السلام عليكم
خدمة الفتاوى
سنقوم من خلالها بنشر الفتاوى من كتاب المعتمد للشيخين الخليلي والقنوبي حفظهما الله علماً بأنها منقولة من الواتساب للإستفادة
http://up.omaniaa.co/do.php?img=6027
السلام عليكم
خدمة الفتاوى
سنقوم من خلالها بنشر الفتاوى من كتاب المعتمد للشيخين الخليلي والقنوبي حفظهما الله علماً بأنها منقولة من الواتساب للإستفادة
http://up.omaniaa.co/do.php?img=6027
🔸🔸🔴خدمة الفتاوى🔴🔸🔸
السُّؤَالُ :
السِّباحَةُ لِوَقْتٍ طَوِيلٍ بحيْثُ يَظَلُّ الرَّجُلُ في الماءِ، هَلْ يُؤثِّر ذَلِكَ عَلَى صِيَامِهِ؟
الجَوَابُ:
إِنْ كَانَ لا يَصِلُ الماءُ إِلى جَوْفِهِ مِنَ المنَافِذِ بحَيْثُ يُمْنَعُ وصُولُهُ بِسَبَبِ سَدِّهِ لأَنْفِهِ وإِغْلاقِهِ لِفِيْهِ وتَغْمِيضِهِ لِعَينَيهِ فَلا يَصِلُ المَاءُ إِلى الجَوفِ فَلا يَنتَقِضُ الصِّيَامُ بِذَلِكَ، واللهُ أَعْلَمُ[14].
🔘 المصدر 🔘
كتاب المعتمد في فقه الصيام
📝 الصفحة 137📝
خدمة الفتاوى
♦الامور المباحة في نهار الصيام:
✅أ- الاسْتِحْمَامُ والاغْتِسَالُ: وهُوَ جَائِزٌ للصَّائِمِ بِالإِجمَاعِ، وعَلَى الصَّائمِ الحَذَرُ مِنْ دُخُولِ المَاءِ إِلى الجَوفِ أَثْنَاءَ الاغْتِسَالِ[1].
✅ب- الاكْتِحَالُ والتَّطَيُّبُ والتَّعَطُّرُ: وشَمُّ الرَّوَائِحِ النَّفَّاذَةِ كالبُخُورِ والعُطُورِ إِنْ كَانَتْ رَائِحَتُهَا هِيَ الَّتي تَصِلُ مِنْ غَيْرِ أنْ يَلِجَ شَيْءٌ مِنْ دُخَانِهَا وجُسَيمَاتِهَا إِلى الجَوفِ[2].
✅ج- بَلْعُ الرِّيقِ: يُبَاحُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ مَا لم يَتَجَمَّعْ في الفَمِ أوْ يخْتَلِطْ بِغَيرِهِ أو يُخْرِجْهُ صَاحِبُهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثمَّ أَدْخَلَهُ فَهُوَ مُفَطِّرٌ قَوْلاً وَاحِدًا[3].
✅د- تَذَوُّقُ الطَّعَامِ: ثمَّ لَفْظُهُ مِنْ غَيرِ إِسَاغَةٍ لَهُ إِلى الجَوْفِ؛ لأَجْلِ التَّأَكُّدِ مِنْ طَعْمِهِ، ومَعْرِفَةِ حُسْنِهِ مِنْ قُبْحِهِ[4].
✅ه- مَضْغُ الطَّعَامِ: لأَجْلِ تَيسِيرِ أَكْلِهِ للطِّفْلِ مِنْ غَيرِ إِسَاغَةٍ لَهُ إِلى الجَوفِ.
✅و- قَلعُ الأسْنَانِ، والتَّبرُّعُ بِالدَّمِ وفَحْصُهُ: وخُرُوجُ الدَّمِ عُمُومًا مَا لم يَكُنْ حَيضًا أو نِفَاسًا لا يَنقُضُ الصِّيَامَ؛ قِيَاسًا عَلَى الحِجَامَةِ لِثُبُوتِ فِعْلِهَا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، يَقُول سماحَةُ المفْتي -عَافَاهُ اللهُ-: " القَولُ الذِي نَأخُذُ بِهِ ونَعْتَدُّ بِهِ أنَّ إِخْرَاجَ الدَّمِ لا يُؤَدِّي إِلى إِبْطَالِ الصِّيَامِ, هَذَا قَولُ جُمْهُورِ الأُمَّةِ وعَلَيهِ المعَوَّلُ عِندَنَا"[5].
✅ز- التَّخْدِيرُ: سَواءً كَانَ كُلِّيًّا أو مَوضِعِيًّا، مَا لم تَكُنْ وَسِيلَةُ التَّخْدِيرِ مُفَطِّرةً -كمَا سَيَأْتي إِنْ شَاءَ اللهُ-[6].
✅ح- اسْتِعْمَالُ المرَاهِمِ وَالأَدْوِيَةِ الخَارِجِيَّةِ: الَّتي تُوضَعُ عَلَى الجِلْدِ ولا تُفْضِي إِلى الجَوفِ[7].
✅ط- قَصُّ الأظَافِر وإِلقَاءُ التَّفَثِ: مِنَ الموَاضِعِ المُعْتَادَةِ كَالعَانَةِ والإِبْطَينِ، وكَذَا جَزُّ الشَّارِبِ وحَلْقُ الرَّأْسِ؛ فَالصَّائِمُ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ حَتى يُمْنَعَ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ[8].
✅ي- تَقْبِيلُ الزَّوجَةِ: لِمَنْ كَانَ ضَابِطًا لغَرِيزَتِهِ ومَالِكًا لإِرْبِهِ عَلَى رَأيِ الجُمْهُورِ وهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ[9]؛ لحَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَمَا ذَكَرَتْ تَقْبِيلَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لنِسَائِهِ وهُوَ صَائِمٌ قَالَتْ: "وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ"[10].
المصدر
كتاب المعتمد في فقه الصيام
الصفحة 133-136
🔸🔸🔴خدمة الفتاوى🔴🔸🔸
السؤال:
مَن أَكَلَ أو شَرِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ ظَنًّا مِنهُ أنَّ الفَجرَ لمْ يَطلُعْ بعدُ فَماذا عليه؟
الجواب :
مَن أَكَلَ أو شَرِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ ظَنًّا مِنهُ أنَّ الفَجرَ لمْ يَطلُعْ بعدُ فَلا إِثم عَلَيهِ باتِّفَاقِ الجَمِيعِ، واخْتَلفُوا في وُجُوبِ القَضَاءِ عَلَيهِ، والأَرْجَحُ عِندَ شَيخِنا الخَلِيْلِيِّ -حفظه الله- عَدَمُ الوُجُوبِ.
🔘 المصدر 🔘
كتاب المعتمد في فقه الصيام
📝 الصفحة 90📝
خدمة الفتاوى
- السؤال:
إذَا طهُرَتِ المرأَةُ في النَّهَارِ هل عليها قضاء ذلك اليوم؟
الجواب:
لا يخفَى عَليكَ -أخِي طَالِبَ العِلْمِ، يَسَّر اللهَ لكَ عِلْمَ الدِّمَاءِ- أنَّهُ إذَا طهُرَتِ المرأَةُ في النَّهَارِ فعَلَيهَا قَضَاءُ ذلكَ اليَومِ، وكذَا إنْ حَاضَتْ في النَّهَارِ ولوْ قَبلَ غُرُوبِ الشَّمسِ بقَليلٍ فسَدَ صَومُها -ولها أجْرُ مَا صَامَتْهُ- وعَلَيهَا مَعَ ذَلكَ القَضَاءُ سواءً أَكلتْ أمْ لَمْ تَأكُلْ، واللهُ أعلمُ وأحكَمُ[49].
المصدر
كتاب المعتمد في فقه الصيام
الصفحة 90
خدمة الفتاوى
- السؤال:
ماذا على من سمع اذان الفجر وكان بيده طعام؟
الجواب:
مما تقدَّمَ تُدْرِكُ -أيُّها الدَّرَّاكَةُ الخَبيرُ- أنَّهُ يجِبُ الإِمْسَاكُ الفَوْرِيُّ عَلَى مَن سمعَ أذَانَ الفَجرِ في وَقْتِهِ الشَّرعِيِّ، ولا يَصِحُّ لهُ أنْ يَرفَعَ مَا في كَفِّهِ أو يَبلَعَ مَا في فِيْهِ فضْلاً عَنْ أنْ يُواصِلَ مَطعَمَهُ ومَشْرَبَهُ حَتى يَنتَهِيَ المؤذِّنُ كمَا يَفْعَلُ بعْضُ الجَهَلَةِ، والعِيَاذُ باللهِ مِنَ الجَهْلِ.
أمَّا مَا يُروَى منْسُوبًا إِلى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: " إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْه"[33]، فلا يُمْكِنُ أنْ يَثبُتَ بَلْ حَقُّهُ الرَّدُّ لمعَارَضَتِهِ القَطْعِيَّ مِنَ الكِتَابِ العَزِيزِ ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة: ١٨٧ فقدْ نَاطَتِ الآيةُ الكَرِيمةُ الأَكلَ والشُّربَ بِأمْرٍ ظَاهِرٍ مُنضَبِطٍ، وهوَ تَبَيُّنُ الفَجرِ، فَلا يَسُوغُ الأَكْلُ والشُّربُ مَعَ تَبَيُّنِهِ وبُزُوغِهِ، وأنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الصَّحَابةَ قدْ رَدُّوا كَثِيرًا مِنَ الرِّواياتِ الَّتي رَوَاهَا مَن رَواها مِنَ الصَّحابَةِ أنفسِهمْ عِندَما شَمُّوا مِنْهَا رَائِحَةَ مُخَالَفَةِ القُرآنِ الكَرِيمِ[34].
المصدر
كتاب المعتمد في فقه الصيام
الصفحة 105
جمييييل جدا عمي القعقاع ومتااابعون إن شاء الله ..
بارك الله فيك ونفع بك الأمة ^^
السلام عليكم ورحمة الله...
••استاذي القعقاع••
بارك الله فيككك وأحسسن اليك...
.
.
طرح قيم وفي ميزان حسناتك...
وجميعنا بالتأكيد سينتفع منه...
.
.
موضوع يستحق التثبيت...
الْبَابُ الأَوَّلُ: في الصِّيَامِ
1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
قَالَ تَعَالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
فَصْلٌ في تَعْرِيْفِ الصِّيَامِ
اِعْلَمْ -أخِيْ الصَّائمَ، لا حُرِمْتَ خَيرَ الزَّادِ، التَّقْوَى- أنَّ الصَّوْمَ والصِّيَامَ في لُغَةِ العَرَبِ بمعنىً وَاحِدٍ، فَهُمَا مَصْدَرُ صَامَ يَصُوْمُ صَومًا وصِيَامًا، وهما أيْضًا بمعنىً وَاحِدٍ في لسَانِ الشَّارِعِ -كمَا سَيَأتي قَرِيبًا بعَونِ الموْلى-.
فالصَّومُ: لُغَةً/ هُوَ الإِمْسَاكُ عَنِ الشَّيءِ وتَرْكُهُ، ومِنْهُ قِيلَ للصَّمتِ صَوْمٌ؛ لأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الكَلامِ؛ قَالَ عز وجل حكاية عن مَرْيمَ عَلَيهَا السَّلامُ :{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً}
وكَذَا يُقَالُ صَامَتِ الرِّيحُ إذَا أَمْسَكَتْ عَنِ الهُبُوبِ، وصَامِتِ الخَيْلُ إذَا أَمْسَكَتْ عَنِ الجَرْيِ؛ قَالَ الشَّاعرُ:
خَيلٌ صِيَامٌ، وَخَيْلٌ غَيرُ صَائِمَةٍ
تحْتَ العَجَاجِ وأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
والصَّومُ: اصْطِلاحًا/ هُوَ الإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ والشَّرَابِ والجِمَاعِ، وسَائِرِ المُفَطِّرَاتِ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادقِ إِلى غُرُوبِ الشَّمْسِ بنِيَّةِ التَّعبُّدِ مِنَ اللَّيْلِ.
وعرَّفهُ بَعْضُهُمْ بأنَّهُ: إِمْسَاكٌ مخْصُوصٌ، في وَقْتٍ مخْصُوصٍ، عَنْ شَيءٍ مْخصُوصٍ -كما سَيَأتي بَيَانُ مجمَلاتِهِ-، وكُلُّ ذَلِكَ تَفنُّنٌ في العِبَارَةِ وإلا فالمُؤَدَّى وَاحِدٌ، وَلا مُشَاحَّةَ في الاصْطِلاحِ، وبِاللهِ التَّوْفِيْقُ والنَّجَاحُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
[تكملة] في تعريف الصيام
2⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
تَأْكِيْدٌ: تَقَدَّمَ مَعَكَ -أيُّها الفَقِيْهُ- أَنَّ الصَّوْمَ والصِّيَامَ بمعْنىً وَاحِدٍ لا فَرْقَ بَينَهُمَا لُغَةً ولا شَرْعًا، وعَلَيهِ فمَنْ نَذَرَ صَومًا وصِيَامًا مُطْلقًا أَجْزَى أنْ يَصُوْمَ أقَلَّ مَا يَصْدُقُ عَلَيهِ اسْمُ الصَّومِ، وهُوَ يَومٌ وَاحِدٌ، خِلافًا لِمَنْ فرَّقَ بَينَهُمَا؛ لأَنَّ الشَّارِعَ لمْ يُفرِّقْ، واللهُ أعْلَمُ.
فرَّق الحنفيةُ بين الصوم والصِّيَام فقالوا بأن أقل الصِّيَام ثلاثة أيام أخذا من قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، وقد تعقبهم العلامة أبو مسلم -رحمه الله- في موسوعته نثار الجوهر بقوله: "..وفيه نظر لا يخفى؛ فإن كلا من الصِّيَام والصوم مصدر صام، وتوهمهمْ دلالةً على التعدد في إحدى الصيغتين يفتقر إلى قرينة تصرفها عن دلالة الوحدة إلى التعدد، وقد نطق التنزيل العزيز بالعبادة عن صوم يوم واحد بلفظ صيام فقال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}
وجاء في معظم أحاديث الصِّيَام لفظ الصوم حيث تراد الكثرة، ولفظ الصِّيَام حيث يراد الوحدة، ولم يأت في أمهات العربية ما يوهم تفرقة بين الصيغتين، فلو نذر بصوم أو بصيام مبهم حكم بأقل ما يصدق عليه اسم صوم، وهو يوم واحد، والله أعلم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
لَفْظِ التَّشَهُّدِ
هناكَ عدةُ رواياتٍ ثابتةٍ في صِيْغَةِ التشهدِ أو التحياتِ، وكلُّها جائزةٌ بحَمْدِ اللهِ تعَالى، والمختارُ منْها اللفظُ الواردُ في روايةِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه، ولفظُها "التَّحِيَّاتُ لِلَّه وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"
ولفظُ التَّشهدِ واجبٌ منْ واجباتِ الصَّلاةِ على أقلِّ تقديرٍ، بلْ مالَ شيخُنا الخليليُّ -عافاهُ اللهُ- إلى أنَّهُ ركنٌ لا تتمُّ صلاةُ مَنْ ترْكَهُ.
وهناك ألفاظ وصيغ أخرى للتشهد جاءت من طرق عدة من الصحابة منها تشهد ابن عباس وتشهد عمر رضي الله عنهما وهي متقاربة الألفاظ، وكلُّها مجزئة للصلاة، والذي أثبتناه أعلاه هو تشهد ابن مسعود وهو الذي اختاره شيخنا القنوبي -حفظه الله- في كتابه القيم "تحفة الأبرار"، ويُنبّه فضيلته في هذا التشهد على عدة أمور منها:
1⃣أنَّ الصحيحَ التزامُ صيغة (السلام عليكَ أيها النبي) بدلا من (السلام على النبي)، للتفصيل انظر: التحفة ص139-140.
2⃣عدم ثبوت (أرسله بالهدى...) بعد الصلاة على النبي ﷺ. يُنظر:
القنوبي، تحفة الأبرار ص139-143.
القنوبي، سلسلة في ظلال السنة. فتاوى"ج1" شرط سمعي، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.
قال ابن عباس قال: التَّحِيَّاتُ كلماتٌ كان يعلمهن النَّبِيُّ ﷺ أصحابه [وفي بعض الروايات زيادة: كما يعلمهم السورة من القرآن] ومعنى التحيات: المُلْكُ للهِ.
(الربيع، باب: في القعود في الصلاة والتحيات، رقم الحديث 242).
✋تنْبِيْهٌ: لم يثبتِ الإتيانُ في التسليمِ مِن الصلاة بلفظة "وبركاته" بعد الإتيان بـ: "السلام عليكم ورحمة الله".
( القنوبي، سلسلة في ظلال السنة. فتاوى"ج1" شرط سمعي، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصلاة
فَصْلٌ في أقْسَام الصَّومِ
3⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
لا يخفَى عَلَيْكَ أَخِي التِّلمِيْذَ أَنَّ الصَّوْمَ في أَصْلِ الشَّرْعِ مَطْلُوبٌ ومُرَغَّبٌ فِيهِ، إِلا أَنَّهُ مَعَ هَذَا الأَصْلِ تَدُورُ عَلَيهِ الأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ التَّكلِيفِيَّةُ، فيَكُونُ:
1⃣ وَاجِبًا: كصِيَامِ رَمَضَانَ، وصِيَامِ النُّذُورِ والكَفَّارَاتِ، وصَومِ التَّمَتُّعِ، وصَومِ جَزَاءِ الصَّيدِ في الحَجِّ.
2⃣ مَنْدُوبًا: كصيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ، والإِثنَينِ والخَمِيسِ مِنْ كُلِّ أُسبُوعٍ، وأيَّامِ البِيْضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.
3⃣ مَكْرُوهًا: كصِيَامِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ.
4⃣ محرَّمًا: كصِيَامِ العِيدَينِ، ويَومِ الشَّكِ.
وسَيَأْتِيكَ خَبرُ جمِيْعِ ذَلِكَ، ثمَّ إنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ، فأمْهِلْنَا ولا تَعْجَلْ عَلَينَا فَـ{لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
خدمة الفتاوى
٢- السؤال:
ما حكم من أفطر أياما من رمضان وجهل عددها؟
الجواب :
من أفطر أياما من رمضان وجهل عددها فعليه تحريها وقضاؤها إلى ان تطمئن نفسه أنه قضى ما عليه من الأيام التي ترك صيامها، فاطمئنان القلب معتبر في مثل هذه الأمور ، والله المعين.
المصدر
كتاب المعتمد في فقه الصيام
الصفحة 38
فَصْلٌ في صَومِ شَهْرِ رَمَضَانَ
4⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
شَهْرُ رَمَضَانَ هُوَ الشَّهرُ التَّاسِعُ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ الهِجْرِيَّةِ، فهُوَ بَينَ شَعْبَانَ وشَوَّالٍ، وقَدْ فُرِضَ صَومُ رَمَضَانَ في شَهرِ شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لهِجْرةِ النَّبيِّ ﷺ ، وبذا يكون النبي ﷺ قد صام تسع سنوات من الثانية إلى العاشرة للهجرة، والله أعلم.
وبِذَا أصْبَحَ أحَدَ أرْكَانِ الإِسْلامِ الخَمْسَةِ، بَلْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بالنَّصِ مِنْ آيِ الكِتَابِ العَظِيْمِ وأَحَادِيثِ النَّبيِّ الكَرِيمِ وإِجمَاعِ أُمَّةِ المُسْلِمِينَ.
أمَّا الكِتَابُ: فَقَولُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، ومَعْنى {كُتِبَ}: فُرِضَ، وقَولُهُ سُبْحَانَهُ: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فقَولُهُ: { فَلْيَصُمْهُ } أَمْرٌ، والأَمْرُ لِلْوُجُوبِ.
وأمَّا السُّنةُ: فَقَولُهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " بُنيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ:.. -وذكرَ مِنهَا- وصَومُ رَمَضَانَ..." ، هوَ حَدِيثٌ لا شَكَّ في صِحَّتِهِ وثُبُوتِهِ.
وأمَّا الإِجمَاعُ: فَلِكَونِهِ لمْ يُنقَلْ عَنْ أحَدٍ مِنْ أهْلِ الإسْلامِ خِلافٌ في فَرْضِيَّتِهِ فَضْلاً عَنْ مَشْرُوعيَّتِهِ، والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصوم
��فَصْلٌ في حُكْمِ العِلْمِ بِصَيامِ رَمَضَانَ��
5⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
��مما تَقَدَّمَ مِنْ نُصُوصٍ تُدْرِكُ -أيُّها الطَّالِبُ الموَاظِبُ- أَنَّ العِلْمَ بِصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ هَذَا الدِّينِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وعَلَى كُلِّ عَالِمٍ بهِ عَارِفٍ بِأَحْكَامِهِ أبًا أو أخًا أو مُعلِّمًا أو مُتَعَلِّمًا.. أنْ يُفَقِّهَ غَيرَهُ بِهِ؛ فَهُوَ مِنَ الفُرُوضِ المؤَقَّتَةِ الَّتي يجِبُ العِلْمُ بهَا قَبْلَ حُلُولِ وَقْتِهَا، وهُوَ -أيضًا- مما يُعْلَمُ مِنَ الدِّينِ بالضَّرُورةِ ومما يجِبُ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ أنْ يَعتَقِدَهُ ويَعْمَلَ بِأَحْكَامِهِ حَتى يَعْبُدَ اللهَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنَ العِلْمِ وبيِّنَةٍ مِنْ فِقْهِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ...فَإِنَّهُ:
ما عُبِدَ اللهُ بِشَيءٍ يَا فَتى
أَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ كَذَا القَوْلُ أَتَى
ولَفَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ
مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ يُعَدُّ
أَشَدُّ في الأَمْرِ عَلَى الشَّيْطَانِ
لأَنَّهُ العَالِمُ بِالمعَاني
يَدْرِي مَصَائِدَ العِدَى فَيَحْذَرَا
وقُوعَهَا ويخْبرَنْ بهَا الوَرَى
أَمَّا:
إذَا لمْ تَكُنْ بِالعِلْمِ للهِ عَامِلاً
فأَنْتَ وإِيَّاهُ كـ"فَنْجَا" وغَيْلِهَا
����فَنْجَا: قريةٌ عمانيةٌ معروفة من أعمال ولاية بدبد من المنطقة الداخلية، والغيل: هو الماء الذي يجرى في الوادي، و"فنجا وغيلها" مثل عماني يضرب في مَن لا يستفيد مِن ملكه أو ما يخصه وينتفع به الآخر؛ وسبب ذلك أن غيل فنجا لم يكن يمر بهذه البلدة، فلا تنتفع به هذه البلدة ولا أهلها وإنما ينتفع به غيرها، قلتُ: ومثله المثل العماني: "بو تحتها تشوع به"، أي الشجرة المثمرة تلقي ثمارها بعيدا عن أصلها..
��قلتُ: وقد حكى الشيخُ سيف الفارسي الفنجوي -حفظه الله- عن أحد قضاة زنجبار أنَّ امرأة جاءته تشكو إليه زوجها وتقول: "أنا وزوجي كفنجا وغليها" -تعني أنه عِنِّينٌ- فأحضَره القاضي عندَه، فطلب الزوجُ مهلةً للعلاج فأعطاه القاضي إياها، لكنه لم يعالج طوال تلك المدة فطلقها القاضي منه، والله المستعان.
��يُنظر:
الفارسي، سيف بن محمد. باقات الزهور: فنجا في أهم العصور ص3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
��من كتاب المعتمد
��في فقه الصوم
فَصْلٌ في فضَائِل شَهرِ رَمَضَانَ
6⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
وَمِمَّا يَنبَغِي أَنْ يَعلَمَهُ كُلُّ مُسْلِمٍ -أَيضًا- أنَّ حِكْمَةَ اللهِ عز وجل اقْتَضَتْ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ مخْلُوقَاتِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَفَضَّلَ بَعْضَ العِبَادِ عَلَى بَعْضٍ، وفَضَّلَ بَعْضَ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ؛ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ قَولُهُ تَعَالى:{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ }، وكَذَا فَضَّلَ بَعْضَ الأَمْكِنَةِ عَلَى بَعْضٍ؛ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ قَولُهُ سبحانه وتعالى: { إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }، وكَذَا فَضَّلَ بَعْضَ الأَزْمِنَةِ عَلَى بَعْضٍ كمَا فَضَّلَ شَهْرَ رَمَضَانَ وجَعَلَهُ سَيِّدَ الشُّهُورِ؛ وَلِذَا كَانَ لهَذَا الشَّهرِ الكَريمِ فَضَائِلُ كَبِيرَةٌ وحِكَمٌ جَلِيْلةٌ ، فَمِنْ فَضَائِلِ هَذَا الشَّهرِ العَظِيْمِ ومَزَايَاهُ:
1⃣ أنَّ فِيْهِ ابْتَدَأَ إِنْزَالُ القُرْآنِ الكَرِيمِ؛ فهُوَ شَهْرُ القُرْآنِ؛ قَالَ تَعَالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.
2⃣ أنَّ فِيهِ لَيْلةً هِيَ خَيرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ، أَلا وَهِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ؛ قَالَ تَعَالى:{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }
3⃣ أنَّ لِلصَّائِمِينَ المُوَفِّينَ بَابًا في الجَنَّةِ يُسَمَّى بَابَ الرَّيانِ ؛ لِقَولِهِ ﷺ: "ومَنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الصَّومِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ"
4⃣ أنَّ لِلصَّائمِ فِيهِ دَعْوَةً مُسْتَجَابةً لا تُرَدُّ؛ لقَولِهِ سبحانه وتعالى في وسَطِ آيَاتِ الصِّيَامِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ]، وقَالَ ﷺ: " إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً".
5⃣ يَكثُرُ فِيهِ غُفرَانُ الذُّنُوبِ، وقَبُولُ تَوْبَةِ العِبَادِ؛ لأنَّهُ شَهرٌ تتَضَاعَفُ فِيْهِ العِبَادَةُ، وتَلِينُ فِيْهِ قُلُوبُ العَاصِين والمُجْتَرِحِينَ، وتهشُّ فيهِ نُفُوسُ العَابِدِينَ والعَائِدِينَ إلى مُنَاجَاةِ رَبِّ العَالمينَ.
6⃣ يُضَاعِفُ اللهُ تَعَالى فِيْهِ للصَّائِمِينَ الأجُورَ، ويَرفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؛ قَالَ العَبْدُ الشَّكُورُ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ" ، وقالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: " إِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي [أي تعدل] حَجَّةً".
✋تَنْبِيْهٌ: جاء في بعض روايات هذا الحديث ".. تَقْضِي حَجَّةً مَعِي"، أي بزيادة لفظة "مَعِي" إلا أن هذه الزيادة شاذة عند شيخنا القنوبي -عافاه الله-، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
تابعفي فضائل شهر رمضان
7⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
7⃣ تُفتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وتُغلَقُ أَبْوَابُ النَّارِ، وتُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ: " تُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ وَتُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، قَالَ وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ".
فَحَرِيٌّ بيْ وبِكَ وبِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ نتَّخِذَ هَذَا الشَّهرَ الكَرِيمَ مِضْمَارَ سِبَاقٍ، ومَيدَانَ تَنَافُسٍ، وقَنْطَرَةَ عُبُورٍ، نَسْلُكُها لنُزِيلَ مَا عَلِقَ بقُلُوبِنَا مِنْ أدْرَانِ الذُّنُوبِ والمعَاصِيْ، ونمحُوَ مَا تَرَاكَمَ عَلَى نفُوسِنَا مِنَ الهُمُومِ والأحْزَانِ [والأغْيَانِ] ، ولِنُجَدِّدَ بنَاءَنا الإِيمَانيَّ، ونتَخَلَّقَ بخُلُقِ نبيِّنَا الكَرِيمِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ-.
✋تنْبِيْهٌ: اختلف الناس في تأويل قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح الثابت: " وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ" مع ما يُشاهد في واقع الكثير من الناس خلال أيام هذا الشهر من انتهاك لحرمات الشهر، وتسكع في المعاصي، وسعي في الفساد والإفساد. ومن تلك التأويلات أو الاحتمالات الصحيحة التي ذكرها الشيخان الخليلي والقنوبي -حفظهم الله-:
1⃣ أنهم يحجزون عن وسوسة الصالحين المتمنعين دون غيرهم، فهم المخصوصون بقوله تَعَالى: {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}
2⃣ ليس المراد في الحديث كل الشياطين وإنما طائفة منهم، وهم المردة، لمجيء ذلك صريحا في بعض الروايات " وَيُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَخْلُصُوا إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِه"(أحمد، المسند، رقم الحديث 7576)، وأمَّا أَتْبَاعُهُم فإنَّهُم يقومون بِدَوْرِهم في الوسوسة للناس وفي إضْلال الناس.
3⃣ أن للمعاصِي أسبَابًا مُتعدِّدةً، فهي ليست مَحصُورةً في وسوسة الشياطين، فقد تكون هذه المعاصي بِسَبب العادات السيِّئة، وقد تكون بِسَبَب شَياطين الإنس وقرناء السوء وقد تكون كذلك بِسَبب النُّفُوس الخبِيثَة.
الأغيان: الأغطية والحُجُب، يقال: غَانَ هذا الشيءُ على قلبي، إذا غطاه، وفي الحديث: " إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي"، ومن كتب شيخنا الولي سعيد بن حمد الحارثي -رحمه الله تعالى- "إزالة الأغيان عن لغة أهل عمان".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
فَصْلٌ في فضَائِل شَهرِ رَمَضَانَ
6⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
وَمِمَّا يَنبَغِي أَنْ يَعلَمَهُ كُلُّ مُسْلِمٍ -أَيضًا- أنَّ حِكْمَةَ اللهِ عز وجل اقْتَضَتْ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ مخْلُوقَاتِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَفَضَّلَ بَعْضَ العِبَادِ عَلَى بَعْضٍ، وفَضَّلَ بَعْضَ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ؛ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ قَولُهُ تَعَالى:{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ }، وكَذَا فَضَّلَ بَعْضَ الأَمْكِنَةِ عَلَى بَعْضٍ؛ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ قَولُهُ سبحانه وتعالى: { إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }، وكَذَا فَضَّلَ بَعْضَ الأَزْمِنَةِ عَلَى بَعْضٍ كمَا فَضَّلَ شَهْرَ رَمَضَانَ وجَعَلَهُ سَيِّدَ الشُّهُورِ؛ وَلِذَا كَانَ لهَذَا الشَّهرِ الكَريمِ فَضَائِلُ كَبِيرَةٌ وحِكَمٌ جَلِيْلةٌ ، فَمِنْ فَضَائِلِ هَذَا الشَّهرِ العَظِيْمِ ومَزَايَاهُ:
1⃣ أنَّ فِيْهِ ابْتَدَأَ إِنْزَالُ القُرْآنِ الكَرِيمِ؛ فهُوَ شَهْرُ القُرْآنِ؛ قَالَ تَعَالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.
2⃣ أنَّ فِيهِ لَيْلةً هِيَ خَيرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ، أَلا وَهِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ؛ قَالَ تَعَالى:{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }
3⃣ أنَّ لِلصَّائِمِينَ المُوَفِّينَ بَابًا في الجَنَّةِ يُسَمَّى بَابَ الرَّيانِ ؛ لِقَولِهِ ﷺ: "ومَنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الصَّومِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ"
4⃣ أنَّ لِلصَّائمِ فِيهِ دَعْوَةً مُسْتَجَابةً لا تُرَدُّ؛ لقَولِهِ سبحانه وتعالى في وسَطِ آيَاتِ الصِّيَامِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ]، وقَالَ ﷺ: " إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً".
5⃣ يَكثُرُ فِيهِ غُفرَانُ الذُّنُوبِ، وقَبُولُ تَوْبَةِ العِبَادِ؛ لأنَّهُ شَهرٌ تتَضَاعَفُ فِيْهِ العِبَادَةُ، وتَلِينُ فِيْهِ قُلُوبُ العَاصِين والمُجْتَرِحِينَ، وتهشُّ فيهِ نُفُوسُ العَابِدِينَ والعَائِدِينَ إلى مُنَاجَاةِ رَبِّ العَالمينَ.
6⃣ يُضَاعِفُ اللهُ تَعَالى فِيْهِ للصَّائِمِينَ الأجُورَ، ويَرفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؛ قَالَ العَبْدُ الشَّكُورُ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ" ، وقالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: " إِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي [أي تعدل] حَجَّةً".
✋تَنْبِيْهٌ: جاء في بعض روايات هذا الحديث ".. تَقْضِي حَجَّةً مَعِي"، أي بزيادة لفظة "مَعِي" إلا أن هذه الزيادة شاذة عند شيخنا القنوبي -عافاه الله-، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
{تكملة} فضائل شهر رمضان
8⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
✋تَنْبِيْهٌ: رَوَى ابنُ خُزَيمةَ في صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ في آخِرِ يَومٍ مِنْ شَعبَانَ فقَالَ:
أيُّها النَّاسُ قدْ أظلَّكُمْ شَهرٌ عَظِيمٌ، شَهرٌ مُبَاركٌ، شَهرٌ فِيهِ لَيْلةٌ خَيرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وقِيَامَ لَيلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تقرَّبَ فِيهِ بخصْلَةٍ مِنَ الخَيرِ، كَانَ كَمَنْ أدَّى فَرِيضَةً فيمَا سِواهُ، ومَنْ أدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كمَنْ أدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فيمَا سِوَاهُ، وهُوَ شَهْرُ الصَّبرِ، والصَّبرُ ثَوَابُهُ الجَنَّةُ، وشَهْرُ الموَاسَاةِ، وشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ المؤْمِنِ، مَنْ فطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لذُنُوبِهِ وعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وكَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ مِنْ غَيرِ أَنْ يَنتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيءٌ»، قَالُوا: لَيسَ كُلُّنَا نجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، فَقَالَ: يُعْطِي اللهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تمْرَةٍ، أو شَرْبَةِ مَاءٍ، أو مَذْقَةِ لَبنٍ، وهُوَ شَهرٌ أَوَّلُهُ رَحمةٌ، وأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ...».
هَذَا الحَدِيثُ -وإنْ كَانَتْ كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِيْهِ صَحِيحَةً في ذَاتها، وإِنْ كَانَتْ بَعْضٌ مِنْ جملِهِ ثَابِتَةً عَنِ النَّبيِّ ﷺ إِلا أنَّهُ في مجْمُوعِهِ لا يَثْبُتُ عَنِ النَّبيِّ ﷺ، يقُولُ شَيخُنا إِمَامُ السُّنةِ والأُصُولِ -حفِظَهُ اللهُ-: "ومِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلى تَضْعِيفِهِ وهُوَ الصَّوَابُ، فَهَذَا الحَدِيثُ عَلَى الصَّحِيحِ لا يَثْبُتُ عَنِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ- وعَلَيْهِ فَلا يَنْبَغِي الإتْيَانُ بهِ في الدُّرُوسِ والخُطَبِ إلا مَا ثَبَتَ مِنْ جُمَلِهِ مِنْ غَيْرِ هَذَِا الطَّرِيقِ.. واللهُ تَبَارَكَ وتعَالى أَعْلَمُ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
فَصْلٌ فيمَا يَنْبَغِي أنْ يُسْتَقْبَلَ بِهِ هَذَا الشَّهْرُ الكَرِيْمُ
9⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
تعَرَّفْ -يا أُخَيَّ، جَعَلَني اللهُ وإيَّاكَ خَيرَ خلَفٍ لخَيرِ سَلَفٍ- أنَّ السَّلفَ الصَّالحَ -رِضْوانُ اللهِ تَعاَلى عليهِمْ- كَانُوا يُعِدُّونَ العُدَّةَ لاسْتِقْبَالِ هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ فيَدْعُونَ اللهَ نِصْفَ العَامِ أنْ يُبلِّغَهُمْ هَذَا الشَّهرَ، والنِّصْفَ الآخَرَ أنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ صِيَامَهُ، فيَنْبَغِيْ للمُسْلِمِ أَنْ لا يُفَرِّطَ فِي مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ، وأنْ يَكُونَ مِنَ السَّبَّاقِينَ إِلَيْهَا المُتَنَافِسِينَ فِيهَا؛ قَالَ تَعَالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}
فجَدِيرٌ بالمُسْلِمِ إِذَنْ وهُوَ يَستَقْبِلُ هَذَا الشَّهْرَ الكَرِيمَ أنْ لا يَكْتَفِيَ بمجَرَّدِ نِيَّةِ الصِّيَامِ فَقَطْ بَلْ عَلَيهِ أنْ يَصْطَحِبَ مَعَهُ بَعْضًا وكَثِيرًا مِنَ النِّيَّاتِ قَبْلَ وعِنْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ، مِثْلَ:
نيَّةِ خَتْمِ القُرْآنِ مَعَ تَدَبُّرِهِ حَقَّ التَّدَبُّرِ؛ فَقَدْ كَانَ النَّبيُّ ﷺ يَلْقَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ الْقُرْآنَ مَرَّةً في كُلِّ عَامٍ، حَتى إذَا كَانَ العَامُ الذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيهِ مَرَّتَينِ.
نيَّةِ التَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ؛ فَقَدْ قَالَ المصْطفى ﷺ : "..رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ".
نيَّةِ العمَلِ لهَذَا الدِّينِ ونشْرِهِ والدَّعوةِ إلَيهِ بينَ النَّاسِ؛ قَالَ تَعَالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
نيَّةِ وَضْعِ بَرنامَجٍ مَلِيْءٍ بالعبَادَةِ والطَّاعَةِ والجِدِّيةِ، والالتِزَامِ بِهِ؛ فَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ وإِلى رَسُولِهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
(تكملة) فصل فيما ينبغي أن يستقبل به هذا الشهر الكريم
﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
✋تَنْبِيْهٌ: وبِذَا تُدْرِكُ -أيُّها الأَخُ العَزِيزُ أيَّتُها الأخْتُ العَزِيزَةُ، ألهَمَني اللهُ وَإيَّاكُمُ التَّوْفِيقَ للعَمَلِ الصَّالحِ وأعَانَنَا عَلَى القِيَامِ بِهِ- عِظَمَ خَطَأِ مَا يَقُومُ بِهِ البَعْضُ عِنْدَ الإِعْدَادِ لاسْتِقبَالِ هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ، فَنَجِدُ طَائِفَةً مِنهُمْ تُوَلِّي وجْهَهَا شَطْرَ الأَسْوَاقِ لتَجْمَعَ مِنهَا قدْرَ المُسْتَطَاعِ مِنْ حَدِيْثِ الأكَلاتِ وجَدِيدِ المطْعُومَاتِ والمشْرُوبَاتِ، فَإِذَا مَا جَاءَ رَمَضَانُ كَانَ نهارُهمْ في إعْدَادٍ وطَهْيٍ وكَانَ ليلُهُمْ في أَكْلٍ وشُرْبٍ ثمَّ تثَاقُلٍ عنِ العِبَادَاتِ وتَنَاسٍ للطَّاعَاتِ.
وطَائِفَةٌ أُخْرَى تُوَلِّي وجْهَهَا شَطْرَ جَدِيدِ المُسَلْسَلاتِ اللَّيْلِيَّةِ والنَّهَارِيَّةِ، أو تُعِدُّ العُدَّةَ لإِقَامَةِ الدَّوريَّاتِ وتَنظِيمِ المُبَارَيَاتِ، فَإِذَا مَا جَاءَ رَمَضَانُ كَانَ لَيْلُهُمْ في لهوٍ وَلَعِبٍ، وكَانَ نهارُهُمْ في نَومٍ وغَفْلَةٍ عَنْ حَقِيقَةِ مَا يُستَغَلُّ بِهِ شَهْرُ الصِّيامِ، كُلُّ ذَلِكَ زيَّنَ لهمُ الشَّيطَانُ فِعْلَهُ لِيَصُدَّهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ، فَهَلْ أَنتُمْ مُّنتَهُونَ!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
فَصْلٌ في حِكَمِ الصِّيَامِ
2⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
يَا أَخِي الحَكِيمَ، لا يخفَى عَلَيْكَ أَنَّ لِلْحَكِيْمِ سبحانه وتعالى في كُلِّ حَادِثَةٍ حِكْمَةً كَمَا أَنَّ لَهُ فِيهَا حُكْمًا، ومِمَّا أحْدَثَ اللهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ أَنْ شَرَعَ في حَقِّهَا الصِّيَامَ، وهَا نحْنُ نَذْكُرُ بَعْضَ الحِكَمِ التي تَتَجَلَّى في هَذِهِ الشَّعِيرةِ العَظِيمَةِ:
1⃣ أنَّ الصَّوْمَ يُرَبِّي مَلَكَةَ التَّقْوَى في النُّفُوسِ؛ وَهِيَ الغَايَةُ الكُبرَى مِنَ الصِّيَامِ، بلْ مِنْ جميعِ العِبَادَاتِ أَيْضًا، يَقُولُ سمَاحَةُ المُفْتي -حَفِظَهُ رَبي-: " فالتَّقْوى هِيَ الغَايَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الصِّيَامِ، كَمَا أنَّهَا الغَايَةُ مِنْ بَقِيَّةِ العِبَادَاتِ الَّتي فَرَضَها اللهُ سبحانه وتعالى"؛ قَالَ تَعَالى خَاتمًا أُولى آيَاتِ الصِّيَامِ: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
2⃣ أنَّ الصَّوْمَ -بالإمْسَاكِ عَنِ الطَّعَامِ والشَّرَابِ والجِمَاعِ- وَسِيْلَةٌ إِلى شُكْرِ النِّعْمَةِ؛ فَلا يَعْرِفُ حَقَّ النِّعْمَةِ إِلا مَنْ حُرِمَهَا أو مُنِعَ مِنْهَا، وإِلى ذَلِكَ أَشَارَ الموْلى في قَولِهِ جَلَّ وعَلا وَسَطَ آيَاتِ الصِّيَامِ: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
3⃣ أنَّ الصِّيَامَ يَكْبَحُ جمَاحَ الشَّهَوَاتِ، ويمنَعُ مِنَ الانْزِلاقِ في الملَذَّاتِ لا سِيَّمَا في مَيْعَةِ الشَّبَابِ ؛ قَالَ ﷺ : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
(تكملة) فصل في حكم الصيام
3⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
4⃣ أنَّ الصَّوْمَ مُوجِبٌ لِلرَّحمَةِ والعَطْفِ عَلَى المحتَاجِينَ، فَإِنَّ الصَّائمَ إذَا ذَاقَ ألَمَ الجُوعِ في بَعْضِ الأَوْقَاتِ تَذَكَّرَ مَنْ كَانَ هَذَا حَالَهُ في جمِيعِ الأَوْقَاتِ، فتَدُبُّ في نَفْسِهِ مَشَاعِرُ الرِّقَّةِ والرَّحمَةِ والإِحْسَانِ تجَاهَ المحتَاجِينَ والمحرُومِينَ، فيَبْسُطُ يَدَهُ مِنْ فَضْلِ رَبِّهِ، فينَالُ بِذَلكَ مَا عنْدَ اللهِ تَعَالى مِنْ حُسْنِ الجَزَاءِ عَلَى حُسْنِ العَمَلِ، يَقُولُ صَاحِبُ القَوَاعِدِ: "وفَرَضَ سُبْحَانَهُ الصَّوْمَ عَلَى ذَوِي الفَاقَةِ والأَغْنِيَاءِ لِكَسْرِ شَهْوَةِ النَّفْسِ الَّتي هِيَ دَابَّةُ الشَّيطَانِ، ولِيَعْرِفُوا إذَا صَامُوا رَمَضَانَ مَا يُقَاسِيهِ ذَوُو الفَاقَةِ مِنْ شِدَّةِ المجَاعَةِ طُولَ الزَّمَانِ"..فالقَلْبُ في شِبَعٍ والبَطْنُ خمْصَانُ.
5⃣ أنَّ الصِّيَامَ يُعلِّمُ الأمَّةَ أفرادًا وجماعاتٍ النِّظامَ والالْتِزَامَ والحَزْمَ والجِدِّيَّةَ -كَمَا لا يخْفَى عَلَى عَارِفٍ بأَحْكَامِ الصِّيَامِ-.
6⃣ أنَّ للصِّيَامِ فَوَائِدَ صِحِّيَّةً وبَدَنِيَّةً، وَقَدْ أَخْبرَنَا بِذَلِكَ الصَّادِقُ المصْدُوقُ قَبْلَ أَكْثرَ مِنْ أَرْبعَةَ عَشَرَ قَرْنًا بِقَولِهِ: "...وَصُومُوا تَصِحُّوا"، ولِذَا فقَدْ أَوْصَى بِهِ الأطِبَّاءُ المُحْدَثُونَ لعِلاجِ الكَثِيرِ مِنَ الأَمْرَاضِ الجِسْمِيَّةِ..
ومِنْ فَوَائِدِ الصِّيَامِ الصِّحيَّةِ أَنَّهُ يُذِيبُ الشُّحُومَ الزَّائِدَةَ بِالجِسْمِ، ويُطَهِّرُ المعِدَةَ مِنَ الرَّوَاسِبِ، ويُرِيحُ الجِهَازَ الهَضْمِيَّ، وهَذَا مِنْ إِعْجَازِ السُّنَّةِ وأَعْلامِ النُّبُوَّةِ الصَّادِقَةِ.
وبالجُمْلةِ فَإِنَّ للصَّومِ حِكَمًا كَثِيرةً أَكْثَرَ مما بَانَ لنَا وَظَهَرَ، لا يحِيطُ بعِلْمِهَا إلا رَبُّ العِبَادِ، أمَّا أَنْتَ فـَ{ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلا هو}، وحَسْبُكَ مِنَ القِلادَةِ مَا أحَاطَ بالعُنُقِ، أمَّا مَنْ لم يَنْتَفِعْ بقَلِيْلِ الحِكْمَةِ ضَرَّهُ كَثِيرُها، واللهُ أَعْلَمُ وأَحْكَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
فَصْلٌ في حُكْمِ تاركِ الصِّيَامِ
4⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
لَقَدْ تَعَرَّفْتَ -أيُّهَا التِّلمِيذُ الأَرِيبُ، لا بَرِحْتَ الطَّاعَةَ- أنَّ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ هَذَا الدِّينِ العَظِيْمِ، لا يَصِحُّ إيمَانُ امْرِئٍ إلا بالإِتْيَانِ بِهِ اعْتِقَادًا وعَمَلاً، وعَلَيهِ فَإِنَّكَ تُدْرِكُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصِّيَامَ فقَدْ أَحَلَّ عَلَى نَفْسِهِ بَرَاءَةَ اللهِ وحُدُودَهُ في الدُّنْيَا، وغَضَبَهُ وعَذَابَهُ في الأُخْرَى؛ قَالَ تَعَالى:{ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
ولا يخلُو تَارِكُ الصِّيَامِ -معَ كَونِهِ بَالِغًا صَحِيحَ العَقْلِ- مِنْ أَحَدِ أَمْرَينِ:
إِمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ جُحُودًا لِفَرْضِيَّتِهِ أَوْ إِنْكَارًا لَهُ بِالْكُلِيَّةِ: فهوَ مشركٌ مرتدٌ عنِ الدِّينِ والعِيَاذُ باللهِ؛ وَذَلِكَ لأَنَّ فَرْضَ صِيَامِ رَمَضَانَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ الخَمْسَةِ الَّتي لا يَقُومُ إِلا بها جمِيعًا، وَهُوَ مِمَّا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أيضًا، يَقُولُ الْعَلاَّمَةُ القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ الله وَعَافَاهُ-:"..وَمَنْ أَنْكَرَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ"، وَحُكْمُهُ: أَنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ فَيُعْفَى عَنْهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ جُحُودًا واسْتحْلالاً لقَولِهِ تَعَالَى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}، وَإِلا قُتِلَ مُرْتَدًّا عَنِ الدِّينِ والعِيَاذُ باللهِ، وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ باِلضَّرُورَةِ مِنْ غيرِ تَأوِيلٍ.
وَإِمَّا أنْ يَترُكَهُ تَهَاوُنًا وَتكَاسُلاً مِنْهُ لا جُحُودًا وَإِنْكَارًا لَهُ: فَحُكْمُهُ: أَنَّهُ كَافِرٌ كُفْرَ نِعْمَةٍ لا كُفْرَ شِرْكٍ، فإنَّ الإِصْرَارَ عَلَى الصِّغَائِرِ يُعَدُّ مِنَ الكَبَائِرِ، فَكَيفَ بِالإِصْرَارِ عَلَى تَرْكِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ، يَقُولُ الإِمَامُ أبُو محمَّدٍ السَّالميُّ -رَحمةَ اللهِ عَلَيهِ-: "فهَذَا مُنْتَهِكٌ لحُرْمَةِ رَمَضَانَ، مُضيِّعٌ لِدِينِهِ هَادِمٌ لإِسْلامِهِ؛ لأَنَّ الإِسْلامَ إِنَّمَا بُنيَ عَلَى خَمْسٍ أَحَدُهَا الصِّيامُ، فَلا يَسْتَقِيمُ إِسْلامُ المرْءِ إِلاَّ إذَا اسْتَقَامَتْ أرْكَانُهُ.
فإِنْ وقَعَ مِنهُ مِثْلُ هَذِهِ الخَطِيئَةِ فعَلَيهِ أنْ يَتَدَارَكَ نَفْسَهُ مِنَ الهَلاكِ، ويَرجِعَ إِلى اللهِ بِالمتَابِ، ويَقْضِيَ مَا ضيَّعَ؛ لأَنَّ القَضَاءَ لازِمٌ عَلَى مَنْ أفطَرَ بِعُذْرٍ، فمَا ظنُّكَ بمنْ أفْطَرَ بغَيرِ عُذْرٍ!! بَلْ هُوَ أَشَدُّ وأَوْلى"
وعَلَى هَذَا الشَّخْصِ أنْ يُسْتَتَابَ ثَلاثًا فَإِنْ تَابَ وَجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءُ والتَّكْفِيرُ عَنْ جمِيعِ مَا تَرَكَ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ حَدًّا كتَارِكِ الصَّلاةِ والزَّكَاةِ، واللهُ المستعانُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
{تكملة} حكم تارك الصيام
6⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
مَسْأَلَةٌ: مَنْ تَرَكَ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ لسَنَةٍ أو لسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ مُنْتَهِكًا لحُرْمَةِ هَذَا الشَّهْرِ المبَارَكِ وهَذِهِ الشَّعِيرَةِ المعَظَّمَةِ المقَدَّسَةِ ثمَّ إِنَّهُ ارْعَوَى عَنْ غيِّهِ، ورَجَعَ إِلى رُشْدِهِ، وأَنَابَ إلى رَبِّهِ، فَإِنَّ اللهَ يقْبَلُ توْبَةَ عَبْدِهِ، إِلا أنَّ ذَلِكَ لا يُغنِيْهِ شَيئًا عَنْ قَضَاءِ دَينِ الخَالِقِ سبحانه وتعالى مَا دَامَ أَنَّهُ قَادِرٌ ومُسْتَطِيعٌ، وَلوْ أنْ يَقْضِيَ في كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا وَاحِدًا.
ولا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنَ الكفَّارةِ المغَلَّظَةِ وهيَ: عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لمْ يجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتتَابِعَينِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وأَوْسَعُ الأَقْوَالِ وأَرْخَصُ مَا يُبْذَلُ لمنْ صَدَقَ التَّوبَةَ لِلمَوْلى عز وجل أنْ يُكَفِّرَ كفَّارَةً وَاحِدَةً عَنْ جمِيعِ مَا قَدْ سَلَفَ مِنَ الشُّهُورِ، وللهِ الحَمْدُ حَقَّ الحَمْدِ.
✋تَنْبِيْهٌ: مَنْ أَفْطَرَ أيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ وجَهِلَ عَدَدَهَا فعَلَيهِ تحَريِّهَا وقَضَاؤُهَا إِلى أنْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ أنَّهُ قَضَى مَا عَلَيهِ مِنَ الأَيَّامِ الَّتي تَرَكَ صِيَامَهَا، فَاطْمِئْنَانُ القَلْبِ مُعْتَبرٌ في مِثْلِ هَذِهِ الأُُمُورِ، واللهُ المعِينُ.. ومِنْ بَدَائعِ الجَوْهَرِ:
وَمَا بِهِ القَلْبُ قَدِ اطْمَأَنَّا
يَصِحُّ أنْ يَأخُذَهُ مَنْ ظَنَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
خدمة الفتاوى
السُّؤَالُ :
هَلْ يَصِحُّ حَلْقُ الشَّعْرِ وتَقْلِيمُ الأَظَافِرِ في نَهَارِ رَمَضَانَ؟
الجَوَابُ:
الصَّومُ لَيْسَ بِإِحْرَامٍ، إِنَّمَا الـمُحْرِمُ يُمنَعَ مِنْ أَخْذِ تَفَثِهِ، أمَّا الصَّائِمُ فَلا يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِ تَفَثِهِ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِقَ، ولَهُ أَنْ يُقلِّمَ أَظَافِرَهُ وَلَهُ -أيضًا- أَنْ يَفعَلَ أَيَّ شَيءٍ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ في الـمُعْتَادِ، إنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ الـمُفطِّرَاتِ، وهَذِهِ لَيْسَتْ مِنَ الـمُفطِّرَاتِ، واللهُ أَعْلَمُ[15].
معنى التفث: الشعر الزائد
المصدر
كتاب المعتمد في فقه الصيام
الصفحة 137
بارك الله فيكم...
فَصْلٌ
(في مَسَائِلَ وتَنْبِيهَاتٍ مُخْتَلِفَة)
7⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
المَسْأَلَةُ الأُوْلى: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في عِلَّةِ تَسْمِيَةِ "رَمَضَانَ" فقِيْلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ يَرْمِضُ الذُّنُوبَ أيْ يحرِقُهَا، وقِيْلَ: لأَنَّهُ وَافَقَ رَمْضَ الفِصَالِ -إذَا وَجَدَ الفَصِيلُ حَرَّ الشَّمْسِ مِنَ الرَّمْضَاءِ أيْ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ شَيخِنَا الخَلِيليِّ -متَّعَهُ اللهُ بِالصِّحَّةِ والعَافِيَةِ-.
وقِيْلَ: هُوَ مُشْتَقٌ مِنَ الرَّمْضِ، وهُوَ مَطَرٌ يَنزِلُ في الخَرِيْفِ يَغْسِلُ الأَرْضَ ويُطَهِّرُها كمَا أَنَّ هَذَا الشَّهْرَ الكَرِيمَ يَغْسِلُ الذُّنُوبَ غُسْلاً ويُطَهِّرُ النُّفُوسَ تَطْهِيرًا، ومَهْمَا كَانَ مِنْ أَسْبَابٍ فَإِنَّ رَمَضَانَ يَبْقَى هُوَ شَهْرَ القُرْآنِ والغُفْرَانِ.
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لا مَانِعَ عَلَى المُعْتمَد مِنْ إطْلاقِ اسْمِ هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ "رَمَضَانَ" مُفْرَدًا بِدُونِ إِضَافَتِهِ إِلى الشَّهْرِ؛ وعَلَيهِ فيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: "رَمَضَانَ" بِدُونِ لَفْظَةِ "شَهْرٍ"؛ وذَلِكَ لوُرُودِ النُّصُوصِ الكَثِيرَةِ مِنْ سُنَّةِ النَّبيِّ ﷺ فِيهَا هَذَا الإِطْلاقُ، وقَدْ مَرَّ مَعَكَ بَعْضٌ مِنْهَا، كَقَولِ النَّبيِّ ﷺ : "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ... ولوْ عَلِمْتُمْ مَا في فَضْلِ رَمَضَانَ" ، وقَولِهِ: " إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ".
وأمَّا مَا جَاءَ مَنْسُوبًا إِلى المعْصُومِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-:" لا تَقُولُوا: رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسماءِ اللهِ، ولَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضَانَ" فبَاطِلٌ لا يَصِحُّ وَلا يَثْبُتُ عَنْ حَامِلِ لِوَاءِ الدَّعْوَةِ
ﷺ ، بَلْ قدْ نَطَقَتِ السُّنةُ بخِلافِهِ، وهِيَ المُعْتمَدُ، ومَا عَدَاها فَلا تَعْدُو أنْ تكُونَ دَعَاوَى تُعْوِزُها الحُجَجُ والبَيِّنَاتُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام
خدمة الفتاوى
السُّؤَالُ :
مَاذَا عَلَى مَنْ قَصَّرَ لِحْيَتَهُ نهَارَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟
الجَوَابُ:
مِنْ بَابِ الاحْتِيَاطِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعِيْدَ صِيَامَ يَومِهِ، واللهُ أَعْلَمُ[64].
السُّؤَالُ الأَوَّلُ:
هَلْ يجُوزُ الغِنَاءُ في رَمَضَانَ؟
الجَوَابُ:
الغِنَاءُ في رَمَضَانَ وغَيرِهِ حَرَامٌ؛ لأَنَّهُ رُقْيَةُ الزِّنَا ومِزْمَارُ الشَّيْطَانِ، واللهُ أعْلَمُ[62].
بارك الله فيك
وجزاك خير الجزاء
(تكملة) 🔹مسائل وتنبيهات مختلفه🔹
8⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
🔺المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مِمَّا اتَّفَقَتْ عَلَيهِ أُمَّةُ الإِسْلامِ أَنَّ الصِّيَامَ المفْرُوضَ عَلَيهَا هُوَ صِيَامُ رَمَضَانَ، واخْتَلَفُوا هَلْ فُرِضَ ابْتِدَاءً أمْ أنَّهُ فُرِضَ قَبْلَهُ صِيَامٌ!! فَقِيلَ: فُرِضَ أوَّلاً صَومُ عَاشُورَاءَ ثمَّ نُسِخَ بفَرْضِ رَمَضَانَ، واسْتَدَلُّوا لَهُ بما ثَبَتَ أنَّ الصِّدِّيقةَ بنْتَ الصِّدَّيقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: "كَانَ يَومُ عَاشُورَاءَ يَومًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- يَصُومُهُ في الجَاهِلِيَّةِ، فَلمَّا قَدِمَ المَدينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ، فَلمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الفَرِيضَةَ وتُرِكَ يَومُ عَاشُورَاءَ، فمَنْ شَاءَ صَامَهُ ومَنْ شَاءَ تَرَكَهُ ولَكِنْ في صِيَامِهِ ثَوَابٌ عَظِيمٌ".
🌴وقيلَ: إنَّ فَرْضَ صِيَامِ رَمَضَانَ قدْ شُرِعَ مِنَ البِدَايَةِ ولم يُفرَضْ قبْلَهُ صِيَامٌ، وأمَّا أَمْرُهُ ﷺ بصِيَامِ عَاشُوراءَ فمَحْمُولٌ عَلى النَّدْبِ والاستِحْبَابِ لا عَلَى الجَزْمِ والإِيجَابِ؛ لأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ووَقَعَ لنُقِلَ بالتَّوَاتُرِ لِكَونِهِ مِنَ العِبَادَاتِ العَمَليَّةِ العَامَّةِ عَلَى جميعِ الأُمَّةِ، وهَذَا هُوَ الرَّأيُ الَّذِي كَانَ يميلُ إلَيهِ شَيخُنا الوَليُّ سَعِيدُ بْنُ مَبرُوكٍ القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ ورعَاهُ، وسَدَّدَ في طَرِيقِ الخَيرِ خُطَانا وخُطَاهُ- إلا أنَّهُ فَضَّلَ عِنْدَ المرَاجَعَةِ التَّوقُّفَ حَتى التَّثَبُّتِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللهِ.
🔺المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ والمُفَسِّرُونَ في صِيَامِ رَمَضَانَ هَلْ كَانَ عَزِيمةً مُتَعَيِّنَةً مِنَ البِدَايةِ أمْ أنَّ المسْلِمِينَ كَانُوا مخيَّرِينَ بَينَ الصِّيَامِ والإِطْعَامِ.
🌴وسَبَبُ الخِلافِ تنَازُعُهُمْ في تَأْوِيلِ قَولِهِ تَعَالى: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } ، فَقِيلَ: إِنَّ مَدْلُولَ الآيَةِ أَنَّ مَنْ أطَاقَ الصِّيَامَ وقَدَرَ عَلَيهِ فهُوَ مُخيَّرٌ بَينَ أنْ يَصُوْمَ وبَينَ أنْ يَفتَدِيَ إِلا أَنَّ الصِّيَامَ أفْضَلُ، ثمَّ عُزِمَ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ ذَلِكَ ونُسِخَ التَّخْيِيرُ بقَولِهِ عز وجل: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
🌴ورَأَى إِمَامُ المُفَسِّرِينَ وسَيفُ المنَاظِرِينَ وحُجَّةُ المُتَكَلِّمِينَ شَيخُنَا الوَليُّ بَدْرُ الدِّينِ الخَلِيْلِيُّ -حفظَهُ اللهُ- أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ محْكَمَةٌ، فَلَيسَ هُنَالِكَ نَاسِخٌ ومَنْسُوخٌ، وهِيَ محمُولةٌ في حَقِّ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ إِلا بِكُلفَةٍ شَدِيدَةٍ ومَشَقَّةٍ بَالِغَةٍ، وأَنَّ المقْصُودَ بِقَولِهِ: {يُطِيقُونَهُ} يَتَكَلَّفُونَهُ، فَمَنْ كَانتْ هَذِهِ حَالتَهُ فَلَهُ أَنْ يَنتَقِلَ حِينَئِذٍ مِنَ الصِّيَامِ إِلى الفِدْيَةِ والإِطْعَامِ تَصْدِيقًا لقَولِهِ سبحانه وتعالى:{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
📘من كتاب المعتمد
📄 في فقه الصيام
ولَفَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ
مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ يُعَدُّ
خدمة الفتاوى
السُّؤَالُ :
مَا حُكْمُ البُخُورِ في نَهَارِ رَمَضَانَ؟
الجَوَابُ:
البُخُورُ في نَهَارِ رَمَضَانَ إِنْ كَانَ لا يَلِجُ إِلى الـخَيَاشِيمِ والفَمِ شَيْءٌ مِنْهُ فَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ، أَيْ إِنْ كَانَتْ رَائِحَتُهُ تَصِلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلِجَ شَيْءٌ مِنْ دُخَانِهِ إِلى الـخَيَاشِيمِ والفَمِ فَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ، أَمَّا إِنْ وَصَلَ شَيْءٌ إِلى الـخَيَاشِيمِ وإِلى الفَمِ وَوَلَجَ إِلى الجَوْفِ فحُكْمُهُ حُكْمُ التَّدْخِينِ مِنْ حَيْثُ نَقْضُهُ لِلصِّيامِ، لأَنَّ الصِّيَامَ يَنتَقِضُ بِكُلِّ مَا يَصِلُ إلى الجَوْفِ، واللهُ أعْلَمُ[16].
المصدر
كتاب المعتمد في فقه الصيام
الصفحة 138
الْبَابُ الثَّاني: 🔹في ثُبُوتِ شَهْرِ الصِّيَام🔹
9⃣1⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
🌴قَالَ تَعَالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
من أراد المزيد يُنظر:
كتاب المعتمد في فقه الصيام من صفحة 42 إلى صفحة
70
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْبَابُ الثَّالثُ: 🔹في شُرُوطِ الصِّيَامِ🔹
🌴قَالَ تَعَالى:{.. أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
🌴اعلَمْ -أيُّها الطَّالبُ النَّبِيْهُ، وفَّقَكَ الله إلى صَحيحِ العبَادةِ، وجنَّبَكَ مسالِكَ الضَّلالِ والغِوَايَةِ- أنَّ للصَّومِ شروطًا وأركانًا لا يتمُّ الصِّيَامُ إلا بتحقُّقِها والقيَامِ بأدائِها، وكُلُّ ذلكَ مأخوذٌ منْ كتَابِ اللهِ، وسُنَّةِ نبيِّهِ ﷺ قولاً وفعلاً...
👍فَائِدَةٌ مُهمَّةٌ في الفرقِ بينَ الرُّكنِ والشَّرطِ: تقدمَ سابقًا تعريفُ الشرطِ بأنَّه: ما يلزمُ منْ عدمِهِ العدمُ ولا يلزمُ منْ وجودِه وجودٌ ولا عدمٌ لذَاتِهِ، وهذا الكلام ينطبقُ على الركنِ أيضًا، إلا أنَّ الفارقَ الجوهريَّ بينهما أنَّ الشرطَ يكونُ خارجَ ماهيةِ العبادةِ، والركنَ يكونُ داخلا في ماهيتِها، فمثلا: البلوغُ والطهارةُ شرطٌ للصيام؛ لأنهما يقعانِ خارجَ ماهيةِ الصِّيَام، أما النية والإمساك فهما ركنٌ لأنهما ضمن أعمالِ الصِّيَام التي لا يتم إلا بها.
🌴وَنشرعُ -باللهِ مُستعينينَ- أوَّلاً في الحَدِيثِ حَولَ شُروطِ الصِّيَامِ، فنقُولُ: إنَّ الشُّروطَ قسْمانِ:
🔺أ- شُروطُ وُجُوبٍ👈: وهيَ العقلُ، والبُلوغُ، والقدرةُ عَلَى الصِّيَام..
🔺ب-شُروطُ صِحَّةٍ: وهيَ -إِجمالاً-👈: الإسلامُ، والطَّهارةُ منَ الجنَابةِ، والطَّهارةُ منَ الحيْضِ وَالنِّفَاسِ..
🌴وَإليكَ تفصيلَ القَولِ في شُروطِ الصِّيَام:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
📘من كتاب المعتمد
📄 في فقه الصيام
ولَفَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ
مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ يُعَدُّ
🔸🔸🔴خدمة الفتاوى🔴🔸🔸
⛔مكْرُوهَاتِ الصِّيَامِ:
🚫التَّقْبِيْلُ والمُدَاعَبَةُ: في حَقِّ مَنْ خَافَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ تَفْرُطَ عَلَيهِ أوْ أَنْ تَطْغَى فتَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلى الوِقَاعِ أوْ لا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تحبِّبَهُ إِلَيهِ فيُمْنِيَ أو يُمْذِيَ؛ ومَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى أَوْشَكَ أنْ يَرْتَعَ فِيْهِ[17].
🚫 الحِجَامَةُ[18]: لِمَنْ كَانَتْ تُضْعِفُهُ فَلا يَقْوَى عَلَى طَاعَةٍ وَلا يَنْشَطُ لِذِكْرٍ بَعْدَهَا.
🚫لمبَالَغَةُ في المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ: خَشْيَةَ أَنْ يَلِجَ شَيءٌ مِنَ المَاءِ إِلى الجَوْفِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ e ِللَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ: "إذَا اسْتَنْشَقْتَ فَأَبْلِغْ إِلا أنْ تكُونَ صَائِمًا"[19]، واللهُ تَعَالى أَعْلَمُ.
139-140
🔘 المصدر 🔘
كتاب المعتمد في فقه الصيام
📝 الصفحة 139-140📝
🔸🔸🔴خدمة الفتاوى🔴🔸🔸
مُفَطِّرَاتِ الصِّيَامِ الَّتي يجِبُ الإِمْسَاكُ عَنْهَا شَرْعًا في أَرْبَعِ قَوَاعِدَ، فهَاك البَيَانَ بإِيضَاحٍ وإِجمَال:
🔹القَاعِدَةُ الأُولى🔹
🔻 إِدْخَالُ دَاخِلٍ:
ويُرَادُ بهَا كُلُّ مَا يُدْخِلُهُ الإِنْسَانُ مُتَعَمِّدًا إِلى جَوفِهِ، سَوَاءً:
🔸أ- كَانَ مَطْعُومًا كَالأُرْزِ والتَّمْرِ والماءِ والعَصِيرِ، أوْ غَيرَ مَطْعُومٍ كمَنْ تَعَمَّدَ أنْ يُولجَ إِلى جَوفِهِ تُرَابًا أوْ طِينًا أوْ حَصًى أوْ جِلْدًا أوْ ظُفْرًا أوْ وَرَقًا أوْ زِئْبَقًا.. عَلَى المُعْتمَد عِنْدَ شَيخَيْنَا الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حَفِظَهُمُ اللهُ- وِفَاقًا لِقَولِ الجُمْهُورِ مِنَ العُلَمَاءِ.
🔸ب- كَانَ عَنْ طَرِيقِ الفَمِ أو غَيرِ الفَمِ ممَّا يُوصِلُ إِلى الجَوفِ، ومِنْ أَمْثِلَةِ المنَافِذِ المُوصِلَةِ إِلى الجَوفِ:
▪العَينُ:
تُعَدُّ العَينُ إِحْدَى المنَافِذِ المُوصِلَةِ إِلى الجَوفِ بِلا خِلافٍ، فَإِنْ وَضَعَ الشَّخْصُ قَطْرَةً مِنْ دَوَاءٍ أو نحْوِهَا في عَينِهِ وَلم يُحِسَّ بهَا فَلا نَقْضَ عَلَيهِ في صَومِهِ بِإِذْنِ اللهِ؛ لأَنَّ لِلعَينِ شُؤُونًا تمتَصُّ الشَّيْءَ اليَسِيرَ، أمَّا إِنْ أَحَسَّ بِطَعْمِهَا في حَلْقِهِ فَالأَحْوَطُ في حَقِّهِ إِعَادَةُ يَومِهِ.
▪ الأَنْفُ:
واتِّصَالُهَا بِالجَوفِ أَقْوَى مِنَ العَينِ؛ لأَنَّ فَتْحَتَهَا أَوْسَعُ مِنْ فَتْحَتِهَا، وَلِذَا يَسْتَعْمِلُهَا الأَطِّبَاءُ كَثِيرًا لإِدْخَالِ أُنْبُوبِ تَغْذِيَةِ المرْضَى، فَاحْتِمَالُ التَّفْطِيرِ بهَا أَكْبرُ لا سِيَّمَا إِنْ أَحَسَّ المرِيضُ بِطَعْمِ الدَّوَاءِ في الحَلْقِ إِنْ كَانَ سَائِلاً. أمَّا غَازُ الأُكْسُجِينِ فَلا يَنْقُضُ الصِّيَامَ إِطْلاقًا.
▪الأُذُنُ:
إِنْ كَانَتْ خَرْقَاءَ؛ لأَنَّ غِشَاءَ الطَّبْلَةِ في الأُذُنِ السَّلِيمَةِ يمنَعُ دُخُولَ أَيِّ سَائِلٍ إِلى الجَوْفِ؛ وَلِذَا فَلا نَقْضَ في قَطْرَةِ الأُذُنِ.
▪فَتْحَةُ الشَّرْجِ:
لأنَّ اتِّصَالَ الدُّبُرِ بِالجَوْفِ قَوِيٌ، فتَنْقُضُ التَّحَامِيْلُ وإِبْرَةُ الدُّبُرِ بخِلافِ القُبُلِ الذِيْ يَكَادُ يَكُونُ اتِّصَالُهُ بِالجَوفِ مُنْعَدِمًا.
🔘 المصدر 🔘
كتاب المعتمد في فقه الصيام
📝 الصفحة 139-140📝
🔹الشَّرْطُ الثَّانِي/ *البُلُوغُ*:
1⃣2⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
🌴بلُوغُ سِنِّ التَّكْلِيْفِ -كمَا هُوَ معْلُومٌ- شَرْطٌ لوُجُوبِ الصِّيَامِ وجُمْلَةِ العِبَادَاتِ؛ فَلا تجِبُ العبَادَةُ عَلَى الصَّبيِّ الذِي لمْ تَظهَرْ علَيهِ عَلامَاتُ البُلُوغِ أو لم يبْلُغْ سِنَّ الاحتِلامِ بإجماعِ أهْلِ العِلْمِ، يقُولُ شَيخُنا محدِّثُ العَصرِ القَنُّوبيُّ-حفظهُ اللهُ-: "..لا وُجُوبَ عَلَى مَنْ لمْ يَبلُغْ بِاتّفَاقِ الأُمَّةِ قَاطِبَةً"
🌴والأصْلُ في هَذَا الاشْتِرَاطِ مَا تقدَّمَ مِنْ قَولِهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ... وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ".
🌴ومعَ ذلِكَ يُؤمَرُ وَليُّ أمْرِ الصَّبيِّ أنْ يَترقَّبَ في صَبِيِّهِ القُدْرةَ عَلى الصِّيَامِ، فإِنْ آنسَ منْهُ قوَّةً وطاقَةً عَلَى الصِّيَامِ أمرَهُ بِهِ، ولو أنْ يَصُوْمَ في البدَايةِ نصفَ النَّهارِ ويَترُكَ الآخِرَ، أو يَصُوْمَ يومًا ويَترُكَ يومًا حَتى إذَا مَا اشتدَّ عُودُهُ واسْتَوى علَى سُوقِهِ أعْجَبَ وليَّهُ حُسْنُ صِيَامِهِ وقِيَامِهِ ، فإنَّ الحَالَ كمَا قِيلَ قَدِيمًا..
وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتيَانِ مِنَّا
عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ
وَمَا دَانَ الفَتى بحِجًى ولكِنْ
يُعَوِّدُهُ التَدَيُّنَ أَقْرَبُوهُ
🌴إضافةً إِلى هَذَا فإنَّ تعويدَ الصِّبيانِ عَلَى الصِّيَامِ المندُوبِ فضْلاً عنِ الوَاجبِ أمرٌ ثبتَ عنْ صَحَابةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
ففِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ"
🌴هَذَا.. وإنْ بدَا مِنَ الصَّبيِّ تهاوُنٌ أو تَقْصِيرٌ بعدَ أنْ أطاقَ الصِّيَامَ وقَدَرَ علَيهِ أرشَدَهُ الوَليُّ إِلى الصَّوابِ وأبَانَ لهُ سَبيلَ الرَّشَادِ بِالحِكْمَةِ والموعِظَةِ الحَسَنَةِ، فإِنْ أبانَ عنْ عنَادِهِ وكَشَفَ عنْ تقَاعُسِهِ وتهَاوُنِهِ أدَّبهُ بحسَبِ مُقتَضَى المصْلَحَةِ وفي حُدُودِ الطَّاقةِ، فلمْ يُشبِعْهُ ضَربًا ولمْ يُوسِعْهُ سبًّا، بلْ كَانَ الأَمرُ وَسَطًا، ومَنْ لم يَنفَعْهُ قَليلُ الحِكْمَةِ ضَرَّهُ كَثيرُها، وبِالخَاتمةِ فإنَّهُ {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
📘من كتاب المعتمد
📄 في فقه الصيام
ولَفَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ
مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ يُعَدُّ
*تابع 🔹الشرط الثاني / البلوغ*
2⃣2⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
✋تَنْبِيْهٌ: قيَاسُ الصِّيَامِ عَلَى الصَّلاةِ في سِنِّ تعْلِيمِ الصَّبيِّ وضَربِهِ علَيها قِيَاسٌ غَيرُ صَحِيحٍ، وهُوَ خِلافُ المعمُولِ بهِ عندَ شَيخَيْ العَصْرِ والمِصْرِ -متعَهُما اللهُ بالصِّحَّةِ والعَافِيَةِ-؛ لأنَّهُ قيَاسٌ معَ الفَارِقِ، إذِ القُدْرةُ عَلى الصَّلاةِ لا تَستَلزِمُ أنْ يَكُونَ الصَّبيُّ قادِرًا عَلَى الصِّيَامِ، فمِنهُمْ مَن يقدِرُ علَى الصَّلاةِ ولكنَّهُ لا يَقدِرُ عَلى الصِّيَامِ لكَونِهِ أشقَّ كُلفَةً -كما هوَ مُشَاهَدٌ- لا سِيَّمَا وقتَ اشتِدَادِ الحَرِّ وابتعَادِ القرِّ.
الْقَرُّ👈: *هُوَ الْبَرْدُ (وَيَوْمٌ قَارٌّ) بَارِدٌ، ورَجُلٌ مَقْرُورٌ أي أَصَابَهُ البردُ*
🌴يقُولُ بدرُ الدِّينِ الخَلِيْلِيُّ -حفظهُ اللهُ-: " وبالنِّسبَةِ إِلى الصِّيَامِ يُؤمَرُ الوَليُّ أنْ يَأمُرَ الصَّبيَّ بالصِّيَامِ عندَما يكُونُ قادِرًا عَلَيهِ، فَالعِبرة ُباِلقُدْرَةِ وليسَتِ العِبرة ُبفَترة ٍزمنيَّةٍ مِنَ العُمُرِ"، والعِلمُ عندَ اللهِ.
💬خِلاَفٌ وَثَمَرَةٌ
تعلَّمْ -يا طالِبَ الرَّشَادِ، وقاصِدَ الفَلاحِ في المعَادِ- أنَّ أهلَ الفِقْهِ بالدِّينِ قدِ اختَلفُوا في صِيَامِ الشَّهرِ الكَرِيمِ، هلْ هوَ فَريضَةٌ واحِدَةٌ أو فَرَائِضُ متعدِّدَةٌ بِعَدَدِ أيَّامِ الشَّهرِ، أي تِسْعٌ وعِشْرونَ فَريضَةً أو ثَلاثُونَ فَرِيضَةً بِحَسَبِ مَا تَكُونُ عَلَيهِ أيَّامُ الشهرِ.
والقولُ المُعْتَمَدُ في المسْألةِ عندَ الشَّيخَينِ العالِمَينِ أبي خليلٍ الخَلِيْلِيِّ وأبي عبدِ الرَّحمنِ القَنُّوبيِّ -يحفظُهمُ اللهُ- أنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ فرائِضُ مُتعدِّدةٌ، كلُّ يَومٍ فريضةٌ مستقلَّةٌ بنفْسِهَا عَنِ اليَومِ الآخَرِ؛ لأدلَّةٍ مُتعدِّدةٍ، منهَا:
🔺أ- أنَّ اللهَ عز وجل أباحَ للمَرِيْضِ والمسَافِرِ الفِطرَ والصِّيَامَ في رَمَضَانَ، ثم قَضَاءَ الأيَّامِ التي أفطَرَاهَا فَقَطْ.
🔺ب- أنَّ النَّبيَّ ﷺ أمرَ الرَّجلَ الذِي أفطرَ مُتعمِّدًا بِوَطْءِ زوجَتِهِ أنْ يَقضِيَ يومًا واحِدًا فَقَطْ، ولوْ كانَ فريضَةً واحدَةً لأمرَهُ بقضَاءِ الشَّهرِ كلِّهِ أو مَا فاتَ منهُ عَلَى الأَقلِّ.
🔺ج- أنَّ ليَالي الشَّهرِ قاطعَةٌ للصِّيامِ ومُوجِبَةٌ للإِفطَارِ، بخِلافِ الصَّلاةِ فإِنها بجمِيْعِ ركعَاتها فَريضَةٌ واحدةٌ لاتِّصَالِ أعمَالها مِنَ التَّكبِيرِ حَتى التَّسلِيمِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
📘من كتاب المعتمد
📄 في فقه الصيام
ولَفَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ
مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ يُعَدُّ
*🔹(تكملة)الشرط الثاني البلوغ*
3⃣2⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
🌴وَثَمَرَةُ الخْلافِ: تظهرُ في مسَائِلَ، نَذكُرُ بعضًا منهَا للفَوائِدِ
🔺أ- إذَا بَلَغَ الصَّبيُّ وسَطَ الشَّهْرِ: فيَصُوْم الحاضرَ والقادمَ منَ الأيَّامِ، وعَلَى القَوْلِ بأنَّهُ فَرِيضَةٌ واحِدَةٌ يَقْضِي مَا فاتَهُ مِنْ أيَّامِ الشَّهرِ أَيضًا، ولوْ أنَّهُ صامَهَا؛ لأنَّهُ قدْ أوقَعَها نافلةً. أمَّا عَلَى القَوْلِ بأنَّهُ فرائِضُ فَلا يَلزَمُهُ قضَاءُ شَيءٍ ممَّا مَضَى لكَونِهِ لم يكُنْ مُكَلَّفًا إِلا اليَومَ الذِي بَلَغَ في نهَارِهِ فعَلَيهِ أنْ يمسِكَ بقيَّتَهُ ويقضِيَهُ بعدَ ذَلِكَ.
🔺ب- إذَا أسْلَمَ المُشْرِكُ وَسَطَ الشَّهْرِ: فيَصُوْمُ الحَاضِرَ والقَادِمَ أيضًا، وعَلَى القَولِ بِأنَّهُ فَريضَةٌ واحِدَةٌ يَقضِي مَا فاتَهُ مِن أيَّامِ الشَّهرِ. أمَّا عَلَى القَولِ بأنَّهُ فرائضُ فلا يَلزَمُهُ قضَاءُ شَيءٍ مما مَضَى إِلا اليومَ الذِي أسلَمَ في نهارِهِ فعَلَيهِ أنْ يُمسِكَ بقيَّتَهُ ويقضِيَهُ بعدَ ذَلِكَ ، يقُولُ المحدِّثُ القَنُّوبيُّ -حفظهُ اللهُ-: "والذِي علَيهِ الجُمْهُورُ هوَ أنَّهُ لا بد مِن قَضَاءِ ذلكَ اليَومِ الذِي أسْلَمَ فيهِ المشْرِكُ كمَا أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الإمْسَاكِ فِيهِ، وَهَذَا القَولُ أَقرَبُ إِلى الصَّوَابِ".
🔺ج- النِّيَّةُ الوَاجِبَةُ لِلصِّيَامِ: عَلَى القَولِ بأنهُ فريْضةٌ واحِدةٌ تجزِئُ عنْهِ نيَّةٌ واحِدَةٌ أوَّلَ الشَّهرِ. أمَّا عَلَى القَولِ بأنَّهُ فَرَائِضُ مُتعَدِّدَةٌ فقيلَ: لا بدَّ مِنَ النيَّةِ لجَميعِ أيَّامِهِ، وهوَ المُجْزِئُ بالإجمَاعِ ، ورخَّصَ البَعْضُ في النِّيَّةِ بِدَايةَ الشَّهرِ مَا لمْ يَقطَعْ صيَامَهُ بفِطْرٍ لسَفَرٍ أو مرَضٍ -مثلاً- فيُجَدِّد النيةَ عندَ عزمِهِ عَلَى الصِّيَامِ مرَّةً أخْرَى، وهَذَا الأَخِيرُ هوُ الأَقْرَبُ للصَّوابِ عندَ محدِّثِ العَصرِ القَنُّوبيِّ -أبقَاهُ اللهُ-.
🔺د- تكَرُّرُ الكَفَّارَةِ بتَكَرُّرِ الانتِهَاكِ لحُرمَةِ الشَّهْرِ: عَلَى القَولِ بأنَّهُ فرِيضَةٌ واحِدَةٌ تجزِئُهُ كفَّارةٌ واحِدَةٌ عنْ جميعِ الأَيامِ التي انتَهَكَ حُرمَتَهَا، أمَّا عَلَى القَوْلِ بأنَّهُ فرائِضُ مُتعدِّدَةٌ فَالأصْلُ أنْ يُكفِّرَ كفَّارَةً مغَلَّظَةً عنْ كُلِّ يومٍ انتهَكَ حُرمَتَهُ.
✋تنبيهان:
👈الأول/ على القول الأول: تجزئه كفارة واحدة عن جميع ما اجترح في أيام الشهر ما لم يكن قد كفَّر سلفا، فإن كفر ثم عاد مرة أخرى فعليه كفارة أخرى.
👈الثاني/ على القول الثاني: رخص له بعض العلماء -حتى على هذا القول بأنه فرائض- برخصة تبذل لمن نصح في التوبة واستقام على الطريقة وهي أن كفارة واحدة تجزِئه عن الجميع، ولو كان انتهاكه في رماضين متعددة، وهذا أوسع الأقوال، وهي رخصة تبذل للتائب الآيب المنيب، ولكنَّ "هَذَا مِنْ مَكْنُونِ العِلْمِ لا يُعلَنُ بِهِ في قَومٍ جُهَّالٍ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
📘من كتاب المعتمد
📄 في فقه الصيام
ولَفَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ
مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ يُعَدُّ