نعم للتطور ولكن...
نعم للتطور ولكن ...
الكثير منا يسعى للتجديد وللتطوير في حياته والكثير منا يرغب في أن يظهر بمظهر المدنية وقد يجيز ذلك على حساب العادات والتقاليد المتوارثة وهذا أمر طبيعي أن لم يحدث اليوم سيحدث غدا ، شاء من شاء وأبى من أبى .. ولكن قبل الانخراط في هذا التطور والانجراف خلف تياره العارم لابد أن نحكم العقول ونفكر في السلبيات قبل الايجابيات وكيف يمكن معالجتها ، وتهذيب هذا التطور وجعله ملائما للشريعة الاسلامية والعادات والأعراف ، ومن المواضيع التي تؤرقني منذ فترة طويلة هي الأعراس الحديثة التي تقام في الصالات وما يصاحبها من أشياء لم نأخذها في الحسبان .
كيف كان العرس العماني وكيف أصبح .. ومن أين أتتنا هذه الفكرة التي أنتشرت كالنار في الهشيم ?
كانت الأعراس العمانية قبل عقدين من الزمن أو أقل مختلفة تماما عما هي عليه الآن .. فكانت العروس تجهز في بيت أهلها من قبل أقرب القريبات لها وتغشى بغشاء كامل لا يرى منها البتة ، وتقف هذه النسوة الائي قمن بتجهيزها وقفة الحارس الأمين عليها فلا يسمح لأي إمرأة أخرى برؤيتها من غير أقاربها من الدرجة الأولى فقط ، حتى أم العريس أو أحدى أخواته أو قريباته لا يستطعن رؤيتها ، وكثير ما يحدث الخلاف بين العائلتين في ليلة الزفاف بسبب هذا الموضوع وذلك لسبب بسيط جدا ، لأن هذه العروس جملت وزينت لزوجها فقط فهي كالهدية المغلفة لا يكشف عنها إلا صاحبها أما عداه فلا يجوز لهم الاطلاع عليها ، وبعد ذلك تزف هذه العروس إلى بيت زوجها وهي مغطاة إلى أن تصل إلى باب غرفتها فتدخل هي ومن رافقها من أهلها ثم تخرج جميع النسوة من الغرفة تاركين لزوجها وحده فقط كشف غمارها والاستمتاع بجمالها وزينتها وهي في أبهى حلتها ، بل في بعض الأحيان يرفض العريس دخول أي كان إلى الغرفة بل يأخذ زوجته من باب غرفته ويزفها بنفسه للداخل حرصا منه عدم مشاركته أي أحد حتى في لحظة دخولها
فماذا حدث بعد ذلك ?? وما الذي غير هذه العادات ومن استحدث وجود صالات الأعراس ?
هذه عادة دخيلة على مجتمعنا العماني المحافظ وردتنا من المسلسلات العربية التي أتخمتنا بمشاهد الأعراس في الصالات وجاء من جاء ليخلق الحاجة لدى الناس لهذه الأعراس لأغراض تجارية ، حتى صارت فيما بعد جزء ً لا يتجزأ من تجهيزات العرس العماني وطقوسه، فما الذي يحدث في أغلب الأحيان ?
تأخذ العروس لمحل التجميل فتبدأ النساء الاجنبيات بتجهيزها والتكشف عليها وعلى مفاتنها لغير ضرورة بقصد التزيين وتقضي أربع ساعات أو أكثر في صالون التجميل تقوم المزينات بغسل شعرها وفرده واستشواره وتقليم أظافرها وحف وجهها وغسل رجليها ونقشها بالحنا وتلبيسها فستانها وطرحتها وإظهار مفاتنها من خلال الكشف أو التجسيد ثم تغطى بغطاء خفيف يظهر ما وراءه .
عند وصولها لقاعة الأفراح يكشف عن العروس وهي في هذه الصورة ثم تمشي أمام الجميع حتى تصل إلى ( الكوشة) ثم يأتي العريس ويجلس بجانبها وكأنهم داخل شاشة تلفاز 50 بوصة ولسان حالهما يقول " أعزائي المشاهدين نتمنى لكم مشاهدة ممتعة… إلى هنا قد يكون الوضع مقبولا ولكن ماذا عن المشاهدين الكرام من يضمن أن جميع الموجودات ثقة ومن يضمن عدم وجود من تسول لها نفسها أن تلتقط الصور في ظل طفرة التكنولوجيا والهواتف التي تحمل الكاميرات المزدوجة والعروس في كامل فتنتها.
الشيء المضحك في الأمر أن أخوات العروس في كامل زينتهن وقد يصلن لحد التبرج من تسريحات الشعر وغيرها باعتبار أنهن في عرس أختهن .. ولا أدري كيف غفلن أو تغافلن أن العريس غير محرم وأنه رجل في وسط هذا الكم من النساء محارمه لا تشكل فيه حتى 10% منهن .. هناك من يقول أنه بجانب عروسه وفي ليلة عرسه ولا يمكن أن ينظر لغيرها ، هذا كلام من يعزي نفسه في اتباع هواها لأن تبرجهن أمامه بحد ذاته كبيرة من الكبائر ولا يتوافق مع الشريعة ولا العادات ولا العرف ، فمن أين لكم هذا ? وهذا الكلام ينسحب على كل غير ذي محرم من زوجات أخيه وبنات عمه ومثلهن من عائلة العروس إلى هنا أيضا يمكن أن يكون الوضع مقبولا عند البعض ولكن ماذا يحدث بعد ذلك !
المبكي أن تأتي ما تسمى بالمصورة لتلتقط الصور للعريسين طبعا هذه المصورة في غالب الأحيان غير عمانية ولا تؤمن بالخصوصية ولكن حتى تستمر في كسب الزبائن وجودها مجرد تغطية وإرضاء للزبون أو بالأحرى فإن محل التصوير يرسلها باعتبارها امرأة حتى لا يخسر فرصة ربح محققة… أتت المصورة وأخذت ما شاءت من الصور في صالة العرس ثم توجهت لغرفة النوم وعلى فراش الزوجية تلتقط للعروس ما تشاء من الصور وبالوضعية التي تريدها بعدسة المحل لتذهب بعدها وتنقلها على أجهزة المحل وما يدريك أيها الزوج من يقوم بالعمل على هذه الصور وتحسينها على برنامج الفوتوشوب وغيره من البرامج ، هل هذه المصورة التي تزعم أنها تشتغل على الصور لديها الأمانة الكافية على أعراض الناس وصورهم ? وهل ستعكف أسبوعا كاملا على هذه الصور حتى تخرجها في الصورة التي تصنع الدهشة والابتسامة العريضة على وجوه أصحابها ? أم أنها ستتركها في يد الوافدين أصحاب المحل التي أمتلأت أجهزتهم من صور الأعراس وتذهب هي لتكمل عملها في اليوم التالي لتغطية عرس جديد ?
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم !
أعراضكم أعراضكم أيها الرجال أيها الأباء أيها الأزواج فالعروس لا تكشف حجابها إلا لزوجها ولا مفاتنها إلا له لأنها له فقط وليست لغيره… نقول عفا الله عما سلف وعسى أن يكون ذلك ، ولكن الأتي أهم فانتبهوا لبناتكم وأنتم يا أزواج المستقبل لا تقبلوا بأن يتفرج على زوجاتكم كل من هب ودب لأن العروس درّة فهل يكون الدر في غير الصدف ?
✍🏻 بقلم:مسري بن سليمان العامري