-
النتاج الفكر ي للكاتب والشاعر/ سعيد مصبح الغافري في الشعر والخواطر والقصص
هـــيــروشـــيـمـا .. ذاكــرة الـدمــع 06-10-2014
هـــيــروشـــيـمـا .. ذاكــرة الـدمــع
كعادتها .. تتدثر هيروشيما بأديم الزرقة السماوية ، وتغفو في قيلولة صبح صيفي مشمس ..
الأجواء هدوء رغم الحرب ويومياتها المؤلمة وبهارات الإشاعات التي لا تتوقف عن قرب نصر شمس الشرق الأبدية وهزيمة راعي البقر ..
في مقهاه المعتاد ؛ يجلس شــوجيرو يقرأ صحف اليوم دون أن يغير من طريقة جلوسه على الكرسي حيث الساق موضوعة فوق الأخرى رغم ما يبدو على وجهه اليوم من كآبة ووجوم ..
منذ استيقظ صباحا وهو بمزاج سيء و يحس بشيء ما يثقل كالصخر على صدره .. شيء غامض لا يعرف مصدره وزاد عليه ذاك الكابوس المرعب الذي حلمه الليلة الفائتة ؛ وحش بشع الخلقة بعين نارية واحدة يبتلع مدينة كاملة في جوفه !!
يهز رأسه محاولا نسيان أو تجاهل ما رأى ..
ــ إهدأ يا شو .. لا تكن سخيفا .. إنه مجرد حلم !!
يهرب من هذا التفكير إلى الجريدة .. يفردها .. على الصفحة الأولى يقرأ بتململ وضجر البنط الصحفي العريض البارز أمام عينيه بخط أسود مثل دخان نفاثات ( الزيرو ) :
= إنتصارات ساحقة لجنودنا وأنباء عن إستسلام ضابط أمريكي برتبة كبيرة
ــ هراء . ســخـافـات !!
لم يكمل القراءة ورمى بالصحيفة جانبا وكأنه ينفض من يديه كذب العالم وخداعه ثم تنهد مكتئبا !!
وزادت كآبته حدة حتى شعر باختناق وحر يكادا يكتما أنفاسه فأسرع يفتح زرين من أزرار قميصه الخفيف ثم نادى الجرسون طالبا كأس ماء بارد . كان الضيق يتراص واضحا على جبهته في موجات أفقية متعرجة جعلته يبدو كأنه كهل في السبعين !!
فور وصول الماء إليه شربه دفعة واحدة ثم تمتم ساخرا وهو يشير بيده إلى الجريدة :
ــ بهذا الكذب المجاني اليومي ستنتصر الشمس . هع !!
وأشاح بوجهه ناظرا إلى الشارع المليء بأقدام ووجوه الناس المتحركة وبالسيارات والضجيج كأنه يرى فيه كل بؤس الحياة ..
لكن مرأى إثنان - رجل وامرأة - واقفان يتحادثان عند عمود إنارة أعاد إلى ذهنه نقاش البارحة الذي كان مع زوجته أكيكو والتي اقترحت عليه الرحيل بالأسرة إلى طوكيو والعيش فيها ريثما تضع هذه الحرب اللعينة أوزارها وتنتهي ..
كانت أكيكو تتذرع أكثر في حجتها بوالدتها المريضة على الدوام والتي في وضع صحي أصبح من سيء إلى أسوأ بعد تحويل جزء كبير من المستشفيات والأطباء والأدوية لصالح الجنود و المجهود الحربي !!
غير أن شوجيرو لم يكن مقتنعا تماما بالفكرة وكان في أعماق أعماقه يرى أن الرحيل من هيروشيما يعني إقتلاع مؤلم لشجرة جذوره وذكرياته وما بالسهولة سيتأقلم مع المكان الجديد والناس الذين فيه ؛ وحجته كما وضحها وأظهرها هو الآخر لأكيكو هي أن طوكيو العاصمة لن تكون بمأمن من القصف الجوي و ستكون في الأيام القادمة هي الأكثر إستهدافا من كل مدن اليابان الرئيسية " تماما مثلما يفعلون الآن ببرلين حسبما سمعنا من أخبار مؤكدة !! "
ويضيف معززا حجته هذه بتبرير ثان قوي ورغم وقاحته و ما فيه من خدش لمشاعر أكيكو إلا أن شوجيرو لم يتردد عن مصارحتها به :
ــ بيتنا كما ترين صغير جدا وبالكاد يكفي لايوائنا أنا وأنت وإبنينا !!
إنزعجت أكيكو ليس من كلام شوجيرو الذي يكاد يغلق في وجهها كل باب بحججه القوية و لكن من واقع الظروف السيئة التي هم فيها فعلا كأسرة وفي ذات الوقت كانت تصعب عليها أمها المسكينة المتروكة وحيدة هناك في طوكيو !!
ــ شو .. فكر معي أرجوك في حل ..
وغاص الإثنان في الصمت يفكران وهما متمددان على السرير ..
مرت دقائق بينهما دون كلام ثم تحمحم شوجيرو و قال وهو يحك ذقنه :
ــ حسنا .. إسمعي يا زوجتي وجدت حلا .. سأجلبها من هناك لتعيش معنا هنا ، أما السكن فسأحاول تدبيره بإقناع جارنا فوجي بتأجيري تلك الحجرة الفارغة الآن والقريبة جدا من بيتنا والتي كان يسكن فيها الطالب إبن كيوتو ..
قفزت أكيكو من رقدتها وانتصبت جالسة وهي تقول بفرح مندفع :
ــ رائع جدا يا شو .. إذن سأتصل بأمي الآن لتتجهز !!
إعترضها قائلا بحزم :
ــ ليس قبل أن أخبر فوجي بالأمر وأسمع رده .. تمهلي ..
وأضاف :
ــ ظروف ذلك الطالب غامضة وقد رجع بالأمس إلى مدينته ليحضر جناز والده المتوفي وسمعت أنه ربما لن يعود إلى هيروشيما أو ربما يعود ومعه عائلته .. لست متأكدا فلم ألتقي بفوجي منذ يومين لأعرف منه الحقيقة بشكل أوضح وأكيد ..
إنكمش وجهها وظلت واجمة، غير أنها وبأمل مقاوم قالت بعد لحظات :
ــ على العموم أنا بدوري غدا صباحا سأخبر ساكورا .. إنها جارة طيبة وصديقتي وسيسرها مساعدتنا والتوسط لنا في هذا الأمر مع زوجها
!!
http://www.masralarabia.com/images/n...ddf1078ef4.jpg
لم تكد تمضي دقائق قصيرة على شرود ذهن شوجيرو حتى أضيئت السماء فجأة بضوء قوي خاطف ومفزع وفيه ألوان طيف نادرة لأول مرة تشاهد ..
بــرق ؟!
عجبي !!
كيف لمع وسماء هيروشيما من دون ســحـاب ؟!
بأسرع من ثانية إختفى شوجيرو من الوجود هو وجريدته وطاولته والكأس الذي كان على تلك الطاولة . بل المقهى بنادله وبمن كانوا فيه اختفوا .. المباني الخشبية التي كانت تتراص بشكل طولي على جانبي ذلك الشارع صارت بمن فيها من بشر ومخلوقات وأشياء رمادا ودخانا ..
قبل هذا الحدث المهوول بثوان كانت أكيكو تضحك عبر الهاتف مع جارتها ساكورا آخر ضحك في دنياهما !!
جارها فوجي الذي وافق على تأجير الغرفة .. ذاك الهادىء دوما رغم الحرب العصبية يتحول شبحا بشعا بلون الفحم ودون ملامح واضحة . يصرخ في الظلمات . يســعـل باستمرار . يفرغ معدته . يهــذي .. يـنـهــار ..
الجثث والأطراف والجماجم المتفحمة والمسحوقة تملأ الساحات بالآلاف وكثير منها كان طافيا مثل الدمى مع من قفزوا في النهر بالنار التي كانت مشتعلة فيهم .
فوجي صباح اليوم التالي وجدوه جثة متيبسة ، سرعان ما جُـرفت ضمن آلاف الجثث التي تطلب الأمر إزالتها بالجرافات من المدينة المنكوبة أو من كانت يوما مدينة !!
أما الجار سـامـوتـو ..
سـامـوتـو ذاك الضاحك دوما والمستهتر بالحرب ، فقد تصنم وسط الساحة كإلـه الحب !! شكلا ممسوخ الصورة لكن بملامح إنسان محترق ميت !!
الأرض يباب بعد حياة صاخبة كانت !!
ســجـل يـا تــاريـخ !!
هيروشيما تصبح ومضة ذكرى !!
ألبوما من صور بالأبيض والأسود لما قبل وبعد الموت !!
و ( بــول تــيـبـتـس )
بــول تــيـبـتـس !!
ذاك الطيار الأمريكي الأحمق ، ينعطف بطائرته في أقصى ســرعة . يهرب بجريمته النكراء مأخوذا بالفطر العنقي اللهبي المتصاعد نحو الأعلى كالعملاق المارد !!
يهرب وبالوجه حروق وخموش وصفع من رب غاضب !!
وعلى الأرض المحروقة ختم بالجرم الفاضح
ورفاقه من جند الجوية ســعـداء !!
ــ ها قد عاد إلينا بــول !!
عاد نعم ..
لكن ظلت تلك الندب بوجهه ، أما صخرة قلبه فقد قالت وبالحرف الواحد :
ــ نـحـن نـنـفـذ أمــر القـــادة !!
هيروشيما !!
هيروشيما !!
يا ذنب القرن العشرين !!
يا آب العار الإنساني الصعب الإمحـاء !!
هيروشيما !!
صلاة من صمت ودموع !!
ذكرى لا تنسى .. ننظر عبر نوافذها الأربع إلى ماضي الإثــم وإلى أوشــام الخــزي الأبـدي على جسد هذا العالم ..
هيروشيما !!
هيروشيما !!
يا درس الأمس القـاســي !!
أنت الدرس الأكبر للعالم !!
لكن ما من أحـد إســتـوعب درسـك أبدا !!
مازال البعض بنفس الروح الهمجية وحماقات غرور الأمس !!
أعمى يغـويـه الشيطان فيمضي ..
ولا فـكــرَّ يـومـا كيف يــتـوب !!
بقلمي : ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
-
قــراءة نـقــديـة لـقصة ( الـرقـص حــول الـنـار ) للكاتبة الفلسطينية أميرة عبدالله 08-11-2014
قــراءة نـقــديـة لـلـنـص القصصي ( الـرقـص حــول الـنـار ) للكاتبة الفلسطينية أميرة عبدالله
1 ـــ نص ( الرقص حول النار ) بقلم الكاتبة أميرة عبدالله :
اعتكفت في كوخها الريفي بعدَ أن تأججت في أعماقها نار الغيرة.. وقررت أن تنهل من الفضيلة والحكمة ما يجعلها أهلاً لمقاومة التيارات.. نظرت إليها بومة تقفُ على شجرة سامقة فوجدتها تبكي وتبكي وتبكي، فكرت: "حتى البشر يهربون مثلنا من ذواتهم ويختبئون في حصون صنعوها حولَ قلوبهم .."ألقت البومة عليها نظرة أخيرة ثم ولت هرباً.
بعدَ أيام عادت لتزورها وتفاجأت مما رأت؛ حقيبة سفر وملابس مبعثرة هنا وهناك وأنثى تتلوى كالأفعى في رقصات هستيرية، يجلس قبالتها رجلٌ وسيم، عيناهُ تترقرق بالدمع وهوَ ينظرها يتخيل أنهُ محاط بالحسناوات اللواتي يرقصنَ حولَ النار؛ كلُ واحدةٍ منهن تحاولُ جذبهِ إلى النار، ربما ليحترق وربما ليشاهد احتراق جناحي طيره الجريح.
نهضَ مسرعاً من مكانه بعدما أخرجَ منديلاً طُرّزَ على طرفه أول حرف من اسمه، مسحَ بهِ دموعَ عينهِ الرقراقة، ثم نظرَ إليها نظرة أخيرة وولى هارباً وهوَ يتمتم :
ــ لقد أضعتها.. لقد فقدتها.. كانت أمي وأبي وزوجي وعينيّ اللتين أرى بهما وبمجرد ما تركتني لتعتني بمن يحتاجها، أحرقتها بطقوسي الغريبة،وارتديت القناع الأول بيد واستبدلتهُ بآخر كلما حاولتْ سبر غوري، كلما حاولتْ الاقتراب لنزع القناع عن وجهي، أجدني أتباهى بكوني رجل من حديد؛ لقلبي آلاف النوافذ.."
_ "انتظر.. انتظر، لا تتركني. اسمح لي بنزعِ قناعكَ الأخير قبل أن!!"
ثم ارتفعت ألسنة اللهب لتعلن كلمتها النهائية..
2 ـــ إضــاءة نـقـديـة لـلـنص بقلمي :
كان الشاهد الوحيد على المأساة وعلى الجريمة مخلوق ليس من عالم البشر .. مخلوق ياطالما دارت حوله الأساطير والحكايات وعملت بسببه القرابين والطقوس الطاردة للشر وللنحس .. لم يكن الذى رأى هول ما رأى إنسانا بل طائرا .. اجتمعت في هذه القصة القصيرة الجميلة جدا أربع صور أو شخوص أو رموز : البومة وامرأة بائسة ورجل بألف قناع وكوخ متواضع في مكان بعيد مهجور .. البومة هنا ليست في تصوير الكاتبة المبدعة أميرة عبدالله ذلك الطائر السيء السمعة بما يجلبه من تشاؤم ونحس للناس بحسب التفكير الشرقي .. لقد أتقنت الكاتبة في تغيير هذه الصورة الشائهة المأخوذة عن هذا الطائر ذو العينين الصفراويتين الواسعتين المتربصتين والمنقار المعقوف تلك الصورة التي تصوره وترمزه بالشر والشؤم .. ذاك الطائر ما هو إلا شعور حي هارب نحو البعيد من ذاته المعذبة والحزينة ومعتكفا في مكان قصي .. على شجرة سامقة عالية تصادف بجوارها كوخ منفرد مهجور ووحيد أيضا كرمز للنقاء المفتقد في عالم إتسخت قيمه بما فيه الكفاية .. الشجرة وعلاقتها بالبومة والكوخ وعلاقته بالانسان .. هنا التجانس المتقن بين الكائن والمكان والذي قدرت الكاتبة أميرة عبدالله أن توظفه وبدقة في هذا النص خالقة ذلك الترابط المنسجم بين المكان والجنس أو الكائن المناسب له .. البومة / الشجرة الباسقة .. الكوخ / الانسان مع أن ( الكوخ الانساني ) يبدو لي أكثر عمقا وقوة واكثر شمولا في النص الأدبي شعرا كان أم نثرا وفي الفن أيضا بل وفي معناه الدلالي الرمزي .. داخل ذلك الكوخ المتواضع الذي يلفه السكون والسكينة تعتكف كالعابد إمرأة بائسة حزينة ومحطمة مجروحة القلب هربت من جحيم البشر واختارت حياة العزلة وفي داخلها ماتزال تحمل روحا نقية تواقة إلى الصفاء والخير والفضيلة والحكمة ومقاومة لروح أخرى ما فتئت تنغص عليها عيشها وصفاء قلبها وذهنها / الغيرة .. تلك النار الناهشة بلا رحمة للقلب ولأجمل ما في أعماق النفس من نبل وجمال .. حين صدمتها الحياة في أقرب إنسان إلى حياتها .. حين اكتشفت أنها تعيش في عالم أناني مزيف ومخادع ومليء بالوحل والدناءة والغدر والأقنعة .. قررت أن تهرب بعيدا عن هذا العالم تماما كما فعلت تلك البومة الهاربة من عالم المخلب والناب والشر والانانية .. وكانت المأساة .. عندما أتى ذلك الرجل الذي حطم أجمل مخلوق بالأرض بأنانيته وبحربائية أقنعته وزيف براءته .. وهو أشر مخلوق وأنتن روح على الاطلاق .. لقد جاء لا ليسامح أو ليطلب الغفران والصفح والندم على ما أذنب بل جاء بكل أقنعته المزيفة إليها وهو على أحقر ما يكون .. أشعل فيها النار وتركها تتلوى في الأجيج المستعر غير آبه لآخر صرخة متوسلة رجتها تلك الضحية منه .. صرخت بألم ومرارة :
ـــ إنتظر .. إنتظر .. لا تتركني ..
وهي كلمات لها دلالتها القوية والعميقة جدا في النفس وفقت الكاتبة الجميلة أميرة عبدالله في إختيارها بدقة وببراعة أدبية لافتة جاعلة من أحداث القصة تصل إلى أقصى درجة لها من التشويق رغم صدمية هذا التشويق وألم وقعه في نفس المتلقي .. إمرأة تحترق في قلب النار تتوسل بتلك التوسلات أمام مجرمها .. لم تتوسل حبا له ولا رغبة بإنقاذها من اللظى المشتعل الذي رماها فيه بل لغاية أخيرة وأمل أخير لها قبل أن تموت .. كانت فقط تريد منه أن ينزع آخر قناع لبسه لتراه على وجهه الحقيقي البشع بشاعة روحه والقبيح قباحة نفسه الشريرة .. لحظة تراجيدية مؤلمة جدا جدا ونحن نسمعها تقول بصراخ حاد :
ـــ لا تتركني. اسمح لي بنزعِ قناعكَ الأخير قبل أن ....
و( قبل أن ... ) .. هنا تتوقف الكاتبة فجأة عن مواصلة السرد محفزة عقل القارىء على إستكناه المتوقع أو ما يمكن أن يحدث لبطلة القصة .. هذا التوقف المفاجىء في هذا المقطع يزيد من جرعة ما يمكن أن أسميه مجازا بـ ( أدرينالين القراءة ) في أعصاب القارىء ونبض قلبه .. وهي حركة ذكية من الكاتبة أرادتها كي تمنح القصة أكبر قدر ممكن من الزخم في ( العقدة ) ومانحة قارئها مساحة لا بأس بها كي يحبس فيها أنفاسه ويتشوق أكثر لما هو آتٍ في القصة التي تتسارع الآن أحداثها نحو ( النهاية ) ولو واصلت الكاتبة في هذه القصة بسرد المتبقي من الأحداث بدون تلك الوقفة المفاجئة التي تعمدت وضعها بتلك الصورة التعبيرية الجميلة ــ لو أنها واصلت السرد بدون تلك الوقفة البارعة وجعلت الأحداث تمضي وبشكل عادي جدا وتقليدي إذن لقضت على جمالية النص وروعته الأدبية ولكانت خاتمته باردة جدا وأكثر من عادية وليست بذلك الوقع المنتظر والمأمول منها .. ولكنها وهي تكتب بوعي ونضج وهدوء أيضا إستمهلت في سردها بعض الإستمهال .. فلاحظ معي كيف أن تلك الوقفة المفاجئة في كلمة ( قبل أن ... ) والنقط أو علامة التعجب ( !! ) التي تلتها جميعها حفزت العقل والمشاعر فجأة إلى أن شيئا قادما وعاجلا الآن سوف يحدث .. ومع ذلك ورغم تلك الصرخة التي صرختها تلك الضحية وهي في قلب النار إلا أن شيئا لم يتحرك .. وبدا وكأن كل شيء حول الضحية قد توقف وتجمد بصورة فاجعة بما فيه ردة فعل ذلك الرجل المجرم الذي كان يسمع صراخ ضحيته ببرود .. وحدها ألسنة اللهب حسمت كل شيء .. إذ لم تترك أي فرصة لأي ( فعل ) ممكن أن يحدث بل أسرعت وأحاطت بالضحية المسكينة إلى درجة القسوة .. أحاطتها بألسنتها المرتفعة حاجبة بالموت آخر صوت للحياة .. وبذلك اختفى صوت الصرخة إلى الأبد وسط اللهيب المستعر .. وكان الشاهد الوحيد على هذه المأساة والجريمة هو تلك البومة التي انصدمت بهول ما رأت صدمة أشد وقعا وألما في نفسها من صدمتها الأولى حين جاءت ورأت رفيقتها البشرية المسكينة على حال الشكوى والصمت .. ولم تتصور في الزيارة الثانية لها والأخيرة .. لم تتصور أن تراها وقد وصل بها الحال المزري إلى ما هو أسوأ وأشنع .. لقد رأت الجريمة البشعة بأم عينيها الواسعتين وهالها بل صدمها و لم تتوقع أن عالمنا نحن البشر قاس منتهى القسوة و فيه أيضا هذه البشاعة وروح الشر ..
بـقـلـمـي / ســـعـيد مـصـبح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
-
حــرب عــاصـفـة الـحــزم .. مشـاهـد من حــارتـنـا !! 11-04-2015
حــرب عــاصـفـة الـحــزم .. مشـاهـد من حــارتـنـا !!
كنت جالسا مع والدي كعادة أسرية أحبها جدا وكطقس عائلي مترسخ في روح كل أفراد الأسرة من أصغرهم إلى أكبرهم أبناء وأحفادا .. وكان والدي لحظة دخولي عليه يشاهد ويستمع بشغف إلى أحداث وأخبار الحروب والأزمات التي تعصف في راهنها الحاضر بالوطن العربي وآخرها حرب ( عاصفة الحزم ) الدائرة رحاها الآن في أرض وأجواء اليمن العربي الشقيق .. كان والدي عقب كل خبر يهز رأسه ويقطب بين حاجبيه وسحابة من هم وقلق وحزن لا تفتأ وهي تعاود المرور كل حين على جبهته وبريق عينيه وبين كل حين يتمتم محوقلا : لا حول ولا قوة إلا بالله .. الله يستر من تاليها .. ثم صمت صمتا عميقا وهو يفكر وظني أن هذه المشاهد المؤلمة أرجعت ذاكرته إلى الوراء وإلى عقود بعيدة من سنين خلت عاشها وعاصر أحداثها .. وإذ به يخرج فجأة من صمته ويقول بصوت مشحون بالشجن وهو يسترجع شريطا طويلا من ذكريات غابرة مرت بحياته ولا يزال يتذكرها بكل تفاصيلها وكأنها إبنة لحظتها ويومها .. كان يحدثني عن أحلك فترة مرت بها بلادنا الحبيبة .. الحروب القبلية .. الجوع .. الفقر .. الأمية .. الجهل .. الغياب الطويل عن العالم .. وأشياء أخرى كثيرة كنت أسمعها منه بنهم وتشوق مع أني سمعتها منه ومن ( شياب آخرين في سنه ) عاصروا تلك المرحلة بكل محاقها وخسوفها الكلي .. مر وقت وأنا أستمع له باهتمام وكأني أسترجع تاريخا عن حقبة بأكملها من بلادي .. وليس ألذ ولا أمتع من سماع حديث الشيوخ والكهول فهم بحد ذاتهم موسوعة مرجعية أخرى لتاريخنا ولا مناص لنا من إضافتها إلى المصادر الرسمية المدونة رغم شعبية طرحها .. وإذ ينهي والدي حديثه سمعته يحمد الله ويشكره على نعمة الأمن والأمان والسلام في بلادنا حتى أنه ربت على كتفي مطمئنا وقد انقشع الحزن عن وجهه مجليا أمامي إبتسامة الأب المطمئن على أبنائه وبلده وهو يقول بثقة وفخر : ما دام بهذه البلاد بررة مخلصون فلا خوف عليك يا وطن ..
http://images0.naharnet.com/images/8...jpg?1371875980
شدني كلامه وفجر في داخلي عشرات الأفكار والشجون .. وكان أكبر سؤال أطل برأسه على أفق عقلي : ماذا لو دخلت عمان حرب ( عاصفة الحزم ) هذه ؟؟ كيف سيكون الوضع على الصعيد الداخلي للبلد والخارجي أيضا ؟؟ كيف ستكون أحوالنا وأوضاعنا المعيشية في ظل جو مشحون بالحرب والعداء والتوجس والخوف وبين الحين والآخر تقفز من نومك مذعورا على صوت طائرة حربية تحلق بسرعتها الماخ الرهيبة وصوتها الفجائي المخيف تحلق وعلى نحو خاطف فوق بيتك مباشرة متجهة صوب الجنوب . فتسأل ويسأل من في البيت : ما هذا ؟؟ هل الجميع بخير ؟؟ ويطلق طفل صغير بالعائلة معروف عنه شقاوته يطلق ضحكة بريئة وهو يقول بلا اكتراث : ناموا .. هذه طائرة ورقية أطلقتها من فوق سطح الدار هههههه وبعد قليل تنهال عليك رسائل الواتس من وكالة قالوا وسمعنا : يقولون وسمعنا أن الطائرة التي حلقت قبل قليل في أجواء الحارة طائرة سعودية .. لا وانت الصادق طائرة إيرانية .. لا لا .. بل طائرة عمانية عليها علم عماني ذهبت تقصف مواقع باليمن وابن عمي يقودها .. ليس صحيحا ما تقول .. الطيار الذي كان يقودها خالي وبنفسه كان يكلمني من الطائرة بالهاتف النقال أثناء عبوره قريتنا .. ويقفز صوت عجوز على أرذل العمر ويحسم هذا الجدل التعصبي الأخرق والأعمى أيضا فتقول : إسكتوا .. هذه الطائرة ليست غريبة على أحد أصلا فنحن كل يوم نشاهد ومن خلال خط سحابي مستقيم طائرات صغيرة بلون أبيض تحلق في سماء القرية قاطعة الجو من الشرق إلى الغرب والعكس .. وتضحك حفيدة لها في العشرين من عمرها وتقول : سلامة عقلك يا جدتي الطائرة التي تعنيها هي طائرات مسافرين مدنية تحمل ركابا إلى دول ومطارات العالم وليست تلك التي نتحدث عنها ونقصدها ..
ثم لا تمر نصف ساعة على عبور الطائرة الحربية أجواء القرية إلا ويطب علينا جارنا وهو في أشد حالات إستيائه وغضبه وضيقه .. ما بك يا جارنا ؟؟ ويرد بتهكم ومرارة : ماذا ما بي ؟؟ بالأمس سعر السمك بثلاثة ريالات واليوم بتسعة ريالات وكرتون الماء أبو قنينة بلاستيكية صغيرة بدلا من ريال صار بخمسة ريالات والسوق مشتعل والتجار حجتهم في هذا الغلاء المفاجىء لأسعار السلع الاستهلاكية هي الحرب .. كل يلقي بالتبعة على الحرب .. الحرب .. الحرب .. لعنة الله على هذه الحرب !!
ولا تمضي دقائق على حديث جارنا هذا إلا ونرى باص المدرسة آتيا ويقف في ساحة الحارة وينزل الطلاب والطالبات الصغار بحقائبهم مهرولين فرحين : ما شيء دراسة .. قالوا لنا ارجعوا بيوتكم .. سمعنا طائرة حربية تحلق وقد رجت المدرسة بصوتها المخيف وهي تطير على علو منخفض وشعرنا بالخوف وفورا تمت إعادتنا إلى حوائرنا وبيوتنا .. يعني ماكو دراسة إلى أن تخلص ذي الحرب .. وبدلا من أن يذهبوا ويندسون داخل بيوت أهاليهم تراهم يخلعون ثيابهم المدرسية الرسمية ويلبسون ملابس الرياضة ويذهبون للعب الكرة في ملعب الحارة الترابي وهم سعداء والدنيا طيبة ولا شيء يقلقهم أو يشغل بالهم لا حروب ولا سياسة ولا قال ولا قيل ههههههه بينما لا شغل لجارات الحارة إلا حديث الحرب وإشاعاتها وواحدة منهن على مدار الوقت : الله يسلم ولدي .. الله يحفظه .. الله ينصره .. الله يعوده سالم غانم .. حطوه في الجبهة الأمامية وكل يوم يرسل لنا صور ومقاطع من معاركه .. وترد عليها الجارة الثانية بخبر أقوى وأكثر لفتا وإثارة : أنا أيضا ولدي كادت طائرته بالأمس أن تصاب بصاروخ حوثي لكن ولدي طيار ماهر وشجاع قدر أن ينعطف عن الصاروخ ويحول إنعطافه إلى ( هجمة مرتدة ) وتضحك جارة تستمع إليها بتركيز وهي تعرف طبيعتها وتقول : مويز من وين ولدك دخل ذي الحرب ؟؟ .. أحيده متقاعد من عشر سنين ومن يومين كان واقف يسلم علي بالمستشفى كان يعالج حسب كلامه من إلتهاب بعيونه وتضج جلسة الجارات بالضحك بينما الجارة مويز انكمشت في هالة كثيفة من الصمت والخجل وهي تردد في نفسها بغيظ لا يخلو من ضحك مكتوم أيضا : حسبي الله عليش يا جويخ .. ما شيء ما منتبهة له هههههه
لا تقتصر إشاعات هذه الحرب على وكالة قالوا الحارة بل تتعداها إلى ما هو أكثر إتساعا وتكثيفا وتعقيدا حيث وسائل التواصل الاجتماعي لتصل إلى جلسات مشحونة من السباب والشتائم المتبادلة هذا غير المقالات اليومية الساخنة والمحتقنة في مواقع النت والتواصل أيضا .. الحياة اليومية تغيرت أجوائها فجأة .. الكل في حالة ترقب وقلق وتلهف بآخر الأخبار وخصوصا أخبار جنودنا في الجبهة .. وفي الدوامات لا حديث للموظفين إلا حديث هذه الحرب الملعونة التي لا تخلو طبعا من بهارات مبالغاتهم شأنهم شأن مويز حارتنا وولدها الطيار أبو عيون ملتهبة .. وأحيانا في بعض الأيام بعض الموظفين لا يداوم بحجة أن أحد أقاربه قتل في الحرب وهو لا قتل ولا يحزنون فقط إستغلال لوضع من أجل الهروب من الدوام والاستمتاع بنومة نهارية كاملة ههههه
وفجأة أصرخ مذعورا وأنا أقفز من سريري مستيقظا ..
لقد كان كابوسا مرعبا لم تهدأ معه نفسي إلا حين وجدت أمي تقف عند رأسي بكل حنانها وملائكية وجهها وحكيت لها مشاهد هذا الحلم المفزع فضحكت وهي تناولني كأس الماء وتقول لي :
ـــ ضع وطنك في قلبك كتعويذة واهزأ بالأحـلام ..
قلت وقد هدأت نفسي وأنفاسي لسماعي منها هذا الكلمات الأقرب للشعر العذب:
ـــ في قلبي يا أمي هذا الوطن التعويذة
قالت بصوت الواثق من أبنائه :
ــــ إبق التعويذة ضمن النبض
أجبت :
ــــ لها كل القلب وكل النبض يا غاليتي !!
بقلمي ونبض قلبي / ســــعيد مصـبح الغــافـري
تنبيه هام :
مشاهد وأجواء النص تخيلية ولا علاقة لها بالواقع طبعا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
جـولـيـت في تـلَّ أبـيـب !! 26-08-2016
جـولـيـت في تـلَّ أبـيـب !!
قصة قصيرة بقلم سعيد مصبح الغافري :
كانت هذه هي المرة الثالثة والأخيرة التي أرى وألتقي فيها بالبطلة المناضلة الرفيقة ( أمـيرة عارب ) في تـل أبـيـب . في مهمتنا الجـديـدة المسماة حـركـيـا ( جوليت ) بدت لي هذه المرة فتاة مختلفة غير التي عرفتها ورافقتني في بعض العمليات داخل إسرائيل . كانت ترتدي بنطرولا أزرقا فاتح الزرقة من نوع جينز ببلوزة بيضاء شبه مفتوحة الصدر وشعر أسود طويل سرحته فصار أمام الرائي أشبه بشلال أسود ناعم منسكب في نهار صباحي دافىء .. كان وجهها الحنطي جميلا وجذابا تزينه أجمل شفتين مبهرتين بروج أحمر وعلى العينين نظارة شمسية أنيقة والقدمين بحذاء ذي كعب عالي يطقطق برنين عذب على الرصيف القرميدي وبوقع هادىء متناسق !! رباه !! أهذه أميرة عارب البطلة العربية المناضلة سليلة دلال سعيد المغربي وجميلة بوحريد وبقية قامات الفخر القومي المشرف المسطر على جبين التاريخ بأحرف من نور ؟! أهذه رفيقتي التي كانت بجواري في عمليات ( دفع الثمن ) و ( دم . دم ) و ( جلنار ) وغيرها الكثير ؟! أهذه أميرة عارب ذات الشعر الثائر كروحها الهادرة والوجه الذي غبرته المعارك و التي لم تعرف من الحياة إلا الكلاشينكوف والرصاص وصراخ الدم والموت ودخان المعرك تظهر أمامي بكل هذه الأناقة والنعومة ؟!
بدت بتلك الهيئة المنفرة والمقززة بوسط ذلك الشارع كائنا من كوكب آخر .. إنسانة غريبة لا يكاد من يعرف أميرة عارب من رفاقها يصدق أن هذه الواقفة هناك وكأنها ممثلة أو مغنية أو عارضة هي عينها أميرة عارب التي ( عن سبعة رجال ) كما يسمونها دائما وهم واثقون من مصداقية التسمية وجدارتها ولياقتها بها .. رباه !!
كانت واقفة هناك كعمود من نور فوق رصيف ذات نهار صباحي الوجه به بعض بقايا من عطر الفجر الراحل قبل سويعات عنا .. اه يا يافا .. عطر برتقالك يلف نديا كل حواسي ويحفز لكتابة شيء عبقي الأحرف والكلمات .. أي شيء عنك وفيك !!
دنوت منها بعد خطوات مشيتها صوبها على ذلك الرصيف الفارغ .. فاجأتني حين أدارت لي رأسها ناظرة إلي بذهول .. حالا قرأت أول سطر كلام في عينيها العسليتين الصافيتين بعد أن رفعت نظارتها الشمسية أعلى جبهتها .. يا للفارق الكبير بين مرآها وهي شبه بعيدة ومرآها الآن وهي أمامي ولا يفصلنا عن بعضنا بعضا إلا متر واحد فقط .. تبادلنا تحايا الصباح بابتسامة رائقة وكمن لا ينسى ما اعتاد عليه قلت وأنا أنظرها بحنان كبير :
ـــ لا إله إلا الله ..
وأكملت كمن يربط عقدا مقدسا بين قلبين :
ـــ محمد رسول الله ..
ولزمنا الصمت وأعيننا موجهة صوب الشارع .. بين الصمت وتلك النظرة المتوحدة الاتجاه مرقت صوبنا سيارة أجرة فأوقفتها وقلت للسائق :
ـــ فندق دانيل هوتيل من فضلك ..
ركبنا .. أنا وهي ونحن غارقان في صمت واحد والسائق يصغي عبر الراديو لنشيد ( هاتيكفاه ) .. ذاك النشيد اللعين الذي منذ صغري وأنا أكره جدا سماعه .. تحملته بصمت مكظوم وأنا أقول في قرارة نفسي بسخرية متهكمة :
ـــ ولا يهمك .. صبراً .. صبراً .. ستسمع اليوم أجمل ( هاتيكفاه ) بعون الله !!
بعد مسافة خمسة كيلو مترات كان التاكسي يقف مباشرة أمام فندق دانيل هوتيل .. بادرت فورا بدفع أجرة التوصيل عني وعنها ولم تبد هي أي إعتراض أو تعليق .. لا وقت الآن لمثل هذه المجاملات .. نزلت بعد أن شكرتني بحرارة وهي سعيدة بهذه الرفقة القصيرة جدا في المكان والطويلة جدا جدا في الشعور .. حملت حقيبة اليد ذات اللون البيج ودخلت الفندق وأنا أتابع سيرها ولم أنتبه للوقت الذي مر ولا للسائق الذي استغرب من عدم نزولي معها فسألني فجأة مستفسرا وفي صوته تذمر خفي :
ـــ هل ستنزل سيدي ؟! أم نواصل ؟!
تنبهت لصوته وقلت بنبرة هادئة :
ـــ لا . إنتظر قليلا وسأدفع لك ثمن الإنتظار أيا كانت مدته ..
بشراهته اليهودية رد موافقا على الفور وهو يستعين بالصبر وعلى وجهه إستغراب وربما ارتياب أيضا :
ـــ حسنا . كما تحب ..
بقيت مسمرا عيناي في بوابة مدخل الفندق بكل انتباه ويقظة بينما السائق غرق في بحر هاتفه النقال ودخل عوالمه الخاصة لدرجة خيل إلي أنه غير موجود .. بعد ربع ساعة رأيتها تخرج من نفس مدخل الفندق .. تنحنح السائق ناظرا لساعة يده كمن أفاق من غيبوبة أو نومة عميقة .. نظرني بصبر يوشك أن ينفد وقد تلون وجهه وصار محتقنا مليئا بالأسئلة التي أكاد أقرأ محتواها بوضوح لكني لزمت الصمت غير آبه به ولا بما يعتمل الآن في نفسه .. لمحته ينظر معي إلى تلك الفتاة الحسناء ذات الشعر الطويل الخارجة من الفندق .. قلت له آمرا :
ـــ من فضلك .. إضغط على بوق السيارة الآن ..
وبدت نظرته بلهاء وهو يسمعني أطلب منه هذا الطلب الغريب .. لكنه وبشكل مازوخي أسرع وضغط ثلاث ضغطات على بوق السيارة فانتبهت الفتاة إلى صوت بوق التاكسي وهرولت صوبنا بعدما رأتني وتيقنت من ملامحي .. ركبت في المقعد الخلفي في اللحظة التي قلت أنا للسائق :
ـــ إلى مطعم شالوم عاز ..
أخيرا قال السائق وهو يتنفس الصعداء ويشغل السيارة :
ـــ حاضر سيدي ولا يهمك ..
أرادت أن تقول شيئا فقلت مقاطعا :
ـــ سنتناول إفطار صباحنا هناك .. لا تعليق ..
وصلنا مطعم شالوم عاز .. عند طاولة منزوية هناك جلسنا لوحدينا ، ودون أي كلام ؛ أكلنا بسرعة ما طلبنا من وجبة ثم خرجنا .. قلت لها هامسا :
ـــ سنذهب إلى بيتي .. ليس بعيدا من هنا .. مسافة خطوات .. هيا بنا ..
ووافقتني .. الواقع لم يكن ثمة بيت بمعنى بيت أملكه هنا في هذه المدينة بل حجرة صغيرة جدا استأجرتها .. حجرة عزوبية صغيرة مع حمام وسرير صغير للنوم ودولاب ملابس ومقعد .. هذا كل البيت !!
داخل الحجرة المغلقة كنت أنا جالسا على طرف السرير أما هي فجلست قريبا مني على ذلك المقعد الوحيد الموجود بالحجرة .. كانت منذ غادرنا المطعم ومنذ دخلنا الحجرة ساهمة وهي لا تكف عن النظر إلى ساعة يدها كل حين وحاجباها مقطبان .. كان القلق ينتش قلبها نتشا أي نتش !!
ـــ إهدئي صديقتي .. هل تم كل شيء حسب التخطيط ؟
سألتها بلهفة مستفتحا معها سيل أسئلة سريعة مهمة فردت بثقة :
ـــ نعم سيدي .. خدرته .. بعد نصف ساعة لن يكون في الدنيا .. حتى أنني خرجت وقد أوصدت عليه باب الحجرة بالمفتاح ..
قلت بحماس :
ـــ جميل . جميل جدا .. والقنبلة .. هل تم توقيتها بشكل مضبوط وصحيح ؟
أجابت :
ـــ نعم .. ماذا تـنـتـظـر ؟! لـنغادر تل أبيب فوراً ..
سألتها متمهلا وأنا أنظر لساعة يدي وأقدر الوقت الكافي فعلا للمغادرة :
ـــ هل رآك أحد وأنت تدخلين الغرفة ؟
ردت بنفس نبرة الثقة :
ـــ لم ألمح أحدا .. كان الممر وقتها لحسن الحظ خاليا من المارة وكل شيء تم على خير ما يرام .. ننتظر فقط النتيجة ..
وصمتت ثم قالت بقرف :
ـــ اااخ . يا للوقح !!
ضحكت وأنا أرى قرف وجهها وعينيها :
ـــ ما بك ؟! هل عضك هذا الكلب ؟!
قالت وهي تبصق لعابا من فيها على ورقة محارم صغيرة كانت في يدها :
ـــ حاول .. لكني تفاديت العضة بذكاء .. إن لحمي ــ كما تعلم ــ مر المذاق ..
وأطلقت ضحكة خفيفة عذبة شاركتها فيها .. واستدركت تقول وهي تخرج شيئا من جيب بنطرولها الجينز وتناولني إياه :
ـــ هاك ..
تناولت هذا الشيء متفحصا .. كانت ورقة مطوية بشكل مربعي .. بدت عادية لكني ما كدت أفتحها حتى قلت بذهول وقد جحظت عيناي :
ـــ أوووه . يا إلهي !! أرى هنا أرقاما وحروفا وإيميلات وأسماء !!
أكدت موضحة بنشوة منتصر غانم :
ـــ هذه أرقام هواتف وعناوين الكترونية مهمة جدا تخص حاسوبه وحساباته النتية .. عثرت عليها في محفظته إحتفظ بها ستنفعنا في مهمات ما فلا تضيعها .. نسخة منها لدي قمت بتصويرها ..
أجبت وأنا أتناول منها الورقة كمن يستلم غنيمة حرب :
ـــ حسنا .. هذا جيد ..
عادت تقول بامتنان كبير بعد هنيهة صمت بيننا :
ـــ شكرا لك سيدي على اهتمامك .. أنا آسفة .. لقد أتعبتك معي ..
قلت مبتسما :
ـــ لا تشكريني أرجوك .. نحن إخوة ورفاق في النضال ..
بعد نصف ساعة كانت الطائرة التي أقلتنا في رحلة خروجنا قد غادرت مطار بن جوريون متجهة إلى أنقرة ومن أنقرة سنسافر معا إلى مكان آخر مجهول لا نود الافصاح عنه .. بعد هذا التوقيت بالضبط كانت وسائل الاعلام بالعالم كله تضج في خبر عاجل بوقوع انفجار مدوي في فندق دان هوتيل وضابط برتبة عقيد يدعى راعيم شاح بين القتلى .. الدمار هائل .. راعيم شاح هذا هو نفسه المجرم الحقير قائد الفرقة التي ارتكبت أفظع مذبحة بحق أهالي قرية المناضلة أميرة عارب .. أميرة عارب التي فقدت كل أسرتها في تلك المذبحة الرهيبة .. هاهي توفي بنذرها وتقتص من قاتل والديها وأخوتها وأهالي قريتها .. في الطائرة التي أقلتنا معا كانت بجواري في المقعدين اللذين كنا جلسنا عليهما في تلك الرحلة .. لم نبد أي إنفعال أو حركة أو حتى صوت .. عبر الفرح الصامت كنت أضغط بيدها مهنئا لها على عمليتها الناجحة .. نظرتني بعينين مغرورقتين بالدمع .. كنت أقرأ ما في هذا الدمع من فرح تخالطت معه صور أسرتها وبقية ضحايا قريتها الوادعة وقد تناثرت جثثهم بدمها الزكي في كل مكان .. ربت على يدها بصمت وعيناي تتابعان عبر شاشة تلفاز الطائرة نبأ العملية ومقتل ذلك اللعين فيها .. كنا فخوران بما قمنا به من واجب وكانت على الدرب القادم مهمات أخرى تنتظرنا ووطنا يستئن فجرا سعيدا وبشرى لخلاص قادم يستحثه صهيل الكفاح والنضال ..
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
رمـادُ إِمــرأة !! 17-02-2017
رمـادُ إِمــرأة !!
http://static.lahamag.com/attachment...ticleLarge.jpg
قصة قصيرة بقلم/ سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
@ وراءَ كـل ألـمٍ عظيمٍ ألـمٌ أعـظـم !!
عشت حياتي ذات اللون الأصفر محرومة من كل حب .. لا قبل زواجي عرفت الحب ، ولا بعد زواجي بذاك الأحمق البليد المشاعر عرفت الحب أو الدفء ، وعلى النحو الذي تستشعره الروح ويستدفئه القلب وتنتظره طقات الوقت مترافقة مع اللهفة وظمأ الانتظار .. حتى ذلك الانسان الذي رأيته لأول مرة وبلمحة سريعة في بيت صديقتي التي هي أخته و خفق له القلب دون أن ألتقيه أو أسمع صوته خطفه الموت بشكل عاجل في حادث سير في نفس اليوم الذي أمَّـلـت قلبي كثيرا أن ألتقيه وأتعرف عليه فيه ولو بحديث عـابر بـريء مقتضب الكلمات أو البسمات .. وكان ختام هذا الحرمان الممتد بدرب العمر مرضا بالسرطان ، قَـبِـلَ أن يضم نهداي اللذان لم تمر على براريهما العذراء قبلة ولا أنفاس حرى ولا أية أشواق ، رغم الثلاثين عاما على زواجي ، قَـبِـلَ هذا الوحش الآتي متسللا خفية والمتستر بخبث مخالبه أن يستوطنهما ، ممتصا بمحبة عنيفة وعـشـق وحشي غريب كل خلاياهما ونسيجهما ، في عناق طويل طويل ، لا يضجر ولا يتعب ولا تهدأ نوبات جنونه ومتاعب آلام إبره وأدويته ليل نهار !!
لأول مرة بحياتي أعيش حبا شبقيا نهما لا يشبع من جسدي أبدأ !! حتى الأمراض تعشق ولها في العشق طرائقها!!
في عصريات قـهـوتـنـا المصبوبة في فناجـيـن ثـرثـرتـنـا وفـراغـنا اليومي الشـاسـع ذي اللون الواحد ؛ كنت أغـار كثيرا من صديقاتي وهن يروين لنا قصصهن في الحب ، و ( أسماء ) أكثر من تشدني قصصها ، وهي تقول كاشفة لنا بجرأة وقحة عن سر وجهها المتورد شبابا وسعادة وراحة وصحة وعافية ، رغم أنها قابت قوسين من الخمسين :
ـــ بالليل عند احتدامات الرغبة وسعار الأشواق ؛ يستفتح زوجي الرومانسي جدا رحلة مباهجه مع أنوثة جسدي من هاتين القبتين العاجيتين بصدري والأشبه بضياء منصوب على شرفة ليل حالم ، محاط بغيمة موسيقى ناعمة اللمسات كأصابعه الحنونة المضمخة بالعشق .. دوما بعد طقس القبلة العابرة بنارها الهادئة و نسمات عبيرها - دوما عـوَّدني أن يهبط من هنا بشلال شفتيه ؛ نزولا متمهلا متأنيا لا عجلة فيه ، لذيذا ومخدرا ينتهي كجمرة متوهجة حمراء تسقط في ضياء صدري ليتركني بعدها شمعة مشتعلة تذوب بعذاب ناره ، ولها توق ظامىء لا يقو على الصبر كثيرا .. عجيب أمر هذا الحب ؛ فهو الشيء الوحيد الذي كلما سقط جمره الملتهب في نهر الأنوثة لم ينطفىء أبدا بل يزداد أوارا !!
كنت أسمع قصص صديقتي ( أسماء ) هذه فتعبرني رعشة حزن وأنا اتحسس في حسرة صحراء صدري القاحلة الملفوفة بكفن العتمة والبؤس ، وأخيرا بذاك السرطان العاشق الذي لا أعرف كيف ومن أين أتى ومتى كان كل هذا .. أين تراه رآني لأول مرة ؟! وماذا شده في كي يعشقني كل هذا العشق ويركض خلفي بكل هذا الجنون الضافر ؟!
زوجي منذ عرفته فصل باهت لا يتغير كباقي الفصول ، اتأمله بحنق مخنوق وقد أعطاني ظهر قفاه المتصنم .. هو ذا في نومه ؛ أشبه بجيفة نافقة .. نائم بكل شخيره المزعج بعد أن أفرغ سم رعشته البلهاء في جوفي الأخرس المنطفىء على الدوام .. لسنين ظللت لا ألقى منه إلا جوعه الشبقي الأهوج ذاك .. لا حضن .. لا قبلات .. لا همسات .. لا لمسات أصابع ممكن أن يشعل كبريتها - لو أتقن لغة الأصابع - كل مواطن جسدي .. إلى أن يئست ؛ كم حاولت مرارا تعليمه أبجدية الجسد وثقافة الجسد ، فيجأر بصوته البهيمي الأمي هازئا وهو يلقيني أرضا كالذبيحة :
ـــ نامي ...
وأنـام .. أنـام له ، مستسلمة كالدمية بجسدٍ فقد حتى لذة التمدد والاضطجاع ، وفـمٍ صامت وعينين تعودت أن أغمضهما فـوراً ، لا شـوقـا منتظرا مراودته بكل حـرارة ( هَـيْـتَ لك ) بل هـربا من مرآه المقرف ولـسـع شـنـبه القاسي الناتىء الشعيرات ولهاث كهولته التي فقدت شبابها و عنفوانها الأخضر ، لا شيء يلمسني من جسده الأبله المتصنن إلا أبجدية الثلج و الحجر والرائحة الكريهة الممزوجة بملح نهار كامل قضاه تحت عرق الشمس دون طشة ماء ولو عابرة يتصدق بها على جسده !!
في ذاك الفراش البارد برودة أيامي ؛ لا أشعر بأي شيء ولا أشم أي شيء ولا أشتاق أي شيء معه .. وصلت إلى مرحلة الـزهـد بعد أن فقدت كل شيء : صحتي . شبابي . أحلامي .. إمرأة ميتة أنا ، تتمدد عند الجوع اللحظوي - جوعه - على نعش بارد لـرجل شرقي أنـانـي جاهل و أغبر بحجم مقبرة !!
آه لو يعرف زوجي إلى أي دمار أوصل عمري بعد هذه السنين العجاف التي عشتها ومازلت أعيشها في غياهب صقيع مشاعره إلى أن صرت كما ترون ؛ شبحا أصفر ، ذهب منه كل بريقه وسحره ووهجه ، ولا ينتظر إلا ساعته الأخيرة تدق على باب رحيله الحزين الصامت !!
https://scontent-sin6-1.xx.fbcdn.net...de&oe=592C54F6
أطالعني في مرآة فجيعتي ؛ كائن شاحب هزيل ، ناتىء العظام ، و من دون ملامح إلا ملامح الموت .. مجرد قطعة صدئة معطوبة وباردة وبلا أي حرارة سوى إحساس الثلج الذي يلفني بكفنه الأبيض كميتة فقدت حتى رغبتها في الحب ولو لدقيقة مع رجل .. نهداي الضامران في ليل انزواءات النحيب الصامت يبكيان ألما وحسرة ..
جسدي ميت ، والأكثر موتا فيه تلك الرغبة .. الرغبة التي تحولت أخيرا إلى رماد داكن ، منثور على صفحة متاعبي اليومية وحزني ومرضي ، ذاك العاشق الأول والأخير الذي اعترض طريق حياتي ، ولازمني كمفارقة قدرية ساخرة أجبرتني أن أرضخ لحقيقة وجود هذا الكائن المُميت في جسدي وفي هذه البقية الباقية لي من الحياة .. إن كان ثمة حياة !!
تأخر الحب بمسافات بعيدة ، حتى نسي المرور بقطاره على محطة عمري ولن أنتظره أكثر مما انتظرته .. لـن أنتظره ؛ فـلـن يأتي .. لـن يأتي أبداً !!
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
الحُـــبُّ يَـغــرقُ مــرتـيـن !!20-04-2017,
الحُـــبُّ يَـغــرقُ مــرتـيـن !!
قصة قصيرة بقلم / سعيد مصبح الغافري
الموج الأزرق في عينيك
يناديني
نحو
الأعمق
وأنا ما عندي تجربة
في الحب ولا عندي زورق
...................
...............
.........
حدث هذا عام 2010م وقبل أشهر بسيطة من انفجار جحيم الخريف العربي المشؤوم الذي اكتوت بلادها وبلدانا أخرى بنار حروبه ودماره ومآسيه !!
http://up.omaniaa.co/do.php?img=10102
في بيت أسرتها الهانئ . في ذلك العش الوادع المحاط بالحب و الفرح والدفء والهدوء والأمان والمعرش بالياسمين . في تلك المدينة الجميلة كانت تعيش أسعد أيام عمرها مع أجمل إنسان تعثر به قلبها صدفة في شارع ذات صباح .. لم تتوقع أن تتحول تلك الإرباكة الأولى في أول نظرة تلاقت فيها أعينهما إلى حب حقيقي تأكدت جديته على الأرض بعد شهرين تماما من علاقتهما حين أتى بكل خطا حبه ورجولة صدقه وطرق باب أسرتها يطلب يدها .. تلك المفاجأة التي بقدر ما أسعدتها وأدهشتها بقدر ما جعلتها تتمسك به وتحبه أكثر وأكثر ..
إني أتنفس تحت الماء
إني أغرق ..
أغرق ...
أغرق ......
ـــ الله يسامحك يا حليم .. تعال أنظرنا الآن نحن العشاق .. إنا نغرق . نغرق . نغرق !!
قالت بانثمال و صوت تلك الأغنية يملأ البيت وهي متسلطنة معها وغارقة في بحر كلماتها بكل أحاسيسها ومزاجها الرائق ..
كان يفترض أن تكون اليوم ذاهبة إلى دوامها .. لكنها لم تذهب .. اليوم هي وزملاءها مضربون عن العمل بسبب الأوضاع السيئة التي لم تتحسن بعد في شركتهم ..
وقتئذ لم يكن أحدا بالبيت سواها ؛ الكل ذهب إلى عمله و مشاويره .. أختها الطبيبة ذهبت إلى مستشفاها ولن تعود إلا ظهرا وأخوها المهندس ذهب هو الآخر إلى شركته ولن يرجع كعادته إلا بالمساء .. أما والداها وجدتها لأبيها فقد ذهبوا اليوم معا و منذ الصباح الباكر لزيارة جارهم الذي انتقل وأسرته الصغيرة منذ شهر إلى المدينة الجديدة التي تبعد من هنا مسافة نصف ساعة .. المدينة التي ستلقى فيها هذه الأسرة بكاملها حتفها المأساوي الأم والأب وابنتهما الوحيدة قمر .. قمر تلك الطفلة الجميلة المليئة براءة وطفولة والتي رزقا بها أخيرا بعد عشر سنوات قضياها دون يأس في صراع طويل مع العلاج والمحاولات لينتهي كل هذا بغمضة عين في أول قصف أعمى لمدينتهم الجديدة التي انتقلوا إليها دون أن يعلموا أنها ستكون أول مدينة سيبدأ فيها ذاك الخريف الدامي أول رقصات الموت والعبث .. كانت هذه آخر مرة يلتقون فيها بهذه الأسرة الجارة وآخر مرة يرونها فيها و سبحانك ربي .. للأقدار تصاريف لا يعلمها إلا الله !!
لم ترافقهم رغم إلحاحهم عليها بذلك .. كان هناك شيئا أهم من هذه السفرية ولذلك حرصت أن تبقى في البيت .
ما أروعه من يوم وما أجملها من فرصة !!
ـــ لنعيش الحب !!
صرخت قافزة برشاقة قوامها في الهواء بفرح عارم ثم انقضت على هاتفها النقال ونقرت بإصبعها على رقم خاص أوصلها فورا إلى الحب ..
تقرب سماعة الهاتف من المسجل حيث حليم مازال يصدح برائعته .. تتعمد وهي مبتسمة أن تسمعه ذلك المقطع الذي يحبه ويحب دوما عندما يلتقيان أن يغنيه ويدندنه لها وعيناه مركزتان في عينيها الجميلتين الأشبه بالبحر .. كلاهما يعشق أغاني حليم .. تغلق المسجل .. يهدأ البيت فجأة، فتنسحب إليه بصوتها المليء رقة و أنوثة وحبا .. تحادثه .. تأتيها ضحكته الحلوة الرنانة وهو يقول لها :
ـــ أقسم أنت ساحرة !!
تضحك متسائلة في دهشة حماسية :
ـــ حقا ؟! كيف ذاك ؟!
يجيبها باعتراف عفوي وبقايا ضحكته على شفتيه :
ـــ قبل قليل كنت أنا أيضا أسمع لحليم ولنفس هذه الأغنية بالضبط !!
تضحك في سعادة ولضحكتها رنين عذب وتجيبه :
ـــ خطير جدا هذا البحر . آه من يغرق فيه !!
يجيب باندفاع العاشق :
ـــ عيناك أجمل بحر أحب أن أغرق فيه بكل روحي !!
تسبل رموشها ذائبة في بحر حديثه الشهي هذا .. كم تحبه وكم تعشق فيه هذه الروح الفنانة التي تمتزج فيها كل ألوان جماله الداخلي المنعكس على مشاعره وعلى أجمل ما يرسم من لوحات !!
الموج الأزرق في عينيك
يناديني نحو الأعمق
وأنا ما عندي تجربة
في الحب ولا عندي زورق
إني أتنفس تحت الماء
إني اغرق ..
أغرق ...
أغرق ....
http://i2.wp.com/azamil.com/wp-conte...?fit=448%2C282
ـــ يا لسخرية القدر حين يكون على هذا النحو الغريب من التناقض .. غرق يوهبك الحياة وآخر يهديك الفقد !!
يرسم على شفتيه إبتسامة تهكمية ساخرة لا تخلو من مرارة روحه الطافحة بالحزن والألم .. في قلب وحدته وغربته القاتمة وحيدا إلا منها .. هو ذا .. في نشيج بكائه ذاك يسترجع الذكرى السادسة ليوم غرقها في البحر والذي يصادف تاريخه في هذا اليوم .. ست سنوات مضت على هذا الرحيل المفجع .. ست سنوات عجاف والقلب يعيش يبابا لم تخضر صحاريه ولم تتفجر أنهاره الناضبة أبدا منذ يوم فقدها .. منذ فقدها أحس أنه فقد كل شيء .. فقد الأهل .. الأصحاب .. الأحباب .. الضحك .. الفرح .. الانس .. الأمان .. فقد أجمل ما فقد .. فقد وطنا جميلا .. وطنا يسمى الياسمين !!
@ @ @
كانوا على متن هروب مبحر نحو الشمال ، وفي نصف أميال تبقت من رحلتهم المنكودة المحفوفة بالخوف والجوع والبرد والظلام الدامس وصراع اليأس والأمل ؛ في هذا النصف المتبقي من القدر الضبابي الغامض وقبل أن يصلوا إلى بر الحلم الباريسي المرسوم بألوان اللهفة والشوق ؛ تغير مزاج البحر فجأة . زمجرت أمواجه الهُـوُج وهبت رياحه قوية عاتية وذات صفير مشؤوم ، وتعاون الموج مع الريح . حاصرا الزورق وراحا يضربانه ويرجانه بقسوة من كل إتجاه وهما يصران إلا أن يقلبانه و يسحبانه بأرواحه التي تتشبث به إلى الأعماق السحيقة المظلمة .. فوقهم ؛ كانت السماء مسودة بغيومها والقر يعض ويقرص أجسادهم المرتجفة بلا رحمة .
طار نورس الحلم الوردي الذي رافقهم . اختفى في ليل الصراخ والرعب والموت المكشر لهم بأنيابه من كل صوب . وهم لم يعد يهمهم في خضم هذا الهول لا أحلام ولا أمنيات ولا أي شيء إلا النجاة بأرواحهم .
ـــ يا الله . أينك ؟!
يتضرع أحدهم مستنجدا بذلة وصليبه يترنح على صدره ولا يكاد يستقر كمن أصيب بدوار البحر ، وعيناه في السماء التي امتلأت برقص البروق وقهقهة الرعد الهازىء ، بجواره فتاة هادئة تقرأ المعوذات والكرسي وتدعو الله بعينين تائهتين مذعورتين لكن في صمت متماسك . البرق بين حين وآخر يضيء وجهها ويطفئه . كانت شابة جميلة تبدو في العشرين . عيناها في البرق تبدوان أكثر روعة وألقا وشعرها فاحم غزير ، لكنه مبلل بالمطر ومعصوف بالريح .
وصل الماء بقاع الزورق حتى أعلى كواحل أقدامهم ليزيد الأمر سوءا فوق سوء وراح ثلاثة منهم يحاولون بأكفهم وقبعات رؤوسهم تفريغ الزورق منه في صراع عنيد مع المطر ، لكن المطر فوقهم كان غزيرا ، كأنه ألف خزان انفتحت بحنفياتها الواسعة وراحت تنهمر عليهم بمائها . لكأن السماء تستبق في تغسيلهم وتجهيزهم للقبر الواسع الذي ينتظرهم بالأسفل .
بعد سويعة غضب كان الجو قد هدأ وتلك الديمة المجنونة ولت بعيدا تاركة السماء لحالها ، صافية تزينها النجوم التي ظهرت كثيرة وساحرة بروعة بريقها . والبحر هو الآخر لزم السكون ؛ السكون المجرم البارد الذي لايأبه منذ خلق بضحاياه الذين يبتلعهم بمزاج نزوته الشريرة . هاهم أولاء التعساء متناثرون الآن بكل همودهم الأبدي في قاعه بجوار زورقهم المتمدد ميتا هو الآخر على وجهه .
في الصباح قذف الموج بحقيبة يد صغيرة ورماها على الشاطيء . صادفها شاب ينتعل حذاء مهترئا مبتلا بالماء . فتحها بفضول مستكشف . أخرج منها أشياءها البسيطة ؛ روج . مرآة صغيرة بحجم كف اليد . قارورة عطر . شريط كاسيت . وصورة .. صورة لفتاة جميلة ذات عينين خضراوين وفم مبهر يشبه الورد وشعر طويل تجاوز في إنحداره المذهل حدود الردف .
وزاغ بصره متفاجئا . نظر في هلع وصدمة جهة البحر . ركل الموج بغضب . لعن الظروف . سب . شتم ، ثم انهار في نوبة بكاء وفجيعة غمرت بدموعها السخينة كل وجهه المصدوم .
ـــ حتى أنت يا بحر !! حتى أنت !! حتى أنت !!
كانت تلك صورة حبيبته التي لحقت به من أرض الجحيم لكن القدر الأسود خطفها منه وهي على وشك الوصول .
في معرضه البسيط الذي أقامه بمساعدة أصدقاء له من جنسيات شتى مثقفين من الجنسين مغتربين مثله لكنهم يشبهونه في هواياتهم وأحلامهم وقصصهم الأليمة ؛ في هذا المعرض كانت اللوحة التي تزين صورة حبيبته الشهيدة التي رسمها بريشته تتربع مقدمة القاعة في برواز ذهبي جميل ، كان في الأصل صورة لمنظر طبيعي للبحر ، انتزعها بعدما بصق بكل كره على هذا البحر الذي فيها . البحر الذي خطف بغدر أغلى إنسانة بحياته . مزق الصورة ورمى بها من النافذة فتطايرت في الهواء بددا ثم ارتطمت بالأرض ، تاركة الأقدام العابرة تدوسها بلا اكتراث وكأنها تشاركه ألمه وعزاءه في مصابه .
أخذ اللوحة التي رسم فيها حبيبته الراحلة ووضعها بكل اعتزاز في البرواز الفارغ . هاقد صارت فيه الآن حياة وشيئا من جمال حي ينبض .
في المعرض تحوقل حول اللوحة وبتركيز ملفت عدد من الزائرين والمدعوين . لم يتوقع أن يكونوا بهذه الكثرة ونصفهم لا يعرفهم شخصيا ولم يلتق بهم إلا في النت ومواقع التواصل . وهم واقفون يتناقشون بلغتهم وذوقهم وانطباعاتهم لوحاته التي رسمها بريشة إبداعه وبالاخص تلك اللوحة التي جذبتهم وشدت أنظارهم وأرواحهم إليها فراحوا يتأملونها باهتمام كبير والإعجاب والانبهار واضحان على أعينهم ووجوههم المبتسمة في رضا . سيدة كانت ضمن الحضور أخذت رقم هاتفه وقالت وهي تودعه :
ـــ سأتصل بك في المساء ..
في المساء هاتفته ؛ في حديثها ود ودفء . بعد كلام في الفن والأدب والثقافة فاتحته بنبرة متحمسة وجادة في أمر اللوحة ورغبتها في شرائها منه بأي ثمن يقرره . وقع بين أمرين كلاهما مُر وقاس عليه : فقره المدقع وحاجته الماسة إلى المال من جهة وحبيبته المرسومة في لوحة يراها من أعز وأغلى مالديه من جهة ثانية . بأيهما سيضحي الآن ؟! هل بحبيبته التي جازفت وخاطرت من أجله وكان الثمن روحها ؟! أم بالفرصة الذهبية التي واتته الآن والتي يمكن بها أن يقضي على فقره وحرمانه وعوز الحاجة لديه ويمكن بها أيضأ أن يبني حياته بوضع أفضل ؟!
أرجأ الرد على السيدة إلى وقت آخر .
في الشقة التي يتقاسم سكناها مع رفاقه المغتربين كان يتناقش معهم أمر اللوحة وعرض البيع الذي قدمته تلك السيدة.
ـــ بعها وتخلص من متاعبك المادية.
ـــ أقنعها بشراء اللوحات الأخرى دون هذه اللوحة.
ـــ فكر بمهل ولاتستعجل في قرارك .اللوحة جميلة جدا وثمينة . أعتقد هي أروع مارسمت من لوحات حتى الآن !!
وفي المقهى مع صديقته الشاعرة التي تتقاطع معه في تشاركية الغربة والحرمان والحزن والوحدة وقلق الحاضر والمستقبل ..
ـــ محتار يا صديقتي ..
ـــ إسمع صوت قلبك .. ماذا يقول لك ؟!
ـــ قلبي يقول لي : لا تبع اللوحة !!
ـــ إذن لا تبعها .. القلب أصدق بوصلة في تيه الحيرة ..
ـــ أهذا رأيك صديقتي ؟!
ـــ أجل .. ولا تطل التفكير كثيرا .. إحسمه بقرار ..
ـــ مهلا . خطرت لي فكرة ..
ـــ قلها صديقي . أسمعك ..
ـــ ما رأيك لو رسمت لوحة جديدة ولكن في ألوان وأجواء وملامح أخرى ..
ـــ كأنك تقرأ عقلي .. كنت سأشير عليك بهذا المقترح كحل منقذ من الإحراج .. كم ستحتاج من الوقت ؟!
ـــ أسبوع بالكثير ..
ـــ إذن . أطلب من زبونتك مهلة أسبوع أو عشرة أيام للتفكير .. وريثما تنتهي من رسم هذه اللوحة وحتى لا يتشوش عقلك وتركيزك لا تطلعها بما انتويت عليه .. هل في رأسك تصور معين لها ؟
ـــ أكثر من فكرة بأكثر من لون !! ما هذا بشاغل بالي الآن ..
ـــ ماذا يشغل بالك ؟!
ـــ ماذا لو أصرت على شراء لوحة الحبيبة ؟!
ـــ أنت لست مجبرا على بيع لوحتك .. صب كل ألوان إبداعك وعبقريتك كفنان موهوب في هذا التحدي .. ستنصرف بعينها إلى العمل الجديد .. أنا متفائلة ..
ـــ آمل أن تحدث برمودا هنا ..
ـــ ستحدث .. الريشة تعرف كيف ترسم مثلثاتها ..
لم يرسم حبيبته كما توقعت زبونته ، بل رسمها هي وبشكل مبهر أجبرها أن تلغي فورا من رأسها فكرة شراء لوحته الأولى التي كانت في البدء متحمسة لشرائها .. لم يستلم منها يورو واحدا نظير لوحته التي رسمها فيها بكل إبداع وإتقان رغم أنها أصرت ان يستلم شيئا .. رفض ذلك و أهداها إياها عن رضا و حب وطيب خاطر وهو مبتسم وسعيد حقا أنها أعجبتها وأحبتها .. كم أراحته هذه النهاية السعيدة !!
https://pbs.twimg.com/profile_images...ge_400x400.jpg
يستلقي الآن على فراشه وهو يضم على صدره لوحته في حب وحنو وخوف وكأنه يضم حبيبته الفقيدة التي ما فتأ الشوق والحنين يعصفان به إليها عصفا أي عصف .. كانت ثمة دمعة تتدحرج ببطء على وجهه الكئيب الذي تسارعت عليه تجاعيد الزمن ومتاعب الحياة والغربة والهموم وكان فقد حبيبته تلك الخسارة الكبرى في حياته من أكثر الأشياء جسامة والتي عجلت في ذبول شبابه رغم عطاء ريشته الذي لم يتوقف ..
منهك الجسم بسبب تلك اللوحة التي ظل عاكفا على رسمها ليل نهار ولأسبوع كامل حتى أخذت كل وقته وأعصابه وكادت أن تنسيه صحته وعافيته و كل شيء يربطه بالحياة .. لكن إحتضان تلك اللوحة الغالية والأثيرة على قلبه أشعره بالراحة والدفء رغم تعبه الكثير ورغم حزنه الصامت الذي عاوده وانزاح على خديه دموعا غزيرة وفي قلبه ما هو أغزر .. الحنين ريح لا تنسى أبدا نافذة القلب ولا باب ذاكرته .. سنينا حاول أن ينسى المأساة وأن يهرب من الماضي الذي سبقها ولم يقدر .. فشلت ريشته وألوانه وألواح رسوماته ومعارضه التي يقيمها في هروبه من ماضيه وفي نسيان الإنسانة التي هي الجزء الأكثر طغيانا بحضورها في غالب أوقاته وأحواله ومشاعره وألوان ما يرسم ..
في عز إحتياجه الآن لإنسان يتنفس معه بقلبه إتصلت به .. شاعرته المغتربة .. أقرب شخص يرتاح إليه ويبثه شجونه ومتاعبه وأسرار قلبه ..
ـــ ................
ـــ بالبيت ..
ـــ ................
ـــ سأنتظرك صديقتي .. لا تتأخري ..
ـــ .......
ـــ أهلا وسهلا بك ..
وجاءته في نفس التوقيت الذي قالته .. نفس توقيت الإحتياج الذي إحتاجها فيه .. هي الأخرى كانت كعصفورة بائسة وحيدة مبللة بمطر الحزن وتبحث في وحشة غربتها الواسعة عن عش حنان وأمان ..
في غربة باريس يتناسل الحزن والحنين والتعب والوحدة والاحتياج الدائم للآخر .. أي آخر .. فقط يملك قلبا يمكن أن يسمعك .. يسمعك لا أكثر ولو للحظات عابرة بدروب البوح !!
هاقد التقيا .. في الموسيقى الهادئة التي اختارتها من هاتفها وقفا في جوهما النغمي الهادىء ذاك .. ضمها ..
ـــ كم أحتاجك يا صديقتي !!
ـــ أنا أكثر إحتياجا إليك بهذي الغربة !!
وبكت .. بل بكيا معا كما اعتادا دوما في أضاميم الحزن والدموع واحتياج الاختناق !!
ـــ محظوظ جدا من يلقى في غربته قلبا يسمعه ويهتم به !!
قال لها وهو يمسح شعرها بحنان فردت ورأسها راقدا على صدره والموسيقى تلفهما في غيمتها الوردية :
ـــ قدر من أحلى أقداري أنت !!
صباح اليوم التالي تحول حضن الأمس إلى أجمل شعر كتبته وقرأه العالم وفي الجهة الأخرى كان هو مايزال يحلق بألوان ريشته ويرسم في إتقان مذهل ذاك الحضن الدافىء الذي كانا فيه بالأمس والذي ستختاره هي لاحقا صورة لغلاف أول ديوان لها يولد في الغربة !!
--- تمت ---
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
في إنتظار قيامة لم تأتي 10-10-2017
قصة قصيرة بقلم سعيد مصبح الغافري
- أنتِ الآن هنا معي ، مختلطة برائحة اللذة !!
بشاعريته التي أحبها ؛ بادرني بالحديث فسألته بدهشة وقدسَـرَت في جسدي فجأة رعشة خفيفة غامضة ذات طعم حلو :
- أين" هنا " بالضبط ؟! إعترف ..
سكت بدون جواب شاف .. يعرف بسكوته كيف يثير بقلبي جمر النبض و كيف يحرض في غابات مشاعري حرائق اللهفة والتوق .. تحايلت عليه أسأله كمن يبحث عن مصباح في عتمة ليله :
- عن جد .. أين أنتَ الآن ؟!
- حيث أنتِ الآن !!
باغتني جوابه المشاغب الراقص برشاقة إيقاعه على أعصابي .. أهي صدفة - إذن - أن نتواطأ معا في المكان وعلى هذا النحو المريب من الوقت ؟!
شعرت كما لو أنه يراقبني من ثقب الباب المغلق الذي يتوارى خلفه كل صراخ حرماني ووحدتي واحتياجي ووهيج دموعي .. قلت بشوق وربما بمكر أو حيلة .. سَـمِّـهِ ما شئت :
- أنا الآن على ....
تعمدت أن لا أكمل .. تركت بقية صوتي المنقطع بابا مواربا له ولحدسه .. هو يعرف أين أنا الآن ويعرف أنني أظل طوال الوقت " جاهزة له " بكل شغفي وترقبي ، تماما مثل أجراس الطوارئ .. وحتما سوف يجيء .. هذا الرجل الذي يغمر أنوثتي ويشعرني بالإمتلاء سيأتي ..أكاد أجزم أنه قريب جدا من باب بيتي المفتوح له على الدوام .. يالي من إمرأة لا تمل ولا تتعب منه أبدا . ما ذنبي ؟! أحبه !!
http://up.omaniaa.co/do.php?img=12825
مرة ونحن في أجيج حضن صاخب صرخت وأنا أضمه بحرارة :
- إعتقني منك .. يا رجل . خمس سنوات ونحن على عناق !!
وكأن عاصفة إقتلعته ؛ إنزاح عني جانبا وألصق وجهه في النافذة المدثرة بالستارة .. فجأة صار كقط منكمش واجم منفوخ الوجه أو كشمعة انطفأت على إثر نسمة خفيفة مرت عليها .. لم أتصور أن هذه المداعبة التي داعبتها معه على بساطتها وعفويتها ستنقلب إلى جدية لديه ..
- تبا لك . ماذا دهاك يا أنت ؟! أنا أمزح . لم أقصد !!
قلت محاولة إسترضائه وأنا بين ضحك وابتسام وأصابعي تعزف قارصة ومدغدغة خاصرته المتمددة بجواري مثل عمود ضوء ..
- هل مللتِ مني؟!
سألني معاتبا في صوت خافت دون أن يتحرك شيء من جسده إلا شفتيه .. أجبت بحب :
- نعم . بدليل أنني أريدك كل العمر لي وحدي دون أي شريك آخر يشاركني فيك ..
صمت قليلا دون رد وعيناه مازالتا في النافذة ..
- أنت زعلت ؟!
سألت بخوف متفحص .. لم يرد .. تركني محتارة مع صمته .. أوشكت أقول شيئا لكني سَـكَـتُّ عندما رأيته يستدير ملتفتا إلي وهو يبتسم . أخيرا !! ها قد تراخت ملامح وجهه وزال منها ذلك التجهم المفاجىء والمزعج أيضا .. تناول يدي برفق .. نظرني بعينين لا تلتمع فيهما أية رغبة من تلك التي ينشدها أحيانا جوع الجسد بل نور هادىء شفيف يحتويني به بكل ما فيه من روح وصدق و حب وحنية وأمان .. قَـبَّـلَ كف يدي .. شم عطرها الناعم للحظات في وَلـَهٍ واضح .. يا ويلي .. أنا لا شيء يذيبني منه إلا هذه القبلة التي تلسع بجمرها أعمق أحاسيسي .. عاد نبضي يرتفع ودمي ينفر صاعدا وأنا أسمعه يهمس وعيناه مركزتان في عيني ..
- أحبك .. لا أتصور هذا الباقي من عمري بدونك .. أنا حب يرفض العتق من المحبوب !!
رفرفت رموش عيناي كجناحي عصفورة سعيدة بالمطر الذي يبلها .. إصاعدت مشاعري و لم يمهلني لقول شيء بل سحبني إليه .. أعادني مجددا إلى نفس نقطة البدء التي تشظى وتبعثر فيها كل كياني فيه ، و إلى ذات النار التي أشتهيها دائما معه .. يثيرني هذا العشب الرجولي الذي على صدره فأتمرغ في براريه الفسيحة بكل قبلاتي وسخونة أنفاسي .. أتحسس قلبه وهو ينز خلف أضلاعه ضاربا سمعي ووجهي وكل جسدي بخفقانه القوي الذي أحسه مطرا ساخنا من قبلات تنهمر علي بغزارة ولا أود صدقا أن تتوقف .. نندمج في إيقاع واحد متناغم جسدا وروحا .. نصعد عبر سلالم الإحتشاد المحتدم لأحاسيسنا .. حتام ؟! لا تسألوني ؛ فلا نهاية لسماء الجنون حين يسافر فيها صهيل اللذة و الفرح !!
لكن .. وآ أسفاه .. الوقت يهرب مسرعا . ما أخذله إذ لا يترك أحدا لسعادته وهناءاته .. يرن المنبه .. كم جدا أكرهه حين يقاطع حديث الشهد مع النار .. أمد يدي باتجاهه وأنا غارقة بكل كلي في حمأة العناق .. أخرسه بضربة طائشة من يدي لا أدري أين جاءته فيسقط على الأرض .. يتحطم مطلقا آخر صرخة أنين له ..
- أحسن !!
أقول دون أسف وأنا أسمع ارتطامه على الرخام المصقول وقد سكت إلى الأبد .. الساعة الرابعة صباحا .. صياح الديكة و الأذانات تسمع من كل الجهات في توقيت واحد معلنة صحو الفجر وقرب رحيل الليل ..
- عليَّ أن أذهب ..
أشهق .. تنقبض روحي مذعورة وأنا أسمعه يتهيأ للانصراف .. ذاك الانصراف الموجع الذي يعني بداية موتي .. أرجوه متوسلة :
- واصل النوم .. سنذهب معا صباحا إلى الدوام بعد أن تفطر عندي ..
يجيب مصرا وهو يلبس ثياب رحيله :
- بودي البقاء يا حبيبتي .. لكن يجب أن أذهب قبل أن تستيقظ الحكومة ..
أزم شفتي وأزفر في غيظ ؛ فلا شيء يثير أعصابي ويعكر مزاجي إلا هذه الحكومة/زوجته .. هذه الضرة التي لم أستطع أن أبلعها ولا أن أجد لها مكانا شاغرا في قلبي .. يطبع وجنتي بقبلة هي مزيج من إعتذار ووداع وحب وحزن أيضا ..
- غسان ..
ناديته في اللحظة التي كانت يده على مقبض الباب وتوشك أن تفتحه .. نظرني مستفهما وأنا فاردة له ذراعاي فارتسمت على شفتيه ابتسامة أشبه بشعاع صباح صاف . ترك مقبض الباب وعاد إلى السرير .. عاد إلي. . تلك العودة بلحظاتها التي رجع بها و أحاطني فيها بذراعيه كانت كافية بأن تؤجل موتي وأن تمنحني قدرا لا بأس به من الحياة ولو مؤقتا ..
ضممته بقوة وأنا أشعر أني سأفتقده .. تمنيت لو يظل هذا الحضن عمرا بلا انتهاء .. نظرته بـعـينيَّ الكانتا على حافة البكاء ..
- متى في موعد أَشْـهـىَ؟
سألته بشوق وأنا أبحث في عينيه العميقتين عن موعد مرتقب جديد يجمعنا في القريب فرد مُـؤَمِّـلاً وغيمة أنفاسه العطرة تَـغـشـىَ وجهي :
- قريبا في الأيام ..
ثم قَـبَّـل جبهتي وانصرف غالقا الباب خلفه وبقيت أنا متمددة كميتة في غيابة قبر .. "قريبا في الأيام" قالها و غادر . في تلك اللحظة التي غادر فيها وأغلق خلفه باب الرحيل ؛ شعرت بأن كل شيء كان لي هنا قد طار بلحظة . لم أعد أحس بأني تحت ذاك السقف الذي كنت أستظل بظله من هجير الأيام وانهمار المطر . أصبحت تحت فراغ مكشوف و تحت عمر لم يكن . في العراء أنا . يجتاحني منذ غادرني برد الوحدة وصمت الجدران وعذابات الفقد و الإنتظار المرابط على عتبة باب الحنين و لا ثمة ريح من بشرى تأتي بشذاه . بشيء من تدثيرة دفئه المفتقد .
في سالف زمن عشت قرأت على سبورة درس سوداء ( القناعة كنز ) لكني نسيت الدرس أو أني لم تقنعني كذبة هذا المنطق . فحين عثرت على الحب . حين شهقت بذات مساء تشريني الحظ بأول رجل يشبهني كثيرا _ حينها كرهت منطق ذاك الكنز الفارغ . سخرت من سخافة تلك الحكمة . لم يكفيني . لم يقنعني أي قليل ، وصرت أحب أعيش الحب كما لو كان كل كنوز الأرض .
بخروجه رحت أُوَقـِّـتُ موتي من الآن لحينما يُحـيِـيِـني بلقاء جديد تجود به الأيام والفرص .. وبين الزمن والظروف تبرزخت أنا إمرأة بائسة معذبة تنتظر بترقب صبور قيامتها الجديدة السعيدة !!
http://up.omaniaa.co/do.php?img=12824
أمامي حتى ألقاه أيام وأسابيع وربما شهور طوال عجاف أعيشها في حضرة الغياب والظمأ .. سأظل معلقة روحي بمشجب الأمل وساندة ترقبي وانتظاري على جذع ليل طويل وبارد وبلا أحد فيه إلاي وتلك الريح المولولة التي تلوب حولي خامشة بمخالبها الثلجية عتمة صمتي .
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
______________________
-
تَــأَوَّبَ طَــيْـفٌ 17-08-2017,
تَــأَوَّبَ طَــيْـفٌ
قصة قصيرة بقلم / سعيد مصبح الغافري ______________________________
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17588
لعدة أيام ؛ إختفى من حجرته صوت سيلين ديون الذي كان يصدح بكل ما فيه من عذوبة ورقة وأنوثة ودفء .. إختفت تلك الإيقاعات الحلوة التي كنا نجن بها طربا وانتشاء عندما تجمعنا أماسي الطرب والمزاج وحلت محلها أجواء غريبة ومغنية أخرى بصوت مختلف وملامح مختلفة جعلتنا نعيش في عالم آخر بعيد كل البعد عن ذاك الذي كنا فيه .. بل شعرت وأنا أبصر هذا التحول المفاجىء و الغريب لذوق صديقي أن المكان نفسه الذي دخلته ؛ أي حجرته ؛ تكاد تعمه رائحة أخرى وأرض جديدة ووجوه ليست أبدا كتلك التي إعتدتها من قبل في مزاجات أيامه ولياليه ؛ فكل شيء هنا في هذه الحجرة يشعرك بأنك في جو بدوي إبتداء من الصحراء وانتهاء بالنساء البسيطات ذوات الذقون وظاهر الكفوف المرسوم عليها خطوط الوشم ..
خيل إلي أن البادية العربية انتقلت بكل مجتمعها البدوي إلى حجرة صديقي الذي استهوت أذنه أغاني سميرة توفيق .. كلما زرته أسمعه لا يستمع إلا لهذه السمراء الجميلة وكل حواسه مشدودة مع أغانيها وكل عينيه مبحلقتان في وجهها البدوي العربي الجميل ذو الشامة الساحرة وفي عينيها العربيتين الواسعتين ذاتا الرموش الطوال و الجمال الشرقي الباهر الذي على أصوله .. هذه البدوية التي من غمزة واحدة من عينها تكفي لقتل ألف قلب !!
- الله يسامحك .. دخت السبع دوخات حتى أعثر لك على صورة كبيرة لسميرة توفيق بعدما وجدت مكتبة تغاريد مغلقة على غير عادتها فاضطررت أن أبحث في المكتبات الأخرى التي على نفس الخط ؛ وهكذا سارت رحلة بحثي بطول شارع المتنبي ومن مكتبة إلى مكتبة وكل مكتبة تخرجني منها خائبا إلى أن انتهيت بآخر مكتبة في آخر هذا الشارع .. وهناك عثرت على المطلوب .. هاك . تفضل !!
شكرني بحرارة وهو يعلق بفرح و باعتزاز برواز الصورة في المسمار المثبت بالجدار .. لاحظت آثار طرق حديث على رأس المسمار مما يدل على أنه قام بتثبيته في الجدار منذ وقت قصير وفهمت أن صديقي قد جهز وأعد كل شيء مسبقا لاستقبال ضيفته سليلة الأصالة والجمال ..
إلى هنا مشت الأمور طبيعية .. لكني وسط ذهولي ذاك كان ثمة فضول ما يدفعني دفعا ويلح علي لمعرفة سر هذا الولع الشديد والمفاجىء بسميرة توفيق وبأغاني سميرة توفيق وخصوصا هذه الأيام مع أني أعرفه وأعرف ذوقه جيدا وأنه مولع دائما بالأغاني الغربية وبالأخص أغاني سيلين ديون .. حتى لا تكاد أغنية لهذه المطربة خاصة تفلت كلماتها من شفتيه ولايكاد درجه يخلو من إسطواناتها فما الذي غير مزاج أذنه وجعله يتجه بها إلى مضارب البدو والربابة ؟! ثم الأهم ماسر هذا الوله المفاجىء الذي يبدو عليه ؟! ولماذا سميرة توفيق تحديدا ؟! مالذي ذكره بها ؟! فمحطات التلفاز في زمن طغيان الرداءة والذوق المنحط تكاد تنساها ولاتأتي على ذكرها إلا نادرا مع أنها بحد ذاتها تاريخ ورمز أصيل وجميل من رموز الفن !!
نظرته بتأمل متبسم وأنا أسأله بخبث متفحص :
_ أنت شو حكايتك هذي الأيام مع سميرة توفيق ؟! شكلك بتحب !!
افترت على طرف شفتيه إبتسامة حزينة وقال بضجر بَـيِّـنٍ وعيناه مثبتتان في برواز الصورة كأنه يتأمل طيف خيال ما تأوب منها :
- لا أبدا . فقط مزاج ..
اندهشت غير مصدق إجابته ثم حاصرته واضعا عيناي في عينيه كأني أحاول إخراج السر الكامن من عمقهما الغامض :
- فقط مزاج ؟! علي أنا هذا الكلام يا صاحبي؟! وجهك مفضوح بالعشق حتى أنك تظل مشدوها مرتبكا كلما غمزت لك سميرة توفيق بطرف عينها ذات الحور القاتل .. فضفض .. ما قصتك ؟!
- ..............
ظل على إطراقته الغامضة تلك ساهما شارد الذهن ولم يرد على تساؤلاتي ولا بربع جواب مسموع .. إنتابني شعور جدي بالقلق والاشفاق عليه .. كانت ملامحه الطفوليةبائسةومغمومة ثم فجأة رأيته يشير بيده إلى كتاب متوسط الحجم كان أمامه على طاولته وقال وهو يخفي عني وجهه :
- إفتحه ..
تناولت الكتاب وفورا دون أن أفرده انفتح بذاته من منتصفه ، وشهقت حين رأيت الصورة الموضوعة فيه ..
- صابر .. هذي الـ .... !!
أخذ مني الكتاب برفق وضمه بحنو كبير إلى صدره وقال بضعف وبريق الدمع على عينيه :
- ما قدرت أنساها يا صديقي .. ما قدرت .. ما قدرت .. نفس ملامح سميرة توفيق . نفس ثغرها المذهل . نفس ابتسامتها . نفس عيونها السود الواسعة . نفس طولها . نفس بحة صوتها . يا إلهي .. وين أروح ؟! وين أهرب يا ربي منها ؟!
وانهار باكيا وهو ينشج مثل طفل .. كان إحساس الفقد مالئا صوته ووجهه الكئيب ..
- الله يرحمك يا حبيبتي .. يا ليتني مت معك بذاك اليوم المشؤوم !!
ربت على ظهره مواسيا وأنا أغالب دمعي .. ابتلت حواف الكتاب الذي على صدره بدموعه السخان .. كان الليل يقترب من منتصف طريق رحلته .. بصعوبة أقنعته بالخروج من هذا الجو الكئيب ومن هذه الحجرة الخانقة و الضاغطة عليه بكل ما في زواياها من ماض عاشه مع حبيبته عندما كانت تزوره برفقة أخيها طورا وطورا مع رفيقتها عندما تنتهيان من محاضرات الجامعة وتخرجان منصرفتان معا إما إلى السينما أو التسكع في شوارع و مولات المدينة قتلا للوقت وتصيدا عابثا لقلوب الشباب من هنا وهناك في عبث شبابي يجيدانه مع المغفلين المصدقين للسراب ..
بعد أيام من تلك الزيارة التي زرتها له ومعي سميرة توفيق .. و ذات صباح لا ينسى .. كنت برفقته نتمشى .. غير أني لم أكن مرتاحا مطلقا لمنظره البائس وأحس بالقلق عليه من هذا الحزن الذي يعم ملامحه ويملأ صوته الواهن .. وأكثر ما زاد من خوفي عليه أنه صار في الأيام الأخيرة هذه يهذي كثيرا باسم حبيبته وفي كل مكان وأمام أي فتاة جميلة نصادفها فيوقعني في إحراج .. هل جن صديقي ؟! تحملت بصبر تصرفاته وفي قلبي عليه من الحسرة والحزن أضعاف الذي كان يظهر على وجهي الجازع .. لطفك به يا ربي . لطفك به .. لكن حدث الذي لم يكن متوقعا أن يحدث أو يكون ؛ ففجأة ونحن في ذاك التجوال تجمد صديقي بشكل مباغت في وقفته وكل عيناه موجهتان نحو الرصيف الآخر المقابل و الذي يفصلنا عنه شارع سريع .. كانت ثمة فتاة واقفة هناك على ذاك الرصيف .. ويا سبحان الخالق .. كانت تشبه حبيبته إلى حد بعيد .. السيارات . الناس . كل شيء يتحرك إلا صديقي .. تجمد كل شيء فيه .. قدماه سمرتا في مكانهما وعيناه الزائغتان ثبتتا في تلك الفتاة الشابة .. اضطرني هذا الأمر أن أتوقف لوقفته وأنا أحاول أن أفيقه من شروده ومن حالته دون جدوى .. عذرت ألمه الذي كان في تلك اللحظات يعتمل في أعماقه .. كان هذا الوضع ينذر حتما بشيء ما سيقع الآن .. هذا ما شعرته لحظتئذ .. وقد حدث .. فمثل حصان مهموز رأيت صديقي ينفلت فجأة من وقفته تلك ويطلق لقدميه الريح .. ركض وهو يصرخ في الشوارع وزحام الناس مثل الحلاج الذي رأى الله :
_ ليلى . ليلى . أنا جايلك يا حبيبتي .....
ركضت وراءه محاولا المساك به وإرجاعه إلى رشده وأنا أتوسل في نفسي :
- يالله . لطفك وسترك يا رب ..
لكن في اللحظة التي أوشكت أن أقترب منه وأمسكه قفز صديقي من السياج الحديدي الواقي وارتمى في الشارع السريع الذي لا يرحم أحدا .. صرخت به في ذعر :
- صابر . صابر . إنتبه . إرجع أرجوك .. الشارع خطر ..
لكنه بدلا من أن يرجع اندفع راكضا وزج بروحه قاطعا ذلك الشارع الذي كانت السيارات فيه تنطلق بسرعة مخيفة .. ثوان و رأيته أشبه بشبح يطير بكل جسمه في الهواء بعدما صدمته شاحنة قادمة .. طار عاليا ثم هوى متدحرجا جهة الرصيف الذي تقف عليه تلك الفتاة .. سقط أمامها مباشرة .. وأطلقت الفتاة صرخة مذعورة وهي ترى رجلا يسقط ميتا عند قدميها وهو مضرج بدمائه .. رباه . رباه .. رأيته وأنا أركض باتجاهه وقد غاب من ذهني كل خطر داهم في هذا الشارع المميت - رأيته يرفع للفتاة يدا وفي اليد ورقة .. لكن تلك الحركة لم تدم طويلا فسرعان ما هوت تلك اليد وسقطت متمددة بدمائها على الرصيف والفتاة ترتجف وعيناها زائغتان من هول الصدمة .. كانت هذه آخر حركة رأيتها منه !!
توقف الشارع كله مكرها وحدثت فوضى عارمة بين السيارات التي راحت فراملها تصرخ تحت ضغط الكبح المفاجىء لها من قبل سائقيها .. ركض الناس صوب الحادث .. كنت أول من اقترب منه .. جثة محطمة هامدة دون حراك .. ضربة في الرأس .. دماء متناثرة على الأسفلت والرصيف وفستان تلك الفتاة .. الشيء الوحيد الذي لم يفلت منه لحظة إرتطامه بالشاحنة كانت صورة حبيبته التي تلطخت بدمه .. كانت لا تزال في نفس قبضة يده .. نزعتها بألم وحزن وأنا أضمه في صراخ مفتجع حاد أجهشت فيه بالبكاء ..
مات صديقي بعد عام من مصرع حبيبته .. كلاهما مات في حادث ..
اليوم ذكرى وفاته .. أقف في نفس المكان الذي لقي فيه حتفه .. أتلو الفاتحة على روحه ودموعي تتساقط في صمت على نفس الرصيف الذي حدثت فيه هذه المأساة .. كل شيء في حياتي لم يعد كما كان منذ فقدت هذا الإنسان الشاعري الحالم الأعز والأقرب إلى حياتي .. انطفأت تلك الابتسامة التي كنت استقبل بها الحياة بكل بهجة وشباب .. نهضت متثاقلا بعد دقيقة صمت وحداد وغبت في الزحام وحيدا دون رفيق .
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
-
لا وَجْــهَ لـي هُــنـا !! 28-09-2017
لا وَجْــهَ لـي هُــنـا !!
قصة قصيرة بقلم / سعيد مصبح الغافري
# صديقتي ...
https://scontent.fmct2-2.fna.fbcdn.n...f0&oe=5A86B32C
على نفس الاضطجاعة الجانبية تمددت أمامه في لانجري أحمر شفاف تصعب مقاومة إغرائه مع شابة جميلة الملامح في الخامسة والعشرين من عمرها .. يبتسم هو ابتسامة لزجة ذات مغزى تفضحه التماعة عينيه الذئبيتين الناظرتين إليها بشراهة وجوع ..
كان وجهه الخناسي قاسيا وزاد من قسوته تلك الندبة الظاهرة على ذقنه كأثر لجرح قديم مرتبط بماضيه البغيض وبشخص يكرهه ..دوما يشتط به الغضب ويهدر مهتاجا كلما رأى هذا اللاصق الأبدي الأشبه باللعنة على جسده ؛ كيف قَـدَرَ ذاك الضئيل الحجم حبيبها المسمى أحمد أن يحطم وبصورة مربكة وغير متوقعة مهابة رجل لا يقهره أحد ؟! كيف جرح وأهان قوته وجبروته وسطوته التي سخر لأجلها المال والنفوذ والعضلات والعصابة المخيفة التي يتزعمها ؟!
يشعل سيجارته الهافانية وينفث غيمها الرمادي المتغطرس في جو الغرفة .. هي ذي حبيبة غريمه التي ظلت لسنوات عصية عليه كالجبال ؛ الآن بين يدي رغباته وشهوته التي يتلذذ بساديتها البالغة القسوة مع ضحاياه .. تنتظره على ذاك السرير بإغراء فاجر أو هكذا كان يتصور عقله الأحمق المركب بين فخذيه .. في عينيها بريق رغبة زائفة وهي تعض على شفتها السفلى ذات الاكتناز المارليني المثير .. يشتعل .. يندلق لعابه رغويا على جانب شفته وكأنه ثور .. لا يتحمل .. يرمي بالسيجارة المشتعلة التي بالكاد شفط منها على عجالة شفطتين ــ يرميها بين قدميه الحافيتين الكثيرتا العروق .. يدوسها كصرصور فتنسحق منطفئة من دون حتى أي أنفاس دخان .. يفرك كفيه متلمضا بشفتيه هذا الجسد العشريني الذي ينتظره كوجبة دسمة بكل أنوثته الناضجة والكاملة الدسم .. هذا الجسد الذي يا طالما حلم به وتمناه وصارع لأجله كل هذه السنين .. يتحرك .. تتلوى أمامه كأفعى شهوانية ماكرة تجيد اللعب على أوتار الأعصاب .. بينه وبين السرير الآن مسافة خطوتين أو ثلاث .. تراءت في عينيها وهو يقترب منها صورة حبيبها المقتول غـدرا .. إندلعت نار الانتقام في صدرها .. قاتل حبيبها يوشك أن يدنو منها ويغشاها .. تتحسس يدها القابضة بالموت والمتوارية بالجدار الملاصق للسرير .. يقترب .. يقترب .. و .. طاااخ . طاااخ . طاااخ .
ثلاث طلقات من كاتم صوت وأردته قتيلا في الحال .. يسقط متهاويا أمامها كصخرة هائلة .. تلبس ملابسها .. تخطف هاتفه النقال الذي وضعه على التسريحة .. تعطل بياناته .. تحمله معها وتخرج باردة الأعصاب وتذوب كحبة ملح في زحام المدينة !!
♡♡♡
@ أنـا ...
وقف يطالع وجهي الجامد كالصخر .. عيناي تثقبان عينيه بنظرة احتقار بارد .. من أحد طرفي شفتيه كان يسيل لعاب شهوة أشبه بـدَبَـقٍ عفن الرائحة ..
نحوي و بهدوء تحرك بقدميه الغليظتين .. همهم مفرقعا أصابعه الغلاظ قبل أن يبدأ رقصة الإثم على مسرح جسدي المنهك .. نهايته.. أفـرغـني من كل طاقتي ثم خرج دون أن يلوي على شيء ..
تكومت في نوبة بكاء حارق وأنا أشعر بكل كياني مشتعل بالنار .. ألعن ذاتي وألعن معها هذا الحيوان المسخ الذي يذل حياتي ..
بعد وقت لا أتذكر كم كان ؛ نزعت جسدي من ذلك الفراش المتبقع عرقا وقذارة وكأنني أنزع نفسي من مخالب شيطان نجس .. في أحشائي كانت تقرصني الخطيئة وكان الله على مبعدة بضعة أمتار من سكني .. خرجت من الغرفة بعد أن أفرغت كل ضيقي وقرفي وتعبي وقيء معدتي المضطربة تحت شلال دش ساخن أعاد إلي انتعاشي ..
إلتقيت الله بلهفة من يرغب في الخلاص من الجحيم .. لذت إليه بصلاة دموعي وضعفي ثم خرجت مع المصلين الخارجين .. همت على وجهي غاطسة في أنهار هذه الشوارع المكتظة ..
https://scontent.fmct2-2.fna.fbcdn.n...95&oe=5A50FF89
على ذاك المقعد الخشبي الفارغ والمنعزل قبالة البحر ؛ جلست وحيدة إلا من سيجارتي التي أدخنها وذهني الذي كان يتناقش معي في أشياء كثيرة مهمة تخص حياتي .. وبرغم النوارس التي كانت تحوم فوقي وتحط أحيانا متمشية بأمان قربي ، وبرغم موج البحر الذي كان يتراقص في مد وجـزرٍ وبهدوء ونعومة أمامي ، وبرغم الناس وأصوات الأولاد وهم يلعبون على الشاطىء ــ برغم كل هذا وذاك إلا أنني لم أحس وقتها بهذه الحياة التي تنبض وتتحرك حولي .. كان عقلي ومشاعري قد فصلاني عن كل شيء وشعرت كما لو أنني في عالم آخـر !!
كم جلست هناك ؟! لا أعلم !! كنت غارقة بكلي في حمأة تفكير عميق ولم أنتبه لشيء إلا بعدما شعرت بخبطة على المقعد الذي كنت جالسة عليه ، فانتبهت متفاجئة وأنا أنظر لليمين !!
أبـصرت صبيا في لباس رياضي أصفر يركض باتجاهي وقد اتـسـخ بنطاله القصير بالطين . عندما وصل ؛ وقف مبتسما في وجهي وهو يقول بتهذيب وصوته مقتضب يلهث :
ــ آســف سـيـدتـي !!
إكتفيت بايتسامة هادئة رسمتها على وجهي ردا عليه . إلتقط الكرة التي كانت مستقرة بجوار المقعد وعاد راكضا بها إلى رفاقه . في سـري كنت أغبطه على صباه السعيد هذا وعلى هذه الحياة التي يقضي أوقاتها لاهية وخالية من أي هـمٍّ أو قلق !!
نظرت لساعة يدي .. حفزتني عقاربها على الإنصراف فنهضت .. ألقيت نظرة على المكان كمن يودع عالما حتما بعد أيام لـن يراه ولـن يلتقيه وسيصبح بالنسبة له مجرد ذكرى .
كانت هذه هي المرة الأخيرة التي أذهب فيها إلى هذا الشاطىء الذي ظل لسنوات عديدة هو والحديقة العامة القريبة منه المكانان الوحيدان المفضلان لديَّ في هذه المدينة عندما أخرج للنزهة أو بحثا عن مكان ألـقي فيه بمتاعبي وهمومي . إنـصرفـت عائدة إلى سكناي وفي رأسي عدة قرارات مصيرية عنيفة ، سـأنـفـذها تباعا من بـدء الغـد !!
صباحا ودون تردد أو نـدم نفذت القرار الأول والأهم في عيادة خاصة أثـق بطبيبتها على المطـلـق .. أسـقطت من بطني بذرة الحـرام ..
هـاقـد صرنا بإثـنـتـيـنـا أنا وصـديـقـتي ؛ كـل واحدة تخـلـصت من عـدوها بطـريقة ما !!
https://scontent.fmct2-2.fna.fbcdn.n...07&oe=5A4B15AD
بعد أسبوع كنت أقفز بخطوتي الجريئة الثانية إلى قراري التالي ؛ القرار الذي غـيَّـرني وغـيَّـر كل شيء بحياتي ؛ فمن مكتب سفريات قريب قطعت تذكرة وسافرت تاركة ورائي كل شيء .. لم أضع أبداً في تخطيطي ولا نيتي ولا آمال حياتي القادمة أني سأعود إلى هذه المدينة ؛ فقد قررت أن لا ألـتـفـت الى الوراء وأن أرحل بعيدا قدر الإمكان !!
في البلد الجديد الذي هاجرت إليه واتخذت من غربته وطنا بديلا أسكنه ؛ كانت ثمة حياة جديدة تنتظرني في كتاب جديد من دون كتابة .. صفحات فارغة لم يلمسها بعد حبر الغربة و تستئن حتى تملؤها أبجدية قصة جديدة تعمدت أن أجعلها من دون فصول للماضي .. أظن القصة بدأت منذ وصلـت إلى بـرلـيـن !!
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
-
أولُ حُـمَـارٍ في الحُــب !! 09-05-2018
أولُ حُـمَـارٍ في الحُــب !!
قصة قصيرة بقلمي ..
كان فارس الموعد جنتلمانا كثير التأنق والمبالغة في المظهر ، مفتونا كعادته بالأضواء وبمغناطيس الأشياء السطحية البراقة . قابلته ذات موعد في مقهى راقٍ إختاره بنفسه للقائهما . كان وجهها يرزح تحت ثقل المساحيق والألوان والبهارج الكثيرة المتكلفة . هذا غير الفستان العاري الظهر والذي من أمامه يكشف جانبا من المشارف العليا لصدرها الوضيء الأكثر تدميرا للقلب الشهواني النبض حيث وهج الأنوثة على أشد ما يكون سطوعا وتوتيرا للأعصاب . لمعت عيناه ببريق الدهشة و فرح الشهوة الجائعة بما يراه أمامه من أناقة طاغية وأنوثة عشرينية دسمة فوارة ومرغوبة . بلحظة واحدة التقطت لها بعينيها المحروستين بالذكاء صورة دقيقة ثلاثية الأبعاد لجانب من ردهة قذرة وعفنة جدا برزت من إحدى جوانب عقله الكلي الوسخ . تحمحمت ثم تحركت شفتها تسأله إن كان زار معرض الكتب المقام بمدينته هذه الأيام ؟ تظاهر كاذبا بالإيجاب ليرضي فقط غرور نرجسيته وفضول سؤالها . دحرجته بهدوء نحو حفرة سؤال ثان : ماذا اشتريت من كتب ؟ تلبك حائرا يبحث عن أي كتاب في الارفف الصدئة لارشيف عقله القديم الكثير الأتربة والغبار . خانه بحث ذاكرته ؛ إذ لم يعثر على شيء هناك خلا رزمة لايصالات مالية تخص شركته وتعاملاته . طوّفت هذا السؤال بسؤال تـالٍ سألته إياه بتعمق مستفز :
♡هل تقرأ لمظفر النواب ؟!
■ لا .
♡ لعبدالله الطائي أو سيف الرحبي ؟!
■ أول مرة أسمع بهما .
♡ طيب . لنزار ؟! .
■ تقريبا أليس هو صاحب كلمات ترقص حافية الساقين تبع ناظم الساهر ؟! ( ناظم الساهر ؟! ذاكرته مغيبة تماما ) .
♡ لا وأنت الصادق . هذا البقال الذي يبيع في سوق المواشي ( تعمدت بغيظ أن تخلط روث البقر بالعدس نكاية به وبجهله ) .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=16248
واصلت قصفها له وقد تذكرت في التو شاعرة ذات حس أدبي مرهف تحب متابعتها وقراءة نصوصها كما أنها صديقتها الروح بالروح . سألته بغتة :
♡ هل اشتريت ديوان صديقتي الشاعرة إيمان عامر ؟ شاعرة جميلة مبدعة . موجود ديوانها بالمعرض .
طأطأ منحرجا. ما هذا اليوم الاغبر الذي تورط فيه ؟! هو لا يعرف هذه الشاعرة ولا ماذا تكتب وهو بحياته لم يدخل معرضا له صلة بالكتب والفكر والثقافة والقراءة وهذا المعرض الذي ذكرته له وفيه هذه الأيام عرس ( إقرأ ) يجهل تماما موقعه الجديد الذي إنتقل إليه . وفي خارطة GPS عقله المهترئة والكثيرة الحَـوَل هو لا يتذكر بواسطتها إلا المبنى القديم للمعرض والذي كان يمر عليه كل صباح في طريقه إلى شركته الضخمة الواقعة في الحي الراقي بالعاصمة . هذا المبنى الذي لا يعرف منه إلا شارعه وواجهته وألوان أعلام دول العالم التي ترفرف أمامه والتي يجهل معظمها ولمن تكون . الطرق والأماكن الوحيدة التي يحفظها جيدا وعن ظهر قلب هي فقط الطريق المؤدي إلى شركته وذاك الثاني الموصل إلى البنك الذي فيه حساباته وامواله وصفقاته السرية والطريق الثالث جيبه الذي يعتقد دائما أنه يستطيع به أن يشتري أي شيء بما فيه النساء الجميلات حتى ولو كانت هيفاء وهبي ذاتها أو كيم كارديشان بذات جمالها المزلزل ومؤخرتها الأغلى تأمينا في العالم .
حاصرته بحنق وهي تبحث في خرابة فراغ عقله المجوف :
♡ ألا تعرف أحدا من الشعراء أو الكتاب أو المثقفين ؟!
لم يستطع من شدة خجل الجهل والأمية المطبقة اللذين إفتضح بهما أن يرفع رأسه ليرد . كانت قد وصلت معه إلى حافة النهاية وطلقة القرار الاخير توشك أن تخرج من فوهة فمها . لم تتمهل وهي تضغط على زناد ما صممت أن تفعله فهي تجيد التسديد بدقة نحو من تريد أن تتخلص منهم ممن هم على شاكلة هذا المسخ وفي الوقت المناسب وبلا أي تردد أو خوف .
وفي لحظة واحدة قفزت نازعة نفسها من المقعد الذي كانت تجلس عليه قبالته. ووقفت والغضب يرسم ألوانا شتى من قوس قزحه على وجهها أو ما يبدو أنه وجهها وصرخت به بصوت ماجدة الرومي :
♡ إذن لماذا تهتم بشكلي ؟!
ولا تدرك عقلي !!
ثم أسرعت ومدت يدها إلى وجهها . أصابعها الرقيقة الطويلة بدت مثل أشواك حادة أو مخالب لبؤة . أنشبت أظافرها ذات الطلاء الدامي في وجهها وراحت تسحبه ببطء . كان جلد وجهها ينسلخ بكل مساحيقه وألوانه ويتساقط قطعة قطعة أمام فارسها الجالس جامدا بصدمته . كان قناعا زائفا . رمته بوجهه وانصرفت عنه بكل وجهها البسيط الحقيقي وبكل قلبها الباكي المُـرتَـعِـف ندما وأسفا والذي خذلته التوقعات وزيف الناس والحياة الماشية على كذبة وأقنعة .
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
_______________________
-
ســورةٌ فُـصـحىَ بخَـطِّ اليـاســمـيـن 09-05-2018
ســورةٌ فُـصـحىَ بخَـطِّ اليـاســمـيـن
ــ ما ستقرأونه هنا حقيقي . نقلته من أوراق مذكراتي الشخصية الخاصة .
السبت 18/ 04 / 2018 م من بعد منتصف الليل ؛ عاشت فاطمة أفظع وأصعب ليلة بحياتها . في تلك الليلة التي غطست فيها روحها في بحر التوجس والترقب والقلق والهواجس ؛ لم تشأ فاطمة كعادتها التي لا أحبها أن تتصل بي أو تتواصل معي في هذا الوقت المتأخر جدا من الليل ؛ فقد خمَّنتْ ( وهذا عيب من عيوبها وقت الضرورة والاحتياج ) أنني بهذا الوقت ربما أكون في سابع نومة ، فلا يظهر لديها في هاتفها أنني بحالة " متصل " .
في تلك الليلة الرهيبة الليلاء التي عاشتها حارات دمشق ، شيئا ما إخترق أجواء العاصمة ، وتحديدا فوق المنطقة التي تسكن فيها صديقتي فاطمة . الصوت المرعب الأشد من صوت الصاعقة مَـرَّ فصَـمَّ الآذان وجعل من العمارة التي تسكن فيها بالطابق الخامس تهتز بكاملها . زاغت عينا فاطمة وفاض قلبها بكل الذعر الممكن تصوره .
بتلك اللحظة التي عبر فيها صاروخ الضربة الأمريكية الأعمى وتلته على الإثر طائرة حربية مرقت بأسرع من لمحة برق فوق العمارة مباشرة ولها أزيز مخيف يجعل من القلب ينخلع من مكانه ؛ بتلك الثانية من الزمن الخاطف شيئان مِن كل ما كان حول فاطمة وفيها لمعا في ذهنها وفي مشاعر روحها المهتلعة : الجيش والعاصمة .
شعرت أن القيامة قامت ولم تفكر في شيء . لا في روحها ولا في أختها سُهَىَ التي كانت تغط بكل إرهاقها في نوم عميق بعد نهار مرهق بالعمل . ولا في الشقة ولا في المتعلقات والأشياء التي فيها وتخصهما ولا في أي أحد أو شيء . كان كل تفكيرها محصور في شيئين لا ثالث لهما : الجيش ودمشق .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=16247
والتوى بطنها بشعور بغيض جعل من أمعائها تتقلص وأنفاسها تختنق .. كانت الأسئلة تتعاور وتتقافز مثل العفاريت في ردهات ذهنها وأحاسيسها : هل سيقضى على الجيش ، أول وآخر من يحمينا بعد الله بهذا الوطن المنكوب ؟! هل ستزول دمشق من الوجود في غمضة عين وتنتهي عاصمة الياسمين بكل حاراتها وأسواقها وشوارعها وقبابها وأقواسها ومساجدها وكنائسها وعرائش ياسمينها ومقاهيها وناسها وقصص عشقها وأكثر من خمسة آلاف سنة ضاربة في عمق التاريخ والحضارة ؟! هل سينتهي هذا الرفد المتواصل لأنهار العطاء في كل مناحي الحياة ؟! هل ستصحو فاطمة فاتحة عينيها أمام الصدمة الأكبر والمأساة الأوجع التي لا يتحملها إنسان لتجد نفسها أمام مدينة من رماد وأرض يباب يعمها الدمار الشامل والحرائق والدخان والصراخ الهستيري والهلع والجنون والفوضى وصور جثث القتلى ومن بقي على رمق من حياة من مشردين ومعطوبين ووجوه ملفوحة بالدماء والغبار والخوف والحيرة واليأس والدموع والإنهيار التام ؟! هل لن تتكحل عيناها الواسعتان العميقتان الجميلتان بسوق مدحت باشا . الحميدية . البزورية ، وحارات باب توما . الجامع الأموي . مئذنة الشحم . القلعة . المتحف الحربي . باب المعظم . ونهر بردى بمائه ومطاعمه ومقاعده وأشجاره وأزهاره وأجوائه الشاعرية التي يا طالما ألهمت خيال كل شاعر وكاتب وفنان . والمكتبات ودور النشر العظيمة التي منها يُـصَدَّر إلى العالم كل جديد في الفكر والعلم والشعر والأدب وكل صور الثقافة ــ هل سينتهي كل هذا ؟! هل سيتوقف نهر هذا العطاء الإنساني ويموت كل شيء ؟! هل ... هل ... هل ... ؟! صارت ( هل ) هذه أسواطا متلاحقة تلهب جلد شعورها بلا رحمة .
والجيش . الدرع الحامي للوطن .. المناضل ، الذي ضحى وما يزال بدماء خيرة شبابه ورجاله في ساحات المعارك والفداء . هل سينتهي بضربة واحدة غادرة قذرة تتحالف فيها قوى الشر والغدر والخيانة والتآمر ؟!
العمارة تهتز ، وهي مذعورة ، وكل جسدها يتقاسم مع العمارة ومن فيها هذه الرجفة ، وكما لو أن هناك مائة آلة وحشية تحيطهم خضا ورجا . تنبهت إلى وجود أختها سُهَىَ قريبا منها . إقتربت مذعورة منها وأخذت تربت بقوة على زندها وهي توقظها صارخة :
ـــ سُهَىَ .. سُهَىَ .. إصحي .. بلشو يضربوا فينا !!
صَحَت سُهَىَ مرعوبة على حين فجأة وهي زائغة العينين . قفزت من سريرها مترنحة كالمتسرنم ، تحاول أن تتوازن وتستجمع ذهنها بعد ذلك الإيقاظ القسري المفاجىء الذي داهمها وطيَّر النوم من عينيها . بدت كالمجنونة . لكنها في لحظة من لحظات تدخَّـل العقل ركضت وهي تصرخ :
ــ ويلي .. يا رب .. مالنا غيرك ..
توقعت شرا قادما . وبكل رباطة جأشها وعقلها الذي إنتبه فيه ذكاءها الحاد إنطلقت كالسهم جهة المطبخ . أغلقت بإحكام إسطوانة الغاز . أطفأت الإنارة وكل نقاط الكهرباء . أطفأت مجمع الكهرباء ، فغرقت الشقة في بحر من الظلام الدامس . فاطمة متجمدة في وقفتها . ركضت إليها سُهَىَ . إحتضنتها . بدتا في ذلك الحضن الذي تلاصقتا فيه كأنهما جسد واحد . روح واحدة . قلب واحد . ومصير متحد واحد ينتظر باستسلام قدره وهو مرفوع اليدين أمام الله . وفجأة سمعتا دوي إنفجار مفزع جهة موقع حيوي حساس ، قريب من العمارة التي تسكنان فيها . أحست فاطمة بشيء يشبه الرجة تحت قدميها . العمارة عاودت إرتعاشها . الشقة مظلمة تماما ، لكنها تحاول عبر النافذة أن تمتص بعض الإضاءة الخافتة الآتية من إنارات أعمدة الشوارع لتطرد من المكان شيئا من الرهبة التي توشحت فجأة زواياه وجدرانه ومن يسكن فيه .
بعد وقت إستعادت فاطمة وعيها وبدأت تجمع شتات ذهنها الذي تشظى وتبعثر في مساحة هول الصدمة العنيفة التي لم تترك مكانا في بدنها ومشاعرها إلا واخترقته بكل قسوة . يدها المرتعشة تحاول أن تمدها إلى الهاتف ..
ـــ وقتها .. كنت أنت قد خطرت فورا في بالي ..
تواصل حديثها معي وسرد ما حدث في تلك الليلة ..
ــ حسيت حالي راح أموت ، فقلت أودعك .
آه يا فاطمة . آه لو علمت وأنت تقولين لي هذا الكلام أي وقع أحدثته هذه الكلمة الأخيرة في نفسي وأي دوي دوت به وهي تهوي نحو أعماق أعماق قلبي وترتطم بقاعه السحيق ولها أنين موجع .
بعد محادثتنا وفي الصمت المتواري عن العالم إنزويت لوحدي .. وبكيت بكل حرقة .. تأسفت صدقا أنني لم أكن بتلك الليلة اللعينة بجوارك . لعنت نفسي . صفعتها بأكف اللوم . إحتقرت رجولتي التي شعرت وأنا في ذروة تقريعي لذاتي أنها لا أكثر من شكل فضفاض .. في وقت كانت أعز وأقرب إنسانة إلى حياتي وأجمل من عرفت تقصف مدينتها بالصواريخ وأنا في هناءة نومي .. نالت فاطمة نصيبها هي الأخرى من هذا اللوم .. عتبت عليها أشد العتب أنها لم تتصل بي بوقت وقوع الهجوم .. ألم نتعود أن نكون وقت الإحتياج أقرب لبعضنا بعضا ؟! ألم تكن ( وينك ؟! ) هي الجسر الأقوى الأكثر ما يربط ما بيننا وقت صراخ القلب واحتياج الروح المتعبة والمثقلة بالهموم ؟! صحيح وأكيد أنني لن أفعل لها شيئا على الأرض وأنا عنها بمسافة آلاف الأميال لكني على الأقل سأشعرها كما اعتادت مني أنني قربها وبجانبها عبر روحينا وطباعنا المتشابهة التي نعرف كيف نخلق بها فرحنا وبهجة الوقت الذي نحياه .. ـــ لم أشأ أن أوقظك من نومك وأزعجك برعبي وخوفي .. قالت مبررة فصرخت :
ـــ يغور نومي .. تغور راحتي .. يغور كل شيء من أجلك يا فاطمة .
في الصباح ، إستيقظ الياسمين فتجلى في بياضه الناعم خد دمشق وحسناوات دمشق وروح دمشق الضواعة بالطيبة والجمال والنقاء ، خرجت دمشق عن بكرة أبيها وملأت الساحات والميادين بالفرح والزغاريد والدبكات .. بينما كانت فاطمة ما تزال تواصل حديثها معي ومن قلب الحدث رغم أنها لم تفق بعد وبشكل نهائي من كل صدمة البارحة والرعب الذي صاحبها ورغم أنها كانت في غاية التعب والصداع ، إذ لم تنم أبدا طوال تلك الليلة .. وكنت أبذل جهدي كي أخرجها من هذه الحالة التي تلبستها ومن رعب الليلة الفائتة التي عاشتها بكل تصوراتها وأخيلتها المفزعة .
سألتها عن أختها سُهَىَ وطمأنتني أنها بخير . كل يوم تكبر هذه السُهَىَ في عيني ويعظم قدرها في نفسي .. سُهَىَ .. هذه الشابة الجميلة الرقيقة التي وقت الجد تكون عن سبعة رجال .
لا أنسى ما عشت يوم أصرت إلا أن تسافر بفاطمة إلى بيروت لتخرجها بأي شكل مما كانت فيه من تعب ولتغير لها جوها الذي كان يضغط على أعصابها بكآبته وذاك المزاج المتعكر الذي ما فتأ يلف حياتها ويزيدها كآبة وعزلة وغيابا عن العالم الذي حولها ( هذه الطبيعة هي أكثر ما يجمع بيننا نحن الإثنين من صفات إلى حد التطابق الذي يجعلنا منذهلين من هذا التواطؤ القدري العجيب الذي تلتقي فيه ومعه أبرز ملامحنا الداخلية ) .
لم توافق الجهة الرسمية على منح فاطمة إجازة و " تملعنت " في ردها على الطلب . هنا ما كان من سُهَىَ إلا أن جاءت بالإجازة عنوة من مكتب الوزير الذي أصرت على مقابلته شخصيا تحت حجة ظرف عائلي طارىء . في ذاك اليوم الذي خرجت فيه سُهَىَ من الوزارة بطلة منتصرة . كم وددت لو كانت قربي لأطبع جبهتها الغالية بألف قبلة شكر وألف ثناء على هذا الصنيع الذي صنعته لشقيقتها .
في بيروت .. في الروشة . شارع الحمراء .. وأماكن أخرى كثيرة جميلة وتفتح النفس خلعت فاطمة عن قلبها وحياتها كل أثواب المتاعب والهموم وضغوط الحياة المتراكمة . كانت سعيدة بهذا التجدد الذي حدث في أيامها وغيَّر بزاوية كبيرة وإلى الأحسن الكثير من نفسيتها . كانت سعادتها هذه تنعكس بشكل مباشر وملحوظ على حياتي وعلى مزاجي وعلى أجواء خربشاتي الكتابية ، فأكون بسبب أنها كذلك أسعد إنسان بالدنيا ومقبلا على الحياة بروح مشرقة يكون لي فيها من إسمي نصيب وافر ، حياة بهيجة يلاحظها الناس دون أن يعرفوا السر أو السبب الحقيقي وراء كل هذا التبدل . سُهَىَ ودون أن تدري هي من يقف خلف كل هذا التغير الإيجابي الذي يطرأ علينا نحن الإثنين .
نمت سعيداً أن فاطمة بخير وأختها بخير ودمشق وكل أهل دمشق بخير . كنت قبل أن أغمض عيناي قد ارسلت إليها مقطعا شعريا كان قد لمع بسماء عاطفتي وأبيت إلا أن أمسك برقه وأصوغه لها كما لمع وكما انسكب بوقته وساعته بكل حبره الضوئي المباغت . إنبهرت وهي تقرأه ثم استأذنتني أن توزعه وترسله إلى من تعرف من الأصدقاء والصديقات في دمشق وخارجها . تساألت مستنكرا بدهشة :
ـــ لماذا تستأذنين ؟! " الحب لا يطلب تأشيرة دخول " من عشاقه .
كان ذلك المقطع الشعري البسيط جدا جدا قد طار إلى دمشق ورفرف في سمائها وهو يزقزق حبا وحنينا :
وَجْـهٌ دِمَـشـقيٌّ
يُـرتـلُ سُــورةً فُـصـحىَ تُـسـمىَ اليـاسـمـيـن
وَجْـهٌ يُحـادِثُـني
ويَـغـمُـرُني سُـؤالاً ظـامِـئـاً :
مَـتىَ نـلـتـقي ؟!
وأغـيـبُ كُـلي
في مَـهَـبِّ السُّــؤْلِ والعَـطَـشِ المُـبـيـن !!
بقلمي ونزف مشاعري / سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
-
قـلـبـي لـيس لـك !!08-11-2018
قـلـبـي لـيس لـك !!
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17266
سيارتها الفورد ذات الرقم الثلاثي المميز على اللوحة الصفراء برهانا يتحدى الآن اللا ممكن ويقف على أرض اللا متوقع .. بين بلدتها البعيدة ( وتكره أن تلفظها نائية ) ومدينة حبيبها مسافة 250 كم ، قطعتها لوحدها دون مرافق إلا ثقتها بنفسها ..
¥ تبا !! الناس وصلوا القمر وقطعوا إليه ملايين الأميال وأنا أتباهى بمسافة حقيرة على الأرض !! ومع ذلك ، كأني أسمع أحدهم صارخا بسخرية من خلف لحيته المنهدلة على صدره : لا أكثر من فلتان . طيش . ردة نسوان . عورة !!
لا بأس .. اعتدنا القصف والرد بما هو أعنف !!
تتوقف عند أول مدخل للعاصمة .. تنزل .. تنادي سائق تاكسي صادفته جالسا على المقعد الأمامي قبالة المقود مباشرة يدخن سيجارته بذهن شارد .. الباب مفتوح ووجهه جهة الشرق يطالع السيارات الصاعدة فوق الجسر القريب من الدوار وغيوم دخانه متوزعا بين جوف السيارة والفضاء المفتوح وفمه :
# لو سمحت أخي . ممكن خدمة ؟!
كاد يشرق بدخانه وهو يسمع هذا الصوت العذب يأتيه من أجمل فتاة واقفة بسيارتها خلف سيارته بمسافة متر واحد . ماكاد يلتفت للوراء ويراها حتى انتابه ما يشبه الصعق .. وفورا ضحى بما تبقى من نصف سيجارته الماتزال في نصف طريق اشتعالها ورماها من بين أصابعه ونزل وهو يفرك الطرف المشتعل من السيجارة المرمية على الرصيف بنعاله المغبرة . وبحركة سريعة وعيناه زائغتان ، ترجل نازلا من سيارته ، وركض صوبها ، وفي أعماقه المتهللة يقول :
@ لا تهم السيجارة أمام هذا الخير الذي نزل علي !!
وكل ما على ملامحه من حماس يشي باستعداده لأي شيء تأمره به هذه الحسناء وفورا وبلا تردد ، ولو بإلقاء روحه تحت أي شاحنة مارقة تفرمه بعجلاتها العشرين الضخمة ويلقى حتفه بطريقة ( من مات فداء للمحبوب ) ..
@ مريني .. من عيوني ..
عيناه فيها مرتعشتا النظرة ومتوثبتان.. وخط من عرق أبيض ينزل بهدوء أسفل فوده الأشيب الستيني العمر .. لكنه يوشك أن يغرق في بحر عرق أكبر وهو يراها أمامه ..
¥ لن يتغير هذا المجتمع أبدا . ما يزال دماغه بين فخذيه !!
في عقلها قالت ، وابتسمت للكلمة الأخيرة ( بين فخذيه ) والتي جاءتها عفوا . أرادت أن تلعب بأعصابه . أن تلسعه بقليل من النار ، فردت بابتسامة مشرقة ومزلزلة :
# تسلم لي عيونك ..
وفي أعماقها انجزرت موجة من صوت ساخر يهزأ :
¥ دع عيناك المتآكلة الحواف لك أيها المتصابي ..
ثم قالت مستأنفة مطلبها بصوت جاد :
# صَـوِّرْني من فضلك على حالتين ؛ بنظارة وبدون نظارة .
ورد متحمسا بنبرة لزجة :
@ حاضرين للطيبين ..
وقتها ، كانت النظارة الشمسية الجميلة ما تزال على عينيها ، لم ترفعها عنهما ، وكأنها تتمهل شكل الحالة التي تريد أن تقتله بها ..
وبدلا من أن تناوله هاتفها النقال ليصَـوِّرها على الوضعية التي تريدها ، إذ بها تسأله سؤالا غريبا ، انزاح بعيدا جدا عن الموضوع :
# عفوا . هل هذه السيارة لك ؟! رأيتك تنزل منها !!
وأجاب وقد لمعت عيناه :
@ نعم . هي لي . سيارتي . هل من خدمة أقدمها لك ؟! أنا فاضي للآخر ..
( فاضي للآخر ) !!
وأحست أنه يضغط بأسنانه على هاتين الكلمتين الأخيرتين الوقحتين حد العفونة .. كأنه يغريها بميزات الركوب في تاكسي قديم موديل 99 .
يا للحقير !!
في قلبها ضحكت بسخرية واحتقار وهي تتمعن كهولة سيارته هذه ، المزكومة بدخان سيجارته ، وبالكثير من الخدوش ، والكدمات ورضات الزمن والأقدار .
كانت عيناها خلف النظارة ، مركزتان على لوحة رقم السيارة ورمزها . حفظت بيانات اللوحة سريعا ، دون أن يشعر هو إلى ماذا نظرت ، أو ماذا بالضبط دوَّنت في عقلها ، ثم ضبطت وضعية الكاميرا في هاتفها النقال وناولته إياه باطمئنان وهي تقول بدعابة :
# اضبط تصويري من فضلك . و يا ويلك إذا ظهرت الصورة رديئة ؛ سأذبحك .
وضحك . يا لبشاعة الأسنان الصفراء المنخورة التي ظهرت بعدما ضحك ..
¥ أهذا ( الفاضي للآخر ) الذي يليق أن أركب معه ليفسحني في طول وعرض هذه العاصمة الجميلة وفي تاكسي قديم يشبه سيارة باباي ؟!
بسيطة !!
مدت ذراعها الأيمن بكل طوله الأنثوي الاملس ووضعته على جانب من السطح الأمامي لغطاء سيارتها ، بينما اليد الثانية وضعتها على يسار خصرها المثير بصورة استعراضية ..
# 3 . 2 . 1 . صَـوِّرْ .
وصَـوَّرَها السائق على هذه الوضعية التي أرادتها . ومن جديد ، انتصبت واقفة بقامتها الطويلة وقوامها الجميل . وبهدوء ، رفعت بأصابعها الطويلة الرقيقة نظارتها التي كانت تحجب ملامح عينيها ، وثبتتها أعلى جبهتها .
يا إلهي !!
خفق قلبه ، عندما أطلت عليه أجمل عينين رآهما في حياته . ارتعشت أصابعه الماسكة بالهاتف . كاد الأخير أن يسقط من يديه . عينان بلون الليل الواسع ببياض صاف ، فوقهما ظل من رموش طوال أشبه بسهام جارحة يعلوها سيفان صقيلان من حاجبين دقيقين مذهلين جدا وهما بذاك التحديد البديع . فأين سيهرب من هذا الجمال القاتل وكل شيء في وجهها يحاصر روحه ؟!
# صَـوِّرْ . ما بك مرتبكا ؟!
@ حاضر . حالا !!
مسك أعصابه وصَـوَّرَها وهي بجوار سيارتها ، ولكن هذه المرة بوضعية واقفة ويداها مضمومتان على صدرها ووجهها به إبتسامة مضمومة الشفاه .
# شكرا . أحسنت .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17267
أعاد إليها هاتفها النقال وعيناه تتحاشيان النظر إلى وجهها . أما هي فلم تكترث له ، ولا للمصير البائس الذي سيكون عليه قلبه بعدما تغيب عنه ، وإنما بكل بساطة فتحت باب سيارتها ، وانطلقت تاركة الرجل متخشبا في مكانه مثل صنم أو إنسان متجمد مات بصعقة . لم تجبه على سؤاله الذي طرحه بفضول متعطش عليها ، وكأنه يضع فيه آخر أمل يتشبث فيه بها ، قبل أن تختفي هي عنه بكل صباحها الباهر الذي غمرته به :
@ من أين أنت يا طيبة ؟!
وببساطة وعبر شعاع مبتسم أجابت وهي تنصرف بسيارتها :
# من هذه الدنيا يا طيب .
وغابت في الزحام الطويل .
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
__ النص مقطع من مسودة أولية لرواية طويلة قيد التأليف .
__ العنوان في هذا النص القصصي ليس هو العنوان الأصلي للرواية .
______________________
-
حنين جهة الوطن 25-12-2018,
حنين جهة الوطن
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17803
... وأنا ببلاد الغربة ، أسقطتني عاصفة التذكر المفاجئة في دوامة من الحنين . فعَـبَـرَت أمام عين أشواقي الكثير من الوجوه الحبيبة والكثير من الأسماء والأماكن والذكريات والصور والأشياء : والداي . أخوتي . أخواتي . أطفال بيتنا . حارتي . جيراني . أصدقائي وبالذات صديقي أحمد ناصر . آه يا أحمد . يا ترى ما آخر أخبارك مع ياسمين ؟!
( اعتدنا معا أن نطلق عليها اسم الشرق لوقوع بلدتها شرق بلدتنا مباشرة ) .
مؤكد أنهما محلقان الآن في سماء حبهما الوليد .
أتذكر وانا الان على نافذة حنين مشرعة جهة الوطن ، عندما أصر صديقي أن يوصلني بسيارته إلى مسقط/المطار ؛ طوال طريق سفرنا لم يكن على لسانه إلا حبيبته ياسمين هذه وحبه الجديد معها والذي لشدة فرحته به أشعرني وكأنه أول مرة يحب فتاة وأول مرة يقع في الحب . أذكر في ذلك اليوم الذي كان اخر يوم لي بالوطن واخر لقاء يجمعني بصديقي أحمد _ أذكر ونحن في الطريق كم كانت هي بين الساعة والأخرى تتصل به لتطمئن علينا . أقصد عليه هو . انا لست طرفا هههههههه .
وبينما كان صديقي يعيش فرحة ميلاد أجمل قصة حب حقيقي مرت بحياته ، كنت أنا في الطريق إلى المجهول ، ينتظرني قدر يختبىء الآن في مكان ما من العالم .
من كل علاقاته ومن كل النساء اللائي مررن بحياته صنعت ياسمين هذه الشابة الجامعية الجميلة فارقا كبيرا وإستثنائيا في قصص حبه بل بأدق تعبير غيرت كل حياته . قلبت مشاعره رأسا على عقب . صنعت منه شخصا آخر بقلب جديد وحب حقيقي جديد وروح جديدة عاشقة وأيام مليئة بالبهجة واللهفة والتوق وبكل جديد حلو وفيه نزق جنون مثير .
في ذلك اليوم الذي كنا فيه نقترب من السيب ؛ صارحني بأنها تطلب منه أن يلتقيها غدا مادام سيبيت الليلة عند أصهاره بالخوض . إنها فرصة لا تعوض وجامعتها التي تدرس فيها ليست بعيدة عن الحي الذي سيبيت فيه .
" هل ستذهب للقائها ؟ " سألته مستوضحا فأجاب متظاهرا بالحيرة : " لا أدري والله يا صديقي . إحتمال كبير نعم . "
وكنت واثقا من حتمية ترجمة " نعم " هذه إلى واقع . إلى شيء أكيد ومؤكد بينهما ؛ فلهفة هاتفيهما التي لم تنقطع نغماتها طوال الطريق كانت تخبرني حقا بأنهما غدا سيلتقيان . وقتها سأكون أنا أخطو أولى خطوات الغربة وسط البرد والمطر وعواصف الحنين.
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ملحوظة مهمة :
@ هذا المقطع القصير يتبع الرواية التي عاكف حاليا على تأليفها. وكثير مما ورد فيه حقيقي ما عدا الأسماء التي التزمت أن تكون وهمية احتراما لرغبة أصحابها الحقيقيين .
@ العنوان الذي في هذا المقطع القصصي ( حنين جهة الوطن) ليس هو العنوان الأصلي للرواية .
_________________________
-
13-01-2019, أقدام لا تمس البحر
أقدام لا تمس البحر !!
http://up.omaniaa.co/do.php?img=18069
ذاك الشجار الذي حدث بينهما صباح ذلك اليوم وأنهى كل شيء ما كان إلا تحصيل حاصل لثمار مُرَّةٍ من المشاكل ظلت تتساقط على أرض حياتهما ، على مدار نصف عام . نصف عام هو كل عمر علاقتهما ، من فاتحة ألف التعارف إلى خاتمة ياء الطلاق !!
.... ففي ذلك اليوم البحري الصباح وكانا عند البحر يقضيان أول يوم لشهر العسل . صرخ بها وكأن نارا شبت فجأة في المكان ؛ صرخ مهتلع العينين وهو يلوح بيديه في الهواء عندما رآها تطأ رمل الشاطىء وتستعد للانطلاق بحماس :
@ تراجعي . إرجعي . لا تدعي ماء البحر يلمس قدميك !!
ظنت ما عوجق به صرخة خوف عليها من أن يجرفها البحر بأمواجه إلى داخله العميق وهي العروس القروية القادمة من بلدة صغيرة نائية ، لا تعرف بحرا ولا عوما .
وضحكت حين سمعته يصرخ بها هكذا محذرا منبها ، وبدلا أن تهديه ( شكرا ) كما متوقع أن يكون ؛ وقفت قبالته متعلقة بعينيه لبرهة من اللحظات وقد انعكست من وجهها المبتسم كل عفويتها القروية و براءة قلبها وطفولته ..
كان ثمة سؤال يملأ أعماقها ويبرق لامعا مثل طفلة " دلوعة " مشاكسة في عينيها الفرحتين المليئتين بالامتنان وكانت سعيدة إذ تنبض به أيما سعادة رغم سذاجته ورغم أنه سؤال عادي ويتكرر بأوضاع وظروف مختلفة بين العشاق وأهل الحب .. رغم كل هذا وذاك طرحته عليه آملة أن تجد منه جوابا يرضي غرورها ودلالها كأنثى وكعروس تقضي الآن أول يوم من أيام شهر العسل مع عريسها :
_ أتخاف علي ؟!
سألته وكانت على يقين أنها ستسمع منه أجمل مما تتوقع وسوف يفرحها ذلك كثيرا بلا شك وسيزيد من رومانسية وعذوبة جوهما .. لكن . وآ خيبتاه .. تحطمت كل توقعاتها الوردية أمام عتبة الجواب حين فاجأها يقول في حرد عاصف وجاف ووجهه مكفهر وقاس مثل صخرة مغبرة السحنة :
@ دعك من هذا السؤال السخيف . أنا أتكلم عن تصرفك الخطأ .
انكمشت ابتسامتها مخذولة على وجهها وسألته باستغراب بريء :
_ تصرفي الخطأ ؟! أي تصرف ؟!
أجاب بذات الدرجة من الغضب وهو يصر بأسنانه كأنه يمزق شيئا بها :
_ أن تضع إمرأة قدمين عاريتين على رمل شاطىء وفي مكان عام ومكشوف فهذا هو الخطأ . هذا هو العيب . الحرام . الشيء الذي لا يجوز !!
رغم سماجة وجلافة هذا الرد وتطرف معناه ظنته مزحة . دعابة ، وربما تمثيلية هزلية يحاول أن يمثلها معها .. خالج ابتسامتها ارتعاش طفيف وكأنها تعرضت لهواء ثلجي مفاجىء أو لرشة ماء باردة مباغتة لم تتهيأ لها مسبقا :
_ أنت تمزح !!
قالت وهي تحاول تكذيب ما تسمع فأجاب بذات النبرة الجادة وهو يثبت ملامح وجهه الصارمة والمكفهرة في وجهها ويهز رأسه بالنفي وعيناه جاحظتان يبرق منهما حزم أحمر :
@ لا . أبدا . لا أمزح !! لا أمزح حين يتعلق الأمر بالستر !!
الستر ؟!
وأسقط في يدها سماع هذا التأكيد التالي الصادم والخاذل واللا متوقع منه وبالأخص الكلمة الأخيرة ذات الوقع المستفز .. كان رده ذا أشبه بحجر كبير سقط من عل فجأة وارتطم بدماغها فسحقه !!
بقدر ما كانت كلماته فظة وغليظة بقدر ما أحست وهي تسمعها منه بجرح خفي ينبثق بدمائه في قلبها .. شعرت أنه أهانها .. ربما لم يقصد لكن أيا كانت نيته فقد فات الأوان الآن بعدما طاشت سهام كلماته من فمه وأصابت قلبها في الصميم !!
لثوان سمرت نظرتها الذاهلة والمصدومة في وجهه المحتقن غضبا بلونه القرمزي .. لم تتوقع أنه يتكلم بجدية .. ومثل كأس أسقطته ريح عاتية ؛ شعرت بقلبها يهوي فجأة ويتحطم مزقا وله أنين متلاحق .. الألم فظيع ومعه غضب متصاعد .. ودت - لحظتها - أن تصفعه على وجهه .. لكنها كظمت غيظها وحنقها وأرخت يدها وهي تستعيد توازن روحها المترنحة وفي عينيها تحد خفي ينذر بأمر سيء سينفجر بينهما بعد قليل .
ودونما كلمة واحدة ، وبوجه مزعوج معصوف بالخيبة والغضب وبغمامة من دمع توشحت عينيها ركضت إلى السيارة - سيارتهما - وكانت على مسافة خطوات .. فتحت بابها الأمامي بعصبية وعنف ثم قفلته عليها بنفس الدرجة من العصبية و العنف أيضا حتى أصدر إغلاقه إصطفاقة قوية وكأنه إصطدم بجسم صلب ثابت .. إنحشرت في جوف السيارة والغيظ يتأكل من ملامح وجهها المحتقن وفي قلبها ما هو أكثر من الغيظ .. تحاملت وهي تصارع رغبة جامحة للبكاء إجتاحتها .. لكن سيل الدمع هذا و الذي كان يملأ ذينك العينين كان ضاغطا وأقوى منها ومن مقاومتها فانزاح وفاض على وجهها دون أن يعيق إنجرافه شيء .. بكت بألم وحرقة وهي تستعين بالمحارم الورقية لتجفيف دمعها ولمحاولة منع هذه الحالة التي داهمتها ولم تسطع لها كبحا ولا دفعا .. مر وقت وهي تنشج برأس مطرق على صدرها الذي تبلل هو الآخر بدموعها .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=18070
وانتبهت بعد أن هدأت أنها الآن بمفردها داخل السيارة وتبكي .. خشيت أن ينتبه لتأخرها فيتبعها ليعرف ماذا تفعل كل هذا الوقت هناك أو ماذا حل بها فتحدث بينهما مضاعفات تأزمية لا تحمد عقباها ؛ لذلك التفتت بسرعة ناظرة إليه عبر نافذة باب السيارة ؛ كان واقفا هناك دون حراك ويداه معقودتان على صدره ووجهه شطر البحر .. خيل إليها كأنه عمود خشبي طويل مغروس في الرمل ؛ فلم تر منه إلا ظهره وقامته المديدة .. كان صامتا ولا يكاد يشعر بما حوله .. أما هي فبعد عشر دقائق تقريبا مضت على بقائها داخل السيارة إنتزعت نفسها من المقعد بعدما سارعت ونفذت ما كان يدور في رأسها ، وخرجت عائدة إليه وهي تسير مندفعة مثل عاصفة هوجاء ، ولكن بامرأة أخرى ، لها وجه آخر وعين أخرى ..
كانت هذه المرة تمشي وتضرب الأرض بقدمين إنطفأ منهما ضياء ذلك البياض الناعم الذي كانتا عليه قبل دقائق خلت .. رآها .. كانت غير التي انصرفت عنه قبل قليل .. واندهش حين أبصرها على هذا النحو المقرف والمحرج جدا وصرخ مستنكرا وقد زاغت عيناه :
@ ما هذا الذي فعلت بقدميك ؟!
صفعته برد مستخف تحتقن فيه مرارتها وحنقها وازدرائها أيضا :
_ سترتهما بهذين الجوربين الأسودين .. أليسا عورة وعيبا وحراما ؟! ها إني سترت هذه الثقوب المضيئة .. أيروق لك هذا أيها المثقف المنفتح الفكر ؟!
ولوت بوجهها وهي تعض شفتها السفلى غيظا وقهرا وألما .. صمتت ناظرة نحو الأسفل إلى حيث الخسوف الكلي الماثل لأجمل قدمين من نور .. ثم فجأة و كالمجنونة أخذت تركض بخسوف قدميها ذاك على رمل الشاطىء المشبع بالماء . تركض فحسب من غير أن يكون لذلك اشتهاء واضح أو فرح أو حماس حقيقي بالركض وجو الركض . كانت تركض حينا وحينا تترك قدميها تغوصان وتندفنان بجوربيهما الاسودين ذينك في الرمل عن عمد وقصد وقسوة وكأنها تتنفس بغيظها من خلال خطاها التي كانت تدوس بها كل كلماته وأفكاره البالية التي سئمت من سماع نغمتها ؛ العيب . العورة . الحرام . الستر . الجحيم ... ليل نهار .. ليس بينهما من حديث جميل يتنفسان من خلاله إلا هذه الأسطوانة العتيقة والخطب البلهاء التي فيها ، وكأن الإنسان شكلا لا فكر ا . ثوبا لا جوهر .. سحقا !!
إبتل الجوربان الأسودان وتلطخا بالطين .. ولم تبالي بشكلها الذي صار الآن مزريا للغاية وباعثا للسخرية والهزء والاشمئزاز والنفور من كل شخص عابر ..
إمرأة عارية الساقين إلى حد الركبة مرت عليها ونظرتها بذهول مستنكر وتقزز وهزت رأسها كأنها تلعن هذا اليوم الذي شاهدت فيه هذا النحس .. شاب آخر معه رفيقة جميلة ، في مثل عمره ، وضيئة الوجه ، مرا بها ونظراها وهما يرسمان على أعينهما نظرة اندهاش غير مصدقان ما يبصران من عجب ، لكنهما تابعا مشيهما على الشاطىء ، متعانقان في دفء مكشوف وهما يغمغمان بكلام غير مفهوم لكنه كان يصل إليها مخترقا أعماق روحها مثل أنصال حادة جارحة ، فتتألم ويزيد من ألمها تلك الضحكة الهازئة والمستفزة التي سمعتها من رفيقة ذلك الشاب بعد لحظات من إبتعادهما عنها .. قهقهت تلك الشابة وهي تلتفت للخلف برأسها ذو الشعر القمحي المنسدل حتى ردفها الممتلئ كأنها تلقي نظرة أخيرة مشفقة على كائن غريب بائس أتى من أزمنة غابرة وعقليات منقرضة ..
" متخلفة "
" مجتمع رجعي "
كانت هاتين الكلمتين بالذات أبشع ما لطم سمع مشاعرها بهذا اليوم كله . وارتفع دم حنقها وانتصبت أمامه ووجهها يطفح بنظرة التهكم :
_ هاه .. هل أعجبك ما ترى ؟! هل أنت سعيد ومبسوط بهذا العسل الذي نحن فيه الآن ؟!
في إحراج وخجل شديدين أطرق برأسه عاجزا لا يدري ما يقول .. لكنه بعد ثوان ، كشر عن أنياب لومه ودفاعه قائلا :
@ أنت السبب . أنا لم أطلب منك أن تغطي قدميك بهذه الجوارب .. و ..
صرخت متقيأة بكل ما فيها من مرارة وحاجباها مقطبان في غضب :
_ بل طلبت وأمرت .. ألم تصرخ بي قبل قليل : تراجعي . إرجعي . لا تدعي ماء البحر يلمس قدميك !! أليست هي هذه عقلية جوربك الأسود هذا ؟! أليست هذه هي نفسها مفرداته التي تكبلني وتقمعني وتجلدني بها داخل البيت وخارجه : الستر . العيب . الحرام . وما يجوز وما لا يجوز ؟! أليس ذا هو قانونك الذي تطبقه علي وتجلدني به حتى ونحن في السرير ؟! .. منذ ما قبل انتقالنا إلى عش الزوجية وأنت على هذه الحال معي . ليست لديك من لغة لتتقارب وتتفاهم بها معي إلا العيب والحرام والجنة والجحيم والإثم والعقاب ... إلى آخر قاموس تطرفك الأعمى ، وكأني إمرأة منحرفة طائشة آثمة يتوجب تقويمها أو رجمها في ساحة عامة .. إني ضقت ذرعا من هذا الوضع الذي حشرتني في قنينته الضيقة .. لماذا نستمر ندور في هذا العبث الفارغ ؟! عد بي فورا إلى بيت أسرتي .. حالا أريد أن أعود .. يكفي .. لقد شبعت من شهر عسلك هذا و لن أحتمل قطرة واحدة زائدة من كأس مرارته !!
طعنته بنظرة احتقار وهي تنسحب من أمامه راجعة إلى السيارة وفي عينيها غم وندم ، وفي رأسها قرار لا رجعة فيه ..
_ أنفذي بجلدك قبل أن يتعاظم الجحيم !!
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
______________________
-
ابداعات الكاتب / سعيد مصبح الغافري في الشعر والخواطر
جِــداريـة الجــرحِ والغـضـب !! 16-09-2014
ــ تنويه : هذه الجدارية هي لوطن عربي ممتد من الخليج إلى المحيط وليست مقصورة على قطر عربي بعينه ..
http://www.vetogate.com/upload/photo...0x282o/837.jpg
لا ذي المنابر يا أســماء تُـبـرئـني
جُـرحي عميق وليل النزف في نَحَـب,
يا ليت شِــعــري - متی يا أمتي تلدي
ليثا غـيـورا علی الإســلام و العــرب, ؟!
قـالـوا : مُـلـوكٌ !! ألا تـبَّـت ملوكُهُمُ !!
كما إلهي أتـبَّ يــدا أبي لهــب, !!
&&&&&&
أقــولها عـبارة صريحة
جارحةٌ كالـمُــوس
حكامنا يحـيـون في ثــلاثٍ :
العــرش والـنـســاء والـفــلـوس
حكامنا ما جــرَّبوا في عمرهم
أن يرفـعـوا الـرؤوس
كــوائــلٍ في تغــــلــبٍ
أو عـــازمٍ في أوس
حكامنا عُــروشهم أهــم من وطــن
وليلهم يـرونه في مــومـسٍ رخـيـصةِ الثمن
ومرقـصٍ وبـوس
يا أيها الـتـنـابـل الكُـســالى
يا أيها التـيـوس
أوطاننا في عصركم مُـشـاعـةٍ
ما بين عِــلـجٍ أحـمـرٍ
وداعــشـيٍّ أجــربٍ
وقــاعــديٍّ أعـــرجٍ
وســكــرةِ الكــؤوس !!
أوطاننا مُـضـاعة
مُـذ غــيَّـبـت إســلامـهـا
وعــزة الـنـفـوس
أوطاننا في قُــدسِــهـا المفجوعة
تبكي شـهــيداً غــالـياً
كانت لــه عــروس !!
كانت لــه عــروس !!
*****
http://forums.mn66.com/imgcache/2/187652alsh3er.jpg
وطـني أرضٌ من ملح
لا ينبت فيها حتی العشبا
وطني صيرورة موتٍ
وطـنـاجِــرَ حُــكَّــامٍ
جُـثـث . أصنام . خشبا
شـعـبٌ يقــتات من الخـوف
ويشـربُ من أوصاب التـعــبـا
آهٍ . من حــزني عليك أيـا وطني
آهٍ . من قـلـبي المصلوبُ علی جـذعك صلـبا
وطــني جُــرحٌ في قــلـبي
ولا تسألني بالله متی يـبـرأ جُــرحي ؟؟
فأنا مثلك
لا أعـلم ماذا مكـتـوبٌ عن وطني
في لــوحِ الغــيـبـا !!
&&&&
نحـن في زمن الجـفـاف صديقـتي
لا غيمة تأتي ولا أمطار
نمضي علی درب الشــقـاء وخطونا
مــد طويل يحمل الأصــفــار
يا أمة ماتت عـزيمة روحها
يا حاضرا . ما آخـــر الأخــبار ؟!
&&&&&&
http://www.assafir.com/Medias/Photos...55//114901.jpg
أقـــول للعـسـاكـر :
يا مُـشــاة
يا جُــنـود
طريق يـافــا من هنا
فاعبروا الحــدود !!
يُغــيِّـروا لافــتة العُــبـور !!
ويرجعـون لـلـوراء !!
قـبائلا من عــربٍ حُــفــاةٍ
تجمعهم بـســـوسٌ
وداحــسٌ وغــبـرا
ويضحـك الـيهــود !!
&&&&&&
بعد جـراحٍ مازالت تنزف في داخلنا
بعد هــزائمنا النكراء
ما جـدوى زعـيـمٌ عـربي له وجـه وقـلـب الضعفاء ؟!
صــنـمٌ حـجــري الـروح
تُـلحـسُ قــدميه طــوالَ الـيـوم
ويُعــبـدُ مثـل اللاتِ وعُــزَّى
كل صباحٍ ومســاء !!
بـلـقـيـسٌ حكـمت أكــبـر دولـةْ !!
وكانت أعـقـلَ من كل الحكماء !!
فماذا سنخـسـر في عصر خسائرنا الكبرى ؟!
ماذا سنخـسـر ؟!
لو جـرّبنا حكم القلب الحاني على هذي الأمة
ماذا سنخسر لو يحكمنا هذا القـلـب / الأنـثى ؟!
لو تحكمنا ثانية بـلـقـيـسـاً . دعــداً . عـفـراء ؟!
&&&&&
http://www.al-arabeya.net/images/pho...004529-1-0.jpg
ومن المحيط إلی الخليج
وطــنٌ كبير من مِحــن !!
وطــنٌ به مليون طُــنٍّ من عــفـن !!
إني كـفــرتُ بأرضهِ وســمائهِ
وبأهـله الهــؤلاء البارديـن . الميتين بلا كـفـن !!
وطـني الـبـديـلُ حـبـيـبـتي !!
وأنـا سـأبـني من عــيـونِ حـبـيـبـتي
أحــــلی وطــــــن !!
شـعـر : ســعـيد مصــبح الغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
-
أجـمـلُ أخــبارُ العــالـمُ .. أنـتِ !! 22-09-2014
أجـمـلُ أخــبارُ العــالـمُ .. أنـتِ !!
ســـلامُ الـنـبـض أرســلُهُ
إلى شــاميةٍ حُــــلــوةْ
أرد الوصــلَ بالوصــلَ
ومن قـلـبي لها ( غُـــنـوةْ )
مســـافــرةٌ تودعني
بوجـهٍ شـاحـبٍ جَــــوَّهْ
أنا في بُـعـدها أحـيـا
بـلا حـولٍ ولا قـــوَّةْ
أنا في الحـزنِ مُـنـقـبـرٌ
وبيني وضحكتي هُـــوَّةْ
يصــيحُ بداخــلي لـيـلٌ :
قـد إشــتـقـناكِ يـا حُــــلـوةْ !!
####
http://n4hr.org/up/uploads/n4hr_13612572231.gif
أول حـالاتُ عُـناقٍ ظهـرت بين كلينا
كانت نبضا من كلمات !!
وحصل الأنس الدافىء !!
إرتاحـت أحـرفـنا الأولی من بعضها بعضاً
وتعــارفـنا في لحـظات !!
كان القدرُ يُهيئ أرضاً
ويُبذرُ بذراً في الأيام
ويخـلـق جــواًّ للغــيمات !!
فيما بعد ..
سنبصر برقاً
سنسمع رعداً
سنلمس مطرا في زخَّــات
ستصبح هذي الأرض مروجاً
ومدیً أخضرَ من غــابات !!
في ثاني عُـناقٍ بعد هنيهةِ أيامٍ
لاحظتُ القـلـبَ تغــيـرَ فجأة !!
وكأجـرأ من أي جـــريء
كتب إليها بحبر النبض :
إشتقتك جدا !!
ردت فــوراً :
وأنا أكثر !!
أينك في هذي الغـيبات ؟!
وتلاقينا بجسر البوح
وكان عُـناقـاً للأشــواق
وكانت ضماتً للنبض
ما أسعدها من ضمات !!
اليومُ بعُـناقٍ ثالـث
كنا عند قِــطــارٍ راحــل
كانت تبكي
كانت تغــرق في الآهــات
وكنت ألملم ذاك الدمع
وكنت أقول بكل الصدق :
أنت بقلبي حبيبة عمري
قسما نبضي لن ينساك
قسما هيهات
وتوادعنا ..
وإلی اللحظة
أشـعـر أني كالأمــوات !!
$ $ $
http://upload7.ir/images/34865879971734365573.gif
لـو للحـــب بهذا العـصر المتشنج أعصاباً
نـشـــرة أخبارٍ جــوية
لتمنی قلبي أن يسمع دوماً :
إليكم أخـبارُ الطقس ..
بكل العالم ..
سيكون الطقس القـلـبي غداً أمطاراً حُـبية
وحــرارته العظمى عالية
وسيطغی مد الإحساس الـنـبـضـي
بكل شــواطئه البحــرية !!
لو يحصل هذا ..
لانشغل الناس بهذي الأخبار اليومية
ولما سمعـوا كل صباح ومساء :
مصــرعُ خمسونَ ببغدادٍ
في غاراتٍ وهمية !!
مقــتـلُ طـفــلٍ غــربَ دمشق !!
يهــودٌ يقتحمون الأقصی !!
أمريكا تجــري تجربةً نــووية !!
الصــيـنُ تهــدد !!
مذبحةٌ في جـــاوا !!
أنباءٌ عن تصفيةٍ عِـــرقـية !!
صفقةُ أسلحةٍ روســــية !!
رُعــبٌ يجتاح العالم !!
حــروبٌ نفـســـية !!
.
.
.
.
يا ليت العالم .. كل العالم
يخلع هذي البدلات الكاكية
يخــرج من هذي الهمجية
يلبس ثوباً أرقى وأجمل !!
ثوباً مغــزولاً من حُــــبٍّ
لا نخـجـل أبدا من مــرآهُ
ولا أن يأتينا مقـــروءاً
أو فـي صـورٍ مـن ألـوانٍ قــزحــية !!
يـالـيـت الحــب ودنـيا الحــب
أجمل أنباءٍ تـنـشــــر
وأجمل ما يأتينا
من أخبارِ الطقسِ المفرحةِ الوردية !!
شــعـر : ســـعـيد مصــبح الغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
-
لــيـلُ الضــفـائـرِ لا يـنـام !! 28-09-2014
لــيـلُ
الضــفـائـرِ
لا يـنـام !!
https://fbcdn-sphotos-h-a.akamaihd.n...ef09c8967f9693
مــدخـــل :
شَــعـرٌ عـلـى الكـتـفـيـن مُـنـســـدلٌ
كـم غــار مـنـه الـنـهــرُ والـلـيـلُ !!
شَـــعــرٌ حـــريــريٌّ . جـــدائــلــهُ
إن لامـســتـهـا الــريــحُ تــرتــحــلُ !!
سُــبـحــانَ مَــن ســــوَّى ديــاجـــرهُ
سُــبـحــانَ خــالـقَ هــذه الـخُــصَــلُ !!
مــاذا ســأكــتـبُ فــيـهِ أو عــنـهُ ؟!
لا شِـــعــري يُـنـصــفـهُ ولا الـجُــمَــلُ !!
حــســبـي إذا مـا انـثــالَ مُــنـســـرِحــاً
حـســبـي بـعـيـنـي فــيـهِ تـبـتـهــلُ !!
&&&
دعــيـهِ يـطــولْ
فإني أحـبه في الريح يمضي
كـذيـلِ الخــيـولْ
وأهــواهُ هـمـسـاً
وأشــتـاقُ فـيه حــفـيـفَ الضــفـائـر
ودردشــةَ المشـــط معها مساءً
ومـاذا يـبـوحُ لـهـا مـن كلامٍ وماذا تـقـولْ
دعــيـهِ يـطــولْ
سألـتـكِ بالله
لاتحـرمـيـه مــداهُ البعـيد
إذا ما نــوى أن يُـســافـرَ فـيـهِ
فـذاك الرحـيـل الجـمـيـل لـه
عـســاهُ . عـســاهُ بـلا مُـنـتهى
عـســاهُ رحــيـلاً
وســبحـاً طــويـلاً
يـشـــقّ الـفـضـاءَ بـشــرقٍ وغــربٍ
ولا من وُصــولْ !!
دعــيـهِ يـطــولْ ..
فـذا الـلـيـل لـيـلٌ ولا أي لـيـل !!
وإني أُحــبـهُ
نهــراً من العـطـر بـيـن الحـقـولْ
ورقـصـاً يُعــانـقُ قــوسَ الـضــيـاء
وقـد أسـكرتـه الـلحــونُ العُــذابُ
ووَقــعُ الطـبـولْ
دعــيـهِ يـطــولْ
فـإن حــلَّ بــردٌ
ســتعـرف هـذي العـصافـيـرُ حـتـمـاً
أين الـمـبـيـتُ وأين الـنـزولْ
وإن داهـم الحــرُّ أهــدابهـا
فـتحـت الضـفـائـر ظِـلا ظــلـيـلاً كـظِــلِّ الـنخـيـلْ
دعــيـهِ يـطــولْ
دعــيـهِ يـطــولْ
أُحــبهُ ينمـو أمامَ عــيـوني
بكُـلِّ الشـهـور وكُـلِّ الـفـصـولْ
أُحــبهُ يـمـتـد طــولاً وعِــرضـاً
كـعُـشــب الـروابـي
كهـذي السـهـولْ
أُحــبهُ يغـمُـرُني بالـذهــولْ
وأحــزنُ جـدا ويُـؤلـمُ قــلـبي
لـمـرآهُ يـذويَ نحـو الذبـولْ
دعــيـهِ يـطــولْ
دعــيـهِ يـطــولْ
عـسى عُــمْـرَهُ يـا هَــوايَ يـطــولْ
شِــعـر : ســـعـيد مصــبح الغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
-
وَجــهٌ لـيـسَ أنـتْ !! 16-10-2014,
وَجــهٌ لـيـسَ أنـتْ !!
http://www.tran33m.com/uploadcenter/...1349269266.png
يـا صـديـقـي ..
أنـت مـا أنـت الـذي يــومـا عـــرفــتْ !!
أنـت مــاضٍ !!
كُـلـمـا يَـمَّـمـتُ عــيـنـي شَـــطــرَهُ
رَدَّ قــلـبـي نـاعـيـاً :
يـرحــمُ اللهَ زمــانـا كــانَ مـنـك
بــاتَ أطــلالاً وذِكــرى
مُــنـذُ مِـــتْ !!
كُـنـتَ قــلـبـاً !!
كُـنـتَ روحــاً !!
كُـنـتَ طِـيـنـاً طــيِّـبـاً !!
أريَــحــيًّا . مـن حـيـاةِ الـبُـسَــطــاء !!
كُــنـتَ أَنــقــى !!
كُـنـتَ أجـمـلَ رُغـــمَ فُــقــرك !!
كُـنـتَ أَغــنـى رُغـــمَ شُـــحِّ العـيـشِ عــنـدك !!
كُـنـتَ . كُـنـتَ !!
آهِ منهـا تـلـك ( كُـنـتْ ) !!
لا يَــدُمْ حــالٌ بــذي الـدنـيــا
وهــاأنــت انـقــلــبـتْ !!
مُــتــرفَ العـيـشِ . أمــيـراً
حــيـثُ صِـــرتْ !!
http://www.1001-votes.com/vote/1234f...ends1024-u.jpg
أيُّــهــا الســاكــنُ فــي القـصــر بـعــيـدا
يــومَ عــنـا إنــتــأيــتْ
أيـهــا النــاكــرُ للمــاضــي الـذي فــيــهِ وُلـــدتْ
مَـن هُــوَالـيــومَ يـهـمـك ؟!
أيُّ أســـمـاءٍ سـتـذكــر لــو ذَكــرتْ ؟!
أيُّ أمـسٍ ؟!
أيُّ حــاراتٍ وجــيـرانٍ وأصـحـابٍ وبـيـتْ ؟!
فـيـقـيـنـي قـد نـســـيـتْ !!
بـعـدمـا أَعــمــتـكَ دُنـيـا فـاعــتـمـيـتْ !!
إِمــضِ فـيـهـا يــا صــديـقـي !!
إِمــضِ فـيـهـا كـيـف شِـــئـتْ !!
شَــجــرةَ الـدولارِ تُــغــري !!
أنـتَ مـنـهـا إقــتـربـتْ !!
ثُــمَّ مـنـهـا قــد أكـلـتْ !!
ثُــمَّ فـيـهـا أنـتَ مُـــتْ !!
فـرحــمـةُ اللهِ عــلـيـهِ
يـا صــديـقــاً قــبـلَ هـذا الذنــبِ أنــتْ !!
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...4SNJnKPlnBxHfG
يـرحــمُ اللهَ الحـنـيـن !!
لـسـتُ أرجــو مـنـكَ وَصــلاً
أو جُـسُـوراً تُـسـتـعـاد !!
ذاكَ إنْ أنـتَ رَجَــعــتْ !!
يــرحــمُ اللهَ الـوفــاء !!
لـسـتُ أطـمعُ في سُـــؤالٍ مـنـك عــنـي
هــذا إن يــومــاً ســـألـتْ !!
يــا غــريـبـاً عـن عــيـونـي
عـن أحـاسـيـسـي وعـقـلـي
عـن ديــاري
عـن حــيـاةٍ فـيـهـا عِــشــتْ !!
أنـتَ مَــن ؟!
وَجـهُـكَ الـيـوم الـذي يَـصــدُمُ روحــي
هـذا وَجــهٌ لـيـسَ أنـتْ !!
هـذا وَجــهٌ غــيـرَ مـا كـنـتُ رأيــتْ !!
وَجْـهُـكَ / الـمـاضـي الـذي يــومـاً لـمـســتْ
ذاكَ حـقـاًّ كـان أنــتْ !!
ذاكَ حــقــاًّ مـن عــرفــتْ !!
كـان أمـســاً مـنـك حــلــوا أيّ أمـس !!
رحـمـةُ اللهِ عــلـيـهِ
قــبـرُ مــاضـيـهِ هُــنـاكَ
نَـقْــشُ شــاهِــدِهِ يــقــولُ :...................هـــاهُــنــا يــرقـــدُ مَـــيْــت
.................
بـنـزيف قــلـمـي / ســــعـيد مصــبـح الـغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
-
لـيـلٌ يـرحــل وآخـــرُ يـنـتـظــرُ بشـــوق !!27-09-2014,
لـيـلٌ يـرحــل وآخـــرُ يـنـتـظــرُ بشـــوق !!
http://www.arpoets.com/wp-content/up...46404089_n.jpg
كنت هناك ..
بتلك الضفة الأخرى لحلم عبورك ..
أرقب في شوق زورقك الوردي الآتي من ألف تحد ومحال ..
وحين رأيتك ..
كان بياض خطاك حريراً من ضوء يمشي حافي القدمين ويطبع أجمل آثار فوق الرمل ..
ها أنت ..
كسبت رهان المرتهنين ..
شبكت أصابعك الحلوة بأصابع يمناي ..
غادرنا الشاطىء في زورق أغنية حالم ..
وما زال الليل بأول بدء !!
http://sfiles.d1g.com/photos/26/91/3279126_normal.jpg
بهذا الليل القمري الحضرة لا يقلقني أبدا إن أخفی الغيم الداكن قرص القمر البازغ ؛ فوجهك يغنيني عن كل ضياء !!
بقايا من بارحة جنون فائت ..
بقايا من أنفاس ووشوشة حوار وأصداء لضحكات حلوة وكؤوس غرام بها بقية من نبيذ العشق وجو لا تزال به عوالق من غيم عطر سهرتنا الذي كان يتصعد من ثوبك الأنيق ..
تلك بقايانا من سهرة ليل فائت ..
ولنا صفحة شوق لليل جديد نسطر فيه أجمل آت مختزن في النبض ننتظره بفارغ صبر .
بقلمي ونبضي / ســــعـيد مصــبـح الغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
فـي الـرد عـلى قصــيـدة الشــاعـر أبــو قـيـس 99 04-11-2014
فـي الـرد عـلى قصــيـدة الشــاعـر أبــو قـيـس 99
هذه القصيدة رد متواضع جدا على قصيدة أخي الغالي الشاعر المبدع / أبــو قــيـس والتي نشرها هنا بالسبلة العمانية بتاريخ 3 / 11 / 2014م وكانت بعنوان ( مشكور يا بو مصبح مشكور ) ويقول مطلعها :
مشكور يابو مصبح مشكور//// يالشهم ياللي ذايع الصيت
إن قلت فْيَگ الشعر معذور//// وانظمت لك بيت ورى بيت
وهذا ردي على قصيدته الجميلة مع خالص محبتي واحترامي لشخصه الكريم ولكم جميعا ..
جاني كتاب في وقــت ديجــور
يوم الـمــلا برقــاد ومبيت
كتاب ( ن) حـروفـه تضـح بالنـور
لامن لـفـتـنـي نــوَّر البيت
مـرســوله من نـشــمي ومشهور
طبعه الوفـا وله ف السـخـا صــيـت
سامي بمعاني الطـيـب مـذكــور
نـادر ، ف طيبه ما حـشـا ريـت
يا ألـف مرحب عــد لـبـحـور
وعـداد من لـبى ولـبـيـت
وعـداد كـلـيـم الله ف الـطـــور
وعـيـسـى ابن مـريـم مـحـيـي الـمـيـت
وأحـمـد شـفـيـعـي يـوم لـحـشــور
صــلاة ربي عـلـيه صــلـيـت
أبـو قـيـس حـيِّـك . يـا مـسـا الـنـور
يـا ألـف مـرحـب بك . تـعـنـيـت
يـوم ( ن ) لـفـيـتـنـي بـذيـك لـسـطـور
كـنـك هـلال الـعـيـد هــلـيـت
وكـنـك عـطـر فـايـح ومـنـثـور
عـطَّـر زمـانـي ف أحـلـى تـوقـيـت
تـسـلـم يـمـيـنـك نـســل لـصــقـور
وربـي تـراك كـفَّـيـت وفَّـيـت
يـا جـود يـا مـن جـودك إنـهـور
أشـهـد بـفـيـض الـجـود غـطـيـت
إن جـيـت أثـنـي عـلـيـك بـشـعـور
تـعـجـز حـروفـي مـهـمـا أثـنـيـت
ولـو يـوتـفـي حـقـك بـ ( مـشــكـور )
بـعـده ( الـشـكـر ) ذا قـال : يـا لـيـت !!
يـعـلـك تـعـيـش بـسـعـد وســرور
وخـصـبـه ديـارك ويـن حـلـيـت
وعـسـى الـمُـخُــوَّة بـيـنـنـا جـســور
مـوصــولـة ( ن ) بـالـود والـبـيـت
واعـذر كـلامـي وان بـدا قـصــور
مـنـك الـســمـوحة بـالـلـي رديـت
شــعـر : ســـعـيد مصـبـح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
-
عــلــى رُبَــــىَ لُــبــنــان !! 01-11-2014
عــلــى رُبَــــىَ لُــبــنــان !!
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/i...yXMO7CumDprp3g
الليلُ بشــوقٍ يـنـتـظــرُ
وأنا أعـصــابٌ تحــــتـرقُ !!
عــاشـــرةٌ لـيـلاً مـوعــدنـا
يـا أروع وقـــتٍ يـأتــلـقُ !!
يـا عـــيـدَ فــؤادي . يا فــرحي
مع دِيــنَـا ما أحــلـى الغــرقُ !!
* * *
تـقــولُ لي في هــاتـف الصــبـاح :
أتـذكــرُ الـ ( شـــانــيـلَ ) والـوشـاح ؟!
وجــوَّنـا المُـصـغي إلى ( فـيـروز ) بانـتـشــاء
وشِـعـركَ الهـمِّـيـسُ في ضــفـائـري القـمـحـيـة الحـريـر
وما ســكـبـنـا من هـــوى
في تـلـكُـمُ القِــداح
يـســـري بـنـا نـبـيـذهـا
في لـيـلـنـا الوضيء
ونحـن بانـشــراح !!
واســتـرجـعـتْ . واسـتـرجـعـتْ
ما قـد مضى وراح !!
واشــتـعـلَ الحــنـيـن
وغـمـغــمَ الأنــيـن
واســتـيـقـظـتْ ريــاح !!
# # #
لُـبـنـانُ يــا لُـبـنـان !!
يا حــلـوها من جــنـةٍ
يا طِــيـبـهـا إنـســان !!
هُـناك يا صديـقـتي
بالـشـــوقِ والأحـضـان
ســيـلـتـقـي تـشـــريـن ( 1 )
مُعــانـقـاً نـيـســان ( 2 )
هُـناك في عــكَّــار ( 3 )
ســنـلـتـقـي قــلـبـان
تـضُــمُّـنـا النجــوم
والليلُ والألحـــان
هناك يا صديـقـتي
بـمـرســـمِ الألــوان
ســنـلـتـقـي قـصــائـداً
على رُبَــىَ لُـبـنـان !!
@@@
http://n4hr.org/up/uploads/n4hr_13343645281.jpg
إذا غــاب وجهـكِ ذاكَ الجـمـيـلُ
ولــو بعـد عُــمـرٍ
طــيـوفــكِ عـنـدي هي الـبـاقـية
أحــبـكِ نـبـضـاً
وأهــواك شِــعـراً
وعـشــقـاً ووَجــداً
وإلهـام قــلـبٍ
على أســطـرِ الـنـثـرِ والقــافـيـة !!
شــعـر : ســـعـيد مـصــبـح الـغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
** إشارات :
( 1 ) يقصد به الشاعر نفسه المولود في هذا الشهر
( 2 ) يقصد به صديقة الشاعر المولودة في هذا الشهر
( 3 )
محافظة لبنانية جميلة جدا تقع قرب الحدود مع سوريا
-
وَجــهٌ مــن ذاكــرةِ الأمـس !! 19-11-2014
وَجــهٌ مــن ذاكــرةِ الأمـس !!
وجــهٌ يحـكي قـصة عُـمْــر !!
وأنا عـن ذا الوجـهِ الباســمِ أكـتـب شِــعـر !!
وبعض فـتـافـيـت خــواطـر ومقاطع نـثـر
يـا ذاكــرة الأمس
من وجهـكِ يـبـدأ وطـني الـغـالي
من صـوتـكِ
تـبـدأ فاتحـة الكلمات وأول ســطـر
إحــكِ يا جـدة ذي الأرضْ !!
إحــكِ عن شــعـبٍ لــهُ رُوحٌ
لـهُ قـلـبٌ حـيٌّ بـهِ نـبْـضْ !!
إحــكِ عن أجدادي !!
عن محــراثٍ شـــق الصخـر
وفجّــرَ عـيـنـاً بالصــحـراء وأجـریَ نهــر !!
عن عَــرَقٍ بجبينٍ أســـمر
أرویَ نخــلاً !!
أحـيـا أرضـاً حـتى صارت
مــدًّا من بـرٍّ مُخـضــر !!
عن تـغـــريـدٍ من فــلاحٍ
حُــلـوٍ عــذبٍ عند الـفـجــر !!
إحــكِ عن رحــلـة صـيـفٍ وشـــتاء
وعن ( عِــرشـانٍ ) فـي الـغــابـات
كانت للآتــيـن ( مقـايـض ) تـرحـالٍ
ومـرابـع من زمـن الحَــر !!
إحــكِ يـا جــدة عن جــاراتٍ
كُــن يَــرِدنََ الماءَ ضُـحـی وعند الـعـصـر
إحــكِ عن أطـفـال الحــارة
عن ألـعــابٍ
عن ضحكاتٍ
ومراجــيـحٍ
ودُمی من قَـصَـبِ الســكـر
وعن سـقـسـقـةِ الـدوري والـوروار
وهــديـلِ يـمــامٍٍ
ما أشـجــاهُ بذاك الغــافِ . السُّــمرِ . السِّـــدر !!
إحــكِ عن ذاتِ ضـفـائـر
كانت تهــویَ الركـضَ الحــافي
في الريحِ العـاصـفِ والأمطـار
بذاك الشــعـر !!
آهٍ من ذاك الشـعـر المجـنون الحُــر
وحـديث جـدائله العـفـوي العـطـر !!
إحــكِ يا جدة إحــكِ !!
إحــكِ عـن بـيـتٍ من طــيـن
وعـن لـيـلٍ من دفءٍ فيه
وسُــراجٍ من نـورٍ هـادىء
يُـصـغـي في صـمـتٍ لـحـكـايـا البيت
وعـن جـيـرانٍ مُـلـتـفـيـن حـديـثـاً حُــلـواً حــول الـنـار
وفـناجــيـنُ الـقـهـوةِ تـضـحـك
ولها لـذة ذاك الـتـمـر !!
إحــكِ يا جــداه !!
إحــكِ عن أهــلـي وجــدودي
عـمن عـاشــوا زمـن الطــيـن
وما حـمـلـوا الأيـام هُـمـومـاً
بـل سَــعـيٌ ولـســانٌ يـلهـجُ بالـشــكـر !!
وكانوا نبضاً. روحـاً. إِلــفــاً.
وأيــادٍ من خـيـر !!
إحــكِ يا جــدتـنـا
عن قـصـصٍ أروع مما قال الراوي
وعن أمثالٍ وأساطير الجـن و ســر !!
عن ماضي بلادي
إحــكِ يا جــداه !!
فما أحــلاه حــديـثـاً منك
ذاك المتنفس عـبـقـاً
والآتـي أصـداءً من زمـن الصـبـر !!
وبسـاطة أيـام زمـان
وذاك الخـيـر وما قـد كان وما قـد مــر !!
إحــكِ يا جــداه !!
أحــفــادكِ يـصــغــونََ بـفـخــر !!
شــعـر : ســعـيد مصــبح الغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
دفــاتــر مــن ظــمــأ !! 08-12-2014
دفــاتــر مــن ظَــمَــأ !!
ـــ ليس بالضرورة كل إمرأة جميلة سعيدة في حياتها ..
http://fscomps.fotosearch.com/compc/...T006/r6620.jpg
جــاءتـني تحــمـلُ دفــتـرِهــا
فـارتـبـكَ الـقــلــبُ بـمــا أَبـصــرْ !!
هــل هــذا طِــيـنٌ ؟! أم نُــورٌ ؟!
سُــبحــانَ الـبــارىءَ مـن صَــوَّرْ !!
أُقـســمُ لــو نـاسِــكَ مَــرَّ بـهــا
أنـســتـهُ الـنُـسْــكَ ومـا اســتـغــفــرْ !!
جــاءت فـي غــيـمٍ ورديٍّ
وانـســكـبـت عِــطـراً لا يُـقــهــرْ !!
والحُــســنُ الـبـاهِــرُ يـغــمُــرُني
بـالـوجــهِ الـقــمـريِّ الـمُـســفِــرْ !!
والـشَّــعــرُ ســنـابـلَ مـن قَــمْـحٍ
إنْ رقـصـت أبـهــجــت الـبـيـدرْ !!
والـخَـصــرُ قـــوامٌ مَـمـشُـــوقٌ
أمــا الـســاقــانِ فـمـن مَــرمَــرْ !!
والـعــيـنُ صَـــفَــاءٌ لُـجـيٌّ
يُـغــرقُــني فـي بحـــرٍ أخــضــرْ !!
والـثـغــرُ شــهــيٌّ جـــذابٌ
دوَّخــني بـالـكَــرَزِ الأحــمـرْ !!
تـلـكَ الحـســنـاءُ بـمـا نَـعُـمَـت
مـن حُـســنٍ فـتـانٍ مُـبـهــرْ
أفـــردت الـدفــتـر فـانـصــدمـت
عــيـني مـن بَـيـدرهِ الـمُـقــفِــرْ !!
مِـن عــامٍ ــ قــالــت ــ ظــامـئـةٌ
مِـن عــامٍ أرقُـــبُ أو أكَــثــرْ !!
فــاعــبُـرْ غَــيـمـاتٍ مـن شِـــعــرٍ
إِروِ مـا أقــفــرَ مـن أســـطُـرْ
إزرع وَرداتٍ مُــزهِــرَةٍ
أُكـتـبْ فـي ســطـري مـا تـشــعــرْ
لا تـكـسُــر خــاطِــرَ أشـــواقٍ
تــرجــوكَ تــمــرُّ عـلى الـدفــتـرْ !!
شِـــعـر : ســعـيـد مصــبـح الـغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
-
كـل عــام و الـشِّــعــر فــي فــقــيـدة !! 20/12/2014
كـل عــام و الـشِّــعــر فــي فــقــيـدة !!
ـــ هذا النص الشعري الآتي هو في الحقيقة متمخض من أجواء حوار أدبي مع شاعرة عربية مهتمة بالشأن الشعري في الوطن العربي .. .. وأعرف أن هذه القصيدة الفضائحية والتي كتبتها بصدق وأنشرها هنا لأول مرة ستغضب الكثيرين من الشعراء في بلادنا وربما ستثير حفيظتهم .. لكني كتبتها محاولا بها وبشفافية صادقة لا تدخل الملق في قاموسها الشعري ــ كتبتها محاولا بها خلع عباءة واقع هذا الشعر العماني في راهن حاضره المعاصر وتعريته بهدف رؤيته من الداخل كما هو وكما هو واقعه وواقع شعراؤه وكما تقول فيه الحالة العامة لجمهور ( إقرأ ) والعوامل السلبية التي تقف وراء ذلك .
أترككم أخوتي وأخواتي مع النص ولكم فيض الشكر والتقدير على قراءته ..
كـل عــام و الـشِّــعــر فــي فــقــيـدة !!
في بلدي ..
في موسم الإياب
لا يولد الشِّـعـر هنا
إلا على حمَّـالة ( المـنـاسَــبـة ) !!
فكيف لا يحزنني ـــ صديقتي ـــ مـرآه ؟!
وكيف لا تجعـلـني أشـعـاره أُصـاب بـإكـتـئـاب ؟!
في بلدي المـؤقـت الحروف
يستيقظ النيام
بعد بياتِ عام
ويخرجون من كُـوَىَ الغـيـاب
وتطلع الفـئـران من جحورها
لمرة واحدة
في موسم وحيد
يطـن في أجوائه البعوض والذباب !!
في موسم الإيـاب
تـهـرول الثـعـالب المـجـدورة
وتـلـتـقي شـهـية الذئـاب بالكلاب
والكـل حـول ذا الـوطـــن
مـخـلـبـا ونـاب !!
فـكـيـف لا يـؤلـمـني نـزيـفـه . أنـيـنـه
وذلـك الـعـذاب ؟!
في بـلـدي العـاشـق الكـسـوف والخـسـوف والضـبـاب
من زمـن يـغـمـرني ــ صـديـقـتـي ــ شُـعـورُ إغــتـراب !!
* * *
الشِّـعـر في بلادنا لـمـوسـمٍ وحــيـد !!
فـإن أتـت وجـوهـه . حـروفـه . فـنـونـه . أيـامـه
تمضي على التكرار والرتـابـة !!
وبـعـدهـا ( سَــــلام ) !!
و إذ يـنـتـهـي الخـتـام
بذلك الســلام
إذ ينتهي التـهـريج والكــلام
إذ يســتـريح سَــمْـعُـنـا
وصُـبـحـنـا وجــوُّنـا
من ذلـك الطـنـيـن
من شاعـر الإذاعـةِ اليـومـي
الجـاهـزِ الهـطـولِ والمـطـر
وإذ ينتهي العــواءُ والثـغـاء
إذ ينتهي النـفـاقُ والـريـاء
إذ تنتهي الثـرثـرةُ العقيمة البليدة
في تـلكـم الإذاعــة الركـيـدة
وذلـك الـتـلـفـاز
والنـت والجــريـدة
إذ ينتهي الإزعـاج والضــجـر
وتـرقـد الأقــلام
ولا يـعـد لـمـنـبـرٍ
صــوتٌ ولا خــبـر !!
إذ ذاك يـا صـديـقـتـي
أقـول للـرفـاق
ونحن في وداعنا
بذلك الـعـنـاق :
إلى لـقـاءٍ قـادمٍ يا أيُّـهـا الـرفــاق
في ســنةٍ جـديـدة
ووهــجٍ جــديد
ومــوســمٍ جــديد
أنـفـاســهُ عـبـق !!
فـمـا الـذي يُـجـلـسُـنـا هنا ؟!
مـوسـمـنـا قـد رحـلـت أيـامـه
والـقـاعـة الـكـبـيـرة
فـارغــةٌ ، قـد دخـلـت شــتـاءهـا الطـويـل
وعـمَّـهـا الســكـونُ
والبـرد و الأرق !!
فـاحـجـزوا الـتـذاكـر
لـعـامـنـا الجــديـد
مـوعـدنـا هـنـاك
بـالـمـوســمِ الـبـعـيـد
فـارتـقـبـوا هــلالـهُ
واســتـنـظـروا بـشــوق !!
https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.n...cf01502de2885b
في حـفـلـة الخـتـام
في آخــرِ الأيــام
الشِّــعـر ودَّع أهـلـه . أصـحـابـه . أقــاربـه
فـمـا الـذي يُـجـلـسُـنـا هنا ؟!
قد إنـتـهـت يـا أصـدقـائـي حـفـلـة ( المـنـاسَــبـة ) !!
ولا أمـاسـي بـعـدهـا تـجـمـعـنـا
لا شِــعــرَ . لا وَرَق !!
إذن .. لـنـفـتـرق !!
مـوسـمـنـا رحــل !!
وطـالـمـا رحــل
ســتـرقـد الطـبـول والـربـابـة
سـتـنـتـهـي ــ مـؤقـتـاً ــ مـنـابـر الخـطـابـة
سـتـصـمـت القـصـائـد العـصـمـاءُ والكـتـابـة !!
مـعـذرةً شــاعِــرتـي الجـمـيـلـة
مـعـذرةً لـهـذهِ الـكـآبـة
فـالشِّــعـرُ في بـلادنـا
كـأهـلـهِ الـ ( غــلابـة )
تـعـوَّدوا تـجـنـيـدهُ لـمـوســمٍ وحــيـد
تـعـوَّدوا اغـتـصـابـه !!
في بـلـدي ..
تـعـوَّدت أقـلامـنـا تـقـبـيـل كـل كــف
تـعـوَّدت أن تـنـحـنـي بـرأسـهـا لـذلـهـا
لاحِـسـةً أقــدامُـهُ . مِـئـزَرهُ . ثِـيـابـه !!
في بـلـدي ..
أقــلامـنـا حـالـةٌ طـارئـةٌ مُـؤقـتـة !!
مـصـيـرهـا مُـعـلَّـقٌ من الـوريـد
بـخَـشْـبَـةِ المـنـاسَــبـة !!
فـطـالـمـا هـنـاك في بـلادنـا ( مُـنـاسَــبـة )
أُمــوُركــم يــا أصــدقــائـي طــيـبـة !!
وطـالـمـا ســمـاؤنـا الـجــدبـاءُ
لـمـرةٍ واحــدةٍ في ســنـةٍ تـزورهـا سَــحَـابـة
فـابـشــروا بـمـوســمِ الأمـطـار !!
من تـلـكُـمُ الســحـابـة !!
واحـمـدوا الله كـثـيـرا
فـالشِّــعـرُ في بـلادنـا بـخـيـر
والنـثـرُ في بـلادنـا بـخـيـر
والأغـنـيـاتُ كـلـهـا
بـمُـطـرِبِـيـهـا أولـئـكَ العـنـاتـر
تـطـمـأنـوا . تـطـمـأنـوا
كـلـهـا بـألـف ألـف خـيـر !!
ولا تـزالُ .. لا تـزالُ
بـنـفـسِ نـفـسِ شَـــدوهــا
ونـفـسُ مـا تـعـزفُـهُ لُـحـونـهـا
ونـفـسُ مـا تـقـرعـهُ طُـبـولـهـا الـمُـهـابـة !!
في بـلـدي صـديـقـتـي
إن حـلَّـت الـ ( مُـنـاسَــبـة )
لا ثَـمَّ من غَــرابـة !!
أن يـخـرج الـعـفـريـت من قُـمـقُـمـهِ
وينجـلي من الدخـان شـاعـراً أديـبـاً
نـاعـقـاً غُــرابـه !!
لا عـجـبـاً صـديـقـتي
من آلـةِ الشـعـورِ والإلـهـامِ والحـروف في بـلادنـا
أزرارهـا جـاهـزةٌ لـمـا يطـلـبـه المـسـتـمـعـون !!
فـكـبـســةٌ واحـدةٌ بــزُر
وتـحـصـلُ اســتـجـابـة !!
لا ثَـمَّ مِن غَــرابـة !!
لا ثَـمَّ مِن غَــرابـة !!
* * *
مـعـذرةً .. مـعـذرةً
يـا شِــعـرنـا الـمُـعـاصـر
مـعـذرةً أيـتـهـا الأقـــلام
الشِّــعـرُ في بـلادنـا مـوظـفٌ رســمـيٌّ
يـسـيـر حـسـبـمـا يـرى السـمـاســرة
ويـرغـــبُ الأقــزام !!
الشِّــعـرُ في بـلادنـا
مـلـعـونـةٌ قـصـائـده
إن لـم تُـصـلـي الخـمـسَ
وتُـحـسـنُ الـركـوعَ والـســجـود
وخـتـمـة الـدعــاء والـتـشـهـد الأخــيـر
لـحـضــرةِ الإِمــام
فـشِـعـرُهـا حـــرام !!
وكـل مـا تـقـولـه
خِــلافُ هـذه الفـروضُ والأحـكـام
ردَّةٌ شِـــعـريـةٌ خـطـيـرةٌ
في قـفـصِ إتـهـام !!
وربـمـا خِـيـانـةٌ عـظـمـى
عِـقـابُـهـا الإِعــدام !!
مَـعــذِرةً يـا شِــعـرنـا المُـعـاصِـر الجـمـيـلْ
مَـعــذِرةً يـا ســـيـدي النـبـيـلْ
مُـنـذُ غــزتـنـا هـذهِ الـ ( بُـدوان )
وحـاصـرت صـحـراؤهـا
مَـدائـن القـصـيـدة العـصـرية
الجـمـيـلـة البـيـوت والبـحـور والخـلـجـان
واحـتـكـرت أقــدامُـهـا الـمُـغـبـرَّة
مـســاحـة الشــعـور لـلإنـســان
مُـنـذُ أتـت واســتـوطـنـت قـبـائـلُ الـخـيـام
مـن يــومـهـا ..
وضــادُنـا مُـغــتـرِبَــة !!
وشِــعـرهـا ألـوانـهُ بـاهِــتـةٌ مُـســتَـلَـبَـة !!
ونـحـنُ ، والحــالُ هــكـذا
يـلـفُـنـا الغـبـارُ والهُـبـاب
والجــوع والـزكــام !!
مُـذ صـارت الأحــوالُ هـاهُـنـا
رجـعـيـةٌ جــديـدة
تـعــود لـلـوراء
ســـبـعـيـنَ ألــف عــام !!
* * *
تـلـمـحُـنـي صـديـقـتـي مُـكـتـئـبٌ
مُـنـقـبـضُ الشــعـور !!
تـسـألـنـي في ذلـك الصـبـاح
ونـحـن في الـزحــام :
ــ هــل تـكــرهَ الـزحــام ؟!
أرد في وُجُـــوم :
ــ لا أكره الـزحــامَ يـا صـديـقـتـي
فـذا بـعـيـنـي حـالـة عـاديـة يــومـيـة
وصـورة مُـعـتـادة تــدور
لـكـنـنـي مُـنـصـدمٌ مَـقـهــور
من وَجـهِ هـذا السُّـــور !!
كـيـف نَـمَـا بـســرعـةٍ بـهـذهِ الـمـديـنـة ؟!
أيُّ يَــدٍ طـائـشــةٍ ســاحـرةٍ رديـئـةِ الأصــابـع
وغـيـر ذاتَ حِــسٍّ
قـد غَـرَسَـت هـنـا أحـجـارهـا الـبـغـيـضـةُ الـغـلـيـظـةُ الـمـتـيـنـة ؟!
كـان هـنـا مَـدىً جـمـيـلاً مُـبـهـراً
مـلـوَّنـاً . مُـطـرَّزاً بـالـنـور !!
أيـن اخـتـفـت خـمـائـلُ الـورودِ والـزهــور ؟!
ونـخـلـةٌ وادِعَــةٌ
كـانـت هـنـا تُـعـرِّشُ الـنـهـارَ بـالظـلالَ والهـدوء والـحُـبـور !!
وجَــوقَــةٌ غِــرِّيـدةٌ ، مُـبـهـجـةٌ
أســرابـهـا من أجـمـلِ الـطـيـور !!
كـانـت هـنـا تُـغـنـي
في عـالـمٍ يـلـفُـهُ الـضــيـاءُ والـســرور !!
كـان يـا مـكـان !!
ويـضـحـكُ الـجــدار
ضِـحـكـةً طــويـلـةً بـطـولِ هـذا الـسُّــور !!
أوقـفـي ــ مَـعـذرةً ــ ذلـك المِـذيـاع
فـكـلـمـا سـمـعـتـهُ يُـصـيـبُـنـي صُــداع !!
كـرهـتُ هـذا الـكُــفـرَ !!
كـرهـتُ هـذا الـعُـهـرَ بـالـشــوارعِ وهـذهِ الأصـنـام !!
كـرهـتُ هـذهِ الإذاعـةُ الـيـومـيـةُ الـرتـيـبـةُ الـكــلام !!
كـرهـتُ هـذهِ الـقـصـائـد الـمـمـروغـةِ الجـبـاهِ والـشــعـور !!
كـرهـتُ كـلُّ صُـبـحٍ شـاحـبٍ
يـســوقُ لـي قـصـيـدة ذلـيـلـةٌ
من شــاعـرٍ مـغــرور
مُـزيـف الإحـسـاس والـحــروف !!
مُـبـرمَـجٌ . مُـقـيـدٌ . يُـسـاقُ كـالـخــروف !!
مَـعـذرةً صـديـقـتـي
مَـعـذرةً شـاعـرتـي الجـمـيـلـةُ الحـسـنـاء
لا تـدهـشـي من حـالـنـا
ومن تـبـلـدِ فِـكـرنـا
ومن رجــوعِ شِــعـرنـا
مـســافـةً طـويـلـةً إلى الــوراء
تُـقــاسُ بـالـدهــور !!
لا تـدهـشـي من هـذهِ الـمُـرقـعـات
وتِـلـكُـم الـبـداوةُ الـمُـصـفـرةُ الـحـروف والـســطـور !!
لا تـدهـشـي أيـتـهـا الأمـيـرة الأنـيـقـة
من هـذه الـقـصـيـدة الـقـديـمـة الـعـتـيـقـة
يـأتـي بـهـا شُـــويـعــرٌ
من تِـلـكُـم الـعـصــور !!
لا تـدهـشـي أيـتـهـا الآتـيـة
من وَهـجِ الـشُّـمُـوس
وضِـحـكـةِ الـربـيـع
ومن خـيـوط الـنـور !!
لا تـدهـشـي من عـالَـمٍ غــريـبٍ
يـعـيـشُ في مَـغــارة
ويـرتـضـي حـيـاتـه رجـعـيـةً
عـمـرهـا ســبـعـونَ ألـفَ عــام !!
لا تـدهـشـي من شِــعـرنـا
الـمـايـزالُ يـعـبـد الأصـنـامَ والـهـوام !!
لا تـدهـشـي من هـؤلاءِ الـمـوتـىَ وهـذهِ الـقـبـور !!
* * *
في كـل عــامٍ أُخــوتـي ..
يـقـتـلـون بـخـنـجـرِ الـنـفـاقِ والـريـاء
بـذيـكُـمُ الـرجـعـيـةُ / الـوراء
بـذيـنـك الـوبـاء والـغـبـاء
يـقـتـلـون زهــرةً جـمـيـلـةً أنـيـقـةَ الـمـلامـح
اســمـهـا ( الـقـصـيـدة ) !!
فـاركـزي ــ صـديـقـتـي ــ لـلـشِّــعـرِ في بـلادنا
خــيـمـة الـعــزاء !!
فـالـشِّـعـرُ إذ يـصـيـر
زهــرةً جـمـيـلـةً شــهـيـدة
من حـقـهِ أن تُـبـكِـهِ الـعـيـون
ويَـرْثِـهِ الـرثــاء !!
فـكُـل عــامٍ أخــوتـي ..
كُـلُّ عــامٍ وأنـتُـمُ والـشِّــعـرُ في فـقــيـدة !!
شِـــعـر : ســـعـيد مصـبح الـغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
ـــ تنبيه :
الصورة التي بالنص ملتقطة من أيام ( مهرجان الشعر العماني التاسع لعام 2014م ) وهي بحد ذاتها كافية لتلخيص وفضح واقع شعرنا العماني المعاصر والتدهور الذي وصل إليه .. لاحظ خـلـو القاعة تماما من الجمهور وحضور المدعوين الرسميين فقط وهو أمر له دلالته العميقة في عقل كل مهتم وباحث في هموم ومشاكل الأدب العماني المعاصر الشعر منه بوجه خاص .
-
نـصـك تحـت الضـوء .. قــراءة نـقـدية من نـصـوص الأعـضــاء 22-01-2015
نـصـك تحـت الضوء .. قـراءة نـقـدية من نـصـوص الأعـضـاء
ثمة فرق كبير جدا جدا بين ( النقد ) و ( الإنتقاد ) ؛ فـ ( النقد ) في مفهومه الأدبي الخالص مرتبط دائما بالنص أو بالعمل الأدبـي أو الفني .. أمـا ( الإنتقاد ) في معناه السلوكي الإجتماعي فهو ملازم عادة لطبيعة العلاقة بين الأفراد بعضهم بعضا وبين الدول أيضا .. فمفردات مثل ( التوبيخ ــ السب ــ التحقير ــ السخرية ــ الإستهزاء ــ التجريح ــ الفضح ــ التشهير ــ الذم ــ التقليل من الشأن .... إلخ ) كلها تدخل بشكل أو بآخر تحت بند ( الإنتقاد ) ولو أقحمنا واحدا منها أو بعضها في عالم ( النقد الأدبي ) سنكون بذلك قد شططنا وظلمنا أنفسنا والنقد أيضا ولضاع الأخير وتاهت بضياعه الغاية الأسمى التي يفترض أن نكون قد جئنا من أجلها كي نكتب مقالا نقديا حول نص أو عمل فني .. فـ ( النقد الأدبي ) يخص عوالم الكتابة الأدبية والفكرية بكل تشعباتها وفروعها المعروفة : شعر ــ قصة ــ رواية ــ خاطرة ــ مسرح ــ فلسفة ــ وكذلك ما يعرف بـ ( نقد النقد ) .... إلخ
و( النقد ) كذلك معني بعوالم الفن بكل ألوانه سواء سينما ــ مسلسل ــ فن تشكيلي ــ نحت ــ عالم الطرب والمطربين والأغاني والألحان والكلمات ... إلخ . كل هذه عوالم وأجواء يرصدها الكاتب أو الناقد أو الفنان بقلمه ووفق رؤيته وثقافته رصدا أمينا منصفا يضيء من خلاله جمالياتها ومكامن السحر والقوة والجاذبية فيها وكذلك يحاول جاهدا وبعيدا عن لغة المجاملات والتملق الشخصي أن يكشف بنزاهة وأمانة أدبية تامة وبإسلوب راقٍ مواضع الخلل أو الضعف أو النكارة أو النقاط الغير مستساغة أو الشاذة أو المفتقرة أدبيا لعناصر الجمال والقوة ، على أن يظل متجنبا كل الاجتناب تحويل قراءته أو إضاءته النقدية للعمل ( نصا كان أم فنا ) إلى ( إستهداف شخصي ) يقصد به وعن عمد متعمد النيل من صاحب العمل وتحقيره وتجريحه ومحاولة إستفزازه بأبشع الكلمات وأحطها ومحاولة تشويه صورته والحط من قيمته وقيمة ما يقدمه قلمه أو موهبته لغرض شرير يريد به هذا ( الناقد المزيف ) وعلى نحو قاصد الإساءة المباشرة أو الغير مباشرة إلى شخص هذا الكاتب أو الفنان .. وبهذا السلوك الغير أخلاقي أولا يكون هذا ( الناقد ) قد خرج من الذوق السلوكي الحضاري العام ومن ثم ثانيا يكون قد خرج من الذوق الأدبي والأخلاق الأدبية الراقية المتعارف عليها بين الأدباء والنقاد في عالم النقد الأدبي أو الفني الخالص النقي والنزيه والحيادي والمترفع دائما عن كل سلوك مشين والمبتعد كل البعد عن الأغراض والمقاصد الدنيئة ذات التوجه الشخصي البحت وكما يقول الشاعر الكبير ألبير كامو : ( دع وجهي واهتم بنصي ) ..
وبما أنني بصدد وضع مشروع للقراءة النقدية هنا في ( سبلة الشعر ) فقد فكرت مليا في هذا الأمر ليقيني أن كلمة ( نقد ) مزعجة جدا للكثيرين منا خصوصا إذا فسرناها تفسيرا سطحيا أجوفا ومغلوطا فيه ومغرقا بالنوازع النفسية وبردات فعل داخلية سلبية وبتخيلات مخيفة أو مقلقة أو تترقب شيئا مزعجا وغير مرغوب فيه .. وأنا أعرف أن هذه الفكرة ربما لمجرد عرضها فقط هنا قد تثير ( تحسسات ) بعض الأخوة والأخوات وربما وعلى نحو متسرع يفسرون هذا المشروع ــ على تواضعه الشديد ــ على أنه مخطط لتحطيم الأقلام وتهميش ما يتم نشره من نصوص أدبية .. وهذا الشعور الوهمي الخاطىء لا يجيء أبدا ولا يترسخ في الذهن إلا إذا فسرنا ( النقد ) كما قلت تفسيرا ( سلوكيا ) وليس ( أدبيا خاصا بالنص وللنص ) .. وللعلم فإن كلمة ( نقد ) أصبحت الآن مستهجنة أو غير مستحبة في مجتمع النقاد أو النقد المعاصر والغالبية وضعت لهذه الكلمة الثقيلة جدا على السمع والنفس بدائل ومصطلحات جديدة تناسب نفسية هذا العصر الكثير التوتر والسريع الانفعال والتشنج .. فصرنا نقرأ ونسمع بكلمة ( إضاءة نقدية ــ دراسة نقدية ــ قراءة تحليلية ــ قراءة في نص ــ نص تحت الضوء ــ الدلالية في النص ــ العالم الكامن في نصوص الأديب فلان أو الشاعرة فلانة .... إلخ ) فأنت في دراستك النقدية هذه تضيء عوالم النص وتبين مواضع الجمال فيه وتظهر النسيج البنائي الداخلي أو ما يعرف بـ ( نفسية أو سيكيولوجية النص ) وماذا يريد أن يقول الكاتب والظروف الدافعة وراء صرخة نصه بتعبير تروتسكي .. وقد تقدم في دراستك هذه قراءة شاملة لعمل أدبي كامل ( كتاب ) لكاتب معين أو لشاعر تتعرف من خلال نصوصه على طبيعة ما يكتب وما يريد أن يوصل للعالم من رسالة وكذلك نقاط الضعف والقوة ودرجات الجودة في كتاباته والميول التي تتجه فيها نصوصه ..
في مشروع ( نـصـك تحـت الضـوء .. قــراءة نـقـدية من نـصـوص الأعـضــاء ) سأقوم ــ إن شاء الله ــ بعمل قراءة أو إضاءة نقدية لنصوص شعرية سأختارها من واقع ما يتم نشره هنا بـ ( سبلة الشعر ) بالسبلة العمانية من قصائد .. أي أنني لن أذهب بعيدا وأجيء لي بنص شعري لشاعر أو لشاعرة من خارج السبلة .. وقد
راعيت في هذا الإختيار للنصوص الجوانب أو المعايير التالية :
1. جودة النص المقدم للقراءة النقدية ( سواء من ناحية اللغة / الأسلوب / البناء العام للنص / الجماليات والأخيلة والتعابير الأدبية اللافتة فيه ... إلخ ) .
2. جودة فكرة النص أو الموضوع .
3. برغم أن الإختيار الذي سيتم للنصوص إختيارا إنتقائيا إلا أنه ليس شرطا أن يكون النص المقدم أو المعروض للإضاءة النقدية نصا مكتوبا بالفصحى مثلا أو عموديا أو تفعيليا أو نبطيا ... إلخ .
4. الإضاءة النقدية للنص هي للنص وليس لصاحب النص وللمنشور وليش للناشر ..
# أهم الأهداف التي أطمح بعون الله أن يحققها هذا المشروع :
1. تفعيل وإبراز أهمية دور الحركة النقدية في حياتنا الأدبية وتوفير مقعد شاغر ومناسب لها بين عوالم كتاباتنا .. والحق أن السبلة العمانية وبالأخص السبلات الأدبية المعنية بأمور الشعر والخواطر والقصص ــ هذه السبلات الأدبية الثلاث بالذات لا توجد بها أبواب خاصة بالنقد بالمعنى الأدبي الخالص لكلمة ( نقد ) فالنقد مغيب تماما من الساحة وهي ظاهرة ليست موجودة ولا مقتصرة هنا فقط على السبلة العمانية بل الساحة الثقافية العمانية العامة في راهنها المعاصر سواء التي من العالم الافتراضي ( المواقع الالكترونية ) أو تلك التي على الواقع ( المؤسسات والنوادي والجامعات والمنتديات المعنية بشؤون الثقافة والأدب بشكل خاص ) لا يوجد بها نقد إثرائي نشط وفعال إلا على نطاق ضيق جدا ومحدود ونادر أيضا ولعوامل ( الشللية والتحزبات الأدبية المقيتة ذات الطابع الفئوي الأناني بين فئات وأقلام محددة ومحدودة ومعروفة على الساحة ، وهو ما أثر وما زال يؤثر سلبيا على الحراك الأدبي العماني وعلى ما يعرض أو ينشر بالساحة من نصوص وأعمال إختلط فيها الحابل بالنابل والغث بالسمين وكثير منها كان من الروعة والقوة والجمال والتميز ولكنه ضاع واختفى في غياهب النسيان والاهمال ولم ينصفه قلم نقدي أمين بسبب غياب النقد الأدبي من البلد رغم وجود ( جامعة السلطان قابوس ) بكل جلالة قدرها وقدر مخرجاتها من الجامعيين من أهل التخصص الأكاديمي الذين مع الأسف الشديد حتى الآن لم يبرز منهم ناقد أدبي بارز ومعروف على مستوى الوطن العربي ويهز الدنيا بقلمه .
2. هذا المشروع آمل من كل قلبي أن يفيد النص الذي سيتم عرضه تحت الإضاءة النقدية وأن يبرز مكامن الجمال التي فيه وأن يساعد على تطوير الأساليب وتعزيز التوجه القلمي نحو الأفضل والأجود من النصوص .
3. سيساهم هذا المشروع إن شاء الله في تنشيط ( سبلة الشعر ) وفي خلق فضاءات قرائية متنوعة يستطيع القارىء الكريم من خلالها وعبرها تنويع قراءاته عند مروره بهذه السبلة ولذلك سنحاول جاهدين بعون الله أن نوفر للقارىء المناخ المناسب هنا بسبلتنا بحيث نجنبه قدر المستطاع الاحساس بالملل أو الرتابة أو أن يضع في باله من قبل حتى أن يدخل أن سبلة الشعر وضعت فقط للنصوص الشعرية ولما ينشره الشعراء الأعضاء فيها من قصائد .. هذا الاعتقاد سنحاول بعون الرب تغييره وإثبات أن هذه السبلة تشمل أيضا إلى جانب القصائد جوانبا ومواضيعا أخرى هامة ومفيدة جدا ومثرية وعلى علاقة مباشرة بالشعر وبالشعراء ومن بينها النقد أو القراءات النقدية التي هي من الأهمية الأدبية بمكان في حياة كل شاعر وكل شاعرة وكل أديب وأديبة ولكل قارىء محب ومتذوق للشعر خاصة وللأدب عامة .
4. سيساهم هذا المشروع ــ إن شاء الله ــ في تعزيز تميزنا الثقافي بين المواقع الالكترونية الأخرى .. فنجاح سبلتنا العمانية وتميزها وبالأخص سبلة الشعر مطلب حيوي وهدف جميل نسعى بإخلاص ومحبة لتحقيقه والارتقاء به .
5. سيعزز هذا المشروع من تقوية الروابط الأخوية الطيبة والتعاون الهادف والمفيد بين سبلة الشعر وأعضائها الكرام الذين يكتبون فيها والذين سنجتهد في الاهتمام بهم وبقصائدهم وتشجيعهم والأخذ بأيديهم وتطوير مواهبهم ودفعهم قُــدُما إلى نجاحات أكبر وتعزيز عنصر الثقة لديهم خصوصا المبتدئين منهم .
6. إختيار نص شعري بعينه لشاعر أو لشاعرة بعينها من شعراء وشاعرات السبلة لا يعني بكل تأكيد أن النصوص الأخرى لبقية شعراء السبلة الكرام هي نصوص رديئة أو غير ذات جودة أو قيمة .. الاختيار هو في حقيقته عرض ما يمكن عرضه من نماذج شعرية متعددة الألوان للدراسة النقدية بشكل حيادي يهمه النص لا صاحب النص ويبتعد كلية عن روح المحاباة أو الانحياز وهذا سيتضح من خلال عرض نص إختياري معين كنموذج للدراسة أو للقراءة النقدية وهي فرصة جميلة للإستفادة من تجارب الآخرين وتكوين فكرة ولو بسيطة أو مبدئية عن شعرهم وعن أساليبهم وطرائقهم الشعرية ونوعية المواضيع التي يتحدثون عنها .
هذه أبرز أهم النقاط التي يحويها هذا المشروع وأسأل الله العون والمدد والتوفيق بإذنه تعالى .
# تنويه :
ـــ
بعد هذه المقدمة أو المدخل سأبدأ بعون الله بالبحث عن مجموعة من القصائد الشعرية المنشورة هنا بسبلة الشعر على أمل كبير أن يحالفني الحظ والتوفيق في إختيار هذه النصوص بهدف البدء بدراستها دراسة نقدية ومن ثم عرضها تباعا للقراء الكرام إن شاء الله .
وكل عام وأنتم بألف خير
بقلمي / ســـــعـيد مصــبـح الغـــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
-
أعــدمــوه . وأي صــقــرٍ أعـــدمــوا !! 06-02-2015
ـــ إلـى روح الشــهـيـد العــربــي البـطـل الطـيـار / مُــعــاذ الكـســـاســـبـة .. وحـدك تـســاوي أمــة كــامـلة ..
أعــدمــوه !!
وأي صــقـرٍ مـن عــروبـتـي أعــدمـوا !!
كـان صـقـراً مـن قــريـش !!
لـم يـكـن شــكـلاً
بـأجـنـحـةٍ ومـنـقـارٍ وريـش !!
كـان صــقـراً عــربـيـاّ
شــامـخ الـرأسِ أبـيـاّ
كـان روحــاً مـن جُـــدودي
كـان نـبـضـاً مـســلـمُ !!
http://www.ammonnews.net/img/big/201177big91696.jpeg
أعــدمــوه !!
أشــعـلـوا الـنـار الـتـي فـي قـلـبـهـم
وتـبـاهــوا
أنـهـم مـن أحــرقــوه !!
بـئـسَ جُــرمٍ فــعــلــوه !!
صــوَّروا الإجــرام حــيـاًّ يُـنـقــلُ !!
وعــيـونُ الـعُــربِ جُــحــظــاً تـهـطـلُ !!
وصــبـورُ الـقـلـب مـنـا داعـيـاً :
ــ يُــمـهــلُ الله
ولا . لا يُــهــمــلُ
# # #
كـان طــودا عــربـيـاًّ واقــفــاً
راســخــاً فـي الأرضِ
ثـبْـتـاً فـي يــديــه !!
أي نــارٍ هــذي مـن مُــدت إلــيـه ؟!
خـــابَ ظـــنُّ الـمــجـــرمُ !!
كـان جــنـديـاًّ شُـــجــاعــا !!
كـان صــلـبـاً !!
يـعــدلُ الـمـلـيـونَ هـذا الـهــيـثـمُ !!
وتـنـادوا مـصـبـحـيـن
أوقــدوا النـار وظـنـوا ظــافــريـن
يـا كــلاب الـدعــشِ مـا مــات الأبــي
طــار حــيـاًّ فـي رُكــابِ الصــاعــديـن
ولـه عــيـنٌ مـن الشـــوقِ تــنـادي
لـصــقــورِ الـجــوِّ أن هُــبـوا . هــلــمُّــوا !!
ذا مُـعــاذ !!
لـم يـهــب مــوتــاً وقـد شــبَّـت لـظــاه !!
صــاح وســـط الأجِّ مـحـتـدمـاً صــداه :
ــ تــفــدهــا الأردنُّ أرواحٌ ودمُّ !!
& & &
هـذه الـنـار الـتـي لــفَّــت مُــعــاذا
لـم يـهـبـهــا !!
م ابـتـغــى عـنـهـا فِــراراً أو لِــواذا !!
فـأيّ مــوتٍ ذاك يـعـنـي لـصــقــورٍ
يـحـسـبـوا الـنـارَ رذاذا !!
ذا مُــعــاذا !!
كـان جـنـديـاًّ مـن الـزمـن الـشــحـيـح !!
وخُــرافــيـاًّ لـه روحٌ وريــح !!
أيُّ أُمٍّ أنـجــبـتـهُ ؟!
لـيـت مـنـهـا ألــفُ أُمٍّ
أنـجـبـت لـلـعُــربِ مــلـيـونَ مُــعــاذا !!
يــا مُــعــاذا !!
يــا مُــعــاذا !!
يــا مُــعــاذا !!
أنـت يـا نــوراً ونــار !!
يــا عــلامــاتَ الـنـبــوءة
لـلـغــدِ الآتــي بـأوســمـةِ الـفـخــار !!
أنـت يـا صــقــرَ الـعــروبـة
الـمُـنـادىَ أنـت . يـا فـخــر المُـنـادىَ !!
جــادك الـغـيـثُ بـعــزٍّ مُـســتـعــادا !!
أنـت ذي الأبـعــادُ فـي ( ذاكَ ) و ( هــذا ) !!
يـا ســمـاءَ الـعُــرب
يـا أبــهــىَ ســـمـاء !!
مَـن مـثـيـلاً لـك فـي فـخــرٍ كـهـذا ؟!
أنـت . أنـت !!
أنـت . أنـت !!
يــا مُــعــاذا !!
يــا مُــعــاذا !!
يــا مُــعــاذا !!
شِـــعـر : ســـعـيد مـصـبـح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
-
قــلــبـي عــلـيـك يــا وطـــــن !! 23-02-2015
قــلــبـي عــلـيـك يــا وطـــــن !!
هي صرخة من أعماقي ومن نبض قلبي .. صرخة من مواطن يتمنى فعلا أن يرى بلده وبكل فخر دولة متقدمة في كل شيء وبيد أبنائها الغيورين جدا جدا على وطنهم فسامحوا ضجيج روحي ..
http://www.irpcnews.com/wp-content/u...4/04/dubai.jpg
تصوَّروا . تصوَّروا
لو غادرت بلادنا
هذه العمالة !!
تصوَّروا
لو يرحل الهنود والبتان والبنجالة !!
فمن سيبني بيتنا الجميلُ ؟!
بهذه الفخامة !!
وهذه الإطـلالة !!
تصوَّروا بلادنا !!
لو أن ( شــــونـدرا )
يعلن العصيان في أسواقنا
ويترك الجـراج والبقَّـالة !!
تصوَّروا !!
لو يرحل الخياط والمزارع
وعامل الحدادة
كـلٌّ إلى بلادهِ وحــالـه !!
تصوَّروا !!
لو يرتحـلْ حلاقنا ( كـومـار ) من حارتنا
وتنتهي أعماله !!
تصوَّروا !!
بشاعة الوجوه والذقون واللحىَ
وتـلـكُـمُ الـقـمـالـة !!
تصوَّروا !!
لو سافـر العـمَّـال من بلادنا
فمن ينظف هذه الأحياء والحارات والشوارع
من مـعـفـنِ الـزبـالـة ؟!
يا وطـن التـنـابـل الـكُـســالـىَ
هـذا الذي أتـاك حـافـيـاً
مُـرقِّــعــاً إِســمـالـه
هـذا الذي تـحـقـرهُ عـيـنـاكَ
إِثــنِ عـلـيـهِ يـا وطــن !!
وقُــمْ لـه مُـصـفِّـقـاً وشـاكـراً
وبُـسْ لـه نِـعـالـه !!
فـكـم لـهُ ..
هـذا الوضـيـع شـكـلـهُ
كـم لـهُ أفـضـالـه !!
وتـحـلـمـوا أن تـصـعـدوا الـمـريـخ !!
وتـدخـلـوا الـتـاريـخ !!
تـضـحـكـني أحــلامـكـم !!
يـا أمـة قـادمـة عـلـى الـورق
كـي تـصـنـع الصـاروخ والأقـمـار
مـن دونـمـا عـــرق !!
ذا مُـمـكـنٌ في وطــنٍ
هـذه أحــوالـه !!
ذا مُـمـكـنٌ في وطــنٍ
من زمـنٍ ضـائـعـة أجـيـالـه !!
ذا مُـمـكـنٌ في بـلـدٍ
لـم تـرتـقِ بـفـكـرهـا وروحـهـا عِـيـالـه !!
ذا مُـمـكـنٌ في أمَّــةٍ
روحـهـا اتـكـالـه !!
http://vid.alarabiya.net/images/2014...x9_600x338.jpg
قـلـبـي عـلـيـك يـا وطــــن !!
كأنـنـا في وطـنٍ ســلـيـبْ !!
يـحـكـمـنـا في عـيـشـنـا وقُــوُتـنـا غـــريـبْ !!
ونـرتـضـيـهِ بـيـنـنـا
مُــزاحِـمـاً أرزاقـنـا
وعـيـشـنـا وخـطـونـا
مـا أبـشــع إحــتـلالـه !!
يــا وطــنـاً صــيَّـرهُ الأجــانـب
بـطـاقـةً بـنـكـيـةً . حـــوَّالــة !!
يـا وطــنـاً
يـســتـنـزفــون خــيـرهُ ومـالـه !!
أســفـي عـلـيـهِ مـن بـلـد !!
لا تـبـنـهِ ســواعـد الأبـنـاء بـل ( عـمـالـة ) !!
أســفـي عـلـيـهِ حـاضـراً
بـهـذهِ الضـحـالـة !!
وهـذهِ الضـآلـة !!
وتـحـلـمـوا أن تـصـعـدوا !!
بـأيِّ وجــهٍ تـصـعـدوا ؟!
يـا طـالـمـا أحـلامـكـم
مـثـل الـذي يـدور في أوهـامـهِ !!
أو كـالـذي يـقـتـات من خـيـالـه !!
بـأيِّ حــقٍّ تـطـمـحـوا ؟!
فـلـلـطـمـوح خُـطـوة وثَّـابـة
ودولـةٌ واثـقـة
ســلاحـهـا الـعــلـوم
لا ( مـجـمـر ) الـتـدجـيـل والجـهـالـة !!
ولـلـرقـيِّ قِـمَّـةٌ لا تُـرتـقـىَ
إلا بـ ( فِـعــلٍ ) طــامـحٍ
يـقـولُ لـي :
ـــ هــاأنـذا !!
أبـنـي بـلادي بـيـدي !!
أســمـو بـهـا نـحــو الـغـــدِ
ولـن أدعـهـا عـــالـة !!
مـا أروع الطـمـوح
إذ هـكـذا أبـطـالـه !!
وهـكـذا نِـضـالـه !!
قـلـبـي عـلـيـك يـا وطــــن !!
مـتـى سـأبـصـرُ بـلـدي ؟!
أبـنـاؤهُ . أبـنـاؤهُ
هُـــم وحــدهـم من يـبـنـهِ
لا وافــداً من هـذه الـعـمـالـة !!
مـتـى أرىَ شــــبـابـهُ
هُـــم وحــدهـم . لا أجـنـبـيـاًًّ وافـــداً
مـن يـضـعـوا بـصـمـتـهـم في إِصــبـعِ الـوطــن !!
مـن حــــدهِ الـجـنـوبي
إِلـى ذُرا شِــمـالـه !!
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/i...YIvRu0_-jhbPrO
يـا وطــنـي !!
يــؤلـمـني مــرآكَ في الـصــبـاح
والأجـنـبـي حـامـلاً مـعـاولَ الـكـفـاح !!
مُـخـجـلـةٌ يـا وطــنـي
شـــوارع الـمـديـنـة !!
يـا خـطـوة مُـوجـعـة . مُـهـيـنـة !!
نـحـس بـاغـتـراب !!
ونـسـألُ الـنـخـيـلَ والبـيـوتَ والتـراب
نـســألُ الـوجــوهَ والغـيـاب :
هـل هـذهِ بـلادنـا ؟!
يُــؤلـمـنـا اغــتـرابـنـا !!
يَـجــرحـنـا ســــؤالـه !!
قـلـبـي عـلـيـك يـا وطــــن !!
مـتى أراكَ صــورةً ؟!
بـغـيـرِ هـذا الـوجــه !!
وغـيـر هـذي الحــالـة !!
شــعـر : ســـعـيد مـصـبـح الـغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
-
كــل لــيـلــة .. الشــرفــات بـلـون الضــبـاب !! 10-04-2015
كــل لــيـلــة .. الشــرفــات بـلـون الضــبـاب !!
نص مشترك كتبه / سعيد مصبح الغافريوالكاتبة القديرة الأستاذة /وداد روحي وقد نشر بالسبلة العمانية بقسم سبلة الخواطر في 14 / 8 / 2013م آمل أن ينال إستحسان ذائقتكم الجميلة .. ودمتم بخير
وأنت بعيدا عني ..
من أنا؟
يسألني وكأنه لا يعلم بكينونتي لديه كأنثى وكقلب وشعور عاش فيه والتحم به ..
أنني تلك الجثة الهامدة الملقاة على عتبات الطريق منذ أفرد يديه واحتضنني مودعا بكل دموعه وشوقه الذي هطل أمامي وهو بعد في الوطن وعلى وشك أن يطير .. أنا ذلك الفراغ المتسربل في أيام عمري منذ لحظة سافر عني في غياهب الرحيل والاغتراب
أنا تلك الدمعة الحزينة القابعة خلف زفرات الألم ومواجع الآهات الصامتة
أنا تلك الروح المنهكة التي تبحث بظمأ مشتاق عن وطن يحتويها بكل حنانه وحبه ويحميها بإخلاصه وصدق وفائه من غدر الزمان وعواصف الأقدار
أنا تلك الأنثى التي ياطالما أشعرني بكل إعتزازه وفرحه ورضاهوثقته وهو يقول ويكاد قوله تسمعه كل الدنيا : أنت حبيبتي إمرأة لن يكررها زمان أو مكان
يقولها لي في تفاصيل حياته وفي كل شيء يجمعني ويمزجني به .. يقولها حتى أمام الناس والعالم .. ليشعرني دوما وبصدق أني الملكة بحياته وأني الأجمل في عينه وقلبه وفي كل ما يراه ويسمعه ويبهج نفسه .. وإذ ذاك الغمر اللا نهائي من حبه واهتمامه كنت وما زلت أشعر أني بحق أحيا حياتي وأحس بوجودي وبأني شيء وبأني اسعد مخلوقة بالدنيا وأكثرالنساء رضا وطمأنينة .
استثنائية أنا ، أمرأه تعشق حد الانصهار في كينونتك
في زمن غيابك وسفرك بعيدا عني تنقلب حياتي تعاسة وكآبة .. أتحول فيها إلى إمرأة تائهة بدروب الشوق والخوف والوحدة والفراغ .. إمرأة تبحث عنك تريدك أن تحتويها بين ذراعي حبك وحنانك المفتقدان وتمسح تلك الدموع المنهمرة من مقلتيها
قائلا لها : هلميّ إليّ حبيبتي ، هلميّ إلى فقلبي لك وطن .. ....
وحين أخذتني إليك .. حين لملمت ضياعي تخيلت كيف يكون عالمي بدونك نهار شاحب الحياة .., وليل عذاب فيه أوردة ظمأى تنتظر بشوق مطر السقيا وليل يكتحل بالسواد .. يقبع في حلكته الرهيبة قلب حزين ووحيد .. كيف لا ؟؟ وأنت بعيد عن محيايّ وحياتي
وفجأة !!
http://qlbna.com/up/uploads/qlbna.com13602170966.jpg
وأنت معي في هذه السويعات تخيلت العالم يلون بألوان الربيع والفراشات تحلق من حولنا نشوانة بلقائنا السعيد .. مرات لا تحصى وأنت بعيدا عني أصحو دوما فجأة من حلم جميل يثمل كل مشاعري ويسكر كل كياني .. حلم يتكرر ويزورني في لحظة إشتياق أو بتعبير قاس جدا حرمان يومي مؤلم يعذبني تعذيبا وأود حقا لو أتخلص منه .. لو أنفيه من مدارات أيامي و نبضي .. جسدي يتلفحه البرد وليل لا يرحم وأنا بين ثنايا الوحدة والشوق الباكي .. نهاري شمس لاهبة فقدت نبض اللطف بذاك الوهج الهستيري المجنون واللا مبال بشيء منذ أزل الأبدية .. وأصيلي غروب أترقب فيه مجيء ليل كئيب الوجه حزين القلب وبارد مثل جثة ميت .
ياله من ليل أعيشه هلوسة وجنونا ورسومات من أحلام .. ومع ذلك ورغم بعدك عني
فثمة أشياء حلوة تزفني إلى فرح اللحظة الأجمل .. إنها أنت .. أنت الآتي دوما في أخيلتي الليلية لأعيش معك وبك أسعد أوقاتي وأحلاها فاصلة جسدي وروحي وقلبي وزمني عن هذا الواقع ومتشبثة بك بكل وسامة أطيافك .. وبكل شيء جميل فيك ..
حتى يوم إيابك .. حتى لحظة عودتك إلي .. سأظل أشتاقك وأرتقب اللحظة التي تزف إلي بشرى رجوعك .. فلا تطل الغياب حبيبي وعد .. فليس لي من وطن إلا أنت .. أنت يا أجمل قلب .
أيها الغائب إلا من ذاكرتي ..
ما زلت أمسك علبة ألواني .. أرسمك بثورات جنوني وخيالاتي القوس قزحية المحلقة بعيدا إلى أقصى أكوان الحلم والرؤى .. ألمح أطيافك تغزوني كل حين فأستلذ حضورها وأعانقها بشغف خوفا من رحيلها .. هذا الرحيل الذي يذكرني دوما بك وأنت على متن طائرة محلقة في السماء أو فوق سفينة في عباب بحر أو محيط ..
https://encrypted-tbn3.gstatic.com/i...3MpH61U7AVmy6Q
آه وأنا وحيدة أشعر أن الليل يهزم كل طاقة صبري واحتمالي .. هل من مهرب ؟؟ ليس أمامي من حول أو قوة إلا أن استحضرك بذاكرتي وخيالي المحلق في سموات عالمنا الثنائي المجنون .. هناك .. في كوكبنا الأوحد ذاك .. هناك أسامرك و أبثك كل غرام القلب وكل هيام الروح وأروي فيك ظمأ الشوق .. دعنا ننصهر حبيبي ونذوب معا نحن الاثنين في كأس واحدة سقيا كم إحتجناها طويلا في أزمنة البعد وليالي الحرمان ..
يا حبيب عمري ..
كل الذكريات تحاصرني .. تلاحقني بك .. تحدثني عنك .. تتحداني بك .. تهزمني فيك
لذا أدعوك أن تطوقني حين تعود بكل صدق إخلاص بقائك.. ياذا الراحل في دنيا الأسفار .. أنت ستبقى الروح والنبض والأمل .. أنت ولا أحدا غيرك ..
خذني إليك .. واحتويني . تصرخ أشواقي وحنيني :
لا تدعني أطوف الأكوان أبحث عنك مرة أخرى وأنت تسري في دمي .. عاهدني أن تبقى معي وأن لا يكون الطريق مسدودا أمام أمل لقياك ولا السبيل إليك مبتورا أو دون جسور وإلا سوف أظل أنبش قبور ذكرياتي معك .. فهل أجد صدى لأمنياتي اليتيمة للقياك وإن كان حلما ؟؟ ...
http://i.istockimg.com/file_thumbvie...rass-field.jpg
يا حبي المغترب وحيدا ..
هاأنذي .. في هذه اللحظات وحدي مع الليل أبكي أتفرد به مع نفسي .. يلتحفني شوق عارم إلى ذراعيك لتحضنني لبرهة فالبرد مؤذ وأنا أحتاج إلى دفء يلمني ويحتويني ويصهر ثلوج إنتظاري الطويل لك .. فمتى تأتي ؟؟ فقد طال انتظاري ..
أشعر بك الآن وبمدى ألمك وحزنك الذي ألمحه بين حروفك وكأنك تدعوني أن أغزوك في لحظة صحوك أو أحلامك .. تدعوني أن أداعب حلم يزورك في مساءاتك .. يا له من عذاب ليلي أعيشه وأحاول أن أهرب منه ملتمسة أطيافك محتمية بها وفي شفتي قبلات تشتعل حنينا وشوقا لا حد أبدا لمداه ..
أواه حبيب العمر ليت خيالي هذا يتحول حقيقة وواقعا أحياه بكل تفاصيله وروحه معك ولكن أعي أنها مجرد تخيلات ترافقني وتنتهي بحزن باك يغمر قلبي وحياتي وأبكيك في داخلي لاحتياجي إليك في ليالي الوحدة .. فهل سيطول انتظاري لذلك الحلم الخفي القابع في أوردتي العطشى
وعلى شرفات وجدي المنتظر رجوعك ؟! .. ألملم غيابك حزنا يتملكني وصرخة نبض مدوية ترتجيك أن تأتي وفي صدرك لهفة وحنين حاد لحضن تعلم أنت أنه ينتظرك بأقصى ما يكون عليه الشوق والعذاب .. فاحزم حقيبتك وعد لي .. يكفي سفرا .. يكفي غيابا طال .. يكفي بعادا .. يكفي حبيب العمر .. فأنا مالي في الدنيا من وطــن إلا أنت .. أنت يا أجمل قلب !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
بـيــن مـــوتٍ و حــيــاة !! 25-05-2015,
بـيــن مـــوتٍ و حــيــاة !!
دليني على أنفاس من عطر الأبدية سيدتي ..
هرب الزهر وفـر معه نسيم العطر
وبقينا في صحراء جرداء لا ينبت فيها إلا الملح السبخي اللاذع الممدود على الأرض كبياض الأكفان
صحراء لا تتنفس إلا برياح يابسة النـفـث وفيها ظـمـأ يائس يرسم شكل الموت القادم بلثام أغـبـر
ولا ثم مفـر !!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أين أجدك حين ترحلين شعاعا كوني السفر ؟؟ أين أجدك حين تضوعين عطرا يلف العالم بكل أنفاس روحك الزكية ؟؟ أين أجدك حين تتوزعين ضحكا عذبا كجمال الموسيقى وزقزقة أطيار الجنة وأطفال الله ؟؟ أين أجدك حين تخرجين زهرة ياسمين عليها وجهك وإشراقة بسمتك الحلوة ؟؟ أين أجدك حين تعانقين المدى المفتوح في الرحيل كغزالة برية منفردة الركض في السهوب ؟؟
كوني لي كلا في كل الأشياء المبهرة التي أراك فيها وخذيني في أية صيرورة ولو حرفا في ســطـر أو نقطة سهو في عنوان !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
حنين ..
الدنيا الآن نهار عندي .. وعندك ليل .. أتطول مسافة أشواقي ما بين ضفاف النور هنا والليل هناك ؟؟ هبيني أجنحة أسرع من رقصة ضوء في أفق حالم .. وسأرسل من هذا الشرق لذاك الغرب أروع ما قالت أشواقي من كلمات ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
أصابعي تضم مخمل اليدين في حـنو ..
تعالي ..
سنخرج من تابوت هذه الزوايا المصمطة الرباعية الأضلع ..
سنذهب إلى البحر ..
هناك مع إنسكاب النور من وجهك القمري سأقرأ في عينيك جديد ما كتبت لك بحبر الياسمين ..
سنغرق في بوحنا إلى أن يطل الصباح ومخمل يديك لا يزال مستنعما بالدفء والكلام ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل صباح .. ســرتك الذهبية ذات الضوء الوهجي الأملس تستلقي باسترخاء على رمل الشاطىء .. فينتشر ضياء العطر من حـواف هـدوء الغفوة منسابا كوشوشة الحلم .. يظنوها نسائم هذا البحر حين تدغـدغـهم بعبورها .. كـدت أشير إليك وأخبرهم بمكان الأنفاس المتناغمة هناك على بحيرة تلك الســرة لولا أني سمعتك عبر العطر اللامس وجهي تـقـولـيـن بهمس : لا تفضحني أرجوك .. هذا ســر بيني وبينك .. فـأنـا تدثيرة عطر تـتـشـهى صمتك وتحب الصبح البحري الهادىء في وجهك .. فدعني لك وحدك أنت !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
يزدحم الفجر بعينيك
يأتلق الضوء على الوجه الحنطي المتندي بطشاش الصبح
ثمة ورد أحمر يتثاأب في دلع مترف على سفح الوجنة
وعلى ثغرك ذاك الحالم
حمرة ليل فائت هادئة البسمة !!
حين تطلي على الشباك صباحا
ينسكب ضياؤك بالشارع
ويعم الدنيا بـلا إســتئذان !!
ها قد بدأ نهار اليوم بإشراقة وجهك
وكالعادة ..
الصبح يـغـار !!
بقلمي / ســعيد مصـبح الغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
-
عـندمـا يغــفـو الـقـمــر !! 18-02-2015,
عـندمـا يغــفـو الـقـمــر !!
http://1.bp.blogspot.com/-6V_r4cZsFt...83028298_n.jpg
... وتودعـين لـقــاءنـا !!
دربُ الســلامة يا حـبـيـبـتي . إذهـبي !!
ماذا يهـمـكِ من فُــؤادٍ مُـتـعــبِ ؟!
أنـتِ الـتي ضـحَّـيـتِ بالشــوق الذي كان هـنا !!
أنـتِ الـتي ..
أنـتِ الـتي ضـحَّـيـتِ بي !!
وذهـبـتِ في سِـــنـةٍ ونــومْ !!
وأنـا أحــاولُ راجــيـاً :
ـــ لا تـغــلـقي أرجــوكِ شُــبَّـاكَ النجــومْ !!
لــم تـســمعـيـني !!
وأصــرَّ خَـطـوُكِ أن يـقــومْ !!
تــركـتـني !!
وتـأبطـتْ عـيـنـاكِ أوْبــاً عــاجـلاً
ورحــلـتِ نـاعِـسَــةً تـهــومْ !!
ونـســيـتِ عِـطـراً من يـديـكِ عـلى يـدي !!
شُــكـراً . وإن لـم تـقـصـدي !!
فهـو البـقـيـةُ من تهـاميـسِ الهــوى
وهــو القـصــيـدةُ
حــيـنَ تُـشــرقُ في غــدي !!
& & &
مــذعــورةٌ !!
صرخـتْ تُـلـمـلـمُ وقــتهـا عـبـر الذهــولْ :
ـــ الـلـيـلُ شــارفَ يا حـبـيـبي بـالأفـــول !!
وأنـا هُـنـا من ســاعـتـيـن !!
دهـــرٌ بـربـكِ سـاعـتـيـن ؟!
وهُـمـا بـوقــت مشـاعــري
ما كـانـتـا
إلا بعـمـر الـلحـظـتـيـن !!
قـد مــرَّتــا
طـيـفـاً شــفـيـفـاً عــابـراً
أو مثـلُ لحــنٍ حــالـمٍٍ
بالـلـيـلِ ســافـر ضحـكـتـيـن !!
* * *
وما الـنـومُ إلا ريــاحـاً لـواقــح
وهــا عـيـنها تـشــتهي للإيــاب !!
وأبـقى أنــا
كـكـونٍ يهــيـمُ بهذا السـكـونُ . الخُــفُـوتُ . الغــيـاب !!
وقــلـبي رأى !!
وما كـذب القـلـبُ ما قـد رأى :
ـــ ســتـرحـلُ عـنكَ إلى ألـفِ بُعـد !!
وهذا طـريـقٌ لعـيـنـيهـا مُــد !!
وأنـتَ ســتـبـقـى
فـــؤاداً يَــلـوُبُ
بـلـيـلٍ طــويـلٍ
وبحــرٍ من الـوقــتِ من دونِ حــــد !!
= = =
مضـت ســاعــتـان !!
وأغــفى الوَلَـه !!
ومازال ذا الـلـيـلُ في أوَّلــه !!
مضـت ســاعــتـان !!
صـمـت النبيذ لصمتنا
والليل طاولة و كاس
و أنا أفيض مشاعري
و تردني أرض السراب
فأعود نهرا من يباس !!
فيروز تحتضن الفؤاد :
( غيب لك شي ليلة يا ليل )
( وانسانا يا ليل )
يا صوت فيروز المـؤاس
و أمامي أنت ..
شفتاك, غيمة حُـمـرةٍ
نـامـت وأرجأت النباس
عيناك, في مطر النعاس
عيناك تومئ :
- لا مساس !!
& & &
لمحــتـكِ تـسـتـسـلـميـن أخــيـرا !!
وتعــتـذريـنَ لـقــلـبي الصـغـيـرا
خــرجـتِ
تــأبَّـطـتِ نـومُـكِ ذاكَ الأمــيـرا !!
تــأبَّـطـتـهِ
ورحـتِ وعـيـنـاكِ معـصُـوبـتـان !!
أهــذا ظــمـاك ؟!
أهــذي شــآبـيـبُ قــلـبٍ يحــن ؟!
وقـولـكِ لي قـبـل أمـسٍ مضى
ونحـنُ على موعــدٍ يُـرتجى :
ـــ غــداً يـا حـبـيـبي
غــداً بعـد شــوقٍ وطـولِ انـتـظــار
غــداً ســوف نـسـهــر
وفي ألـفِ لـيـلٍ ولـيـلٍ ســنُـبحــر
إلى أن نُـلاقي حــدود النهــار !!
غــداً عِــيـدنـا الحُـلـوُ يـا بـهـجـتـي !!
غــداً لـيـلـنـا لـيـلـكٌ . مهــرجــان !!
نعــم . والـتـقـيـنـا !!
واصَّـاعـدَ الـشـــوقُ من خـافـقـيـنـا !!
ومن بعـدِ . من بعـدِ ودَّعـتـني
وعـيـنـكِ لـلـنــومِ مُســتـســلـمة !!
أهـذا حـنـيـنـك ؟!
أهـذا اشــتـيـاقـك ؟!
أهـذا انـتـظـارك يــا مُـغــرَمة ؟!
دعــيـني . دعــي !!
دعـي الـلـيـلَ لي
دعـي السـهْــر لي
وأنـت ارجــعي
ونـامي على غــيـمِ ذاكَ الـمــدىَ
ولا تحـمـلي الـلـيـل مثـلي سُــهـاداً
ولا خــفـقـة نَــدَّ عنها صــدىَ
فـتـاهــت تُـنـاديـكِ . لــم تـســمـعي !!
ســـلامٌ . ســـلامٌ !!
على سـهـرةٍ عـمـرهـا لم يــدم
وما عـانـقـت أي نـبـضٍ وفــم
وما وقـفـت قُــبـلـةً من حــنـيـن
سُـــوى لحـظـتـيـن !!
هُـما كـل ذا العــمـر
للحــبِّ . لـلـتــوقِ . للإنهـمـار !!
لـلـبـرقِ . لـلـنـارِ . للإنـفجــار !!
هُـما كـل ذا الأَجُّ
لــو تـذكــريـن !!
http://data.whicdn.com/images/206857..._500_large.jpg
ســـلامٌ . ســـلامٌ !!
على مشــبـكٍ لأصــابعَ وَجْــدٍ
مشــيـنـا بهـا
أضــاميـمَ شـــــوقٍ !!
تـســابـيـحَ بــوحٍ دفيء الكــلام !!
ونــام الكـلامُ بـتـلـك الأصــابـع !!
نــام الكــلام !!
وكان كــلاماً كـما الـنــورِ طــالـع !!
وكـان عــبـيـراً
يضــوِّعُ بالعـطـرِ في كـل رُكــنٍ
وفي كـل شـــارع !!
فـغــابَ وتـــاه
كـما نحــن غُـبـنـا
وتـاهــت خُـطـانـا
بكـل اتجــاه !!
ســــلامٌ عــلـيه
ســــلامٌ عــلـيه
حــديـثُ الأصــابـع !!
دعــيـني . دعــي !!
دعـي الـلـيـلَ لـي
دعـي الســهْـر لي
ولا تُـشــغـلي الـبـالَ بي واهـجـعي !!
دعــيـني وقــلـبي
وصـحـو عــيـوني
وأنـتِ خُــذي الـنـومَ ســبحــاً طــويـلا
خُـذي كـلُّ وقـتـكِ تحــت الشــراشــفِ حُــلـماً جـمـيـلا
تهـنِّي . تهـنَّي بـذا المـضـجـعِ !!
ولا تـقـلـقي
إذا غـبـتِ عني
وضـمَّـكِ ذاك الســريـرُ الـهــني
وإن دق بابي بــردُ الشـــتـاءْ
وطـيَّـرت الـريـحُ دِفء الـمـسـاءْ
فــلا تجـزعي
ولا تـسـألي : كـيـف حــالُ حـبـيـبي ؟!
وماذا عـســاهُ
بهذا الصـقـيـعِ المُـريـعِِ الكـئـيـبِ ؟!
دعـيـني . دعــي !!
فـلي هـاهُـنـا أنجـــمٌ ســاهــراتٌ
معي تـرتـعِِ !!
ولي هـاهُـنـا أُغــنـيـاتٌ عُــذابٌ
ومــوَّالُ لــيـلٍ
وشُــرفـةُ نــايٍ
حَــوَت مســمـعي !!
هـنـا بــرقُ شِـــعـرٍ !!
وتـرفـيـفُ حــرفٍ
وضــوأةُ خـاطـرةٍ تـلـمعِ !!
هـنـا مـوقــدٌ أصطلي من لـظــاهُ
هنا نـارُ دِفءٍ
حـمـت من حـروفي ومن أضـلـعي !!
فـعــودي لـبـيـتـك
عــودي رجــوتـك
وخــلِّ لي الـلـيـلَ يـمـشــي مـعـي !!
شـــعـر : ســــعـيد مصــبـح الغـــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
-
الـشّـــعـرُ يُمـطــرُ حـيـثُ أنـتِ !! 30-04-2015,
الـشِّـــعـرُ يُمـطــرُ حـيـثُ أنـتِ !!
http://www.7ekayet7yah.com/up/upload...3390820491.jpg
تـقـولُ : إشــتـقـتُ أحضانك
ودِفـئا كان يجمعنا
أما ظُـلـماً ؟! نكون هنا
نقاسي حــرَّ أدمعنا !!
تعال الآن يا عمري
فشوق الدرب يسمعنا
أريدك قُـبـلـةً حــرَّى
وذوبـا ضم أضلعنا
هنا العطر الذي تهوى
هنا تهميس إصبعنا
تعال الآن . ليس غـداً
غـداً قـد لا يكـن مـعـنـا !!
&&&
https://scontent-ams.xx.fbcdn.net/hp...2c&oe=55D658F4
صليتُ في محراب عينيكِ
فدعي حروفي فيكِ تبتهلُ
ودعيني قافيةً مسافرةً
في ليل وجـدكِ أنتِ ترتحــلُ
&&&
https://fbcdn-sphotos-f-a.akamaihd.n...50dd649336f842
وأقرأ بالإصحاحِ الأول من سِــفـر الحــب
بأنكِ أول أجمل أنثى غُــزلـت من غيمٍ
وضفائرها من أمطار !!
وأول أعذب بوحٍ يخرج من روح الأبجد
وأول نبضٍ من أشـــعـار !!
&&&
https://encrypted-tbn1.gstatic.com/i...IH-jbP3QY-Gtj_
تعاتبني إذا ما قلت ليلى
ويُغضبها بشِــعـري اسم ( ليلى )
تـغُــر ليلى . فمن ليلىَ ؟؟ وأنتِ
ملكتِ القلبَ إحساساً ومـأوىَ !!
&&&
https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.n...d53c93c41a212d
صافحتُ بعينيك الغيم
وسُــررتُ بأني بـكِ تـهـت
عــرّجَ بي همسك مندفعا
في سَــفـرٍ نحـو سمواتٍ
من دون حدودٍ فصعدت !!
- يا حبي
يا أملي الأوحـد .
يا أنت . يا أنت . تعال
نادتني عيناك الخُـضـرُ
فهرعـت بنبضي ولـبـيـت
وضممتك في صدري الحاني
ملتهفا من فرحي بكيت
وزرعت بقلبك أشجارا
من أملٍ حيٍّ به روح
وجذور تأبى يقلعها
إعصار أو فجأة موت !!
أنا أنت أو أنت أنا
تتساوى عندي الأيام
تتساوى فصول الأعوام
يتساوى في نبضي الوقت
لو يوما يا عمري رحلتِ
فرحيلك عني لا يعني
ســفـرا وغيابا وقتيا
مأمول الأوبة بل موت !!
لا زمنا بعدكِ في زمني
إن غـبتي أنا أيضا غـبـت !!
كوني لي نبضا . وجناحا
وضفائر من ظلٍّ حانٍ
كوني لي ثورة إنسانٍ
لا يلبس ألوان الخوف
يتحدى القهر الملعون
وصقيع الحـرف المتخاذل
اللائـذ في جُـحـر الصمت
كوني لي رصاصا يحميك
ويحامي عن ذاك البيت !!
كوني لي شِــعـرا مختلفا
حــرفـا من بـرقٍ مقروءٍ
لا عُـقَـداً فيه ولا كــبـت
كوني لي نَـزَقـاً ثـوريا
لا يخشى الـتــابـو العــربي
من ألـزم أن نبقى بُـكْـمـاً
من دون لسانٍ أو صوت !!
كوني لي عـمرا أحــيـاهُ
كوني لي أُمـا أو أُخــت !!
شِــعـر : ســعـيد مصـبح الغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
مـن مـفـكـرة جــرح عـــربــي !! 26-06-2015,
مـن مـفـكـرة جــرح عـــربــي !!
يــا فـاطـمـة ..
كـل الجــراح الـدامـيـات بـأرضــنـا
لـم تـخــلُ منهـا مـديـنـةٌ أو عـاصـمـة !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.fatehtoday.com/ar/media/p...2015/14346.jpg
أضــاعـوني
أنـا العــربي
أضـاعــوا درب أحــلامي
أضــاعـوا الـعـمـر في قِــمـم
لأصــنـامٍ وأقـــزامِ
أنــا الـعـــربـي
أمـاتـوا أمي ثـم أبـي
أمـاتـوا كـل إخــواني وأخـوالي وأعــمـامي
ولـم يــبــق ســـوى شــبـحي
يـهــيـم بهـذه الـدنـيـا
كـمغــتـربٍ تـذاكــره إلى الـمـنـفـى
حــقـائـبـه مُـشــــردة
بهـا وطـــنٌ
عـلى أبــواب أســفـارٍ و تخــيـامِ
أضـاعـوني أنـا الـعــربي
أضــاعـوا الـصــبـح في عــيـني
وضـحـك طـفـولـتي الـســكـرى
وركـضي في مهــب الـريـحِ والأمطــارِ والشـــاطىء
محــوا آثــار أقــدامي
ولـم يــبــق هـنا شــيـئـا لأحــمـلـه
ســـوى أضـغـاث أوهــامي
ســـوى دمـعي وآهــاتي وآلامـي
أنـا العــربي
غــريـب الـروح
أعـيـش شـــتـات أيـامي
أنـا العــربي
أضـاعـوني . أضـاعـوني
يــوم أضـاعـوا أوطــاني وإســـلامي !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
http://n4hr.com/up/uploads/0fe7866b25.gif
يـا صــديـقـي
أتــراهـا لـعــنـة
في بـلاد العــرب حــلـت
باســم هذا الـمـســمى الـيـوم نـفـطـا ؟!
كـيـف قــل لي ؟!
كـلما حــنَّـت خُـطـانـا
نحـو قُــدسٍ أو لــيــافــا
تُـطــفــأ الأنــوار عـمـداً واعـتـســافــا !!
يـأتي عــربـان الجــزيـرة
أهـل هذا الـنـفـط والـكــرش الـكـبـيـرة
فـيـســـدوا الـدرب عــنـا
بـألــف مـتـراسٍ و تــابـو
وألــف أســلاكٍ وخــطـا !!
نحــن في بحــر الصـحــاري
كــيـف قــل لي يـا صــديـقـي ؟!
يـعــبـر الأمــل الـمـكــافـح
في فــيـافٍ من ســرابٍ
كـلـما نـرجــوهــا فـجــراً لـلـصــهـيـل
أودروبـاً لـلـضــيـاء
يُـمعــنوا فـيـهـا ظــلامـاً ومـتــاهــاً
فـبـقـيـنـا عــالــقـيـن
في ســـنـيـنٍ من ضــيـاع
آه . يـا تــيـه الـســــنـيـن !!
حـقـنـا الـنـور ولـكـن
ذاك نــور
بـيد الأعــراب إرثٌ لـيـس يُـعـطى !!
والأمــاني الظـامـئـات
تـحـت شـمـس الإنـتــظــار
غـاب ما تـرجـوه من غــيـمٍ و شــطـا !!
يا رُعــاة . يـا بُــداة
ذي بــلادي
مـذ أتـيـتـم لـم يُـنـرهـا
من صحــاري الـعُـــرب نـفــطا !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
في كـل بـلـدان الـعــرب
صـنـمٌ يُـقـدَّس من خـشـــب
ودُمـى من الـتحــفِ الـقــديـمـة
في شـكـلِ وجــهٍ مكـفـهــرٍّ
من لـحـى أو من شــــنـب
من قــال مـات أبــو لـهـب ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يـنـط صــوت خــائـن من هـذه الجــيـف
يـقـول لي بـنـبـرةٍ يـمـلــؤهـا الـقـــرف :
لا تـزعـجـوا أسـماعـنـا ..
أوطــانـنـا أهــم من أقـصـاكُـمُ
و قـدســكـم
هـذه الـمـثـقـوبـة الـشـــرف !!
أجــيـبـه بـريـبـةِ الـيـقـيـن :
يــا أنــت ..
يــا أردأ الـنُـطَــف ..
ما غــريـب وجـهـك الأحــمـر ذا !!
فـبـح بـســـرك و إعـــتـرف
ألـســت أنـت أمـك الـتي
تـعــرفـهـا زبــائـن الحــانــات
والـلـيـل والـغـــرف ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...7hh1s4bMlVPayA
دعـشـيٌّ أبـصـر فجـرا شـبحـا في صـورة صــدام !!
جـحـظـت عـيـنـاه !!
مـن ذعــرٍ فــر مـن الـشــبـح الـواقــف في شــارع بغـداد كـمـا الـضـرغـام !!
ألـقـى الـزوَّادة والـعـلـم الأســود وســلاحـا كـان بـعـاتـقـه
وأســلـم لـلـريـحِ قـدمـيـه الـغُـبـر وهــام
بـصـبـاحٍ
شـاهـده العـالـم مشــنـوقـا بـمـكـانٍ عــام
وبـأعـلـى رأســه وجــدوا مكـتـوبـا بـالخــط الـكــوفـي الأحــمـر :
[ صـــدام ] !!
ومـن ذاك الـيـوم المـشــؤوم
ولا نـغــلٌ دعـشـيٌّ يـمـشـي في أرض الـنـهـريـن أوِ الـشــام !!
بـغـداد تـصـحـو على بـجَّـعـةٍ بـيـضـاءٍ تـسـبـح فـي الـنـهـر
وهـديـل يـمــام !!
وعـلـى أطـفـالٍ تـلـعـب في الحــارات !!
وصـوتٍ عــذبٍ يـقـرأ في أشـعـارِ بـلـنـدٍ
والســـيـاب
وجــاره يـعــزف بـالـعـــود مـقــام !!
ودمـشــق عـادت بـســمـتـهـا
وتـجـهـز بخـيـوط الـشـمـس فـســاتـيـنـا لـلـعــرس الـقــادم
والـدنـيـا أمــان في بــردى والـريـف ســــلام !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
http://www.khaledsafi.com/uploads/la...iday03Aqsa.jpg
إربـطـي نـبـضـي بـنـبـضك
ثـم قـولي :
يـا حــنـيـن !!
أنــت يـا مـســرى الأمــانـي في الـســـنـيـن !!
طُــر بـنـا
يــا بُــراقـــاً
نحـو أقـصـانـا الـمـبـارك
مـن زمــانٍ
لم يُـصـلِّ
تحــت قــبَّـته الحــنـيـن !!
شـــعـر / ســـــعـيـد مـصــبـح الـغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
-
عليــــــــــــــا 05-07-2015,
عــلـيـاء !!
... واشــتـقـت مــوَّال الحــمـام
وحــنـنـت لـلـطــيـن الـذي
خــبَّـأتُ فـيـه طـفـولـتي الأولی
وضحـكـا وابـتـســام
واشـــتـقـت عــلـيـاء الـبـراءة
عــلـيـاء يــا حــلـمـاً غــفى
ثـم انـتـهى بصـراخ أمي
ذات نـيـســانٍ حــزين :
ـــ يــا ســـعـيـد !!
يــا أيـهـا الـطـيـرُ الـمـســافــرُ لـلـبـعــيـد
عــد يــا بـنيَّ
لــوداع أخــتٍ
لـم يـدعها المــوت زهـــراً في يــديَّ !!
عــلـيـاء يــا حــلـمـا غــفى
يــا صــدمة الـقــلـب الـذي
ما صــدَّقـت عــيـنـاه قـد مات الوفــا !!
كانت هنا !!
كانت هنا !!
من قبل أعــوامٍ بها عـــمَّ الوئــام
كـانـت معي
نـتـقــاســـم الصــبـر الجـمـيـل
ونحـتـسـي نخــب الجــروح
إذا أتی العـام الجــديـد
كـأي أحــوالٍ مضـت من أي عــام !!
كـانـت معي
وحكـايـا أمي قــرب مـوقـدنـا الـشـهـي ومخــدعي
وســراجـنـا الـلـيـلـي يــرقـصُ ضـوءه
مـتـشــاغــبـاً كي لا نـنـام
عــلـيـاء يا دمع الغــروب
وفجـيـعـتي الكــبـری
وحــزني الـمســـتـدام
أنـسـی الجـمـيـع حـبـيـبـتي
إلاَّك أنـتِ
يــا تـواشــيـح المحـبة
يــا أنـاشــيـد الـســــلام
يــا مـراجــيـح الطـفـولـة
يــا صباحـات الـســـواقي
وتـنـاغــيـم الـعـنـادل
والكــلام الحــلـوَ في وقــت الضحى
ماذا ســأكـتـب عـن ضُـحىَ الأمـسِ وعـن حُــلــوِ الكــلام ؟!
عـن دنـدنــاتــك حـيـن فــيـروز تـغـني :
ومـشــيـت بالشــوارع
شــوارع الـقـدس العـتـيـقـة
.
.
.
.
يـا قــدس
يــا مدينة الصلاة
يــا زهــرة المدائن
.
.
.
عــلـيـا
عـيـونـك شـــو حــلـويـن !!
فـتـردي بـانـتـشــاءٍ :
ـــ يــا ســــلام !!
عــلـيـاء يــا أخــتي الشــهـيـدة !!
يــا صــلـيـب الآه فـي جــذعِ الـقـصـيـدة !!
يــا صــلاة الـدمـع في عــيـنِ الـغـمـام !!
يــا تـســاهـيـد ســــطـوري !!
يــا فــواتـيـح الـبـدايـة !!
يــا تـعــاطــيـر الخـــتـام !!
شــــعــر / ســــعـيد مـصــبـح الـغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
-
عــلــى ضــــوء وجــهــك أكــتـب شِـــــعـري 21-07-2015
عــلــى ضــــوء وجــهــك أكــتـب شِـــــعـري
http://upload.7hob.com/Photo/7hob.com1357631572872.jpg
وإذ تـعــبـريـن حــدود الـزحــام
وإذ نـلــتــقـي
ونـمـشـي معــا في ضــيـاء الكــلام
نــعــود فـنـصـغي إلـى نـبـضـنـا :
أيــا حــبـنـا ..
عـســاك بخــيـرٍ لــنـا كـل عـــام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
http://www.linthorp.com/wp-content/u...a6-272x125.jpg
عند تـثـاؤب هذا الصـبـح
يـضحـك في شـفـتـيـك الـزهــرُ
وفي عـيـنـيـك النجـلاويـن
يـرقـصُ نخــلٌ
وســـربُ وراويــرٌ خُـضـرُ
عند نـهـوض شــعـاع الصــبـح ..
وجـهـك مبـتـلٌّ بالـنــور
وجـهـك يـســبـق كل بـزوغ !!
وجـهـك يـصــحـو بـتـلـة فُــل
تـنـشــر من أنـفـاســك عـطـرُ
يـا مـيــلادا لا يـتـكــرر
عُــمـرٌ أنـت جـدَّ جــديـداً
لـومـا أنـت لـضــاع العـمـرُ !!
يا مُـلـهـمـتي ..
لــو عـيـناكِ تـغـمـز غـمـزاً
قــال الحـــرف :
ـــ يا مـولاتي غـمـزكِ أمــرُ !!
غــيـمٌ أنـتِ !!
بــرقٌ !!
رعـدٌ !!
هَـطْـلٌ أنـتِ من كـلـماتٍ !!
مـنـكِ . إلـيـكِ وفـيـكِ الـشــعــرُ !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
http://1.bp.blogspot.com/-vfYgk2FFwU...928alsh3er.jpg
صـمـت الـنـبـيـذ لـصـمـتـنـا
والـلـيـل طاولـةٌ و كــاس
و أنـا أفـيـض مشاعـري
و تـردني أرض الســراب
فـأعــود نهـرا من يـبـاس !!
و فـمـي يُـدنـدن
آخــر الـلـيـل الـعـقـيـم :
مـالـي ســوى الـنـجـم الـمـرابـط والـمـؤاس !!
و أمامي أنـت ..
شــفـتاكِ غـيمة حُـمـرةٍ
نـامـت وأرجـأت الـنـبـاس !!
عـيـنـاكِ في مـطــرِ الـنـعــاس
عـيـنـاك تـومئ :
ـــ لا مسـاس !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
https://scontent-ams2-1.xx.fbcdn.net...db&oe=56587371
ذات الغــمَّــازة حــيـن تـغــيـب
أخـبـرهـا يا حــرفي أني لـم أنـســـاهـا
أخــذتـهـا عـني الدنـيـا إلى أبـعـد بُـعـد
وفي نـبـضي مازالـت أقــرب من أي قــريـب !!
تـبـغــيـن ســلامـا ؟! لا أمـلاً
بـســلامٍ تحـت الإعــصـارِ !!
لا أقــبـل حـبـا يـأتـيـني
لا يحـمـلُ روح الإصـرارِ !!
خـائـفـة ؟! عـودي . لا أســفـاً
ســـتـلاقي غــيـرك أقــداري !!
أروع إمرأة في نـظــري
إمـرأةٌ تـهــوى الأخــطـارِ !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
http://meshkaty.n2ta.com/wp-content/..._n-300x160.jpg
يـصـرخ فـصـل الوهــج الجـمـري على صـدرك
وتـعـــربـد ريـــح
نـهـدكِ يـرمـقــني بـرجــاءٍ :
ـــ مالـكَ ممتـنع الخـطـوة ؟!
وكـلانـا ذبـيـح !!
بعـض تماســيـدٍ من ثـغـرك
عـنـد صـعـودك هـذا الـتــل الـذهـبـي تــريـح !!
إدنُ مـن نـهـر ضـيـائـي
وتـعـمـد فـيـه
عـلـى صـدري يـضـطـجـع هــلال
وحــريـر من نــور عـطـريٍّ
وصـلـيـب مـســيـح !!
ومـا بـيـن رجــائـي الـمـتـهـسـهـس ظــمـأً
وجــمــودك
نــار عــاريـة الشـــوق وتـنـهــيـدة ريــح !!
شــــعــر / ســـــعـيد مـصــبـح الـغــافــري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
-
وبـالـلـيـلِ يـبـدأ عُــرسُ الكـتـابـة !!16-08-2015
@ إلى صــديـق أعـرفـه ..
إذا انشق صبح جديد وقمت
ونادتني درب كفاحي وسرت
هناك ألاقي نهار المدينة
يصافح صحوي
كـأني جـديـدا على مـقـلـتـيـه
كأني من فـتـيـة غادروا !!
كأني من ذلك الكهف جئت !!
أنا حين أصحو
تـعـانـق روحـي مــوج الضـيـاء
ودربـا بـهـا ألــف حُــلـمٍ رســمـت !!
~ ~ ~ ~
http://www.saaid.net/gesah/img/h-allah2.jpg
هـنـا صـورة الكـادحـيـن بـوجـهـي
تـشــــفُّ مـكـــدَّةَ هـذا الـنـهــار
بـزوَّادةٍ مـلـؤهـا إصــطـبـار
ومــاءٌ بـطـعـم بـحــار الـتـعــب
وعند الـرجـوع بذاك الـمـســاء
يُـطـيِّـرنـي الجــوع والاشـــتـهـاء
إلى أي كـشــكٍ
يبيع الجــرائـد وبـعـض الكـتـب
وأشــتـاق أوبــي
إلى شــرفـةٍ عــيـنـهـا في الـغـــروب
لــزوجِ حــمـامٍ
يـعــود إلى الـعــش شــوقــا وحـــب !!
إلى كــأسِ شــاي
تـلـوذ إلـى دفـئـهِ ذات بـردٍ يــداي
وحـضـن كـتـابٍ جميلٍ شـهـيٍّ
وصفحة بـوحٍ بـهـا مـا بـهـا
من لـهـيـب نـزيـفي وبـرقُ رؤاي
على لـيـل نــاي
هناك شعوري الذي لا يقاوم
بأنـي جديدا . جديدا ولدت
على ضـوع نـرجـسـةٍ أو سحابة !!
هناك أحس بكل إنتشاء
بأني رجـعـت
لـذاتـي !!
لـروحي !!
لـقـلـبي !!
لـعـقـلـي !!
لمعنى الحياة !!
لشيءٍ جميلٍ بهيجٍ ســعـيـدٍ
طوال النهار أنا عنه غـبـت !!
لـلـيـلِ العـصــافــيـرِ فـي داخــلـي
لـعــرسِ الكــتــابـة !!
http://up.graaam.com/p8ic/6cddf23a93.jpg
هناك أحس بأني أنا !!
هناك أنا في صراخي وآهي
هناك أنا
بـمـا يكـتـب الـقـلـب
عن عـزلة الليل والحزن والنزف والانكسار
وعمَّا تـبـقى من أمنياتٍ وعمَّا فـقــدت !!
هناك أنايَ
بتلك المرايا
بتلك السطور التي قد قــرأت !!
هناك أنايَ !!
وما قبل هذا
أنا لا أنا !!
بذاك الصباح الذي قـد رأيـت !!
شــعـر : ســـعـيد مـصـبـح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
-
أوراق مـهـربـة مـن دمـشــــق !!30-08-2015
أوراق مـهـربـة مـن دمـشــــق !!
صيف عام 2015م
ـــ ( أنا من ريف دمشق ) !!
سامحيني يا عميقة العينين ..
لم أجد أمامك يوم قابلتك إلا دموع قلبي وهذه القصيدة .
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/i...rMk8SUtj1rpUW7
... وأنا طفولة ذا الـزمـان
وهذه أشــلاءُ عـمـري
وهذه أيــامـي !!
أنا من شهدتُ على الخيانة والعبيد
ومن رأى بصراخهِ ودموعهِ
وجراحهِ ودمارهِ الأقــزامِ !!
أنـا ما تـبـقى في زمـان الـقـتـل
والرعب المُـشـرشـر في الدروب
والمدجـج باللصوص وبالـلـحـى
ولابـســي الإســـلامِ !!
هم هؤلاء ولا سـواهم من رأيـت !!
بالليل مروا من هنا
كي يخطفوا ضحك البراءة من فـمي
كي يســــرقـوا قُــبـلَ اليــمـام
ويُـطـفـئـوا أحــلامي !!
هم هؤلاء !!
نُـطـفُ الخطيئةِ والحـرام !!
قـسـماً رأيـت وجـوهـهـم رغـم الـلـثـام !!
ورأيـت غــدر عـيـونهم
متـأبـطـاً شـر الجـريـمة في الظلام !!
هم هؤلاء !!
في لـيـل حـقـدهم البـغـيـض
لم أنـسَ شكل وجـوههم !!
لم أنـسَ لـون عـيـونهم !!
لم أنـسَ حـبـر رصاصهم !!
ذاك الذي
رشُّـــوا به صدر أبي !!
وبه رأيت على جـبـيـن حـبـيـبـتي جُــرمُ الخـتـام !!
أمـي !!
أبـي !!
رحــلا مـعـا !!
في ذاتِ لـيـلٍ من دمـاءْ
رحــلا مـعـا !!
وفــرَّ بعـدهما الحـمـام !!
فــرَّ بعـدهما الســـــلام !!
وبـقـيـتُ وحــدي وهـا أنـا ..
يُــتــمٌ تـشـــرد في الخــيـام !!
ودروب عمرٍ بـكَّـرت في خطوها نحـو الضياع !!
أنا من أنا ؟!
أنا ذي الشــظـايـا الدامـيـات !!
وبـقـيـة الخـبـز الـمـعـفـن والـفـتـات
تـطـفـو عليه تـعـاسـتي
ومـلامـحـي بـيـن الجـيـاع !!
وأنأ ســــؤالُ ( بـأي ذنـبٍ قُـتـلـت ) بـنـت الضـحـى !!
وأنا الأنـيـن !!
وآهــة القـلـب المضمخ بالدموع وبالنـشـــيـج !!
أنا مـغــرب الـعــرب الحــزيـن
الـمـايـزال باحـثـا عن جــده البـدوي
عن فــرس الصـهـيـل
وعن خــلـيـج !!
وأنا الهـــلال ولم أزل
جـسـراً يُـمـد إلى الصـــلـيـب
هـاتـي يــداك صــديـقـتـي
بالأمسِ لـو تـتـذكــريـن
بالأمسِ في غِــرنـاطـةٍ كـنـا مـعـاً
بـيـتـي وبـيـتـكِ فـي عـنـاقِ اليـاسـمـيـن !!
بالأمسِ لـو تـتـذكــريـن !!
هـاتـي يــداك صــديـقـتـي
إِدنِ الـخـطـا
نخـلي وأنـتـم والمسـاجـد والكـنـائـس والضـيـاء
وطــنٌ يُــعــرَّشُ بالمحـبـة . بـالـوداد
بـبـيـادرٍ خُـضـرِ الجـهـات
تُهـدي الـربـوعَ غِـنـائـهـا :
هذا نـشـــيـدُ ســـــلامـنـا !!
مـتـوحــدون هـنا بـه
روحـاً وقـلـبـاً من إِخــاء
ديـنـا جديدا من صــلاةٍ ودعــاء
لـلـبـلاد وللعـبـاد !!
ديـنـا من الحـب المقـدس المصفى شهده
ديـنـا يجيء
لـيـنـزع الـشــوكَ الذي كـبـرت به
غـابـاتُ حـقـدٍ أســـودٍ
لم نـجــنِ منها
ســوى العــذاب من الحـصـاد !!
طـفـلٌ أنـا !!
مازال يـرســمُ ذي المنى
بـبـراءةٍ
طـفـقـت تــراهـا من الـكُـــوىَ
ومضـاً بعـيـدا في الســــواد !!
وأنا . أنا !!
ذاك الذي أبصرتِ يوما حـرفـهُ دمع غُــمـام
لا تمـضِ عني هـكـذا
طـيـفـاً يمر على الـنـزيـفِ مع الســلام !!
عـودي إليَّ مُجددا
عـودي إليَّ صـديـقـتي
وتـلـمَّـسي ألـم الـوجــيـب
إصــغِ لـصـــوتِ مـدامـعـي
ولـوقــعِ دمي بالســـطـور
تــأمـلـيـنـي
في مــوج ذاك الإنكـســار
في كل ألـوان الحـطـام
تــأمـلـيـنـي بكل قـلـبـك
لم يـنـتـهِ حــزن الحــروف !!
لم يـنـتـهِ وجـعـي بـهـا !!
لم يـنـتـهِ بـعـد الكـــلام !!
في داخـلي ..
لـو تـعـلـمـيـن صـديـقـتي
ماذا يُـخـبـىء داخـلي !!
في داخـلي رغـم المخـابـر والمخـافـر والكـلاب
وطــنٌ وشُــبـاكٌ وبــاب !!
قــلـبٌ عُـــروبـيُّ الكتابةِ والكتاب !!
والقـــدسُ بــدءُ صــحـائـفـي !!
القـــدسُ فـاتـحـةُ الجـــراح !!
وأنا أرتــل ما تـيـســر من جــراحِ عــروبـتـي :
بـالأمـسِ قــــدس !!
والـيـومُ بــغــدادٌ وصــنـعـاءٌ وشـــام !!
وغـــداً خــتـام !!
شِــعـر : ســـعـيد مـصــبـح الـغـافـري
28 / 8 / 2015م
-
لـن تـغــيـبـي يـا ضــيـاء الأبـجــــديــة !! 06-09-2015
لـن تـغــيـبـي يـا ضــيـاءَ الأبـجــــديــة !!
لم يكن رحيلها رحيلا عاديا يلف بالدعوات والدموع والصلاة والترحمات ثم العزاء والختام والغياب عنها في زحام الحياة والنسيان .. فقد كان الفقد جسيما ومؤلما وتراجيديا في قصته .. وحين نشرت الكاتبة الوفية المخلصة الأستاذة القديرة / وداد روحي خبر وفاتها بالسبلة ثم تلك المرثيات النثرية الباهرة التي هطلها و سطر كلماتها قلبها النازف الوفي بحبر الألم الصادق ووجع الفقد المبرح والحزن العميق الذي ما فتأ يعاود بصخب أمواجه بحر مشاعرها كإنسانة أولا وككاتبة أصيلة مرهفة الاحساس والحروف ثانيا .. حين نشرت الأستاذة وداد روحي هذا النزيف المتتالي هنا بالسبلة العمانية وفي مواقع نتية أخرى كنت أقرأ ما تكتب وتنشر بكل مشاعري وكأني في الحدث نفسه والمصاب نفسه .. فكان الانعكاس المباشر مؤثرا جدا هو الآخر على نفسية المتلقين القراء وأنا واحد منهم .. لم تكن مريم الشهَّاب إمرأة عادية في حياة وداد روحي .. هذا ما استنتجته مشاعرنا ونحن نقرأ نصوص وداد بعمق وباندماج وبخاصة رائعتها الأدبية ( مريم .. ذاكرة الشوق والوجع ) وغيرها من النصوص التي لا يزال كثير منها حتى الآن رهن الأدراج .. كانت هذه المرأة الشهيدة أجمل رفيقة في حياة وداد .. وفي زمن شحت فيه الصداقة الحقيقية كانت مريم الشهَّاب أقرب صديقة لوداد وأقرب زميلة لها في العمل وكانت هذه الثنائية المتلاحمة لروحيهما قد جعلت منهما بحق أجمل ثنائي قوي على الإطلاق .. ولم تكن العلاقة علاقة يوم أو شهر أو عام بل رحلة عمر تقاس بالسنين الطويلة .. زرعت دروبها بورود المحبة والإخـاء والوفاء والاخلاص والتعاون والايثار وبالصحبة الطيبة في الحلوة والمرة والحزن والفرح والشدة والرخاء من الحياة .. وكانت زمالة العمل والعيش والملح أهم أبرز صور ذلك الترابط المتين الذي ربط الثنتين معا بحبل وشائجه والذي لم ينفصم ولم تنفك عراه على مسرح الأيام إلا بالموت وبالموت فقط وما أقسى الموت حين يخطف منك أعز إنسان لديك وبشكل مفاجىء وصادم جدا للروح وللشعور .. مريم الشهَّاب المعلمة الشهيدة كانت رمزا للمعلم الرسول المخلص في رسالته المقدسة .. خدمت وطنها وأمتها بصمت الجندي الأمين في عمله وواجبه وكانت سعيدة وفخورة بهذا الشرف جنبا إلى جنب مع رفيقتها في مسيرة الوفاء والعطاء الأستاذة وداد روحي .. وداد روحي التي أبت إلا أن تظل على نفس روح وفائها وإخلاصها لرفيقة عمرها .. فألف تحية إعزاز وثناء وفخر لك يا أستاذتي الغالية على هذه الروح الجميلة الأصيلة فيك و المشعة بالنبل والحب وصدق التذكار الذي لم يـنـسَ رفيقة العمر رغم قسوة الرحيل وألم الفقد .. وألف رحمة ونور لمريم الشهَّاب الانسانة والأم والمعلمة والمربية والوطن في أجمل صور أبنائه البررة والذاكرة في أروع صداها الودادي الذي عاهد الوفاء أن لا ينسى أجمل من مرت بصفحة الحياة ..
مــريـم الشــهَّــاب ..
ســلام عليها يوم ولدت ويوم عاشت ويوم ماتت ويوم تبعث حية بلباس الشهيد .
أترككم مع نص المرثية المتواضعة ذات المقاطع الثلاثية وقد صغت كلماتها بلسان أمرأة فقدت صديقتها .. مع خالص شكري وعميق تقديري للأستاذة وداد روحي التي دعمت هذا النص ببعض الصور الخاصة بالمرحومة .. ولكم أحبتي عميق المحبة والاحترام .
لـن تـغــيـبـي يـا ضــيـاءَ الأبـجــــديــة !!
https://pbs.twimg.com/media/B7FLpK8CMAEuEVp.jpg ( 1 )
أمشي أرافـق بالشواطىء طيفها
وأعود غيما دامع الأحداقِ !!
حـزني يـراه الناس رغم تبسمي
ويـشــف آهي بما خـفـت أعماقي !!
يا من تـفـتـش عن صباح سعادتي
غـربـت بمـريـمَ ضحكتي . إشــراقي !!
☼ ـــــــــــ ☼
من بعد فقدك مريـم الشهَّـابُ
دنياي تمضي أدمعـاً تـنـسـابُ !!
إن جـئـتـهـا شُــطـآنُ صُــورَ تـزاحـمـت
أمواج شوقي بطيفكِ الأوَّابُ !!
يا كـيـفَ يـرتـجـعُ الضـيـاء وهـا هـنـا
لـيـلٌ حـزينٌ غــيَّـبَ الأحــبـابُ !!
O O O
يا مريم العمر السعيد تركتني
قـلـبـاً تـضـج بـنـزفـهِ آلامي !!
ودروبُ أمـسٍ عـنـك يـبحـث خطوها
أيعـودُ فُــقــدٌ ؟! آهــي من أوهامي !!
لـو تـرجـع الأيامُ كنت رجـوتها
أمسـاً ضحـوكاً غــاب من أيامي !!
► ○ ○ ◄
http://im56.gulfup.com/zZu424.jpg ( 2 )
كرسي الفقيدة غارق في صمته
مـذ فارقته زهرةُ التوليبُ !!
أين الرفيقة مريـمٌ تلك التي
كان الندى من كفها تصبيبُ !! ( 3 )
أنا بين جدران الكآبةِ بعدها
كخريف عمرٍ لاح فيه الشــيـبُ !!
● ● ●
صـمْـتـاً ومكتبنا الصغير فـراغـه
لا روح في جنباتهِ أو ضحكُ !!
أين التي كانت وكان حديثها
شــدو البلابل خلته أو مســـكُ ؟!
رحلت وللحزن العميق مدامعا
لم تُبقِ أحبابا هنا لم يبكوا !!
♦♦ ♦
http://im45.gulfup.com/gBpJAa.jpg ( 4 )
صُــورُ العفية ؟! أم تـراها مـريـمٌ ؟!
تختال في نبضي وهذي الذاكرة !!
إن صاح ( يـامـالُ ) المراكب جـاوبـت
أصداء ذكركِ صرخةٌ أو خاطرة !!
تـبـقـيـن يا بـنـت البحـورَ حبيبتي
ما كنت اســمـاً أو مجــرد عـابـرة !!
♥ ♥ ♥
يا ســورة الحــب التي رتـلـتـهـا
ورســمـتُ في محــرابـهـا آيـاتي
سـأهـزُّ جـذعـكِ في مخـاضِ قـصـيـدتـي
يا مــريـمـاً يـا مُـشـتـهـى أبـيـاتـي !!
ظـلي القصيدة والخواطر والـرؤى
ظـلي فـأنـتِ ــ حـبـيـبـتي ــ كـلـمـاتـي !!
شــعـر : ســــعـيد مصــبـح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
* هـامـش :
ـــ
( 1 )
منظر بحري لمدينة صُــور عروس المنطقة الشرقية وسليلة البحر منذ القدم . هنا عاشت مريم الشهاب بين البحر والتاريخ .
ـــ
( 2 ) الندى : الكرم والجود والسخاء .
ـــ ( 3 ) مكتب المعلمة الراحلة مريم الشهَّاب بمديرية محافظة جنوب الشرقية .
ـــ ( 4 ) ولـدا الراحلة مريم الشهَّاب : الإبن الأكبر المعتصم حاملا أخاه الأصغر سلطان .
-
القدسُ.. شــمـالا جـهـة الـقـلـب !! 2/10/2015
الـقــدسُ .. شــمـالاً جـهـة الـقـلـب !!
ـــ أوراق من تـشـــريـن ـــ
http://data.whicdn.com/images/31694261/large.jpg
وقـفـتُ قبالتها، في أحـرج وقت يوشك أن ينفد منا ..
أوَّاه حين يفيق الإحساس الثامل بالفرح مصدوما برصيف وداعٍ ومطارِ فـراق !!
أوّاه . أوَّاه
ما صـدَّقـنـا يوم تصافحنا أنَّـا نـتـوادع !!
كانت عيناها الخضراوان الواسعتان مركزتان في ليل عيوني ، وليل عيوني بحر من أحزان يضج بأمواج الآه !! كانت يدها في يدي ، ومرة أخرى تـنـدس فيروز في أضاميم أكفنا المودعة نغما نازفا بنا :
نسيت من يده أن أسترد يدي
طال السلامُ وطالت رفـة الهدب
وبكت .. بل نحن الإثنان بكينا !!
حضنتها .. كانت تنشج مثل طفلة تودع أخا لها سيفارقها بعد قليل .. ربت على ظهرها .. مسحت دموعها وأنا أقول بابتسامة مرتعشة شاحبة إنتزعتها غصبا من تباريح آلامي :
ـــ لا تقلقي أُخـيَّـتـي .. سنلتقي مجددا هنا !!
أهدتني كوفية مضمخة بأدمعها وبعطر فلسطين وقالت : هاك ربيعا لن تنساه !!
أهدتني قارورة صغيرة بداخلها تراب من أرض فلسطين .. وقالت : هاك أغلى عطر بالدنيا !!
أهدتني شالا أزرقا كسماء القدس ، كانت تلف به عنقها الوضيء فأهدتني إياه وهي تقول : تذكرني به في كل لون أزرق تحبه وعند كل شتاء تولول فيه ريح ويعربد برد ..
أهدتني خصلة صغيرة من شعرها الطويل وقالت : ذا ظلي بالصيف ودثاري بشتاءات البرد القارس وهطول الأمطار ..
أهدتني أوراق خواطر ورسائل وفي شفتيها همس باسم : ذا أنسي حين تكون وحيدا أو في قلبك حزن ..
أهدتني صورا وهي تملأ وجهي بملامحها الحلوة وتقول : في هذي نوري وشموعي الوضاءة حين تظلم بعينيك الدنيا ..
وغبنا عن بعضنا بعضا في منديل وداع !!
* * *
كانت بجوار خطاي ؛ نورا من حسن عربي يمشي على الأرض !!
سرنا في طرقات القدسوفي سكك الحارات .. أستشعر روح يسوع وأمه مريم ، ( وجهان يبكيان ) .. أستشعر أرواح الأنبياء و القديسين والشهداء بكل مكان ، وصوت فيروزي يصحبنا مثل التعويذة :
ومشيت بالشوارع
شوارع القدس العتيقة !!
تأخذني صديقتي إلى مقهى بالشارع .. مقهى أبَىَ صاحبه إلا أن تحمل لافـتـتـه اسم ( فلسطين ) كتأكيد حي راسخ للإنتماء ولكي لا ننسى يوما وطنا هنا هوهذا اسمه !!
نجلس بعض الوقت مع الشاي ، وحديث مقتضب بين القلبين ،تتخلله بعض تلاوات عجلى لقصائد !!
وكمثل القبلات العطرة؛ تهب على وجهينا نسمات بداية تشرين ..
تشرين !!
ما أبهى اسمك يا تشرين !!
يا سيد كل الشهور !!
يا صوت المطر الممزوج بصرخة ميلادي !!
يا زغرودة أختي حين أتيت، وسماء الدنيا ثـغـر تشريني وردي يضحك في عـز هطول الأمطارورقصات البرق ورعود التسبيح !!
تحيينا النسمات المارة وفيها عبق قدسي الأنفاس ..
http://v.3bir.net/imgcache/2015/07/Kj2UUV-1.jpg
أكملنا مشوار التجوال .. قادتني خطوات حنيني إلى ( الأقصى ) !!
آه يا أقصاي الغالي !!
يا مهوى القلب وشوق الروحويا أجمل مســرى !!
هناك وقفت أصلي ولا أدري ماذا صلى مني لله !! أدموعي الغرقى بالفرحة ؟!أم ظمأ الروح المشتاقة إلى أرض المسرى والمعراج وإلى ثاني بيت كتب الله حواليه البركات ؟! أم جبهة سفري وهي تلامس أطهر بقعة في أطول سجدة شكر تغمر قلبي وبها أصدق دعوات النبض ؟!
قـبَّـلـت الأرض وجدران المسجد ثم خرجت ، وبودي لو أبقى مزروعا كالنخلة فيه بقية عمري !!
أمشي بعد صلاتي وعيني تتلفت للخلف بنظرات مترعة بالحب وبالتوديع الحار المتشظي حزنا وحنينا .. أسمع صوتا من جـوف الأقصى يناديني ويشد بسمعي وجوارح روحي إليه:
ـــ يا ولدي .. يا هذا الآتي حبا ووفاء من أقصى أوطان الشوق .. بالله عليك لا تنسانا ، وجدد بالأوب حـج القلب و جسور اللقيا !!
روحي لم ترحل من أرضك يا قدس !! ولم يرحل نبضي عنك ولا مطر حروفي !! مازلت إلى كل زواياك أحــن .. مازلت إلى كل جهاتك أكتب بالدم مراسيل هواي وقصائد حبي وأرسلها عبر بريد الريح !!
إلى كل الأهل هناك .. إلى كل مناضل .. إلى كل شهيد وشهيدة .. إلى كل مدائنك وقراك العربية التي مازالت في روحي وذاكرتي تحمل أسمائك بكل أبجدية العشق التي أكتب بها لعروبتي الممتدة من أقصى قطرة ماء لخليج بالشرق إلى أقصى قطرة ماء لمحيط بالغرب حيث الوطن والأمة والهوية والتاريخ واللغة والمصير .. أكتب إليك يا حبيبتي مكاتيب وقصائد كتسابيح العابد في محراب العشق وكمجنون عاشق لم ينس حبيبته الغالية فائية الحرف.. مكاتيب وقصائد تعرفها ذاكرة التين والزيتونوأطفال الفجر وعصافير الغابات الخضر وفصول الأعوام !!
بقلم / ســـعـيد مـصــبـح الـغـافـري
-
هـكـذا أرســـمُ فـي لـيـلـكِ قـلـبـي !! 4/1/2016
هـكـذا أرســـمُ فـي لـيـلـكِ قـلـبـي !!
https://scontent.fbom1-2.fna.fbcdn.n...f3&oe=571A480F
أتــوقُ لإمــرأةٍ بـالـدجـى
يُـســامرني هـمـسـهـا المُـشــتـهى
تـقــولُ : أنـا الـلـيـلُ في أعــيـني
ولــيـلُ عـــيـوني بـلا مُـنـتـهـى !!
ــــــــــــــــــ
https://scontent.fath3-1.fna.fbcdn.n...62&oe=57477D3D
شُــرفـاتُ هـذا الـلـيـل قـالـت : أنـتِ !!
فـتـصـوري لـيـلاً بـلا مـرآكِ !!
أنـا بـاصـطـبـارِ الـنـار . أيـنـكِ ؟! غِــبـتِ !!
طــلِّــي ، فـمـسـرى ذا الـهـوىَ مـســراكِ !!
ـــــــــــــــــ
https://scontent.fbom1-2.fna.fbcdn.n...12&oe=5714E3E7
جـلـســتْ بـالـقــربِ . ثُــغــرٌ بـاســمٌ
رَوْجُــهُ الأحــمـرُ مـن نــزفِ دمـي !!
ويـغــار الـوردُ مـنهـا . كــيـف لا ؟!
وصــبـاحُ الـوردِ فـي ذاك الـفــــمِ !!
ــــــــــــــــــــــــ
مـن زمـانٍ طـال بحـثي عـن وفــا
فـإذا مـرآهُ فـي نـبـضِ يــدكْ !!
وإذا الـشِّـــعــرُ الـذي مـنـكِ هُــنـا
يـغـرسُ الـشـــوق بـقـلـبي لـغــدكْ !!
ــــــــــــــــــــــــ
https://scontent.fbom1-2.fna.fbcdn.n...5b&oe=56FD2426
لـكِ قـــد مــرمــريٌّ كـلـمـا
مــاسَ بـالـرقـصِ انـتـشــيـنـا طــربـا !!
وبخــديـكِ ضــيـاءٌ ســــاهـرٌ
غـــار مـنـه الـبـدرُ حـتى غـــربـا !!
ــــــــــــــــــــــــ
https://scontent.fbom1-2.fna.fbcdn.n...5a&oe=5703CB85
إقــتـربي مني يـا عــمـري
إقـتـربي . إقـتـربي أكــثـر !!
وازدحـمي عـطـراً فـي جـســدي
ذوبـي بـالآهِ كـمـا الـســـكَّــر !!
ــــــــــــــــــــــــ
يـا حـنـانـاً في حــريـرِ الإصــبــعِ
لــيـت في كـفـيـكِ تــأوي أدمــعي !!
هــاهُـنـا بحــرٌ بـقـلـبي فـاســمـعي
مـا يـقــولُ الـبحـرُ خــلـفَ الأضــلـعِ !!
ــــــــــــــــــــــــ
http://n4hr.org/up/uploads/n4hr_14058046092.jpg
مـدامـعـها خِـضـابٌ بـالأصــابـع
فـلا لــومٌ عـلـيـهـا ولا عِـتـابــا !!
إذا مــا الـلـيـلُ أســهـرهـا حــنـيـنـاً
فـدمـعُ الـقــلـبِ فـي ذاكَ الخِـضـابــا !!
ــــــــــــــــــــــــ
https://scontent.fath3-1.fna.fbcdn.n...73&oe=5711D2E3
لا تــقــولي دمـعُ خـــديـك مــيـاه !!
قــطــرةُ الـدمـعـةِ مـن عـيـنـيـكِ آه !!
وبـهـا بـالـقــلـبِ أضـعـافَ الـذي
مـا بـهـذا الـســطـر عـيـنـايَ تــراه !!
فــاطــردي الحـــزنَ وغــنِّ واضـحـكي
أنـتِ فـجـر الـروحِ . يــا فـجــرَ الحـيـاه !!
ــــــــــــــــــــــــ
هــاكِ ســـطـري
فــاعــبـري فـي طــيـوفي !!
يــا ســمـاءً لا يُـحــد مــداهــا
أنـتِ أجــمـل تــوأمٍ لـحــروفـي !!
يــا غـيـومـاً مـن عـبـيـرٍ ، أطـيـلـي
سَـــكْــبَ عـطـركِ عـنـد ضــمِّ كُــفـوفـي !!
ــــــــــــــــــــــــ
http://omaniaa.co/attachment.php?att...tid=6712&stc=1
وصـلـتُ إلـى الإيــمـانِ الـمُـطـلـقِ
أنـكِ أجـمـلُ أقــــداري !!
وأنـكِ أبـجــد هــذي الـروح
وأروع أشـــعــاري !!
ــــــــــــــــــــــــ
http://n4hr.com/up/uploads/dc9ad6ebf1.gif
تُـغــازلــنـي البـروقُ ولـســتُ أدري
أجــداًّ غــمـزهـا ؟! أم ذا هُـــزالا ؟!
وأرقُـــبُ دنــوهــا مـنـي فـتـنـأىَ
فــأرجــع بـالـمُـنـىَ ظــمــأً وآلا !!
*
أشعار : سعيد مصبح الغافري
* الآل
:
الســـراب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
-
ودخــلــنـا في صــبـرٍ جــديـد !! 18-01-2016
ودخــلــنـا في صــبـرٍ جــديـد !!
... ودخــلــنـا في صــبـرٍ جــديـد !!
نحـن الحــفـاة . الطيبون . الساذجون
الصابرون . الســاكــتـون
ومن ( على نـيـاتـهـم ) مـتـوكـلـون
دخــلــنـا في صــبـرٍ جــديـد !!
ورضينا عـيـشــتـنـا المـريـرة من جــديد !!
من أجل نـفـطٍ بـائـسٍ
أو ما تبقى من بقاء
من أجل أنـبـوبٍ وحــيـد
نـفِّـذ وإياك النباح !!
كل الكلام مع الـقــرار إلى ريـاح !!
كل احتجاجٍ أو رجاءٍ عـاثـرٍ لا . لـن يـفــيـد !!
نحـن الحــفـاة . الطيبون . الساذجون
الصابرون . الســاكــتـون
ومن ( على نـيـاتـهـم ) مـتـوكـلـون
من أجل بـئـركُـمُ المعطلة التي
ما فكرت يوما بعـيـنٍ للبعــيـد
ها نحن محشورون في نـفـقٍ جديد !!
نعــتـاش فيه من الملوحة والـمـرارة والصــديـد !!
إلا المـتـاعـبَ والـعـــرق !!
شـــعـر : ســعـيـد مـصـبـح الـغـافــري
فجر يوم الجمعة 14 / 1 / 2016م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ