكمة ومبسطة وخالية من أي تعقيد و تحقق الهدف المنشود من هذه المنحة المالية وهو الزواج وبهذا الصندوق سنقضي في غضون ثلاث إلى خمس سنوات بالكثير على مشكلة تأخر زواج الشباب من الجنسين وخطر العنوسة التي تعاني منها شريحة كبيرة من بنات البلد بدون وجه حق وأيضا بهذا الصندوق نحن سنساهم في محاربة الرذيلة والانحراف وتكوين بيئة إجتماعية صحية نقية وسليمة وخالية إلى حد كبير من المشاكل والأمراض .. وغيرها وغيرها كثير كثير من المطالب العالقة التي تبحث لها عن حل والحل باعتقادي موجود لأن الكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة والحكومة بيدها لو أرادت إنقاذ شباب البلد من ضياعهم وتوفير كل سبل العيش الكريمة لهم حتى يقدروا بالفعل أن يكونوا شبابا إيجابي الروح والعطاء ومنتجا ونافعا لبلده وأمته وليس جيلا محطما يائسا من كل شيء وعالة على كاهل الحكومة والمجتمع ..
كـاســك يا وطــــن
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ