رسالة الى اخي المصاب بمتلازمة داون
*نص رسالة الى شقيقي عبده المصاب بمتلازمة داون
اليك ايها المشغول في ذاتك.. في تأملاتك اللامتناهية .. قد تكون خطواتك محدودة .. في طريق غير ممهد ... تتوزع على جنباته صخور تعترض الطريق .. رسمها قدرك المتفرد ببراءتك.. تراودني احيانا قراءات سردية لبريق عينيك .. يخترق قلوبنا وارواحنا ..نحن فقط نعرف سر كلماتك ... ومقاصدها .. وتاويلاتها .. ليس من الحكمة في شيء تجاهل تلك الكلمات البريئة .. تخرج حبلى من بين شفاه وليدة .. حبلى بالحب .. تنطق الوانا من الطموح .. احزان تتوالد.. من تحت قميصك الفضفاض .... وتتناسخ .. تزرعها بين ضلوعك المتخمة بالحنين ... أمك هي اول واخر من يشعر فيك ..وفي آلام قلبك ..اراك تقترب كثيرا من حضن ابيك .. تنثر ابتسامات وصرخات الم وشوق .. مزعجة احيانا .. لست وحيدا .. جميعهم ينتظرونك .. على مشارف الطرقات ... يسمعونك كثيرا .. يضحكون في الغالب .. تفهمهم .. تقترب منهم .. لا تعرف الخجل والحياء .. ايماءاتك تختزل الامل والامان .. رغم كل شيء .. كنت تسمع اذان الفجر .. تهرول قبل ابيك .. ترتل .. تسبح .. تركع وتسجد .. تطوي السجادة في المحراب .. لم ندرك ما يوحى لك بعد .. ما ذا تعني صلاتك ؟ .. تسبيحك ؟.. تلاوتك ؟.. تمتماتك ؟.. انها الفطرة الانسانية التي جبلت عليها ... يتساؤلون حينما تتاخر عن الموعد ..تدرك مواقيتهم .. ومواقيت رحلة الصيف .. كنت هناك موضع حديثنا ..حينما ترافقهم تنثر البهجة .. ترسم الابتسامات في وجوه كالحة ..شقت الدموع طريقها في تعرجات تلك الوجوه.. يترقبون كلماتك ..ليس لسبب ما .. فقط لانك تحمل البشرى والامل ..كالمطر .. كشمس الصباح .. كالإبتسامة .. ساعود اليك لا ريب .. سنترافق معا الى الشاطيء الحزين .. سنتحدث بجراءة بفطرتك المعهودة .. نمشي معا .. نضحك معا .. كنوارس البحر المنهكة .. تستلقي على شواطيء دافئة .. امضي أخي لا تأباه .. لا تنظر الى ما وراءك ... وما تحت اقدامك .. امنحني قوة من ارادتك الصلبة .. علمني بما تختزله روحك من صبر .. فانت مثلي الاعلى في الارادة .. مصابيح الشارع خافته .. لم يتبق الا بصيص ضوء .. يتسلل من بين اعمدة بقايا نخيل .. ..صدى نعيق غربان جائعة .. ومواء قطط شاردة .. يتذكرها زمن غابر .. منحوت اسمك هناك .. تبقى خالدا .. كهذه الشمس .. وهذا البحر .. ونجوم المساء .. يعكس غدير الماء صفحة وجهك ...مرسوم على وجه قمر السماء.. تختفي .. تغوص في قلوبنا .. وارواحنا... حينها لا يتبقى للقصة بقية . بقلمي / ناصر الضامري 2011