*#الوطن_في_خطر_الرشوة*

عندما كنت أشرف على بناء منزلي يتردد عليّ عامل البناء طالبا مني أن أفتح مشروع مقاولات، وأجلب أخويه وبعض أفراد أسرته، ولأنني لست تاجرا ولا أفقه في أمور المقاولات شيئا كنت أتهرب من إلحاحه بحجة أن مأذونيات العمالة البنجالية موقوفة من وزارة القوى العاملة (وكانت فعلا موقوفة)، حينها قال لي العامل: (أنا أقدر أجيب 6‪ مأذونية كل وحدة ب20 ريال، لكن أنت ترضى؟ ) طبعا هو يسألني بحكم أنني ملتحي، وهذا مخالف للدين.

تألمت لهذه الحالة المخجلة التي وصل إليها بعض الموظفين الذين باعوا الوطن بدراهم معدودة، ويطعمون أنفسهم وأولادهم المال الحرام.

لا تقل هذه حالة مفردة، فأنا متأكد أن كل واحد من القراء يحفظ عشرات القصص التي نخجل من ذكرها حفاظا على ما تبقى من كرامة وإخلاص، لدرجة أن بعض الموظفين أصبح يقنع حتى بصحن بقلاوة تطيب خاطره، أو تغير مزاجه العكر.

مرة ذكر لي شخص افتتح مشروعا صغيرا وذهب يعرض خدماته لبعض الجهات الحكومية، وفي أول مكتب يحطُّ رحاله قال له الموظف: (أشوف يدك فاضية!) هنا تيقن أن مناله بعيد في ظل وجود خونة مثل هؤلاء.

أصبح الموظف لا يثق في أقرب الموظفين منه؛ لأنه يبحث عن رزفه الحرام من المراجعين والشركات وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة… وأما أصحاب المشاريع الكبيرة فأمرهم مختلف تماما…

التصاريح تباع بالمال أو بنسبة من المشروع، والموافقات أصبحت لا تمنح إلا بعربون صداقة ينظف الأنابيب من شوائب القوانين والعقبات القانونية.

أتعجب كيف يقدم البعض على أكل السحت من المال، ويتباهون بسياراتهم وأثاثهم وساعاتهم وهواتفهم وهم جلبوها من حرام في حرام في حرام… أي قلب هذا ؟
أي يدٍ تمتدُّ لتأخذ ما حرَّمه الله والقانون والكرامة والعزة والشهامة؟

كما أن العتب أيضا موصول لأصحاب الضمائر الحية ممن يمتنعون عن تسليم الرشاوى… لماذا لم يبلغوا على من ابتزَّهم؟ لماذا لا يعترفوا بالفم المليان أن فلانا طلب مني كذا… . أو اشترط عليّ كذا؟ دعوهم يعيشوا في خوف وقلق من أي فضيحة تلحقهم وتلاحقهم… دعوهم
يتوجسوا خوفا من أي مراجع أو زائر!

ومع ذلك…. لا يخلو الوطن من الشرفاء والمخلصين، فهناك أكباد حية، وقلوب مستيقظة… وعقول راجحة تعرف ما لها، وما عليها.
لا يخلو الوطن من كرامة، فهناك الشرفاء والعظماء والمخلصون.

لذلك أقترح على الحكومة أن تنشر رقما ساخنا للبلاغ عن حالات الرشاوى والابتزاز الوظيفي أسوة بالرقم المتاح للابتزاز الالكتروني.

حفظ الله بلدنا من كيد الفاسدين الظالمين.

زكريا بن ثاني الحسني