السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
دورة (يا أرض اخشعي) ستكون بإذن الله
موجهة للوصول للخشوع والسجود القلبي
وتليينه من خلال تدبر آيات النعم والخلق
والكون لتعظيم الله في القلب..
عرض للطباعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
دورة (يا أرض اخشعي) ستكون بإذن الله
موجهة للوصول للخشوع والسجود القلبي
وتليينه من خلال تدبر آيات النعم والخلق
والكون لتعظيم الله في القلب..
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما
وحكمة إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نبدأ بحول الله وقوته في التزود بآيات الله العظيمة في هذه الدورة المعنونة باسم ( اخشعي يا أرض).
والتي تهدف ونسأل الله أن يرزقنا بها السجود والخضوع والخشوع القلبي. متبعين منهج الله في ذلك
من خلال القرآن الكريم.
نفتتح دورتنا هذه بآية عظيمة افتتح الله عز وجل بها
سورة عظيمة هي سورة السجدة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة السجدة 2]
هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو كنز من الكنوز أقدسه
أنا وتقدسه أنت بلا شك.
ولكن نريد أن ننتقل من مرحلة تقديس الكتاب ككل
إلى تقديس كل آية منه.
نريد أن نصل للإستشعار حقا في قلوبنا أن كل آية منه هي
رسالة خاصة من الله عز وجل خالق السموات والأرض ملك الملوك
وأن هذه الرسالة هي موجهة لي أنا .
لأن الإستجابة لأوامره ستكون مختلفة تماما إن رزقنا الله ذلك الشعور.
نسأل الله أن يمن علينا برحمته ويرزقنا هذا الشعور في كل آية منه.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة السجدة 2]
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ )
الكتاب له منزلة عظيمة وعالية فهو كلام الله عز وجل خالق الكون
خالقي وخالقك
رازقي ورازقك
ربي وربك
((نزله)) من فوق سبع سماوات لنا نحن الضعفاء الفقراء.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ )
نزله من فوق سبع سماوات لسكان صغار الحجم جدا في كوكب
صغير جدا في مجموعة صغيرة جدا في طرف مجرة صغيرة جدا
في كون شاسع في أدنى سماء خلقها
نزله لهم رحمة بهم.
" الرحمن. علم القرآن"
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
لا ريب فيه ولا نشك للحظة في مسأله أنه كتاب منزل من رب العالمين.
لن نقوم بإجراء تجارب وبحوث ودراسات علمية فقط لنثبت أن هذا
الكتاب هو حقا من رب العالمين.
لن نبحث في علوم أخرى لنثبت لأنفسنا ولغيرنا أنه كتاب من رب العالمين.
فهذا الكتاب حقا من رب العالمين. يفترض أن تكون هذه قناعة ويقينا في قلوبنا
فالمؤمن يفترض به أن يكون قد تجاوز هذه المرحلة .
فهو يؤمن بالكتاب وهذا هو الركن الثالث من أركان الإيمان وبدونه
لا يستقيم إيمان العبد.
لن ينشأ بنيان بدون اكتمال أعمدته كلها.
ولن ينشأ ولن يستقيم إيمان عبد إذا لم تكتمل أركان الإيمان بقلبه.
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ
النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
[سورة البقرة 136]
المؤمن الحق لا يتوقف عند محاولة إثبات أن هذا الكتاب منزل
من رب العالمين لنفسه ولكنه يكون متجاوزا لهذه المرحلة.
ولو كان مازال يبحث في هذا الأمر فهو ما زال لم يصل للإيمان بالكتاب.
مازال باحثا عن الإيمان وليس مؤمنا حقا.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
لكي نصل للخشوع والسجود القلبي لآيات هذا الكتاب علينا الوصول
لليقين أولا بأنه حقا من رب العالمين.
دعونا نقوم بتجربة...
اتركوا كل شيء وركزوا معي ...
مهم جدا أن تصل لليقين التام
أغمض عينيك اﻵن
وتخيل أنك اﻵن في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم!
سألته عن أمر ما من أمور الدين..
ثم تراه يتصبب عرقا من تأثير نزول الوحي .
آيات تتنزل عليه من رب العالمين لتجيب على سؤالك .
وأنت تتنتظر متشوقا لسماع هذه اﻵية الجديدة التي نزلت اﻵن
من سبع سماوات من رب السماوات والأرض.
اﻵن سينطق الذي لا ينطق عن الهوى.
استعد لسماع اﻵية.
ربك أنزل هذه اﻵية لك أنت
انصت بقلبك!
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ
لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
[سورة البقرة 254]
بماذا شعرت؟
هل الشعور اﻵن اختلف ؟
عندما كنت تقرأها في وردك متعجلا تريد إنهاء أكبر عدد
من الصفحات والأجزاء لم تشعر بشيء
ولكن!
عندما تقرأ اﻵية وتستشعر أنها من رب العالمين يختلف الوضع
أليس كذلك؟
جرب قراءة هذه اﻵيات بنفس الطريقة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)
[سورة اﻷحزاب 70]
أغمض عينيك وتخيل أنك تسمعها من رب العالمين.
كيف تشعر؟
جرب هذه
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)
هل اهتز كيانك؟
إن لم تشعر بشيء حاول أن تعيدها عدة مرات.
وإن لم تشعر أيضا فأنت محروم فقد قفل قلبك بأقفال منعت
عنك دخول اﻵيات واستشعارها .
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
[سورة محمد 24]
إن شعرت بأن قلبك مقفل بحيث لا تؤثر بك اﻵيات ولا تهز
كيانك فالشفاء موجود.
هل تعلم أين؟
في القرآن!
فهو شفاء للقلب وفتح لأقفاله.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة السجدة 2]
إنه الكتاب الذي يوصلك للشعور بربوبيته.
قد ينسى الإنسان نعم ربه عليه ولا يتذكرها ولا يذكرها.
قد يغفل..
ولكنه يجد الذكرى في هذا الكتاب الذي يذكرنا
بكل نعمة أنعمها علينا.
عندها نتذكر أنه من رب العالمين
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة السجدة 2]
عندما تقترب أكثر من القرآن..
عندما تغوص في جنباته..
عندما تستخرج كنوز آياته...
عندها ستوقن حقا وصدقا أنه كتاب رب العالمين ولن ترتاب أبدا.
إنه كتاب معجز !
كل آية فيه هي معجزة بحد ذاتها
ولا يؤمن بذلك ولا يراها كذلك ولا يستشعر ذلك إلا المؤمنون
حقا الذين يتلونه حق تلاوته ويتدبرونه.
ألا تعجبون أن تؤمن أم المؤمنين خديجة بالكتاب من أول خمسة
آيات نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام؟
خمس آيات تدبرتها وعرفت أن كل آية منها معجزة فآمنت.
المهم هو تدبر اﻵيات لنصل لذلك اليقين الذي وصل له المسلمين
اﻷوائل الذين آمنوا بالكتاب وهو عبارة عن آيات قليلة نزلت متفرقة
وستجد يا أخي وأنت يا أختي أنك لا تتمكن من تجاوز آية
إلا بعد أن تستخرج كنوزها.
عندها ستشعر بعظمة هذا الكتاب وتدرك حقا أنه ليس كتابا عاديا
وإنما هو كتاب رب العالمين.
ولكن لماذا التركيز على اليقين بهذا الكتاب ؟
وما علاقته بالخشوع القلبي ؟
وما علاقته بدورتنا هذه؟
هذا ما سنتعلمه ان شاء الله غدا..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ)
[سورة النحل 102]
إن هذا الكتاب هو الأساس في ديننا.
بدونه لن نعبد الله كما يريد وسنتبع الهوى.
فهو الذي إن تمسكنا به هدانا ربنا ثم ثبتنا على الهداية
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة
إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
[سورة اﻷعراف 52]
إذن هو هدى
ولكن للمؤمنين فقط!
وهو رحمة
ولكن للمؤمنين فقط!
هو لمن يصل للإيمان بهذا الكتاب أنه تنزيل من رب العالمين
(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ((لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا)) وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ)
[سورة النحل 102]
هو تثبيت إذن (ليثبت)
ولكن !!!
يثبت فقط المؤمنين.
إذن من فؤائد هذا الكتاب أنه
يهدي المؤمنين فقط
ويثبت المؤمنين فقط
يهديهم به للصراط المستقيم ليسيروا عليه.
ويرحمهم به ربهم.
وأيضا..
وهذا مهم جدا..
أنه بعد هدايتهم يثبتهم على الهداية
فقط وفقط وفقط
طالما هم مازالوا متمسكين بالقرآن.
(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ)
[سورة النحل 102]
المؤمنين بهذا الكتاب
وأقصد المؤمنين حقا الذين لا يداخلهم أدنى شك أو ريب
هم فقط من ينالون فوائد القرآن.
ولكن...
كيف أتأكد إن كنت مؤمنا حقا بهذا الكتاب ولا يداخلني أي شك فيه؟
ببساطة اعرض نفسك على بعض اﻵيات.
مثلا:
كنت تعاني الفقر وتشتكي العقم ووقعت هذه اﻵيات
بسمعك أو رأيتها أو قرأتها.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا *
مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)
[سورة نوح 11 - 13]
إن كنت مؤمنا حقا بالكتاب فإنك ستستجيب فورا وبكل يقين
تبدأ بالإستغفار وتلزمه وأنت 100% واثق بأن وعد الله سيتحقق .
ولكن إن كان في قلبك شيء من ريب فستقول سأجرب.
وستلزم الاستغفار مدة وأنت مجرب له ثم تمل وتقول جربته ولم ينفعني .
مثال آخر:
سمعت أو قرأت هذه اﻵية
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ
فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
[سورة النور 55]
ثم يخالجك خاطر ...
" هذه اﻵية لم تتحقق وأن الله مكن الكافرين علينا واستخلفهم في الأرض
وأصبحنا خائفين ولا نتمكن حتى من ممارسة بعض الشعائر في بعض البلدان"
إن صدقت هذا الخاطر فأنت ما زلت في ريب وشك ولم تصل للإيمان
الحقيقي بهذا الكتاب .
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ
مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 3]
إن جارى أحدهم نفسه في
شعور الريب
ووسوسة الشيطان
فإنه قد يمر بتقلبات يخشى عليه من أن يصل للتكذيب بالكتاب وإتهام
النبي عليه الصلاة والسلام بافتراء هذا الكتاب والعياذ بالله.
وكم رأينا من الناس من وصلوا لهذه المرحلة للأسف بسبب بعدهم
عن "تدبر" كتاب الله فتركوا دينهم.
إذن ما هو الحل ؟!
كيف أصل لدرجة الإيمان الحق الخالص بهذا الكتاب؟!
ببساطة بأن أطبق قاعدة من قواعد القرآن الكريم
وهي:
(نفذ الشرط تنل الوعد)
كيف؟!!!!!
أنفذ الشرط في القرآن بحذافيره 100 % بما يتوافق مع كتاب الله .
ليس 80% !
وليس 90 % !
ولا حتى 99.9% !!!
بل نفذ الشرط 100 %
عندها تنال الوعد 100%
تريد أمثلة؟
اقترب وركز معي...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)
[سورة اﻷحزاب 41]
لماذا قال الذين آمنوا؟
لأن المؤمن فقط هو من سيستجيب لهذا الأمر .
ولماذا قال الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله؟
لأن المؤمن ذاكر لله مطمئن القلب متوكل على الله.
فالهلع لا يصيب إلا من نقص ايمانه أو قل ذكره
مثال :
أريد الشعور بالطمأنينة وأن أتخلص من القلق والخوف والتوتر
وغيره من المشاعر السلبية وسمعت قوله تعالى.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
[سورة الرعد 28]
عندها علي أن أنفذ الشرط وهو أن لا أتوقف عن ذكر الله لأن الشرط
هو ذكر الله فإذا توقف الذكر ذهبت الطمأنينة .
لا أن أذكر 10 دقائق ثم أتوقف وأستغرب أن القلق قد عاد إلي
ولكن الطمأنينة مرتبطة بإستمرار الذكر وهذا معنى الذكر الكثير .
فأجد أن المؤمن إيمانا حقا هو من يخضع لجميع أوامر الله بلا استكبار
عن تنفيذ أي منها بقوله
" لم أقتنع بهذا"
أو
" ربما اﻵية منسوخة"
أو
" ربما اﻵية لها معنى آخر"
أو يأول اﻵية بما تشتهي نفسه.
مثال آخر:
أريد أن أكون ممن يؤمن بالآيات جميعها إيمانا حقيقيا.
فأقرأ قول الله عز وجل :
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ
رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ * تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 15 - 16]
بل حصر المؤمن ((إنما))يؤمن بآياتنا)
في صفة أنه إذا سمع الآية...
خر لها ساجدا !!!
بمعنى خضع لها خضوعا كاملا ولم يستكبر عن تنفيذها .
وهذا من صفاته أنه لا يطيق فراشه ليلا ليقوم لربه ساجدا راكعا
تاليا لكتاب الله ومنفقا نهارا بما رزقه الله من علم أو مال وغيره.
فإذا أردت أن تكون ممن تتجافى جنوبهم عن المضاجع ...
عليك ان تنفذ الشرط أولا!
وهو بأن تخضع لآيات الله جميعها 100 %
يخالجه شعور لا يشعر به إلا المؤمن حقا بالآيات
الخوف عنده ممزوجا بالطمع
الخوف من الله وعقابه
والطمع بما عند الله من الجنات والنعيم.
فلا هو خائف قانط من رحمة الله
ولا طامع ضامن لنفسه الجنة متراخي عن العمل للآخرة
فإذا لم تنل الوعد فاعلم أنك لم تصل لنسبة 100% من تنفيذ الشرط.
المشكلة ليست في القرآن إن لم تتحصل على الوعد.
وزوال الكون أهون عند الله من أن لا ينفذ وعده للمؤمنين.
ولكن المشكلة هي أنك لم تصل لنسبة 100 % من تنفيذك للشرط.
فإذا رأيت موعود الله يتحقق حقا عند تحقق وعوده للمؤمنين آمنت
بالكتاب إيمانا حقا وتخلصت من الريب والشك.
(تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين)
مثال آخر:
كنت تعاني مثلا من الحسد أو السحر وقرأت قوله تعالى:
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)
[سورة اﻹسراء 82]
وعلمت أن القرآن شفاء
وأردت الاستشفاء به
وهو وعد الله للمؤمنين أنه شفاء
فعليك إذن أن تنفذ الشرط وهو أن تكون من المؤمنين
حقا وتنفذه بنسبة 100%
وإلا !
لن يزيدك القرآن إلا خسارا.
فهو يزيد الظالمين لأنفسهم بالمعاصي خسارا .
فإن أردت الاستشفاء به ابدأ أولا بالتوبة النصوح
والعمل بأوامر الله 100 %
لكي تستشعر عظمة نعمة نزول الكتاب إلينا من فوق سبع سماوات
ونحن العبيد في أقصى الكون في أدنى سماء شاهد هذا الفيديو
الذي يأخذك في رحلة في الكون
رحلة في الكون يأخذك من اﻷرض إلى أقصى الكون
http://youtu.be/9MzMbELngPM
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
السلام عليكم
بارك الله فيك ولك ووفقك ورزقك يارب
طرح استوقفنى وافادني لشخصك الكريم
التقدير لجهدك واجتهادك
تقديري واحترامي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه
علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 - 3]
قاعدة مهمة في القرآن الكريم
إما أن تكون مؤمنا حقا
أو تكون مرتابا
والإرتياب يتدرج من أقل من 1 % في القرآن إلى 100%
وهذا هو الكافر المجاهر بكفره.
أو تكون موقنا 100%
لا يوجد شيء اسمه موقن 99.9%
المؤمن بالكتاب يكون موقنا 100% ولا يساوره أدنى شك ولو كان بنسبة
.0.000000000000001%
المرتاب هو المنافق
الذي يحمل في نفسه الشك ويكون بين بين لا هو مع المؤمنين ولا هو مع الكافرين.
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)
[سورة النساء 143]
تجده مع المؤمنين يصدق على كلامهم ويشهدهم أنهم على الحق .
فإذا فارقهم سخر منهم وذهب لأمثاله وصدق على كلامهم أنهم على الحق.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ
عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)
[سورة البقرة ]
في حين أن المؤمن لا يرتاب أبدا
((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُون))َ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا
وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)
[سورة الحجرات 15]
(إنما) أداة حصر
إنما المؤمنون
وحدهم المؤمنون
لم يرتابوا بعد إيمانهم
ومن يرتاب فهو مازال لم يصل للإيمان الحق
فالمسلم ليس بالضرورة أن يكون مؤمنا إيمانا خالصا 100%
كما كان مع الأعراب
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ ((قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا))
وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ ((وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))
لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة الحجرات 14]
فالإيمان مرتبط بالعمل الصالح
بطاعة الله ورسوله.
طاعة مطلقة 100%
وإلا فهو مازال لم يصل للإيمان
المرتاب إن لم يبدأ برحلة البحث عن الإيمان فقد يصل للظن
بعدها أن النبي عليه الصلاة والسلام قد افترى هذا الكتاب وأنه ليس من رب العالمين.
أعطيكم مشهدا من عالم الشهادة..
غلام عاق لوالديه لا يريد تنفيذ أي أمر لهما ويتهرب من تنفيذ
تلك الأوامر وقد يتجرأ على اعلان رفضه لتنفيذ الأمر صراحة وبكل
جرأة ووقاحة وقد يصل لرفع صوته عليهما.
ولكن فكروا معي..
متى يعود هذا الغلام لوالديه ذليلا يطلب رضاهما ويضطر
لمجاملتهما ولو على مضض مضطرا وقد يعرض خدماته عليهما بنفسه؟
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ
هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 - 3]
السر في الوصول لليقين 100% بهذا الكتاب يكمن في كلمتي ( رب العالمين)
لاحقا سأخبركم كيف يكون ذلك.
وأيضا سأخبركم لماذا نركز على أهمية الوصول لليقين بآيات القرآن؟
ما هي العلاقة بين هذا وبين الوصول للخشوع والسجود القلبي
والذي هو هدف هذه الدورة؟
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ
بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 - 3]
يتذكر حينها أن والده هو رب البيت
وأن والدته هي ربة البيت
يتذكر أنهما هما من يمدانه بكل احتياجاته فيخضع لهما.
ولله المثل الأعلى
كذلك بعض الناس هكذا يتصرفون مع ربهم
لا يدعونه
لا يتنفلون له
بل أحيانا لا يقومون بالفرائض
ويعصونه
وإذا احتاجوا إليه عادوا إليه منكسرين
عندما يكون محتاجا !
عندما يمرض ويحتاج للعلاج والرعاية
عندما يجوع ويحتاج للطعام
عندما يحتاج للخروج من البيت بالسيارة
عندما يحتاج للمال أو المصروف
عندما يحتاج أن تدرسه درسا أو تعلمه شيئا
بمعنى آخر
عندما يحتاج منك شيئا
إذا ذكرنا الله دوما
إذا كان ببالنا طوال الوقت أنه هو وحده رب العالمين
وأننا لا نعيش بدونه وأننا نحتاجه طوال الوقت فسنصل دوما للإفتقار
والخضوع والإنكسار بين يديه لأن حاجتنا إليه مستمرة لا تتوقف.
إن ذكرنا أفعاله سنقدم على
إرضائه دوما
وتنفيذ أوامره دوما
لكي يرضى عنا دوما
ويجيب دعاءنا دوما
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ ((أُجِيب))ُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ
((فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي)) وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
[سورة البقرة 186]
بدونه لا نتنفس
لا ينبض قلبنا
لا نبتلع طعامنا
لا نهضم طعامنا
لا نحرك جوارحنا
لا نعيش أبدا بدون الحاجة إليه
ولكنها بكل بساطة...
الغفلة عن أفعاله لنا
كالإبن الذي يعصي والده ويعقه ويستغرب أن لا يشتري له
والده كل ما يحتاجه.
والمطلوب أن يحصل على كل حاجاته ومن بينها محبة والده
له دون أن يبذل أي مجهود
تريد أن يستجيب لك عند حاجتك وضعفك وانكسارك؟
استجب لأوامره أولا
قد يستثقل ذلك الكثير من الناس
ويقول قائل
يريدني أن أكون مطوعا لكي يستجيب لي ؟!!!
هو خارطة الطريق لجنة عرضها السموات والأرض.
ليست فقط خارطة وإنما أيضا بها بوصلة ومفتاح الخريطة
وشرح كاف وواف لطريقة استخدامها.
(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ
عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
[سورة اﻷنعام 153]
فهل استشعرتم قيمة هذا الكتاب الذي أنعم الله به علينا؟
بين أيدينا كنز ثمين
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ *
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ)
[سورة الواقعة 75 - 78]
لنصل للخضوع لربنا
وبالتالي القرب منه
واجابته لدعائنا
علينا أولا التوصل لليقين بأن هذا الكتاب لا ريب فيه
وأنه تنزيل من رب العالمين.
أنه رسالة من رب العالمين.
أن فيه أوامره ونواهييه
أن فيه ما يرضيه وما يغضبه
من الأسباب التي تعيننا على التذكر الدائم أنه رب العالمين هو :
قراءة القرآن مع تدبره
والذكر الكثير طوال اليوم
والتسبيح بكرة وعشيا ومن الليل.
التذكر الدائم يبقينا في خضوع وافتقار وانكسار دائم
هل ترون كيف يحتاج الطفل الصغير الضعيف لأمه ؟
فهو يلاحقها أينما كانت حتى ولو لم تكن له حاجة لها فإنه
يتعلق بثوبها ويراقبها يمنة ويسرة مخافة أن تفارقه ولا يجدها.
كن ذلك الطفل الصغير المحتاج !
تعلق بربك من خلال ذكره الدائم حتى ولو شعرت أنه ليس لك
حاجة استمر بالتعلق به وراقبه فلا تعصيه فهو مطلع عليك
واخش أن تقوم بفعل يبعدك عنه وتفقد معيته والأنس بذكره.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ
بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 - 3]
شاهد هذا الفيديو ..
مشاهدة "الافتقار إلى الله تعالى درس مؤثّر للدكتور محمد راتب النابلسي" على YouTube - https://youtu.be/P0Kb59uW-0s
ولكن كيف نبدأ ؟
من أين نبدأ؟
كيف نجعل القلوب تتعلق بربها وتحبه وتسعة لرضاه؟
هذا ما سنتدبره غدا إن شاء الله.
إربطوا الأحزمة غدا سنحلق إن شاء الله في عالم التأمل والتفكر.
القرآن حق من رب العالمين وهو النذير الذي ننذر به الناس جميعا بآياته.
لعلهم يهتدون.
لعلهم يعرفون ويميزون الطريق إلى الجنة ويسيرون عليه بحب
ورغبة لمرضاة الله
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
��دورة اخشعي يا أرض��
6رمضان��
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا
من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من
لساني يفقهوا قولي. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 - 6]
من فوائد التأمل أنك تتيقن أن الله بيده مقاليد الأمور.
بيده أمرك
هو من يملك أن يرزقك
وهو من يملك أن يقدر عليك رزقك
هو من يعزك
وهو أيضا من بيده أن يذلك
هو الذي يشفيك إن مرضت
وهو الذي يمنع عنك الشفاء ولو ذهبت ﻷحسن المستشفيات
في العالم وتعالجت عن أشهر طبيب في العالم وتناولت
أفضل دواء في العالم.
بيده كل شيء
بأمره يحدث كل شيء
كيف أصل لهذا الشعور من خلال التأمل؟!!!
مثال:
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ
وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)
[سورة الحديد 6]
أولج الله الليل في السنوات الماضية كلها في الليالي التي بتاريخ
اليوم في نفس الجزء من الثانية في هذه الليلة .
بمعنى لو أن الله أولج الليل بتاريخ 23 يونيو في السنوات الماضية
في الساعة السابعة تماما فإنه يولج الليل اليوم بنفس الوقت تماما.
دقة متناهية لا يستطيعها بشر
تخيل ملايين السنين منذ أن خلق الله السماوات والأرض وهو
يولج الليل والنهار بنفس الأوقات دون تأخير.
من منكم يشهد أنه منذ أن وصل لسن التكليف وهو ملتزم
بمواعيده في المدرسة وفي العمل وفي لقاء الناس والزيارات
ولم يتأخر ولم يتغيب ولا لمرة واحدة؟
لنفترض أن هناك من سيشهد أنه كذلك .
فهل يستطيع الاستمرار هكذا ل100 سنة قادمة؟
الله عز وجل دقيق في مواعيد الشروق والغروب منذ أن
خلق السماوات والأرض إلى يوم القيامة.
فهل يشعرك هذا بالأمان بأن الله له مقاليد الأمور؟
وأن كل شيء عنده بمقدار؟
وأنه ما أخر فرجك إلا بعلمه ؟
وما أخر رزقك إلا بعلمه؟
هو ليس غافلا عنك ولكنه يرزق بقدر لحكمة منه
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ
بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)
[سورة الشورى 27]
التأمل يعلمك أمور كثيرة جدا فهو
يعرفك على ربك وعلى صفاته وأفعاله و أسماءه الحسنى
ويزيدك إيمانا ورضا وتسليما بأمر الله.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ
كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 - 6]
هو الذي يدبر أمرك كله
مثال:
توظفت بمؤسسة تظن أنه بأمرك أو أمر صاحب
العمل ولكن في الحقيقة
هو الذي أراك إعلان وظيفتك وأوصل لك تلك المعلومة .
وهو الذي أيقظك في الوقت المناسب وسيرك إلى مكان تقديم الطلب.
وهو الذي جعل سيرتك الذاتية تثير إهتمام صاحب العمل وهو الذي
أنطقك بالإجابات التي أثارت اعجاب صاحب العمل بك فوظفك.
الله هو الذي دبر لك هذا الأمر.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ
كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 - 6]
الله دبر لك هذا الرزق وهذه الوظيفة قبل أن يخلقك !!
فلا تأسى على ما فاتك
ولا تفرح بما آتاك.
حقا؟!!!
نعم!
تأمل معي..
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ
((مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا)) ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ
مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
[سورة الحديد 22 - 23]
(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
[سورة الحديد 23]
فما فاتك لم تكن لتحصل عليه لأن كل شيء تحصل عليه مكتوب
في كتاب من قبل أن يخلق الله الأرض!
"من قبل أن نبرأها"
وما حصلت عليه ليس إلا إبتلاء وإختبار ليرى ما تصنع به.
فوظيفتك وراتبك ليسا إلا إبتلاء فلا تختال بهما وتتفاخر.
أي فضل من الله تحصل عليه ليس إلا إبتلاء
تأمل معي قول الله عن سليمان عليه السلام.
(ُ قَالَ هَٰذَا مِنْ ((فَضْل))ِ رَبِّي ((لِيَبْلُوَنِي)) أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ
وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
[سورة النمل]
الغافل فقط من قد يظن الفضل من الله كرامة
(فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَامَا ((ابْتَلَاهُ رَبُّهُ)) فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ *
وَأَمَّا إِذَا مَا ((ابْتَلَاه))ُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ)
[سورة الفجر 15 - 16]
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 - 6]
فهو عالم الغيب وعالم الشهادة
عالم بما كان وما يكون وما إن كان كيف كان يكون.
ويعلم ما الذي ستفعله قبل أن يخلقك وكتب ما الذي سيفعله
لك في تلك الحالة.
عالم بسرك وجهرك
عليم بذات الصدور
تأملك في الآيات يعطيك الشعور بالرضا بقضاء الله ويزيل
عنك الخوف والقلق من المستقبل.
يعطيك الشعور بالأمان بأن كل شيء يحصل لك هو بإذن الله ولن
يحصل لك إلا ما كتبه الله لك أو عليك ولو اجتمعت الإنس والجن
واتحدوا معا في ذلك فلن يحصل إلا ما أراده الله.
فإن أصابك خير فبإذن الله
وإن أصابك ضر فبإذن الله
" وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله"
ولنا أسوة في إبراهيم عليه السلام
عاش متأملا متفكرا
فكان مطمئنا تمام الإطمئنان عندما أجمعوا أمرهم عليه
و أشعلوا النار وعندما وضعوه في المنجنيق ليقذفوه في النار وحتى
عند قذفه كان متوكلا على الله لم يلجأ إلا إليه.
فكانت النتيجة مذهلة لا تخطر على قلب بشر .
"يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم"
وفي المقابل التأمل يجعلك تخشع وتخضع لربك وتأتمر بما أمرك
وتنتهي عن ما نهاك عنه ليتولاك ربك ويحفظك ويحميك من كل شر.
فهو يدافع عن أولياءه المؤمنين.
(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)
[سورة الحج 38]
تتأمل لتعظم الله وتخشاه ويخضع قلبك وتخشع جوارحك فتلتزم
بكل ما أمر لتكون مؤمنا حقا حنيفا مسلما حقا فيدافع الله عنك..
تذكر أنه بيده الأمر وبيده ما يحصل لك.
بيده أن يأذن لجنوده أن يؤذوا من يعصيه
وبيده أن يأمر جنوده أن يدافعوا عن من يطيعه.
يأمر نارا لتكون سلاما على عبده.
و يكفي المؤمنين القتال بأن يأمر الريح لتهاجم أعداءهم بدلا
عنهم في غزوة الأحزاب.
وينجي هودا عليه السلام والمؤمنين بأن يأمر الإعصار
أن يهلك قوم عاد.
وبالمقابل هناك المؤمنين.
المتأملين لما في السماوات والأرض ويخشون ربهم
تأملك لقوة الله وأن كل شيء حولك هم جنود لله يأمرهم لينجوا
المؤمنين ويدافعوا عنه وكذلك يسلطهم لمن يعصيه ويكفره.
هذا التأمل كاف ليجعلك تخضع له خوفا من عقابه.
فسقف بيتك جندي من جنود الله
وكذلك أسلاك الكهرباء
وانبوبة الغاز
والنار في الطباخة
وسكاكين البيت
ومقصاتها
والكرسي
والباب
ووووو..
هذا فقط بداخل بيتك وما خارجه أكثر وأكثر فكيف تعصيه
وأنت تعيش في ثكنة جنود الله في أرضه؟؟!!!
تخيل أنك معتقل في ثكنة عسكرية لأنك معارض سياسي .
عارضت الملك في حكمه .
عارضته في أوامره .
وأنت حولك الجنود
هذا وظيفته أن يسلط عليك الكشاف
وهذا ليغرق رأسك في سطل ماء
وهذا ليقتلع أظافرك
وهذا ليجلدك .
ثم يسألك الضابط ما رأيك في حكم الملك؟
ماذا ستكون إجابتك ساعتها؟!!
إذا أمرك أن تنفذ أمره هناك وسط الجنود فهل تنفذ أم تقول
لم أقتنع بعد
أو عندما أكبر مازلت شابا
أو عندما أتقاعد ؟!
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)
[سورة الفتح 7]
أنت تعيش بين جنود الله فكيف لا تخشى أن يأمرهم فيهاجموك؟
انظر حولك هل هناك شيء حولك ليس ملكا لله؟
اذن من فوائد التأمل :
الخضوع والخشوع القلبي
خشوع الجوارح
تذكر الآخرة (الخوف والرجاء)
التوكل على الله
تولي الله
الرضا بما قدر الله
تنسب كل شيء له " التسبيح القلبي"
استشعار عظمة الله وقوته
الإطمئنان وترك القلق والخوف من المستقبل.
التعرف على صفات الله
اليقين بأن منزل القرآن هو نفسه خالق الكون
ألا يستحق ذلك كله أن أبدأ واستمر في التأمل؟!
ولكن ماذا أتأمل أيضا غير السماوات والأرض؟
هذا ما سنتحدث عنه غدا إن شاء الله
تابعونا...
مشاهدة "جند من جنود الله ( أنظر إلى عظمة الخالق)"سبحان الله""
على YouTube - https://youtu.be/TJ3O89vPLBg
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
��دورة اخشعي يا أرض��
7رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن
يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من
لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني
مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(وَفِي الْأَرْضِ ((آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ)) * ((وَفِي أَنْفُسِكُم))ْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ *
وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)
[سورة الذاريات 20 - 22]
تحدثنا عن أهمية تأمل السماء والأرض
بنظرة التفكر .
بنظرة البصيرة
لكي ترى آيات الله في الكون على أنها آيات لتكون من الموقنين.
واليوم دعونا نتفكر في أنفسنا نحن البشر .
" وفي أنفسكم أفلا تبصرون"؟؟
لم يقل: أفلا تنظرون؟
فنحن ننظر لأنفسنا تقريبا يوميا في المرآة وننظر للآخرين
حولنا ولكنها نظرة مختلفة تماما عن ما يريدها الله في الآية .
بل قال لنا :
"أفلا تبصرون"؟!
يريدنا أن نبصر بقلوبنا ونتأمل خلقه لنا.
أن نتأمل جمال ودقة وبديع صنعه.
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهٍُ)
[سورة السجدة 7]
هل نظرت لنفسك في المرآة نظرة تأمل في خلقتك؟
هل تأملت عينيك؟
هل تعجبت من شق جلدة وجهك تماما
بحجم يناسب حجم مقلة عينيك؟
هل تعجبت أن يكون في هذا الشق ثقب تخرج منه
الدموع لتبلل مقلة عينيك حتى لا تجف وتتحجر؟
هل تعجبت أن هذا الشق قد أنبت الله حوله شعيرات
لتحمي عينك من الشوائب لتتمكن من الرؤية بوضوح؟
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ)؟
[سورة البلد 8]
هل تأملت فتحتي أنفك؟
هل تعجبت أنهما في المكان الصحيح
بالضبط للطريق المؤدي لرئتيك؟
هل تعجبت من أن الله أنبت بداخلهما شعيرات لتمنع
عنك الشوائب ليحميك من الأمراض والإختناق؟
هل تعجبت أن الله جعل هاتين الفتحتين بأنف جعله مرنا
بغضروف ليتحمل الصدمات كونا بارزا في الوجه؟
هل تعجبت أن تكون الفتحتين واسعتين كبيرتين لسكان
المناطق الاستوائية لتتناسب مع جوهم وكمية الرطوبة
والأكسجين بينما سكان المناطق الجافة والصحراوية فلهم
فتحات أنف صغيرة لتناسب جوهم الجاف؟
(هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ۚ
بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
[سورة لقمان 11]
هل تأملت الشق الجميل الملون الممتلئ على وجهك ؟
هل تعجبت من دقة صنعه؟
هل تعجبت من أنه في المكان المناسب المؤدي للجهاز الهضمي؟
هل تعجبت من قدرته على الحركة كما تريد؟
هل تعجبت من أنه يصدر صوتا مختلفا مع كل حركة لتتمكن
من الكلام والتواصل مع الآخرين؟
هل تعجبت أن بداخل هذا الشق كل الادوات اللازمة للأكل؟
هل تعجبت من لسانك وكونه عضلة تتحرك أيضا كما تشاء
وتصدر صوتا مختلفا مع كل حركة؟
هل تعجبت من قدرته على التذوق لمختلف أنواع الأطعمة؟
حلو . مالح . مر . حارق. حامض. ووووووو....
(ألم نجعل له عينين)؟
(وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ)؟
[سورة البلد 9]
هل تعجبت من فتحتي الأذن على جانبي رأسك؟
هل تعجبت أن خلف هذه الفتحة تجعلك تسمع الأصوات؟
وأنك إذا وضعت سدادة فيهما فلن تسمع شيئا؟
هل تعجبت أن وجود الفتحتين ساعدتاك على السمع
ولولاهما لكانت الاصوات لا تصل؟
هل تعجبت أنك أيضا بهذه الأذن تميز بين الصوت
العالي والمنخفض؟
وتميز بين الصوت الحاد والناعم والأجش؟
بل وتستطيع تمييز صوت اﻵخرين وتعرف
صاحب الصوت؟
هل تعجبت أنك أيضا تميز بهاتين الأذنين ما يقال
لك فتستطيع التجاوب معهم؟
(قُلْ ((هُو))َ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)
[سورة الملك 23]
هل تفكرت أن عينيك وسمعك هي آلات تسجيل غيبيه صوت
وصورة وبالألوان وبدقة عالية لما تفعله يوميا من أعمال
ولها حجم ذاكرة يكفي لتسجيل حياتك كلها منذ ولادتك وحتى وفاتك؟
ويوم القيامة سيتم تشغيل هذا التسجيل أمامك وستتابعه كاملا غير منقوص؟
(حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا ((شَهِدَ عَلَيْهِمْ)) سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ
وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة فصلت 20]
لك الخيار في الدنيا أن تجعلها شاهدة لك
أو شاهدة عليك.
ويوم القيامة تفقد هذا الخيار فتنطق بما شهدت إن
خيرا فخير وإن شرا فشر.
ترى هل ستتغير نظرتك الآن لعينيك
وسمعك وشفتيك؟
هل ستحاسب في إستخدامهم؟
(وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ
وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ)
[سورة فصلت 22]
إذا كانت لديك كاميرا إحترافية دقيقة ذات تكبير وتقريب
عال جدا فهل يهمك شكلها الخارجي كثيرا أم يهمك دقة تصويرها؟
إذا تعاملت مع بصرك وسمعك وشفتيك على أنهم آلات تسجيل
غيبية فلن تتفاخر بجمالها ولن تتذمر من شكلها .
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ *
وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ *
وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ)
[سورة يس 65 - 67]
(الْيَوْمَ ((نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِم))((ْ وَتُكَلِّمُنَا)) أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ
أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ ((لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِم))ْ
فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ
فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ)
[سورة يس 65 - 67]
يديك ورجليك هل تأملت دقة صنعهما؟
هل تعجبت من فوائد أصابعك؟
بدون وجود إصبع واحد منهم لصعب عليك إستخدام
يديك أو رجليك كما تريد.
لم أكن أتخيل فائدة أصابع القدمين حتى رأيت أحد أقاربي
وقد بترت ثلاثة أصابع من قدمه ولم يعد قادرا على
المشي إلا بالعكازات.
أصبع واحد فقط يحدث فرقا كبيرا في الإستخدام.
سبحانه لم يخلق شيئا عبثا.
وهذا يذكرك بكمال صنع الله
" صنع الله الذي أتقن كل شيء"
هل تأملت مفاصلك التي في يديك ورجليك؟
أي تعطل أوتيبس أو تآكل لمفصل واحد فقط
يجعل حياتك عذابا لا ينتهي.
هذا كمال خلق الله!
هذا صنع الله!
(هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ۚ
بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
[سورة لقمان 11]
لاحظوا أن تأملي لم يدخل في العلوم الحديثة هو تأمل متاح
لأي إنسان ولكنه يوصل لمحبة الله.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ ((فَأَحْسَن))َ
صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)
[سورة التغابن 3]
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ
((فَأَحْسَنَ صُوَرَكُم))ْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ
فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
[سورة غافر 64]
(الَّذِي ((أَحْسَن))َ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)
[سورة السجدة 7]
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي ((أَحْسَنِ)) تَقْوِيمٍ)
[سورة التين ]
(وَفِي الْأَرْضِ ((آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ)) * ((وَفِي أَنْفُسِكُم))ْ ۚ
أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)
[سورة الذاريات 20 - 22]
لاحظوا أن الآيات التي تتحدث عن تأمل خلق الانسان تسبقها
تأمل السموات والأرض سواء في نفس الآية أو الآيات التي تسبقها.
التقديم في التأمل هو في السماء والأرض ثم تأمل خلق الإنسان
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي(( الْآفَاقِ)) وَ((فِي أَنْفُسِهِم))ْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
[سورة فصلت 53]
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا)
[سورة النازعات 27]
خلق السماء والأرض أشد من خلقنا
لذلك الشعور بالتعظيم يكون أكبر بتأمل خلق
السماء والأرض.
بينما شعور الشكر يكون أكبر بتأمل خلقنا.
وربط دوما ذكر نعم السمع والبصر والفؤاد بالشكر
(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا
وَجَعَلَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ))ۙ ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))
[سورة النحل 78]
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ ))
((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة المؤمنون 78]
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَة))َ ۚ ((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة السجدة 9]
(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَة))َ ۖ
((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة الملك 23]
تأملك الدائم يجعلك معظما لربك ويجعلك من الشاكرين
يجعلك تجتهد لتشكر ربك
حمدا وشكرا
والشكر يكون بالأعمال الصالحة وليس بالحمد فقط
((اعْمَلُوا)) آلَ دَاوُودَ ((شُكْرًا)) ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
[سورة سبأ 13]
لتصل للإيمان الحق واليقين لست بحاجة للعلوم الحديثة .
فقط أنت بحاجة للتأمل الذي هو متاح للمتعلم ولغيره .
فأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام تأملوا ولم تكن لديهم
هذه العلوم وكان إيمانهم عميقا ويقينهم صادقا فنالوا رضى الله عنهم.
لا أقصد منع الإطلاع على الإعجاز العلمي ولكن أقصد أنك
لا تحتاج إليه بالضرورة .
فقط تحتاج للآيات وللنظر والبصيرة.
.................................................. .
انتهى الدرس ولم ننتهي من تأمل خلقنا نكمل إن شاء الله غدا
فتابعونا....
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن
يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة
من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق
واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(لَقَدْ كُنْتَ فِي ((غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا)) فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)
[سورة ق 22]
هذا الغافل الذي كانت على عينيه غشاوة ولم يدرك حقيقة
الحياة الدنيا طوال حياته كان في غفلة عن اليوم الآخر
كانت عينيه وكأن عليها نظارة مزينة على عدساتها نقوش
جميلة يرى من خلالها أن الدنيا فرصة للتمتع والمغامرة والترف والراحة.
وكأنه جاء إلى الدنيا في نزهة وتوشك النزهة أن تنتهي
لذلك يريد الإستمتاع بها بأقصى ما يستطيع قبل أن تنتهي
وكأنها النزهة الوحيدة والتي ليس بعدها نزهة أبدا.
فتجده يسارع في التمتع بدلا من المسارعة في جمع مهر الجنة.
(الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي ((غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي))
وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا)
[سورة الكهف 101]
كانت أعينهم في غطاء عن ماذا؟
" عن ذكري" !!
لا ترى الآيات
لا الآيات الكونية ولا الآيات القرآنية
تنظر ولكن لا تبصر الحقيقة
هذا الغطاء أخفى عنهم الحقيقة التي لا ترى إلا مع
الذكر فبقوا في غفلة عن اليوم الآخر.
تغافلوا عن ذلك اليوم.
والقرآن ذكر وركز ربنا على ذلك في صفحة واحدة ليؤكد
أن القرآن ذكره وذلك في الصفحة الأولى من سورة ص.
افتتح السورة ب
(ص ۚ وَالْقُرْآنِ ((ذِي الذِّكْرِ))
[سورة ص 1]
وبعد آيات قليلة عاد مرة أخرى ليؤكد المعلومة.
(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ((الذِّكْرُ )) مِنْ بَيْنِنَا ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ
((ذِكْرِي)) ۖ بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ)
[سورة ص 8]
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)
[سورة اﻷنبياء 1]
ترى لماذا ارتبطت الغفلة عن الذكر بالغفلة عن
اليوم الآخر في عدة آيات؟
ذلك لأن ذكر اليوم الآخر ولقاء الله والرجوع إليه مذكور
تقريبا في كل صفحة من صفحات القرآن ذي الذكر
فإذا قرأت ولو صفحة واحدة يوميا "بتدبر" فستتذكر
اليوم الآخر ولن تغفل عنه.
أما إن كنت تقرأ ولو خمسة أجزاء في اليوم قراءة غفلة
فستظل في غفلة عن ذلك اليوم.
أقصد بالغفلة هنا هو عدم الاستعداد لليوم الآخر
بالمسارعة الحقيقية في الخيرات وترك المعاصي والذنوب
جميعا مهما حسبتها هينة. بسبب أن اليوم الآخر ليس بالبال وتم نسيانه.
(لَقَدْ كُنْتَ فِي ((غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا)) فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)
[سورة ق 22]
القرآن ينزع من عيني الغافل الغطاء ومن القلب الغفلة
في الحياة الدنيا. قبل أن تنزع منه يوم لا ينفعه ذلك.
فكلما ذكرت أكثر
وكلما تأملت وتفكرت أكثر
كلما استيقظ قلبك من الغفلة أكثر وأكثر.
كلما زاد ذكرك في القرآن كلما تعلمت منه أن
في الحياة الدنيا طريقان لا ثالث لهما
1- إما أن تكون ممن إذا
( ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩)
[سورة السجدة 15]
2- أو تكون ممن
(ْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا )
لأنك بقراءة الغفلة قد تظن أنك مهتد فلا حاجة
لأن تخر لجميع الآيات .
لا حاجة لأن تخضع لها جميعها
لا حاجة لتطبيقها كلها
وأنه لا بأس في ذلك
وفي الواقع قراءة الغفلة تمثل واقع الغافلين !!
( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ )
غفلة عن يوم الحساب؟
لماذا يا رب؟
لماذا هم في غفلة عن هذا؟
كيف وصلوا لهذه الغفلة؟
ويجيبنا الرب سبحانه وتعالى
(مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ )
يأتيهم الذكر و يسمعونه ويقرأون آيات ربهم ولكن يسمعونه
وهم منشغلون بأمور أخرى لا يوجد لديهم تركيز.
يسمعون ولكن لا ينصتون.
ولكن يا رب هم يجلسون ويقرأون فكيف يغفلون
عن الذكر وهم يقرأونه؟
(لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى)
يا الله!!
أليس هذا هو الواقع الأليم لأغلب المسلمين اليوم؟
لا يركزون على الكلمات ولا على الآيات بل يركزون
على عدد الصفحات وعدد الأجزاء.
يقرأ وقلبه لاه في مكان آخر تماما
ويحدث نفسه
سأذهب لصديقي فلان ونذهب للسوق ونشتري كذا وكذا.
سأطبخ كذا وأزين الكعكة بكذا .
وتقلب الصفحة وتكمل أفكارك .
وجارتي فلان لم ترسل لي طبقي الذي أرسلته لها.
وابني فلان لم يكتب واجباته سأعاقبه بعد أن أنتهي.
وتقلب الصفحة وتكمل حديثك لنفسك .
وهكذا حتى تنتهي من وردك.
اقرأ معي الآيات مرة أخرى بتدبر
( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ *
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ *
لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ..َ)
[سورة اﻷنبياء 1 - 3]
أو يمسك بالسبحة الإلكترونية ويقول سأستغفر 1000 مرة.
يبدأ..
أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله
4 5 6 7 8 9
ثم ينظر للساعة
متى سأنتهي ؟
ثم يبدأ يسرع في الاستغفار لينتهي سريعا.
ثم فجأة يبدأ اللسان يتحرك بالاستغفار وقلبه بحديث
النفس واصبعه يضغط سريعا على السبحة!!!
جوارحه تتشتت كل منها في واد آخر
اللسان في واد والقلب في واد وأصبعه في واد آخر.
(ِ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ *
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ *
لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ...َ)
[سورة اﻷنبياء 1 - 3]
إقترب الحساب ولا يشعر به الغافل
من يشعر به ويستعد له هو فقط الذاكر لله ذكرا
ينبع من قلبه ليفيض على جوارحه.
قلبه يذكر وعيناه تتأملان .
قلبه يذكر ولسانه ينطق بالذكر.
قلبه يذكر فتخشع جميع جوارحه.
قلبه يسبح فيتناغم مع تسبيح ظله وخلايا جسده.
هذه هي قراءة التدبر والتفكر التي وجهنا إليها ربنا.
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
[سورة ص 29]
أنزله لنتدبر آياته
أنزله لنتذكر
نتذكر الله
نتذكر عظمة الله
ونتذكر يوم اللقاء به.
نتذكر اليوم الآخر.
إذن للوصول للخشوع والسجود القلبي
علينا بتذكر الموت يوميا.
الغافل يصدم في اليوم الآخر ويومها فقط يكشف عنه
الغطاء ويبصر المصير فيصل لليقين.
(وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا
((أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا)) فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا ((مُوقِنُونَ))
[سورة السجدة 12]
وللأسف لا رجوع
قلنا بأن التأمل يوصل لليقين.
ومن لا يصل بالتأمل في آيات الله لليقين في الدنيا
فلا ينفعه اليقين في الآخرة الذي يصل إليه برؤية النار والعياذ بالله.
لنا الخيار ما دمنا في الدنيا
إما التأمل في الدنيا لننجو
أو التأمل في الآخرة فلا ينفعنا
" إنا هديناه السبيل إما شاكرا أو كفورا"
هدانا وترك لنا الإختيار بعدها.
وهنا يظهر الفرق بين أولي الألباب أولي العقول
وبين من هم كالأنعام بل هم أضل.
(وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)
[سورة السجدة 13]
لو شاء الله لأجبرنا على الهداية
لجبلنا على ذلك ولكنه يريد
أن نحبه بإرادتنا
أن نختاره بإرادتنا
ولن نفعل ذلك إلا إذا عرفنا حبه لنا من خلال تأمل
نعمه علينا ورعايته لنا وتدبيره لأمرنا.
عندها سنختار حبه ونجعله فوق كل حب آخر.
فحبه هو الباقي الذي لا نهاية له.
ولا يخذل الله من يحبه.
أما إن إخترنا التجاهل لكل نعمه
وإخترنا أن نغطيها عن أعيننا وقلوبنا
أن نكفرها ونجحد بها وننكرها
عندها سننسى عطاءه وننسى حبه ورحمته.
بإختصار سننسى وجوده ونفعل كل ما تهواه أنفسنا بلا قيود.
سننسى أننا سنرجع إليه يوما
سننسى أننا سنلقاه وأنه سينبئنا بما عملنا .
يا لخجلي من ذلك اليوم وأنا بين يدي ربنا وهو يسألني
عبدي لم فعلت هذا ؟!
هل نسيتني؟!
هل نسيت أنك تلقاني؟!
ولا أجد عذرا ينجيني
فيقول
(فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ۖ
وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة السجدة 14]
إن نسيت الله في الدنيا القصيرة
فسينساك في الآخرة الخالدة.
فكيف نتجنب هذا الموقف المرعب ؟
وكيف نتجنب الغفلة والنسيان؟
هذا ما سنتكلم عنه غدا إن شاء الله.
فتابعونا..
.
.
مشاهدة "افق من غفلتك أيها المسلم .. وصية مؤثرة
|| الشيخ محمد راتب النابلسي - بالمؤثرات" على
YouTube - https://youtu.be/tHd7AQcXgTU
.
.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم
نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي
صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
((إِنَّمَا)) يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ((ذُكِّرُوا بِهَا)) ((خَرُّوا ))
سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩)
[سورة السجدة 15]
من يصل للخضوع والخشوع والسجود القلبي هو المؤمن الحق .
فقد حصر الله المؤمنين ب
((إنما))
وهي أداة حصر.
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩)
[سورة السجدة 15]
تستطيع أن تعرف إذا كنت قد وصلت للإيمان الحق بهذا الإختبار الرباني.
كيف هو حالك إذا ذكرك أحد بآية من آيات الله؟
- هل تستجيب فورا ؟
- أم تبحث عن الأعذار لكي لا تستجيب؟
مثال:
مثلا وصلتك رسالة من قريب أو صديق تتكلم عن
امرأة قيل لك عنها كلاما يمس شرفها.
ثم نصحك أحدهم أو سمعت الآية من جهاز
أو قرأتها في المصحف والآية هي:
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ
عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)
[سورة النور 15
ماذا يكون ردة فعلك؟
هل تخر مباشرة للآية وتستغفر وتتوب ؟
أم تحاول إيجاد عذر لك
أو مخرج
أو تدافع عن نفسك
أو تحاول أن تثبت أن مصادرك موثوقة
وأنك تتحدث بالحق وليس افتراء عليها؟!
هذا هو الإختبار ونحن الآن في اليوم الحادي عشر
من دروس ( إخشعي يا أرض)
هل وصلت للخشوع ؟
أم مازلت في الطريق ؟
خذ وقفة مع نفسك...
هل هناك معصية مازلت تصر عليها ؟
أو لم تتمكن من التخلص منها؟
هل خر قلبك لرب السماوات والأرض؟
أم مازلت تؤجل الخضوع للآيات؟
هل تردد عبارات مثل:
لم أقتنع بعد بهذا.
لا بد أن تفسيرهم خاطئ لهذه الآية.
هذه المعصية لم تكن في زمن النبي فلماذا يحرموها الآن؟
ربما الآية منسوخة!
ربما الآية تناسب ذلك الزمان ولا تناسب عصر التطور!
عندما أكبر أو أتقاعد!
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩)
[سورة السجدة 15]
هؤلاء هم المؤمنين حقا.
هم المؤمنين بالله العظيم.
الذين يؤمنون به عظيما فيخشونه ويخافون عذابه.
الذين يؤمنون به منعما متفضلا رحيما فيحبونه ويرجون لقاءه.
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩)
[سورة السجدة 15]
يحبونه ويذكرونه بالحمد ولا يشركون بحمده أحدا .
يسبحون بحمده بمعنى ينزهونه عن الشريك في
الحمد فهو الوحيد المستحق للحمد.
وهم توصلوا لهذا بالتأمل وإرجاع الأفعال كلها لله فتيقنوا
أنه الفاعل لكل شيء والمدبر لكل شيء والمنعم بكل شىء
فما كان منهم إلا أن يحمدوه وحده على كل شيء
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩)
[سورة السجدة 15]
وهم لا يستكبرون..
- لا يستكبرون عن دعاءه فهم أدركوا ضعفهم وافتقارهم
وقلة حيلتهم كلما تأملوا قدرة الله وعظمته في الكون.
- ولا هم يستكبرون عن الخضوع لأمره خوفا وحبا وشكرا له
- ولا هم يستكبرون على عباد الله لأنهم أدركوا أنهم تراب وإلى تراب.
إن وصل قلبك لهذا الخضوع
إن خر قلبك حقا ساجدا للآيات فأول صفة يصف
الله عباده هؤلاء هي:
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 16]
قلوبهم تعلقت بحب خالقها.
وداخلتها خشية منه وخوفا من عذابه.
وامتزجت بشوق للقاء الله وشوقا لنعيم الجنان.
حتى استجابت خلايا أجسادهم لما وقر في قلوبهم فجافت
الفراش ونصبت قدميها طلبا لرضا الرحمن.
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 16]
هجرت أجسادهم الفراش لم تعد تطيقها يتقلبون في الفراش
من شدة شوق قلوبهم للقيام .
وعندما تنام العيون .....
يهرعون لملاقاة الله في حوار جميل
يخاطبهم بآياته.
ويخاطبونه بدعائهم ومناجاتهم.
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 16]
حيث لقاء الحبيب بالحبيب
" يحبهم ويحبونه"
قد امتلأت قلوبهم بالحب لخالقهم فلم تبقي لحب
الدنيا مساحة في قلوبهم.
ذهب حب الدنيا وأموالها وترفها من قلوبهم
فقاموا ينفقون مما رزقهم الله.
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 16]
أطعموا الطعام على حبه لأن حب ربهم تفوق على حبهم للطعام.
وأنفقوا مما رزقهم الله من مال سرا وعلانية يرجون تجارة
لن تبور يشترون بها أنفسهم من الله ويشترون بها جنة
عرضها السماوات والأرض.
وأنفقوا مما علمهم الله في آياته فبلغوا ليكونوا من المنذرين
كالرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى فأصبح عند ربه من المكرمين.
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 16]
دعوا ربهم خوفا وطمعا ولم يصلوا لهذا إلا بعد أن تعرفوا
عليه من خلال آياته القرآنية والكونية فخافوا عذابه وطمعوا في جنته.
دعوه خفية فأخفى لهم الجائزة.
(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة السجدة 17]
جزاء خفيا قد أعده لهم ولهم فقط!
يقر لهم بها أعينهم ويملأها فلا يتطلعون لغيرها .
تملأ قلوبهم رضا كما ملئت قلوبهم محبة لربهم.
(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة السجدة 17]
جزاء بما كانوا يعملون
جزاء من جنس العمل
حبهم وخوفهم وطمعهم كان خفيا في قلوبهم
فجعل الجزاء خفيا لهم ولكنهم إذا وجدوه ملأهم رضا كما
امتلأت قلوبهم حبا وخوفا وطمعا.
(أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ۚ لَا يَسْتَوُونَ)
[سورة السجدة 18]
لا يستوون عند الله
فهذا المؤمن الحق لا يمكن أن يفسق.
والفسق ليست زلة فالمؤمن قد يزل ثم يتوب من قريب.
ولكن الفسق هو الخروج عن أمر الله.
هو الإصرار على معصية ما .
هو الإستمرار على معصية متعمدا مع تأجيل التوبة أو
عدم التفكير في التوبة .
(أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ۚ لَا يَسْتَوُونَ)
[سورة السجدة 18]
هذا المؤمن الذي يخر قلبه ساجدا للآيات خاضعا لها
لا يمكن أن يكون فاسقا.
والفاسق هو من لا يخر للآيات سجودا بالقلب وخضوعا لها .
وإنما هو من الذين ..
" وإذا ذكروا لا يذكرون"
والفاسق هو من إذا ذكر بالآيات كان من الذين
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ
إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)
[سورة السجدة 22]
والفاسق هو ممن إذا ذكر أعرض ونسي ما قدمت يداه من المعاصي