ذكرى و فاة السلطان السيد سعيد بن تيمور آل سعيد 1910/1972م
ولد السلطان السيد سعيد بن تيمور بن فيصل بن تركي البوسعيدي ليلة السابع من شهر شعبان لعام 1328هجري الموافق الثالث عشر من أغسطس لعام 1910م في دارة آبائه و أجداده المسماه من عهد مؤسسها سلطان بن أحمد "بيت العلم" .. وقال الشاعر الشعبي جمعان ديوان في ذكرى هذه المناسبة : "في ليلة السابع من شعبان ذكرى مولد السلطان " .. والسيد سعيد هو الإبن البكر للسلطان تيمور بن فيصل الذي حكم من 1932/1913م . وأما والدته السيدة الهمامة/ فاطمة بنت علي بن السلطان سالم بن السلطان ثويني بن الامام سعيد بن سلطان أسد البحار ، وكان طهوره "ختانته" في هذا البيت العامر سنة 1916م .
تعلم السيد سعيد علومه الاولى على يدي المعلم أبوذينة التونسي وكان زميله في هذه المرحلة عمه السيد شهاب ، ولما إشتد عوده في العشرينيات الميلادية بعث لكلية الأمراء بأجميرا بالهند لإستكمال علومه العليا وقد رافقه الشيخ حمود بن حمد الغافري أبوبريك الذي ولاه السلطان سعيد على ظفار بعد ان حكم عمان كما رافق السيد سعيد في رحلة الدراسة وكان مشرفا عليه سكرتير السلطان تيمور أحمد الشبيلي أحد الفضلاء والأمناء لدى السيد تيمور وللشبيلي معرفة كبيرة بالهند .. وبعد أن تخرج من هذه الكلية إرتأى والده أن يبعثه لتعلم اللغة العربية والإستزادة منها فأستقر به الأمر بمدارس بغداد العريقة وكان له ذلك إلى أن عاد في أواخر العشرينيات الميلادية لمسقط وتتلمذ في المسائل الفقهية على يدي قاضي القضاة الشيخ راشد بن عزيز الخصيبي .. وبعد عودته وتأهيله للحكم تسلم رئاسة مجلس الوزراء خلفا لعمه السيد نادر بن فيصل ، وبعدها بعامين تنازل له والده عن عرش مسقط وعمان عام 1932م وتليت رغبة السلطان تيمور أمام جمعا من وجهاء عمان وكبار رجال الأسرة المالكة في بيت العلم بمسقط إيذانا بحكم سلطان جديد على عمان خلفا لوالده .. وجد السيد سعيد أن سلطنته تعاني من ديون طائلة خلفها والده وجده السيد فيصل بن تركي وشمر السيد سعيد عن ساعديه لقطع دابر الديون لأنها مكمن داء لكل بلد، ففي غضون سنوات قلائل أنهى السلطان الديون بإدارة حكيمة وسياسة مدبرة من خلال عملية التقنين والإقتصاد ، بل وبعد نجاحه تمكن من مشاركة التجار الهنود الذين كانوا يدينون الحكومة قبل ذلك منهم التاجر كيمجي .. اهتم السلطان سعيد بالجيش العماني حيث قام بإستحداث قوة مشاة مسقط وأنشأ قوات نظامية جديدة منها قوة مشاة الباطنة 1952م و التي عرفت فيما بعد بقوة عمان الميدانية ، وأسس قوة ظفار عام 1955م و أسس سلاح سلطان عمان الجوي عام 1959م كما جند في القصور والقلاع والحدود البرية والصحاري العسكر المدنيين وهي طريقة تقليدية متوارثة لدى حكام عمان . و عرف في عهد السلطان سعيد في الجانب الصحي مستشفيين شهيرين في عمان قاطبة لم يعرف ثالثا لهما ، الأول (مستشفى طومس) بمطرح والذي أفتتحه السلطان سعيد عام1940 تقريبا و(عيادة الدختر أحمد شفيق) في ظفار بحي الحصن والتي أفتتحت عام 1951م .. وفي مجال التعليم النظامي الحديث إضافة للكتاتيب أفتتحت المدرسة السعيدية بصلالة عام 1936م والمدرسة السعيدية بمسقط 1940م والمدرسة السعيدية بمطرح عام 1959م .. عاش السلطان سعيد أغلب سنين حكمه في محافظة ظفار ولم يبرحها منذ عام 1958م الى عام 1970م وكانت أول زيارة له لظفار بعد حكمه بعام وتحديدا سنة 1933م .. وصاهر السلطان سعيد قبائل ظفار بزواجه من إثنتين من بنات شيوخ وأعيان قبيلة المعشني قبائل القرا القاطنين شرق جبال وسهول ظفار، وكان زواجه في منتصف الثلاثينيات الميلادية ورزق من زوجته الأولى الشيخة فاطمة إبنته السيدة أميمة وبزواجه الثاني من السيدة ميزون رزق بنجله السلطان قابوس .
"" وقد ذكرت للسلطان قابوس أعزه الله بعد شرف مثولي بين يدية شخصيا عام 1997م أنه من حسنات تاريخ السلطان سعيد على عمان وشعبها أن رزقه الله بجلالتكم فانت رحمة له و لعمان وتاريخها المشرق"" .
وقد كان هذا الزواج وأعني زواج السيد سعيد في ظفار كان بمشورة من والده السيد تيمور رغم أنه خطب له بعد عودته من الدراسة إبنة عمه السيدة مزنه بنت نادر وهي إبنة خالته أيضا ولكن لم يكن النصيب له في ذلك .. سافر السلطان سعيد في جولة عالمية عام 1937 والى 1938م فوصل الى كل من الهند و بريطانيا وأميركا الذي كان أول حاكم عربي يزورها كما زار فرنسا و اليابان محاولا إيجاد شركات للتنقيب عن النفط ، و دعمه بالسلاح لحاجته الماسه له آنذاك من الوقت . وكما جدد بعض الإتفاقيات التي مضى عليها الزمن منذ عهد جده السيد سعيد بن سلطان .. كان السلطان سعيد رجلا عصاميا محافظا على العادات والتقاليد و ملتزما دينيا كما كان بهي الطلعة وسيم الخلقه عدل القامة أطلق اللحية منذ عقد الأربعينيات الميلادية أي في عقده الرابع من العمر ومع تقدمه في العمر كان يزداد هيبة ووقارا مع أناقته وتأنقه بالإضافة لما يعرف عنه من إنضباطه بالوقت والتوقيت و بالبرتوكول والإتكيت أيما إنضباط في بلاطه بل وحياته اليومية في مملكته .
كان السيد سعيد يجيد التحدث عدة لغات منها الإنجليزية والاوردية و البلوشية بطلاقة. ومن هواياته المحببة يهوى ويجيد الرماية بالبندقية و التصوير و ركوب الخيل المخطمة ويقتنيها ، كما يهوى ركوب البحر واللعب بكرة التنس و الصيد البري والبحري ويقتني الكثير من الأسلحة الخفيفة ،و أمتلك الكثير من السيارات الفاخرة كسيارات الإمبريال والهمبر والدوج والفورد وغيرها من عربات الطراز الكلاسيكي كما اقتنى يختا ورثه عن والده وهو اليخت السعيدي أو "آل سعيد" و إشترى يختا في أواخر الأربعينيات أطلق عليه إسم "فرج" ، كان أبو قابوس محبا للأدب فكان له مكتبتين زاخرتين في بيت العلم بمسقط وفي عرين حكمه حصن ظفار . وعرف عن السيد سعيد قوله الشعر والخواطر في كثير من الأوقات بالإضافة لإطلاعه الجيد والدائم للمجلات والصحف العربية والأوروبية. وكان محبا للفن ويقيمه في حصنه في المناسبات المختلفه ، عرف السلطان سعيد بعدد من الألقاب منها السلطان السيد - سمو السلطان - الواثق بالله المعتصم بالله - إبن الإمام - السلطان سعيد الثاني - سلطان مسقط و عمان وظفار وجوادر - سلطان مسقط و عمان ومملكة ظفار - أبو أحمد - أبو قابوس .. وكما هي حياة الممالك والأمبراطوريات عبر الحقب والأزمان توالت الثورات على حكم السلطان سعيد أولها ثورة تمرد الجبل الأخضر عام 1954م والتي أخمدها عام 1959م وتلتها ثورة ظفار التي نشبت عام 1965 والتي أنهى متاعبها عام 1976م إبنه السلطان قابوس بعد أن خلفه على سدة الحكم في الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م ، وقد اكتشف النفط وتم تصديره في عهده بعد جهود حثيثة عام 1968م ، وقد حافظ السلطان سعيد مدة قرابة الاربعة عقود على عرش أبائه وأجداده .
عاش السلطان سعيد بن تيمور في عاصمة بريطانيا لندن قرابة العامين بعد تنازله عن الحكم لإبنه السلطان قابوس ووافاه الأجل المحتوم في 19من اكتوبر عام 1972 إثر سكته قلبية وهو جالس على كرسيه بفندف الدورتشستر مساء ليلة الخميس 19رمضان لعام 1392هجري 20أكتوبر 1972م ودفن بمقبرة بروكود بلندن في اليوم التالي .. وأما في عمان فقد تقبل التعازي إبنه السلطان قابوس والأسرة المالكة بمسجد الخور بمسقط مدة ثلاثة أيام .
رحم الله السلطان سعيد بن تيمور وأمد الله بعمر السلطان قابوس بالعافية لعمان وشعبها والأمتين العربية والاسلامية .
📔 كتبه ووثقه/محمد أحمد التاجر &📜
