دائما نقنع انفسنا بأننا سنرتاح ونعيش في سعاده عندما ننهي دراستنا .. وبعد التخرج نجد انفسنا في دوامة البحث عن عمل ونستقر قليلا ونحن ما زلنا نقنع انفسنا بأن السعادة آتية لا محاله ولكن عندما نتزوج .. نتزوج والحلم ببلوغ قمة السعادة لم يتحقق فلربما سنكون سعداء عندما ننجب طفلنا الاول .. ولكن متطلبات الاسره زادت وبكاء الطفل يزعجنا يحرمنا من النوم .. نقنع انفسنا حينئذ بأن اخوه القادم سيجعله اهدأ ويلعبان معا ونرتاح من الازعاج و لكن ظروف الحياة ليس كما نتمنى وكبرت الاسرة وازداد عددها و ننحن ننتظر ضوء السعادة المزعوم بعد الاستقرار الاسري .. كبر الاطفال ودخلا في مرحلة المراهقة ونقول لا بأس فلننتظر حتى يكبرا قليلا وتنتهي هذه المرحله بتقلباتها ونرتاح ونسافر .. نلف العالم كله .. وحياتنا تأطرت في برواز الوظيفه والبيت وحل المشاكل .. كبرنا وصرنا على اعتاب التقاعد ونحن ما زلنا نقنع انفسنا بأن السعادة لا شك آتيه ..ستأتي حينما نتقاعد ونرتاح من هموم الوظيفه ومشاوير الدوام اليوميه ..
هنا نحن اﻵن في البيت ندور من ركن الى آخر بعدما تقاعدنا وتوظف الاولاد واستقروا بعد زواجهم في بيوتهم البعيده عنا .. عدنا انا ووالدتهم كما بدأنا .. عدنا لنفس نقطة البداية ولكن ضيوفا ثقلاء حلوا علينا وهم ارتفاع ضغط الدم والسكر والديسك فاصبحنا نقضي وقتا كثيرا ما بين عيادة الطب الباطني وعيادة السكر وعيادة طب الكلى وعيادة العظام .. لكن .. لكن .. اين السعادة التي كنا نحلم بها ونقول انها عندما يتحقق كذا سنرتاح ونكون سعداء .. من مرحلة لمرحلة ومن سنة لسنة و العمر مضى ودورة الحياة قاربت على الانتهاء ونحن لا زلنا نحلم بتلك السعادة المتمنعه ان تاتي .. ولكنها لم تأت .. ولا احسبها ستأتي .
اتدرون لماذا لم تأت السعادة ؟
لأننا لم نعش اللحظة كما هي .. نبحث عنها في شئ ما زال في علم الغيب وتجاهلنا السعادة التي نحياها .. النجاح .. الاستقرار الاسري .. الاطفال .. الوظيفه .. الصحة .. القوة .. لم نستغل حياتنا بكل مقوماتها فالسعادة حياة وليست مرحلة .
السعادة في وظيفة .. في بيت .. في زوج او زوجه .. في اطفال .. في كل شئ .. كل شئ ولكننا دائما نرى السعادة في اشياء اخرى قد تكون بعيدة المنال او في شئ هو بأيدي اﻵخرين ..
السعادة تنبع من دواخلنا من ارواحنا فإن كانت ارواحنا جميلة فسنجد كل شئ جميل ..كل شئ يأخذنا للسعادة .. وان كانت غير ذلك فالعوض على الله
